ضوابط وأطر الحزب ، وهذه الضوابط لا شك انها تقيد العضو فيها من التحرر من كثير من باطل الحزب وأخطائه إذا ظهر له بطلانها ، وأقل أحواله السكوت مراعاة لتوهم مصلحة الحزب ، والتي توهم أنها متلازمه مع مصلحة الاسلام0

وحصل تطرف وغلوا شديد لدى كثير من قيادات الاحزاب والتنظيمات   (والحزبيات المغلفه **الجديده**)    في تعاملهم مع المنكر لباطلهم ، بحيث يرون فعله خروجا على الجماعه ، وذلك لانحرافهم في مفهموم الجماعه حيث يرى هؤلاء الحزبيون ان حزبهم هو جماعة المسلمين 

وبسبب هذه السلبيه في التعامل مع باطل الحزب ، ترى الحزب ماضيا في بعده عن السنه المطهره ، وما يزيده الوقت إلا إصرار على ماهو عليه ، وأما السني المتحرر من رق الاحزاب والتنظيمات ، الذي يعلم ويفقه معنى الجماعه بمفهوم السلف ومن تجب طاعته شرعا ، فما اسهل الامر عنده ، وما ايسر قبول الحق لديه ، يعلم الحق فينقاد له ، لايخضع لمؤثرات الاحزاب (او التعصب للاشخاص )بل يرقب الله -عز وجل- يستمع القول فيتبع أحسنه0

الحزبيون أجهزوا على قاعدة انكار المنكر والنصح لله ورسوله ، حتى لايفترق جمع الحزب ولايتشتت شمله ، وبسبب هذه الشبه اجتمع في الحزب الواحد خليط من العقائد والمناهج و(المصالح )مع مضادة بعضها لبعض0

وذكر ابن قتيبه من جملة اسباب عدم الانقياد للحق والخضوع له: خوف تفرق الحزب وانفراط عقدة نظامه ، و فيؤخر قول الله ورسوله ، ويتقدم بين يديه من أجل الحزب0 فقال رحمه الله في كتاب الاختلاف في اللفظ والرد على الجهميه ( وفي ذلك (يعني : قبول النصيحته ) ايضا تشتيت جمع وانقطاع نظام واختلاف إخوان عقدتهم له النحلة ، والنفوس لاتطيب بذلك من عصمة الله ونجاة)0



وقال شيخ الاسلام ابن تيمية
في اقتضاء الصراط المستقيم
( وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم ، أو الدين من المتفقهه ، أو المتصوفه ، أو غيرهم ، أو إلى رئيس معظم عندهم في الدين غير النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنهم لايقبلون من الدين رأيا ورواية إلا ماجاءت به طائفتهم ، ثم إنهم لايعلمون ماتوجبه طائفتهم ، مع ان دين الاسلام يوجب اتباع الحق مطلقا : رواية ورايا ، من غير تعيين شخص أو طائفة غير الرسول صلى الله عليه وسلم)0

وقال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين   في كتاب العلم
( يجب على طالب العلم أن يتخلى عن الطائفيه والحزبيه بحيث يعقد الولاء والبراء على طائفة معينه أو حزب معين ، فهذا لاشك خلاف منهج السلف ، السلف الصالح ليسوا أحزابا بل هم حزب واحد ، ينضوون تحت قول الله عز وجل ( هو سماكم المسلمين من قبل ) 

فلا حزبيه ولاتعدد ولاموالاة ومعاداة إلا على حسب ماجاء بالكتاب والسنه ، فمن الناس مثلا من يتحزب إلى طائفة معينة ، يقرر منهجها ويستدل عليه بالادله التي قد تكون دليلا عليه ، وقد تكون دليلا له ويحامي دونها ، ويضلل من سواه ، حتى وإن كانوا أقرب إلى الحق منها ،(حتى وإن كانوا قائمون بدعوه وتدريس ومجابهه للحزبيه وللتميع.....الخ) ويأخذ بمبدأ من ليس معي فهو علي ، وهذا المبدأ خبيث ، فليكن عليك وهو في الحقيقة معك لان النبي صلى الله عليه وسلم قال( انصر اخاك ظالما أو مظلوما ) ونصر الظالم أن تمنعه من الظلم ، فلاحزبيه في الاسلام ) 
وقال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد
في كتابه حكم الانتماء إلى الفرق والاحزاب والجماعات الاسلاميه
( وفي الحزبيه بعث حرب الكلمة ، بنصب عوامل الانتصار والترجيح لأصول كل حزب ورد مايخالفه  
فعقد العصبيه في سيرتها الاولى :  
( قولنا صواب لايحتمل الخطأ ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب ) 

وياتي اليوم في مسلاخ اخر فخذ ماشئت من الوضع في استعمال النصوص بلي أعناقها عن دلالتها إلى التدليل بها على واقع الحزب ..  وهكذا من جهود التأييد وتشييد الادلة ، والبحث عن السنة لواقع الحزب والجماعة فيه ، والرد على المخالف
(وإن كان علماً مشهوداً له من كبار العلماء كالشيخ ربيع بقوله:الشيخ يحيى من أفاضل العلماء، ولهم ميزات والله لا توجد الآن في الدنيا، ؛والامام الوداعي.....الخ) ، فالدين دين هذا الحزب وتلك الجماعة ، وهذا استخدام لكمة ( الدين الواقع ) أي : لواقع الحزب وجماعته!!

والحق السوي ان الدين للواقع الموزون بميزان الشرع : الكتاب والسنة ، فيقر مايقر ، وينفي ما ينفي ، لافي قالب الحزب بما رسم له من حدود وأطر ياباها ميزان الشرع زمنهاج النبوة )

ولما ظهر امر الحزبية والحزبيين ، والذي طالما سعوا في كتمانه عمن لايقبله حتى لا يفسد تنظيمهم ، ونراهم بعد ذلك يرقعون لحزبهم بدعوا أن من يحارب وينكر الحزبية هو في حقيقة الامر متحزب ذو جماعة0

ولاشك ان هذا التفاف مفضوح ، وتحايل مكشوف ، فأين من اجتمع على الحق من غير توطؤ ، وإنما اتباعا للكتاب والسنة ، كما هي طريقة أهل السنة قاطبة في مشارق الارض ومغاربها ، من أولئك الذين أنشأوا حزبا ونصبوا لأنفسهم أميرا ، وطلبوا له البيعة أو العهد والولاء والبراء والسمع والطاعة ، والتزموا أصول الحزب ولو كانت مخالفة للكتاب والسنة ، وصاروا يوالون ويعادون على الحزب0


قال شيخ الاسلام ابن تيمية في كتاب الرد على المنطقيين ( والمقصود هنا : أن هذه الامة ولله الحمد لم يزل فيها من يتفطن لما في كلام أهل الباطل من الباطل ، ويرده0
وهم لما هداهم الله به يتوافقون في قبول الحق والرد على الباطل رأيا ورواية من غير تشاعر ولاتواطؤ)
وقد رأينا من ينكر أن تنظيمه له إمام وبيعة وعهد وينسب من قال ذلك إلى الفرية والبهتان ، فلما اختلف مع قومه أخذ يعيرهم بذلك0

كتبه وجمع:أبو الخطاب فؤاد السنحاني