الصفحات

السبت، 18 نوفمبر 2017

أبوعبد الرحمن ابن عقيل الظاهري / سيرة وحكاية

    أبو عبد الرحمن محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عقيل (المعروف بأبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري) هو عالم سلفي ظاهري وأديب سعودي. من مواليد
مدينة شقراء في إقليم
    7 كيلوبايت (353 كلمة) - 10:16، 28 أكتوبر 2017
    ظاهرية
    في العقائد. وقال أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري : لما وجدت المذاهب وتحزبت تجرد لإحياء الاصل من الاخذ بالظاهر الإمام داود بن علي الظاهري وهو معاصر للامام
    15 كيلوبايت (1,349 كلمة) - 04:02، 8 نوفمبر 2017
    أبو الوفاء بن عقيل
    أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل (431 هـ - 513هـ/ 1040-1119) من بغداد، العراق. شيخ الحنابلة، إمام علامة، وصاحب تصانيف، من كبار الأئمة. قال ابن
    6 كيلوبايت (426 كلمة) - 12:52، 29 سبتمبر 2017
    ابن عقيل (توضيح)
    عبد الله بن عقيل: عالم دين سعودي. أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري: عالم موسوعي سلفي ظاهري وأديب سعودي. عقيل جابر: لاعب كرة قدم كويتي. عقيليون: قبيلة عربية
    1 كيلوبايت (129 كلمة) - 19:40، 30 مايو 2016
    ابن عقيل
    2016) ابن عقيل عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد القرشي الهاشمي, بهاء الدين, أبو محمد من (694 هـ - 769 هـ) ينتهي نسبه إلى عقيل بن أبي طالب
    2 كيلوبايت (131 كلمة) - 23:07، 10 أكتوبر 2017
    أبو بكر محمد بن داوود الظاهري
    (يناير 2016) أبوبكرمحمد بن داود بن علي الفقيه الظاهري (255 - 297) ؛ ابن الإمام داود بن علي الظاهري، كان عالمًا بارعًا، إماما في الحديث، أديبا، شاعرا
    6 كيلوبايت (417 كلمة) - 15:41، 3 أكتوبر 2017
    أبو جعفر العقيلي
    المقالة بإضافة صندوق معلومات مخصص إليها. أبو جعفر العقيلي هو محمد بن عمرو بن موسى بن محمد بن حماد. كنيته أبو جعفر وقد اشتهر بها وهو من أهل مكة فيقال
    5 كيلوبايت (503 كلمات) - 18:02، 17 نوفمبر 2017
    ابن أبي عقيل العماني
    المتمسك بحبل آلِ الرسول في الفقه كتاب الكر والفر أبو علي أو أبو محمّد، الحسن بن علي بن عيسى بن أبي عقيل الحذّاء العُمّاني. لم تحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته،
    4 كيلوبايت (366 كلمة) - 22:22، 17 نوفمبر 2017
    أبو تراب الظاهري
    وإزالتها. (يناير 2016) هو أبو محمد عبدالجميل بن عبد الحق بن عبد الواحد بن محمد بن الهاشم بن بلال الهاشمي ، ويكنى بأبي تراب الظاهري، نسبه: الهاشمي، العُمري،
    25 كيلوبايت (2,123 كلمة) - 10:16، 28 أكتوبر 2017
    أبو حيان الغرناطي
    وابن عقيل والسفاقسي والصفدي وغيرهم. و قد تصدر أبو حيان لتدريس الحديث في المدرسة المنصورية بالقاهرة، وخلف شيخه بن النحاس في حلقة النحو. كان أبو حيان أمة
    6 كيلوبايت (445 كلمة) - 10:16، 28 أكتوبر 2017
    إبراهيم بن عقيل
    إبراهيم بن عمر بن عقيل با علوي فقيه ومحدث سني صوفي يمني ومفتي تعز. ولد بقرية المسيلة إحدى ضواحي مدينة تريم في التاسع عشر من شهر صفر خير عام 1327 هـ ونشأ
    8 كيلوبايت (559 كلمة) - 19:18، 4 أكتوبر 2017
    1357 هـ
    أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري بنت الهدى زيد بن محمد المدخلي عبد الرحمن العجلان إبراهيم بن حسن الشعبي أرول كونكور ابن عقيل الظاهري السيد الصاوي
    3 كيلوبايت (202 كلمة) - 21:46، 22 أكتوبر 2017
    عبد الله بن محمد بن عقيل التميمي
    عبد الله بن محمد بن عقيِّل المشرفي الوهبي التميمي يرجع نسبه إلى المشارفة من الوهبة من بني تميم ولد عام 1295هـ في قصر ابن عقيل بمنطقة القصيم. نشأ وتربى
    39 كيلوبايت (3,254 كلمة) - 19:23، 29 سبتمبر 2017
    نادي الرياض الأدبي
    عبدالله بن إدريس عضو، عبدالعزيز الرفاعي عضو، عمران العمران عضو، أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري عضو، محمد الحمدان عضو، عبدالله الماجد عضو . على أن بداية النادي
    10 كيلوبايت (802 كلمة) - 11:17، 21 أغسطس 2017
    دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه (كتاب)
    فسادها، وكان معظماً لأبي الوفاء ابن عقيل، يتابعه في أكثر ما يجد في كلامه، وإن كان قد رد عليه في بعض المسائل، وكان ابن عقيل بارعاً في الكلام، ولم يكن تام الخبرة
    10 كيلوبايت (397 كلمة) - 04:06، 8 نوفمبر 2017
    10 محرم
    بن أبي شبيب الشاكري، من أصحاب الحسين. عبد الرحمن بن عقيل، ابن عم الحسين. عبد الله بن مسلم بن عقيل، أحد أصحاب الحسين. عبد الله الرضيع، طفل الحسين. علي
    8 كيلوبايت (667 كلمة) - 18:02، 12 أكتوبر 2017
    صلاح أبو سيف
    الفيلم الأجنبي جسر واترلو, وكان من بطولة عقيلة راتب وعماد حمدي ودولت أبيض. وفي العام 1950 عندما عاد صلاح أبو سيف من إيطاليا حيث كان يخرج النسخة العربية
    11 كيلوبايت (662 كلمة) - 10:20، 30 أكتوبر 2017
    أبو الأعلى المودودي
    1979م). - أبو الأعلى المودودي والصحوة الإسلامية: د.محمد عمارة (1407 هـ = 1987م). - من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة: المستشار عبد الله عقيل سليمان
    22 كيلوبايت (1,593 كلمة) - 12:41، 25 أكتوبر 2017
    أبو العتاهية
    الاخرة. ومن شعر الزهد: . توفي ابو العتاهية في بغداد، أختلف في سنة وفاته فقيل سنة 213هـ، 826، وقيل غير ذلك.
    9 كيلوبايت (365 كلمة) - 20:08، 11 نوفمبر 2017
    أبو سنان الخفاجي
    محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي، أبو محمد، ينتسب إلى بني خفاجة من بني حَزْن، وهم أولاد خفاجة بن عمرو بن عقيل، وهي قبيلة عربية تنتمي إلى عدنان. ولد
    5 كيلوبايت (463 كلمة) - 19:47، 28 سبتمبر 2017

نتائج من المشاريع الشقيقة

    سير أعلام النبلاء/أبو واقد الليثي
    الزبير وعبيد الله بن عتبة وبسر بن سعيد وأبو مرة مولى عقيل عداده في أهل المدينة وعاش خمسا وسبعين فيما قيل والظاهر أنه عاش نحوا من ثمانين سنة إن كان شهد
    من ويكي مصدر
    المفسرون من التابعين ومن توفي بعد المائة الأولى
    أبي جعفر سنة ست وثلاثين ومائة عمرو بن عبيد بن باب أبو عثمان الزاهد المتكلم المشهور مولى بني عقيل ثم آل عرادة ابن يربوع بن مالك ولد في ثمانين من الهجرة
    من ويكي الجامعة
    صهيب
    بن عبد عمرو بن عقيل، ويقال: طفيل بن عامر بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس بن زيد مناة بن النمر بن قاسط النمري، أبو يحيى وأمه من بني
    من ويكاموس
    الدولة الفاطمية
    محمود, وصلاح الدين. 40- ظهور علماء المدرسة الحنبلية السنية أمثال «أبو الوفاء بن عقيل وأبو الفرج بن الجوزي» وتفرغهم لتعليم الناس وتربيتهم, وكان لمدرسة أبي
    من ويكي الكتب
    علماء وسياسيون ومؤسسات خيرية في قوائم "الإرهاب الخليجية"
    الغني حسنين – مصري.  39. عاصم عبد الماجد محمد ماضي – مصري.  40. يحيى عقيل سالمان عقيل – مصري.  41. محمد حمادة السيد إبراهيم – مصري.  42. عبد الرحمن محمد
    من ويكي الأخبار



---------

22 يناير 2017 - 24 ربيع الآخر 1438
  اخر تعديل    17 نوفمبر 2017 - 28 صفر 1439هـ

"الظاهري" لـ"سبق": هذه حكايتي مع نجاة الصغيرة وتهديد الشيخ ابن باز.. وردّ الشيخ الشثري على مقابلة الموسيقار عبدالوهاب.. والحمد لله كُرّمت وأنا حي
شقران الرشيدي - الرياض
- لُعب علينا بالديمقراطية فليست من تراثنا ولا معطيات ديننا وهي شيء من "أنوثة" الغرب.
- أعتز وأفخر بتكريم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لي ومنحي وسام الملك عبدالعزيز.
- ولي العهد وولي ولي العهد دماء شابة على رأس القيادة السعودية لهم حق علينا أن ندعو لهم في السر والعلن.
- المرأة أدق من تربية الرجال في الصغر وأفضل.. فالأم تمنح من الأسرار ما قد يترفع عنه الرجال.
- التصوف بقُبحه انتشر.. ونفسي تتقزز من كلام الحبيب الجفري.. وهؤلاء "المغبرة" يُضربون بالنعل.
- اليهود ألصقوا الإرهاب بالمسلمين ولديهم القدرة على تضليل النصارى والوثنيين والعلمانيين.
- لا نحتاج السينما فهي مبثوثة في الآفاق وأصبحت في يدك "تشوفها" في أي محطة فضائية.
- أحب الشيخوخة وأطير فرحاً عندما يقول أولادي "جاء الشايب خرج الشايب".
- ما أسمج هذا العصر برغم النعمة والأمن.. فالكفرة القبيحون يتلمظون بالفاحشة ويفعلونها علناً ويغرقون في الشهوات.
- في حارة أم سليم بالرياض قبل 54 عاماً تزوجت مع والدي في ليلة واحدة.. أبي أخذ الأم وأنا قبلت بالبنت.


أجرى الحوار/ شقران الرشيدي- سبق- الرياض (تصوير/ عبدالله النحيط): يقول الأديب والباحث الشيخ محمد بن عمر العقيل- المعروف بأبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري- المختص بالقرآن وتفسيره وبعلم الحديث، والكلام والفلسفة، أنه يعتزّ ويفتخر بتكريم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز له، ومنحه وسام الملك عبدالعزيز، ويحمد الله أنه كُرّم وهو حي".

وأكد في حواره مع "سبق" أنه مرّ بتحولات علمية وفكرية جذرية سببها تقدم العمر، وتنامي الورع، والازدياد في العلم، وانعتق من الانغلاق التراثي، وسبح في التراث العالمي؛ لكنه ممسك بالثوابت، ويحمل معه من ضرورات الدين والفكر ما يكفي.

وأشار إلى أنه حالياً يحب الشيخوخة، وحين يقول أولاده "جاء الشايب خرج الشايب" يطير لذلك فرحاً؛ لأنه يحب أن يظل دائماً شيخاً بشرط ألا يدبّ دبيباً.

وأوضح ما يراه من سماجة العصر الحديث -برغم النعمة والأمن- بالغرق في الشهوات التي لا تقدم ولا تؤخر، والطمع، وتلمظ الكفرة القبيحين بالفاحشة، وفِعْلها علناً، وما يسمونه بالجنس الثالث.

مشيراً إلى أن دراسته عن المطربة نجاة الصغيرة قبل 40 عاماً لم تصده عن واجب، ولم توقعه في محرم؛ لكنها أغضبت الشيخ "بن باز".

هذا ويتناول الحوار عدداً من المحاور المهمة والمثيرة من حياته، الحافلة بالعطاء والإبداع فإلى تفاصيله..

** كُرّمْتَ من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، العام قبل الماضي ضِمن فعاليات مهرجان الجنادرية، ومُنِحْتَ وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، نظير ما قدّمته من أبحاث ومؤلفات ودراسات مهمة.. مثل هذا التكريم ماذا يعني لك؟

هذا أمر أعتز به وأفخر، ولله الحمد كُرّمت وأنا حي، وقد تَعَوّدنا أن مَن مات لا أحد يشعر به، ولكن لهذا التكريم أمور تتبعها، ولهذا الوسام الفخري أهميته بالنسبة لي، وأسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وولاة الأمر لما يحب ويرضى.

** بعد هذه التجربة الثقافية والإبداعية الحافلة التي قدّمتَ خلالها جهوداً كبيرة مخلصة للدين والوطن والمعرفة، أثريت بها المكتبة الإسلامية والأدبية، ليس على مستوى المملكة فحسب؛ بل الوطن العربي.. بِمَ تفخر؟

ليس فخراً؛ بل رجاء الرب أن يكون العمل مقبولاً، وأن يكون في ميزان أعمالي، وأن ينفعني الله به، وينفع ذريتي وإخواني المسلمين، ويجعله نافعاً حيث ما كان، والمسألة ليست فخراً؛ لكنها -كما قلت- الرجاء والقبول من الله سبحانه وتعالى، وهذا أهم شيء عندي.

** قلتَ: "ماتت والدتي مبكراً؛ فلم أنعم بتربية النساء"؛ فهل تربية النساء أفضل وأرقّ من تربية الرجال في الصغر؟

هي أدقّ من تربية الرجال في الصغر، ووالدتي توفيت وأنا في حدود 12 عاماً، أصيبت بمرض أرجو الله أن يكفّر عنها بسببه، والحمد لله على كل شيء، وما عشتُ في حضانتها؛ بل عشت في حضانة والدي رحمه الله، وكان بمثابة الوالد المربّي الذي على قلة ما في يده لم نفقد النعمة في بيوتنا، ولله الحمد، يأتي يحمل الأرزاق على رأسه ورقبته ليسعدنا وكأننا نعيش في بيوت ملوك؛ لكن تربية الوالدة "الأم" لها أثر؛ فلها 3 حقوق شرعية، والوالد له حق واحد، والأم تمنحك من الأسرار ما قد يترفع عنه الرجال؛ فتستفيد منها، وتتعلم.

** مررت بتحولات علمية وفكرية، ما أسباب هذه التحولات والمراجعات؟ هل بسبب التقدم في العمر أم توالي التجارب وتغير القناعات؟

هناك تحولات علمية وفكرية جذرية سبّبها تقدم العمر، وتنامي الورع والازدياد في العلم؛ فانعتقتُ من الانغلاق التراثي، وسبحتُ في التراث العالمي؛ ولكنني ممسك بالثوابت، وأحمل معي من ضرورات الدين والفكر ما يكفي، وأقدّر العلماء العبّاد في مواهبهم وورعهم وصدقهم، وكل هذه الأمور التي ذكرتها في خاطري، ودعني أذكر لك أنني تأسيت بكنيتي "الظاهري" من علماء أجلاء، والكنية محبوبة عند العرب، والآن أكملت 80 خريفاً، وبدأت في الـ81، والناس يهربون من إحصاء سنوات العمر، ويكرهون الشيخوخة؛ أما أنا فأحب الشيخوخة، وأولادي يقولون "جاء الشايب خرج الشايب"؛ فأطير لذلك فرحاً، لماذا؟ لأني أحب أن أظل دائماً شيخاً بشرط ألا أدب دبيباً، وألح في مسألة ربي سبحانه وتعالى أن يمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا، وأن نكون ممن طال عمره وحسُن عمله. وذكرياتي تكاد تفوق ذكريات الشيوخ. ولا أدري هل أنا شخت فعلاً أم أن ذاكرتي تتميز بالحيوية، والفضول معاً؟ لا أدري، أحببت الشيخوخة لأني منذ نشأت بصحبة الشيوخ، وبحرص من والدي رحمه الله تعالى، وجمهرة أصدقائي اليوم من الشيوخ الأموات؛ أناجي مؤلفاتهم وسير أخبارهم، وعندي من الأبناء الأحياء 27 ما بين ذكر وأنثى، والحفدة لا أكاد أحصيهم.

** قلتَ: "ما أسمج هذا العصر على الرغم من النعمة والأمن".. والسؤال: لماذا ترى العصر الحالي "سمجاً"؟

سماجة العصر الحديث بالغرق في الشهوات التي لا تقدم ولا تأخر، ولا أقصد بالشهوات شهوات القبح والباءة وغير هذا؛ بل شهوة الملابس، وشراء ما فوق الحاجة، والطمع.. الإنسان إذا أنعم الله عليه ببيت 400 متر مربع، مثلاً، وكان شيئاً عظيماً أول ما سكنه؛ أصبح يريد بيتاً بمساحة 1000 متر مربع. وإن حصل له 1000 متر مربع يريد 3000 متر مربع، وورد في المأثور: "لا يملأ جوف بن آدم إلا التراب" إلا مَن آمن وتاب. هذه هي السماجة في العصر، يضاف لها أشياء يفرح بها القلب؛ وهي التلاؤم مع البيئة والمجتمع، أنا جربت الأسفار؛ مرة أقول الحمد لله أنني لم أغادر بلدي، ومرة أخرى أقول الحمد لله أنني ما تركت بلداً إلا زرتها لأستفيد وأتعلم.. وفي أسفاري الكثيرة رأيت -ولا أقول من كفرة اليهود والنصارى ولكن أقول من الكفرة القبيحين- التلمظ بالفاحشة، وفعلها علناً، وعندهم ما يسمونه بالجنس الثالث؛ هذه الأمور تجعلني أمقت بلادهم، وأمقت قوة العصر. لكن عندما أخلو بنفسي أو أستقر في بلدي، واستمتع بما أنعم الله عليّ من رؤية فطرية حقيقية تأنس للحق وتفرح به، وأتذكر أفضال ربي عليّ؛ أشكرها واستمتع بها.

وأعظم نعمة هي الإسلام، والعيش في بلد مسلم يحفه الحرم المكي الشريف، ومسجد الرسول في المدينة المنورة، وندعو الله أن يعجّل بفرج المسلمين ليزورا المسجد الأقصى.

** وجود الدماء الشابة على رأس القيادة السعودية كولي العهد وولي ولي العهد ما هي انعكاساته السياسية؟

نرجو لهم التوفيق والسداد من الله سبحانه وتعالى، وهما اختيار حكيم، وهذا هو الجيل الثالث من آل سعود الذي يمارس مهمته، وليس على المواطنين إلا الدعاء لهم بالتوفيق، وأن يرزقهم الله بالبطانة الصالحة التي تُعينهم على نوائب الحق. والدعاء هو الأهم.. عندما تمدح أحد في الجريدة؛ ماذا يعمل المدح؟ الأفضل من هذا الدعاءُ الذي يتقبله الله سبحانه وتعالى؛ تدعو لهم في العلن والغيب. ولاة أمرنا سواء الملك سلمان أو ولي العهد محمد بن نايف، وولي ولي العهد محمد بن سلمان لهم حق علينا، ولا بد أن ندعو لهم في السر والعلن بقلوب صادقة أن يلهمهم تقواهم، وأن يزكيهم، وأن ينصرهم على عدونا وعدوهم.

** يدور الجدل حالياً بين مؤيد ومعارض حول وجود السينما في المجتمع السعودي، ما رأيك؟

والله أنا أتابع ذلك، والآفاق مبثوثة بالسينما تستطيع أن تراها وتتابعها في أي مكان ومنطقة، ولسنا بحاجة لها؛ ولكن ما يراه ولاة الأمر فيه بركة إن شاء الله. ونتمنى من الله أن يوفق، ولا يقصرنا وجود سينما أو غيرها، الآن السينما تصور واقع شيء غائب عنك، والواقع أصبح في يدك تشوفه في أي محطة فضائية.

** هل يمكن تحقيق الديمقراطية في المجتمعات العربية؟

لُعِب علينا بهذه الديمقراطية، الإنسان يتشرف بالعبودية لله، أنا أتشرف أني عبدلله سبحانه وتعالى، وأتشرف أني عبدالله في التكريم لا عبد للذلة، وأتشرف بحريتي من كل سواه من المخلوقات، أما الديمقراطية فليست من تراثنا ولا معطيات ديننا، والديمقراطية تعني التحرر من كل شيء؛ بشرط ألا تؤذي غيرك، وهي شيء من "أنوثة" الغرب في العصر الحالي. ومع هذا نحن غُزينا بها في ديارنا، ويتمتع بها حالياً الدول المتنفذة على وجه الأرض؛ أما الدول العربية والإسلامية "المساكين" المستضعفين؛ فهم آخر مَن يحلم بنعمة الديمقراطية لو كانت حقاً.

** كيف نفهم ما يجري في المنطقة هذه الأيام.. وهل هناك استهداف لأهل السنة في الشرق الأوسط؛ كما يتردد؟

نعم أهل السنة مستهدفون، وتم غزوهم من كل جانب؛ فعلى سبيل المثال التصوف بقبحه انتشر، ولما أقول بقبحه لا أعنى التزهد والتعفف؛ بل غيره.. والله إني وجدت في كلام من يسمى الحبيب الجفري شيئاً تتقزز منه النفس، قبح وشناعة، وآخر يرقص ويقول هذه عبادة الله. هؤلاء أنذر عنهم منذ زمن، ويسمون "المغبرة"، والإمام الشافعي يقول عنهم يُضربون بالنعل. وتحدثت عن ذلك في كتابي "لم الشبابة".

** يتساءل الكثيرون عن الذي حبّب الموت في بعض القلوب الغضة، لتفجر وتدمّر وتقتل باسم الإسلام؟

بداية الإرهاب من اليهود لعنهم الله، والله تعالى أخبرنا عنهم أنهم سيعلون في الأرض مرتين، وقال عن الثالثة {عسى ربكم أن يرحمكم}. وبيّن الله أنهم سوف يعودون، وأن عودتهم مشبوكة بأمرين؛ بحبل من الله، وبحبل من الناس.

حبل من الناس ما نشاهده الآن، كل العالم والقوى السياسية "مخنثة" لليهود، يحكمون النصارى والوثنيين والعلمانيين، ومن كل الأمم، وهذا حبل من الناس؛ أما حبل من الله؛ فقدة هيّأهم الله سبحانه وتعالى منذ أحاط بهم الغضب، وضُربت عليهم الذلة والمسكنة ليكونوا أقدر الناس على تضليل الناس، وأقدر الناس على الإفساد في الأرض، ومنحهم قدرة في كسب شيء كثير من العلم المادي الذي لم يجعله في يد المسلمين. والجميع يعرف دورهم في الحرب الكونية الأولى والثانية كيف كان مددهم في الألغام والأسلحة والتدمير، وهم حالياً لا يبالون بالمسلمين، ويكاشفونهم بالعداوة، ويبغضون النصارى بغضاً شديداً، ويحذرونهم ويكتمون ذلك. ولذا حوّلوا قدرتهم الكبيرة على التضليل للإرهاب بمختلف الطرق والسبل الماكرة، وسلّطوا كل هذا العداء على العالم الإسلامي والعربي الملتهب؛ ابتداء من ابتلاع العراق، وما يحدث في سوريا ولشعبها المسكين، وإلى مصر، وليبيا، وتونس، والجزائر، واليمن إلى الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وحزب الشيطان، وبعض دول الخليج العربي؛ ولكن الله سبحانه وتعالى حافظ السعودية من كل الأشرار.

** لم نعد نقرأ لك في الصحافة السعودية، هل هجرتها أم نحن الذين لم نعد نتابع؟

مقالاتي في الصحافة السعودية محافظ عليها جداً، وملتزم لجريدة "الجزيرة"، وهي جريدتي الأولى، لا أتركها، أكتب فيها أسبوعياً، وكذلك في "المجلة العربية"، ولي أيضاً في بعض المرات آفاق بعيدة أكتب مرة لـ"مجلة اليمامة"، وتارة لـ"الحياة" و"الشرق الأوسط"؛ لكنه قليل ختمته بجدل حول خلق القرآن الكريم، وفيه وقف معي ناس، وخالفني غيرهم ممن لم يفهموا ما قصدت. وأنا مستمر بالتأليف والتصحيح، ولديّ الأعمال الكاملة نعمل عليها حالياً، ستصدر قريباً في مجلدات لا يقل المجلد الواحد عن 500 صفحة من الحجم الكبير، وستُطبع في قطر.

** منذ أكثر من 4 عقود نشرت دراسة عن المطربة نجاة الصغيرة وأغانيها؛ فماذا كان دافعك لكتابة مثل هذه الدراسة، وهل لا تزال قناعاتك قائمة بالغناء والمغنين والمغنيات؟

هذه الدراسة كانت، وعمري في حدود خمسة وعشرين عاماً؛ إلا أن ذلك -بفضل الله- لم يصدني عن واجب، ولم يوقعني في محرم، وكنت وقتها رئيس تحرير مجلة "التوباد"، وكتبت عن "نجاة الصغيرة" ما لا يقل عن 70 صفحة؛ ولادتها، نشأتها، إخوانها الأشقاء وغير الأشقاء، الأغنيات متى سجّلتها، مَن هو الملحن، مَن غنى بها، وغير ذلك. وصار للدراسة صيت عظيم، و"طاروا" الناس بها، ناس يحبون الفن، وناس يحبون أيضاً أن "يهضموني" عند مشايخي، وبعد كتابة الدراسة، وفي مرة من المرات زرت الشيخ بن باز، رحمه الله وجعله في جنات النعيم، وكنت لم أزره منذ فترة، حضرت مجلسه وقبّلت رأسه، وعرّفت بنفسي، قال لي بصوت عالٍ: "هداك الله هداك الله ما أعظم مصيبتك عند الله، تكتب دراسة عن هذه المغنية الفاسقة نجاة الصغيرة 70 صفحة! ألا تخاف رب العالمين؟! لماذا لم تكتب عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وغيرها". قلت له: "يا شيخ النصيحة تهذيب لا تعذيب، وأكثر هؤلاء الجالسين في مجلسك منهم الذي يكرهني ومنهم الذي يتمنى لي الشر ومنهم ما يود لي إلا الخير ويتأسف على ما أنا عليه أمامك"؛ فرد علي: " هداك الله هداك الله.. تعاهدني ألا تعود لمثلها". قلت له: "أعاهدك ألا أكتب عن الغناء ولا المطربين والمغنيين".

** وهل أوفيت بعهدك له؟

 وفيت له إلا عام 1405هـ عندما دعاني الأمير بدر بن عبدالعزيز -رحمه الله- أنا والشيخ ناصر الشثري، والأديب حمد القاضي، لحضور مناسبة، وفيها قابلت الموسيقار المصري محمد عبدالوهاب في الحوية بالطائف، وأجريت معه حينها مقابلة صحفية نُشرت في مجلة الحرس الوطني على حلقتين. وقال الشيخ ناصر الشثري، وقتها: "والله ما يصلح لهذا (يقصد الموسيقار) إلا هذا (يقصدني أنا)". وكانت مقابلة أدبية، ولم أسأله عن الغناء ولم أحببه للناس.

** كنت مرافقاً مع الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، ما هي أبرز ذكرياتك معه؟

رحمه الله رحمة واسعة، انتشلني من الرف، وجعلني في صحبته ومرافقاً له، وكان يقدرني غاية التقدير، ويأنس بحديثي، ويحب المصارحة في الحديث. وهناك ذكريات كثيرة تحتاج إلى حلقات طويلة قد لا يسع المجال لذكرها.

** مَن الشخصية التي أثرت في حياتك بشكل كبير؟

من الشيوخ الذين أثّروا في حياتي كثيراً الشيخ صادق صديق أزهري من مصر نابغة في علمه، ولذاذة معشره رحمه الله ورضي عنه حياً وميتاً، ثم الشيخ صالح بن غصون رحمه الله، ثم الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن داوود رحمه الله، وأنا أكثر ملازمة له، والشيخ عبدالرازق عفيفي، وعمر المترك، وعبدالفتاح أبو غدة رحمهم الله؛ أما الإمام أبي محمد علي بن أحمد ابن حزم -وإن لم يحصل الوفاق معه في كل بل في أكثر مسائله- لأنه علمني حرية الفكر والتطلع إلى تنوع المعرفة، وأن أكون على سجيتي لا أبالي بنقد ناقد، كما حلّق بي في معارف معيارها الحق والخير، حلق بي في معارف معيارها الجمال.

** ماذا يعني لك لقب "الظاهري"؟ هل هو منهج فكري معين، أم أنه مجرد اسم أحببته؟

الظاهري ركن ركين، جناحاه العلم الحاذق بدلالة الخطاب، والمعرفة التي يحققها العقل؛ فما يدعى على الخطاب بما لا تدل عليه لغته، وما لا يدل عليه سياقه ببرهاني التصحيح والترجيح: كل ذلك ليس ظاهراً معرفياً.. وما لا يدل عليه العقل بخبراته الحسية يقيناً أو رجحاناً ليس ظاهراً معرفياً.

** هل تذكر موقفاً طريفاً لا يزال يضحكك؟

أذكر زواجي مع والدي في ليلة واحدة عام 1383هـ في حارة أم سليم بالرياض، أبي أخذ الأم وأنا قبلت بالبنت.

** ما هي أمنيتك التي لم تتحقق؟

أن أقضي بقية عمري في طيبة الطيبة المدينة المنورة، وأرجو أن أقضي بقية حياتي بها مع جميع أولادي، وأتمنى من الأمير خالد الفيصل أمير الشعر والأدب أن يحقق أمنيتي، وقد نظمت قصيدة بهذه المناسبة.

المصدر

-----------------------

“الظاهري”: نجاة أغضبت “بن باز”.. وتزوجت ووالدي من فتاة ووالدتها

 قال الأديب والباحث الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري ، إنه مر بالكثير من التحولات العلمية والفكرية خلال حياته، وذلك بفضل تقدم العمر وتنامي الورع والازدياد في العلم، حيث انعتق من الانغلاق التراثي، وسبح في التراث العالمي، ولكنه بالرغم من ذلك ممسك بالثوابت، ويحمل من ضرورات الدين والفكر ما يكفي. وأضاف “الظاهري”، خلال حواره الذي أجراه مع صحيفة “سبق”، أنه فيما يخص الجدل الدائر حول وجود السينما في المجتمع السعودي، فهي موجودة ونستطيع متابعتها في أي مكان ومنطقة، ولذا فنحن لسنا بحاجة إليها، فالسينما تصور واقع شيء غائب عنك، والواقع أصبح في يدك يمكنك رؤيته في أي محطة فضائية.

وفي جوابه على سؤال إمكانية تحقيق الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية، قال إن الديمقراطية ليست من تراثنا ولا معطيات ديننا، ويتمتع بها حاليا الدول المتنفذة على وجه الأرض، أما الدول العربية والإسلامية “المساكين” المستضعفين، فهم آخر من يحلم بنعمة الديمقراطية.
وفيما يخص الدراسة التي أجراها عن المطربة نجاة منذ سنوات، وهو في الـ25 من عمره، والتي تناولت ولادتها ونشأتها وأغنياتها وملحنيها، قال إنها لم تصده عن واجب، ولم توقعه في محرم، ولكنها أغضبت الشيخ “بن باز”، والذي قال له في أحد مجالسه “هداك الله هداك الله ما أعظم مصيبتك عند الله، تكتب دراسة عن هذه المغنية الفاسقة نجاة الصغيرة 70 صفحة! ألا تخاف رب العالمين؟.
وتابع أنه وعد “بن باز” بعدم الكتابة عن الغناء والمغنيين، وبالفعل عندما أجرى حوارا مع الفنان محمد عبد الوهاب، كانت مقابلة أدبية، ولم يسأله عن الغناء ولم يحببه للناس.
وعن أكثر المواقف المضحكة التي لم يستطع نسيانها، قال هو زواجه مع والده في ليلة واحدة وذلك عام 1383هـ، حيث تزوج بفتاه تزوج والده من والدتها.
وأشار إلى أن أمنيته التي لم تتحقق حتى الآن تتمثل في قضاءه الباقي من عمره مع أولاده في المدينة المنورة، ويتمنى من الأمير خالد الفيصل أمير الشعر والأدب أن يحقق أمنيته، لافتا إلى أنه قد نظم قصيدة بهذه المناسبة.

-
----------------------------------------
العلامة أبو عبد الرحمن الظاهري: منذ ثلاث سنوات طهرت بيتي من أشرطة الغناء والسينما والأفلام!
مواجهة - ساري محمد الزهراني
     في صحبة العلامة الكبير أبو عبدالرحمن ابن عقيل نغوص في ثنايا أعماقه الفكريّة، ونستقصي تجاربه الثريّة؛ بحثًا عن المطمور والمستور، فكان أن كشف لنا بصراحته المعهودة بعض الفريات التي راجت بين مجاليه.. فكذّب بعضها وصادق على البعض. ونحن إذا نواجهه كانت الصراحة هي العنوان الذي يتبدّى لنا؛ فنلقي السؤال، فيحضر من الضيف الجواب: غُرَّر به في شبابه وكهولته عندما أباح الغناء، و غلبه الهوى بالتّقصير في العبادة مع كثرة العبث والضّحك والسخرية، ولما قام بزيارة الفنانة الشهيرة نجاة الصغيرة عُجم عليه لسانه..وضاق نَفَسه، فتبدلت صورة الحب والهيام من لدن الشيخ إلى شيء آخر. مشيرًا إلى تعنيف الشيخ ابن باز – رحمه الله-، ولماذا قال له ابن باز حينها:" ما أعظم مصيبتك عند الله". وصافًا نفسه كبهيمة الأنعام يختطف منها الذئب فترتاع دقائق ثم تعود إلى المرعى، بحسب تعبيره-. مؤكدًا في ذات "المواجهة" أن سدُّ الذرائع مراعىً شرعاً؛ ولكنّه ليس من الذين يسدونها؛ وإنّما يقف دوره عند كشف المسدود منها.. فإلى سطور المواجهة في حلقتها الرابعة: نجاة الصغير لك موقف معروف من الغناء ذكرته من قبل؛ فهل لك كتاب ألّفته عن نجاة الصغيرة؟ - ذكرتُ في التباريح أو تباريح التباريح قصة بحثي (الغناء من الناحية الشرعية) الذي نشرتُ منه حلقات في جريدة الدعوة، ثم توقَّفت لما جاء الشيخ حمود التويجري، وعبدالعزيز الفريان رحمهما الله، وغيرهما إلى سماحة الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهم الله جميعاً مستغربين نشر مثل هذا البحث في جريدة الدعوة؛ فدعاني سماحته، ومع الأمر بالتوقف بالَغ في النصيحة، ورد عليَّ الشيخ التويجري رحمه الله بكتيِّبه (القول الجميل في الرد على ابن عقيل) كما سبق له تأليف كتابه (القول الصواب في الردِّ على أبي تراب) - كما رد على أبي تراب ردّْاً خطابياً غير علمي الأستاذ أحمد باشميل رحمه الله بكتاب عنوانه:(إسكات الرعاع في إباحة السماع)-، ورددتُ على الشيخ التويجري رحمه الله، ونشرتُ ما كتبته في الدعوة بكتابي (مسائل الأصحاب) بلا إضافة، ومنذ ثلاث سنوات طهَّرتُ بيتي من أشرطة الغناء والسينما والأفلام، بل أخرجت التلفاز من مكتبتي، وكنتُ سابقاً لا أتابع فيه إلا اللهو، ولكنني لا أستطيع البعد عن سماع الأخبار؛ فكنت أستمع إلى إذاعة القرآن في راديو صغير أضعه على ماصتي مدة جلوسي على مكتبي بصوت خافت حتى ألحظ ما يهمني فأرفع الراديو وأستمعه، ولم أستمع للغناء ألبتة، وأما (السماع وهو غير الاستماع) إذا عجزتُ عن مقاومته كأن أكون في ردهة فندق خارج المملكة فإنني أُقاومه بالاستغفار والتسبيح والتهليل بلساني أو بقلبي.. ولست اليوم أرى في الغناء لذة، وأما الغناء الشعبي بغير آلة فأسمعه في مناسبات، وأغنيه إذا أردتُ نظم شعر فصيح أو عامي؛ لإقامة الوزن؛ فاللحن اللعبوني مثالاً لا حصراً في قول ابن لعبون : مومناتٍ ما شباهنْ الدِّبَق ما فضى حِلاتهنْ كودَ البريق يقيم لك وزن الرمل؛ لأنك تُغنِّي بهذا اللحن شعراً عربياً مثل قول بشار : إن في برديَّ جسماً ناحلاً لو توكَّأتِ عليه لانهدمْ النطق الفصيح إلا أنك في الشعر الفصيح تحرص على النطق الفصيح الصحيح، وبهذا ظهر لي سرُّ الزحافات فقوله (توكأتِ) هو الصحيح لغةً، ثم يكون لك بالغناء ضرورة غنائية بإشباع التاء هكذا: (توكأتي).. وكل ما ذكرته لكم ليس بحولي ولا قوتي ولكنه إلجاء من ربي جل جلاله بهداية التوفيق والإعانة؛ فله الحمد والمنة، وعوضني ربي بهيام لا حدَّ له بسماع أصوات المقرئين المجوِّدين المجيدين، وآثرهم عندي محمد رفعت رحمه الله وجزاه الله عني خيراً مع علمي بتجاوزه في المدِّ؛ فلا أقلده إلا بمدٍّ بين حركتي أصبع أو أربع أو ست، وكان استماعي أكثر من تلاوتي؛ فيمضي يوم لم أقرأ أكثر من ربع حزب أو نصف حزب، ولكنني مع النشاط ومصابرتي للنفس الملولة الصادَّة عن الجد أقرأ هذا الكم قبل مباشرتي العمل على مكتبي، وربما كررت هذا الكم خمس مرات قبيل الصلاة أو بعدها.. وسرُّ تقليلي في التلاوة كثرة مشاغلي؛ فإن كنتُ في سفر تلوتُ كثيراً.. وسرٌّ آخر وهو أنني أحاول تطبيق التجويد، وكان نصيبي منه إلى الآن نزْراً، مع التدبُّر، وتسجيل ما أشكل عليَّ في التلاوة.. وسرٌّ ثالث وهو تثبيتي لما حفظته من القرآن الكريم، أو قيامي بحفظٍ جديد على مهل. غرَّر بي وغرَّر بي في شبابي وكهولتي عندما أبحتُ الغناء بإطلاق شُبَهٌ كثيرة منها إباحة الغناء من بعض العلماء، بل بعض العلماء ذوي الورع يُعلِّم الغناء كأبي يوسف يعقوب بن أبي سلمة الماجشون رحمه الله تعالى، وعفا عنه؛ فقد كان يُعلِّم الغناء، ويتخذ القيان.. قال الذهبي رحمه الله تعالى: (وأمره في ذلك ظاهر مع صدقه في الرواية)؛ بل قال مُصعب ابن الزبير: ( وكان الماجشون أوَّل من عَلَّم الغناء من أهل المروءة بالمدينة [المنورة])، وكان جليساً لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله؛ فلما تولى عمر الخلافة وفد عليه الماجشون؛ فقال عمر رحمهما الله تعالى: (إنا تركناك حين تركنا لبس الخز).. مات رحمه الله شاباً، ولو طال به العمر لظننت أنه يرجع عن ذلك.. ولقد تتبَّعتُ الرُّخَص وهي مُهْلِكة، ووثقتُ بإمامة أبي محمد ابن حزم رحمه الله ولا سيما أنه قال في كتابه (جامع الإيصال) فيما أظن- بعد تبحُّره في العلم- :(سماع الغناء حلال، وتركه أفضل)، ولم أُضَعِّف الحديث الصحيح الذي صححه العلماء عن قوم يُضرب فوق رؤوسهم بالمعازف، كما فعل أبو محمد رحمه الله، ولكنني تأوَّلت دلالَته بأن العقوبة المذكورة في الحديث الشريف ليست للغناء وحده، بل جريمتهم أكثر، وهي استحلالهم الخمر والزنا ولبس الحرير؛ فلما نوَّر الله بصيرتي علمتُ أن اختلافهم في غناءٍ غيرِ غناء العصر الحديث بما فيه من معازف متناوحة، وغمزٍ بالعين، وإثارة للغُدَد الجنسية، ووجود بعض التجديف في بعض الكلمات، أو التوسُّل غير المشروع بعبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، مع انحطاط أكثر الوسط الفني، واستباحة قبلة الأجنبية وما هو فوق القُبلة بدعوى التمثيل!!.. تجربتي الخاسئة وأيضاً أفادتني تجربتي الخاسئة في شبابي وكهولتي بجعلي الغناء غاية لا وسيلة؛ فلا أستغني عن سماعه يوماً، وأصرف وقتاً كثيراً في حفظ الكلمات والترسُّمِ للحن، وتسجيل ما يرد عليه من ملاحظات.. والغناء المباح - وفعل ما هو مستحب غير الغناء خير بلا ريب- ضيِّقُ النطاق بدون آلة، أو بالدفِّ في مناسبات معيَّنة، أو تحميس القوم في الحرب أو الحرفة الشاقة.. وأضرَّ بي ذلك كثيراً في قلة التلاوة إلا في أحيان أُكثر فيها التلاوة لتأثُّري بمعنى خطر لي في التلاوة أثار خشيتي، ثم أعود إلى التكاسل، وكنت كبهيمة الأنعام (وأعوذ بالله من مثل السوء) يختطف منها الذئب فترتاع دقائق ثم تعود إلى المرعى.. وأضرَّ بي أيضاً في الانصراف عن معاناة تطبيق التجويد، والتدبُّر؛ وتدوين ما أشكل؛ فكان حظي أجر التلاوة لمن يقرأ وهو عليه شاق، ونفعني الله بما في اليفاع من صحبة الوالد رحمه الله إلى المسجد والتلاوة، وكثرة ختمي للقرآن في شهر رمضان المبارك، ونفعني الله بإيمان راسخ بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره.. لم تتزحزح هذه العقيدة في منعطفات حياتي ولله الحمد والمنة، وكنت أخاف مقام ربي إذا عصيتُ؛ فأبادر إلى غسل ملابسي كلها والاستحمام بمبالغة في النظافة مع تجديد التوبة خوفاً من لقاء الله لا تأسُّفاً على دنيا لم أَنَلْها بعدُ.. اللهم لا تَخْترمني وأذكر مثالاً من أمثلة كثيرة أنني كنت منذ اثنين وثلاثين عاماً في السيارة ببغداد وإلى جانبي الأستاذ حمد القاضي، وكنا منهمكين في الحديث؛ فخطر لي خاطر؛ فظن أن النوم أخذني، وإنما رفعتُ رأسي إلى السماء بالاضطجاع أكرر ( اللهم لا تَخْترمني كافراً ولا فاسقاً.. وأعوذ بوجهك الكريم أن تقذفني في النار طرفة عين فإني عبدك الضعيف لا أقوى على ذلك، وأعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت بنوره السموات والأرض من كل ما يجلب مقتك وغضبك ومكرك وعقابك ـ وَمَنْ أَصَـرَّ على المعصية مع الاستغفار منها دخل في المكر بربه، والله خير الماكرين ـ ، ويا رب إن ذنوبي لو بلغت زبد البحر لا تساوي شيئاً بجانب عفوك ورحمتك.. ثم أتوسل إلى ربي بما منحنيه من إيمان وأشياء أخرى من العمل الصالح مُقِرّْاً بأن الفضل له وحده سبحانه).. وكلما أردتُ الاستراحة من الدعاء عجزتُ حتى انشرح صدري، وحصلت لي سكينة وطمأنينة.. ومع هذه الأفاويق يغلبني الهوى والشيطان لعنه الله بالتقصير في العبادة، ومواقعة ما يجر إلى أكبر من اللمم، مع كثرة العبث والضحك والسخرية، والوقوع في الغيبة . النغم الذي أحببته وماذا عني سؤالي شيخنا الكريم؟ وأما سؤالك عن الكتاب الذي ألفته عن نجاة فهو مختارات من ديواني (النغم الذي أحببته) وأظن أن ذلك قبل طبعه، مع صورة مهيِّجة، وترجمة ضافية، وسرد لأغانيها وتواريخها وملحنيها وأصحاب الكلمات، وقد نُشر بمجلة جمعية الثقافة والفنون، وقال لي سعادة الأستاذ محمد الشدي ( إنه عرض الموضوع على عالم نفسي؛ فقال: إن أبا عبدالرحمن عاشقٌ بجدٍّ لمن كتب لها الكتاب)، ولما شككتُ في أن أخي الأستاذ حمد القاضي حرسه الله وصَّله إليها، أرسلته لها مع متأدِّب مصري اسمه (علي الفقي ) مضيفاً إليه بعض مقالاتي الخاسئة عنها، ثم زرتها بصحبته في الزمالك أو أبو المعاطي أو العجوزة (نسيتُ لطول العهد، والحمد لله على هذا النسيان)؛ فجاءتنا بعد طول انتظار ولم يبد منها غير وجهها وعلى بعض رأسها طرحة قماش بيضاء شفافة، وقد بدتْ رقبتها وبعض صدرها، وهذا غاية الستر عند فنانات العصر.. ورحَّبتْ، وصرفتني إلى الحديث عن السعودية وأُدبائها، وقالت :(لولا أنني المعنيَّة لغنَّيت بعض الكلمات)، ولم أقل: (أنت غنيت (لا تكذبي) لِلْمُدَحدح العاشق عن سذاجة الشناوي، وأنت المعنيَّة بذلك)، وكان رحمه الله دميماً كبير البطن قصير الرقبة؛ فلما بلغ به الشوق مبلغه صرحت له بأنها تحبه لأدبه الجميل؛ فصدم بعدها.. لم أقل لها ذلك؛ لأنه عُجم على لساني، وضاق نَفَسي، وغصصتُ بريقي، وعَرِقْتُ، وصرتُ أثني أطراف أصابعي من غير وعي لشدة الخجل؛ فاستغربت هي ذلك؛ فلما خرجنا قال لي الفقي: (يخرب بيتك.. خجَّلتنا معها!).. وسرُّ هذه الانغماسة طلاقٌ تكرَّر اضطراراً لأول زوجة لي أُحبها حبّْاً شديداً، وعوضني الله بما هو خير في أواسط الكهولة؛ فَوَلَّد لي هذا هياماً وحبّْاً وهمياً، وتسلياتٍ بالتأوهات الساقطة في ألحان المغنين . تعنيف الشيخ ابن باز ولما علم سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله بنشر ذلك في مجلة الجمعية دعاني وعنفني، وقال: (ما أعظم مصيبتك عند الله؟!) وقوله يسمعه أناس يكرهونني؛ فقلت: (يا سماحة الشيخ أريدها نصيحة لا فضيحة، وتهذيباً لا تعذيباً)، وعاهدته على ترك هذه السفاهات؛ فدمعت عينه رحمه الله، وصار يفتل طرف غترته ويدعو لي.. وكلما صفا وضعي مع سماحته عكَّره تجاوزات لي في الكتابة عن الغناء، أو وشاية قوم يكذبون عليَّ والله حسيبهم، ولكن كتاباتي تلك دون السفاهة السالفة بكثير، ولما أراد سماحته الإذن لي بالدروس في المسجد والبيت أخذ عليَّ العهد بترك هذه السفاسف، وعدم تدريس الظاهرية؛ فالتزمت لسماحته باستثناء حلقتين نشرتا عام 1405هـ تقريباً في مجلة الحرس الوطني، وهما مقابلة مع الموسيقار محمد عبدالوهاب؛ فلما عاتبني اعتذرتُ بأشياء منها أن اللقاء أدبي، ولم ينل القناعة التامة، بل جَدَّد العهد معي، ، وكتبت له أطلب إبقائي على دروسي فجاءني خطاب سماحته لا يختلف عن الأول. يدعو لي ويشجعني ثم استصدر الدكتور عبدالعزيز المشعل خطاباً آخر من سماحته يدعو لي ويشجعني على الدرس، وأنا محتفظ به بلا ريب، ولكن أوراقي مبعثرة، ولم أحصل عليه الآن لأصوره .. ولقد كففتُ عن هذه الخزعبلات من ذلك الحين، وظلَّت كلمة سماحته رحمه الله (ما أعظم مصيبتك عند الله) وسماً في قلبي؛ فالحمد لله الذي فاء بي ولو على كِبَـر، وأسأله برحمته وقدرته أن يحسن خاتمتي؛ فإن الحيَّ لا تُؤمن عليه الفتنة.. ولا يزال يلازمني كثير من العبث والدعابة والمزاح الذي قد يتعدَّى اللمم؛ فأسأل الله لي ولسائر أحبائي وإخواني المسلمين أن يؤتي نفوسنا تقواها، وأن يزكيها هو خير من زكاها.. وأسأله برحمته وعفوه وكرمه وقدرته أن يحيينا حياة سعيدة مديدة تكسب عملاً صالحاً بالعلم النافع، والعمل به، وتعليمه، وأن يكون ذلك على درجة الإحسان والاستقامة الدائمة الجادة إلى أن نلقى ربنا: مشتاقين إلى لقائه، غير مستوحشين من ذنوبنا، واثقين بعفوه؛ فإن للمؤمن أكثر من بُشرى في حياته- ولا سيما خلال العبادة - تأتي بلمَّة ملك كريم؛ فينشرح الصدر. من الذي أحرقه؟ الديوان الذي ذكرته ( النغم الذي أحببتُه) من الذي أحرقه؟ - أرسله حمد القاضي وحمله علي الفقي ولكنني أحرقته في النهاية، وهذا من مراهقات الصبا، ومن الخطإ في التقسيمات؛ لأنني عندما قسمت نصوص الغناء غَلَب في ظني أنها على أربعة أقسام: إما نصٌّ قطعي الدلالة أو الثبوت على التحريم، وإما نص قطعي الدلالة والثبوت على الحل وهذا لم أجده، وإما نص قطعي الدلالة غير قطعي الثبوت على الحل أو التحريم وهذا لا عبرة به مثل أن الإنسان إذا غنى ركب فوق كتفيه شيطان فلا يزال يرفسه حتى يسكت، وهذا صريح الدلالة على التحريم، ولكنه ضعيف؛ فلا تقوم به حجة.. وإما قطعي الثبوت غير قطعي الدلالة مثل قوله تعالى: (ومِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)، وقد أقسم ابن مسعود رضي الله عنه على أن المراد الغناء وهو قطعي الثبوت؛ لأنه في القرآن الكريم المتواتر، لكنه ليس قطعي الدلالة.. وأما الديوان فقد أسلفت أن الذي أحرقه برغبتي هو الأستاذ عبدالعزيز الشبانات جزاه الله خيراً . وهل هذا الذي نهاك عن الغناء؟ - رحم الله والديكم أفضتُ كثيراً فيما سلف. قيل بأنك أهديت إحدى المغنيات سيارة من نوع فلوكسواجن.. فما صحة ذلك؟ - هذا من الأكاذيب.. ما وجدت سيارة أركبها حتى أهديها؟!. سدُّ الذرائع دعني شيخي الكريم أخرج من هذه القضية وسأل: هل تُعوِّل في إصدار الأحكام الشرعية على سد الذرائع، أو أنك ترى ما يراه ابن حزم عندما قال: إن الله لم ينزل به من سلطان؟ *سدُّ الذرائع مراعىً شرعاً، ولكننا لسنا الذين نسد الذريعة، وإنما نكتشف الذريعة المسدودة، والرسول صلى اله عليه وسلم قال: (الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس)، وفيه اللمم الذي قد يعفو الله عنه، وهناك بعض اللمم الذي قد يجرك بالتدريج إلى فاحشة كبرى؛ فإذا أوشكت أن تقع في الْحِمَى فهذه ذريعة للشر لا بد أن نسدها.. ولم نكتشف هذه الذريعة بالاجتهاد فقط؛ وإنما بحثِّ الشرع المطهر على اجتهاد دقيق، ونتبصر في المشتبه الذي يجرُّنا بغفلةٍ إلى الحمى.. أما أن يكون سد الذريعة اقتراحاً مني من غير تبصير شرعي فلا يجوز؛ ودين الله ليس بالاقتراح العقلي.. نحن نكتشف الذريعة في دين الله أو في الممارسة فنسدها. أَصَمَّ بها الآذان ثم اسمعوا هذه الكلمة الجميلة التي أَصَمَّ بها آذان ملوك الطوائف الصغار ـ وهم جُعْلان سلَّموا أمة الإسلام في الأندلس إلى النصارى؛ فتحوَّلتْ من دولة عربية مسلمة إلى دولة أجنبية كافرة، وإنا لله وإنا إليه راجعون ـ: ((وأما ما سألتم عنه من أمر هذه الفتنة، وملابسة الناس بها، مع ما ظهر من تربُّص بعضهم: فهذا أمر امتحنَّا به نسأل الله السلامة، وهي فتنة سوء أهلكت الأديان إلا من وقى الله تعالى من وجوه كثيرة يطول لها الخطاب؛ وعمدة ذلك أن كل مدبر مدينة أو حصن في شيء من أندلسنا هذه أولها عن آخرها: محارب لله تعالى ورسوله، وساع في الأرض بفساد.. والذي ترونه عياناً: من شنهم الغارات على أموال المسلمين من الرعية التي تكون في ملك من ضارهم، وإباحتهم لجندهم قطع الطريق على الجهة التي يقضون على أهلها.. ضاربون للمكوس والجزية على رقاب المسلمين، مسلطون لليهود على قوارع طرق المسلمين في أخذ الجزية والضريبة من أهل الإسلام، معتذرون بضرورة لا تبيح ما حرم الله؛ غرضهم فيها استدامة نفاذ أمرهم ونهيهم؛ فلا تغالطوا أنفسكم، ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه ( اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل الشر شرهم، الناصرون لهم على فسقهم)؛ فالمَخْلَص لنا فيها الإمساك للألسنة جملة واحدة إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذم جميعهم؛ فمن عجز منا عن ذلك رجوت أن تكون التَّقيَّة تسعه، وما أدري كيف هذا؛ فلو اجتمع كل من ينكر هذا بقلبه لما غُلِبُوا؛ فقد صحَّ عن النبي ^ أنه قال:(من رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، وجاء في بعض الأحاديث: ليس وراء ذلك من الإيمان شيء أو كما قال عليه السلام، وجاء في الأثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم :(لتأمرن بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليعمنَّكم الله بعذاب).. واعلموا رحمكم الله أن لا عذاب أشد من الفتنة في الدين.. قال تعالى:( والْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ)؛ فأما الغرض الذي لا يسع أحداً فيه تقية؛ فأن لا يعين ظالماً بيده ولا بلسانه، ولا أن يُزيِّن له فعله ويصوِّب شرَّه، ويعاديهم بنيته ولسانه عند من يأمنه على نفسه؛ فإن اضطر على دخول مجلس أحدهم؛ لضرورة حاجة، أو لدفع مظلمة عن نفسه أو عن مسلم، أو لإظهار حق يرجو إظهاره، أو الانتصاف من ظالم آخر كما قال تعالى: (وكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، أو لصداقة سالفة ـ فقد يصادق الإنسان المسلم اليهودي والنصراني لمعرفة تقدمت ـ أو لطلب يعانيه، أو لبعض ما شاء الله عز وجل: فلا يُزيِّن له شيئاً من أمره، ولا يعينه، ولا يمدحه على ما لا يجوز.. وإن أمكنه وعظه فليعظه، وإلا فليقصد إلى ما له قصد غير مصوِّب له شيئاً من معاصيه؛ فإن فعل فهو مثله.. قال الله تعالى:(ولا تَرْكَنُوا إلَى الَذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ومَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) وفي هذا كفاية.. وجه السلامة وأما ما سألتم عنه من وجه السلامة في المطعم والملبس والمكسب: فهيهات أيها الأخوة؟!..إن هذا لمن أصعب ما بحثتم عنه، وأوجعه للقلوب، وآلمه للنفوس.. وجوابكم في هذا: أن الطريق ههنا طريقان: طريق الورع؛ فمن سلكه فالأمر والله ضيِّق حرج، وبرهان ذلك: أني لا أعلم لا أنا ولا غيري بالأندلس درهماً حلالاً، ولا ديناراً طيباً يُقطع على أنه حلال.. حاشا ما يستخرج من وادي لاردة من ذهب؛ فإن الذي ينزل منه في أيديهم، [يعني أيدي المستخرجين له بعد ما يؤخذ منهم ظلماً] فهو كماء النهر في الحل والطيب.. حتى إذا ضُربت الدراهم، وسبكت الدنانير: فاعلموا أنها تقع في أيدي الرعية فيما يبتغونه من الناس من الأقوات التي لا تؤخذ إلا منهم، ولا توجد إلا عندهم من الدقيق والقمح والشعير والفول والحمص والعدس واللوبيا والزيت والزيتون والملح والتين والزبيب والخل وأنواع الفواكه والكتان والقطن والصوف والغنم والألبان والجبن والسمن والزبد والعشب والحطب؛ فهذه الأشياء لا بد من ابتياعها من الرعية عُمَّار الأرض وفلاحيها ضرورة؛ فما هو إلا أن يقع الدرهم في أيديهم فما يستقر حتى يؤدوه بالعنف ظلماً وعدواناً بقطيع مضروب على جماجمهم كجزية اليهود والنصارى؛ فيحصل ذلك المال المأخوذ منهم بغير حقٍّ عند المتغلب عليهم وقد صار ناراً؛ فيعطيه لمن اختصه لنفسه من الجند الذين استظهر بهم على تقوية أمره وتمشية دولته، والقمع لمن خالفه والغارة على رعية من خرج من طاعته أو رعية من دعاه إلى طاعته؛ فيتضاعف حر النار؛ فيعامل بها الجندُ التجار والصناع؛ فحصل بأيدي التجار عقارب وحيات وأفاعي.. ويبتاع بها التجار من الرعية؛ فهكذا الدنانير والدراهم كما ترون عياناً دواليب تستدير في نار جهنم.. هذا ما لا مدفع فيه لأحد، ومن أنكر ما قلنا بلسانه فحسبه قلبه يعرفه معرفة ضرورية كعلمه أن دون غدٍ اليوم؛ فإذا فاتنا الخلاص فلا يفوتنا الاعتراف والندم والاستغفار، ولا نجمع ذنبين ـ ذنب المعصية وذنب استحلالها ـ ؛ فيجمع الله لنا خزيين وضِعْفَين من العذاب نعوذ بالله من ذلك، ولنكن كما قال تعالى: (والَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ومَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ اللَّهُ ولَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وهُمْ يَعْلَمُونَ).. هذا مع ما لم نزل نسمعه سماع استفاضة توجب العلم الضروري أن الأندلس لم تُخَمَّسْ وتقسم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فتح، ولا استطيبت أنفس المستفتحين، وأقرت لجميع المسلمين كما فعل عمر رضي الله عنه فيما فتح، ولكن نفذ الحكم فيها بأن لكل يد ما أخذت، ووقعت فيها غلبة بعد غلبة، ثم دخل البربر والأفارقة والمصريون فغلبوا على كثير [من القرى دون قسمة]، ثم دخل الشاميون في طالعة بَلج بن بشر بن عياض القشيري فأخرجوا أكثر العرب والبربر المعروفين بالبلديين عما كان بأيديهم كما ترون الآن من فعل البربر ولا فرق.. وقد فشا في المواشي ما ترون من الغارات، و [في] ثمار الزيتون ما تشاهدون من استيلاء البربر والمتغلبين على ما بأيديهم إلا القليل التافه، ومشى في بلاد المتغلبين يقيناً العرى الحالسة ظلم بظلم.. وهذا باب الورع وقد أعلمتكم أنه ضيق.. وأما الباب الثاني فهو باب قبول المتشابه، وهو في غير زماننا هذا باب جيد؛ لأنه لا يؤثم صاحبه، ولا يؤجر، وليس على الناس أن يتجنَّوا على أصول ما يحتاجون إليه في أقواتهم ومكاسبهم إذا كان الأغلب هو الحلال وكان الحرام مغموراً.. وأما في زماننا هذا وبلادنا هذه فإنما هو باب: أغلق عينيك، واضرب بيديك، ولك ما خرج إما تمرة وإما جمرة.. وإنما فرقت بين زماننا هذا والزمان الذي قبله؛ لأن الغارات في أيام الهدنة لم تكن غالباً ظاهرة كما هي اليوم، والمغارم التي كان يقبضها السلاطين فإنما كانت على الأرضين خاصة؛ فكانت تقرب مما فرض عمر رضي الله عنه على الأرض..
المصدر

----------


   شيخ سعودي سلفي ينتصر للمطربة المصرية نجاة الصغيرة إزاء المطربة اللبنانية فيروز !!! 
  "  نواح القميري.. لتطريب السديري  "  للشيخ أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري - تجاوز الله عنه

مقدمة للإيضاحات :
" نواح القميري .. لتطريب السديري " مقال عمره اليوم اربعين سنة و قد نشر في 8 أغسطس 1973 في جريدة الجزيرة السعودية ، عدد رقم 671 .
   كاتبه هو عالم دين سعودي موسوعي أسمه أبو عبد الرحمن إبن عقيل الظاهري ، و الظاهري هي نسبة مذهب لا عائلة حيث ينتمي الشيخ إلى مذهب الإمام إبن حزم الظاهري .
  " القميري " في الشطر الأول من العنوان المسجوع ، هو طائر في حجم الحمامة ، و هو المفضل عند الصيادين السعوديين . أما السديري الوارد في الشطر الثاني للعنوان المسجوع ، فالمقصود به الكاتب مشعل السديري . فالكاتب السديري في الوقت الذي نشر فيه المقال كان ينتصر هو وصديقه الشاعر سعد الحميدين لصوت المطربة فيروز و غظا من صوت المطربة نجاة الصغيرة . و الشيخ أبو عبد الرحمن معروف عنه أنه مولع بصوتها هو وصديقه الأديب محمد القاضي . و قد أسسا في تلك الفترة جمعية تنتصر لنجاة الصغبرة أسموها جمعبة أم الوليد  ( كنية نجاة الصغيرة ) ، كما أن الشيخ الظاهري أهدى ديوانا شعريا له لأم الوليد - نجاة , و هذا الديوان لا يحبذ الشيخ الظاهري إعادة نشره مع بعضا من كتبه التي يعزى أنها تنتمي إلى فترة فسقه . ومشهور عنه ربط توقيعه بجملة ، " تجاوز الله عنه " . 
    ثمة ملاحظة أن الشيخ ، تجاوز الله عنه ، أخطأ حين لقّب فيروز بالشحرورة ،إذ اللقب للمطربة اللبنانية صباح . وفيما يلي نص مقالة الشيخ ، تجاوز الله عنه و عفا عنّا .

                                                                  فاروق عيتاني ( عفا الله عنا وعن                                                                          المحرضين و عن القراء  )
---------------------------------------------------------------------------------




                             
نواح القميري.. لتطريب السديري 

لا أنا.. ولا أنت.. (ولا حد تاني) - أيها المخملي - يستطيع أن يفرض ذوقه على الآخرين: ولا أنا.. ولا أنت.. ولا غيرنا - أيها المخملي - يستطيع أن ينتزع مجثم الإعجاب في ذوق الآخرين: إذا كان ينبعث من عاطفة صادقة.. وشفافية حادة.. وكان الآخرون في مستوى هذه الحدة والشفافية:
وإن تعصبتما - أنت وابن الحميدين - للشحرورة المسيحية الناحلة.. وتغلبتما على زميلنا في فرقة الموسيقى الوليدية (حمد القاضي) وافحمتماه بالجدل فدونكما عضبا حزميا: يرد الحق إلى نصابه وأنا أيها المخمليان لا أخالفكما فيما تذكرانه من ميزة لشحرورة المخمل.
ولكنني أرفض بإطلاق: أن تكون هذه الميزة تسمق بها إلى ذروة هذا الطابور:
بنت إبراهيم - أم الوليد - بنت أحمد - شادية!!
بل ربما كنت أكثر منكما إنصافا لشحرورتكم.. فأقول:
إن الصوت الفيروزي حكر للميلودي الرحباني.. وعاصي رحباني يتولى توزيع لحنه بنفسه.. كما أن موسيقاه تتميز بالإيقاع السريع.. وهو بعيد عن إيقاعنا الشرقي!؟
وهو جد مناسب للنفس الفيروزي القصير!؟
كما أن الإيقاع الرحباني يذوب في الميلودي.. فلا تحس بانفصال اللحن عن الإيقاع.
وتتضح لك هذه الظاهرة بالمقارنة بين إيقاع (عم بتضوي الشمس) وبين إيقاع بليغ حمدي في (بلاش تفارق).
وستجد أن الإيقاع الثاني يكاد يكون كياناً مستقلاً منفصلاً عن اللحن.
ويحتم هذه الظاهرة الموضوعات التي تغني لها فيروز.
فلتكن الموسيقى الرحبانية أول ميزة للحن الفيروزي.. وهي ميزة لا أنازعكما فيها أيها المخمليان.
ولكن لا بد من ملاحظة أمرين:
أولهما: إن هذه الميزة برهان على المقدرة الرحبانية وليست برهاناً على أحقية الصوت الفيروزي بالتفصيل.
وثانيهما: إن هذه الميزة تسمق بفيروز إلى الذرى في أغاني الدبكة.. ولكنها لا تتفيأ بها المجال الأرحب في مجالات الفن!.
والميزة الثانية لمخمليتكم: إنها نبرة أمينة للطابع اللبناني.. فتجد هذه النداءات:
أوف - يابا - يوما - عا الهوب... إلخ.
ولا يُلام اللبناني إذا تهالك في الصوت الفيروزي - بحكم أنها طابع أمين لفن بلاده.
فإن كنتما - أيها المخمليان - من أصقاب (الشتى) و(الدنى) فلا لوم عليكما!!.
والميزة الثالثة لمخمليتكم: إنها تغرد الاخضرار والربيع وخطى القرية ورقصة الفرح وشعاع القمر .. إلا أن هذا التغريد يعني الأغراض التي يشدو لها صوت فيروز.
فالإعجاب بصوت فيروز - لهذه الأغراض إعجاب بالغرض.. وليس في هذا الإعجاب أدنى ميزة للصوت وقدرته بإطلاق.
ولكننا نقول: إن فيروز أفضل من يغني للدبكة والقمر والربيع والمخمل!
والميزة الرابعة لمخمليتكم: أنها لا تشدو بهجر ولا فحش.. وليس في صوتها فسق كما هو في (غلطان في النمرة) أو (حسونة أنا زيك غاوية) لأم هويدى؟؟؟!
إلا أن هذه الميزة تهم صاحب الأخلاق - لأجل الأخلاق - بغض النظر عن القدرة الغنائية.. وهي بيت القصيد!!
إلا أن دافئتنا - أيها المخمليان - تشارك مخمليتكم في هذه الميزة.. وإن كانت أوشكت أن تهفو في قصيدة (ماذا أقول له) وقصيدة (وكم تمنيت لو للرقص... إلخ) وكلاهما لنزار..
والميزة الرابعة لمخمليتكم أن نبرتها تخرج من الحنجرة لا من الأنف كما هو عند العرب والفرس والترك.
والغناء من الحنجرة يعني اكتمال النبرة وتمكنها فتأخذ مأخذها اللطيف من الأذن.
ولو تميزت ذات المخمل بهذه الميزة وحدها لأعلنا انهزامنا.
بيد أن أم الوليد أقدر من فيروز على الغناء من الحنجرة.. ولا تجدها تغني من الأنف إلا في المواقف الحزينة.. ونحن نعرف أن الحزن مخرجه من الأنف..
فصح بكل هذا أن لفيروز ميزات.. إلا أن هذه الميزات لا تعني أفضلية فيروز في جميع الأحوال، ولا في أكثر الأحوال.
وذلك:
إما لأن هذه الميزة ظاهرة في مقدرة الموسيقى الرحبانية لا في الصوت الفيروزي.
وإما لأنها تعني أفضلية الصوت الفيروزي في غرض معين.
وإما لأنها تتعلق بغير القدرة الفنية كالأخلاق.. وأما لأنها تتعلق بالمقدرة الفنية ولكنها لا تختص بها دون أم الوليد.
وأهمس في أذن المخمليين - ابن السدارى وابن الحميدين - بأن أبا عبد الرحمن ليس إمعة في ذوقه..
ولم يقل قط ما قاله جوليوس في كتابه (الفيلسوف وفن الموسيقى).
(إنني أحب ما أحب ولا أعبأ بمعرفة السبب).. على أن ذلك فلسفة للموسيقى.. بل إنني لأرفض تعطيل التأمل الباطني والحس الوجداني.
أما الأخوان - القاضي والباحسين - وهما من أنصار الهديل الدافئ فلهما قمري سينوح من عذبة هذا القلم الشرود بحول الله فإلى اللقاء.
المخلص/أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري - تجاوز الله عنه -
تم النشر قبل بواسطة Farouk NI




.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

رجوع ابي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري عن رأيه في السماع

أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري: العلماء لا يملكون القدرة على مواجهة الملاحدة


--

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..