انتهى
موضوع سيارة (غزال) إلى لا شيء، وتحول إلى طرفة يتداولها الناس، وأنا هنا
لن أناقش الموضوع، فقد شبع بحثا، ونقاشا، وحتى (تريقة)، الذي أريد مناقشته
في ضوء فشخة (غزال) هو موضوع وعود المن والسلوى التي يطلقها بعض المسؤولين،
وهم ليسوا واثقين من دقتها وصدقها، مراهنين على ذاكرة الناس المخرومة أو
الغربالية التي تنسى ما قيل أمس القريب، ولا تجد من يذكرها، ولعل هؤلاء
المسؤولين الآن يجدون في (غزال) عبرة وعظة، فمع أن المشروع كله - حتى لو
نجح – لا يهم الغالبية، إلا أنه لم يمت ولم يطوه النسيان، وسيظل خالداً في
الذاكرة الجمعية، بل وسيصبح مثلا يضرب، فكلما وعد مسؤول بمشروع أو خدمة لم
تتحقق في موعدها سيقال (مثل غزال) أو (تعرف غزال) أو (أكذب من غزال)، وقد
تجد من يحور كلمة وهم في أغنية محمد عبده الشهيرة ليلة خميس فيقول (كل
المواعيد صارت غزال).
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
لم
يعد الناس ينسون، ليس لأن صحتهم تحسنت، أو أنهم يتعاطون علاج تنشيط
الذاكرة، ولكن لأن العم البديع (قوقل) ورفاقه من محركات البحث، كفوه مؤونة
التذكر، وأصبحوا يضعون الماضي بين يديه خلال ثوان معدودات، ومن ثم تتكفل
وسائل التواصل الاجتماعي بإيقاظ ذاكرة الناس، إذ يكفي أن يقوم أحد المهتمين
بمتابعة ورصد موضوع - ما-، بكتابة مائة حرف أو نحوها عنه في فضاء تويتر
ليوقظ ذاكرة الملايين في لحظات، وحينها من هو الذي يستطيع الإنكار سيما إذا
تدخل ال (يوتيوب) فقدم الحقيقة القديمة صوتا وصورة!
من
المؤكد أنه لو لا هذه التقنية وروافدها، لنسي الناس (غزال)، كما نسوا آلاف
المواعيد والمشاريع غيرها، ومن المؤكد أن هناك، قديما وحديثا، راصدين
ومتابعين ومهتمين لا ينسون، لكن يظل تذكرهم في حدود أشخاصهم، وتبقى أصواتهم
محدودة الصدى، مهما ارتفعت، أما الآن ومع هذه التقنيات التي لا تدع شيئا
يضيع، فإن تذكرهم يتحول إلى الذاكرة الجمعية فورا، وصوتهم يصل إلى ملايين
الآذان في لحظته، ولهذا حري بكل مسؤول ألا يعد المواطنين بأي شيء، ما لم
يكن متأكدا، مائة بالمائة، من دقة وصدق ما يعد به، خاصة ما يتعلق
بحاجات الناس وخدماتهم، فهم سيسألونه حين يحل الموعد، وسيذكرونه بما قال
بالنص، وبالدقيقة والثانية التي وعدهم فيها، ما لم يستبق الموعد الذي ضربه
معهم ليوضح ماذا حدث وسيحدث، إن كان ما وعدهم به سيتأخر أو يتعثر.
الكذب
لا شك خصلة كارثية مذمومة على مستوى الإنسانية كلها، ومع ذلك ما زال البعض
يكذبون دون رادع من ضمير ولا إيمان، ودون أن يجدوا من يحاسبهم على
أكاذيبهم، ربما لصعوبة استذكارها، وربما لسهولة التنصل منها بالتحريف
والتأويل، أما اليوم فلم يعد ذلك ممكنا، لا النسيان متاح، ولا
التنصل والتحريف واردان، هنا سجل تقني دقيق، لا يسمح لمدع بالتقول، ولا
لمتنصل بالتبرؤ، وكم هي فضائح المتناقضات التي أحصاها هذا السجل وأوردها
لتكون نقطة سوداء في سجل أصحابها.
إن
ضرورة مراعاة المسؤولين وانتباههم لكلماتهم ووعودهم ليس أمرا جديدا عند
العالم المتقدم من قبل تطورات التقنية الحديثة، فلديهم، أساسا، مؤسسات
مجتمع مدني تحصي وتدقق وتحاسب، وجاءت التقنية لتعزز ما هو موجود عندهم، أما
في العالم الثالث الذي نحن جزء منه، فلم يعتد المسؤولون فيه على الحساب
والعقاب، ولذلك حين جاءت
هذه التقنية الخطيرة، لم يعيروها كبير اهتمام، وربما كثير منهم لم ينتبه
لأهميتها وخطورتها حتى الآن، إما جهلا أو تعاليا، غير أن الجماهير العريضة
وجدت فيها ضالتها للتنفيس والتذكير والكشف، واكتشفت خلال سنوات وجيزة جدا،
أن كثيرا من وعود المسؤولين المسجلة لم تتحقق، وأن بعض المسؤولين لا يتورع
في أن يقول ما لا يفعل، أو ما لا يستطيع أن يفعل. وبطبيعة الحال فلا أحد
يستطيع، من خلال هذه التقنية، أن يحاسب مسؤولا أو يعاقب آخر، ولسان حالهم
يقول: هل حاسب أو عاقب أحد أحدا على (غزال)، لكن ومع هذا أعتقد أن لهذه
التقنية (الذاكرة) فضائل كثيرة، لعل من
أهمها تكريس فضيلة الصدق، وتربية من لم يترب عليها
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..