الأربعاء، 9 يناير 2013

معاقل إخوان السعودية “1″ و "2" و "3" و"4"

على صفحة كاملة، ومن أجرأ ما قرأت خلال العام الأخير، فتح قينان الغامدي بالأمس كل الأسئلة المشرعة في وجه التقية السياسية لمشروع حركة الإخوان
المسلمين في الخليج، وفي السعودية تحديداً؛ بوصفها الكعكة الأغلى الأعلى في تاريخ هذه الحركة.
سأبدأ مباشرة من حيث ترك قينان الغامدي نهاية أسئلته المشرعة. من المعقل ومن البذرة التي نمت تحت (التوقيع) وتحت السمع والبصر. في مدخل سبعينات القرن الماضي كان نجم (النجم) الإخواني، كمال الهلباوي، يصعد مخترقاً فضاءات رموز الحركة الكبار، ومثيراً بوهجه وأدواته الفكرية على مأمون الهضيبي وعمر التلمساني، وكان بلا جدال، أبرز الأسماء التي تحتاجها تلك المرحلة للكرسي الأعلى في منصب مرشد الحركة. وفجأة، وخارج السائد المألوف تكتشف انتقال كمال الهلباوي إلى الرياض مغروساً في قلب نظام التربية والتعليم مستشاراً أساسياً لبناء المناهج المدرسية، وعضواً باللجنة الصغيرة الخاصة بانتداب واختيار كوادر التعليم الإدارية في مفاصل الوزارة ومناطق اختصاصها الجغرافية المختلفة.
لجنة كمال الهلباوي هي نفسها من وضعت في نهاية ذات السبعينات خرائط النشاط المدرسي بما فيها المعسكرات الطلابية والأندية الصيفية ونواة برامج الحركة الكشفية التابعة لوزارة (المعارف)، وفي تلك اللحظة من الزمن أكمل كمال الهلباوي سيطرة الفكرة الإخوانية على أهم مفصلين في التعليم: بناء المناهج ورسم الأنشطة. كان لابد أن ينتقل إلى مخططات المشروع الأعلى ليكون الاختراق الضخم حين تكتشف أن كمال الهلباوي كان العضو الرئيس المؤسس في القائمتين: هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية والندوة العالمية للشباب الإسلامي، بوصف هذين (الجسدين) ذراعاً مالياً مرناً وعملاقاً تحتاج حركة الإخوان المسلمين أن تزرعه في قلب المنجم المالي الذهبي للملايين السائلة التي تحتاجها هذه الحركة.
كل هذه السيرة الذاتية لم تكن كشفاً (مصادرياً) بل جملا مكتوبة بخط كمال الهلباوي نفسه على سيرته الذاتية، ولك أن تقرأها كما هي بضغطة إلكترونية. وفي زمن لاحق، وتقديراً لدوره الضخم، رأت الحركة أن تنقله إلى مسؤولية أعلى ليكون باسم المنصب (رئيساً للتنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين).
هنا تتساءل عن هذه القدرة الخلاقة في تنظيم الأدوار من أجل أهداف الاختراق. كيف تحول المرشد الصاعد بأضوائه الخارقة إلى مجرد موظف في مكان آخر بعيد هو الهدف التلقائي؟ والجواب أن الحركة نفسها بندب كمال الهلباوي عملت بمرشدين. معلن وخفي. غداً نكمل..

معاقل إخوان السعودية "2"


التكملة
تبدأ النقطة الجوهرية الفاصلة للاختراق الحركي للإخوان المسلمين في البنية الفكرية في السعودية بالتحديد مع مخرجات الطفرة الأولى نهاية السبعينات.

تبدأ النقطة الجوهرية الفاصلة للاختراق الحركي للإخوان المسلمين في البنية الفكرية في السعودية بالتحديد مع مخرجات الطفرة الأولى نهاية السبعينات. شهدت تلك المرحلة توسعاً نوعياً وكمياً في بنية التعليم الجامعي، وهو ما خلق فرصة هائلة لأن تتنفس الحركة في فضاء جديد مفتوح تخرج به من عنق الزجاجة في بلدانها الأصل وخصوصاً مصر وسورية. ذروة الخروج إلى الفضاء الجديد جاءت بعد مجزرة حماة الوحشية البشعة، وبعيد حملات التضييق الواسعة فيما عرف باسم تطهير (مراكز القوى) في زمن السادات. جاءت هذه الحركة بكثافة إلى مجتمع بريء لم يكن في حساباته الظن بأن في (الدين) عشرات الفصائل المختلفة التي تشرذمه إلى غطاءاتها وأجنداتها السياسية. احتاجت الطفرة في جسد التعليم الجامعي إلى آلاف الخبراء والأساتذة، وبالطبع، كان الوقود التلقائي لابد أن يأتي من ذات المنجم، وخذ هذين المثالين: التوسع المحلي الهائل في كليات التعليم الديني لم يكن إلا مزيجاً لتدريس كتب وأدبيات رموز حركة الإخوان المسلمين.
هنا حدثت أول حالة (انفصام) فكرية لآلاف الطلاب الذين يقفون بأرجلهم على منهج بينما تتربى عقولهم على المنهج الجديد الوافد. مزيج المدرستين أنتج حالة مدرسية ثالثة تجمع ما بين النقاء السلفي وبين منهج الإخوان الذي يحول الدين إلى حركية سياسية خالصة. هنا تقف السرورية كمثال على هذا المخاض بآلاف الأتباع النافذين القارئين من كتب الإخوان ولكن في الوعاء السلفي. تأمل مجرد الأسماء فيما عرف لاحقاً برموز الصحوة التي تستطيع أن تقرأها ولو في مجرد الغالبية من موقعي البيانات المتتالية لتتكشف أنهم في الأغلب من طلاب تلك الفترة. ستقرأ أيضاً أن الصفة المشتركة فيما بين هذه الأسماء المؤثرة، وبالمئات، هي الجمع ما بين الذهنية الحركية الإخوانية، وبين العقل الفقهي السلفي المحافظ جداً. هذا المزيج المختلط من الهندسة الوراثية الجديدة هو أعظم مكاسب الحركة في تاريخها بأكمله، لأنه كان المفتاح إلى كعكة التمويل المالية الهائلة. هنا سقط التعليم الجامعي المحلي في باحة عقل واحد بنصفين: سلفي إخواني في ذات الجمجمة. ستكتشف أن هذه الثمرة الجديدة المهجنة باقتسام البذرة ما بين مدرستين تحمل رؤية قاسية من التشكيك والريبة في كل شيء ثم ترميه بتهم الردة والفسوق: للمجتمع التي ترى أنه فقد ثوابت تربيته، للإعلام والتعليم والمناهج والمرأة وحتى المسؤول، مروراً بالنخبة والمفكر والمثقف. ستكتشف أن الثمرة الوليدة نمت نسخة بالكربون كما يقول (كتالوج) الحركة. غداً نكمل.
.............
 
آخر تحديث: الأربعاء 9 يناير 2013, 3:6 ص


معاقل إخوان السعودية "3"


وبالأمس وما قبله كتبت شواهد اختراق حركة الإخوان المسلمين لبنية التعليم العام والجامعي، على التوالي. ولأن الحقائق تتطلب البرهان فسأكتب اليوم قصة الأنموذج (الشاهد). في البواكير الأولى لمطلع الثمانينات من القرن الماضي تم إلزام الجامعات السعودية كافة بتدريس طلابها كافة أربعة مقررات في مادة الثقافة الإسلامية كمتطلبات جامعية أساسية لبرنامج الدراسة. ومنذ ربع قرن مازال عشرات الآلاف من الطلاب يدرسون كتاب (النظام السياسي في الإسلام) للرمز الإخواني الشهير، محمد سليم العوا، وهو ذات الكتاب الذي درسته في الجامعة ومازال ولدي يدرسه الآن بأسماء مختلفة ولكن بذات التفاصيل المدهشة. كتاب (الطبيب) محمد العوا، ليس إلا اختصاراً مكثفاً لأفكار سيد قطب عن الحاكمية في الإسلام وموقف المجتمع من الحاكم، في اختراق بالغ الذكاء لنسف تربية المجتمع المستقبل عن مواقف السلفية التقليدية عن الحاكم وأصول الحكم. المقرر التالي كان أيضاً للقطب الإخواني الراحل، محمد أحمد العسال تحت العنوان الصريح (الإسلام وبناء المجتمع). والمقرر برمته تكثيف هائل لرسالة مؤسس الحركة، حسن البنا، عن المجتمع وعن التربية، وأكثر من هذا فإن بنك الأسئلة المشترك بين هذه الجامعات يختصر كل الكتاب ليبدأ التركيز على بضع عشرة صفحة هدفها هو الأهداف العشرة في الرسالة الشهيرة لحسن البنا حول المجتمع والتربية، وهي برمتها بضعة أسطر هدفها التركيز على امتحان آلاف الطلاب حول هضم هذه الرسالة.
وخذ بالمقاربة للتدليل على هذا الاختراق، أن من الذين قاموا بتدريس هذين المقررين نهاية الثمانينات في جامعة الملك سعود، كانا محمد المسعري، الفزيائي، وسعد الفقيه، الطبيب، لتعرف أجندة هذه الحركة. وحين قرأت في هذا الكتاب القديم عن (النظام السياسي في الإسلام) الذي امتحن فيه ابني (مازن) مساء ما قبل البارحة، وجدت بالبرهان أن ثلاثة من المؤلفين الستة لا علاقة لهم بالاختصاص المباشر، بمن فيهم زميل الدراسة القدير، زميل الإعلام القديم في ذات الجامعة. وحين سهرت (اليوم) على ذات الكتاب، وجدت أن طلابنا بعشرات الآلاف الذين مروا على هذه المقررات، إنما مروا على (كبسولة) تشكيك مبرمجة في هوية النظام الحاكم، بمثل ما قرؤوا هذه (الغربة) التي يعيشونها في أوطانهم، تمهيداً لمفهوم الانفصام ما بين النخبة وبين المجتمع، وهو ذات الحدث المشترك في أدبيات الإخوان: أن تخلق بذرة الشك ما بين الحاكمية وبين المجتمع، وقد نجحوا فيه عبر المعلن الرسمي. غداً نكمل..
علي سعد الموسى        
2013-01-08 1:57 AM


معاقل إخوان السعودية "4"


أدركت جماعة الإخوان المسلمين، منذ طفرة نهاية السبعينات، أن الكتلة الخليجية الصاعدة هي الذراع المالي الذي سينقلها إلى مرحلة (التمكين) بحسب برمجة الحركة. وسيلة الجماعة هي الوصول إلى القاعدة ولكن بتوظيف النخبة فماذا فعلت؟ وجدت جماعة الإخوان أن المنجم النخبوي الهائل يكمن في آلاف المبتعثين الذين سيعودون لبلدان الخليج أساتذة للجامعات وبالتحديد في بريطانيا والولايات المتحدة. هؤلاء المبتعثون من النخب هم الجمهور الأبرز للحضور الطاغي للمؤتمرات الدورية التي كانت تعقد بصخب هائل، وبحضور الآلاف، سواء في المعسكرات الصيفية للطلبة المسلمين في الغرب أو في المؤتمرات الشاملة التي تعقد في نهاية العام الميلادي في مدن غربية مختارة. في هذه البيئة، وجدت الحركة مناخا هائلا من الحرية في الوصول إلى عقول من رأت أنهم أصحاب القرار المستقبلي وسادة التأثير المجتمعي. وبعد أكثر من ربع قرن على هذا الاختراق ستكتشف بما لا يدع ثقبا للشك أن شمس هذه الحركة أشرقت من (الغرب). وليست صدفة أن تجد أن الأسماء اللامعة التي تبدأ هذه المؤتمرات الصاخبة وتنهي محاضراتها تكاد تنحصر في أسماء بنية الحركة الذين يتكررون بشكل ثابت، وكالأمثلة، من القرضاوي إلى الغنوشي والترابي وعصام البشير وعبدالله عزام، رحمه الله، وأنا لا أكتب دون البراهين، لأن أسماء المحاضرين وعناوين هذه المحاضرات مكشوفة في أدبيات هذه المؤتمرات ومواقعها الإلكترونية ولك أن تعود إلى موقع (ESNA) وروابط الطلاب المسلمين بالجامعات الأميركية والبريطانية.
ولأن طلاب دول الخليج كانوا صلب الاستهداف فقد ركزت هذه المؤتمرات على رسالتين: الأولى: تقريع المنهج السلفي التقليدي بوصفه الحاضن لهؤلاء الطلاب ووصمه بالجمود والتخلف والانكفاء العقدي، ومن صلب هذه المؤتمرات خرج مصطلح (الفقه البدوي) بوصفه بذرة للتطرف. الثانية، كانت في التأصيل (لجاهلية القرن العشرين) بكل ما يتبع هذا المصطلح الشهير من رسائل الشك المكثفة بين هؤلاء النخب وبين أنظمة بلدانهم السياسية وبين مؤسساتهم الفكرية السلفية وعلى رأسها هيئات كبار العلماء والفتوى والإرشاد. كان الهدف أن يعود هؤلاء الآلاف من مبتعثي الخليج (غرباء) في أوطانهم وببذرة شك مبرمجة في أنظمتها السياسية والدينية وأيضا في النظرة إلى مجتمعهم بوصفه (مغريا) يفتقد للهوية.
السؤال الآن: هل أثمرت غراس هذا الاختراق بعد ربع قرن من بدء الفكرة؟ والجواب، بنعم صريحة إذ لا يكاد يخلو قسم أكاديمي جامعي أو كلية أو لجنة من (مندوبي) هذه المؤتمرات ومن تلامذة محاضراتها ومراكزها بالغرب. هم النخب التي تبني المناهج وتختار المعيدين وتختار مندوبيها إلى مفاصل العمل الإداري بجامعاتنا السعودية المختلفة. غدا نكمل.
علي سعد الموسى
الوطن السعودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..