الصفحات

السبت، 26 مارس 2016

الشاعر محمد ابن لعبون سيرة وقصائد

تفخر حرمة بالعديد من رجالاتها ومن هؤلاء الرجال الشاعر المشهور / محمد بن لعبون
ويعود هذا الشاعر لاسرة اللعبون في حرمة
هو محمد بن حمد بن محمد بن لعبون الوائلي العنزي ولد في بلدة حرمة في عام 1205هـ ثم ارتحل مع ابوه وعمه من بلدة حرمة الى بلدة ثادق احدى بلدات المحمل ونشاء بها الى ان اكمل سبعة عشر عام ثم إرتحل إلى الزبير واستقر بها قرابة اثنين وعشرين عام الى ان نفي منها ثم ذهب الى الكويت وعاش بها قرابة عامين الى ان توفاه الله في الكويت عام 1247هـ بوباء الطاعون الذي اجتاح العراق والكويت في ذلك الوقت رحمه الله وكان ولعه بالشعر والأدب منذ كان صغيراً وقد أبدع في الناحية الغزلية وأصبح زعيم هذا الاتجاه
_____________ من قصائده________________

باتـن حذاي العاذلات الهواهي
فـي سد باب ٍ من بحور الهوى هيّ

ركبن به يشدنّ دود ٍ علـى عود
والنفـس ميـدان الـهوى هـيّ

***

باح الغرام ونشـّف الريـق بالاّه
يا لاهي ٍ يلعب ولا هوب بـالاّه

يا عين باشواقك أساليـك بالله
حيـثي مناجي في هواك الهواهي

***

ذا سيل ديم ٍ أو نواقيـط واكـف
يشق بـجفونك وانا اشل واكف

فان كان ترضين العمى لك وانا كف
والاّ فـدوري من يدور الدواهي

***

ما فاد نوحي بالديـار العوافـي
أدري الجنـا تالـي وصار العوافي

مالي ودوب أهل السبايا العوافـي
من مردف ٍ جيشه نكـيف ٍ وناهي

***

صدّت صدود المستحي من هـواها
واشتـمّ عذريّ الهوى من هواها

لو قالت اطلب قلت انا من هـواها
مقـدار يومين ٍ وارجع إلى هي

***

يا حيف أظعـان الحبايب وحادي
غنـى وراها باول الليل حادي

أرعى الهلال اللي بدا يوم حـادي
ينمي ونقـص البدر عند التناهي

***

إرفق فلي فيهن ريّـا المخلـخل
مبـري سهمها بالضمير المخلخل

لا واعلي يجلي عضاي المخلـخل
دهـر ٍ مرض في غيّها يا سباهي

***

ماريت أنا من صدّة البين باكـره
مـن يوم بكّر ظعن اهل ميّ بكره

لـو ان وعدهم لي على بطن بكره
أو الـذي يسلك طـريق المتاهي

***

راحـوا بـخود ٍ مثل صافي المهاة ِ
والخـد أسيـل ٍ مثل خد المهاة ِ

متلوع جيـد ٍ مثل جيـد المهاة ِ
وخثـرٍ غزال ٍ مكحلاتٍ سواهي

***

هل هم على ذيك الصداقة وهل هم
نـزل ٍ على جّو الأميلح واهلهم

يا ليت اهلنا يا مـحمد واهلهـم
لـو ساعفت يا مي فيكِ المشاهي

***

دون التماني غاشيات الغواشـي
ومعمّلات ٍ بالعيــون الغـواشي

إن كان عازك من عواز الغوى شي
بع بالهوى روحك بسوق الملاهي

***
دار الهوى في جملة الناس طايف
ما احد ٍ بغاه وواقف ٍ مثل طايف

الرابح اللي ما تـمناه طايـف
نسمة هـواه وصـد عنه متلاهي
***
ما هوب طوع ٍ داعي ٍ له صبابة
خليّ هم ٍ والتعب بـه صبابة

لو ناسموها ذاير ٍ لـه صبابـة
ذيك الحباري كان لانا ولا هي

***

قالوا تعال وجيت ابي شوف وايلاه
متـوحّد ٍ يعبـد حسانيه ويِلاه

وابليت عمري فـي مراميه ويـلاه
من ضيّع الدنيا وديـنه سـوى هي

_______________ ياعلي ________________

ياعلي صحت بالصوت الرفيع *** يامــره لاتـذبـيـن الـقـنـاع
ياعلي عندكـم صـفرا صـنيع *** سـنها ياعـلي وقـم الـرباع
نشـتري ياعـلي كـانك تبيـع *** بالعـمـر مـير مـاظـني تبـاع
شـاقني ياعـلي قـمرا وربيع *** يوم أنا آمر وكل أمري مطاع
يوم أهلنا وأهل مـي جـمـيع *** نازلـين عـلى جـال الرفـاع
ضـحـكتي بينهــم وأنا رضـيع *** ماسوت يكيتي يوم الوداع
هـم بروني وأنا عـودي رفـيع *** ياعـلي مـثل مـايبرا الـيراع
طـوعوني وأنا مـاكـنت أطـيع *** وغـلبوني وانا ظفـر شـجـاع
وجد عيني على ظبي تلـيع *** عندكم كن في خده شماع
شـيبتني وانا تــوي رضـيع *** جاهـل تو في سـن الرضـاع
سـايمـين الهـوى يامـن يبيـع *** سايمين الهوى لاهل الرفاع
وأنت يالايمي جـعـلك تضـيع *** ماتمـاري بهـا مـثل الشـعـاع
ودي أسـلاه والـكـون الفـنيع *** سلوتي ياعـلي مـاتسـتطـاع
دون مـي الظـبي وأم الوضيع *** والثـعــالـب وتـربـيع الـشـراع
وراس ريع دخل في بطن ريع *** مســتـطـيل ووديـان وسـاع


________ هذه بعض القصائد الجميلة للشاعر
حي المنازل تحيـة iiعيـن لمصافح النـوم سهرانـه
ولا تحيـة غريـم iiالديـن معسـر ووافـاه iiديـانـه
منزل فريد البها iiوالزيـن عطبول مكحولـة iiاعيانـه
ودي بنسيانها ومـن iiايـن ينسـى محمـد لخـلانـه
اطيع انا في هـواه  اثنيـن صلطان قلبـي  وشيطانـه
اتبع هواها من اين الى اين واحظى بشوفه  ورضوانه

__________ اخرى ____________________

يا عبيد من قصت يمينـه  شمالـه يشوف فعله ذاك عدل ولـو  مـال
احسب رفيقي يستحي من  ظلالـه واثره الى شاف المواليـم iiخيـال
يابـادي بالقـول هــذا  بـدالـه قول بدل قول ومال عوض  مـال
والكل منـا لـو يطـاوع  مقالـه القول واجد والحكي عند  الافعـال
الصدق يبقى والتصنـف  جهالـه والقـد مالانـت مطاويـه  بتفـال
افهم نباي وعرضـه مـن  قرالـه بينت لك ما يعتني الكذب  رجـال
انشدك مـن قفـا وخلـى  عيالـه في ذمة العدوان والحرب ما انجال
ترمي شررها مثل صفـر جمالـه والبيض تنخـى والمناعيـر  ذلال
واللي بكفـه صيـرم او  سلالـه مثل الذي خضب يمينه  والاشمـال
تقول عذراهم عسى الستـر  فالـه ماكـل رجـال اشوفـه  برجـال
واقرب قريب له الى شاف  حالـه لا ناشد عما جرى لـه ولا iiسـال
شيخ الطوايف نعم من هو لجاله0000سور السرايا يوم الاهوال تنهال
ماهوب فخر لك تتقي بجاله0000000اثرك صحيح مثل ما قال من قال
رجل تقضى للطرب من خواله00000واعتادهم يبغى العشا قبل عبدال
بالعون فادي من مضامن اجياله00000ويش الفكر وان عاجلك فخ حبال
ما ينطح السيل المحلتم خياله0000000في واسع البطحا سوى كفة الجال
والعز ما يعني لمن لا عنا له0000000يا شارب بكفوف غيره من اوشال
هذا ومن قصت يمينه شماله0000000خسران في حاله مع غالي المال
شيخ الطوايف نعم من هو  لجأ لـه000000 سور السرايا يوم الاهوال  تنهـال
ماهوب فخر لـك تتقـي  بجالـه000000 اثرك صحيح مثل ما قال من قال
رجل تقضى للطرب من  خوالـه = واعتادهم يبغى العشا قبل  عبـدال
بالعون فادي من مضامن  اجيالـه= ويش الفكر وان عاجلك فخ  حبال
ما ينطح السيل المحلتـم  خيالـه= في واسع البطحا سوى كفة الجال
والعز ما يعني لمن لا عنـا لـه = يا شارب بكفوف غيره من  اوشال
هذا ومن قصـت يمينـه  شمالـه = خسران في حاله مع غالي  المال
----
اليكم المزيد من قصائد هذا الشاعر الرائع
لو باتمني قلت .. ياليت من غاب =واللي حضر باللوح واللي كتب به
امي وابوي اللي رموني بِالأسبـاب  =ياليتها عقب الحمال  سقطّت  بـه

وفي قصيدة اخرى :
 ضحكتي ما بينهم وانا رضيع =ما سوت عبرتي  يوم  الوداع


ومن تشبيهات (بن لعبون) الجميله قوله :
صوت على الفرقا بليل لعى به =والبرق مثل كفوف دقاقة الطار


وله ايضاً تشبيه مماثل يقول فيه :
وبرق سرى به كن عالي رفيفه=يدين العذارى حين تصفق بالاكفاف

وفي صورة مجازية للمرأه يقول :
حدر الحواجب لميع السيوف=والسيف بظلاله الجنه
 وتكمن روعة هذا البيت في وصفه للعيون بالسيوف والخدود بالجنه ,
وفي بيت آخر :
ياليت يا عالم بالحال=من دق شاله على الشيله


كما تميز شعر (بن لعبون) ان بعضها سار سير الامثال الشعبية بين الناس ومنها قوله :
(الصدق يبقى والتصنف جهاله)=والجد ما لانت مطاويه بتفال

وقوله :
رجالهم ما يسفه الا الى شاب=(مثل القرع يفسد  ايلا كثر لبه)

وقوله :
امك وابوك وكل ذيك القرابات=(محد يسد السيل عنك بعباته)
 تذكر مراكيض مضت لك وهجات=(ما تنفع المذبوح طولة قناته)

ومن ما قاله (بن لعبون) من الحِكم :
لا تستريب ان شفت ضيق المساليك=كم فرج المولى لمثلك وشرواك
اصبر ودولاب الدهر له تفاليك=كم واحد مثلك توطاه ما طاك

______________

وهذا هو شعر (بن لعبون) متعدد الاغراض ومتميز المعاني ..
(بن لعبون) كغيره من الشعراء له في الغزل والهجاء والمدح والرثاء ولعل الفترة التي عاشها وما احتوت من صراعات سياسية وقبلية نشبت في امارة الزبير برز (بن لعبون) من جهة اهالي (حريملاء وحرمه) , وبرز من الجانب الاخر (عبدالله بن ربيعه) مناصراً للامراء من (آل وطبان و أل سعدون) , ويعتبر (بن ربيعه) الند ورفيق درب (بن لعبون) في نفس الوقت , وقد اشتدت الحرب الكلامية بينهما وكانت تتم بروح رياضية عاليه ولم يستخدما التعابير الفاحشة في شعرهما ولهم الكثير من القصائد (المتسلسله) , وسأورد بعض الابيات من اشهر ما قاله (بن لعبون) في هجائه (لابن ربيعه) والتي يعتبرها الكثير من اشهر وافضل ما قاله الشاعر , كما تميزت ابيات تلك القصيده بالنصح وضرب الامثال :

يا عبيد من قصت يمينه شماله=يشوف فعله ذاك عدل ولو مال
احسب رفيقي يستحي من ظلاله=واثره الى شاف المواليم خيال
يابادي بالقول هذا بداله=قول بدل قول ومال عوض مال
والكل منا لو يطاوع مقاله=القول واجد والحكي عند الافعال
الصدق يبقى والتصنف جهاله=والقد مالانت مطاويه بتفال
افهم نباي وعرضه من قراله=بينت لك ما يعتني الكذب رجال
انشدك من قفا وخلى عياله=في ذمة العدوان والحرب ما انجال
ترمي شررها مثل صفر جماله=والبيض تنخى والمناعير ذلال
واللي بكفه صيرم او سلاله=مثل الذي خضب يمينه والاشمال
تقول عذراهم عسى الستر فاله=ماكل رجال اشوفه برجال
واقرب قريب له الى شاف حاله =لا ناشد عما جرى له ولا سال
شيخ الطوايف نعم من هو لجاله=سور السرايا يوم الاهوال تنهال
ماهوب فخر لك تتقي بجاله=ثرك صحيح مثل ما قال من قال
رجل تقضى للطرب من خواله=واعتادهم يبغى العشا قبل عبدال
بالعون فادي من مضامن اجياله=ويش الفكر وان عاجلك فخ حبال
ما ينطح السيل المحلتم خياله=في واسع البطحا سوى كفة الجال
والعز ما يعني لمن لا عنا له=يا شارب بكفوف غيره من اوشال
هذا ومن قصت يمينه شماله=خسران في حاله مع غالي المال



وله قصيدة اخرى قيل انه قالها في حاكم الزبير (بن زهير) عندما نفاه ويُقال انه
كان خارجاً من البلدة ومعه (بن ربيعه) فسمع صوت غناء فقال (بن لعبون) : ذا حس طار ..
فأجاب (بن ربيعه) : او ضميرك خفوقه ..
فكانت مطلع القصيده وسأورد بعضاً منها لاختلاف الروايات حول هذه القصيده :
ذا حس طار ولا ضميرك خفوقه=يدق به من نازح البين دقاق
الحي هو حيك وطابت وفوقة =والدار هي دارك وهاذيك الاسواق
ياعبيد خل اللي تشكل بسوقه=شيخ وهو عبد يذكّر بالاعماق
ياقلب وان كانت علومك صدوقه=بينك وبين الدار عهد وميثاق
شرواك ينشد عن مغاني تروقه=حيثك محب للمغاني ومشتاق

وقوله في دعائه على (الزبير) :
يا مال هطّال صدوق حقوقه=يشبه كما ليل على صبح انساق
ياضي كما حرب النصارى بروقه=يضرب لها البذول منهم ويشتاق
 تسوقه الغربي والاخرى تعوقه=مترادف مبناه طاق على طاق
يغتر عن مثل الدحاريج موقه=اربع ليال مدلجات على ساق
وخامس تشوف الدار والثلج فوقه=مثل السرير مجلل عاد برواق
 تسمع بها زجر الملك في صعوقه=قضى القضى والتفت الساق بالساق
----
ومن مصدر آخر للقصة :
ذكر العسافي في مخطوطه (تاريخ الزبير) أنه في سنة 1246ه غضب علي بن يوسف الزهير أمير الزبير - الذي وصفه بالمستبد - على محمد بن لعبون الشاعر المشهور فأجلاه عن بلد الزبير ونفاه إلى الكويت وبسبب ذلك هجا علي الزهير وأهل الزبير عموماً، في حين يفصل يوسف البسام في كتابه (الزبير قبل خمسين عاماً) حيث يذكر أن علي الزهير أمر ابن لعبون بمغادرة الزبير وأعطاه مهلة ثلاثة أيام، فخرج ابن لعبون من عنده غاضباً وقصد منزل الشاعر ابن ربيعة وأخبره بالأمر وقال له: إنه لن ينتظر بل سيغار الزبير حالاً وفي هذه الساعة وطلب منه قربة ماء فارغة واتجه إلى آبار الدريهمية ليملأها فسار معه ابن ربيعة فلما وصلاها سمع ابن لعبون صوتاً فقال: ذا حس طار؟ قال ابن ربيعة: أو ضميرك خفوقه؟ فجعل ابن لعبون ذلك مطلعاً لقصيدته:
ذا حس طار أو ضميرك خفوقه؟!
يدق به من نازح الفكر دقاق
الحي هو حيك وطيبه وفوقه
والدار هي دارك وهذيك الاسواق
يا قلب وان كانت علومك صدوقه
بينك وبين الدار عهد وميثاق
وهي القصيدة الأولى التي هجا فيها الزهير والزبير

-------
وهناكاملة من مصدر آخر :

ذا حس طار أو ضميرك خفوقه
يدق به من نازح البين دقاق
الحي هو حيك وطابت وفوقه
والدار هي دارك وهذيك الاسواق
يا عبيد خل اللي تشكل بسوقه
شيخ وهو عبد يذكر بالاعماق
يا قلب وان كانت علومك صدوقه
بينك وبين الدار عهد وميثاق
شرواك ينشد عن مغاني تروقه
حيثك محب للمغاني ومشتاق
تذكر بها عيش مضى ما تذوقه
يا عونة الله يوم تقسيم الارزاق
إلا ولك فيها مقام طروقه
يا عبيد لبسك ناعم الشاش ورقاق
العبد عبد و هافيات عموقه
إن جاع باق عمومته وان شبع ماق
والحر حر يرفعنه سبوقه
والبوم يلعي بين الاسواق خفاق
بع بالهجير وصال حي تشوقه
دار عساها للرزايا بتيفاق
دار الثنا للي بها والمعوقه
لو هي عن الدولة على سبعة احواق
دار بها الوالد كثير عقوقه
واللي يعقونه مصلين الاشراف
راعي الوفا منهم عميله يبوقه
لقاه حلاف مهين وملاق
دار بها المستور ضاعت حقوقه
وحقوق راعي الغدر جت له بالاوفاق
يمسي عريب الخال فيها ونوقه
يرعى من الوجلا بها نور الاشفاق
يغدي صبوحه في جباها غبوقه
في نازح البيدا من اللال رقراق
كم جر مصقول النمايم بسوقه
عليك لبق في مناباه ورقاق
دون العشاير هافيات عروقه
والفعل ما يعتاض به طيرة الغاق
ما بين شقاق ورافي شقوقه
وشمات مخلوق وعصيان خلاق
تلقى بها هذا على ذا يسوقه
الله يعزك والخوندات بزحاق
يا مال هطال صدوق حقوقه
يشبه كما ليل على صبح انساق
ياضي كما حرب النصارى بروقه
يطرب له البهلول منهم ويشتاق
يفتل نداف الطها من طبوقه
مثل النعام ان ذارهن زول تفاق
ترفا مريضات النسايم فتوقه
لجب عسى ما في نويه بتيفاق
تسوقه الغربي والأخرى تعوقه
مترادف مبناه طاق على طاق
يفتر عن مثل الدحاريج موقه
أربع ليال مدلجات على ساق
وخامس تشوف الدار والثلج فوقه
مثل السرير مجلل عاد برواق
تلقى العذارى حسر في صقوقه
ياضي لميع خدودهن مثل الاوراق
بين الطموح ومبين من شاف شوقه
صرعى بها من غير حمر وترياق
تسمع بذا زجر الملك في صعوقه
قضى القضا والتفت الساق بالساق
عمت مغاني لاهي في قسوقه
يظنها خضر بين دابيل واسحاق
رواد بهم ما راد بيضا سحوقه
من طولها تمضي على سبعة اطباق
منشي الخيال إلى غشى في شروقه
يحده اللاهب ويغويه براق
كل النجيب وكل ماله يسوقه
وكل العقب ومن بغا الطيب ما ماق
واللي يرى ضد الوفا ما يذوقه
يدق به من نازح البين دقاق
****


------
بالنسبة لشعره في المدح فهناك الكثير من القصائد وخصوصاً مدحه لاسرة (آل عون) في الزبير وقصيده يمدح فيها (احمد السديري) وقصائد يمدح فيها حكام الكويت وبعض القصائد يمدح فيها اصدقائه ولعلي اورد لكم قصيدة هجا فيها (بن لعبون) في بدايتها (بن ربيعه) وامتدح في آخرها الشيخ (جابر عبدالله الصباح) الذي  عاش في حماه وهو في منفاه :

البارحة سهر ٍ وادير التفاكير=في ذم نذل بادي بالعياره
لا طالب دم يبي له مثاوير=حتى نعذره لو طلبنا بثاره
ولا صان عرضه لو بوسط الدواوير=ولا هوب يطلبنا بقايا تجاره
بلا ذنب اركى في قفانا مشاغير=وشوف ناظرنا بعين الحقاره
حنا هل الوادي وحنا المناعير=وحنا ودينا جارنا من جداره
يشهد لنا جريس اليماني بتفخير=بيوم ان عن اهل الدين محدا جاره
خطلان الايدي كالاسود الهزابير=مقابس للحرب وان شب ناره
ما حدّرت وديان بيشه مياسير=كل اليمن بالسيف نملك دياره
عند المجد انشد ولد يام ومطير=وانشد جماجم روسهم عند واره
منداتهم يشبع بها السبع والطير=بيوم تغيب شمسها في نهاره
حريبهم لو صار دونه نواطير=لابد ما يفجا صباح بغاره
خذ ما تراه وخل عنك الخماكير=من شق جيب الناس شقوا وزاره
ترى ذهاب النمل سعيه بتطيير=خذ راسها ياللي تجشمت قاره
يا عبيد بن عمك خواله بياسير=وعينك عمت عن شوف عيبك وعاره
وان طعتني عن ذالسباع المظاهير=عندك اخو مريم تصلفط بداره
ابوصباح ريف ركب معابير=هو زبن مضيوم جلا عن دياره
جابر لنا سدرة وحنا عصافير=لا ضيم عصفور لجا في جواره
يستاهل البيضا بروس المقاصير=واولاده اللي كل منهم تعاره
يوم اظهرك يا عبيد من جمة البير=يكرم وسامعها جزيته نكاره
فان كان دارتنا الهبايب على خير=الا نجرّا بها ربابه وطاره


أما شعره في الغزل فقد اشتهر اغلبه بحبيبته (مي) وهو اسم مستعار لها ,
وبحياته في الزبير ويشير اليها (بالمنازل) حيث يردد ذكرهما كثيراً في اشعاره ..
ومن قصائده الغزليه اختار لكم :
حي المنازل تحية عين=لمصافح النوم سهرانه
ولا تحية غريم الدين=معسر ووافاه ديانه
منزل فريد البها والزين=عطبول مكحولة اعيانه
ودي بنسيانها ومن اين=ينسى محمد لخلانه
اطيع انا في هواه اثنين=صلطان قلبي وشيطانه
اتبع هواها من اين الى اين=واحظى بشوفه ورضوانه
 ما شفت برق سرى ما بين=ذيك الحواجب بليوانه
وما ذقت ما بي رماك البين=بين شفتيها وبرهانه
ومجدلات على المتنين=سافات خانه على خانه
ولا دعاك الولع يا شين= عوى المدوه لظميانه
وين اشتكي ما دهاني وين=مشكاي لله سبحانه
واقول يا اهل الهوى عزين=ما قال محسن لعثمانه

ومن اشعار الغزل التي ابدع فيها (ابن لعبون) :
الا يا بارق يوضي جناحه=شمال وأبعد الخلان عني
على دار بشرقي البراحه=اقفرت ما بها كود الهبني
لكن ابها عقب ذيك الشراحه=إلى مريت باسم الله جني
يفز القلب فيها للصباحه=الى قامت حمامتها تغني
توصيني لاهلها بالنياحه=يعود ان الحمامة خير مني
وانا ان كان لي بالنواح راحه=فانا بانوح دهري ما اوني
أبات الليل في رجوا صباحه=وادق من الندم بالعود سني
على فقدي لغزلان الملاحه=طويلات المعانق واسفهني
ولا ثوبي غدا يطرخ اشلاحه=يدق القاع ردنه وابتثني
ولا اردح جرت من ذيك الرداحه=عقب خبرك ليال لي مضني
عليهم صار في خدي قراحه=من الفرقا وشفني ويش كني
وقالت من مشا مثلك بساحه=وحاله حال من كثر التغني
وفي بحر الهوى يسبح اسباحه=كثر شربه ولا هوب امتهني
او من فتق افتوق بالفصاحه=وعرض مذهبه شيعي وسني
او من خلى البني بكل ساحه=خفقن الدفوف بكل فني
على الله الهدى يامن صلاحه=الى جنت بنات الشوق حني
حديثه بالهوى تروى اصحاحه=ضعيفات النسائم بي ترني
عن الضحاك عن مبسم اقاحه=عن البراق عن ثغرة روني
حبيبي كلما هبت ارياحه=سفى للريح نوح ضاع مني


وفي قصيدة اخرى يقول :
زل دهرك يا محمد بالغزل=والغزال الى تهزا بالغزال
والخدود الى كما وصف السجل=ناكساتك بالسقم نكس الهلال
والجبين الى بقوه تشتعل=من زلوف كنهن داجي الليال
رنة الخلخال تحدث بك وجل=مع كمالك ما استحيت من الرجال
عاطلات الريم وادمي الرمل=مع نبات ظلهن عندي ظلال


وفي قصيدة للشاعر يتذكر فيها ايامه الماضيه :


صوت على الفرقا بليل لعى به=والبرق مثل كفوف دقاقة الطار
يغديك مره ومره تقتدي به=كنك غرير بالمنازل ومحتار
ولا اظنك اول من تزايد نحيبه=شفق على ذيك المنازل بتذكار
منازل توري الحبيب لحبيبه=ياما قضى المشتاق منهن الاوطار
ينساك كان انك نسيت الذي به=اسقاك خمر ما به اثم ولا عار
ينشد بها الساري يبي من يجيبة=ولا جاوبه غير الصدى والاحجار

الى ان قال :
امسى الوصل ينقاد منه بسبيبه=واليوم ما حولي مدار ودوار
غيبت لرضاه النجم في مغيبه=والبرق مثل كفوف دقاقة الطار
ومن روائعه :
كيف يا سيد العذارى المحصنات=يا غضيض الطرف يا نور البنات
كيف تزهد بي وحبك مبتلين=لك علامات بقلبي واضحات
ما بقلبي لك وزين بالعباد=والعذارى دون زولك قاصرات
وبالحشا لك منزل صعب حصين=مع غروس ناعمات دارسات
في قصور الحب شامخ باعتقاد=عاليات بالضماير زاميات
مبهمات غير عن صافي المحول=مبهمات بالمجاري مغلقات
 هل دمعي يوم جدد بالفراق=مزق الخدين دنوا لي دوات
واطبخوا حبره ودنوا لي استاد=كيتبن شطر بخط المنظمات
وابر راس العود حتى املي عليك=لي بيوت كالجواهر زاهيات
زايدات عن عبير المسك ريح=غالبات النوح خنات النبات
يوم ضاق الصدر وابديت الكنين=بادرن بالخط قم دن الدوات
ثم سطر من غريبات الفنون=في نظيم الطرس رسم مدنيات
واكتب ابيات بصدري لا تضيع=حدهن بالقلب رسم ثابتات
قلتهن والعين عيت لا تنام=من هموم بالضماير لاجيات
لو تبين من ضلوعي بس يوم=كان يحرق بالجبال الراسيات
من جفى خلن تبين منه غيظ=وان نكر ضافي البها سيد البنات
ما لقينا بالعذارى له وصوف=من بحر جده اليا شط الفرات
من وصوف الحور سكان الجنان=خالدات بالخيام مخفرات
في بحور النور ويالزعفران=خلقن الناعمات الصافات
ما هقيت اني ابالي بالوصوف=عن تهايا الحور في كل الصفات
يا نظيف الجيب يا صافي الجبين=يا سراج البيض يا خشف المهات
يانقي عن مدانق كل شين=يا شبيه البدر بين الزاهرات
كيف تنساني وانا ما زل يوم=ما دموعي من بكاها ذارفات



وفي قصيدة له عندما كان مريض ومسافراً على متن مركب قال مخاطباً (مي) :

فلا ذر نور الشمس والشمس خدك0000ولا القمر السيار يوم انت ساير
عليها ملامي كلما ذر شارق00000000وعتب كبير حيثه ام الكباير
 يا مي لي بك من قديم موده=وصل الى انحلت جميع المراير
يزيد الفتى المفتون ممثاه بالهوى=ويشوف ما مثلي لمثله مغاير

الى ان قال :
اصالي ملاقاة المواعيد عندها=وبرد الشتا منها وحر الهجاير
الى وشقا قلبي من الضيم والعنا=وصفق الهوى يا مي في كل عاير
يقولون جور الحب يا مي هيّن=وحبك لجابي لاجى بالضماير
اشوف زرع القلب قد هاف والتوى=وعيني تهل الدمع كدر وحاير
فلو يمموني بأسفل اللحد قبله=جوني لقوني يمة الشرق داير
فلا مقصدي في دين عيسى بن مريم=دخول فلاكن يوم تبلى السراير
الا يا طبيب الهند بالله داوني=روحي على جرف من الموت هاير

الى ان قال :


وهذي جروحي يا طبيبي قديمه=تقلب على البعد ويش ان شاير
الى هبت الشرقي علينا تجددت=وكبرت علينا يا طبيب الصغاير
مي ثمان سنين ما خلت من زولها=عود وسايلها على ويش صاير
مواعيدها بالقيظ والقيظ انقضى=وهذي بروق الوسم مثل الذخاير


ومن قصائده الغزليه المشهوره قصيدة (ما طرق فوق الورق يابن جلق)
ولها حكاية يُقال ان (بن لعبون) كان عند صائغ ذهب صديقاً له ,
فدخلت عليهم فتاة جميله وأرخت خمارها لتنظر الحلي فرأى
(بن جلق) جمالها فضرب يده بالمطرقه حتى ادماها , فقال (بن لعبون) :


ما طرق فوق الورق يابن جلق=زور كف فوق كف ما يليق
كلما هب الهوا له واصطفق=حمله بفراقهم مالا يطيق
حتى المضنون به حت الورق=من شفا روح عليهم في مضيق
تنتحي رايات حربه وانخنق=مع نظير العين في طق وطقيق
ادعته غمس الليالي مطرق=للعدو وان مر في ثوب الصديق
لو رموها بالحرق عقب الغرق=ماسلت يا بن جلق عن ذا الطريق

الى ان قال :
قانيات العاسهن مثل الدنق=زرقة واجياد تلعات عنيق
محصنات ما علقهن الدبق=ما كشف غراتهن كود الابريق
لفتة الغزلان وبطون السلق=والمعارف من خوافي ريش هيق
شايلات مثل شيشات العرق=ناعمات والخمر خمر عتيق
خيلهن تشربك يا حلو المرق=جيشهن ياكلك يالخبز الرقيق
كنهن ياطن على اطباق الزلق=ان علاه الطل او نوض الطريق
ميسرات بالتماني والجوق=كنهن للي برجواهن شفيق
دوحة البرهام وظلال الغوق=من قعد في ظلهن ما فك ريق

ومن القصائد التي اثبت (بن لعبون) فيها براعته وروعته في نظم الشعر ,
أورد لكم قصيدتين الاولى صاغها الشاعر بكلمات دون نقط وقد اطلق النقاد عليها (مهملة الحروف) وهي طويلة
جداً اختار لكم منها :
احمد المحمود ما دمع همل=او عدد ما حال وادله وسال
او عدد ما ورد وارد الدحل=او رمى دلوه وما صدّر ومال
او حدا حاد لسلمى او رحل=سارهاك الدار او داس المحال
احمده دوم على حلو العمل=سامع الدعوى ومعط للسؤال
الى ان قال :
دوم صلوا عد ما هدهد وهل=او عدد ما حام او هل الهلال
محمد علىّ كل الملل=واله ماهل مأمور وسال


والقصيده الثانيه تمثّل مرحلة من مراحل تطور الشعر النبطي , واراد الشاعر
ان يثبت براعته فقام باستخدام قافيتين في البيت الواحد وهو ما يسمى في علم البديع (بالتصريح) , اورد لكم جزءاً
منها :


ما لون يا قلب دوى به اجراحي=بهداك لي ما ترعوي شور نصاح
ياقلب لو صاح الهوى لك وناحي=بالك تطيعه يالغوى وين ما راح
كب السفاه وما حوى من مزاحي=ظامي ظعونه ترتوي دمع سفاح
من كان له بالدوى من ملاحي=طب فهو ما ينقوي عنه ياصاح
يا صاح لو بعد النوى والمشاحي=يا عاذلي يا المنتوي كان ينساح
مازال يوم مالتوي لي جناحي=راعي الفراق وينزوي كلما صاح
حاجب مسراة الغوى والفلاحي=والجود وصله ينطوي عقب وضاح
من شب له نار الضوي والضواحي=ينقال له نعم الخوى مطلق الراح
احمد حديثه له رواة اصحاحي=الريح والبرق الضوي كلما لاح



ومن قصائد الحِكم لابن لعبون القصيده التاليه :
لا تستريب ان شفت ضيق المساليك=كم فرج المولى لمثلك وشرواك
اصبر ودولاب الدهر له تفاليك=كم واحد مثلك توطاه ما طاك

وفي الرثاء لعل اشهر قصائده ما قاله في رثاء حبيبته (مي) بعد ان
توفت وهي في طريقها للحج :

سقى صوب الحيا مزن تهامى=على قبر بتلعات الحجاز
يعط بها البختري والخزامى=وترتع فيه طفلات الجوازى
وغنى راعبيات الحماما=على ذيك المشاريف التوازي
صلاة الله مني والسلاما=على من فيه بالغفران فاز
عفيف الجيب ما داس الملاما=ولا وقف على طرق المخازي
عذولي به عنود ما يراما=ثقيل من ثقيلات المراز

الى ان قال :
بفقدي له ووجدي والغراما=تعلمت النياحة والتعازي
وصرت بوحشة من ريم راما=ومن فرقاه مثل الخازياز
عذولي في هواها بالملاما=يعزيني وانا مانا بعازي
وكل البيض عقبه لو تساما=فلا والله تسوى اليوم غازي
ليتي ما حكيت بها وياما=بكيت لها وفي قلبي حزازي
اظل مساقم دوم الدواما=وهمومي فيه تتحاز انحياز
الا يالله يامن بالملامى=يسلم يوم ترزاه الروازي
اسلم له ولا رد السلاما=عزيز من عزيزات عزاز
وصلاة الله مني والسلاما=على قبر بتلعات الحجاز

وفي الختام اقدم اعتذاري لمحبي (بن لعبون) والشعر النبطي بشكل عام لتقصيري
فيما اوردت ولايجازي للقصائد ولعدم شرح بعض المعاني وذلك لضيق الوقت ويقيني ان شاعراً كأبن لعبون افردت له الكتب والمجلدات من الصعب ايجاز سيرته وشعره في عدد محدود من صفحات موقع



-------------------
إضافة  من جريدة الرياض /
الخميس 22 جمادى الآخر 1429هـ -26 يونيو2008م - العدد 14612

المدينة التي تنفي شعراءها

ابن لعبون وابن ربيعة وابن علوش أشهر طرائدها


الزبير قديماً
قاسم الرويس
    المدينة الفاضلة: تصور فلسفي نادى به اليوناني (أفلاطون) قبل الميلاد بقرون، وكان قد أقصى الشعراء من هذه المدينة الفاضلة التي يقوم الحكم فيها على العدل والمساواة، فهو يرى أن الشعر ليس له فائدة للدولة الصالحة وذلك لأن الشعراء يقولون ما لا يفعلون ويصورون ما يجهلون ويتحدثون بما لا يعرفون وبالتالي لا يمكن للشعراء أن يكونوا دعاة مبادئ أو هداة أخلاق ولذلك طردهم من هذه المدينة الفاضلة ورغم أن هذا الاتجاه ينم عن كراهية للشعر والشعراء لكنه يبرهن على دور الشعر الفاعل في المجتمعات.
ولكن هل يمكن القول إن كل مدينة تطرد الشعراء تمثل دور المدينة الفاضلة عند افلاطون؟!
إن إجابة هذا السؤال تقحمنا في موازنة لا تنبغي بين الحقيقة والخيال، في حين أن قراءة التاريخ تبرهن أن هناك عدداً من المدن العربية قامت بطرد الشعراء وسنعرض هنا لمدينة تقع في مفترق طرق القوافل وترحب بالغرباء من كل البلاد وتستقبل الزائرين بحميمية واهتمام، لكنها رغم كل ذلك تقوم بطرد الشعراء وأعني شعراء النبط خصوصاً، تلك المدينة هي مدينة الزبير المعروفة في جنوب العراق، ولدينا ثلاثة من الشعراء التي تؤكد المصادر التاريخية على خروجهم من هذه المدينة لسبب أو لآخر هؤلاء الشعراء هم:
أولاً الشاعر المعروف محمد بن حمد بن لعبون (ت 1247ه)
ذكر العسافي في مخطوطه (تاريخ الزبير) أنه في سنة 1246ه غضب علي بن يوسف الزهير أمير الزبير - الذي وصفه بالمستبد - على محمد بن لعبون الشاعر المشهور فأجلاه عن بلد الزبير ونفاه إلى الكويت وبسبب ذلك هجا علي الزهير وأهل الزبير عموماً، في حين يفصل يوسف البسام في كتابه (الزبير قبل خمسين عاماً) حيث يذكر أن علي الزهير أمر ابن لعبون بمغادرة الزبير وأعطاه مهلة ثلاثة أيام، فخرج ابن لعبون من عنده غاضباً وقصد منزل الشاعر ابن ربيعة وأخبره بالأمر وقال له: إنه لن ينتظر بل سيغار الزبير حالاً وفي هذه الساعة وطلب منه قربة ماء فارغة واتجه إلى آبار الدريهمية ليملأها فسار معه ابن ربيعة فلما وصلاها سمع ابن لعبون صوتاً فقال: ذا حس طار؟ قال ابن ربيعة: أو ضميرك خفوقه؟ فجعل ابن لعبون ذلك مطلعاً لقصيدته:
ذا حس طار أو ضميرك خفوقه؟!
يدق به من نازح الفكر دقاق
الحي هو حيك وطيبه وفوقه
والدار هي دارك وهذيك الاسواق
يا قلب وان كانت علومك صدوقه
بينك وبين الدار عهد وميثاق
وهي القصيدة الأولى التي هجا فيها الزهير والزبير ليردفها بقصيدة أخرى جاراها الشاعر الكبير عبدالله بن ربيعة الذي عانى من هذه المدينة كصاحبه منها:
يالله عسى برق سرى يا بن عايد
موضي بروقه مخلفات المواعيد
وإلى صدق جعله يمين الفرايد
هامي ربابه نازح في تخاديد
دون الصريم وفوق عال النفايد
عن دارنا يوري بوجهه تصاديد
ثانياً الشاعر الكبير عبدلله بن ربيعة (ت 1273ه):
وتذكر المصادر أنه غادر هذه المدينة أكثر من مرة لعدة أسباب أبرزها الصراعات السياسية على إمارة الزبير فإبراهيم الخالدي في كتابه عن هذا الشاعر يشير إلى أنه قال القصيدة التي ضمنها هذا البيت:
مني لدار رحت عنها بلا أسباب
عزي لمن بالحال قلت حياله
متواجداً على فراق بلده عام 1241ه وقصيدة أخرى قالها في عام 1244ه منها:
قالوا تجمل قلت يا هل الجدالا
العز ينعش مثل ما الضيم قتال
ولكن لا نتوقع أن يكون في الزبير عند مغادرة ابن لعبون سنة 1246ه كما ذكر يوسف البسام حيث إنه جارى ابن لعبون في هجائه بقصيدة تلمح إلى أنه خارج الزبير بغير رغبته منها هذان البيتان:
دار بها للخرب منسار صايد
ومناكب تزهاه واللذعي صيد
عنهم ألوذ بدار عطب المصايد
حر هوى طلعه ليوم المزاريد
ويؤكد العسافي في تاريخه أن الشاعر عبدالله الربيعة كان في عام 1252ه مقيماً في بغداد فأحس بما تدبره الحكومة من الحيلة لقتل أمير الزبير محمد إبراهيم الثاقب فعز عليه ذلك بحكم أواصر القرابة بينهما فكتب له ينصحه ويحذره من مواجهة متسلم البصرة وضمن كتابه قصيدته الطائية المشهورة فلم يبال بذلك لأن القدر نفذ بوقوع ذلك، هذه القصيدة الطائية فيها إشارات إلى أن مغادرة ابن ربيعة للزبير لم تكن بسبب الصراع السياسي بين الطامحين في الزعامة ولكنه غادرها مرغماً لأسباب أخرى ومنها هذه الأبيات:

ما يس من كثر العيا والغلاطي
               ما تنتبه يا جاهل جعلك خباط
مدري سكر وألا لك النوم غاطي
                    أخاف من فتق فلا عاد ينخاط
أنطر بعين القلب يا أبا القواطي
                      والنفس وطنها عن الزوم وشطاط
وفيها:
جماعتك ياطون ما كنت واطي
                   تعمل بهم ما عمل حجام ساباط
من باع حزبه يا محمد غلاطي
                      يضحي كما سيل حدر سهله أوراط
       تخطي ولا تدري بما كنت خاطي
                      طر وارتفع صيور ما تنتكس حاط

ثالثاً : شاعر الزبير عبدالله بن علوش (ت 1325ه)
وهو من شعراء الزبير المعروفين وله قصائدة كثيرة أغلبها غزلي ومن القصائد التي تنسب لشاعر اسمه عبدالله بن علوش الحسيني ولا أدري إن كان هو نفسه هذا الشاعر أم أنه شاعر آخر؟! منها هذه الأبيات:
يا ونتي ونة طريح بالأكوان
                   حالوا عليه أعدا ولا له عواني
يابن بدر شفني من الهم مليان
                   الحق رفيقك يا ذرا كل عاني
البارحة كني على حر ضيان
                       وأصبحت دوك مغيرات ألواني
في علة حالي بدا فيه نقصان
                      والهقوة إني يا فتي الجود فاني
ويذكر الشيخ عبدالله الغملاس في تاريخه أن شيخ الزبير خالد باشا بن عبداللطيف العون طرد عبدالله بن علوش الأحمى الشاعر النبطي من الزبير وقص شعر رأسه في سنة 1322ه وسببه أن جماعة من السفهاء وشوا به عند خالد باشا أنه يلبس ثياب النساء ويدخل يلعب مع النساء ويقول القصائد في النساء الشريفات ومن ذلك قوله:
يا غزال البراحة
               جاك ظبي الشمال
غالبك بالملاحة
                   والجدايل أطوال
جانا يوضي صباحه
                  مثل وصف الهلال
والحقيقة أن هذه القصيدة يصعب تصديقها في ظل وصف هذا الشاعر بأنه (ضرير) فكيف يدخل على النساء ويلعب معهن؟! ومن يقوده إليهن؟!
ولكن التشبيب في النساء عموماً أمر لا يخفى في الشعر العربي قديماً وحديثاً وأخطره التشبيب بنساء الطبقة العليا أو التعريض بهن و(وضاح اليمن) أحد ضحاياه فهل يكون (ابن علوش) ضحية لشعره العزلي؟! على أية حال يشير الغملاس إلى أنه بعد خروجه من الزبير اتجه إلى الكويت وظل فيها مدة ثلاث سنوات ثم عاد ليموت في الزبير في ربيع أول سنة 1324ه بعد قدومه خمسة عشر يوماً في بيت مرزوق الشاوي.
وأخيراً بعد عرضنا لهذه النماذج الثلاثة من الشعراء هل يمكن أن نقول إن مدينة الزبير العراقية قامت بتمثيل دور المدينة الفاضلة عند أفلاطون؟! وأقول نعم إذا كان ليس في الزبير إلا هؤلاء الثلاثة، ولكن تاريخ الزبير يشهد بوجود شعراء عمالقة آخرين عاشوا في الزبير وماتوا فيها ولم يخرجوا منها وإن كانوا ليسوا بحجم ابن لعبون وابن ربيعة.



مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
 الشآعر (أبن لعبون) وقصة غرآمه بـ(مي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..