الصفحات

الخميس، 7 أبريل 2016

أخلاق تجارية

   كانت هذه العبارة تعني خصلة سلبية، فحينما يقال عن شخص أو توصف أخلاقه بأنها تجارية فهذا مؤشر يدعو للحذر ويؤكد رداءة المعدن، الأمور تغيرت الآن أصبحت الأخلاق التجارية هي السائدة، كانت المقايضة في التعامل تتم من تحت الطاولة ثم ارتفعت شيئاً فشيئاً حتى أصبحت فوق الطاولة، والوضوح أمر طيب في العلاقات، الوضوح وليس الاستغفال والتمثيل. وقيل في الأمثال «دقق الحساب تزين العشرة»، فالمجاملات والثقة المبنية على الانطباعات الظاهرية طريق محفوف بالخسائر المادية والنفسية، إحسان النوايا لا يتعارض مع الفطنة، ومن باب حسن النوايا العريض يدخل النصب وتؤكل الحقوق، وإذا أقفلت هذا الباب وكان هناك نافذة قفز النصاب منها، وقد لا يبدو بثياب النصب فهو شكلاً محترم لكنه تعوّد على استغفال الطيبين من حوله فهم المجال الحيوي للعمل ونطاق التأثير الأكثر استجابة وتأثراً، إنه يعتبر هذا السلوك شطارة ولب التجارة. صديقي اللدود الشيخ مدهن من هذه الطبعة، وحينما «أحجره» بالأسئلة مستنكراً تصرفات منه تجاه من منحه الثقة يضحك حتى تدمع عيناه، ثم يقول: «وش أسوي فيهم يصدقون كل شيء».
ومن ألاعيبه أنه يطرح في مجلس يضم أصدقاء ومعارف خبراً هو في واقع الأمر سنارة صيد، إنشاء شركة مساهمة لإنتاج الأسمنت الأخضر – على سبيل المثال – مفيداً أن أكثر من نصف رأس المال تم جمعه، والشريك الأجنبي الخبير في هذا النوع الجديد من مواد البناء سيصل الأسبوع المقبل لتوقيع اتفاق. وبقي بعض الحصص، وأن الأسمنت الأخضر سيرتفع الطلب عليه من واقع معلوماته وعلاقاته بأصحاب شؤون الأسمنتات المخضرة والمزرقة، ولن يمانع في إضافة بهارات أن البلد وهو أكبر بلد يستخدم صبات خرسانية في العالم كما يتوقع، سيتجه إلى استخدام الخرسانة الخضراء بدلاً من الرمادية، وهكذا، وحينما يبدي أحد الموجودين رغبة في المساهمة يعده بذلك، بعد أيام يتصل الرجل بالشيخ مدهن لإتمام عملية الشراكة وشراء الحصة، يرد عليه الشيخ مدهن متأسفاً أنه لم يعد هناك حصص باقية «كلها راحت»، لكن من الممكن بزيادة ريالين في السهم إقناع أحد المساهمين ليتنازل لك عن جزء من حصته. فيكسب ريالين من سهم شركة ما زالت في طور الجنين أو يتوقع إنشاءها، هذا في البداية أما إذا تأسست الشركة وسأل المساهم الصديق أو الجار حتى، عن أسهمه يرغب ببيعها مثلاً، يرد عليه ريالك صار ريالين يابو الشباب وشوله تبيع أنصحك ما هو وقت بيع، لا تقول ما قلت لي، والهدف ليس حفاظاً على جودة استثمار الصديق بقدر ما هو حفاظ على قوته في الشركة واستمراره في مجلس إدارتها، ومثلما نصنع من الأغبياء مشاهير أيضاً يتم صناعة رجال أعمال من النصابين، وفي مجتمعنا ولعدم وجود مسارح وحركة فنية يتم فيها إطلاق مواهب التمثيل، أصبحت هذه المواهب تمارس هوايتها على مسرح الحياة كل يوم تتقمص شخصية جديدة، على كل أنواع المسارح

عبد العزيز احمد السويد
Posted: 06 Apr 2016 02:02 PM PDT


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..