يحاول البعض أن يهون مما أطلق عليه «مسابقة رضاعة الكبار» في فعاليات الصيف السياحية بعرعر، بدعوى أن «الرضّع» شاركوا بملء إرادتهم، وهي ليست سوى «ترفيه» يجلب الضحك! مع أنها إساءة إلى من
وافق عليها أولاً، ويتشارك في المسؤولية مع المعد أو مقاول الباطن، وأرى في ذلك المشهد الرضاعي استكمالاً لمشاهد أخرى «عرضت» خلال سنوات، كشفت عن ضعف وهشاشة في المجتمع، وهو ضعف كانت تتضح من فجواته مكامن خطر الاختراق، ويعطي مؤشراً على حلقات «السحب الجمعي» على مختلف وجوهه المحتملة، التي نرى مؤشرات نتائجها. ومن دون غوص في الماضي البعيد نعود إلى القريب منه لتبرز تلك الظاهرة العجيبة، التي تراكض إليها الناس حتى أصبحت الشغل الشاغل للمجتمع، بدأت بالبسطاء ثم انتقلت إلى غيرهم، توافقاً مع المثل الشعبي «جود السوق ولا جود البضاعة».
بدت تلك الظاهرة عفوية لا علاقة لجهة رسمية بها إلا بالصمت عنها فترة غير قصيرة لتستفحل وتنتشر. ماكينة خياطة سنجر القديمة ذات اللون الأسود، انطلقت قبل سنوات إشاعة قادمة من الخارج تقول إن لها قيمة مالية كبيرة، وعلاقة بخرافة الزئبق الأحمر، وأمور أخرى تحتاج إليها دول عظمى، وكان أن شمر السادة والسيدات عن أذرعهم وسيقانهم للبحث عنها، إما تحت الدرج إما على سطوح الملاحق، ونفض الغبار وعرضها للبيع لتصل أسعارها إلى الآلاف من الريالات، استمرت المسرحية أسابيع إلى حين انفجرت فقاعة الإشاعة وتورط البعض مالياً.
إن سهولة التصديق والقفز على حواجز العقل وحتى العادات والأعراف الإيجابية يحتاجان إلى تأمل وتفكير وتدبر.
وإذا كان البعض سقط في فخ المساهمات المالية حين أعماه الربح السهل وشكل التدين و«الورع» الذي ظهر به بعض ملاك تلك المساهمات بمثابة خطاف يتعذر به فإن حالات أخرى لم يكن لهذا «الشكل» المرغوب دور فيها، لكنها مع ذلك سمحت بسحب جموع تتزايد إلى طريق منحدر يبرز مستوى الهشاشة مرة بعد أخرى.
إلا أن الشاهد هنا في الرضاعة الرسمية هو عدم الاهتمام بالمحتوى في مقابل الحرص كل الحرص على الشكل، فالمهم هنا أن فعاليات تقام يتردد صداها وتسمح باحتلال حيز من مساحات الإعلام والفلاشات، أما ما تحويه من رسائل ومضامين فليس بتلك الأهمية، أو ليس له أهمية تذكر.
عبدالعزيز احمد السويد
Posted: 24 Aug 2016 11:17 PM PDT
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
وافق عليها أولاً، ويتشارك في المسؤولية مع المعد أو مقاول الباطن، وأرى في ذلك المشهد الرضاعي استكمالاً لمشاهد أخرى «عرضت» خلال سنوات، كشفت عن ضعف وهشاشة في المجتمع، وهو ضعف كانت تتضح من فجواته مكامن خطر الاختراق، ويعطي مؤشراً على حلقات «السحب الجمعي» على مختلف وجوهه المحتملة، التي نرى مؤشرات نتائجها. ومن دون غوص في الماضي البعيد نعود إلى القريب منه لتبرز تلك الظاهرة العجيبة، التي تراكض إليها الناس حتى أصبحت الشغل الشاغل للمجتمع، بدأت بالبسطاء ثم انتقلت إلى غيرهم، توافقاً مع المثل الشعبي «جود السوق ولا جود البضاعة».
بدت تلك الظاهرة عفوية لا علاقة لجهة رسمية بها إلا بالصمت عنها فترة غير قصيرة لتستفحل وتنتشر. ماكينة خياطة سنجر القديمة ذات اللون الأسود، انطلقت قبل سنوات إشاعة قادمة من الخارج تقول إن لها قيمة مالية كبيرة، وعلاقة بخرافة الزئبق الأحمر، وأمور أخرى تحتاج إليها دول عظمى، وكان أن شمر السادة والسيدات عن أذرعهم وسيقانهم للبحث عنها، إما تحت الدرج إما على سطوح الملاحق، ونفض الغبار وعرضها للبيع لتصل أسعارها إلى الآلاف من الريالات، استمرت المسرحية أسابيع إلى حين انفجرت فقاعة الإشاعة وتورط البعض مالياً.
إن سهولة التصديق والقفز على حواجز العقل وحتى العادات والأعراف الإيجابية يحتاجان إلى تأمل وتفكير وتدبر.
وإذا كان البعض سقط في فخ المساهمات المالية حين أعماه الربح السهل وشكل التدين و«الورع» الذي ظهر به بعض ملاك تلك المساهمات بمثابة خطاف يتعذر به فإن حالات أخرى لم يكن لهذا «الشكل» المرغوب دور فيها، لكنها مع ذلك سمحت بسحب جموع تتزايد إلى طريق منحدر يبرز مستوى الهشاشة مرة بعد أخرى.
إلا أن الشاهد هنا في الرضاعة الرسمية هو عدم الاهتمام بالمحتوى في مقابل الحرص كل الحرص على الشكل، فالمهم هنا أن فعاليات تقام يتردد صداها وتسمح باحتلال حيز من مساحات الإعلام والفلاشات، أما ما تحويه من رسائل ومضامين فليس بتلك الأهمية، أو ليس له أهمية تذكر.
عبدالعزيز احمد السويد
Posted: 24 Aug 2016 11:17 PM PDT
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..