الصفحات

الخميس، 10 أغسطس 2017

أقوال أهل العلم فى قراءة القرآن للتطريب



النهي السديد فى قراءة القرآن للتطريب

خرج الإمام أحمد فى المسند أن أبا هريرة - رضى الله عنه - كان يتمنى الموت قبل أن تدركه ست البدع ، عد منها :
أن يتخذ الناس القرآن مزامير ) . ( 1 )
عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال : (كلّ عبادة لم يَتَعبدْ بها أَصْحابُ رَسُولِ اللهِ- صلى الله عليه وآله وسلم- فلاَ تَتَعبَّدوا بها ؛ فإِن الأَوَّلَ لَمْ يَدع للآخِر مَقالا ؛ اتقوا الله يا معشر القراء ، وخذوا طريق من كان قبلكم ، فوالله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقًا بعيدًا ، ولئن تركتموهم يمينًا وشمالًا لقد ضللتم ضلالًا بعيدًا ) . (2 )
روي عن سعيد بن المسيب أنه سمع عمرَ بن عبد العزيز يَؤُمُ الناسَ فطرَّب في قراءته ، فأرسل إليه سعيد يقول : اصلحك الله ! إن الأئمةَ لا تقرأُ هكذا ؛ فترك عمرُ التطريبَ بَعْدُ ) . ( 3 )
ذكر الإمام القرطبي - رحمه الله - ( ت 671 ه ) فى مقدمة تفسيره كلامًا نفيسًا جدًا ، يكتب بماء الذهب ، فى موضوع التطريب في القرآن وقراءته بالألحان ، وردّ على أدلة مَنْ أجاز ذلك ردًا مُفحمًا ، بما ينبغي مراجعته هناك.
قال - رحمه الله - :
( وروي عن زياد النميري أنه جاء مع القراء إلى أنس بن مالك فقيل له : اقرأ . فرفع صوته وطرب ، وكان رفيع الصوت ، فكشفأنس عن وجهه ، وكان على وجهه خرقة سوداء فقال : يا هذا ، ما هكذا كانوا يفعلون ! وكان إذا رأى شيئا ينكره ، كشف الخرقة عن وجهه . وروي عن قيس بن عباد أنه [ ص: 30 ] قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرهون رفع الصوت عند الذكر . وممن روى عنه كراهة رفع الصوت عند قراءة القرآن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والقاسم بن محمد والحسنوابن سيرين والنخعي وغيرهم ، وكرهه مالك بن أنس وأحمد بن حنبل ; كلهم كره رفع الصوت بالقرآن والتطريب فيه ) . (4 )
ذكر ابن الجوزي - رحمه الله - شيئًا من تلبيس إبليس على الوعاظ والقصاص فقال :
( ومنهم من يتحرك الحركات التى توقع بها على قراءة الألحان ، والألحان التى أخرجوها اليوم مشابهة للغناء فهى إلى التحريم أقرب منها إلى الكراهة ، والقارئ يطرب والقاصُّ ينشِد الغَزَلَ ) . ( 5)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (ت 728 ه ) :
( فلا يسوغ أن يقرأ القرآن بألحان الغناء ، ولا أن يقرن به من الألحان ما يقرن بالغناء من الآلات وغيره " ( 6 )
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في ( نزهة الأسماع في مسألة السماع ) :
( قراءة القرآن بالألحان، بأصوات الغناء وأوزانه وإيقاعاته، على طريقة أصحاب الموسيقى، فرخص فيه بعض المتقدمين إذا قصد الاستعانة على إيصال معاني القرآن إلى القلوب للتحزين والتشويق والتخويف والترقيق . وأنكر ذلك أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعاً ولم يثبت فيه نزاعاً ، منهم أبو عبيد وغيره من الأئمة.
وفي الحقيقة هذه الألحان المبتدعة المطربة تهيج الطباع ، وتلهي عن تدبّر ما يحصل له من الاستماع حتى يصير التلذذ بمجرد سماع النغمات الموزونة والأصوات المطربة ، وذلك يمنع المقصود من تدبر معاني القرآن ؛ وإنما وردت السنة بتحسين الصوت بالقرآن ، لا بقراءة الألحان، وبينهما بون بعيد) . اهـ ( 7 )
ويري ابن بطة الكبري ( ت 387 ه ) :
( أن من البدع قراءة القرآن والأذان بالألحان ، وتشبيهها بالغناء ) .(8 )
وأخرج الدارمي بسنده :
أن سالمًا البيدق قدم المدينة ، فقام يصلي بهم ، فقيل لسالم مولى عبد الله بن عمر : لو جئت فسمعت قراءته ، فلما كان بباب المسجد سمع قراءته ورجع ، فقال : غناء غناء ) . (9)
روى ابنُ القاسم عن الإمام مالك ، أنه سُئِلَ عن الألحان في الصلاة فقال : لا تعجبُني ، وقال : إنما غِناءٌ يَتَغَنَّوْنَ به ليأخذوا عليه الدَّراهم . (10 )
قال ابن كثير - رحمه الله - :
( هذه طُرُق حَسَنة في باب الترهيب ، وهذا يدل على أنه محذور كبير وهو قراءة القرآن بالألحان التي يُسلك بها مذاهب الغِناء .وقد نَصَّ الأئمة - رحمهم الله - على النهي عنه فامَّا إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسبب حرفًا أو تَنقُص حرفًا فقد اتفق العلماءُ على تحريمه . والله أعلم ) . (11 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
( قراءة القرآن بصفة التلحين الذي يشبه تلحين الغناء مكروهٌ مبتدعٌ كما نص على ذلك مالك والشافعى وأحمد بن حنبلوغيرهم من الأئمة ) . (12 )
ذكر أبو الحسن المباركفوري( 13 ) في كتابه مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - الجزء السابع الفصل الأول ( ص 270 ) - كلامًا قيمًا لابن القيم :
( وقال ابن القيم بعد ذكر الاختلاف في تفسير التغني بالقرآن ، ومسألة تحسين الصوت به وقراءته بالألحان ، وذكر احتجاج كل فريق - مالفظه : وفصل النزاع أن يقال
التطريب والتغني على وجهين :
أحدهما ما اقتضته الطبيعة وسمحت به من غير تكلف ولا تمرين وتعليم بل إذا خُلِّيَ وطبعه واسترسلت طبيعته جاءت بذلكالتطريب والتلحين فذلك جائز ، و إن أعان طبيعته فضل تزيين وتحسين كما قال أبو موسى للنبي - صلى الله عليه وسلم - لو علمت انك تسمع لحبرته تحبيرًا ، و الحزين ومن هاجه الطرب والحب والشوق لا يملك من نفسه دفع التحزين والتطريب في القراءة ، ولكن النفوس تقبله وتستحليه لموافقته الطبع وعدم التكلف والتصنع ، فهو مطبوع لا متطبع ، وكلف لا متكلف ، فهذا هو الذي كان السلف يفعلونه ويستمعونه وهو التغني الممدوح المحمود ، وهو الذي يتأثر به السامع والتالي ، وعلى هذا الوجه تحمل أدلة هذا القول كلها .
والوجه الثاني ما كان من ذلك صناعة من الصنائع وليس في الطبع السماحة به بل لا يحصل إلا بتكلف وتصنع وتمرن كما يتعلم اصوات الغناء بأنواع الألحان البسيطة ، والمركبة على إيقاعات مخصوصة ، وأوزان مخترعة لا تحصل إلا بتعليم وتكلف فهذه هي التى طرهها السلف وعابوها وذموها ومنعوا القراءة بها وأدلة أرباب هذا القول إنما تتناول هذا الوجه ، وبهذا التفصيل يزول الاشتباه ويتبين الصواب من غيره ، وكل من له علم بأحوال السلف يعلم قطعًا أنهم بُرآء من القراءة بالألحان الموسيقية المتكلفة التى هي إيقاع وحركات موزونة معدودة محدودة ، وأنهم أتقى لله من أن يقرءوا بها ويسوغوها ويعلم قطعًا أنهم كانوا يقرءون بالتحزين والتطريب ، ويحسنون أصواتهم بالقرآن ويقرءونه بشجى تارةً ، وبطرب تارةً ، وبشوق تارة ، وهذ أمر في الطبائع تقاضيه ولم ينه عنه الشارع مع شدة تقاضي الطبائع له بل أرشد إليه وندب إليه و أخبر عن استماع الله لمن قرأ به . وقال ليس منا من لم يتغن بالقرآن ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه إخبار بالواقع الذى كلنا نفعله ، والثاني : أنه نفي لهدي من لم يفعله عن هديه وطريقته - صلى الله عليه وسلم - ) . اه (14 )
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - :
( والغرض أن المطلوب شرعًا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبُّر القرآن وتفهُّمه ، والخشوع والخضوع ، والانقياد للطاعة ، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الُلهية ، والقانون الموسيقائي ،فالقرآن يُنزه عن هذا ن ويُجلُّ ويُعظم أن يُسلَكَ في أدائه هذا المذهب ، وقد جاءت السُّنة بالزجر عن ذلك ) .( 15)
ألف ابن كيال الدمشقي ( ت 929 ه ) كتابًا في النهي عن قراءة القرآن بالألحان سماه " الأنجم الزواهر في تحريم القراءة بلحون أهل الفسق والكبائر " . ( 16 )
ذكر الأهوازي ، قال : سمعت جماعة من شيوخي يقولون : لا يجوز للمقرئ أن يقرأ بخمسة أضرب : بالترقيص ، والترعيد ، والتطريب ، والتلحين ، والتحزين ؛ إذ ليس لها أثر ولا نقل عن أحد من السلف ، بل ورد إلينا أن بعض السلف كان يكره القراءة بها ) . ( 17 )
____________
المصادر :
___
( 1 ) أخرجه أحمد في المسند ( 3/ 494 ) .
(2 ) الإبانة لابن بطه .
( 3) مصنف عبد الرزاق ( 2/ 484 ) .
(4 ) مقدمة تفسير ( الجامع لأحكام القرآن ) للإمام القرطبي ( 1/ 18 - 32 ) ط الرسالة .
( 5) تلبيس إبليس ( ص: 151 ) .
(6 ) الإستقامة ( 1/ 246 ) .
( 7 ) نزهة الأسماع في مسألة السماع ، ابن رجب الحنبلي .
( 8 ) الإبانة ( ص 343 ) ، وتفسير القرطبي ( 1/ 10 ) .
( 9 ) السنن ( 2/ 473 ) .
(10 ) سير أعلام النبلاء ، هو عبد الرحمن بن القاسم أبو عبد الله العُتَقِيُّ مولاهم ، المصري ، صاحب مالك ، عالم الديار المصرية ومفتيها توفى ( 191 ه ) .
(11 ) فضائل القرآن لابن كثير .
(12 ) الآداب الشرعية لمحمد بن مُفلح المقدسي ط الرسالة ، فصل في التلاوة بألحان الخاشعين لا ألحان المطربين .
(13 ) أبو الحسن هو أبو الحسن عبيد الله ابن العلامة محمد بن عبد السلام المباركفوري .
(14 ) وورد فى زاد المعاد فى فصل اختلاف الناس فى معنى التغني بالقرآن .
( 15 ) فضائل القرآن ( 90- 91 ) ط عالم الكتب .
( 16 ) الذيل على كشف الظنون ( 1/ 131 ) .
( 17 ) الإقناع في القراءات السبع ( 1/ 155 ) .



---------------


أقوال الأئمة الأربعة
------------------------------




أولًا : أقوال الحنفية :
قال في شرح فتح المجيد ( 1 ) :
( القراءة باللحان أباحها قوم وحَظَرَها قوم ، والمختار إن كانت الألحان لاتخرج الحروف عن نظمها وقدر ذواتها فمباح ، وإلا فغير مباح كذا ذكر .
وقدَّمنا في " باب الأذان " ما يفيد أن التلحين لا يكون إلا مع تغيير مقتضيات الحروف فلا معنى لهذا التفصيل ) .
ونقل الزَّيلعيُّ - من أئمة الحنفية - أنه لا يحلُّ التطريب فيه ولا الاستماع إليه ؛ لأن فيه تشبهًا بفعل الفسقة في حال فسقهم - وهو التغني - ولا يعكّرعليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ليس مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآن ) (2 ) . لأن المراد بالتغني به : الاستغناء ، على ما اختاره سفيان بن عُيَيْنةَ- رضى الله عنه - ونَقَلَه عنه شارحُ ( المصابيح ) أو المراد به : تحسينُ الصوت وتزيينُه على وفق التجويد وتبيينُه ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - ( زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ) (3 ) .
ثم قال بعد ذلك : ( وقال قاضي خان ) (4 ) في فتاواه : (لو قرأ القرآن في صلاته بالألحان : إن غير الكلمة تفسد صلاته لما عُرف ، فإن كان ذلك في حرف المد واللين لا يغترّ المعنى إلا إذا فحُش ) ، ثم نقل عنه بعد ذلك قوله : ( وإن قراءة القرآن بالألحان في غير الصلاة اختلفوا في جوازها ، وعامة المشايخ على منعه ، وكرهوا الاستماع أيضًا ؛ لأنه تشبه بالفسقة بما يفعلونه في فسقهم ، وكذا الترجيع في الأذان ) .
ولعل محل اختلاف الجواز مالم يتغير المعنى والمبنى ، هذا والله أعلم .
ثم رأيت في شرح ( مُنية المصلى ) ( 5 ) ،
( رجل يقرأ ويَلحَن : يجب على السامع أن يرده إلى الصواب ، إن علم أنه لا يقع بسبب ذلك عداوة وضغن ، وإلا فهو في سعة من تركه ، ويُكره الترجيع والتلحين بقراءة القرآن عند عامة المشايخ ؛ لأنه شبيه بفعل الفسقة ، وهذا إذا كان لا يُغير الحروف ، أما اللحن المغير فحرام بلا خلاف . اه
قال أبو بكر أحمد بن علي الجصاص الرازي (ت:370هـ):
"[292] في تَحسيْن الصوت بالقرآن :
قال : كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومُحمد : يستمعون القرآن بالألحان.
وقال أبو جعفر : وهذا على أن اللحن لا يكون فيه زيادة هجاء الحروف"اه ( 6 )
وقال مُحمد بن أحمد السرخسي (ت:490هـ) : " قال (والتلحين في الأذان مكروه)لِما رُويَ أن رجلاً جاء إلى عمر - رضى الله عنه -فقال : إني أحبك في الله ، فقال : إني أبغضك في الله . فقال: لِمَ ؟ قال : لأنَّه بلغني أنك تُغنِّي في أذانك . يعني: التلحين"اه
وقاله أيضًا الإمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي الملقب بِملك العلماء(ت:587هـ) ( 8 ) .
_________
المصادر :
____
( 1 ) انظر شرح فتح القدير ( 7/ 410 ) ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ( 7/ 88 ) ، حاشية ابن عابدين على الدد المختار ( 7/ 155 ) .
( 2 ) الحديث شاذ عن طريق البخاري ، وللحديث طرق أخرى
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (1/395) :
( قال أبو بكر النيسابوري: قول أبي عاصم في( ليس منا من لم يتغن بالقرآن) وَهْمٌ من أبي عاصم لكثرة من رواه عنه ) أهـ .
قال الذهبي في ميزان الإعتدال (6/35) :
( قال ابن زياد : وَهِمَ أبو عاصم في متنه ، يعني إنما متنه(( ما أذن الله لشيء...)) الحديث ، كذا رواه ابن جريج من طريق عمار بن محمد ... وجماعة عن الزهري عن أبي سلمة ، وأما المتن الذي أورده أبو عاصم فجاء عن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا ) أه
منقول : من
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=4937
( 3 ) أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ الطَّيَالِسِيُّ (738) ، وَأَحْمَدُ (4/304) ، وَالْبُخَارِيُّ (( خَلْقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ ))(ص68) ، وَالنَّسَائِيُّ (( الْكُبْرَى ))(1/348/1089) وَ (( الْمُجْتَبَى ))(2/179) ، وَابْنُ مَاجَهْ (1342) ، وابْنُ خُزَيْمَةَ (1551) ، وَغيرهم .
( 4 ) هو الحسن بن منصور بن أبي القاسم محمود بن عبد العزيز الوزجندي الفرغاني فخر الدين قاضي خان صاحب الفتاوى المشهورة وهو من أئمة الحنفية ( ت 572 ) .
( 5 ) كتاب منية المصلي للعلامة سديد الدين محمد بن محمد بن علي الكشغري .
ذكر شيخنا الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - (14 / 1019) " منية المصلي " من أحسن كتب الحنفية المختصرة ؛ لأنه يذكر فيه أدلة المسائل من الكتاب والسنة، فهو في هذا مثل " منار السبيل " في كتب الحنابلة الذي كنت خرجت أحاديثه قديماً .
( 6 ) (مُختصر اختلاف العلماء): (1/327) تصنيف أبي جعفر أحمد بن مُحمد بن سلامة الطحاوي (ت:321هـ)، اختصار أبي بكر الجصاص.
( 7 ) كتاب المبسوط للشيخ العلامة أبي بكر محمد بن أحمد ابن أبي سهل السرخسى آل حنفي ( ت 482 ه ): (1/138).
(8 ) (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لأبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي علاء الدين): (1/150).




ثانيًا : أقوال المالكية :
قال الإمام مالك - رحمه الله - : لا تعجبني القراءة بالألحان ، ولا أحبها لا في رمضان ولا غيره ؛ لأنها تشبه الغناء ، ويضحك بالقرآن ، ويقال : فلان أقرأ من فلان ، وبلغني أن الجواري يعلمن ذلك كما يعلمن الغناء ، أترى هذا من القراءة التي كان يقرأ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟!
قال ( 1 ) : قال في الرسالة ( لا يحل لك أن تتعمد سماع الباطل كله ، ولا أن تتلذذ بسماع كل امرآة لا تحل لك ، ولا بسماع شئ من الملاهي والغناء ، ولا قراء ة القرآن باللحون المرجعة كترجيع الغناء) . اه . فجعل ذلك ممنوعًا .
"قال ابن القاسم : سئل مالك - رحمه الله - عن الألحان في الصلاة ؟ فقال : لا يُعجبني - وأعْظَمَ القول فيه - وإنَّما هذا غناء يتغنَّون به ليأخذوا الدراهم عليه.
وقال ابن وهب : سُئل مالك - رحمه الله - عن النفر في المسجد يقولون لرجل حسن الصوت : اقرأ علينا - يريدون حُسن صوته - ، فكره ذلك، وقال : إنَّما هو يُشبه الغناء. فقيل له: أرأيت الذي قال عمر بن الخطاب لأبي موسى - رضى الله عنهما - : ذكِّرنا ربنا ! قال : إن من الأحاديث سمعناها وأنا أنفيها، والله ما سمعت هذا قبل هذا المجلس ، وقراءة القرآن بالألحان"ا ه ( 2 )
قال مُحمد بن رشد القرطبي (ت:520هـ): "في قراءة القرآن بالألحان
وسُئل عن القراءة بالألحان ، فقال : ما يُعجبني ؛ لأنَّ ذلك يشبه الغناء ويضحك بالقرآن ويُسمَّى ويقال فلان أحسن قراءة من فلان .
قال مالك : ولقد بلغني أن الجواري قد عُلِّمن ذلك كما يُعلَّمن الغناء ، قال : ولا أحبُّ ذلك على حال من الأحوال في رمضان ولا في غيْره ، أين القراءة التي يقرأ هؤلاء من القراءة التي كان يقرؤها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال مالك - رحمه الله - : وإنِّي لأكره التطريب في الأذان، ولقد هممت أن أكلِّم أميـر المؤمنين في ذلك لأني كنت أسمعهم يؤذنون"ا ه ( 3 )
وقال شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي ، المعروف بالحطاب الرُّعيني (المتوفى : 954هـ)( 4 ) ( واختلف علماؤنا هل يجوز التغني بالقرآن أم لا ؟ فذهب مالك وجمهور أهل العلم إلى أن ذلك لا يجوز ، وذهب الشافعي ومن تبعه إلى أن ذلك يجوز ( 5 ) ، ثم قال : وهذا الخلاف إنما هو إذا لم يفهم القرآن بترديد الأصوات ، وكثرة الترجيعات ؛ فإن زاد الأمر على ذلك حتى صار لا يعرف معناه ؛ فذلك حرام بالإتفاق كما يفعله القراء بالديار المصرية الذين يقرءون أمام الملوك والجنائز ) . ا ه
قال الشيخ الدردير- رحمه الله - في (الشرح الصغيْر): "وكره قراءة بتلحين؛ أي: تطريب". (6 )


__________
المصادر :
______
( 1 ) انظر في مواهب الجليل شرح مختصر خليل ( 2 / 362 - 363 ) .
( 2 ) المدونة : (2/486)
( 3 ) ( البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة ) و (ضمنه المستخرجة من الأسمعة المعروفة [بالعُتبيَّة] لِمحمد العُتبي القرطبي - ت:255هـ-) : (18/325) .
( 4 ) انظر في مواهب الجليل شرح مختصر خليل ( 2 / 362 - 363 )
( 5 ) قال النووي في شرحه لمسلم : قال الشافعي : في موضع أكره القراءة بالألحان ، وقال في موضع لا أكرهها ، قال أصحابنا ليس له فيها خلاف ؛ وإنما هو اختلاف حالين فحيث كرهها أراد إذا مطط وأخرج الكلام عن موضعه بزيادة أو نقص أو مد غير ممدود وإدغام ما لا يجوز إدغامه ، ونحو ذلك ، وحيث أباحها أراد إذا لم يكن فيها تغير لموضوع الكلام ، والله أعلم .
(6 ) الشرح الصغيـر على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك : (1/176).




ثالثًأ : أقوال الشافعية :
قال الإمام شهاب الدين القليوبي ( ت 1069 ه ) ( 1 ) : ( والتغني بالقرآن حرام ، قالالماورديّ مطلقًا : لإخراجه عن نهجه القويم ، وقيده غيره بما إذا وصل به إلى حد لم يقل به أحد من القراء ) . اه
قال في ( تحفة المحتاج ) ( 2 ) " فرع : يُسَنُّ تحسين الصوت بقراءة القرآن ، وأما تلحينه فإن أخرجه إلى حد لا يقول به أحد من القراء حرم وإلا فلا على المتعمد ، و إطلاق الجمهور كراهة القسم الأول مرادهم بها كراهة تحريم ، بل قال الماوردي إن القارئ يفسق بذلك ، والمستمع يأثم به لأنه عدل به عن نهجه القويم " . ا ه
وقال النووي (ت:676هـ): "قلت: قال الشافعي في موضع : أكره القراءة بالألحان ، وقال في موضع: لا أكرهها.
قال أصحابنا : ليس له فيها خلاف، وإنَّما هو اختلاف حالين ، فحيث كرهها أراد إذا مطط وأخرج الكلام عن موضعه؛ بزيادة، أو نقص، أو مدِّ غيْر ممدود، وإدغام ما لا يَجوز إدغامه، ونحو ذلك، وحيث أباحها أراد إذا لم يكن فيها تغيـيـر لموضوع الكلام، والله أعلم" ( 3 ) اهـ.
______________
المصادر :
____
( 1 ) حاشية الإمام شهاب الدين القليوبي على شرح العلامة جلال الدين المحلي على " منهاج الطالبين " للشيخ الإمام محيي الدين النووي - رحمهم الله - ( 4 / 320 ) .
( 2 ) تحفة المحتاج ( 4 / 405 ) ط دار الكتب العلمية .
( 3 ) مسلم بشرح النووي : (6/71).


----------------------
رابعًا : أقوال الحنابلة :
قال عبدالله بن أَحْمَد بن حنبل : "سمعت أبِي - أي الإمام أَحْمَد - (ت:241هـ) وقد سُئل عن القراءة بالألحان، فقال: مُحدث ؛ إلا أن يكون من طباع ذلك الرجل؛ يعني طبع الرجل كما كان أبو موسى".( 1 )




وقال في كشاف القِناع : ( وكره أحمد ) ( 2 ) والأصحاب ( قراءة الألحان وقال : هي بدعة ) لـما رُوي عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنَّه ذكر في أشراط الساعة ( أَن يُتَّخذَ القرآنُ مزاميـرَ يُقدِّمونَ أحدهم ليس بأقرئِهِم ، ولا أفضلِهِم إلا ليغنِّيهم غناءً) ؛ ولأن الإعجاز في لفظ القرآن ونظمه والألحانُ تُغيِّره ( فإن حصل معها ) أى الألحان ( تغيُّر نظم القرآن ، وجعل الحركات حروفًا حرم ) ذلك ( وقال الشيخ ، التلحين الذي يشبه الغناء مكروه ) ، ( ولا يكره الترجيع ) وتحسين القراءة ، بل ذلك مستحب لحديث أبي هريرة - رضى الله عنه - : ( مَا أذنَ اللهُ لشيءٍ كأَذَنِه لنبيٍّ يتغنَّى بالقرآن يَجهرُ به) . رواه البخاري . وقال - صلى الله عليه وسلم - ( زَينوا القرآن بأصواتكم ) .


وقال : ( ليسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقرْآنِ ) .


قال طائفة : معناه تحسين قراءته والترنم ورفع صوته بها . و قال أبو عبيد وجماعة : يستغني به .




قال ابن قدامة المقدسي : "فصل : كره أبو عبداللهالقراءة بالألحان "، وقال : هي بدعة ؛ وذلك لـما رُوي عنالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه ذكر في أشراط الساعة (أن يُتخذ القرآن مزاميـر يُقدِّمون أحدهم ليس بأقرئهم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم غناء)؛ ولأنَّ القرآن مُعجز في لفظه ونظمه، والألحان تغيْره.وكلام أحمد في هذا مَحمول على الإفراط في ذلك بِحيث يَجعل الحركات حروفاً ويَمدُّ في غيْر موضعه، فأما تَحسيْن القراءة والتـرجيع فغيْر مكروه فإنَّ عبدالله بن مغفل قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة يقرأ سورة الفتح، قال : فقرأابن مغفل ورجَّع في قراءته، وفي لفظ قال: قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح في مسيـر له سورة الفتح على راحلته فرجَّع في قراءته، قال معاوية بن قرة : لولا أنِّي أخاف أن يَجتمع عليَّ الناس لَحكيت لكم قراءته، رواهما مسلم وفي بعض الألفاظ فقال: (آآآ).


وروى أبو هريرة - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنَّى بالقرآن، أي: يَجهر به)، يعني: (استمع) . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (زينوا القرآن بأصواتكم)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (ليس منَّا من لَم يتغنَّ بالقرآن)، وقد اختلف السلف في معنى قوله: يتغنَّى بالقرآن...، وعلى كل حال فقد ثبت أن تَحسيْن الصوت بالقرآن وتطريبه مستحب غيْر مكروه، ما لَم يَخرج ذلك إلى تغييـر لفظه وزيادة حروف فيه ..." اه ( 6 )




روى الإمام أبو بكر ، أحمد بن محمد بن هارون الخلال الحنبلي ( ت 311 ه ) ( 7 ) :




تحت عنوان : ( باب ذكر قراءة الألحان ) روايات عِدة عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - نورِد منها :




- قال - رحمه الله - : ( أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سمعت أبي - وقد سُئل عن القراءة بالألحان ، فقال: مُحدث ؛ إلا أن يكون من طباع ذلك الرجل ؛ يعني طبع الرجل كما كان أبو موسى ) .اه




- وقال ابن رجب : ( قراءة القرآن بالألحان بأصوات الغناء وأوزانه وإيقاعاته على طريقة أصحاب الموسيقى ، أنكر ذلك أكثر أهل العلم ، ومنهم من حكاه إجماعًا ، ولم يثبت فيه نزاعًا كأبي عبيد وغيره من الأئمة ، وفي الحقيقة هذه الألحان المبتدعة المطربة تهيج الطباع ، وتلهي عن تدبر ما يحصل له الاسماع حتى يصير الالتذاذ بمجرد سماع النغمات الموزونة ، والأصوات المطربة ؛ وذلك يمنع المقصود من معاني القرآن ) ( 8 ) . ا ه




- أخبرنا الحسن بن جحدر ، قال : حدثنا عبد الله بن يزيد العُكْبَريّ ، قال : سمعت رجلًا سأل أحمدَ بن حنبل فقال : ما تقول في القراءة بالألحان ؟ فقال له أبو عبد الله : ما اسمُك ؟ قال : محمد . قال : فيسُرُّك ان يُقال : با موحاماد ( ممدودًا ) ؟!




- وأخبرنا أبو بكر المروزيّ ( 9 ) قال : سمعتُ عبد الرحمن المتطبِّبيقول : قلتُ لأبي عبد الله في قراءة الألحان ، فقال : يا أبا الفضل ، اتخذوه أغاني ، اتخذوه أغاني ، لا تَسمع من هؤلاء .




- أخبرنا محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال : سمعتُ أبا عبد الله يقول : ( يعجبني من قراءة القرآن السهلة ، فأما هذه الألحان فلا تعجبني ) . اه




____________




المصادر :


_________



( 1 ) (مسائل الإمام أحـمد بن حنبل برواية ابنه عبدالله): رقم: (1837)


( 2 ) انظر كتاب ( كَشَّاف القِنَاع ) ( 1 / 568 - 569 ) ط دار إحياء التراث العربي .


( 3 ) البخاري في صحيحه ( 9 / 68 ) في فضائل القرآن ، باب من لم يتغن بالقرآن برقم ( 5023 ) و ( 5034 ) ، ومسلم في صحيحه ( 1 / 545 ) في صلاة المسافرين ، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن برقم ( 792 ) .


( 4 ) اخرجه أحمد في المسند ( 4/ 285 ، 296 ، 304 ) ، والدارمي في سنته ( 2 / 474 ) في فضائل القرآن ، باب التغني بالقرآن ، وأبو داود في سنته ( 2 / 155 ) في الصلاة ، باب استحباب الترتيل في القرءاة برقم ( 1468 ) ، والنسائي في المجتبي من السنن (2 / 179 - 180 ) في الافتتاح ، وابن ماجه في سننه ( 1/ 426 ) في إقامة الصلاة ، باب حسن الصوت برقم ( 1342 ) ، وصححه الحاكم في المستدرك ( 1 / 571 ، 575 ) .


( 5 ) البخاري في صحيحه ( 13 / 501 ) في التوحيد ، باب قول الله تعالى : ( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ ) برقم ( 7527 ) .


( 6 ) المُغني لابن قُدامة: (2/615) .


( 7 ) كتاب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) للإمام ابو بكر ، أحمد بن هارون الخلال الحنبلي ( ص 153 ) تحت عنوان ( باب ذكر قراءة الألحان ) .


( 8 ) انظر نزهة الأسماع في مسالة السماع - لابن رجب ( ص 84 ) .


( 9 ) هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد العزيز أبو بكر المروزيُ ، وهو المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله ، وكان الإمام أحمد يأنس به وينبسط إليه وهو الذى تولى إغماضه لما مات وغسله ( ت : 275 ) .

 





--------------------------
و أخيرًا فتاوى اللجنة الدائمة و عدد من أهل العلم المعاصرين رحمهم الله

فتاوى اللجنة الدائمة ( 1 ) ،

السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 15038 )

س2 : حكم استخدام الغناء في الثناء على الله سبحانه وتعالى ،وتلحين الآيات القرآنية لاستمالة غير المسلمين للدخول في الإسلام ، وتحذير المسلمين من الوقوع في المعاصي ؟

الجواب : هذا العمل لا يجوز لما يلي :

1- أن الغناء حرام ؛ لأنه من لهو الحديث الذي قال الله فيه :
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ، وتوعد من فعله بالعذاب الأليم .

2- أن المسجد ينزه عن فعل المعاصي ، والغناء معصية ، والمسجد بني لذكر الله عز و جل .

3- وأشد من ذلك في التحريم : تلحين القرآن الكريم بألحان الغناء ؛ لأن في هذا امتهانًا للقرآن الكريم ، وجعله من جملة الأغاني التي يقصد منها الطرب .

4- أما دعوة غير المسلمين إلى الإسلام و دعوة العصاة من المسلمين للتوبة فهي أمر واجب ، لكن يكون ذلك بالطرق المشروعة ، لا بالطرق المتدهة والمحرمة .

وبالله التوفيق ، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو
عبد العزيز آل الشيخ
عضو صالح الفوزان
عضو عبد الله بن غديان
نائب الرئيس عبد الرازق عفيفي
الرئيس عبد العزيز بن باز.
______
( 1 ) فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى ( 26 / 219 ) .


رابط الفتوى
http://www.alifta.net/fatawa/fatawaD...4&PageID=10289
_______________


فتوى الشيخ العلامة / ابن باز - رحمه الله -( 1 )

س : ما معني التغني بالقرآن ؟


ج : جاء في السنة الصحيحة الحث على التغني بالقرآن ، يعني تحسين الصوت به ، وليس معناه أن يأتي به كالغناء ، وإنما المعنى تحسين الصوت بالتلاوة ، ومنه الحديث الصحيح : ( مَا أذنَ اللهُ لشئٍ مَا أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به )( 2 )
وحديث : ( لَيْسَ مَنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرْآن يَجْهَرْ بِه ) ( 3 ) ومعناه تحسين الصوت بذلك كما تقدم .

ومعنى الحديث المتقدم ( مَا أَذِنَ اللهُ ) أي ما استمع الله " كَأذَنِه " أي كاستماعه ، وهذا استماع يليق بالله لايشابه صفات مثل سائر الصفات ، يُقال في استماعه سبحانه وأذنه مثل ما يُقال في بقية الصفات على الوجه اللائق بالله - سبحانه وتعالى - ، لا شبيه له في شئ - سبحانه وتعالى - كما قال عز وجل :

{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَئٌ وَهْوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }

والتغني الجهر به مع تحسين الصوت والخشوع فيه حتى يحرك القلوب ؛ لأن المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن حتى تخشع ، وحتى تطمئن وحتى تستفيد .

ومن هذا قصة أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ، لما مرعليه النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ هذا مزمارًا من مزاميرآل داود ، ولم ينكر - عليه الصلاة والسلام - ذلك ، فدلَّ على أن تحبير الصوت وتحسين الصوت والعناية بالقراءة أمر مطلوب ليخشع القارئ والمستمع ويستفيد هذا وهذا .


__________
( 1 ) مجموع فتاوى ابن باز ( 24 / 378 ) .
( 2 ) صحيح البخاري فضائل القرآن ( 4761 ) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها ( 793 ) ، سنن الترمذي المناقب ( 3855 ) .
( 3 ) رواه البخاري في ( فضائل القرآن ) برقم ( 4660 ) ، ومسلم في ( صلاة المسافرين ) برقم ( 1321 ) .

_____________

فتوى الشيخ العلامة / ابن عثيمين - رحمه الله - ( 1 )


تقول قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) ما معنى الغناء بالقرآن هنا؟

فأجاب - رحمه الله تعالى - :

اختلف العلماء رحمهم الله في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - (لم يتغن بالقرآن) ، فقيل المعنى أن يستغني به عن غيره ؛ لأن من لم يستغن بالقرآن عن غيره ، واتبع غير القرآن على خطر عظيم ربما خرج من الإسلام بذلك ، و قيل المعنى من لم يحسن صوته بالقرآن احتقارا للقرآن فليس منا ومن المعلوم أنه ليس على ظاهره بمعنى أن من لم يقرأ القرآن على صفة الغناء فليس من الرسول في شيء ليس هذا مراد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قطعا .


___________
( 1 ) فتاوى نور على الدرب ( 35 / 9 )
رابط الفتوى
binothaimeen.com - فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
رابط المادة الصوتية للفتوى :
binothaimeen.com - فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ملف خاص عن حكم قراءة القرآن بالمقامات الموسيقية

بخصوص اذان المقامات التركي

المقامات تفجر الأسئلة وتثير الخلاف بين مؤذنين وأئمة مساجد ودعاة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..