أما بعد:
فإن الأمور العامة التي تهم الأمة كلها مرجعها إلى ولاة الأمر من العلماء والأمراء، كما أدَّب الله عباده بهذا الأدب الرفيع في قوله تعالى:
﴿وَإِذا جاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذاعوا بِهِ وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطانَ إِلّا قَليلًا﴾ [النساء: ٨٣]
فالواجب في مثل هذه الأمور الرجوع إلى ولاة الأمر ولهم في ذلك السمع والطاعة في غير معصية الله.
ومن ذلك حكم صلاة العيد في البيوت في هذا الوقت مع استمرار جائحة كورونا، فقد أفتى سماحة شيخنا العلامة مفتى عام المملكة بأن تصلى في البيوت.
وليس من العلم في شيء ولا من الأدب العلمي في شيء أن تنشر الأقوال المخالفة لفتوى سماحة المفتي، فإن هذا نوعٌ من الافتيات على ولاة الأمور، وفيه تشتيت للناس، وتضييع لاجتماعهم.
فالاجتماع على قول معتبر رحمة، والتفرق على الأقوال في الأمور العامة فتنة.
والواجب على الجميع إما نشر فتوى سماحة المفتي وما يؤيدها، أو السكوت وكل يحتفظ برأيه لنفسه، فالمجال ليس مجال عرض ونقد وتقرير.
ولذلك من عهد الصحابة وأهل السنة على هذا المنهج القويم، والمسلك السديد، الذي به اجتماع الكلمة، ونبذ الفرقة.
ومن ذلك ما حصل في الحج عندما صلى عثمان - رضي الله عنه - بمنى أربعًا، تابعه الناس ومنهم الصحابة، وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - معهم وكان يود أن تكون الصلاة ركعتين ولكنه تابع عثمان - رضي الله عنه - لأنه أمير المؤمنين، وعندما سُئل عن متابعته له مع كراهته ذلك قال: *الْخِلَافُ شَرٌّ.*
رواه أبو داود وأصله في الصحيحين.
فكيف بهذه المسألة الاجتهادية التي تحتملها الأدلة، ولعلمائنا سلف، ولهم أدلة.
وهذه فتوى سماحة شيخنا العلامة مفتى عام المملكة بالتفصيل والدليل:
ومن نماذج الأدب العلمي، في هذه النازلة التي ينبغي التأدب بها، ما فعل إمامنا المقدم، وشيخنا المعتبر: الشيخ العلامة صالح الفوزان فقد أحال على فتوى سماحة المفتي في هذه المسألة.
وهذا أدب لمن يخالف الفتوى وينشر الآراء
فقد نقل الشيخ الدكتور محمد الفريح عن شيخنا العلامة صالح الفوزان - حفظه الله - فقال:
سألت شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه الله اليوم عن صلاة العيد بالبيوت بسبب هذه الجائحة؟
فقال: نعم تصلى بالبيوت، وقد أفتى بذلك المفتي العام.
فقلت: على الصفة التي تكون في المصلى؟
قال: نعم.
وخلاصة القول: نشر فتوى المفتي هو المتعين، لاجتماع الكلمة ونبذ الفرقة،
وطاعةً لله ورسوله، ومن خالف فليحتفظ لنفسه برأيه، وليحفظ الناس من الفرقة والخلاف.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
🖊كتبه: مبارك بن خليفة بن محمد العساف.
ليلة ٢٦ رمضان ١٤٤١هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..