الصفحات

الثلاثاء، 1 أبريل 2014

المكب العالمي للنفايات الإلكترونية ( بالصور )

      هل تساءلت يوما أين تذهب كل الحواسيب القديمة المستعملة بعد رميها والتخلص منها؟
وماذا عن شاشات الحواسيب, الهواتف المحمولة, لوحات المفاتيح, و أجهزة الحواسيب المحمولة؟
يقال لنا عندما نرمي أجهزتنا الالكترونية القديمة لإعادة التدوير أنه سيتم التخلص منهم وإعادة

تدويرها أو استخدام قطعها , وفي بعض الحالات ندفع المال مقابل أن نضمن أن أجهزتنا القديمة سوف يتم التخلص منها بالطريقة الصحيحة.


لكن كل هذه النفايات الإلكترونية مكانها واحد
من السهل أن نتخلص من هذه الأشياء, ونعتبر أننا قمنا بدورنا على أكمل وجه _ لكن هل قمنا بذلك بالفعل؟
ما لا نعلمه هو ما يفعله المسؤولون عن إعادة التدوير بهذه الأشياء المهملة وأين ينتهي بها المطاف؟
بالتأكيد أنك نادرا ما سمعت عن مواقع مكبات النفايات الإلكترونية, وقد حان الوقت لتعير هذا الموضوع بعضا من اهتمامك.

   “جي”, الصين هي البلدة التي غالبا ما يشار إليها على أنها “عاصمة النفايات الإلكترونية العالمية”. توظف المدينة 150 ألف عامل نظافة “للنفايات الإلكترونية” يعملون بكدح لمدة 16 ساعة في اليوم لفرز الحواسيب القديمة وفك قطعها الإستفادة منها سواء كانت معدنية أم أجزاء يمكن إعادة استعمالها أو بيعها.

هذه العملية بعيدة كل البعد عن التنظيم, فبدلا من أن ترتب الحواسيب القديمة وتكدس فوق بعضها على منصة في وحدات تخزين منتظرة دورها في إعادة التدوير, إن ما يحصل في الواقع هو رمي بقايا الحواسيب عشوائيا في كل مكان في الشوارع وعلى ضفاف الأنهار.

أكوام الأسلاك المتشابكة الضخمة مرمية على زوايا الأرصفة. والعمال الذين من المفترض أن يكون خبراء الفرز, ينتزعون الأجزاء التي يعتبرونها صالحة للبيع من أكوام الالكترونيات مع العلم أن مكان عملهم هو الشارع.

هناك الآلاف من مجموعات العمل التي يكونها هؤلاء العمال ” لقص الأسلاك, تفحص الرقاقات الإلكترونية المأخوذة من لوحة التحكم الأساسية, طحن بلاستيك الحواسيب إلى ذرات, وغمس لوحات التحكم في الأسيد لإذابة العناصر وعزل الرصاص والكادميوم والمعادن السامة الأخرى. وآلاف كثيرة أخرى تعمل لعزل المادة المطاطية العازلة المحيطة بالأسلاك بغاية انتزاع بقايا الأسلاك النحاسية الصغيرة. الهواء يعج بضباب كثيف ناتج عن حرق البلاستيك والمعادن المؤذية, لكن العمال تعودة على العيش في هذه الظروف.


شراء النفايات الإلكترونية في الصين     عرضت الصين ضمن قاعة «ابتكارات الحكومات الخلاقة»، مشروع تدوير النفايات الإلكترونية، الذي استطاعت من خلاله إعادة تدوير أكثر من 60 ألفاً من الأجهزة الإلكترونية خلال عام واحد، بعد إطلاق تطبيق ذكي في إحدى مدنها.

وقالت مديرة مشروع التدوير في شركة «بايدو»، جوان دو، إن «المشروع عبارة عن حل لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، إذ يستطيع المستخدمون تسجيل أجهزتهم أياً يكن نوعها، في التطبيق، الذي يستطيع تحديد نوع الجهاز، وعرض الشركة المناسبة لأخذه».
وأوضحت دو أن «الصين أنتجت في عام 2014 نحو 6032 طناً من النفايات الإلكترونية، مضيفة أن «أصحاب الأجهزة كانوا يرمونها بعيداً».
وتابعت أن الشركة أخذت على عاتقها تصميم برنامج بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتطوير تطبيق ذكي على الهواتف، يسهّل عملية إعادة تدوير هذه الأجهزة بصورة آمنة وسهلة.
وأضافت دو أن التطبيق مدعوم من الحكومة الصينية، كما أن في وسعه العمل على التعرف إلى نوعية الجهاز، وحالته، وتقدير قيمته المالية، مؤكدة أنه في وسع التطبيق إيصال المستهلكين بالشركات المسؤولة عن إعادة التدوير.
وتابعت أن التطبيق غيّر من سلوك المستخدمين تجاه عملية التدوير، موضحة أنهم يعملون حالياً على طرحه على مدن أخرى لزيادة كفاءته.





قانونية الوضع

إن ما يحدث في بلدة “جي” ليس قانونيا, لكن نظرا إلى العائد المالي الضخم الذي تدره هذه الأعمال على الموظفين الحكوميين فإنهم يغضون النظر عن هذه المنطقة الفقيرة والانتهاكات التي تحصل بحق الإنسانية فيها. عرض البرنامج التلفزيوني الأمريكي “60 دقيقة” عن عملية إعادة التدوير في “دينفر”, كولورادور, حيث اكتشفوا أن معالجة أجزاء الحواسيب القديمة تبدأ من هنا حيث تأخذها الشركات كما هي وتستخدمها في منتجاتها تحت مظهر “إعادة التدوير”.

موظف إعادة التدوير الرئيسي الذين التقوا معه لم يخجل من التبجح بمبادئه الصديقة للبيئة ,وبدأ بذم المنافسين الآخرين الذين يبيعون النفايات الإلكترونية بأسعار أخفض مما يجب بمضاربات مالية بدلا من إتباع الإجراءات السليمة لإعادة التدوير والإنتاج. على الرغم من ادعاء الموظف بتطبيقه الإجراءات الملائمة,إلا أن فريق برنامج “60 دقيقة” عندما تتبع الحاويات المشحونة بحريا والمملوءة بشاشات الحواسيب من قبل هذا الموظف في “دنفر” اكتشفوا أنها متوجهة مباشرة نحو الصين وفعليا إلى بلدة “جي” حيث بيعت هذه الشحنة وفق صفقة غير قانونية.


   ما يفعله العديد من “مسؤولين إعادة التدوير” حول العالم هو تحميلنا بأعباء ضرائب خدمة التخلص من النفايات إعادة التدوير , بينما هم في حقيقة الأمر يجنون الأرباح الإضافية من بيع هذه النفايات للصين. بوضع الشرعية القانونية والأخلاقيات الإنسانية جانبا, فإن هذه الأعمال مربحة جدا لمسؤولين إعادة التدوير, لديهم مصاريف قليلة, زبائن كثر يدفعون لهم مقابل هذه البضاعة ويمكنهم الخداع وبيع هذه المنتجات لأطراف أخرى. وفي حالات عدة يحصلون على تخفيضات في الضرائب من قبل “الحكومة الفيديرالية الأمريكية” نظرا للعمليات التي يقومون بها تحت مسمى ” عمليات إعادة تدوير خضراء أو صديقة للبيئة”.

الصينيون يأخذون كل الأجزاء المستعملة ويزيلون عنها مالا قيمة له _ عادة أي شيء ما عدا المعدن_ ويجعلونها صالحة للبيع.

نشطاء حماية البيئة اعترضوا إذ قالوا: ” هذه ليست إعادة تدوير, هذه مجرد تنظيفات”.

لم لا تغلق بلدة “جي” بكل بساطة؟


الأمر ليس بهذه البساطة.

الصين تحظر رسميا استيراد النفايات الإلكترونية, لكن إغراء الأرباح الضخمة للحكومات المحلية يتجاوز حقوق الإنسان. الأمور تصبح معقدة أكثر إذا أخذنا بعين الاعتبار نقص المعادن الخام في الصناعة الصينية, المعامل تدفع أعلى الأجور مقابل المعادن المستخرجة من النفايات. وطالما أن هذه الأعمال مربحة وبعيدة عن أنظار الشرعية الدولية, فإنه من المستبعد إصلاح هذه الجرائم بحق الإنسانية.

إضافة إلى أن الأمر ليس ببساطة أن تطلب من الحكومة فرض القوانين بالقوة, فإقتصاد بلدة ” جي” متمركز حول هذه الصناعة ويعتمد عليها تماما في معيشة أفرادها. وفي حال أوقفت المنظمات هذه العمليات, سيبقى 150 ألف شخص عاطل عن العمل.

ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار: في حال إيقاف العمليات في بلدة ” جي”, سوف تنتقل هذه الأعمال إلى مكان آخر. ليست المشكلة في بلدة ” جي” لأن العالم سيظل يطلب النفايات الإلكترونية, والمعامل ستبقى تدفع مقبل استخراج المعادن الخام من النفايات. في الواقع إنها قضية متشعبة  لعدة عوامل ويجب أخذها بعين الاعتبار قبل تحديد الحل المناسب.

المسؤولون الصينيون الذين يعترفون بالمشكلة يسارعون في إعلام الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الصناعية بهذه الحقيقة, كون هذه الدول هي المصدر الأول لهذه المشكلة: ” المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الدول المتقدمة لمصدر للنفايات الإلكترونية” كما يطالب بروفيسور صيني.

مع أن اللوم الأكبر يقع على البلدان المتقدمة التي تنتج وتصدر النفايات, إلا أن المسؤولين في الصين لا يبذلون الجهد اللازم أيضا:فإن فرض الضرائب والتعرفات على منتجي “إعادة التدوير” يمكن ان يشكل 90% من الدخل القومي للصين, مما يعطي الحافز للمسؤولين لتطبيق القوانين بالقوة.




التكاليف


مما لا يساعد على حل هذه المشكلة هو التكاليف المرتفعة لعملية إعادة التدوير السليمة. العمال في الصين _في حال تطبيق إعادة التدوير بشكلها الصحيح_ سيتقاضون من (1.5$ إلى 2$) مقابل إستخراج المكونات القيمة لكل حاسوب بالمتوسط. بهذه الإنتاجية المنخفضة للنفايات الإلكترونية مقابل التكاليف المرتفعة لن تستطيع الولايات المتحدة تغطية التكاليف, والحصول على أرباح أقل.

وهذا ما يشجع مسؤولين إعادة التدوير في البلدان المتقدمة على بيع النفايات للصين, حيث تكاليف اليد العاملة أقل وبالتالي هناك مجال ربح أكبر. إصلاح هذه العمليات أمر في غاية الصعوبة بوجود نظام “المناقصات” الذي يقوده المال والميزانيات. ميزانيات المدارس العامة لا تستطيع تحمل أجور إعادة تدوير حواسيبها القديمة وبالتالي سوف تبحث عن أرخص مناقصة. وليس من المفاجئ, أن تكون أرخص مناقصة هي من قبل من يبقون تكاليفهم بسيطة بتصدير هذه النفايات إلى الصين.

قدرت عائدات بلدة “جي” بأكثر من 75 مليون دوار أمريكي سنويا من معالجة أكثر من 1.5 مليون طن من النفايات الإلكترونية _ وهذه الأرقام في ارتفاع كل سنة.

التزويد بهذه النفايات لن ينقطع ريبا بل على العكس. في 2011 قامت الولايات المتحدة برمي حوالي 130 ألف حاسوب يوميا. 100 مليون هاتف خليوي سنويا, وهذا الرقم يتزايد بشكل “أّسّي” بمعدل سريع مع توجه العالم لزيادة الطلب على الهواتف المحمولة.

وهذا فقط تصدير دولة صناعية واحدة.


بعيدا عن الأمان

الجوانب والتأثيرات البيئة والصحة مدمرة بشكل رهيب, إذ أنه لا يوجد هواء نظيف للتنفس ولا مياه آمنة للشرب. الرصاص وباي المعادن السامة تسري في عروق السكان.

منظمات حماية البيئة أرسلوا العديد من الطواقم (جمع طاقم) إلى بلدة “جي” لأخذ عينات أرضية وفحص مدى تلوث المياه. وجد أكثر من 10 أنواع من المعادن الثقيلة والسامة: الرصاص, الزئبق, القصدير, الألمينيوم, والكادميوم هي أكثر المعادن انتشارا وتركيزا.

مياه الشرب سواء كانت مياه النهر المحلي أم المياه الجوفية مسممة كليا. بلدة ” جي” تحوي أعلى معدلات أمراض السرطان الناتجة عن المواد السمية في العالم, حلالات الحمل معرضة 6 مرات أكثر من الحالة الطبيعية للإجهاض, و7 من أصل 10 أطفال يولدون مع نسبة 50% من الرصاص في دمائهم أكثر من الأطفال في باقي أنحاء العالم.

يحرق العاملون لوحات التحكم والمكونات الأخرى عن طريق إشعال الفحم لإذابة لحام الرصاص وفصل المعادن, مما يطلق غازات سامة في الهواء ومواد سامة تنحل في الأرض. أغلفة الحواسيب والهواتف المحمولة البلاستيكية تذوب منتجة معها موادا سامة هي ” poly-chlorinated dioxins” . وحالما تفصل المواد الخام عن بعضها من النفايات, تباع لإعادة استخدامها.

يقول أحد العمال في بلدة ” جي”: ” إذا أحرقتها, تستطيع أن تعرف أي نوع من البلاستيك هي لأن رائحتها مختلفة. هناك العديد من أنواع البلاستيك, تقريبا 60 أو70 نوع”.


إن السكان يدركون بشكل جزئي المخاطر الصحية الناتجة عن هذه الأعمال. ومع أنهم يعلمون أن ظروف العمل غير مثالية, إلا أن طلب الرزق وقلة الخيارات تدفعهم للعمل.


حافز ينطوي على مخاطرة 

العمال في “جي” يتقاضون لقاء هذه الأعمال 8$ يوميا – أي ما يقارب خمس أضعاف ما كانوا يتقاضونه سابقا عندما كانوا مزارعين و عمال. نتيجة نقص الصناعات الأساسية في المنطقة, فإن كثيرا من المن الفقراء كانوا عاطلين عن العمل مما دفعهم لهذه الأعمال التي تنطوي على الكثير من المخاطر.

في الواقع, كثير من سكان المناطق المجاورة انتقلوا إلى بلدة ” جي ” أملا في أجور أعلى. يرثي النشطاء حال هؤلاء إذ أنهم مجبرون على الاختيار بين الفقر أو السم, هو شيء لا يحسدون عليه.


إن واقع بلدة “جي” محزن للغاية إذ أن 88% من العمال يعانون من مشاكل عصبية, تنفسية, هضمية وأخرى هي شذوذات ونوادر صحية لا تصنيف لها. ونفس النسبة أيضا تعاني من الأمراض الجلدية. كما أن العمال يستخدمون أيديهم العارية لفصل أجزاء الأجهزة الإلكترونية وتكنيس الأوساخ الزائدة ورميها في النهر.

في عام 2011, سجلت بلدة ” جي” كثاني أثر المناط تلوثا على وجه الأرض.

بحيرة “كاراتشي” هي الأولى.






















مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..