الاثنين، 23 أكتوبر 2006

عبدالعزيز بن رشيد / بعد اعلان مقاضاة من يسيء له في الكويت

أثار الإعلان الذي نشر في صحيفة 'القبس' بتاريخ 2006/9/10 المؤرخين والقانونيين والاعلاميين، بل أهل الكويت بعمومهم فلا تجد ديوانية أو محفلا إلا قد اثاره الاعلان، بل الأغلب يقول ولماذا الآن؟ ومن هم الذين يقفون وراءه؟ فالاعلان مع انه يستهدف المسلسل الذي كان سيعرض في تلفزيون الكويت، لكن فحواه قد شملت كل من يكتب مقالة او بحثا او كتابا!! والمحامي قد توعد كل من يشوه تاريخ عبدالعزيز بن رشيد بالملاحقة القضائية مع حفظ جميع الحقوق الاخرى، وهو بذلك يتكلم بصفته وكيلا عن حفيد من احفاد عبدالعزيز بن رشيد!
ومن منطلق بحوثي وتخصصي في تاريخ بلدي الكويت والجزيرة العربية ارى ان هذا الاعلان، وفي هذا الوقت، عليه اكثر من علامة استفهام، وأنقل آراء الكثيرين ممن لهم إلمام ومعرفة بالتاريخ ورجالاته.
- لماذا هذا الاعلان اليوم وليس بالأمس؟ أي السنين الماضية!
- من أعطى المحامي أو الحفيد أو اي احد كان الحق في أن يقوم بذلك العمل وهو الدفاع عن شخصية عامة معروف سجلها الدموي في الكويت والسعودية؟ فابن رشيد ليس نبيا أو رسولا مرسلا حتى يمنع الناس من الكتابة عنه او اظهار افعاله، التي يعرفها القاصي والداني والصغير والكبير والمثقف والعامي.
- أمير حائل عبدالعزيز بن رشيد كان محاربا للشيخ مبارك فترة اكثر من ثماني عشرة سنة، وحاصر الكويت مرات عدة عن طريق الجهراء والصبيحية ووارة.. وقد قطع على الكويت وصول التجار اليها وآذى المسافرين والمنتقلين من البدو وغيرهم.
- اسباب عداء ابن رشيد للكويت وللشيخ مبارك هي استضافة الكويت لآل سعود فترة من (1892 حتى 1901م)، أي من حكم الشيخ محمد اخي مبارك الى طيلة زمن الشيخ مبارك، وذلك نكاية بآل سعود ومحاولة التضييق عليهم في كل مكان في الأرض، لأنه قد طاردهم في كل الأوطان التي حلوا فيها بعد ان نزع الملك منهم في المنطقة الوسطى (القصيم وحائل والرياض وغيرها).
- ظل ابن رشيد محاربا لآل سعود بعد تسلم الملك عبدالعزيز الامارة عام 1903م، حتى يوم مقتله (في 18 من صفر 1324ه) الموافق 14 من ابريل 1906م في روضة المهنا في البكيرية) بل محاربا للشيخ مبارك كذلك حتى مماته.
الشيخ فهد الشعلان (الذي ينتمي إليه المحامي) كما تنقل كتب التاريخ (خزعل 47/2) كان من المحرضين لجماعته على الاشتراك في قتال الشيخ مبارك وجيشه والأمير عبدالرحمن الفيصل في موقعة الصريف ومساعدا قويا لابن رشيد ضد الكويتيين.
وأمور أخرى ذكرت في المحافل والديوانيات والمهاتفات والنقاشات المختلفة التي تمت معنا حيث اننا نعمل في مركز تراثي تاريخي معني بمثل هذه الموضوعات.
واذا اردنا ان تناقش مثل هذه القضايا التي تخص او هي جزء من تاريخ الكويت والجزيرة وما جرى فيها من حوادث وامور جسام راح ضحيتها الكثير من شعوبها بسبب ثورات عبدالعزيز بن رشيد وغاراته وطمعه في حكم البلدان المحيطة به، يطول بنا المقام فتلك احداث قد مرت حقيقة وليست خيالا، وسأحاول ان آتي على الفظائع والفضائح التي ارتكبها عبدالعزيز بن رشيد بحق الكويت وشعبها، وذلك من خلال الوثائق الانكليزية والعثمانية والمصادر التاريخية والمقابلات الشخصية لرجالات الكويت الذين استطاعوا ان يهربوا من جحيم معتقلات ابن رشيد وهي مسجلة على شرائط فيديو (ابيض/اسود) وكتب مازالت المطابع تطبعها والمكتبات تصدرها، بل إن الذهاب الى اي مكتبة تجارية او رسمية او معرض من معارض الكتاب الكويتية او الخليجية او العربية السنوية وغيرها سيكشف عن كتب كثيرة تتحدث عن تاريخ ابن رشيد ودمويته وطغيانه. ومحاولة تبرير افعاله او الدفاع عنه اليوم اراهما اعتداء على الكويت واساءة الى اهلها من الذين قتل ابن رشيد اهلهم صبرا على يد جنده، فالدفاع عنه وعن جنده مثل الدفاع عن صدام وجنده الذين دخلوا البلاد وعاثوا فيها الفساد، فسيأتينا في يوم من الايام - ان عشنا - من يقول ان من يتكلم عن صدام وجنده سنقاضيه ونلاحقه في كل مكان!!!
سأحاول في هذه العجالة ان اسرد ومن خلال الوثائق والمصادر الموثقة فظائع ابن رشيد بالكويت واهلها.
عبدالله الحاتم مؤرخ كويتي في كتابه 'من هنا بدأت الكويت' ص 256 تحت عنوان 'من قصص الصريف':
علي السمحان يرحمه الله واحد من أسرى الصريف وقصته طويلة قد نشرتها في صفحة تراث في 'القبس' بتاريخ (2003/3/28) وصف بها لمؤرخ الكويتي سيف الشملان في مقابلة تلفزيونية في الستينات (ابيض/اسود) معاناتهم وافعال ابن رشيد بهم - سنأتي عليها في وقتها بإذن الله - ولنا مما ذكره الحاتم من مقابلة مع السمحان قوله: بلغ عدد الأسرى الكويتيين في معتقل ابن رشيد 400 أسير، قتلهم ابن رشيد جميعهم الا قلة قليلة نجت، تعد على الاصابع والسمحان واحد منهم فيصف الوضع قائلا:
ان ابن رشيد حشر أسراه في مستودع كبير، وكان يجلس في كل صباح قبالة هذا المستودع، فيؤتى له بوجبة منهم لتضرب اعناقهم بين يديه، وهم يصرخون ويتضرعون اليه صائحين بأصوات مبحوحة تنم عن الترقب والخوف (خاف الله يا عبدالعزيز).. ولكن عبدالعزيز لا يسمع الا قرقعة فناجين القهوة.. ولا تمضي الا لحظات، الا وتسقط الرؤوس على الارض، والى جانبها تسقط القيم الانسانية!
ويختم الحاتم بقوله: تلك هي قصة ابو سماح.. كما رواها بنفسه. وقد توفي رحمه الله عام 1973م بعد ان بلغ 97 عاما من العمر. نستخلص من هذه القصة الامور التالية:
- منظر القتل اليومي لأناس مسلمين من خوفهم لا تنزل منهم نقطة دم واحدة، هذه وحدها عبرة ودلالة على المأساة التي كانوا يعيشونها يوميا بانتظار الموت.
- لو افترضنا ان العدد الذي ذكره السمحان وهو اكثر فقد تنوعت روايات اعداد الجيش الكويتي فمنهم من قال ثمانمائة ومنهم من قال الف وخمسمائة ومنهم من قال ثلاثة آلاف ومنهم من زاد على ذلك بكثير حيث اوصل الرقم الى ثلاثين الف مقاتل، والمعروف في هذه المعركة ان ابن رشيد قد انتصر في وسطها وآخرها حيث قدم المسيوق (الابل) على حين غرة للجيش الكويتي فداست الكثير منهم والبقية بين قتيل وفار وهم قليل، وبين معتقل وهم الاكثر، فاذا افترضنا الاعداد الاخرى غير الثمانمائة فيا ترى كم عدد الاسرى الكويتيين حتما كانوا بالآف وهذا ما ترويه كتب التاريخ والوثائق.
- يصف المؤرخ حسين خزعل (47/2) معركة الصريف بقوله: المعركة في بدايتها كانت في جانب جيش الشيخ مبارك، ثم تلاحم الجيشان، استخدمت فيها اولا البنادق، ثم بعد ذلك السيوف والخناجر حتى اختلط الحابل بالنابل، بل اختلط الجيشان أحدهما بالآخر فنهبت اموال وخيام وذخائر جيش الشيخ مبارك، ثم تتبع جيش ابن رشيد السرايا يقتلون ويأسرون الى اخر النهار. فلما نزل ابن رشيد الى ميدان المعركة صاروا يأتونه بالاسرى، وهو يأمر بضرب اعناقهم ولم يعف لا عن جريح ولا عن مريض، وقد أسر في ذلك اليوم سبع من بنات البدو كن مرافقات لجيش الشيخ مبارك. وقد أحصي من قتل في ذلك اليوم من جيش الشيخ مبارك، فكان يربو على ستة الاف بين بدوي وحضري عدا الجرحى.
- وفي برقية (وثيقة) من الشيخ مبارك الى صديقه الحميم الشيخ خزعل المرداو امير المحمرة بتاريخ رجب 1318ه الموافق 1900م تصف اعتساف ابن رشيد وفي آخرها يقول: '.. وقع هذا ونحن ما قصرنا عن هذا المغرور المجهول ابن رشيد بالملاحظة حافظين طوايفه ومكرمينهم لكن انه لليم وجبرنا والا نحن ما نحب ذلك نحب السكون مع الناس وتأمين ابناء السبيل والا تدابير ابن رشيد التي دبرها شافها في كل جهة قاموا عليه العشائر يأخذون من اتباعه، ولا يبقى له عندهم هيبة'.
- في برقية الشيخ مبارك هذه دلالة على ان ابن رشيد لم يجعل له صديقا من العرب فقد عادى الجميع بقبائلهم.
- حارب المنتفق - السعدون.
- حارب الكويت بشعبها وحكامها.
- حارب نجد وامراءها - آل سعود.
- حارب قبائل الظفير.
- حارب الشيخ خزعل المرداو - بني كعب
- لهذا تحالفت اغلب العرب عليه بقبائلها (بدوها وحضرها) في معركة الصريف.
بعض شهداء موقعة الصريف قد جمعتهم في كتابي 'الملك عبدالعزيز في الكويت عام 1892 ـ 1901م' وهي روايات اخذتها من مصادر شتى ومنها المصادر الشفاهية قبل وفاة اصحابها او اهاليهم.
اغلب جيش الشيخ مبارك الصباح كانوا عبارة عن جيش شعبي غير منظم ولا يعرفون عدة الحرب وفنونها ويعرف ابن رشيد ذلك، فهم ليسوا مثل جيشه، لانه على قلبه وقبيلته فهذه لا اعتقد انها كانت تخفى على ابن رشيد بل على حلفائه من الكويتيين الذين كانوا معه او العثمانيين.
المعروف تاريخيا ووثائقيا ان ابن رشيد حليف للدولة العثمانية يأخذ المساعدات منها، ويأخذ كذلك منها الامر والرأي والمشورة.
اخيرا: على المحامي صاحب الاعلان وبموجب كلامه في اعلانه ان يقاضي آلافا مؤلفة من الموثقين والمؤلفين والمؤرخين في الكويت والسعودية (وهناك أكثرهم) وفي البحرين وقطر والامارات والدول العربية، وهذا مما لم يقله احد في العالم كله بالنسبة للطغاة في التاريخ، لان الطغاة في التاريخ لا صون لهم.
وذكر الحاتم في كتابه نفسه ص :280
ها هي امنية ابن السعود قد تحققت وها هو رأس الطاغية ابن رشيد يتدحرج امامه! وهنا طافت في ذهنه آلاف الذكريات الأليمة المفجعة التي مثلها هذا الجبار العاتي، وظهرت صورة حادثة الصريف كاملة امام عينيه وبدت نجد والقصيم وهما تعانيان من ظلمة وطغيانه الشيء الكثير.. بدت له كل هذه المناظر والصور المحزنة بسرعة البرق، ثم التفت الى من حوله قائلا: احملوا الرأس واذهبوا به الى بلدان نجد والقصيم وطوفوا به ليرى الناس ويتأكدوا من نهاية الطغاة. ثم احملوا الرأس مرة ثانية الى الكويت.. الى والدي مبارك الصباح، ليروا غريمهم الذي ولغ بدماء الابرياء من ابنائهم!
ثم مرت بخاطره صورة الاربعين من الحواشيش الابرياء الذين اوقعهم ـ تقدير الله ـ في قبضة ابن رشيد وامر بقتلهم جميعا دونما ذنب اقترفوه أ.ه.
يذكر الشيخ جابر الغرير ـ وهو حي يرزق ـ نقلا عن والدته التي عمرت فوق التسعين، رحمة الله عليها، وكانت من مواليد ،1896 قالت جيء برأس ابن رشيد الى الكويت ورأيناه وهذا مصداق لقول الحاتم في ذلك.
نرجو من المحامي وحفيد ابن رشيد ان يغلقا هذا الملف ولن يغفر شعبا الكويت والسعودية ممن قتل اجدادهما وآباؤهما صبرا على يد ابن رشيد وجنده ففي قصة الصريف عبر كثيرة وفظائع، كتب الشعراء والمؤرخون عنها كتابات محزنة ومخزية تعطي مثالا صريحا وصارخا على طغيان الانسان اذا انقطعت الرحمة والشفقة بل الدين من قلبه، ولم تعد هذه الامور هي الحاكمة في تصرفه، لقد ماتت الانسانية في هذه المعارك ومات استرجاع الدين فيها وتذكر الوقوف بين يدي الديان. والله المستعان.
محمد بن ابراهيم الشيباني
shaibani@makhtutat.org


إقرأ المزيد
المصدر
-

.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..