خطيئة جهيمان
الكاتب و الباحث ناصر
الحزيمي واحد ممن عاصروا جهيمان العتيبي، بل واقترب منه داخل جماعته لدرجة
جعلته يقف على أدق تفاصيل شخصيته وتفكيره. وشاهد عن كثب مراحل تأسيس جماعة
السلفية المحتسبة،
المجلة : كيف ترى الوضع الاجتماعي الذي ظهر فيه جهيمان خاصة أن هناك من يرى تأثير للبعد الاقتصادي علي ظهوره ؟
– هذه الفرضية لم تعززها الدراسات الاجتماعية، لكن حسب
ما نلاحظ أن جهيمان العتيبي نشأ في منطقة تعتبر بادية متحضرة، وهي «ساجر» ،
التي كانت إحدى هجر «الإخوان » التي تأسست في عهد الملك عبد العزيز لتوطين
البادية وبالتالي تعليم الأمور الدينية في البادية المتوطنة في ساجر, كان
يغلب عليها ، فهي التي حاربت فيما بعد الملك عبد العزيز في «السبلة »، ونشأ
جهيمان في هذه المنطقة وهي من المناطق التي تعتبر نفسها متضررة من هذا
الوضع ، و «جهيمان » نشأ في هذه المنطقة التي تعد بادية متحضرة «نوعًا ما
»، لأن التحضر لم يكن فيها كاملا وقد هاجر إلى ساجر من البادية والد جهيمان
محمد بن سيف ، وعليه فجهيمان يمثل الجيل الأول من أبناء هؤلاء الذين
استوطنوا هذه الحاضرة . يعني لم يكن هناك انفصال في الولاء للقبيلة ، بل ما
زالت القبيلة في داخل جهيمان وفي صميمه ، وكانت «ساجر » مجرد سكن فلم ينس
أنه ينتمي إلى البادية، والرجل يكاد يكون كما هو، بل تكاد تكون نشأته نشأة
بادية أكثر منها نشأة حاضرة.
المجلة: البادية المتحضرة التي انتمى لها جهيمان في ساجر هل كان لها ارتباط بالإخوان؟
أنا أدركت هذه البادية وعرّفنِي جهيمان في فترة معينة من
السبعينيات، على كثير من الإخوان الذين شاركوا في عمليات السلب وكانوا
كبارًا في السن طبعًا ولم يكونوا صغارًا وكانوا يحكون، لنا في الجلسات
حكايات الإخوان وحكايات الجهاد والكرامات التي رأوها في الجهاد كمرحلة
ثانية من حكايات السلف من فتوحات الصحابة والغزوات وما شابه، كانت حاضرة في
ثقافتهم و في ذهنيتهم وكثير منهم يحفظ هذه الحكايات .
المجلة: هل كان لها تأثير في العقل الباطن؟
– نعم، بكل تأكيد كان لها تأثير مباشر،
حتى في مواقف جهيمان فيما بعد ، اتكأ على مواقف حصلت مع «الإخوان » قديمًا
مث عندما أصبح جهيمان شخصًا مطلوبًا للأمن بعد سنة 1398 ه ، أو قبلها قلي
كان يفسر هروبه وعدم تسليم نفسه بأنه يخاف أن يحصل له مثل ما حصل للإخوان
القدماء أمثال سلطان بن بجاد وغيره. جهيمان التحق بالعمل الحكومي في الحرس
الوطني ، ودرس في الجامعة الإسلامية.
المجلة: متى بدأ التفكير في تأسيس «الجماعة السلفية المحتسبة » التي أسسها ؟
– أسسها قبل سنة 1965 م ، وكان متذبذبًا بين جماعة التبليغ
وجماعات تكاد تكون شبه بدوية من أواخر «الإخوان » القدماء، فبداياته كانت
قبل سنة 1965 م؛ وبعدها اجتمع ستة أشخاص أبرزهم: ناصر بن حسين ،سليمان بن
شتيوي ؛ سعد التميمي ،جهيمان العتيبي ؛ واتفقوا على تأسيس الجماعة السلفية
وكان اثنان منهم ينتمون تقريبًا لجماعة التبليغ، أحدهما كان سلفيًا من
تلاميذ الشيخ ناصر الدين الألباني وهو سليمان بن شتيوي والثاني هو جهيمان ،
وكان في تلك الفترة متذبذبًا بين التبليغيين والسلفيين، مع ملاحظة أن
جماعة التبليغ لا تدعو إلى التوحيد؛ وإنما تقوم دعوتها على الزهد والأخلاق
والموعظة الحسنة وعدم التصادم مع السلطة، فاتفق هؤلاء الستة، أنت ذكرت منهم
أربعة فقط لأن هناك اثنين لا أحفظ اسميهما، لكن الأرجح أحدهما توفي قبل أن
انضم للجماعة ،والثاني فصل لأنه كان من «الإخوان المسلمين » , وكان يريد
أن ينحرف بمنهج دعوة الجماعة من السلفية إلى منهج جماعة الإخوان المسلمين،
الخلاصة أن هذه المجموعة ذهبت إلى الشيخ عبد العزيز بن باز وكان وقتها في
المدينة المنورة، والتقوا به وقالوا له نحن نريد أن نؤسس جماعة ونقوم
بالدعوة وهذه الجماعة تهتم بمنهج السلف وتحارب البدع وتكون على الكتاب
والسنة وتحكّم القرآن والسنة. فسألهم الشيخ عبد العزيز بن باز عن اسم هذه
الجماعة؟ فقالوا إنها الجماعة السلفية. فقال لهم بما أنكم تدعون الحسبة إلى
اللـه، سموها «الجماعة السلفية المحتسبة », فأصبح اسم الجماعة من هذا
الوقت ) الجماعة السلفية المحتسبة(، على أساس أنها تحتسب الأجر من الله
وهكذا انطلقت الجماعة بصفتها العلنية الدعوية ، وكان أول بيت للجماعة أجره
الشيخ ابن باز في الحرة الشرقية، وكان بيتًا كبيرًا يضم مكانًا )حوش(
للمحاضرات والدروس، وغرفًا كثيرة، وكان الشيخ عبد العزيز بن باز, وبعض
مشايخ المدينة المنورة يحضرون هذه الدروس مثل الشيخ أبو بكر الجزائري،
وهكذا صارت الجماعة محتسبة سلفية ولا تحتج إلا بالحديث الصحيح ولا تأخذ إلا
بمنهج السلف وتدعو إلى التوحيد الصحيح وتحارب البدع وتحارب القبوريين وما
شابه ذلك وكان للجماعة مجلس شورى يجتمع ويناقش الأمور سرًا دون معرفة بن
باز وغيره من المشائخ .
المجلة: وكيف كان تأثير الشيخ محمد ناصر الدين الألباني على مسار الجماعة هل كان له دور في اختيار المسار ؟
– السلفية التي طرحها الشيخ الألباني أصبحت ضمن نسيج
مفهوم السلفية عند الجماعة، بمعنى أن تقوم على نبذ التمذهب، والأخذ
بالأحاديث الصحيحة، وتنقية السنة الصحيحة من الأحايث الضعيفة ، وأصبح
المقابل هو المعادل الموضوعي الذي كان يقوم على الأخذ بالعقيدة السلفية
الصحيحة وطريقة السلف في فهم التوحيد فأخذوا من علماء الدعوة السلفية خاصة
كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب الشيخ بن تيمية، وكتب الشيخ ابن القيم,
وتلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب، في جوانب التوحيد والعقيدة، ونبذ
التمذهب والأخذ بالأحاديث الصحيحة والسنة الصحيحة , هذه غالباً ماخوذة عن
كتابات الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وتلاميذه المحدثين وعليه فمفهوم
السلفية عندهم أصبح هذه التوليفة من مفهوم الفكرين.
المجلة: طالما أن الجماعة في البداية عملت في العلن فمتي انتقلت إلى العمل السري وحشد الأتباع ؟
– الجماعة نشأت كجماعة علنية لأن تركيبة الجماعة تقوم
على التذكير، وكان وقتها لا يوجد حظر أو منع لأي تيارات إسلامية طالما أنها
لا تمس قضايا التوحيد المهمة ,ولا تمس الأمن الوطني، فكانت الجماعات بشكل
عام موجودة وكان هناك خطباء معروف أنهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين،
وخطباء معروف أنهم ينتمون للجماعة السلفية، وكان العمل السري في نطاق محدود
جدًا، مثل اجتماعات مجلس شوري الجماعة.
المجلة: هذه الاجتماعات السرية كيف تطورت في
مرحلة حشد الأتباع، خاصة في نهاية السبعينيات ووجود مجموعات كبيرة من
الشباب من شتى أنحاء المملكة ؟
– الجماعة بدأت بأعداد معينة أغلبهم كانوا طلابًا في
الجامعة الإسلامية و تلاميذ المعاهد العلمية، لكن الجماعة بدأت تتنامى ،
وبعد أن كان لها بيت واحد في الحرة الشرقية صار لها بيت ثانٍ هو بيت
الإخوان في مكة المكرمة ، وكان يضم مجموعة من الإخوان، وكانوا غالبًا
تلاميذ في معهد الحرم المكي، بعد ذلك تأسس بيت الإخوان في الرياض. و أذكر
أن مبرر تأسيس البيوت كان أن الجماعة أصبح لها تمدد وهذا كان قبل سنة 1398 ه
، وتأسس بيت الإخوان الأول في الرياض، ثم تأسس بيت ثانٍ في منفوحة عند
مسجد الرويل, ثم ثالث في شارع الغنم، فأصبح للإخوان في الرياض ثلاثة بيوت،
وفي جدة أصبح لهم بيت وفي الطائف بيت، وهذا هو ما أعرفه لكن الجماعة تمددت
وأصبح لها أنصار منهم من يعتبرون أنفسهم أنهم ينتمون للجماعة السلفية ومنهم
المحبون لهم خصوصًا أن الجماعة استقطبت » ناس كثير » من الجماعات
التبليغية من جماعة التبليغ وأصبح مع الإخوان في تلك الفترة يعني قبل سنة
1398 ه 1979 م.
المجلة: لكن متى بدأ انضمام مجموعات كثيرة من الجنوب للجماعة؟
– حدث هذا بعد سنة 1398 ه 1979 » م » عقب واقعة الاعتقال
الأول للجماعة بسبب تقرير كيدي زعم أن الجماعة لديها مستودعات سلاح ثم
تأكدت الدولة أن هذا التقرير كان كيديًا وغير صادق .
المجلة: هل كان الانضمام لهذه الجماعة سهلا لا يتطلب أي قيود؟
– الجماعة لا يوجد فيها ما عند التنظيمات الأخرى، فلا يوجد
فيها التنظيم العنقودي إنما يؤهلك في هذه الجماعة أن تكون عالمًا أو طالب
علم ثم ومواقفك في الطاعة للقائد، وهو جهيمان في تلك الفترة، هذه غالبًا هي
مؤهلات الانضمام ، لكن بعد أن أصبح جهيمان مطلوبًا أمنيًا ، أصبحت الجماعة
متحفظة تجاه العناصر التي تنضم لها فكان من الممكن أن ينضم لها واحد من
الخارج، لكن لا يمكن أن يطلع على كثير من أسرار الجماعة، مثل المنشورات
التي كانت تطبع في الكويت، لم يكن كثير من أفراد الجماعة يعرفون كيف كانت
تطبع؟ وكيف كانت تروح وتيجي؟ وكيفية الاتصال بجهيمان؟ كثير منهم ما كان
يعرف كيف كان يتم الاتصال بجهيمان، ومن هم حلقات الوصل بينهم وبين جهيمان
وهكذا.
المجلة: ذكرت أربعة من المؤسسين كيف آلت وضعية الجماعة من بدايتها إلى زعامة جهيمان؟ وما الصفات التي كانت تميزه؟
– الجماعة من بدايتها لم تكن تحت قيادة جهيمان ،هذه
المسألة مرت بمراحل، جهيمان كان متفقًا مع هؤلاء الأربعة ومجلس شورى
الجماعة، مثل أحمد حسن المعلم والشيخ عادل المزروعي على أمور معينة، وما
حدث هو أن جهيمان كان بيده مفتاح الجماعة لأنه كان الرجل الذي كان يروح
وييجي ويعمل المخيمات ويحج بالجماعة وهو الرجل اللي يطلع ويأخذ سيارته
الجمس ويروح يذكر، هذه أعطت جهيمان سمعة بحيث أن الكل أصبح يسأل عن جهيمان
إذا جاء المدينة يسألون عن جهيمان، يعني لا يوجد أحد منهم كان يسأل عن
سليمان الشتيوي مث أو يسأل عن سعد التميمي أو ناصر بن حسين لكن كانوا
يسألون عن جهيمان وبعد فترة أصبح جهيمان يستبد بالسلطة بمعنى أنه أصبح يدخل
الجماعة في مآزق تؤدي نوعًا ما إلى التوبيخ أو الملاحظات على الدعاة.
المجلة: هل يمكن أن نقول إن جهيمان كانت لديه نزعة قيادية من البداية لزعامة هذه الجماعة؟
– نعم، طبعًا يكاد يكون جهيمان القائد وهو الذي سعى، وهو
الذي سمى نفسه كقائد لهذه الجماعة وأخذ قيادة الجماعة، وهذا كان عن جدارة
لأن جهيمان كان يتحلى بروح المبادرة ويستطيع أن يذهب ويروح وييجي فكان وقته
كله للجماعة بعكس الثلاثة الباقين مث الذين ذكرتهم من المؤسسين فهؤلاء
كانوا يعملون في التدريس وأوقات الدعوة عندهم كانت محدودة فوقتها لم يكن
يوم الخميس عطلة دائمًا كانت الجمعة فقط أو كانت في العطل الصيفية فهنا
يبرز الفرق ما بين رجل مفرغ نفسه للدعوة السنة كلها وما بين مجموعة مشغولة
بوظائفها.
المجلة: أول صدام حصل ما بين الجماعة السلفية المحتسبة والجهات الأمنية عام 1398 ما طبيعة هذا الصدام وكيف حدث؟
– حقيقة لم يكن هناك صدام، وإنما كانت مجموعة اعتقالات
شملت رموز الجماعة في جميع أنحاء وبعدها هرب جهيمان. ولماذا الاعتقالات؟ –
بسبب تقرير كيدي وصاحبه اللي كتبه حتى – كما سمعنا في وقتها- تم توبيخه
لأنه ذكر أن هذه الجماعة عندها مستودعات سلاح
المجلة: دعنا ننتقل إلى الفكرة الرئيسية التي
اعتمد عليها جهيمان في حركته وهي قضية الاستيلاء على الحرم المكي.من مصدر
هذه الفكرة في البداية ؟
– قضية دخول الحرم المكي أص مرتبطة نصيًا بقضية المهدي
المنتظر، والسبب في دخولهم للحرم أنه يوجد لديهم سيناريو لخط سير الجماعة،
بعد مبايعة محمد عبد الله المهدي ) محمد عبد اللـه القحطاني(، فقد اعتمدوا
السيناريو من خلال كتب الفتن وأشراط الساعة، يقول هذا السيناريو «يبابيع
الرجل بين الركن والمقام ويعتصم هذا الرجل في الحرم ثم يأتي جيش من تبوك
ويخسف بهذا الجيش ثم يخرج هذا الرجل من الحرم ويذهب إلى المدينة ويحارب
المسيح الدجال ثم يخرج من المدينة ويذهب إلى فلسطين ويحارب هناك اليهود
ويقتلهم ثم يأتي عيسى بن مريم فيكسر الصليب ويقتل الخنزيرويذهبون إلى الشام
فيصلون في مسجد بني أمية وبعد ذلك تقوم القيامة الكبرى » هذا خط سيناريو
الجماعة كما جاء في كتب الفتن وأشراط الساعة وكانوا يعتقدون أنهم سيمكثون
في الحرم ثم يخسف بالجيش ثم يخرجون وهكذا الذي حصل أن بعد 3 أيام اتضح أن
المهدي قتل في الحرم , ، واتضح أن جهيمان رفض تصديق قتل المهدي، ورفض القول
بأن المهدي قتل وأرغم المجموعة وقاطع وغضب على من يقول المهدي قتل، وقال
إن المهدي لا يمكن أن يقتل، المهدي حُصر في الحرم في مكان الآن محصور وأنه
سوف يخرج، لا يمكن أن يقتل وهذه طبعا كانت رؤية خلاصية ، وتكاد تكون جاءتهم
بسبب الهوس بفكرة الخلاص من خلال المهدي.
المجلة: هل نستطيع أن نقول إن الجماعة المسيطر عليها والمحرك لها والدافع لها بالدرجة الأولى هو فكرة خلاص غيبية؟
– هذا هو تشخيص دقيق ، وهذا الكلام هو الصحيح فهذه
الجماعة أصلا لم تكن تملك مشروع دولة إسلامية ، كما هو موجود عند جماعات
الإخوان المسلمين أو حزب التحرير، هذه الجماعة لم يكن في داخلها إلا قضية
المهدي وعقيدتها أن خلاص الأمة يكون من خلال المهدي، لا من خلال إقامة دولة
ولا غيره.
المجلة: رغم أنك كنت مع الجماعة السلفية المحتسبة لكنك لم تكن ضمن الذين دخلوا الحرم المكي ؟
– قبل حادثة دخول الحرم ومبايعة المهدي بنحو 6 أشهر انشقت
الجماعة على نفسها مجموعة لم تقتنع بأن محمد عبد اللـه القحطاني هو المهدي
ولم يقتنعوا أيضًا بحمل السلاح داخل الحرم وكنت أنا من ضمن هذه المجموعة
التي لم تقتنع بدخول الحرم.
المجلة: معنى ذلك أن الفكرة كانت موجودة وقبل 6 أشهر يعني تداول الفكرة كانت في فترة مبكرة؟
– تداول فكرة محمد عبد اللـه القحطاني قبل اقتحام الحرم
بنحو سنة وطرحت على أساس أنه هناك من يرى أن محمد عبد اللـه القحطاني هو
المهدي المنتظر وبما أن محمد عبد الله القحطاني اسمه محمد عبد اللـه فهو
تنطبق عليه الصفات التي جاءت في النصوص الشرعية أنه يوافق اسمه اسمي واسم
أبيه اسم أبي أقنى الأنف أقنى الجبهة من أهل بيته وعليه قيل إن محمد عبد
اللـه القحطاني هو المهدي وهكذا استمر الحال وقبل 6 شهور من دخولهم للحرم
حصل انشقاق ووقتها أعلنا أننا غير مقتنعين بقضية المهدي.
المجلة: ذكرت في بداية حديثك أنه كان هناك شخص
من الإخوان وانسحب من تأسيس هذه الجماعة ما علاقة الجماعة السلفية بالحركات
الإسلامية الأخرى؟
– حاول جهيمان في رسالته «رفع الالتباس » أن يشخِّص
موقفه من هذه الجماعات وحقيقة حينما نقرأ هذا الموقف نجد أنه لا يخلو من
السذاجة، فهو يعترض على جماعة الإخوان المسلمين بسبب اهتمامهم بالسياسة ،
ويأخذ على جماعة التبيلغ بسبب عدم اهتمامهم بالتوحيد، وهكذا فرؤيته
للجماعات الأخرى فهم يعيبون الإخوان المسلمين السرية والحقيقة أن السرية
الموجودة عند الإخوان المسلمين تكاد تكون هي نفسها الموجودة عند الجماعة
السلفية .
المجلة: من وجهة نظركم الآن بعد هذا التحليل هل
كانت شخصية جهيمان ثورية أم كانت شخصية طوباوية متعلقة بالغيبيات أم كانت
الاثنتين معًا ؟
– جهيمان يكاد يكون عنده الصفتان ، الشخصية الثائرة
والشخصية الطوباوية، جهيمان كان يتصرف في كثير من سلوكه برؤية ثأرية،
خصوصًا ما حدث للإخوان في السبلة وعلى فكرة جهيمان كثيرًا ما ردد وقال بأن
الإخوان الذين كانوا في السبلة ظلموا وقتلوا واعتبرهم شهداء ,هذه رؤيته
وكثيرًا ما كان يرددها فأتوقع أن جهيمان كان عنده الحس الثوري الثأري
مبكرًا ولكن كان يحتاج إلى مبرر شرعي لكي تقبل من الجماعة هذا الثأر.
المجلة: لكن كيف كان موقف جهيمان من المجتمع الذي يعيش فيه موقفه من الدولة هل كان مكفرًا؟ أم كان عائشًا؟ أم منعز ؟ً
– جهيمان طبعًا لم يكن متصالحًا مع مجتمعه لعدة أسباب :
هو تركيبته البدوية أصلا فالمجتمع بشكل عام كان يتجه للحضارة بينما كانت
تركيبة جهيمان البدوية متمردة على هذا الجانب، أضف إلى ذلك أن جهيمان كان
يرى أن هذا المجتمع أصبح تظهر عليه علامات قرب قيام الساعة يعني مثل الفتن
التي لا تترك بيتًا إلا دخلته، وجهيمان حدد أنواع الفتن في رسالة الفتن
وأشراط الساعة وهي الأوراق النقدية التي هي الصور والتليفزيون وما شابه
فكانت منتشرة وكان له موقف من هذه المسألة على مستوى المجتمع، أوعلى مستوى
الدولة يضاف إلى هذا أن جهيمان كان ضد العمل في الوظائف الحكومية ويرى
العمل في الوظيفة الحكومية يمنع من قول كلمة الحق وما دام أنك تأخذ من
الدولة راتبًا فلا يمكن أن تجاهرها بقول كلمة الحق على حد وصفه.
المجلة: هل يمكن أن نقول إن جهيمان هو امتداد فكري لإخوان من طاع اللـه؟ أم أنه أخذ منحى مختلفًا عنهم؟
– جهيمان يكاد يكون امتدادًا فكريًا للإخوان القدماء مع
تطوير معين، فلو قرأت أدبيات الإخوان في قضايا التوحيد والعقيدة تجدها نفس
أدبيات إخوان من طاع اللـه لكن يضاف لها بعض القضايا الجديدة. مثل قضية
السنة والعمل على تصحيح وتضعيف الأحاديث والأخذ بالأحاديث الصحيحة والضعيفة
ونبذ التمذهب هي البعض يرى أن هناك علاقة بين الجماعات التكفيرية الحديثة
التي ظهرت أخيرًا والتيارات الجهادية وبين حركة جهيمان ويقولون إن هؤلاء هم
أحفاد جهيمان – بشكل عام لا نستطيع أن نقول إن الجماعات الموجود الآن هي
امتداد لفكر جهيمان لأسباب عدة من أهمها، أن فكر جهيمان هو فكر خلاصي فكر
ولا يملك مشروع إقامة أو تأسيس دولة فلو اطلعت على رسائل جهيمان ستجده
يتحدث عن أن المهدي سيقيم دولة العدل، ولكن أين التفاصيل ؟ لايوجد ، بعكس
الجماعات الموجودة الآن مثل القاعدة فهم يتحدثون عن تأسيس دولة ، والمراحل
التي يقطعونها لتأسيس هذه الدولة هي إثارة الفوضى وإرغام الآخر على
الاعتراف به لإقامة دولة ، لكن أيضًا لا يوجد عندهم مشروع لهذه الدولة،
فأنا لا أظن أن الجماعات الموجودة الآن بشكل عام وخصوصًا الجماعات الجهادية
أو الجماعات التكفيرية تلتقي مع جماعة جهيمان بشكل كامل وأنا دائما أقول
إن جهيمان تأثيره على الجماعات التي تلته هو تأثير مرحلة .
المجلة: بعد القبض على جهيمان وقتله هل بقي أشخاص يؤمنون بالفكرة الخلاصية . أم أن هذا الفكر انتهى بنهاية جهيمان؟
– ميزة الفكرة الخلاصية بشكل عام، أنها تنتهي حال اغتيال المهدي، لكن
البعض يوجد عندهم حالة من التطرف بالإيمان بهذا المهدي وكان معنا اثنان
وإلى الآن نحن نذكراسميهما ونتندر عليهما لانهما كانا يؤمنان أن المهدي لم
يقتل وأنه واستطاع أن يهرب وموجود في جبال اليمن، لكن هذا الكلام أصبح من
قبيل السذاجة خاصة بعد حادث الحرم. – كيف ترى أنت حادثة الحرم؟ – هذا
الحادث كان هناك إجماع عالمي على رفضه لأنها حدثت في مكان كان مساسه من
المحرمات الكبرى فالحادث وقع في محرم وهو شهر حرام في مكة وهو بلد حرام وضد
مسلمين وهو دم حرام فشناعة الحادثة جعلت الجميع يرفضونه حتى التيارات
الإسلامية كثيرون منهم رفضوا هذا الحديث فلم يوجد بيان أصدرته جماعة
إسلامية لتأييد حادثة الحرم.مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..