تشير الاحصائيات الى انتشار ظاهرة التوسع باستخدام المبيدات الكيمياوية مؤخرا وذلك بهدف زيادة انتاج المحاصيل الزراعية على اثر زيادة عدد سكان الارض ما يتطلب مضاعفة توفير الغذاء وكذلك حماية الانسان من الآفات الضارة التي تهدد حياته ومستقبله والسعي لمكافحتها وفوائد اخرى كثيرة لا حصر لها اذ لا يمكن ان نغفل الدور المهم والايجابي لتلك المواد بهذا الخصوص وعلى النقيض من ذلك فقد احدثت تأثيرات جانبية خطيرة في الصحة والبيئة جراء سوء تنظيم استخدامها.
الدكتور عبد الكريم جواد علي في المركز الوطني للسيطرة على المبيدات بوزارة الزراعة يقول:ان التوسع في مكافحة الآفات باستخدام المبيدات دعا البعض للقول ان تلك المواد زادت من حجم المشاكل التي كانت من المفروض ان تحلها نهائيا لصالح الانسان ومن هذا المنطلق يجب ان يحدد الاختصاصيون في مجال مكافحة الآفات فلسفة خاصة تعتمد على اعتبارات عديدة تتمثل بالنواحي الاقتصادية والصحية والبيئية لاستخدام المبيدات فما زال هناك سؤال مطروح امام المهتمين بغذاء وكساء وصحة الانسان وحيواناته المستأنسة على حد سواء بخصوص استخدام او عدم استخدام المبيدات على اختلاف انواعها


*ماهو التطور التاريخي لاستخدام المبيدات في مكافحة الآفات؟

- في اول الامر اود القول ان العالم Conway عرف في عام 1968 الآفة Pest بأنها عبارة عن كائن حي يسبب اضرارا للإنسان وممتلكاته . وتسبب هذه الاضرار نقصا في قيمة وكمية مصادر ومقومات حياة الانسان المهمة نتيجة للتأثير على انتاجية ونوعية المحاصيل المختلفة والمواد الغذائية , وذلك من خلال نقل مسببات الامراض او احلال خلل في النظام البيئي وتشمل الآفات مدى واسعا من الكائنات الحية فهي تشمل الحشرات Insects , والحلم Mites والنيماتودا Nematodes والفطريات Fungi , والبكتريا Bacteria , والفيروسات Viruses , والحشائش Weeds والقوارض Rodents وغيرها من الآفات اذ تسبب الآفات خسائركبيرة للمحاصيل الزراعية اذ بلغت حوالي 50% وفقا للبيانات التي نشرتها منظمة الاغذية والزراعة FAO عام 1967 .وتعتبر الحشرات من اخطر انواع الآفات فقد سجل منها حوالي 10000 نوع كآفات مهمة على المحاصيل , والحيوانات النافعة والإنسان والمنتجات المخزونة ومنها حوالي 500 – 700 نوع تعتبر من الآفات الحشرية الخطيرة ايضا يوجد حوالي 30000 نوع من النباتات تندرج تحت الحشائش فمنها حوالي 1800 نوع تسبب اضرار اقتصادية مهمة وخطيرة ضد المحاصيل الزراعية وقد بلغت الامراض النباتية المسجلة في الولايات المتحدة الاميركية حوالي 100000 مرض معد للنباتات تسبب بواسطة 15000 نوع من الفطريات و 8000 نوع من النيماتودا , و 250 نوعا من الفيروسات و 160 نوعا من البكتريا اما مبيد الآفاتPesticide فيمكن تعريفه بأنه مادة او خليط من مواد كيميائية تستعمل لقتل الآفات بغية التقليل من الاضرار الاقتصادية التي تسببها الحشرات والفطريات ونباتات الادغال والنيماتودا والحلم وغيرها من الكائنات الضارة اثناء الزراعة والنقل او الخزن، كذلك قد يستعمل لمكافحة الحشرات الناقلة للامراض المختلفة في الانسان والحيوان، وبخصوص التطور التاريخي لاستعمال المبيدات في مكافحة الآفات فقد استخدم السومريون عام 2500 قبل الميلاد مركبات الكبريت الطبيعية لمكافحة الحشرات والحلم وفي عام 1500 قبل الميلاد استخرج الصينيون المبيدات الحشرية من مصادر نباتية وفي عام 300 م دخلت طرق مكافحة الحشرات من خلال مزارع المفترسات حيث اطلق نوع من النمل المفترس على الخنافس الثاقبة لأشجار الفاكهة وكانت اول طريقة لمكافحة الحشائش عام 6000 – 5000 قبل الميلاد حيث قام الانسان بالتخلص منها عن طريق جمعها يدويا ( المكافحة الفيزيائية ) وفي عام 900 م استخدم الصينيون الزرنيخ كمبيد وفي عام 1800 م استخدم البرثرينات في القوقاز وفي عام 1874 تم تخليق مبيد ال D.D.T بواسطة العالم زيدلر.وفي عام 1932 تم انتاج بروميد المثيل في فرنسا وفي عام 1941 تم تخليق ال 2.4 D في اميركا وفي عام 1944 اكتشف الباراثيون بواسطة العالم شرايدر وفي عام 1945 استعمل الكلوردين في المانيا واميركا.

الثورة الخضراء

*هل يمكن حصرالفوائد والمنافع من استعمال تلك المواد الكيمياوية ؟
- لعبت المبيدات العضوية دورا هائلا في الثورة الزراعية الخضراء التي عمت اجزاء كثيرة من العالم حيث ساعدت في القضاء على كثير من الآفات الزراعية, ما ادى الى ظهور اصناف جديدة من المحاصيل الانتاجية العالية (مثل القمح والرز والذرة) وغيرها من المحاصيل الغذائية.كما لعبت المبيدات الكيميائية دورا كبيرا في مجال الصحة العامة في القضاء على الحشرات الناقلة لمسببات بعض امراض الانسان والحيوان وهنا تجدر الاشارة الى دور مبيد الD.D.T في القضاء على البعوض الناقل لطفيلي الملاريا .

حيث ان الاصابات السنوية لمرض الملاريا يتجاوز 12 مليون نسمة يموت منهم 3 ملايين , وبعد استعمال هذا المبيد انخفض الرقم الى 5 ملايين مصاب ويموت منهم مليون فقط بالاضافة الى ان المبيدات تؤدي دورا رئيسا في مضاعفة توفير الغذاء بدون زيادة المساحة الزراعية حيث تشير الدراسات والتقارير من منظمة الاغذية والزراعة الدولية FAO الى زيادة انتاج المحاصيل في الولايات المتحدة نتيجة استخدام المبيدات وقد بلغت الزيادة في القطن 100%و البطاطا 35 % والبصل 120 % والتبغ 120 % والبرسيم 160 % وهذه الارقام تساعدنا على فهم موضوع استهلاك المبيدات في الولايات المتحدة الذي يتراوح بين 30 – 50 % من الانتاج العالمي الى جانب ذلك تشير الاحصائيات الى ان المبيعات العالمية من المبيدات بلغت حوالى 38 مليار دولار عام 1995 حيث بلغت الكمية اكثر من 3ملايين طن موزعةما بين مبيدات ادغال 43 % ومبيدات حشرية 33% ومبيدات فطرية 17 % و مبيدات صحة عامة 7% وهذه الزيادة المستمرة في انتاج المبيدات ترجع الى زيادة الطلب على الغذاء نتيجة الزيادة في السكان , وتؤكد التوقعات المستقبلية الى ان استعمال المبيدات في المستقبل سوف يتضاعف وخصوصا في الدول النامية كذلك فانه لايقتصر تأثير المبيدات على زيادة الانتاج فحسب ولكن يمتد الى تحسين نوعية وصفات المحصول المعامل بها . ايضا استعمال المبيدات يساعد على زيادة الانتاجية في الدونم الواحد وهذا ما حصل في السودان والولايات المتحدة من زيادة في انتاجية القطن للدونم الواحد الى الضعف تقريبا نتيجة استخدام المبيدات كما تعتبر المبيدات جزءا مكملا للإنتاج الزراعي أذ تساعد في زيادة انتاج الغذاء وتشارك في حماية صحة الانسان والحيوان وتساعد في تحسين ظروف الحياة بشكل عام.

لجنة وطنية

*اذن بماذا تعلل اتساع مخاطر المبيدات ؟ وهل من حل محلي؟

- ان استعمال المبيدات الكيميائية بشكل خاطئ وبدون مبرر ساعد على زيادة اضرار الآفات التي كانت تعد ثانوية والى ظهور مقاومة ضد فعلها كما ساعد على اعادة الاصابة بالآفة المستهدفة بشكل وبائي بسبب تأثير المبيد على الاعداء الحيوية اذ ان من الاضرار الرئيسة التي تسببها المبيدات السمية ( باعتبار المبيدات الكيميائية مواد سامة ) وهذه تقسم الى السمية الحادةAcute Toxicity و السمية المزمنة Chronic Toxicity انها تعمل على زيادة احتمالية اصابة العاملين في مصانع المبيدات بأمراض خطيرة وكذلك القائمين بتطبيق ( رش ) هذه المبيدات في الحقول كما ان .متبقيات بعض انواع المبيدات تسبب خطورة كبيرة بحيث تتركز في الانسجة الدهنية لجسم الانسان ( مركبات الكلور العضوية ) وبعض انواع المبيدات لها تأتير على الجينات Genotoxic ولذلك فان لحل تلك المشكلة محليا فقد تأسست في العراق اللجنة الوطنية لتسجيل واعتماد المبيدات عام 1999 برئاسة وكيل وزارة الزراعة وعضوية ممثل من الوزارات التالية :- ممثل وزارة الصناعة وممثل وزارة الصحة و ممثل وزارة التعليم العالي وممثل وزارة الداخلية، يتمثل نشاط اللجنة الوطنية لتسجيل واعتماد المبيدات من خلال حصر تداول المبيدات في العراق للمبيدات التي تثبت الاختبارات الحقلية و المختبرية نجاحها في ظروف البلد.

اختبارات حقلية

*كيف تتم آلية تسجيل المبيدات ؟ وأين تكمن الغاية من عملية التسجيل هذه؟

- تقدم الشركة المنتجة للمبيد طلب الى اللجنة يتضمن رغبتها بتسجيل مبيدها لدى وزارة الزراعة مقرونا بملف يحتوي على جميع البيانات الخاصة بالشركة المنتجة منها الملصق الذي يوضع على العبوة و كل البيانات التي تؤيد صلاحية المركب للاستخدام في المجال المراد تسجيله سواء كان حشريا او فطريا او عشبيا ومن حيث الفعالية على الآفات وكذلك.البيانات الخاصة عن المادة المراد تسجيلها من حيث التركيب الكيميائي و الاسم التجاري والعام والنسبة المئوية والبلدان التي تم تسجيل المبيد لديها وتقديم دراسات عن السمية وتشمل السمية للأسماك والطيور والنحل (والبيئة) وتصنيف المركب حسب WHO ,,EPA ودراسات عن متبقيات المبيد في التربة والمياه والنبات المستهدف و طريقة التحليل الكيميائي للمركب وبعد استكمال جميع البيانات يتم دراسة ملف التسجيل من قبل اللجنة الوطنية وفي حالة اجتياز المبيد الشروط التي تم ذكرها يسمح بتجربته من خلال تحويله الى باحثين من ذوي الخبرة والاختصاص لغرض التقييم الحقلي لفترة زمنية لاتقل عن سنتين يتم بعدها عرض نتائج الدراسات الحقلية امام اللجنة وفي حالة نجاح المبيد لكل الاختبارات الحقلية والمختبرية يتم تسجيله واعتماده من قبل وزارة الزراعة لغرض السماح بتداوله في المجال الزراعي او الصحة العـــامة ( حسب نوع المبيد ) ويعطى شهادة تسجيل يمكن من خلالها تداول المبيد لمدة اربع سنوات يجرى بعدها تقييم فعالية المبيد او اذا كان هناك اية ملاحظات تخص فعاليته او تأثيراته على البيئة، امـــــــا الغاية من عملية التسجيل فهي .لغرض تنظيم وتقييد استخدام المبيدات بما يحقق الهدف المنشود في مكافحة الآفات وزيادة انتاج المحاصيل وحماية صحة الانسان والبيئة و تتم عملية تسجيل المبيدات التي تأخذ مساحة زمنية في فترة لا تقل عن سنتين من التقييم المختبري وجهود باحثين لغرض التقييم الحقلي.