الحمد لله
أولاً : ينقسم الطلاق من حيث موافقته للسنة إلى قسمين : سني وبدعي
أما السني : فهو أن يطلق الرجل امرأته في طهرٍ لم يجامعها فيه ، أو وهي حامل .
وأما البدعي : فهو أن يطلقها في طهرٍ جامعها فيه ، أو وهي حائض .
وقد وقع الإجماع على وقوع الطلاق السني ، وحصل خلاف ضعيف على وقوع البدعي ، فذهب جماهير أهل العلم إلى وقوعه ولو كان فاعله مخالفاً للسنَّة . وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عمر لما طلَّق امرأته وهي حائض – وهذا هو الطلاق البدعي – وعلَّمه طلاق السنَّة : عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً . رواه مسلم ( 1471 ) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : أما طلاق الحامل فإنه يقع عند أهل العلم ، ومن قال إنه لا يقع فقد غلط … وبعض العامة يهم ويقول : إن طلاق الحامل لا يقع ، وهذا غلط ، وهو من أقوال العامة ، ولا أصل له في الشرع ، ولا أصل له في كلام العلماء ، فالحامل يقع الطلاق عليها ، وينبغي أن يُفهم هذا . " فتاوى الطلاق " ( ص 45 ) .
ثانياً : الغضب أنواع ، فإذا كان يُغلق على صاحبه أمره كله فلا يدري في ليل هو أم في نهار ، ولا يدري عن قوله شيئاً : فلا يقع طلاقه ، وهو من الإغلاق الذي لا توقع الشريعة على صاحبه قولاً ولا حكماً .
قال ابن القيم : وهو ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " لَله أفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان عليه راحلة بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح " . هذا لفظ مسلم .
وفي الحديث من قواعد العلم : أن اللفظ الذي يجري على لسان العبد خطأ من فرح شديد أو غيظ شديد ونحوه : لا يؤاخذ به ، ولهذا لم يكن هذا كافراً بقوله " أنت عبدي وأنا ربك " ، ومعلوم أن تأثير الغضب في عدم القصد يصل إلى هذه الحال أو أعظم منها ، فلا ينبغي مؤاخذة الغضبان بما صدر منه في حال شدة غضبه من نحو هذا الكلام ، ولا يقع طلاقه بذلك ، ولا ردته ، وقد نص الإمام أحمد على تفسير الإغلاق في قوله – صلى الله عليه وسلم - " لا طلاق في إغلاق " بأنه الغضب ، وفسره به غير واحد من الأئمة ، وفسروه بالإكراه والجنون . قال شيخنا – أي : ابن تيمية - : وهو يعم هذا كله ، وهو من الغلق لانغلاق قصد المتكلِّم عليه ، فكأنه لم ينفتح قلبه لمعنى ما قاله . " مدارج السالكين " ( 1 / 209 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي : أما طلاق الغضبان : فهو واقع كما قالوا ؛ لأنه لا يكاد الطلاق يصدر إلا في الغضب ، وليس بمعذور بغضبه ، إلا إن غضب حتى أُغمي عليه ، وزال تمييزه وعقله ، فهو في حكم المجنون .
وقال الشيخ صالح الفوزان : إذا بلغ بالإنسان من الغضب إلى زوال الشعور وفقد الوعي بأن لا يدري ولا يتصور ماذا يقول : فإن هذا لا تعتبر أقواله لا طلاق ولا غيره ؛ لأنه فاقد للعقل في هذه الحالة . أما إذا كان الغضب دون ذلك ، وكان معه شعوره ، ويتصور ما يقول : فإنه يؤاخذ بألفاظه وتصرفاته ، ومن ذلك الطلاق . " فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 734 ) .
كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أولاً : ينقسم الطلاق من حيث موافقته للسنة إلى قسمين : سني وبدعي
أما السني : فهو أن يطلق الرجل امرأته في طهرٍ لم يجامعها فيه ، أو وهي حامل .
وأما البدعي : فهو أن يطلقها في طهرٍ جامعها فيه ، أو وهي حائض .
وقد وقع الإجماع على وقوع الطلاق السني ، وحصل خلاف ضعيف على وقوع البدعي ، فذهب جماهير أهل العلم إلى وقوعه ولو كان فاعله مخالفاً للسنَّة . وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عمر لما طلَّق امرأته وهي حائض – وهذا هو الطلاق البدعي – وعلَّمه طلاق السنَّة : عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً . رواه مسلم ( 1471 ) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : أما طلاق الحامل فإنه يقع عند أهل العلم ، ومن قال إنه لا يقع فقد غلط … وبعض العامة يهم ويقول : إن طلاق الحامل لا يقع ، وهذا غلط ، وهو من أقوال العامة ، ولا أصل له في الشرع ، ولا أصل له في كلام العلماء ، فالحامل يقع الطلاق عليها ، وينبغي أن يُفهم هذا . " فتاوى الطلاق " ( ص 45 ) .
ثانياً : الغضب أنواع ، فإذا كان يُغلق على صاحبه أمره كله فلا يدري في ليل هو أم في نهار ، ولا يدري عن قوله شيئاً : فلا يقع طلاقه ، وهو من الإغلاق الذي لا توقع الشريعة على صاحبه قولاً ولا حكماً .
قال ابن القيم : وهو ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " لَله أفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان عليه راحلة بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح " . هذا لفظ مسلم .
وفي الحديث من قواعد العلم : أن اللفظ الذي يجري على لسان العبد خطأ من فرح شديد أو غيظ شديد ونحوه : لا يؤاخذ به ، ولهذا لم يكن هذا كافراً بقوله " أنت عبدي وأنا ربك " ، ومعلوم أن تأثير الغضب في عدم القصد يصل إلى هذه الحال أو أعظم منها ، فلا ينبغي مؤاخذة الغضبان بما صدر منه في حال شدة غضبه من نحو هذا الكلام ، ولا يقع طلاقه بذلك ، ولا ردته ، وقد نص الإمام أحمد على تفسير الإغلاق في قوله – صلى الله عليه وسلم - " لا طلاق في إغلاق " بأنه الغضب ، وفسره به غير واحد من الأئمة ، وفسروه بالإكراه والجنون . قال شيخنا – أي : ابن تيمية - : وهو يعم هذا كله ، وهو من الغلق لانغلاق قصد المتكلِّم عليه ، فكأنه لم ينفتح قلبه لمعنى ما قاله . " مدارج السالكين " ( 1 / 209 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي : أما طلاق الغضبان : فهو واقع كما قالوا ؛ لأنه لا يكاد الطلاق يصدر إلا في الغضب ، وليس بمعذور بغضبه ، إلا إن غضب حتى أُغمي عليه ، وزال تمييزه وعقله ، فهو في حكم المجنون .
وقال الشيخ صالح الفوزان : إذا بلغ بالإنسان من الغضب إلى زوال الشعور وفقد الوعي بأن لا يدري ولا يتصور ماذا يقول : فإن هذا لا تعتبر أقواله لا طلاق ولا غيره ؛ لأنه فاقد للعقل في هذه الحالة . أما إذا كان الغضب دون ذلك ، وكان معه شعوره ، ويتصور ما يقول : فإنه يؤاخذ بألفاظه وتصرفاته ، ومن ذلك الطلاق . " فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 734 ) .
كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..