مرايا... إبراهيم البليهي دينمو الكآبة والإحباط!

       إذا أردت أن تدمّر أمةً وتحبط شعباً فما عليك إلا أن تزعزع إيمانه بعقيدته، واعتزازه بقيمه، وثقته في نفسه، ببساطة اجعله يرتاب في قدراته، يزدري ثقافته، يمقت حضارته، يُسقط قدواته، فإذا واجهتك
صعوبة لتشكيكه في عقيدته، فشكّكه في قيمه ومبادئه، وحينها سيسهل ارتيابه فيما عدا ذلك، لا تجعله يصدّق أمجاد أمّته، وعظمة حضارتها، وفي أمّة كأمتنا صوِّر له فتوحاتها الإسلامية على أنها حروب أطماع وتوسّع واحتلال لامتصاص خيرات شعوب بريئة، وجرّدها من كل تفوق حضاري، وانسب أمجادها لحضارات سابقة، لتوهمه ألا فضل لأسلافه فيما صنعوه، ولتقلل من نبوغهم وعبقريتهم، حتى يفقد الثقة في كل ما ينبغي له الاعتزاز به فلا تقوم له قائمة أبداً!.

بعض ما ذكر أعلاه هو ما يفعله إبراهيم البليهي، الذي أطل علينا عبر العربية نت بإرجاف وهرطقات لا يمل تكرارها، وهو يجترها ببلاهة منقطعة النظير، إبراهيم البليهي متعالم مُستَجِهل لكل ماعداه، وشبح مثقف أجوف يسكنه خواءٌ، لكن بعض وسائل إعلامنا تتولى تجميله بمكياج فاقع، ليبدو كمفكّر كبير، تماماً كما تبدو المرأة الدميمة فائقة الحُسن بمكياج خادع مضلل!.

في ذلك اللقاء المطول يقول إبراهيم البليهي المفتون بالغرب حد الثمالة، المزدري لحضارتنا حد الحقد والكراهية: "يوجد فجوة هائلة بيننا كعرب ومسلمين، بل بين كل الأمم من جهة وبين الغرب من جهة أخرى، فالغرب وحده هو الذي صنع هذه الحضارة العظيمة التي تختلف نوعياً عن كل ما عرفته البشرية خلال تاريخها كله، أما الأمم التي لحقت فهي قد تطوّرت بمقدار ما استلهمته من الغرب، وكنت أقرأ وأسمع دائماً أن أسلافنا كانوا قد حققوا تطوّرات عظيمة، وأن الغرب قد أخذ عن أولئك الأسلاف مقوّمات حضارته، فرحت أبحث بلهفة في تاريخنا للتعرّف عن حقيقة هذا الادعاء وعن أسباب اختفاء هذه المقوّمات إذا كان صحيحاً ما يُقال، وكان اكتشافاً مؤلماً أن أعرف أننا لم نُسهم في تطوير الدنيا، ولم نقدّم أية إضافة نوعية للحضارة الإنسانية، وأن ما يُنسب لنا من إنجازات فكرية وعلمية كانت من إنجاز أفراد تتلمذوا على الثقافة اليونانية وكانوا خارج النسق الثقافي العربي السائد، فكانوا ومازالوا منبوذين في ثقافتنا كابن رشد وابن الهيثم وابن النفيس والرازي وابن سينا والفارابي وابن حيان وغيرهم"!.

هذا موّال اللطم الذي تعوّد البليهي النواح به، وجلد أمتنا وحضارتنا بسياط نقمته وازدرائه، ألم يكن يعلم أن المعلّم الأول في الحضارة اليونانية سقراط حوكم لاتهامه بإفساد الشباب وتزيين الإلحاد لهم، وغيره كثير من مثقفي اليونان وفلاسفتهم، ألم يكن يعلم بمحاكمة الكنيسة الأوروبية لعلماء ومفكري أوروبا في القرون الوسطى، أما قرأ أو سمع عن محاكمة كوبرنيكس لقوله إن الأرض تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة، فاتهم بالكفر وأحرقت كتبه وطولب بقتله ؟! أما سمع عن محاكمة جاليليو لتأييده لكوبرنيكس فحوكم وسجن في بيته ؟! ألم يسمع عن محاكمة الكنيسة لـ برونو حرقًا لقوله بحركة الأرض؟!.

أما مزاعم البليهي باستلاب حضارتنا العربية والإسلامية لكل أمجادها ونفيه لعبقريتها ونبوغها فالرد عليه فيما يصعب حصره من المراجع العلمية الأوروبية، وليس العربية التي لا يعترف بها، على سبيل المثال أذكر منها كتاب: "شمس العرب تسطع على الغرب" للألمانية زيغريد هونكه، و"قصة العرب في أسبانيا" للإنجليزي إستانلي لين بول" و "الإسلام قوة الغد العالمية" للألماني باول شمتز، وغير ذلك كثير، أما ادعاء البليهي بـ: "أننا لم نُسهم في تطوير الدنيا، ولم نقدّم أية إضافة نوعية للحضارة الإنسانية" فالرد عليه أتركه لستانلي بول الذي وصف الأندلس بعد إخراج العرب منها بقوله: "حكم العرب أسبانيا وهي مركز المدنية، ومنبع الفنون والعلوم ومثابة العلماء والطلاب، ومصباح الهداية والنور، ولم تصل أية مملكة في أوروبا إلى ما يقرب منها في ثقافتها وحضارتها، ولم يبلغ عصر فرديناند وإيزابلا القصير المتلألئ، ولا إمبراطورية شارل الخامس، الأوج الذي بلغه المسلمون في الأندلس، وقد بقيت حضارة العرب إلى حين بعد خروجهم من إسبانيا وضَّاءة لامعة، ولكن ضوءها كان يشبه ضوء القمر الذي يستعير نوره من الشمس، ثم عقب ذلك كسوف بقيت بعده إسبانيا تتعثر في الظلام". انتهى كلامه ولن تنتهي هرطقات البليهي الذي تُمتهن الثقافةُ ويُبتذل الفكرُ حين يُنسب لأي منها بوصفه مثقفاً أو مفكراً، وفي أضدادهما له أفسح الأماكن!.

بقلم : عبدالله الملحم

المصدر

....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

علي العميم... نقد إبراهيم البليهي أم نقد عبدالله ...

البليهي و رأيه في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

شكرا طلاب جامعة اليمامة لموقفكم من البليهي