الثلاثاء، 7 يناير 2014

وحدتنا الوطنية أكبر من «قادة القطيع» المحرّضين في «مواقع النت»

الجرس معلق على الوعي بقيمة «الأمن والأمان» و«النقد البناء» دعماً لمسيرة الإصلاح


المشاركون في الندوة أكّدوا أهمية تعزيز الوعي بقيم الوحدة الوطنية من خلال تفعيل دور المواطن عدسة - بندر بخش
أدار الندوة - د. أحمد الجميعة
    ليس لأنه وطن نفديه، ونحميه، ونسكن فيه، ولكنه مع كل ذلك ملاذ، وأمان، واستقرار، وحياة،
وكرامة، وشموخ.. هو وطن الجميع، نخاف عليه من أنفاس جاحد، وسموم حاقد، وعدو متربص، ومحرض، ومندس.. نخاف عليه من تقصيرنا، وسكوتنا، وعدم مبالاتنا.
وطن الجميع عقيدة وأرض، وإنسان وحضارة، وحاضر ومستقبل.. هو لنا حين ندرك واجباتنا نحوه، وهو معنا حين نأخذ منه حقوقنا عدلاً ومساواة، وهو فينا حين نتشارك معاً على بنائه وتنميته، وهو كل ذلك حين نعي فكراً وسلوكاً مسؤولية الكلمة تجاهه، وأهمية النقد في إصلاحه، ونبذ التعصب والتصنيفات لنرتقي بإمكاناته.
وطن الجميع هو أكبر من أن ينال منه "الخونة المندسون" في مواقع النت، وتحديداً في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أكبر من "قادة القطيع" المحرضين على الفتنة، وهو أكبر أيضاً من شائعات المغرضين.. هو لنا عزيز، مُهاب، كريم رغم أنف الحاسدين، وظلام المرجفين.. هو وطن لم نعطه كل ما يستحق.
"ندوة الثلاثاء" تناقش هذا الأسبوع تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في الوحدة الوطنية.
معجزة الوحدة
في البداية ذكر "أ. د. عبدالرحمن عسيري" أنّ الحديث عن الوحدة الوطنية في المملكة يعدّ موضوعاً طويلاً وشائكاً، فإذا استعرضنا الجزيرة العربية بشكل عام لم تشهد وحدة بين القبائل الموجودة فيها إلاّ مرتين: مرة عندما وحدها الإسلام وقضى على العنصرية القبلية، ثم تفرقت وتشتت مرة أخرى، والثانية عندنا وحدها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، معتبراً أنّ توحيد القبائل العربية يعدّ إنجازاً غير عادي مطلقاً؛ لأننا لو استعرضنا خارطة قبائل الجزيرة العربية، نجد أنّها متعددة ومختلفة، كأنها دويلات مختلفة، ولم يكن ممكناً أن يعبر الشخص حدود قبيلة إلى أخرى إلاّ بشق الأنفس، وقد لا يعود؛ مما يؤكّد على أنّ قضية الوحدة من المعجزات الحديثة في القرن الحالي، موضحاً أنّ المحفزات للمحافظة على الوحدة كثيرة، وهذه مسؤولية الجميع أفراداً ومؤسسات، ثم ما يمكن أن نسميه بالسلطة، متمنياً من الله -سبحانه وتعالى- أن يديم نعمة الأمن والأمان على هذه البلاد.

الحرية لا تعني الانفلات من المسؤولية الأخلاقية والقانونية وننتظر «سياسة إعلامية» جديدة ونظاماً لمحاربة التعصب قيمة الأمن
وعلّق العميد "سعد المطوع" على ما ذكره "أ. د. عبدالرحمن العسيري"؛ مبيّناً أنّه لا أحد يستطيع أن ينكر ما وصلنا إليه اليوم من استقرار ووحدة وأمن في كل أنحاء المملكة، إذ لا ينكر هذه الوحدة التاريخية إلاّ جاحد أو جاهل، ولعل الجميع يدرك قيمة هذه الوحدة، وقوة تماسكها، وتلاحمها قيادة وشعباً، وتحديداً عندما اندلعت شرارة فتن ما يسمى "الربيع العربي"، حيث كانت المملكة تنعم بالأمن والاستقرار والنماء، مؤكداً على أنّ الأمن هو أساس الاستقرار، ويتصدر المحفز الأول للحفاظ على هذه الوحدة؛ إذ من دون أمن على أرضية صلبة لن يزدهر الاقتصاد، ولا التعليم، ولا العدل والمساواة، ولن يتحقق خدمة الحاج والمعتمر والزائر، مشيراً إلى أن الأمن بأنواعه -خاصة الأمن الفكري- يحقق غاية واحدة هي حفظ الضرورات الخمس التي دعت إليها الشريعة الإسلامية (الدين، النفس، المال، العقل، النسل)، كما يتعزز الأمن بالوعي المجتمعي، وحسن التخطيط والاستعداد، ومواكبة المتغيرات الاجتماعية والتقنية، ومن ذلك مواقع النت، والتواصل الاجتماعي التي هي موضوع هذه الندوة.
تصنيف وتعصب!
وتداخل "د. خالد الفرم" معلقاً على ما ذكره "أ. د. عبدالرحمن العسيري" والعميد "سعد المطوع"؛ مؤكّداً على أنّ الوحدة بحد ذاتها تعدّ محفزاً رئيساً لأبناء المملكة بشكل كبير؛ مما ساهم في نجاح أول وحدة وطنية في هذه المنطقة، على الرغم من تركيبة المملكة المعقدة، حيث أنّها تتكون من قبائل، ومذاهب، ومناطق مختلفة في بنيتها الاجتماعية؛ لهذا فإنّ المنجز الذي يحق أن يعتز به كل مواطن هو تكامل منجز الوحدة من جميع النواحي الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، إضافة إلى المحفزات في مجالات السلم الأهلي، والاستقرار الأمني، خصوصاً في خضم ما تشهده الدول العربية من تشرذم، وانقسامات، وتفكك.
وقال: "في المقابل هناك مهددات للوحدة الوطنية في أي دولة من دول العالم، وليست في المملكة وحدها، وأقصد بالمهددات التصنيفات المذهبية والاجتماعية والمناطقية التي تعني الانحياز لفئة أو شريحة على حساب غيرها"، مشيراً إلى أن مجلس الوزراء سبق وأن حذّر في أحد قراراته من التصنيفات الفكرية والمناطقية، التي تصنّف وتقسِّم الوطن وأبناءه بالمعنى العرقي أو المذهبي أو الاجتماعي، مؤكداً على أن هذه القضايا كلّها تخفّض حجم المشتركات التي تجمع المواطنين، وتخفّض في الوقت ذاته من شعور المواطن بالمشترك الوطني الكبير، إضافةً إلى التطرف الذي أصبح يسيء لسمعة الوطن ومواطنيه بدءاً من أحداث (١١ سبتمبر)، وما زالت الحملات الغربية حتى الآن تسعى لتشويه وجه الوطن.
وأضاف أنّ من مهددات الوحدة الوطنية كذلك عدم وجود نماذج، إذ نحن بحاجة إلى أن يجد الجميع في أطراف المملكة نماذج لهم شابة تتواجد في المسرح الوطني الكبير، لتشكّل أملاً للشباب للوصول إلى هذه المواقع، محذراً من إغفال هذا الملف، حيث لا يوجد أي برامج من أجل تعزيز الوحدة الوطنية تساهم في غرس الانتماء، وتحفيز الولاء، خاصة في ظل التجاذبات بالمعنى الفكري، والتصنيفات الحادثة حالياً؛ لهذا فإن تغييب هذا الملف من المهددات؛ لأنّ الوحدة الوطنية عملية مستمرة لا تتوقف.
اتجاهات الرأي العام
وأشار "د. خالد الفرم" إلى أننا لو أجرينا تحليلاً لمضمون اتجاهات الرأي العام في المقالات الصحفية، نجد للأسف الشديد أنّ هناك عودة للإقليمية، والقبلية، والمذهبية، وذلك يعود إلى عدة ظروف داخلية وخارجية، ومن التهميش خصوصاً، موضحاً أنّ خادم الحرمين الشريفين قد وجه إلى مفهوم التنمية المتوازنة بين مكونات المملكة؛ سعياً منه إلى طرح مفهوم جديد لمكافحة التهميش، والتصدي لمحركات القبلية، والاقليمية، والمذهبية، معتبراً أنّ سبب ظهور التعصب يعود إلى ضعف خطاب الثقة في الجهاز الحكومي؛ مما يجعل المواطن يذهب إلى مدينته، أو إقليمه، أو قبيلته، أو مذهبه، ليجد ضماناً لتسهيل خدماته، لهذا فنحن بحاجة إلى تعظيم خطاب الثقة بين الشعب والحكومة، وتنفيذ مفهوم التنمية المتوازنة بالمعنى الجغرافي والاجتماعي.
الإعلام الجديد
وطرح الزميل "د. أحمد الجميعة" تساؤلاً عن بيئة الإعلام الجديد اليوم، وحجم تأثيره في الوحدة الوطنية؟ وأجاب "محمد الشقا"؛ مبيّناً أنّه تم إنشاء جمعية الإعلام الالكتروني لتحقيق العديد من الأهداف، ومن بينها ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية، والعمل على الحد من جملة من السلبيات في الصحف الالكترونية، والمنتديات، والمدونات الالكترونية، التي تدعو بشكل سافر إلى النعرات القبلية، والطائفية، والفكرية، موضحاً أنّه خلال العام الماضي تم اكتشاف أكثر من (٢٠٠٠) صحيفة الكترونية، الكثير منها لا تراعي المهنية، وأغلب القائمين عليها غير مهنيين، وليس لديهم خبرة بالإعلام؛ مما يسهّل على بعض الجهات الخارجية استغلالهم، بل واستقطابهم! مستدركاً أنّ بين (٢٠٠٠) صحيفة الكترونية في المملكة، هناك فقط (٧٠٠) صحيفة مصرح لها بالعمل، مؤملاً أن يتقلص العدد إلى أقل من ذلك؛ لأنّ من بين هذه الصحف الالكترونية فقط (١٥) صحيفة الكترونية تعمل بمهنية وحرفية محترمة، وأما باقي تلك الصحف الالكترونية ضعيفة؛ مما قد يمثل تهديداً للوحدة الوطنية.
رأي سلبي
وتداخل الزميل "عبدالله العميرة"، متسائلاً عن ما إذا كان إعلامنا ممنهجا ومتكاملا ما بين وسائله الالكترونية والورقية في تكوين رأي عام إيجابي؟ وأجاب "أ. د. عبدالرحمن العسيري"؛ مؤكّداً على أنّ وسائل التواصل الاجتماعي كوّنت رأياً عاماً سلبياً، فمثلاً الرسائل المتبادلة في وسائل التواصل الاجتماعي تدخل في مقارنة غير عادلة بين المملكة والدول المتقدمة في كثير من القضايا، وتصوير المملكة على أنّها أقل مكانة من تلك الدول! مستدركاً: "لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لها دور كبير جداً في تكوين الرأي العام، ولكن المؤسف هو أن هذه الوسائل تركز على الرأي العام السلبي".
تنامي الشائعات
وتساءل الزميل "د. أحمد الجميعة" عن الشائعات باعتبارها خطرا يزيد من حالة الإحباط والتأزيم لدى المواطنين؟ وأجاب العميد "سعد المطوع"؛ مبيّناً أنّ الشائعات في الوقت الحالي من السهل تداولها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أنّها بيّنت خفايا كثيرة بعد أنّ كان الإعلام الرسمي مسيطراً، ولكن الإعلام الحديث أصبح أكثر سيطرة الآن، موضحاً أنّ الشائعات التي تنطلق من حين إلى آخر وراءها أشخاص يستهدفون فئات معينة، كرموز الدولة، والمصالح الحكومية، كما يقللون من جهود الدولة التنموية، ويحرصون على تضخيم الأحداث، وتداولها بشكل سريع، مستدركاً: "أعتقد أنّ الناس أصبحوا يدركون أنّه ليس كل ما ينشر هو الحقيقة، وما كان خبراً صحيحاً بالأمس أصبح اليوم شائعة، وكل ذلك يعود إلى وجود المتحدثين الرسميين للجهات الرسمية الذين ساهموا في التقليل من أهمية الشائعات".

المعدي: من يحب وطنه ويخشى عليه من الأعداء لا يتخفى وراء أسماء وهمية! سوء الفهم
وأكّد الزميل "م. هاني الغفيلي" على أنّه لا يمكن السيطرة على الإنترنت ولا يمكن كذلك تقييدها، والإشكالية الموجود اليوم في التحول من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الجديد، حيث كان رئيس التحرير في الوسائل التقليدية مسؤولاً عن نشر المعلومة، بينما في الإعلام الجديد كل شخص رئيس تحرير، إذ أنّ التحول السريع أوجد فجوة، ومن المعلوم أنّ في جميع الشبكات الاجتماعية نجد أنّ الكل شريك في نشر المعلومة؛ لهذا فإنّ حدة الانتقاد الموجودة في وسائل الاتصال الاجتماعي هي بسبب التحول السريع الموجود، متسائلاً عن تحول الوسيلة التقنية إلى حلبة للصراع والانتقاد؟
وعلّق "د. خالد الفرم" على ما ذكره الزميل "م. هاني الغفيلي"؛ منوهاً بأنّ سطوة الإعلام الجديد تتضح عن طريق المقياس الرئيس لأي صحيفة إعلامية، من خلال الانتشار وحجم التأثير؛ مما يعني أننا أمام مشهد إعلامي جديد، وأن الجمهور تحول إلى الضفة الأخرى، ونحن الآن أقرب إلى حالة تشويش البث بين المؤسسة العليا وقاعدة الجمهور، موضحاً أنّ استمرار الأدوات الإعلامية الحالية والسياسات الإعلامية الموجودة الآن لن يجدي نفعاً في معالجة الوضع، وربما تزداد موجة سوء الفهم، مستدركاً: "المنصات الالكترونية يستخدمها الجميع، وهي منصات حضارية، وأدوات جديدة، ولكننا مازلنا نستخدم المضمون القديم، ونستخدم افرازات الأمراض الاجتماعية ونصبها في هذه الأدوات الحديثة".
حرية الرأي والتعبير
وتداخل الزميل "د. أحمد الجميعة"، متسائلاً: من حق المواطن أن يعبّر عن رأيه، ولكن هل يعني أنّ هذا الحراك نحو الحرية يعني الانفلات من المسؤولية القانونية والأخلاقية؟ أم لا بد أن يكون هناك قيم وثوابت وأنظمة تحمي الحرية وتعلي من شأنها؟ وأجاب "محمد المعدي"؛ مشدداً على أنّ الوعي لا ينتج قانوناً، وإنما القانون هو الذي يأتي بالوعي، مبيّناً أنّ النظام الأساسي للحكم نص في المادة (٣٩) على أنّ تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، وخطر كل ما يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه؛ لهذا فإنّ وسائل الإعلام الجديدة جاءت كمتنفس لكافة شرائح المجتمع؛ ليعبر عما في نفسه، سواء في الجوانب الاقتصادية، أو السياسية، أو الدينية، أو الاجتماعية، معتبراً أنّ ما يعيب قنوات التواصل هو الانفلات، وعدم المصداقية بالتخفي وراء الأسماء الوهمية، إلى جانب الحملات الإعلامية الموجهة من خارج المملكة، والخداع بشراء المتابعين، وشراء تكرار التغريدات.
وأضاف أنّ بعض من يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي لا يعرفون شيئاً عن المحاذير الأمنية، وخطورة تداول صورة شخص ما وهو يؤدي عمله، خصوصاً إن أتى بنصف الحقيقة، إلى جانب عدم التأكد من مصداقية الخبر، مبيّناً أنّه وقع في مشكلة عندما نقل معلومة لم يكن دقيقاً أثناء ترجمتها، وخلال فترة أعيد نشرها أكثر من (700) مرة، وبعد دقيقتين حذفت المعلومة الخطأ واعتذرت، إلاّ أنّ من أعادوا نشر معلومته تحولوا إلى شاتمين، متأسفاً على أنّ البعض لا يروج للأمور الإيجابية في المؤسسات والمجتمع، فمثلاً إذا صدمت امرأة في الشارع تجد من يتساءل: أين حقوق الإنسان؟
فرق كبير
وعلّق "محمد الشقا" على ما ذكره "محمد المعدي"؛ مبيّناً أنّ هناك خلطا واضحا وكبيرا بين وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الالكتروني؛ لأنّ الإعلام الالكتروني قبل خمس سنوات صدر أمر سام بضمه إلى نظام المطبوعات؛ مما يدل على أنّ الإعلام الالكتروني له سلطته ومسؤوليته، بينما نجد أنّ وسائل التواصل الاجتماعي ليست مسؤولة في هذا الجانب، والإعلام الالكتروني مسؤول ومرجعيته وزارة الثقافة والإعلام، وهناك عقوبات لأي انتهاكات، موضحاً أنّ الشائعات الآن أصبحت مدرسة، وتدار بحرفية كبيرة.

د. العسيري: «الخونة المندسون» أحبطوا المواطن وشككوا بمنجزات وطنه والتقليل من قيمته أمام الدول الأخرى خلط مفاهيم
وتساءل الزميل "د. أحمد الجميعة" عن مدى تجاوز حرية النقد في مواقع التواصل الاجتماعي لسقف "السلطة التفيذية" والهامش المتاح "المصلحة والمتغيرات"؟ وأجاب "د. خالد الفرم"؛ مؤكّدا على أنّ هامش النقد ارتفع بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية في المنظومة الإعلامية بجناحيها العام والخاص، أمّا فيما يتعلق بشبكات التواصل وحداثة التجربة أدى إلى اختلاط المفاهيم لدى البعض، فإنّ النقد الخدمي أمر مشروع ومقبول لدى بعض الوزارات والقطاعات الأخرى، ولكن الهدم والتشكيك في الثوابت والقمم الوطنية فهذا ليس مقبولاً؛ لأنّ نشر خطاب الإحباط وخفض الثقة في المنظومة الحكومية أضراره ستكون فادحة على المجتمع، موضحاً أنّ هناك عدم ادراك مجتمعي لخطورة مثل هذا الأساليب، إلى جانب عدم وجود برامج توعوية حيال هذه القضية؛ مما أدى إلى اختلاط الأمر بين النقد والتشكيك والإحباط الممنهج.
وعلّق "إيهاب الطرهوني"، مؤكداً على ما ذهب إليه "د. خالد الفرم" من أن هامش النقد وحرية التعبير تناميا بشكل كبير، إلى جانب حجم المشاركة والحضور في مواقع التواصل الاجتماعي، مستشهداً بعدد المستخدمين ل"تويتر" في المملكة الذي وصل إلى (7.000.000) مغرد، مشيراً إلى أن أكثر المدن تغريداً "الرياض" ثم "الدمام" و"جدة"، والفترات الأكثر نشاطاً من الساعة (10) مساءً إلى الساعة (1) صباحاً، ومن (7) إلى الساعة (1) صباحاً، كما أنّ "تويتر" مرتبط بما يعرض في برامج التلفزيون.
أساتذة الجامعات
وتساءل الزميل "عبدالله الحسني": جامعاتنا التي تعد حامية لأجيال المستقبل أصبحت مخترقة من قبل الأساتذة الذين يحملون فكراً إقصائياً، ورؤى ومواقف تتعارض أو تتباين مع سياسة الدولة أحياناً، أين دور الجامعة لاجتثاث هذا الفكر؟ وماذا قدمت الكراسي العلمية في تعزيز الوحدة الوطنية؟ وأجاب "أ. د. عبدالرحمن العسيري"؛ مشدداً على أنّ الجامعات تعدّ جزءاً من المنظومة العامة للمجتمع، وإذا كان هناك أساتذة في الجامعات يسيئون استخدام مناصبهم في الجامعة لنشر بعض الأفكار فهؤلاء قليليون، وقد يكونون معروفين على مستوى الجامعات، وعلى مستوى الأمن، والرأي العام، مستدركاً: "ولكن هناك جانبا إيجابيا في الجامعات، وأنا أحد أعضاء التدريس في جامعة الإمام، وهي من أكثر الجامعات السعودية نشاطاً في قضايا توعية الرأي العام بالفكر الضال، وقد عقدت الجامعة خلال الست سنوات الأخيرة ما يزيد على (3000) ندوة في كافة مناطق المملكة، حتى في المناطق النائية يصل إليها الأساتذة لعقد محاضرات للتوعية بالفكر الضال، ولدينا إحصاءات دقيقة بالمحاضرات والندوات وغيرها"، مشيداً بدور جامعة الإمام بن محمد بن سعود الإسلامية في قضايا المناصحة، إذ أنّ أكثر من (60٪) من المشاركين في برامج المناصحة هم من أساتذة الجامعة.
مكافحة الجرائم
وتساءل الزميل "عبدالسلام البلوي" عن ما تم بخصوص توصيات (13) لجنة من مجلس الشورى أُقرت من مجلس الشورى عن مكافحة جرائم المعلوماتية؟، وأجاب العميد "سعد المطوع"؛ مبيّناً أنّه صدر نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وتم إنشاء إدارة مكافحة الجرائم المعلوماتية في مبنى إدارة الأمن العام، ولها فروع في شرط المناطق ضمن إدارات التحريات والبحث الجنائي؛ لاستقبال البلاغات، منوهاً أنّ الاستخدام السيىء للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى انتهاك الحريات، وتضرر منه المواطن العادي وكبار الشخصيات في الدولة، مبيّناً أنّ البلاغات التي تأتيهم لم تصل إلى درجة كبيرة مقارنة بحجم المشكلة، معتقداً أنّ الأشخاص صاروا لا يعيرون الأمر اهتماماً، مشيراً إلى أنّ هناك جهات أمنية مختصة تتابع الانتهاكات الواضحة والجرائم حتى يمكن الوصول إلى المجرم الحقيقي!
وأضاف أنّ هناك العديد من القطاعات تشترك معهم في معالجة المشكلة، مثل: وزارة التربية والتعليم، والكراسي البحثية، والجامعات، موضحاً أنّ وزارة الداخلية أدت دورها وما زالت تتلقى بلاغات في هذه القضية والقضايا الأخرى، مشيراً إلى أنّ هناك نموذجا خاصا لاستقبال بلاغات جرائم الالكترونيات بشكل محدد، وبسرعة تامة، ثم ينقل الكترونياً من القسم إلى الوحدة الرئيسة في الرياض التي تعالجه، وهناك معامل للأدلة الرقمية بالنفي والإثبات.

د. الفرم: ضعف خطاب الثقة في الجهاز الحكومي جعل المواطن يذهب إلى مدينته أو قبيلته لإنجاز أعماله وتداخل الزميل "م. هاني الغفيلي"، متسائلاً: لماذا لا تُعلن العقوبات التي تُفرض على المجرمين في مجال الجرائم الالكترونية حتى تكون رادعاً للآخرين، وتحديداً في انتهاك الحريات الخاصة؟ وأجاب العميد "سعد المطوع"؛ مبيّناً أنّهم لا يريدون أن يكونوا متشددين أمنياً، موضحاً أنّ كل الدول تعاني بشكل كبير من سوء استخدام الإنترنت، حيث أنّ الخسائر في أمريكا بلغت حوالي (٢٥٠) مليار دولار من جراء الاختلاسات البنكية، والعمليات غير المشروعة.
جريمة منظمة
وتساءل الزميل "طلحة الأنصاري" عن مدى كون الجرائم المعلوماتية منظمة؟، وأجاب العميد "سعد المطوع"؛ قائلاً: "لا أعتقد أنّ جرائم المعلومات لدينا وصلت إلى مرحلة أن تكون منظمة، على الرغم من وجود محاولات غير ذات جدوى، إذ يعلم الجميع أنّ المملكة مستهدفة في كثير القضايا الاجتماعية".
وعلّق "د. عيسى العيسى" على ما ذكره العميد "سعد المطوع"؛ موضحاً أنّ الجريمة المعلوماتية من أصعب الجرائم اكتشافاً؛ لأنّ ليس لها حدود، وهناك مشكلة ربما تهدد الأمن الوطني حينما يجهل في استخدام التقنية، ويكون جسراً لمرتكبي تلك الجرائم ويصعب من تعقب الفاعل الحقيقي؛ مما يزيد حاجة المجتمع إلى التوعية من الاستغلال.
تأثير إيجابي
وتداخل الزميل "عبدالله العميرة"، متسائلاً عن إمكانية استثمار الإعلام الجديد في التأثير الإيجابي على المجتمع؟ وأجاب "د. خالد الفرم"؛ مبيناً: "يجب أن نعترف أننا لا نملك استراتيجية إعلامية وطنية للإعلام الجديد، وأن نعترف بضعف النظام الإعلامي الوطني بشكله الحالي، وأنّه غير قادر على المواكبة، وأنّه لا يجوز أن تُستخدم الوسائل القديمة في مشهد مختلف تماماً؛ إذاً نحن بحاجة إلى استراتيجية إعلامية قادرة للتعامل مع الإعلام الجديد"، موضحاً أنّ من الملاحظ أنّ النظام الإعلامي الوطني السعودي يعمل كجزر منفصلة عن بعضها، حيث نرى شبكات التواصل تعمل لوحدها، والصحف الالكترونية كذلك، والصحف الرسمية أيضاً؛ لذلك نجد الخطابات متصادمة ومتناقضة، والرأي العام يتعرّض إلى تشويش بشكل كبير؛ مما يخلق حاجة المجتمع إلى التعامل مع التقنية بعقلية نضالية، وحقائق على أرض الواقع، وتغيير أداء التواصل الحكومي مع المجتمع، من خلال إيجاد سياسة إعلامية حديثة تراعي كافة المتغيرات في المشهد الإعلامي.
استغلال «حقوق الإنسان» في الإساءة للمملكة
قال الأستاذ "محمد المعدي" إنّ موضوع حقوق الإنسان يعدّ المحرك الرئيس لبعض مهددات الوحدة الوطنية، حيث إنّ هناك من له حضور ثقافي وفكري وأحياناً يحمل شهادات عليا يستغل قضية حقوق الإنسان لأهداف فردية يرجو من ورائها شهرة لذاته، أو أن يثير بعض المشكلات التي تهدد وحدة الوطن، مثل: إشاعة أن هناك تمييزاً ممنهجاً ضد بعض الأقليات في المملكة، على الرغم من أنّ المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، ولا يوجد هناك ما يميّز بين مواطن وآخر، سواءً في التعليم، أو في التوظيف، أو في القضاء، إذ إنّ جميع المواطنين يتمتعون بالحقوق والواجبات!.
وأضاف أنّهم عند المشاركة في المحافل الدولية أو في أروقة الأمم المتحدة وجدوا أنّ هناك منظمات عالمية تعتمد على معلومات تُنقل إليهم من داخل المملكة، وعادةً ما تكون مغلوطة وغير صحيحة، مستدركاً: "نحن لا ننكر وجود أي مشكلة لكن بشرط أن تكون حقيقية؛ لأننا حينما نذهب إلى المشاركة في المحافل الدولية لا نسعى للحصول على شهادة حسن سيرة وسلوك من أي أحدّ، حيث إنّ المملكة بقيادتها وثقافتها وتاريخها غنية عن كل هذه المواقف المشوهة لسمعتها"، مبدياً قلقه الشديد من استثمار البعض لقضايا حقوق الإنسان -حتى الفردية منها- من أجل الإساءة إلى المملكة، مستدلاً بالحملة الشرسة الموجهة على مرفق القضاء.

العميد المطوع: نستقبل بلاغات جرائم «المعلومات الإلكترونية» بسرعة وسرية الحرية ليست مطلقة في المجتمعات الديمقراطية
أوضح الأستاذ "محمد المعدي" أنّ البعض يسيء فهم حرية الرأي والتعبير باعتبار أنّ هذه الحرية مطلقة في المجتمعات الأخرى.
وقال في فرنسا مثلاً يُمنع كتابة أو حديث علني يؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية، كما يُمنع نشر أفكار الكراهية بسبب أي ميول، ويرسم القضاء الألماني في البند الخامس حول حق الرأي والتعبير حدوداً مماثلة للقانون الفرنسي، تمنع خطاب الكراهية ضد العرق والدين والميول، مستشهداً بسجن أحد الألمان خمس سنوات فقط لأنّه وضع علم القاعدة في صورته الشخصية على "الفيس بوك".
وأضاف أنّ الولايات المتحدة الأمريكية وضعت ثلاثة مضامين لخرق حقوق التعبير، من خلال أنّ غالبية الأشخاص في المجتمع يرون أنّ حرية التعبير غير مقبولة، وطريقة ابداء الرأي هل يعارض القوانين الجنائية للولاية، وإذا كانت طريقة عرض الرأي يتحلى فيها بالصفات الفنية والأدبية، معتبراً أنّ حرية التعبير يجب أن لا تكون مصدراً لانتهاك حقوق الإنسان، ولا تعني أن تشكك أو تنتقد الوطن وتسيء إلى الأفراد من خلال تخوينهم.
شباب مدمن «تويتر» و «يوتيوب»
أوضح "د. عيسى العيسى" أنّ الشباب دخل مرحلة الإدمان في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر، فيس بوك، يوتيوب"؛ فلا تجد أي شخص إلاّ وهو يجلس ويتابع رسائل وتعليقات وصور ومقاطع برامج التواصل؛ مما خلق لديه انعزالية قاتلة عن المجتمع، وأصبحت هذه البرامج تُغنيه عن أشياء كثيرة.
وقال إن الشباب وجدوا في الإعلام الجديد سرعة المعلومة، وتناقلها على نطاق واسع مدعومة بالصور الثابتة والمتحركة، إلى جانب التفاعلية في التعبير عنها لحظة وقوعها، وهو ما قلّل من أهمية الإعلام الرسمي، ونمطية تقديمه للمعلومة، وتأخير عرضها، وربما اقتصارها على جوانب محددة من الحدث؛ مما أدى إلى انتشار الشائعات، مستدركاً: "من هنا يتضح أنّه ليس هناك توجه لدى مؤسسات الدولة ولا الإعلام التقليدي إلى التحول إلى ثقافةإعلام جديد حقيقي تحريراً وتقنية"، مستشهداً من أن الإعلام الرسمي لا يزال يعتمد على الورقي أكثر، والجامعات السعودية ما زلات تطبع الصحف الخاصة بها، على الرغم من أنّها موجهة إلى الشباب الذين يحملون أجهزة حديثة، فهذا دليل على أنّ الجهات الرسمية غير جادة في التحول الالكتروني!.
«الإعلام الرسمي» خارج نطاق التأثير..!
تأسف "د.خالد الفرم" من أنّ بيئة الإعلام الجديد في المملكة وجسامة حجم المتغيرات لم يواكبها استثمار سياسي وإعلامي كبيرين، حيث إنّ جمهور الإعلام الجديد يتفاعل مع بعض، فيما يقلّ اهتمام الجهات الحكومية بهذه المواقع الالكترونية، حتى أصبح الرأي العام للمرة الأولى في تاريخ الإعلام السعودي خارج نطاق الصياغة، والسيطرة، والتأثير، وأصبح رأياً سلبياً، على الرغم من ضخامة المشروعات وسخاء الدفع التنموي من الحكومة.
وقال:"كل ذلك بسبب ضعف منظومة الإعلام الرسمي، واختلاف البيئة، حيث أصبح المواطن هو المنتج للفيلم، ومراسل للصحيفة الالكترونية، وأصبح لدينا بالتالي منظومة إعلامية واتصالية؛ لذلك أصبح الخطاب الإعلامي على شبكات التواصل الاجتماعي مغايراً تماماً لما هو موجود على المنظومة الرسمية"، منوهاً بأنّه لا توجد محاولة تأثير قوية في هذه المنظومة الإعلامية الجديدة؛ مما أوجد لدينا مشكلة كبيرة في التواصل مع الرأي العام، والتأثير فيه إيجاباً، وتحديداً في تنمية وعيه نحو اسشعار المسؤولية، والخروج من أزمة الذات إلى التعامل مع الواقع بكل متغيراته، ومغرياته، وحتى تحدياته المجتمعية.
السعودية الأولى عالمياً
في استخدام «اليوتيوب»
راهن الأستاذ "إيهاب الطرهوني" على أنّ الإعلام الجديد بكل سماته وأدواته ووسائله وتقنياته هو مستقبل المملكة، سواءً على مستوى الإنتاج، أو النشر، أو البيع، خصوصاً أنّ المملكة تحقق نجاحات كبيرة في مجال التجارة الالكترونية.
وقال إنّ المعلنين في دول الخليج يستهدفون السوق السعودي، وحينما تصدر الاحصاءات عن الأجهزة الذكية الموجودة في العالم نجد أنّ المملكة تحتل المراكز الأولى في عدد المستخدمين، كما أنّ المملكة الدولة رقم واحد في استخدام "اليوتيوب" على مستوى العالم، والمعدل الشهري لعدد الدقائق التي يستخدمها السعودي هو بين (٣٠٠-٤٠٠) دقيقة؛ بسبب عدم وجود أماكن ترفيهية أخرى، مثل: السينما وغيرها، موضحاً أنّ البرامج التي تظهر على "اليوتيوب" هي من انتاج السعوديين، وتتفاعل مع قضاياهم وهمومهم وأمنياتهم وأحلامهم، ويعبّر الجميع عنها بحرية ونقد وربما انتقاد، مؤكداً على بيئة السعوديين الاتصالية جاهزة تقنياً ومجتمعياً، ولكن تحتاج إلى نظام، ووعي في حسن التعامل، ثم تنطلق إلى مكان بعيد ومميز للمنافسة.
مقترحات وتوصيات
- إيجاد سياسة إعلامية جديدة للمملكة تراعي كافة المتغيرات في المشهد الإعلامي.
- التوعية بأنّ حرية الرأي والتعبير في وسائل التواصل الاجتماعي لا تعني الإساءة للوطن ورموز، والتشكيك بمنجزاته، أو قذف الأشخاص والتطاول عليهم.
- إعداد نظام لمحاربة التعصب (الديني، القبلي، المناطقي) وتطبيقه بصرامه.
- تعزيز "الإعلام الأمني" و"الأمن الفكري" من خلال تنمية وعي المجتمع بالمخاطر السياسية والأمنية والاقتصادية التي تثار حول الوطن، وتحويل المواطن إلى شريك حقيقي في تحمل المسؤولية قبل نشر أي مواد تسيء للدولة، كما حدث مع بعض الصور في قضية ترحيل المخالفين.
- الاهتمام بفئة الشباب خصوصاً فيما يتعلق بالأنشطة التي تستهويهم.
- الحرص على إضافة الطرح الإعلامي المتطور، حيث أنّ بعض الوسائل الإعلامية تفتقد الكثيرمما يطلب منها، حتى في الهجمات التي تتعرض لها المملكة لا يتم التعامل معها إلاّ متأخراً.
- الإيمان بدور الإعلام الالكتروني، وأهميته، و التأكد من قوته وحجم تأثيره.
- مواجهة الشائعات بوسائل متطورة تتناسب مع طبيعتها وطريق انتشارها، حتى يسهل دحضها والرد عليها.
قبل «الصحوة» لم نعرف «إخواني، ليبرالي، سلفي،...»!
بيّن "أ.د.عبدالرحمن عسيري" أنّ المملكة قبل أن تعرف مرحلة "الصحوة" لم يكن فيها ما يمكن أن يُسمى بالتصنيفات الفكرية (اخواني، ليبرالي، سلفي،...)، حيث كان المجتمع متجانساً من حيث الرؤى الفكرية، أما بعد "الصحوة"؛ دخل المجتمع في مرحلة انتقالية، كان من سماتها إنشاء تجمعات غير منظمة فكرياً، إلى جانب مساهمة الخطاب الديني بشكل قوي جداً في إثارة التعصب خصوصاً بين التيارات الفكرية.
وقال إنّ الخطاب الديني المتشدد ما زال يؤجج فكر المجتمع، مثل خطباء الجمعة، حيث يدعو بعضهم من على المنبر على من يخالفهم في الفكر والمنهج: "اللهم دمرهم، اللهم شتت شملهم.."!.
وأضاف أنّ التعصب القبلي من أهم مهددات الوحدة الوطنية، إذ يعدّ ظاهرة حديثة نشأت في وقت قريب جداً بعد أن وصل المجتمع إلى درجة من الإندماج القبلي بشكل كبير لا يمكن تصوره، وكان بعض الأبناء لا يعرفون إلى أي قبيلة ينتمون، ولكن حدثت مشكلة قبل عشر سنوات، من خلال البرامج التلفزيونية التي تحاول أن تثير هذا النوع من النعرات القبلية، ثم تبعها بعد ذلك "مهرجانات المزايين" التي زادت من هذا التوجه القبلي، حيث بدأ إحياء قضية التعصب؛ لدرجة أنّ بعض الأطفال والمراهقين بدأوا يستخدمون رموزاً معينة -آنذاك- على السيارات وأسماء "البلوتوث".
وأشار إلى أنّه من خلال رصدهم لقضايا التعصب القبلي وجدوا أنّه وصل إلى مرحلة كبيرة في كثير من المؤسسات، سواء التعليمية أو مؤسسات المجتمع بشكل عام، كما أنّ وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً في إحياء النعرات القبلية، مستدركاً: "المجتمع السعودي بشكل عام متجانس إلى درجة كبيرة جداً"، معتبراً أنّ هذا لا يمثّل مشكلة كبيرة في عدم التجانس!، موضحاً أنّهم أجروا دراسة في "كرسي الوحدة الوطنية" بجامعة الإمام عن مستوى الإندماج والانصهار بين شرائح ومكونات المجتمع السعودي، في حين أنّ معظمهم لا يعرفون شيئاً عن "الليبرالية" ولا "العلمانية"، وإن عرفوا لا يستطيعون التفريق بينهما، ويظهر ذلك جلياً في نقاشاتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أنّ المشاركين كانوا يصنّفون شرائح المجتمع بذلك، إلاّ أنّه كانت لديهم رغبة قوية في الاندماج والتعاون معهم.
المواطنة.. حاربها «الإخوان» في مدارسنا ثم حولناها منهجاً عقيماً!
تساءل الزميل "د.أحمد الجميعة" حول رؤية شباب اليوم للوحدة الوطنية؟، وهل يمكن القول بأن الجيل الحالي حسم أمره حول مفهوم الوطنية بأنها قائمة طويلة من الحقوق من دون واجبات؟، وأجاب "أ.د.عبدالرحمن العسيري"، مبيّناً أنّ "كرسي الوحدة الوطنية" بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أجرى تسع دراسات عن قضايا المواطنة، ومفهوم الشباب للمواطنة، حيث تبيّن أنّ المفهوم مفقود لدى بعض الشباب؛ بسبب أنّ القضية كانت شيئاً محارباً في كثير من المؤسسات التعليمية، ولدى المشرفين على بعض القضايا التعليمية، خصوصاً في الفترة التي سيطر فيها الإخوان المسلمون على التعليم بشكل شبه تام، فنشأت أجيال في ظل هذا الوضع الرافض لفكرة المواطنة.
وأضاف أنّهم كانوا يسألون الطلاب: ماذا تعني لهم المواطنة؟، فكانت غالبية الإجابات عبارة عن لائحة طويلة من الحقوق، مثل: أن توفر لي الدولة وظيفة، وتضمن لي معاشاً، ونادراً جداً أن تجد من يعرف أن المواطنة حقوق وواجبات، موضحاً أنّ تعميم هذا المفهوم يحتاج إلى جهد كبير جداً، معتبراً أنّ الوحدة الوطنية لا يمكن أن تتحقق بشكل تام، إلاّ إذا عُلّم الشاب أنّ المواطنة حقوق وواجبات.
وأشار "د.عيسى العيسى" إلى أنّ الوحدة الوطنية تعد مكسباً حصلت عليها الأجيال على مدى عدة سنوات، حيث كانت المملكة مبنية على قبائل، والآن أصبحت مدينة مثل الرياض تضم الجميع، ولا ترى أي تفرقة بينهم، إذ إنّ النظام هو الحامي، ويتيح لأي مواطن أن يحصل على حقوقه مثل الجميع، معتبراً أنّ الهجرة إلى المدن ساعدت على الإندماج والتجانس بين أفراد المجتمع. وقال إنّ هناك خلطاً في مفاهيم الوطنية لدى الشباب، موضحاً أنّه عندما كان يشرف على برامج الابتعاث قبل عدة سنوات، كان يأتيه الطالب ويقول:"أريد الابتعاث للتعليم حتى أعود لأخدم وطني"، وأرد بأنك تريد خدمة نفسك؛ إذ إنّ خدمة الوطن تكون حينما يقدم الشخص عملاً تطوعياً، ويتبرع، ويتنازل عن أشياء كثيرة من أجل الوطن، مبدياً أسفه من أنّ الوطنية تُدرّس للأجيال بمنهج عقيم؛ لأنّها سلوك وحس متأصل نابع من الوجدان حباً وتضحية وخوفاً وفرحاً وعملاً ومسؤولية، وليست مادة تُعطى في المراحل التعليمية ثم يكون الاختبار، وينجح الجميع!.
معرّفات «قادة الإحباط» والمدسوسين من الخارج
أكد "أ. د. عبدالرحمن العسيري" على أن معرّفات "قادة الرأي" في مواقع التواصل الاجتماعي تعود إلى شخصيات تحمل أفكاراً وتوجهات وأطروحات تخدم أهدافاً محددة!، وهذه الأطروحات في الغالب هي نقد سلبي لكل ما يمس الوطن، ويؤدي إلى نشر ثقافة الإحباط.
وقال:"هناك كثير ممن يحاول التشكيك في كل شيء وطني"، معتبراً أنّ هناك أشخاصاً مدسوسين من الخارج لتوجيه الرأي العام الداخلي، ويأتون بمعرّفات معينة ومتكررة، وقد يكون الشخص الواحد لديه (٢٠٠) أو (٣٠٠) معرّف، ثم يبدأ في توجيه الرأي العام، أو قد يكونون من أبناء الوطن لكن لهم أهداف معينة في ذلك.
واختلف "إيهاب الطرهوني" مع ما ذكره "أ. د. عبدالرحمن العسيري"؛ معتبراً أنّ من يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي ليس لديهم ثقافة نشر الإحباط، موضحاً أنّهم دائماً ما يبحثون عن شيء مفيد، وعن أي بارقة أمل يتمسكون بها، مستشهداً بتأييدهم لحملات التصحيح لأوضاع المخالفين لنظام الإقامة والعمل، وترحيل مجموعات منهم، حيث انتشرت صورة الأمير "تركي بن عبدالله" -نائب أمير منطقة الرياض- أثناء مشاركته الميدانية في "منفوحة"، حتى صارت من أكثر ما تم تداوله ذلك اليوم.
المشاركون في الندوة

أ.د. عبدالرحمن العسيري أستاذ كرسي الوحدة الوطنية

العميد سعد المطوع مدير إدارة الجرائم المعلوماتية في الأمن العام

د. عيسى العيسى عميد كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

د. خالد الفرم أستاذ الإعلام الجديد بكلية الإعلام والاتصال

محمد المعدّي مدير العلاقات العامة في هيئة حقوق الإنسان

محمد الشقاء رئيس جمعية الإعلام الإلكتروني

إيهاب الطرهوني مدير حسابات العملاء بشركة «كنكت آدز»
حضور الرياض

د. أحمد الجميعة

م. هاني الغفيلي

عبدالله العميرة

عبدالسلام البلوي

عبدالله الحسني

منيف العتيبي

علي الزهيان

طلحة الأنصاري


المصدر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليق:
السؤال البسيط الذي يشاركني فيه كثيرون :
هؤلاء المحرضون في مواقع التواصل.. أغلبهم معروفون
ويكتبون بأسماءهم الشخصية،
والأسوأ من هذا أن هناك أكاديميين منهم ويعملون في الجامعات
فأين الجهود في تطهير الجامعات من أمثال هؤلاء المحرضين على بلدنا !؟
هل يحتاج الأمر الى توضيح بالأسماء؟!
اعتقد الكثيرون يعرفونهم بسيماهم وفي لحن القول
تطاولوا حتى على المشايخ الناصحين !
هذا السؤال يحتاج اجابة، فهل سأجدها ؟!

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..