هل شرب البيرة التي تحتوي على نسبة 5% من الكحول تعتبر من الكبائر السبع التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم؟
فلا يجوز للمسلم أن يتناول شرابًا أو غيره يحتوي على شيء من الكحول، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر حرام. وفي رواية لأحمد وأصحاب السنن: ما أسكر كثيره فقليله حرام.
شرح حديث: (كل مسكر حرام)
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: عن أبي بردة عن أبيه أبي موسى رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فسأله عن أشربة فيها فقال: وما هي؟ قال: البتع والمزر، فقيل لـأبي بردة : ما البتع؟ قال: نبيذ العسل، والمزر نبيذ الشعير، فقال: كل مسكر حرام) خرجه البخاري. قوله صلى الله عليه وسلم : (كل مسكر حرام)، هذا جواب جامع يدخل فيه المسئول عنه وغير المسئول عنه، وأن القضية معلقة بالإسكار، فكل ما أسكر فإنه حرام سواء كان من الشعير أو من العسل أو من العنب أو من التمر أو من أي شيء، وسواء كان جامداً أو سائلاً أو مسحوقاً أو غير مسحوق، كل ذلك حرام؛ لأن الأمر علق بالإسكار. فقوله عليه الصلاة والسلام: (كل مسكر حرام) هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، ولهذا لما سئل بعض الصحابة عن الباذق -وهو نوع من الشراب- قال: (سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق، فقال: (كل مسكر حرام) )، يعني: أن الشريعة في عموماتها وكلياتها يدخل فيها ما كان معروفاً وما ليس بمعروف، فقوله: (كل مسكر حرام)، أنيط الحكم بالإسكار في جميع أحواله سواء كان سائلاً أو جامداً أو دقيقاً أو أي شيء آخر، ولا ينظر إلى ما وراء ذلك. ثم إن قوله: (كل مسكر حرام)، يكون في القليل والكثير، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، وإنما حرم القليل الذي لا يسكر؛ لأنه ذريعة إلى المسكر، وهذا من باب سد الذرائع ومنع الأشياء التي توصل إلى الغايات، فالقليل وإن كان لا يسكر فإنه حرام. فالرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن نوعين من النبيذ فعلق الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر بالإسكار، وهذا معناه: أنه إذا كان غير مسكر فلا بأس، وإن كان مسكراً فهو حرام، وقد جاء في حديث وفد عبد القيس أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الانتباذ في أوعية غليظة يمكن أن يحصل الإسكار فيها ولا يظهر على الخارج منها، وهي الدباء وهو القرع الذي يخرج لبه ثم ييبس ويكون يوضع يكون فيه النبيذ، وكذلك الحنتم وهي جرار ينتبذ بها، والمقير وهو الذي طلي بالقار، والمزفت وهو الذي طلي بالزفت، وكانت هذه أشياء غليظة يمكن أن يحصل فيها الإسكار ولكن لا يظهر على خارجها، وليست كالأسقية التي هي من الجلود؛ فإنها إذا حصل تغير في داخلها ظهر على سطحها، أما هذه فلا يظهر على سطحها، وكان هذا في أول الأمر، ثم إن ذلك نسخ بما يوافق هذه القاعدة التي جاءت في حديث أبي موسى وكذلك في حديث بريدة بن الحصيب الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الناسخ والمنسوخ في ثلاثة أمور فقال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، وكنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث ألا فادخروا، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً). أي: المهم ألا تستعملوا شيئاً يوصل إلى حد الإسكار، فما أسكر كثيره لا تستعملوه لا كثيره ولا قليله، فهذا الحديث بين فيه صلى الله عليه وسلم أن الأمر يتعلق بالإسكار، وأنه إذا لم يصل إلى حد الإسكار في الكثير فإنه لا بأس بالقليل والكثير، وإن كان كثيره يسكر وقليله لا يسكر فإنه يحرم الكثير والقليل. إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم لما سأله أبو موسى عن هذين الشرابين اللذين كانا موجودين في اليمن وهما: نبيذ العسل، ونبيذ الشعير، ما أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم عليهما وإنما أجابه بقاعدة كلية يندرج تحتها المسئول عنهما وغيرهما، فذكر له: أن كل مسكر حرام وكل ما لم يسكر فإنه حلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..