الاثنين، 3 يونيو 2013

الفصل الأول: تصدير الثورة .. الصفويون والصفوية .. الفُرس والفارسية

أولاً: مدخل
تصدير الثورة الصفوية الفارسية ، والخطة الخمسينية 
نشرت مجلة البيان الإماراتية في عددها رقم (78) تحت عنوان: (الخطة السرّية للآيات في ضوء الواقع
الجديد)، نصَّ رسالةٍ موجَّهةٍ من (مجلس الشورى للثورة الثقافية الإيرانية) إلى المحافظين في الولايات الإيرانية، وذلك في عهد الرئيس الإيرانيّ (خاتمي)، وقد كانت المجلة قد حصلت على تلك الرسالة الخطيرة من (رابطة أهل السنة في إيران – مكتب لندن)، التي عرضها وعلّق عليها: (الدكتور عبد الرحيم البلوشي).. ومما جاء في تلك الرسالة:
[لقد قامت، بفضل الله، دولة الإثني عشرية في إيران بعد عقودٍ عديدة، وبتضحية أمة الإمام الباسلة، ولذلك، فنحن -بناءً على إرشادات الزعماء الشيعة المبجَّلين- نحمل واجباً خطيراً وثقيلاً، هو (تصدير الثورة)، وعلينا أن نعترفَ بأنّ حكومتنا -فضلاً عن مهمّتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب- فهي حكومة مذهبية، ويجب أن نجعلَ تصدير الثورة على رأس الأولويات، لكن نظراً للوضع العالميّ الحاليّ، وبسبب القوانين الدولية -كما اصطُلح على تسميتها- لا يمكن تصدير الثورة، بل ربما اقترن ذلك بأخطارٍ جسيمةٍ مدمِّرة.. ولهذا، فإننا وضعنا (خطةً خمسينيةً) تشمل خمس مراحل، مدة كل مرحلةٍ عشر سنوات، لنقوم بتصدير الثورة (الإسلامية) إلى جميع الدول المجاورة، لأنّ الخطر الذي يواجهنا من الحكّام ذوي الأصول السنيّة، أكبر بكثيرٍ من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب، لأنّ أهل السنّة هم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمّة المعصومين، وإنّ سيطرتنا على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم، ولتنفيذ هذه الخطة الخمسينية، يجب علينا أولاً، أن نُحَسِّن علاقاتنا مع دول الجوار، ويجب أن يكونَ هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم.. وإنّ الهدف هو فقط (تصدير الثورة)، وعندئذ نستطيع أن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنتقدّم إلى عالم الكفر بقوةٍ أكبر، ونزيّن العالم بنور التشيّع، حتى ظهور المهديّ المنتَظَر]!.. (ا هـ).
منذ أن انتصرت الثورة الشيعية في إيران عام 1979م، صرّح زعماؤها وأولهم مرشد الثورة وزعيمها: الخميني، بأنهم لن يقفوا في ثورتهم عند حدود إيران، بل سيعملون على نشرها في بلدان العالَمَيْن: العربيّ الإسلاميّ، وبخاصةٍ في العراق ودول الخليج العربيّ ولبنان، ورفعوا شعاراً علنياً هو شعار: (تصدير الثورة)، وأعلن الخميني ذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتصار ثورته، أي بتاريخ 11/2/1980م، إذ قال: (إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالَم)!.. ولتحقيق هذه الغاية، تم تشكيل المنظمات الداخلية والخارجية، التي قامت بانتهاكاتٍ وأعمال عنفٍ في بعض البلدان العربية، كالكويت والسعودية ولبنان.
عقيدة (تصدير الثورة) الإيرانية نابعة من أمرين اثنين: النـزعة القومية الإيرانية المناكفة للعرب، والعقيدة الشيعية الإمامية، التي (تعتبر أهلَ السنّة (نواصب) كفاراً ينبغي قتالهم وقتلهم، أو تغيير دينهم إلى الشيعة الإمامية)!.. لكنّ وقوع الحرب العراقية الإيرانية التي هُزِمَت فيها إيران، ثم وفاة الخميني.. استدعى إعادةَ النظر في السياسة الثورية الانقلابية الإيرانية، بهدف ترتيب الأوضاع الداخلية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بعد الهزيمة.. من جهة، وبهدف الاستجابة لمتطلّبات التحوّلات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرّد الولايات المتحدة الأميركية بالهيمنة على العالَم.. من جهةٍ ثانية.
لذلك كان لا بد من تغيير التكتيك والأسلوب، مع بقاء الهدف الاستراتيجيّ قائماً: تصدير الثورة، لكن من غير ضجيجٍ أو إثارة ردود الأفعال السلبية محلياً وإقليمياً ودولياً!.. وهكذا –لتصدير الثورة بالتكتيك الجديد- رُسِمَت الخطة الخمسينية (أي مدتها خمسون سنة)، التي سُرِّبَت منذ سنوات، ونشرها مكتب لندن لرابطة أهل السنة في إيران، وأبرز ما جاء فيها من مَحاوِر:
1- الخطة تستهدف أهل السنّة داخل إيران وخارجها، وهي ذات صبغةٍ قوميةٍ فارسيةٍ ثقافيةٍ اجتماعيةٍ تاريخيةٍ سياسيةٍ اقتصادية دينية.
2- تعتمد الخطة على تحسين العلاقات مع الآخرين ما أمكن ذلك، وعلى نقل أعدادٍ من العملاء إلى الدول المستهدَفَة، وتجنيد عملاء مؤيّدين من شعوب هذه الدول المختَرَقة.
3- زيادة النفوذ الشيعيّ في مناطق أهل السنة، عن طريق بناء الحسينيات والجمعيات الخيرية والمراكز الثقافية والمؤسّسات الطبية والصحية، وتغيير التركيبة السكانية، بتشجيع الهجرة الشيعية إلى تلك المناطق، وبتهجير أهل تلك المناطق منها.
4- توزَّع الخطة على خمس مراحل، مدة كل مرحلةٍ عشرُ سنوات:
أ- المرحلة الأولى (مرحلة التأسيس ورعاية الجذور): إيجاد السكن والعمل لأبناء الشيعة المهاجرين إلى الدول المستهدَفَة، ثم إنشاء العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال والمسؤلين الإداريين في تلك الدول، ثم محاولة خلخلة التركيبة السكانية عن طريق تشتيت مراكز تجمّعات أهل السنّة وإيجاد تجمّعاتٍ شيعيةٍ في الأماكن الهامة.
ب- المرحلة الثانية (مرحلة البداية): العمل من خلال القانون القائم وعدم محاولة تجاوزه، ومحاولة التسرّب إلى الأجهزة الأمنية والحكومية، والسعي للحصول على الجنسية المحلية للمهاجرين الشيعة.. ثم التركيز على إحداث الوقيعة بين علماء السنة (الوهابيين) والدولة، من خلال تحريض العلماء على المفاسد القائمة وتوزيع المنشورات باسمهم، وارتكاب أعمالٍ مريبةٍ نيابةً عنهم، وإثارة الاضطرابات.. ثم تحريض الدولة عليهم، وذلك كله، للوصول إلى هدف إثارة أهل السنّة على الحكومات، حتى تقمعَ تلك الحكومات أهلَ السنّة. فيتحقق انعدام الثقة بين الطرفين.
ج- المرحلة الثالثة (مرحلة الانطلاق): ترسيخ العلاقة بين الحكام والمهاجرين الشيعة العملاء، وتعميق التغلغل في أجهزة الدولة، وتشجيع هجرة رؤوس الأموال السنية إلى إيران، لتحقيق المعاملة بالمثل، ثم ضرب اقتصاديات تلك الدول، بعد السيطرة عليها.
د- المرحلة الرابعة (بداية قطف الثمار): التي تتميّز بالوصول إلى المواقع الحكومية الحسّاسة، وشراء الأراضي والعقارات، وازدياد سخط الشعوب السنيّة على الحكومات بسبب ازدياد نفوذ الأغراب الشيعة.
هـ- المرحلة الخامسة (مرحلة النضج): فيها تقع الاضطرابات الشديدة، وتفقد الدولة عوامل قوّتها (الأمن، والاقتصاد)، وبسبب الاضطرابات يتم اقتراح تأسيس (مجلسٍ شعبيٍ)، يسيطرون عليه ويقدّمون أنفسهم مخلِّصين لمساعدة الحكّام على ضبط البلاد، وبذلك يحاولون السيطرة بشكلٍ هادئٍ على مفاصل الدولة العليا، فيحقّقون هدف (تصدير الثورة) بهدوء.. وإن لم يتم ذلك، فإنهم يحرّضون على الثورة الشعبية، ثم يسرقون السلطة من الحكّام.
* * *
إننا حالياً نشهد تنفيذ هذه الخطة الخمسينية الخبيثة بكل دقةٍ في بعض بلاد العرب والمسلمين، من مثل: العراق والكويت والبحرين واليمن وسورية ولبنان والأردن، والسودان وبعض الدول العربية في شماليّ إفريقية.. وغيرها!.. ولعل افتضاح أمرهم وقع بسبب خروجهم عن بعض محاور خطتهم الخمسينية الخبيثة في العراق، وبسبب ممالأتهم للمحتل الأميركي (الشيطان الأكبر) والعدو الصهيوني، ضد العرب والمسلمين.. فوقعوا في فخ أحقادهم، التي دفعتهم لارتكاب أفظع الجرائم وأشدها خسّةً ونذالةً في بلاد الرافدين، ما أدى لتعبئة الرأي العام العربي والإسلامي ضدهم بعد انكشاف نواياهم وعقائدهم وخلفيات سلوكهم المشين البشع ضد الشعوب المسلمة.. بينما هم في سورية مثلاً، ينفّذون خطتهم الخبيثة بكل تفاصيلها، تحت الحماية الكاملة التي يقدّمها لهم النظام الأسدي الحاكم ضد سورية وشعبها.. وليس من المعقول أن يقفَ المسلمون متفرّجين على شعوبهم وبلدانهم وهي تسقط الواحدة تلو الأخرى، في أحضان أصحاب المشروع الصفويّ الفارسيّ المشبوه.. إذ لا بد من مشروعٍ مضادٍ يحمي الشعوب والأمّة والأوطان من هذا الشرّ المستطير القادم من بلاد فارس الصفوية، بالتواطؤ الكامل مع نظام بشار أسد الخائن لوطنه وشعبه وأمّته!..

ثانياً: الصفويون والصفوية
يُطلَق هذا الاسم على الدولة التي أسّسها (الشاه إسماعيل الصفويّ) وعلى أتباعه، وهو من سلالة الشيخ (صفيّ الدين الأردبيلي) الذي كان يسكن مدينة (أردبيل) التابعة لإقليم أذربيجان في شماليّ غرب إيران.. والشيخ الأردبيلي هو أحد مريدي الشيخ (تاج الدين الزاهد الكيلاني) صاحب إحدى الطرق الصوفية، وكان ينتمي إلى المذهب الشافعيّ.. وقد قام حفيد صفيّ الدين (الشيخ إبراهيم) بتطوير طريقته الصوفية، ثم باعتناق المذهب الشيعيّ (الشيعة الإمامية) وتحويل طريقته إلى طريقةٍ شيعيةٍ إمامية متعصّبةٍ غالية.. وسار على دربه ابنه الأصغر (جنيد) الذي قُتِلَ في إحدى حروبه، فخلفه ابنه (حيدر) الذي لُقِّبَ بلقب (سلطان)، وأمر أتباعه بأن يضعوا على رؤوسهم (قلنسواتٍ) من الجوخ الأحمر، تضم الواحدة منها اثنتي عشرة طيّةً رمزاً للأئمّة الإثني عشر عند الشيعة الإمامية، وقد قُتِلَ (حيدر) أيضاً في إحدى حروب الثأر لوالده.. وخلفه ابنه (إسماعيل)، الذي أعلن فيما بعد دولته الصفوية (في عام 1501م)، ووطّد دعائمها، فامتدّت من إيران إلى ما حولها، إلى أن وصلت بغداد.
الدولة الصفوية :
كان المسلمون في إيران بأغلبيتهم الساحقة (90%) من أهل السنة الشافعية، إلى أن قامت الدولة الصفوية على يد (إسماعيل الصفويّ) كما ذكرنا في عام 1501م، الذي اتّخذ من مدينة (تبريز) عاصمةً له، وأعلن أنّ دولتَه (شيعية إمامية اثنا عشرية)، وقام بفرض عقيدته بالقوّة، على الرغم من أنّ علماء الشيعة حذّروه بأن لا يفعل ذلك، لأنّ الأغلبية الإيرانية الساحقة تنتمي إلى أهل السنة.. لكنه رفض وقال قولته المشهورة: (إنني لا أخاف من أحد، فإن تنطق الرعية بحرفٍ واحد، فسوف أمتشق الحسام، ولن أتركَ أحداً على قيد الحياة)!.. ثم قام بصكّ عملة الدولة، منقوشاً عليها مع اسمه عبارة: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي وَليّ الله)!.. ثم أمر جنوده بالسجود له كلما قابلوه، وقد اشتهر بدمويّته وساديّته الشديدة، فقام بقتل علماء المسلمين وعامّتهم، فقتل أكثر من مليون مسلمٍ سنيّ، ونهب أموالهم، وانتهك أعراضهم، وسبى نساءهم، وأمر خطباء المساجد من أهل السنة بسبّ الخلفاء الراشدين الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمان) رضي الله عنهم، وبالمبالغة في تقديس الأئمة الإثني عشر.. ووصل الأمر به إلى أن ينبشَ قبور علماء المسلمين من أهل السنة ومشائخهم، ثم أن يحرقَ عظامهم!.. وهكذا كانت دولة الشاه (إسماعيل الصفوي) تأسيساً لكل الدول الإمامية الإثني عشرية، ومثالاً يُحتَذى بها شيعياً فيما بعد، من حيث ممارساتها الشاذة!..
امتدّت الدولة الصفوية فيما بعد في كل أنحاء إيران وما جاورها، فقضى (الشاه إسماعيل) على الدولة التركمانية السنية في إيران، ثم سيطر على (فارس وكرمان وعربستان) وغيرها.. وكان في كل موقعةٍ يذبح عشرات الآلاف من أهل السنة.. إلى أن هاجم بغداد واستولى عليها، ومارس أفظع الأعمال فيها ضد أهل السنة، ومما فعله: [قام بهدم مدينة بغداد، وقَتل الآلاف من أهلَ السنّة، واستخدم التعذيب الشديد بحقّهم قبل قتلهم، ثم توجّه إلى مقابرهم، فنبش قبور موتاهم، وأحرق عظامهم!.. كما توجّه إلى قبر (أبي حنيفة) و(عبد القادر الجيلاني) ونكّل بهما ونبشهما!.. وكذلك قام بقتل كل من ينتسب لذرية القائد المسلم (خالد بن الوليد) رضي الله عنه في بغداد لمجرّد أنهم من نسبه، وقَتَلهم قتلةً شنيعة]!.. (تحفة الأزهار وزلال الأنهار، لابن شدقم الشيعي).
السلطان العثماني سليم الأول يهزم الشاه (إسماعيل الصفوي) :
عندما وصلت أخبار المجازر الصفوية وممارساتها إلى السلطان العثماني (سليم الأول) عام 1514م، قام بتجهيز جيشه وحرّر بغداد بعد ست سنواتٍ من الاحتلال الصفويّ، وأسر زوجة (إسماعيل الصفوي)، وقتل المتواطئين على احتلال العراق.. وبعد فراره، قام (إسماعيل الصفويّ) بإبرام حلفٍ مع الصليبيين البرتغاليين، على أن يحتل الصفويون (مصر والبحرين والقطيف)، ويحتل البرتغاليون (هرمز وفلسطين).. لكنّ العثمانيين أحبطوا مخطّطه هذا، إلى أن هلك (إسماعيل الصفوي) في (تبريز) عام 1524م.. فخلفه ابنه (طهمباسب الصفويّ).
الشاه طهماسب الصفوي :
خلف (إسماعيل الصفوي) ابنه (طهماسب)، الذي تحالف مع المجر والنمسة ضد الدولة العثمانية التي كان يحكمها السلطان (سليمان القانوني) عام 1525م.. واستعان (طهماسب) بأحد رجال الدين الشيعة اللبنانيين (نور الدين علي بن عبد العال الكركي)، فكتب له المؤلّفات التي برّرت ممارسات الشيعة ضد السنة، وأسّس بفكره ومؤلّفاته الشيعية لما يُسمى بـ (ولاية الفقيه)، بأن اعتبر زعيمَ الدولة الصفوية (نائباً للإمام المنتَظَر الغائب) وكالةً!.. وعاد نفوذ الصفويين إلى العراق عن طريق عملائهم الشيعة هناك، لكن السلطان (سليمان القانوني) أعاد فتح العراق من جديد، وقضى على حكامه الموالين للصفويين.
هلك (طهماسب) بالسمّ على يدي زوجته، فخلفه من بعده ابنه (إسماعيل الثاني) ثم ابنه الثاني (محمد خدابنده).. ثم جاء (عباس الكبير بن محمد خدابنده).
الشاه عباس الكبير بن محمد خدابنده :
تواطأ مع بريطانية ضد العثمانيين، وحاصر المدن السنية، ونكّل بها وبأهلها، وقام بترحيل (1500) عائلة سنية كردية، وقتل سبعين ألفاً من الأكراد السنة، ومنع الحج إلى مكة المكرّمة، وأجبر الناس على أن يحجّوا إلى قبر (الإمام موسى بن الرضا) في مدينة (مشهد)!.. بينما قام بتكريم النصارى والأوروبيين، وبنى لهم الكنائس، وأعفاهم من الضرائب، وشاركهم أعيادهم، واحتسى الخمر معهم!..
هاجم الشاهُ (عباس الكبير) العراقَ، واستولى على بغداد والموصل وكركوك، ثم على معظم البلاد، وحاول فرض (التشيّع) بالقوة، لكنّ أهل العراق رفضوا ذلك، فنكّل بهم، قتلاً وتشريداً وتعذيباً، وسبى النساء والأطفال، وأعاد هدم مرقدي الشيخ (عبد القادر الجيلاني) و(أبي حنيفة النعمان)، وحوّل المدارس السنّية إلى (اصطبلات)، وقام بإعداد قوائم طويلةٍ لإبادة أهل السنّة في العراق.. إلى أن أهلكه الله، فخلفه الشاه (صفيّ الأول)، الذي حرّر العثمانيون العراقَ في عهده مرةً جديدةً وأخيرة!..
وانتهت الدولة الصفوية بعد مئة عامٍ تقريباً من عهد (صفيّ الأول)، أي في عام (1722م)، بعد أن استمرّت (221) سنة.. ولم يعد الصفويون إلى بغداد، إلا في عام 2003م، على ظهور الدبابات الأميركية الصليبية.. وذلك بعد أن عادوا إلى حكم بلاد فارس (إيران)، إثر انتصار ثورتهم الصفوية الشيعية بزعامة (الخميني) عام 1979م، وبعد أن رفعوا شعار: (تصدير الثورة الصفوية الخمينية) منذ ذلك الحين!..
البدع الصفوية :
استُحدِثَت مجموعة من البدع في العهد الصفوي، ثم سار الشيعة على نهجها، وكأنها عقائد بدهية، ومن ذلك:
1- سبّ الصحابة والخلفاء الراشدين الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمان) رضوان الله عليهم، وذلك على المنابر وفي الشوارع والأسواق!..
2- الاحتفال سنوياً بذكرى مقتل الحسين رضوان الله عليه، وممارسة التطبير (ضرب الرؤوس بالسكاكين الحادة)، واللطم على الوجوه والصدور، وضرب الظهور بالجنازير، وارتداء الثياب السوداء، وإنشاد أشعار البكائيات.. وذلك منذ دخول شهر (المحرّم)، وحتى اليوم العاشر منه (يوم عاشوراء).. كما تم تحريم الزواج في هذا الشهر!..
3- إدخال الشهادة الثالثة على الأذان: (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله)!..
4- السجود على التربة الحسينية (قطعة من طين كربلاء)!..
5- وجوب دفن الموتى الشيعة في النجف!..
6- تغيير اتجاه القبلة في مساجد الشيعة، مخالفةً لأهل السنة!..
7- إجازة سجود الإنسان للإنسان!..
8- رصد مرتّباتٍ ضخمةٍ لرجال الدين الشيعة، ومَنحهم إقطاعياتٍ وأوقافٍ خاصة، وهي مستحدَثات مأخوذة عن (الفُرس)، وذلك تأسيساً لما يُسمى عند الشيعة اليوم بـ (الخُمس).. وكل ذلك لكي يقومَ رجال الدين بدعم الشاه أو السلطان عند عامة الشعب!..
وهكذا، تميّزت حقبة الحكم الصفوي بثلاث أمورٍ رئيسية:
1- فرض التشيّع بالقوّة، وارتكاب مختلف أنواع الجرائم بحق أهل السنة، وتحويل إيران من دولةٍ سنّيةٍ خالصةٍ إلى دولةٍ ذات أغلبيةٍ شيعيةٍ صفوية (النسب الحالية هي: 63% شيعة، و35% سنّة، و2% نصارى وأرمن ويهود وزارادشت وبهائيون).. إذ يقدَّر عدد أهل السنة في إيران اليوم بخمسةٍ وعشرين مليون نسمة.
2- الغلوّ وإدخال مختلف أنواع الخرافات والبدع والطقوس (اليهودية والمجوسية والنصرانية) إلى الشعائر الإسلامية وعقيدة الإسلام.
3- التحالف مع النصارى والصليبيين ضد المسلمين.
المراجع :
1- الدولة الصفوية – محمد الخولي.
2- تاريخ إيران بعد الإسلام – عباس إقبال.
3- الصفويون الجدد – مجلة الراصد الإسلامية، العدد 42.
4- عودة الصفويين – عبد العزيز بن صالح المحمود.
5- الشاه عباس الكبير – د. بديع محمد جمعة.
الصفويون والدولة العثمانية – أبو الحسن علوي بن حسن عطرجي.
6- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق – د. علي الوردي.
7- قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين – د. زكريا إبراهيم بيومي.
 
ثالثاً: الفُرس والفارسية
لماذا نطلق اسم الفُرس على الإيرانيين؟!.. ولماذا نسمي مشروعَهم المشبوه بالمشروع (الفارسيّ)؟!.. لأسبابٍ كثيرة، أهمها:
1- القومية الرسمية الرئيسة المعتَمَدَة للإيرانيين هي القومية الفارسية، وإيران كانت تُسمى: (بلاد فارس)، إلى أن بدأ عهد الأسرة البهلوية، فسُمِّيَت في عهد الشاه (رضا بهلوي) بالاسم الحالي: (إيران)، وعُمِّمَ اسمها الجديد دبلوماسياً ودولياً، واعتُمِد رسمياً.. وذلك في عام 1925م.
2- إصرار إيران على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، وقد رفض زعيمها (الخميني) ثم قادتها تسميته بالخليج الإسلامي، الذي اقترحه عليهم، حلاً وسطاً، بعضُ قادة الحركات الإسلامية المغشوشة بالثورة الخمينية الشيعية الفارسية.
3- اللغة الرسمية في البلاد هي: الفارسية، وذلك بموجب المادة رقم (15) من الدستور الإيرانيّ الحاليّ، التي تنصّ حرفياً في شقِّها الأول على أنّ: (اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة لشعب إيران هي الفارسية، فيجب أن تكونَ الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية والكتابة.. بهذه اللغة)!.. ثم يتبعه الشقّ الثاني من نفس المادّة، الذي بقي مُعطّلاً لم يُعمَل به منذ اعتماد الدستور رسمياً، وذلك بأمر (الوليّ الفقيه): (ولكن يجوز استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية)!.. أي أنّ الشق الثاني من هذه المادة أدرِجَ لذرّ الرماد في العيون وحسب.
4- نظام الحكم الإيرانيّ يتّبع سياسة تمييزٍ عنصريةٍ ضد كل الإيرانيين من غير الفرس (كالأذريين والبلوش والعرب والأكراد).. وقد وصف الرئيسُ (هاشمي رفسنجاني) العربَ الإيرانيين في عام 1985م بأنهم (غجر متخلّفون)، وكذلك وصفهم مرشدُ الثورة (علي خامنئي) في عام 1997م بأنهم (متخلّفون وجاهليون)!.. (من أين يأتي الخطر على إيران، صباح الموسوي).
5- تأكيداً على القومية الفارسية، وأنّ العمل لها وفي سبيلها (عنصرياً) كان حاضراً دوماً في عقول زعمائها وفقهاء الشيعة الإمامية عبر التاريخ.. يقول الطوسي في ص284 من كتابه (الغيبة): (اتّقِ العرب، فإنّ لهم خبرَ سوء، لم يخرج مع القائم منهم واحد)!.. (القائم: هو الإمام المهدي المنتَظَر عند الشيعة).. كما ورد في الجزء 52 ص231 من موسوعة (بحار الأنوار) للمجلسي ما يلي: (وليس بيننا وبين العرب إلا الذبح)!.. فهاذان الفقيهان من أكابر فقهاء الشيعة الإمامية، ينظران إلى العرب وغيرهم نظرةً عنصريةً شاذّة، بكل ما تحمل من حقدٍ تاريخيٍ عميق الجذور.
6- عرب الأحواز محرَّم عليهم أن يُسمّوا أبناءهم بأسماء عربية، أو أن يتقلّدوا أي منصبٍ حكوميّ، أو أن يتحدّثوا باللغة العربية، مع أنّ غالبيّتهم من الشيعة، فالتعصّب تعصّب قوميّ فارسيّ إذن!.. (هل الثورة الإيرانية إسلامية أم مذهبية قومية؟.. محمد أسعد بيّوض التميمي، موقع المقريزي).
7- أصدر الرئيس الإيرانيّ الحاليّ (أحمدي نجاد) قراراً في شهر آب 2006م، يقضي بـ (تفريس) كل جوانب الحياة الإيرانية، العلمية والثقافية والأدبية.. وغيرها. (من أين يأتي الخطر على إيران، صباح الموسوي).
8- ورد في الوصية السياسية الشهيرة للوليّ الفقيه مرشد الثورة الإيرانية: (الخميني)، في الصفحة23 ما يلي: (وأنا أزعم بجرأة، أنّ الشعبَ الإيرانيَّ بجماهيره المليونية في العصر الراهن أفضلُ من أهل الحجاز في عصر رسول الله)!.. هكذا، يعتبر الخميني أنّ الفُرس اليوم هم أعظم درجةً حتى من جيل الصحابة رضوان الله عليهم!..
9- انتشار اللغة الفارسية حالياً في جنوبيّ العراق الشيعيّ، بما في ذلك الأوراق الرسمية التي تقدَّم للمسافرين القادمين من الكويت، وذلك عند بوابات العبور إلى العراق (د. عبد الله النفيسي لقناة الجزيرة)!.. كما أنّ اللغة الفارسية بدأت تنتشر في إدارات الدولة ومعاملاتها الرسمية في محافظات جنوبيّ العراق الشيعية، وحول هذا يقول طبيب عراقي يعمل في البصرة: (صار علينا أن نتعلّمَ اللغة الفارسية، حتى نتمكّنَ من التفاهم مع الناس هنا).. (جريدة الشرق الأوسط، النفوذ الإيراني: المستور والمكشوف، 18/5/2007م).. وقد رصدت جريدة الشرق الأوسط -أيضاً- في الجنوب العراقيّ جيل الشباب هناك، (الذي يتعلّم اللغة الفارسية لغةً بديلةً عن الإنكليزية، وينخرط في الثقافة الفارسية إلى درجة اعتياد الاستماع إلى الأغاني الفارسية).. وهي دلالة أكيدة على عمق تغلغل الاحتلال الإيرانيّ القوميّ الفارسيّ للعراق!.. إذ لماذا تُستبدل اللغة الفارسية تحديداً باللغة العربية وهي لغة القرآن الكريم، وذلك في بلدٍ عربيٍ مسلم؟!..
10- بعض أهالي بلدة (المدائن) العراقية يقولون: (إنّ الهجمات التي استهدفتهم من قبل الميليشيات الطائفية المسلّحة العميلة لإيران، كان هدفها إخلاء المنطقة من سكّانها أهل السنة، ليُتاحَ للإيرانيين الاستيلاء على المدائن وإعادة ترميم (إيوان كسرى)، باعتباره صرحاً فارسياً يذكّرهم بأمجادهم التاريخية)!.. (جريدة الشرق الأوسط، النفوذ الإيراني: المستور والمكشوف، 18/5/2007م).
11- من المسؤولين الشيعة الفُرس في حكومة الاحتلال العراقية حالياً، الذين يُنكِّلون بأهل السنة، ويرتكبون الفظائع بحقّهم، وينتحلون أسماء عربية: (كريم شهبور="موفق" الربيعي: مستشار الأمن القومي، وعبد العزيز طبطبائي="عبد" العزيز الحكيم: رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وإبراهيم الأشيقر="إبراهيم" الجعفري: رئيس الوزراء السابق، وطارق مطر="صادق" الموسوي: مستشار رئيس الحكومة العراقية، وعلي زندي="علي" الأديب: قيادي بارز في حزب الدعوة الحاكم، وعادل أصفهاني="حامد" البياتي: المندوب الدائم لحكومة الاحتلال في الأمم المتحدة، وباقر صولاغ غلام خسروي="بيان" جبر: وزير الداخلية السفّاح السابق).. (المصدر: الملف نت، والجزيرة نت، 12/1/2007م). فضلاً عن المرجع الشيعيّ الفارسيّ الإيرانيّ (علي السيستاني)، الذي لا يتكلم اللغة العربية ولا يُجيدها، ومع ذلك له الكلمة الأولى في العراق الآن، وهو (مُحرِّك) التواطؤ مع المحتلّ الأميركي، وصمّام الأمان بالنسبة له.. وغيرهم الكثيرون.. وكل هؤلاء من أصولٍ فارسية، استولوا على السلطة في العراق، وسيطروا على مفاصل الدولة العراقية بحماية الحراب الأميركية.. فلماذا هؤلاء الفُرس بالتحديد يسيطرون على مقاليد الأمور في العراق؟!..
12- المادّة رقم (15) في الدستور الإيرانيّ الحاليّ، تنصّ في شقّها الثاني، كما ذكرنا في الفقرة رقم (3) آنفاً.. على حق الأقليات القومية بإيران في التمتع أو التعلم أو إصدار وسائل إعلامٍ بلغتها.. والمادّة رقم (19) تنصّ على أنه (يتمتع أفراد الشعب الإيرانيّ، من أي قوميةٍ أو قبيلةٍ كانوا، بالمساواة في الحقوق، ولا يُعتَبَر اللون أو العنصر أو اللغة أو ما شابه، سبباً للتفاضل).. كما تنصّ المادة رقم (20) على أنّ (حماية القانون تشمل جميعَ أفراد الشعب، نساءً ورجالاً، بصورةٍ متساوية، وهم يتمتّعون بجميع الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ضمن الموازين الإسلامية)!.. (الدستور الإيراني).. إلا أنّ هذه الموادّ الدستورية وغيرها، قد عُطِّلَت بأوامر رسميةٍ صادرةٍ عن (الوليّ الفقيه) الصفويّ الفارسيّ، وذلك منذ قيام الجمهورية الإيرانية الخمينية الحالية، ومنذ تدوين الدستور الإيرانيّ الشيعيّ الجديد. (راجع: من أين يأتي الخطر على إيران، صباح الموسوي.. وموقع البرهان: الدستور الإيراني والوحدة الإسلامية).
* * *
إنّ المشروع الإيرانيّ الذي يتغلغل أصحابه في بلاد العرب والمسلمين، هو، في أصله، مشروع قوميّ صفويّ فارسيّ، يتستّر بالدين، ويعمل خلف قِناع الإسلام، ويتمدّد بمختلف طرائق التضليل.. تضليل الدول والشعوب العربية والإسلامية، وهو لا يهدف إلا إلى أمرٍ واحدٍ فحسب: إخراج أهل السنّة من دينهم، ونشر خزعبلات الشيعة الإمامية الصفوية الفارسية، للسيطرة التامة على أمة الإسلام وأوطانها وشعوبها ومقدّراتها، بهدف إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، الآفلة على أيدي العرب والمسلمين منذ مرحلة صدر الإسلام!..
بقي أن ننوِّه، إلى أنّ إطلاقنا كلمة (الفارسية) على الفُرس، ليست شتيمةً ولا انتقاصاً عنصرياً، فهم يعتزّون بقوميتهم الفارسية، بل يتعصّبون لها ويسيرون على هَدْيها كما وجدنا آنفاً.. وعندما نُشير إلى أصحاب المشروع الإيرانيّ العدوانيّ في أوطاننا، فإننا نصفهم بأنهم (شيعة فُرس)، أو (صفويون فُرس)، ونصف مشروعَهم بأنه (مشروع صفويّ فارسيّ).. وفي كل هذه المصطلحات، إنما نقصد بها أصحابَ المشروع العدوانيّ الصفويّ الفارسيّ، الذين يهاجموننا ويعتدون علينا وينتهكون بلادنا ومجتمعاتنا وعقيدتنا وديننا ومقدّساتنا، بعقائدهم الشاذّة التي تُخرِج معتنقيها عن الإسلام، وبممارساتهم التبشيرية والإجرامية العنيفة المتطابقة مع ممارسات الصفويين الأوائل، وبعنصريّتهم القومية التي يتعصّبون لها، ويحاولون -بِها- إلغاء الآخرين وانتماءاتهم، لاسيما العرب، مادّة الإسلام وأهله.

الكاتب:
محمد بسام يوسف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..