الثلاثاء، 1 مارس 2011

ملاحظات على كتيب " ثورة في السنة النبوية " للدكتور غازي القصيبي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حتى يرضى , ولا إله إلا الله العلي الأعلى , والحمد لله اهل الحمد ومولاه ومنتهى الحمد ومبتداه , والحمد لله الذي اخرجنا بعد العدم الى الوجود , في خير الامم , واختار لنا دليلاً إليه من خلقه
اكرمهم عليه , ومن رسله أشرفهم لديه, وجعله أول السابقين منزلة , وأحسن النبيين رسالة , صلى الله عليه وعلى آله الطيبين , صلاة تخصهم وتعمهم اجمعين . . . اما بعد

فمن اكبر الجرائم التي يمكن ان يرتكبها الانسان في استجابة للشيطان , ان يقدم على تحريف الشرائع المنزلة من عند الله لتقرير منهاج العبودية له , لأن ذلك التحريف يفتح ابواب الشرور كلها .
والمتأمل في الاسباب التي تجعل شياطين الإنس يستجيبون لشياطين الجن , في داعي التحريف والتبديل والقول على الله بغير الحق , يجد ان هؤلاء جميعاً يريدون لأنفسهم ولغيرهم الخروج من إطار العبودية لله وحده الى فوضى العبوديات المتعددة لغير الله , حيث العبودية للنفس او الناس او الشهوة والشيطان , او للمال والجاه والسلطان او غير ذلك من انواع العبودية للمعبودات الباطلة التي تكفل إبليس – لعنه الله – بإغواء بني آدم , والتي يجمعها جمعياً تقديم الرأي والهوى وتعظيمهما على الوحي والهدى .
يقول الامام محمد بن سيرين رحمه الله " ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " , ويقول الامام ابي محمد البربهاري رحمه الله تعالى : " واعلم - رحمك الله – أن الدين إنما جاء من قبل الله تبارك وتعالى , لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم , وعلمه عند الله وعند رسوله , فلا تتبع شيئاً بهواك , فتمرق من الدين , فتخرج من الاسلام , فإنه لا حجة لك , فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته السنة , واوضحها لأصحابه وهم الجماعة , وهم السواد الأعظم , والسواد الأعظم : الحق وأهله , فمن خالف اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من امر الدين فقد كفر " أ.هـ .

الحمد لله رب العالمين فقد وفقني الله تعالى ذكره ان وقفت على كتيب للدكتور غازي القصيبي سماه " ثورة في السنة النبوية " وتأملت ما اشتمل عليه من المجازفات وما يدعوا إليه من عمل المرأة في السلك العسكري , وتطاوله على الفقهاء والقضاة . فلما وقفت على هذا الكتيب المذكور احببت ان انبه على بعض ما وقع فيه من الأمور المنكرة والاشياء المردودة وخلط الحق بالباطل لئلا يغتر بذلك بعض من يقف عليه ممن لا خبرة له بحقائق الدين مع أن كثيراً مما فيه من الوهم يعرفه خلق من المبتدئين في العلم بأدنى تأمل ولله الحمد .

اضاءة : افضل طرق شرح الحديث :
1) شرح الحديث بالحديث
2) تفسير الحديث بقول الصحابي
3) شرح الحديث بكلام التابعين
4) شرح الحديث بالاجتهاد واللغة , مع الاستهداء بأقاويل أئمة الدين .

والآن حان الشروع في المقصود :
1- قوله في بداية الكتيب ( الثورة هي التغيير الشامل الكامل لوضع قائم ما , والاحاديث الشريفة التي سأتحدث عنها مثلت ثورة حقيقية على اوضاع جاهلية متخلفة في عدد من الميادين الرئيسية ) يقصد بذلك من يمنعون عمل المرأة في السلك العسكري , ويحرمون اختلاط النساء بالرجال , ورجال الفقه الذين لم يولوا قواعد المرافعات .. ما تستحقه من اهتمام وغير ذلك ...

2- قوله ( وهذه الجولة القصيرة في كنوز السنة النبوية ليست سوى دعوة اقدمها الى باحثين آخرين ليقوموا بجولات اعمق واوسع ) يقول الامام ابن حزم الاندلسي رحمه الله " لا آفة على العلوم وأهلها , اضر من الدخلاء فيها , وهم من غير أهلها , فإنهم يجهلون , ويظنون انهم يعلمون , ويفسدون ويقدِّرون أنهم يصلحون " ويقول الشيخ بكر بن عبد الله ابو زيد " فهؤلاء المنازلون في ساحة العلم , وليس لهم من عدة فيه سوى (القلم والدّواة) هم : الصَّحفِيةُ المتعالَمون "

3- يقول (وهو ان يقتنع المسلمون الراغبون في الإصلاح , بقلوبهم لا بألسنتهم , أن في دينهم ما يغنيهم عن استيراد الإصلاح من الخارج ) هذا تناقض واضح لمن عرف من هو غازي القصيبي , وذلك أنه يعتبر رائد استيراد الإصلاح من الخارج .

4- قال (اخرجه مسلم والموطأ ) الموطأ هو كتاب ألفه الامام مالك بن أنس الأصبحي رحمه الله تعالى , الصحيح ان يقول اخرجه مسلم ومالك في الموطأ .

5- تحت مبحث ( دور المرأة في المجتمع ... والعسكرية ) اورد حديث ام حرام ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فأطعمته ثم جعلت تفلي رأسه. الذي يستشهد به كثير ممن يدعي الاصلاح , ودعاة تحرير المرأة , ودعاة الاختلاط . . وغيرهم من اذناب الغرب الكافر . قال ابن حجر في الفتح شارحاً حديث ام حرام ما نصه " (قال ابن عبد البر : أظن ان ام حرام ارضعت الرسول صلى الله عليه وسلم او اختها ام سليم فصارت كل منهما امه او خالته من الرضاعة . فلذلك كان ينام عندها وتنال منه ما يجوز للمحرم ان يناله من محارمه ) وقيل هي من خالاته من بني النجار . قال ابن عبد البر (وأيهما كان فهي محرم له) " هذا القول الاول , القول الثاني الذي اختاره ابن حجر " قال ابو بكر العربي أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوماً يملك إربه عن زوجته فكيف عن غيرها مما هو المنزه عنه , وهو المبرأ من كل قبيح وقول رفث , فيكون ذلك من خصائصه " ا.هـ.
يقول الدكتور (كان رسول الله يدخل على ام حرام بنت ملحان , فتطعمه , وكانت تحت عبادة بن الصامت . فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً , فأطعمته , ثم جعلت تفلي رأسه , فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم استيقظ وهو يضحك . قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عرضوا عليّ , غزاة في سبيل الله , يركبون ثبج هذا البحر , ملوكاً على الاسرة – او قال مثل الملوك على الاسرة – شك اسحاق , هو ابن عبد الله بن ابي طلحة – قالت : يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم . فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم وضع رأسه فنام . ثم استيقظ وهو يضحك . قالت : قلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من امتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله – كما قال في الاولى – قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم . قال : انتِ من الألولين . فركبت ام حرام بنت ملحان البحر في زمان معاوية بن ابي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت . اخرجه البخاري .. )
ذكر بعد هذا الحديث مسألة كشف الوجه ورجح القول بجواز كشف الوجه واليدين ! , انظر كيف يتجرأ ويرجح احد الاقوال وهو لا يعرف حتى اصول العلم الشرعي . قال تعالى ذكره ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) قال القرطبي " اي لا تتبع ما لا تعلم ولا يعنيك " .
قال تعالى : (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) ذكر سبحانه وتعالى في هذه الآية , ان القول على الله بغير علم اعظم من الشرك , إذ القول على الله تعالى بلا علم هو أصل الشرك والكفر والبدع المضلة, والفتن الجائرة. والله أعلم

6- يقول (النص "حديث ام حرام" الذي اوردته يبين بوضوح ما بعده وضوح , كيف نظر امام الهدى , عليه الصلاة والسلام , الى دور المرأة في المجتمع والعسكرية ! ..)
يقول الدكتور محمد بازمول في كتابه " علم شرح الحديث " :
مسألة : جهات سوء فهم الحديث :
اعلم ان سوء فهم القرآن العظيم , ووالحديث الشريف , إحداث في الدين والشرع . والإحداث في الشريعة إنما يقع من الجهات التالية :
إما من جهة الجهل .
وإما من جهة تحسين الظن بالعقل .
وإما من جهة إتباع الهوى , في طلب الحق .
وهذا الحصر بحسب الاستقراء , من الكتاب والسنة , إلا أن الجهات الثلاث , قد تنفرد وقد تجتمع , فإذا اجتمعت فتارة تجتمع منها اثنتان وتارة تجتمع الثلاث . انتهى كلامه
قلت : لقد اجتمعت الجهات الثلاث في الدكتور القصيبي , والله المستعان .
وإليك اخي المبارك اقوال العلماء في مسألة المرأة و العسكرية :
- قال الامام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله ( وشهودهن الحرب , لا يعجبنا , أن يقاتل النساء مع الرجال في الحرب ) قال السرخسي شارحاً هذه العبارة ( لأنه ليس للمرأة بنية صالحة للقتال . وربما يكون في قتالها كشف عورة المسلمين , فيفرح به المشركون . وربما يكون ذلك سبباً لجرأة المشركين على المسلمين . ويستدلون به ضعف المسلمين فيقولون : احتاجوا الى الاستعانة بالنساء على قتالنا . فليتحرز عن هذا ) . ثم قال ( ولم ينقل انه أذن للنساء في القتال في غير تلك الحالة ) اي حديث ام سليم بنت ملحان , كانت تقاتل شادة على بطنها بثوب : يارسول الله أرأيت هؤلاء الذين فروا منك وخذلوك , قال السرخسي (رأية حاجة الى قتال النساء أشد من هذه الحاجة حين فروا عن رسول الله صلى عليه وسلم وأسلموه ) . ا.هـ
- قال الامام البغوي رحمه الله في كتاب السير ( فصل في الاعذار : قال الله تعالى : " ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج " لا يجب الجهاد على المعذورين من النساء وغير المكلفين من الصبيان والمجانين , ولا على الضعفاء ) الى ان قال ( فلا يجب الجهاد على النساء لأنهن يضعفن عن القتال .
سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : هل على النساء جهاد قال " نعم جهاد لا شوك فيه الحج والعمرة " فدل على ان الجهاد الذي فيه شوك وهو السلاح والقتال لا يلزمهن ) والحديث صححه الالباني .
- روى البخاري من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها انها قالت : استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال : " جهادكن الحج "
يقول الحافظ في الفتح ( وله شاهد "اي حديث عائشة رضي الله عنها" من حديث ابي هريرة أخرجه النسائي بلفظ " جهاد الكبير – اي العاجز الضعيف – والمرأة الحج والعمرة " ) ثم قال ( وقال ابن بطال : دل حديث عائشة على أن الجهاد غير واجب على النساء ) وعلل سبب ذلك بقوله ( لما فيه من مغايرة المطلوب منهن من الستر ومجانبة الرجال )
- وقال ابن حزم مراتب الاجماع ( واتفقوا أن لا جهاد فرضاً على المرأة ... )
- قال ابن قدامة في المغني : ( مسألة قال ]الخرقي[ : " ولا يدخل مع المسلمين من النساء الى ارض العدو إلا الطاعنة في السن , لسقي الماء , ومعالجة الجرحى , كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم "
وجملته أنه يكره دخول النساء الشواب ارض العدو , لأنهن لسن من أهل القتال , وقلما ينتفع بهن فيه , لاستيلاء الخور والجبن عليهن , ولا يؤمن ظفر العدو بهن , فيستحلون ما حرم الله منهن , وقد روى حشرج بن زياد , عن جدته ام ابيه , أنها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر سادسة ست نسوة , فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا , فجئنا , فرأينا منه الغضب , فقال " مع من خرجتن ؟ " فقلنا : يا رسول الله , خرجنا نغزل الشعر , ونعين به في سبيل الله , ومعنا دواء للجرحى , ونناول السهام , ونسقي السويق , فقال : " قمن " . حتى اذا فتح الله خيبر اسهم لنا كما اسهم للرجال ... قيل للأوزاعي : هل كانوا يغزون معهم بالنساء في الصوائف ؟ فقال : لا إلا الجواري . فأما المرأة الطاعنة في السن وهي الكبيرة , إذا كان فيها نفع , مثل سقي الماء , ومعالجة الجرحى , فلا بأس به , لما روينا من الخبر ) .
قلت : لا يخفى على احدٍ ان سقي الماء , ومعالجة الجرحى .. لا يحتاج الى تدريب عسكري او ما شابه ذلك .

7- قال الدكتور ( إلا ان رجال الفقه الاسلامي , وقد عنوا عناية بالغة دقيقة , بالأصول والفروع , لم يولوا قواعد المرافعات , وقواعد الادلة والإثبات بوجه خاص , ما تستحقه من اهتمام , وهذا سهو لم تسلم منه الكتابات الفقهية المعاصرة . وكانت النتيجة ان الحقوق الاساسية التي ضمتها نصوص واضحة في القرآن الكريم والسنة المطهرة , اُهدرت , عملياً , عند التطبيق ) .
قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله : ( إذا تكلم المرء في غير فنه , اتى بهذه العجائب ) .
يقول شيخنا معالي الدكتور عبد الله بن محمد آل خنين في كتابه " المدخل الى فقه المرافعات " : ( لقد اهتم الولاة بفقه المرافعة، يظهر ذلك من خطاب عمر بن الخطاب الموجه إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- الذي بين له أحكام سير الدعوى والتقاضي، وكذا عهد عقبة بن الحجاج السلولي توفي سنة 123هـ أحد حكام الأندلس إلى القاضي مهدي من مسلم -رحمهما الله )
ويقول حفظه الله في مقدمة كتابه " الكاشف في شرح نظام المرافعات الشرعية السعودي " : ( وقد تناول الفقهاء بعامة أحكام المرافعات ضمن ( كتاب القضاء ) الذي يعد من اصول الكتب الفقهية في كل مذهب فقهي .
كما عمد فريق من الفقهاء الى كتابة مصنفات خاصة بالقضاء والتقاضي تتناول احكامه الاجرائية وغيرها )
قلت : والذي يقصده القصيبي وامثاله , هو اللمز في نظام القضاء السعودي . ولعل سبب ذلك هو ان المملكة العربية السعودية جعلت المادة الاولى من نظام المرافعات الشرعية لديها هو ( تطبق المحاكم على القضايا المعروضة احكام الشريعة الاسلامية , وفقا لما دل عليه الكتاب والسنة , وما يصدره ولي الآمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة , وتتقيد في اجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام )

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى صحابته الغر الميامين .
والله اعلم واحكم .



المراجع :
كتاب السير من التهذيب للبغوي – التعالم – تفسير القرطبي – تحريم النظر في كتب اهل الكلام لابن قدامة – الاعتقاد لابي يعلى الفراء – علم شرح الحديث لبازمول – الرد على السبكي لابن عبد الهادي – معركة الثوابت بين الاسلام والليبرالية – المغني لابن قدامة – شرح السنة للامام البربهاري – كتاب السير الكبير للسرخسي .
 

-----------------------------------------




(وقفات مع كتابه الأخير "ثورة في السنة النبوية")
كتبه   :  سليمان بن صالح الخراشي
1423هـ

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة) ( ) .
قالت عائشة –رضي الله عنها-: "تلا رسول الله هذه الآية –ثم قال صلى الله عليه وسلم-: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم"( ).
قال ابن كثير –رحمه الله-: "قال الله تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ) أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل (فيتبعون ما تشابه منه) أي إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة وينـزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه"( ).



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :
فقد صدر للدكتور غازي القصيبـي هذه الأيام كتيب صغير تحت عنوان مثير؛ هو "ثورة في السنة النبوية" !، ولا أدري سبب اختياره هذا العنوان الغريب رغم أنه لا يناسب مضمون كتيبه؛ الذي هو مجرد أحاديث قليلة يعرفها صغار الطلبة عندنا، انتقاها الدكتور غازي من كتاب (جامع الأصول) لابن الأثير، ثم علق على كل واحد منها تعليقاً موجزًا ربما لم يستغرق منه يوماً أو بعض يوم!
ولعل سبب هذا ما عودنا عليه الدكتور من حبٍ للإثارة والمخالفة في كثير من كتاباته؛ لا سيما ما يتعلق منها بالأمور الشرعية، التي لا زال الدكتور مصرًا على الخوض فيها رغم أن ثقافته وتخصصه لا يؤهلانه لهذا الخوض، الذي كان الأجمل بالدكتور أن يدعه لغيره من علماء الشريعة؛ لاسيما وهو ما فتئ يردد بين حين وآخر وجوب احترام التخصص، ويوجه نصيحته الشهيرة للعلماء لدينا بأن يلتزموا بذلك ! قائلاً لهم : "نتمنى على علمائنا الكرام أن يبقوا في مجالات تخصصهم، وأن لا يزجوا بأنفسهم في بحار السياسة وهم لا يحسنون السباحة فيها.. حتى لا يغرقوا ويُغرقوا شبابنا الحائر معهم"( ) فالدكتور إذاً أولى من عمل بنصيحته هذه.
وكتيب الدكتور هذا حمده البعض عليه لكونه يصدر فيه عن أقواله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يؤكد التطور الملحوظ لكتاباته والاتجاه بها نحو الخضوع لنصوص الكتاب والسنة بعد أن جال يمينًا ويسارًا. وهو أمر لا شك يستحق الحمد والثناء والدعاء لصاحبه بالتوفيق، والحث على الاستزادة من ذلك؛ ليتحقق فيه قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان) ، لكني أرى أن هذا المسلك الجديد للدكتور وإن كان محمودًا إلا أنه يستحق التقويم والمناصحة أكثر من كتاباته الأخرى، لكونه أصبح يتكئ على نصوصٍ من الكتاب أو السنة يفهمها بغير فهم العلماء –كما سيأتي- ثم ينشرها في كتيباته التي لها صداها بين قرائه؛ فيزلوا عن الحق، وهنا مكمن الخطر.
وهذا ما حدث في كتيبه (ثورة في السنة النبوية)، حيث أورد –هداه الله- بعض الأحاديث النبوية الصحيحة ثم (جيرها) لصالح أفكاره وآرائه المخالفة التي لم يتخلص منها بعد، لاسيما ما يتعلق منها بموضوع (المرأة) –كما سيأتي- .
وقد كانت لي معه هذه الوقفات التي يحسن بقارئ كتابه أن يطلع عليها، لكي يسلم من زلاته:

تلخيص لمحتويات كتيب الدكتور:
احتوى كتيب الدكتور على سبعة أحاديث مع التعليق عليها؛ هي باختصار كالتالي:
1-    الحديث الأول (ص 11-16): حديث "ابن اللتبية" في النهي عن الرشوة، وقد أجاد الدكتور في التحذير منها.
2-    الحديث الثاني (17-23) حديث غزو أم حرام مع زوجها عبادة بن الصامت –رضي الله عنهما- وفهم منه الدكتور أن الإسلام يجيز دخول المرأة العسكرية !! وستأتي مناقشته في هذا –إن شاء الله-.
3-    الحديث الثالث (ص 25-30): حديث الإشهاد على الزنا بأربعة. وعلق عليه بأن المتهم بريئ حتى تثبت إدانته.
4-    الحديث الرابع (ص 31-38): حديث الرجل الذي اطلع على بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يفقأ عينه. علق عليه الدكتور بوجوب احترام خصوصيات البيوت وعدم التجسس عليها( ).
5-    الحديث الخامس (ص 39-46): حديث الرجل الذي سقى كلبًا فغفر الله له -وأحاديث أخرى مشابهة له- علق عليها الدكتور ببيان وجوب الرفق بالحيوانات.
6-    الحديث السادس (ص 47-53): حديث عدم النهي عن العزل. وقد أجاد الدكتور في نقده للدعوة إلى منع النسل التي تصادم الفطرة، ثم بين أن هناك حالات يجوز فيها (تنظيم النسل) ناقدًا من يزعمون أن الإسلام يمنعه( ) .
7-    الحديث السابع (ص 55-62): حديث "إن الله يعذب الذين يُعَذِّبون في الدنيا" وقد وفق الدكتور في تعليقه عليه بحملة عنيفة على من يمارسون تعذيب البشر.
الوقفات :
الوقفة الأولى: أن الدكتور أشار في مقدمة كتيبه أن مرجعه في الأحاديث التي انتقاها كتاب (جامع الأصول) لابن الأثير، وهو –كما يقول- (ص8) "من نشر رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية" !
فهل معنى هذا: أن الدكتور يريد أن يُلزم العلماء لدينا بما جاء في كتاب ارتضوه وأشرفوا على طبعه ؟! أو أن يحرجهم أمام القراء بأنهم يشرفون على أحاديث صحيحة لا يفتون بها ويتحاشونها ؟! الله أعلم.
مع أن هذا لا يلزمهم –إن كان هذا ظن الدكتور-؛ لأنهم يفهمون أقواله صلى الله عليه وسلم فهم العلماء الراسخين الذين يضعونها موضعها ولا يضربون بعضها ببعض، كحال أصحاب القلوب الزائغة –كما سيأتي إن شاء الله تعالى-.

الوقفة الثانية: أن الدكتور –كما سبق- قد أجاد في بعض تعليقاته على الأحاديث التي انتقاها، إلا أنه شان كتيبه بسوء فهمه لحديث غزو أم حرام وزوجها –رضي الله عنهما-، وحَمَّله ما لا يحتمل، ووجهه الوجهة التي يريد، عندما استنبط منه جواز دخول المرأة المسلمة للعسكرية!، مؤيدًا هذا الجواز بلغة ساخرة تلمز دعاة الفضيلة بأنهم "جماعة الجنابة"( ) ! كما يقول مدعيًا عليهم بأن النساء عندهم "مخلوقات دون الرجال، ليس لهن من دور سوى الإنجاب، لا يجب أن يتحركن من دار الأب أو الزوج إلا إلى القبر.." !! (ص 21-22) وأنهم يريدون "أن يحرموا عقل المرأة من كل علم، وفكرها من كل ثقافة، وأن يشلوا كل ما منحها الله سبحانه وتعالى من طاقات وإمكانيات ومواهب، لتبقى تمارس دورًا يتيماً يبدأ بالجنس وينتهي بالجنس" ! (ص 22).
أما هو ومن معه من أنصار المرأة –كما يزعم- فإنهم "يذهبون إلى أنه من حق المرأة أن تتعلم إلى أقصى درجات التعليم، وأن تمارس وجوه الإبداع الفكري والعلمي كافة، وأن تكون عضوًا فعالاً في حياة المجتمع الثقافية والسياسية" (ص22).
قلت: يقع الدكتور ومن يوافقه ممن يدعون أنهم أنصار المرأة في مشكلات ثلاث عند بحثهم لقضايا المرأة:
الأولى: أنهم اتخذوا من النموذج الغربي للمرأة مقياساً لهم عند النظر إلى نساء المسلمين، فما تقوم به تلك النسوة الغربيات ينبغي على نسائنا أن يحاكينه، وعلى ولاة أمورهن أن يسهلوا ويشجعوا هذه المحاكاة، وإلا فإن الدكتور ومن معه سيلمزونهم بأنهم من "جماعة الجنابة" !
أما جواز هذه الأعمال التي تقوم بها نسوة الغرب من عدمه أو وضع الضوابط الشرعية له فهذا لا مكان له عند الدكتور وجماعته. وكتاباتهم شاهد على هذا( ).
الثانية: أنهم عندما تبنوا النموذج الغربي وتشبعوا به، لم يقابلوا ذلك بفهم صحيح للنموذج الشرعي في قضايا المرأة، إنما دمغوه بالتخلف والظلم، ولم يكلفوا أنفسهم عناء النظر في أقوال أهله وأدلتهم وأحوالهم، ولهذا تجدهم يتقولون عليهم ما لم يقولوه، ويبهتونهم بما ليس فيهم، كما فعل الدكتور –هداه الله- في كلامه السابق عندما كذب عدة كذبات كل واحدة أكبر من أختها على دعاة الفضيلة ورماهم بما هم بريئون منه. فتأمل ما ذكره وقارنه بحال أهل الإسلام ودعاة الفضيلة، هل تراه صدق في شئ منه ؟!
-فهل صحيح بأنهم –أي دعاة الفضيلة- يرون بأن النساء "ليس لهن من دور سوى الإنجاب"؟ (وأين أعمالهن الأخرى التي يعلمها الجميع؟! أم أنها لا ترضيك؟)
-أو أنهن –أي النساء- لا يجب أن يتحركن من دار الأب أو الزوج إلا إلى القبر" ؟! (وكل هذا الخروج شبه اليومي هل هو إلى المقبرة؟!)
-أو أنهم –أي دعاة الفضيلة- "ينـزعون إلى أن يحرموا عقل المرأة من كل علم، وفكرها من كل ثقافة" ؟!
ولاحظ تعميم الدكتور: (كل علم) و(كل ثقافة) ! أي حتى العلم الشرعي والثقافة الشرعية !
-أو أنهم يرون أن دور المرأة "يبدأ بالجنس وينتهي بالجنس" ؟! (وأظن هذا من باب إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه!)( ) ثم تأمل ما أضفاه الدكتور من فضائل على (مدعي نصرة المرأة) مستخدماً في ذلك الألفاظ المطاطة العامة التي هي في حقيقتها من زخرف القول الذي يجيده كل أحد. ولو تفكر الدكتور لعلم أنها بهذا العموم تنطبق على خصومه أيضاً! ولكن بضوابطهم الشرعية .
فهو يقول عن (الأنصار!): بأنهم "يذهبون إلى أنه من حق المرأة أن تتعلم إلى أقصى درجات التعلم". وهذا ما يذهب إليه دعاة الفضيلة ! ولكن بشرط أن تكون العلوم التي تتلقاها مفيدة (دينياً أو دنيوياً)، وأن لا يكون هناك اختلاط.
ويقول: "وأن تمارس وجوه الإبداع الفكري والعلمي كافة" وهم كذلك يقولون بهذا مالم يكن فيه مخالفة شرعية، كأن يكون الإبداع أن تتعلم الرقص أو التمثيل!، مثلاً.
ويقول: "أن تكون عضواً فعالاً في حياة المجتمع الثقافية والسياسية" وهم كذلك يقولون بهذا ما دام بضوابطه الشرعية التي تتبين عند الدخول في تفاصيل هذه الحياة التي يطمح إليها الدكتور ولا تفيدها لغته العمومية .
المشكلة الثالثة التي يقع فيها أدعياء نصرة المرأة عندما يتعرضون لقضاياها أننا نشاهد (تهويلاتهم) و(دعاواهم) الكثيرة لا تتوافق كثيرًا مع سلوكهم الشخصي تجاه نسائهم ومن هن تحت ولايتهم، والله يقول (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم).
إنما تجد دعواتهم منصبة على الآخرين لكي يقتنعوا بأفكارهم ويبدؤا بتنفيذها على أرض الواقع قبل أن يقوم بذلك هذا الداعي أو المبشر.
وهذه صفة قد خبرناها فيمن سبقهم من دعاة التغريب، فهذا قاسم أمين مثلاً يذكر عنه الصحفي مصطفى أمين بأن زوجته كانت تغطي وجهها إلى أن توفي ! ( )

الوقفة الثالثة: أن الدكتور غازي –هداه الله- صاحب سابقة ومهارة في التقاط وتصيد ما يراه يؤيد هواه، سواء كان حديثاً صحيحاً أم موضوعاً ! لا فرق، المهم أنه يوصله إلى مبتغاه، ويتمكن من خلاله من إحراج خصومه الذي لا يخضعون لشيء سوى للنص الشرعي.
فإن كان الدكتور –في رسالته هذه- قد اقتنص حديثاً صحيحاً فهمه فهماً خاطئاً متوهماً أنه يشهد لما يريد الوصول إليه، فإنه قبل عشرين عاماً تقريباً قد التقط قصة مكذوبة على عمر –رضي الله عنه-؛ لأنه وجد فيها دليلاً على مشروعية الاختلاط! –كما يزعم- وقد ردّ عليه العلماء والباحثون حينها وبينوا له أن القصة مكذوبة على أمير المؤمنين –رضي الله عنه- فإليك قصة الدكتور القديمة مع التعليق عليها .
قال الدكتور في مقالٍ له بعنوان "ورقة عائلية من تاريخ الطبري"( ): ((في كتابه الشهير "تاريخ الرسل والملوك" يروي الطبري قصة مؤثرة عن سيدنا عمر بن الخطاب تصوره في جانب آخر من جوانب شخصيته المتقدة بالعظمة. كانت الجيوش الإسلامية تكتسح الإمبراطوريات وكان سيدنا عمر رضي الله عنه وقتها رئيساً لأعظم دولة على وجه الأرض. والقصة تتحدث عن قائد من قواد عمر اسمه سلمة بن قيس أرسل رجلاً من قومه برسالة إلى أمير المؤمنين .
ولندع هذا الرجل يروي لنا القصة: "… فاتبعته فدخل داراً ثم دخل حجرة فاستأذنت وسلمت. فأذن لي، فدخلت عليه فإذا هو جالس على مسح (بساط) متكئ على وسادتين من أدم محشوتين ليفاً فنبذ إليّ بإحداهما، فجلست عليها، وإذا بهو في صُفّة فيها بيت عليه ستير فقال: يا أم كلثوم غداءنا! فأخرجت إليه خبزة بزيت في عرضها ملح لم يدق، فقال: يا أم كلثوم، ألا تخرجين إلينا تأكلين معنا من هذا ؟
قالت: إني أسمع عندك حس رجال؟ قال: نعم ولا أراه من أهل البلد.. قالت : لو أردتَ أن أخرج إلى الرجال لكسوتني كما كسا ابن جعفر امرأته، وكما كسا الزبير امرأته، وكما كسا طلحة امرأته! قال: أو ما يكفيك أن يقال: أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وامرأة أمير المؤمنين عمر! فقال: كل، فلو كانت راضية لأطعمتك أطيب من هذا..".
ما الذي نستخلصه من هذا النص، كما تقول الكتب المقررة والامتحانات المدرسية ؟
نستخلص منه ما يأتي :
-أن سيدنا عمر لم يشعر بأي حرج وهو يدعو زوجته لتشاركه الغداء مع ضيف لا يعرفه … إلى أن يقول: "ماذا يقول السادة الكرام الذين يتصورون أن المرأة مخلوقة من الدرجة الثانية، وربما الدرجة العاشرة)).
قلت: هذا ما ذكره الدكتور صاحب الدرجة الأولى في التعامل مع المرأة! لأن هذه الدرجة عنده –كما هو مفهوم كلامه- لا يحوزها إلا من تخالط زوجته الرجال وتشاركهم على مائدة الطعام. والدليل هذه القصة المكذوبة.
والغريب أنها قد كذبت على عمر –رضي الله عنه- الذي كانت غيرته سبباً في نزول آية الحجاب! فتأمل .
وهذا مما يزيد القصة وهناً.
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- رادًا على استدلال الدكتور بهذه القصة الموضوعة : "الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد اطلعت على القصة المنقولة من تاريخ ابن جرير الطبري –رحمه الله- عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال ما نصه:
(فاتبعته فدخل داراً ثم دخل حجرة فاستأذنت وسلمت فأذن لي فدخلت عليه فإذا هو جالس على مسح (بساط) متكئ على وسادتين من أدم محشوتين ليفاً، فنبذ إلي بإحداهما فجلست عليها وإذا بهوٌ في صفة فيها بيت عليه ستير فقال: يا أم كلثوم غداءنا، فأخرجت إليه خبزة بزيت في عرضها ملح لم يدق، فقال: يا أم كلثوم ألا تخرجين إلينا تأكلين معنا من هذا. قالت: إني أسمع عندك حس رجل قال: نعم ولا أراه من أهل البلد، قالت: لو أردت أن أخرج إلى الرجال لكسوتني كما كسا ابن جعفر امرأته، وكما كسا الزبير امرأته، وكما كسا طلحة امرأته، قال: أو ما يكفيك أن يقال: أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وامرأة أمير المؤمنين عمر ؟! فقال: كل فلو كانت راضية لأطعمتك أطيب من هذا) اهـ.
وهذه القصة باطلة رواية ودراية:
أما الرواية: فلأن مدارها على جماعة من الضعفاء، وبعضهم متهم بالكذب، وتنتهي القصة إلى مبهم لا يعرف من هو ولا تعرف حاله وهو الذي رواها عن عمر؛ وبذلك يعلم بطلانها من حيث الرواية .
وأما من حيث الدراية فمن وجوه:
1-    شذوذها ومخالفتها لما هو معلوم من سيرة عمر رضي الله عنه وشدته في الحجاب وغيرته العظيمة وحرصه على أن يحجب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه حتى أنزل الله آية الحجاب.
2-    مخالفتها لأحكام الإسلام التي لا تخفى على عمر ولا غيره من أهل العلم، وقد دل القرآن والسنة النبوية على وجوب الاحتجاب وتحريم الاختلاط بين الرجال والنساء على وجه يسبب الفتنة ودواعيها.
3-    ما في متنها من النكارة الشديدة التي تتضح لكل من تأملها، وبكل حال فالقصة موضوعة على عمر بلا شك للتشويه من سمعته أو للدعوة إلى الفساد بسفور النساء للرجال الأجانب واختلاطهن بهم، أو لمقاصد أخرى سيئة. نسأل الله العافية.
ولقد أحسن الشيخ أبو تراب الظاهري، والشيخ محمد أحمد حساني، والدكتور هاشم بكر حبشي فيما كتبوه في رد هذه القصة وبيان بطلانها وأنه لا يصح مثلها عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، جزاهم الله خيراً وضاعف مثوبتهم وزادنا وإياهم علماً وتوفيقاً وجعلنا وإياهم وسائر إخواننا من أنصار الحق"( ).
قلت: هذا ما كان من الدكتور قديماً. فهل تغير مسلكه بعد كل هذه السنين؟! أقولها للأسف: لا ! فالمسلك هو هو لم يتغير حيث (الإيمان) و(الاعتقاد) بقضايا جاءت أدلة الشرع بتحريمها، ثم الاجتهاد في البحث عن ما يسوغها أمام المسلمين لكي يقبلوها و(تمرر) في مجتمعاتهم.
الأمر الذي تغير فقط هو أن الدكتور بعد أن كان يلجأ إلى القصص المكذوبة (لدعم) أفكاره أصبح يلجأ إلى أحاديث صحيحة بعد أن يلوي أعناقها ويُحملها ما لا تحتمل.
والسبب أن الدكتور علم أن القصص المكذوبة لا تروج على عامة المسلمين فضلاً عن علمائهم في هذا الزمان، وسيقف لها العارفون بالمرصاد تكذيباً وتوهيناً .
ولهذا فقد أصبح السلاح الجديد الذي لن يجرؤ أحد على تكذيبه هو اللجوء إلى الأحاديث الصحيحة بعد أن يصرف معانيها لصالح أهدافه وأفكاره.

الوقفة الرابعة: أن الدكتور –في تعليقه على حديث أم حرام- وقع فيما حذر منه الله تعالى من النهي عن اتباع المتشابه وترك المحكم، ومن ذلك إقامة الحالات الجزئية مقام الأصول الكلية لينتج عن هذا الإيمان ببعض نصوص السنة دون بعض. ولو فهم الأحاديث النبوية بفهم علماء الأمة لما وقع في هذا الخلل والزيغ.
يقول الشاطبي –رحمه الله-: "إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة، فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان ولا حكايات الأحوال، والدليل على ذلك أمور… -ثم ذكرها- إلى أن قال: وهذا الموضع كثير الفائدة، عظيم النفع بالنسبة إلى المتمسك بالكليات إذا عارضتها الجزئيات وقضايا الأعيان؛ فإنه إذا تمسك بالكلي كان له الخيرة في الجزئي في حمله على وجوه كثيرة. فإن تمسك بالجزئي لم يمكنه مع التمسك الخيرة في الكلي؛ فثبت في حقه المعارضة، ورمت به أيدي الاشكالات في مهاوٍ بعيدة، وهذا هو أصل الزيغ والضلال في الدين؛ لأنه اتباع للمتشابهات، وتشكك في القواطع المحكمات"( ) .
قلت: وهذا ما وقع فيه الدكتور؛ حيث فهم من قصة خروج أم حرام بنت ملحان للغزو مع زوجها عبادة بن الصامت –رضي الله عنهما( )- أن الإسلام يجيز دخول المرأة المسلمة للعسكرية !!
متغافلاً –هداه الله- عن عشرات النصوص الشرعية التي يعلمها آحاد المسلمين وتبين أن الجهاد غير واجب على المرأة المسلمة.
ومنها : حديث عائشة رضي الله عنها –في صحيح البخاري- استأذنتُ النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد. فقال: "جهادكن الحج"( ). وفي رواية عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: سأله نساؤه عن الجهاد فقال: "نِعْم الجهاد الحج"( )
فدل الحديثان على أن الجهاد غير واجب على النساء.
وورد في الحديث الصحيح أن أم سلمة –رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو، ولنا نصف الميراث؟ فأنزل الله (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) ( ). فدل الحديث على أن عدم وجوب الجهاد على النساء هو مما تقرر عند الرعيل الأول استجابة وامتثالاً لأقواله صلى الله عليه وسلم التي سبق شيء منها.
وعلى هذا استقرت كلمة علماء المسلمين –رحمهم الله-( ) قال ابن قدامة -رحمه الله-: "ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية،والسلامة من الضرر، ووجود النفقة"( ) .
ولاحظ أن المرأة لو خرجت للجهاد الشرعي فإنها ستخرج مع محرمها مستترة ملتزمة بالحجاب ومع هذا قيل ما سبق في حقها؛ وهو عدم وجوب الجهاد عليها.
فما ظنك بعد هذا بحالها في العسكرية؟! حيث ستتراكم عليها المحرمات؛ من تبرج، ولباس فاضح، واختلاط، وخلوات محرمة، وسفر بلا محرم… إلخ المحرمات والمفاسد التي يدركها كل عاقل تأمل متطلبات العسكرية في بلاد العالم. مما يجعل حرمة هذا الأمر مما لا يشك فيها مسلم يعرف أحكام دينه؛ إلا أن يكون من أهل الشهوات ومحبي نشر الفساد بدعوى الإصلاح.
ورحم الله الشيخ أحمد شاكر الذي قال بعد أن صحح حديث أم سلمة السابق "يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو" :"وهذا الحديث يرد على الكذابين المفترين –في عصرنا- الذين يحرصون على أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين، فيخرجون المرأة عن خدرها وعن صونها وسترها الذي أمر الله به؛ فيدخلونها في نظام الجند"( ).
الخلاصة: أن الجهاد غير واجب على المرأة المسلمة، ولكن إن تطوعت للخروج مع زوجها أو محرمها وهي بكامل حجابها فإنها لا تمنع من ذلك، وعلى هذا تحمل الوقائع التي ورد فيها أن فلانة خرجت للغزو أو قاتلت.
قال الدكتور عبد الرب نواب الدين في كتابه "عمل المرأة وموقف الإسلام منه" (ص 250): "كثيراً ما يتخذ بعض أدعياء العلم من بعض الأحداث دليلاً على وجوب الجهاد على النساء كوجوبه على الرجال.."

فتوى اللجنة الدائمة في جهاد المرأة :
قالت اللجنة في فتواها رقم (9533):
"س: هل جهاد المرأة غير واجب؛ أكان جهاد الدعوة أو جهاد الكفار؟
ج: ليس جهاد الكفار بالقتال واجباً على المرأة، ولكن عليها جهاد بالدعوة إلى الحق، وبيان التشريع، في حدود لا تنتهك فيها حرمتها، مع لبس ما يستر عورتها، وعدم الاختلاط بالرجال غير المحارم، وعدم الخضوع بالقول والخلوة بالأجانب، قال الله تعالى في نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واذكرن ما يُتلى في بيوتكنَّ من آيات الله والحكمة) ( )، وثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله هل على النساء من جهاد؟ قال: "نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة"، رواه أحمد وابن ماجه، وثبت عنها أيضاً أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: "لكن أفضل الجهاد حج مبرور"، رواه أحمد والبخاري.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو/ عبد الله بن غديان     نائب رئيس اللجنة/ عبد الرزاق عفيفي     الرئيس/عبد العزيز بن عبدالله بن باز

وقال الأستاذ حافظ محمد أنور: "أما تجنيد النساء في العصر الحاضر حسب التنظيم العسكري فلا يجيزه الإسلام، فلا تجند الفتيات ضمن الفتيات ليقمن بنفس الأعمال التي يقوم بها الرجال في الجيش ؛ لأنه مخالف لتعاليم الإسلام، حيث يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء، وقد يكون المدربون من الرجال، ثم يكون المبيت بعيدًا عن الأهل، وهذا محادة لله ولرسوله، وكذلك الأمر في الشرطة وفي الجهات الأمنية الأخرى"( ) .
الشيخ علي الطنطاوي وإدخال المرأة المسلمة للعسكرية:
وقال الشيخ علي الطنطاوي –رحمه الله- مبيناً خطوات دعاة (تغريب) المرأة المسلمة في بلاد الشام: "ثم اخترعوا نظام المرشدات وهو مثل نظام الكشفية للأولاد، وصرن يذهبن في رحلات قصيرة في قرى دمشق، ثم جاءت المصيبة التي أنست ما قبلها من المصائب، وهي نظام الفتوة، أي إلباس الطالبات لباس الجند، وتدريبهن على حمل السلاح، لماذا؟ وهل انقرض الرجال حتى نقاتل بربات الحجال؟ ولمن تترك إدارة البيوت وتربية الأطفال؟
لماذا والشباب يتسكعون في الطرقات ويزدحمون على أبواب السينمات، فندع الشباب لهذا ونقاتل أعداءنا بالبنات ؟!"( )
وأظن الدكتور غازي –الذي يدعو إلى دخول المرأة للعسكرية- يعلم الأعداد الهائلة من الشباب الأشداء الذين يرجعون بخفي حنين عند طلبهم الالتحاق بالكليات العسكرية لدينا نظرًا لعدم وجود أماكن لهم.
فكيف يغض الدكتور طرفه عن هؤلاء الألوف من الشباب العاطلين وبدلاً من أن يقترح التوسع في قبولهم لدى العسكرية يدعو إلى الاستعانة بدلهم بفتيات؟! .
أم أنه في سبيل إخراج هذه المرأة من خدرها، والعبث بكرامتها تهون كل الأمور .




مفاسد دخول المرأة الغربية للعسكرية :
يقول الدكتور محمد علي البار –وفقه الله-: "وحتى في أقسام البوليس تتعرض المرأة للاعتداءات الجنسية.. وقد قامت شرطة واشنطون بتعيين مائتي امرأة في أوائل السبعينات .. واستخدمت المرأة كشرطية تعمل ليل نهار وصاحب دلك حملة دعائية ضخمة لإثبات مساواة المرأة بالرجل تحت برنامج مارشال.
وبعد ثلاث سنوات بدأت فضائح هذا البرنامج، ففي أكتوبر 1975م نشرت الوشنطن بوست مجموعة مقالات تفضح فيها استغلال ضباط البوليس للمرأة العاملة في الشرطة جنسياً وبدأت تذكر أمثلة كثيرة؛ منها ما قاله الضابط بيجي جاكسون لمرؤوسته "يجب أن تسمحي لي بمضاجعتك في مقابل إجازة يوم واحد" وذكرت المجلة أن اثنتي عشرة شرطية قلن إنهن تعرضن للابتزاز الجنسي… ولكنهن طلبن أن لا تنشر أسماءهن.. واعترف ضابطان بأنهما قد سمعا شرطيتين تشتكيان من الابتزاز الجنسي الذي يواجهنه من رؤسائهن ولكنهما لا يستطيعان أن يفعلا أي شيء طالما أن المشتكيات يرفضن التوقيع على الشكاوى وهن يرفضن ذلك خوفاً من انتقام رؤسائهن.
وذكرت الضابطة بيني لولدن أن زميلها الضابط أوقف السيارة بجانب حديقة واشنطن وطلب منها أن تسافده ولكنها رفضت، فطلب منها أن تكتم الأمر وإلا انتقم منها.
وفي استفتاء لـ 333 شرطية قالت نصفهن بأنهن تعرضن للاعتداء الجنسي من رؤسائهن وأن اللاتي لا يستجبن ولا يرضخن لهذه الرغبات يلاقين عقوبات مختلفة من رؤسائهن، بينما أولئك اللائي يستجبن ويرضخن يعاملن معاملة طيبة وتخفف عنهن الواجبات الثقيلة.
ويقول أحد كبار الضباط في (وكالة التحقيقات الفيدرالية) F . B . I . بعد أن أدخلوا النساء في تدريبات الضباط:
"إذا وضعت ضابطتين تحت التدريب في سيارة واحدة تعاركتا وإذا وضعت ضابطاً وضابطة تسافدا"!
ويقول ضابط كبير آخر "إن أكثر شيء محطم في قوة البوليس هو مزاملة ضابط لضابطة وكذلك تؤدي تلك الزمالة إلى تحطيم أسرتيهما" (لأن الضابط أو الضابطة في الغالب متزوجان فإذا ما تخاللا وخانا العلاقة الزوجية أدى ذلك إلى فصم عرى الزواج).
وتقول لين فارلي: أن المتدربة في أقسام البوليس والمخابرات تتحول بسرعة من زميل في العمل إلى فرج تدور حوله النكت البذيئة والتعليقات الجارحة.. بل والاعتداءات الجسمانية".
وتقول الضابطة السابقة في بوليس واشنطن J.J. والبالغة من العمر 21 عاماً إنها قد طردت من البوليس عام 1976م لأنها قدمت شكوى باغتصابها من قِبل أحد الضباط، وقد قيل إن تلك الدعوى لا دليل لها وكاذبة وتسيء إلى سمعة البوليس.. هذا بالرغم من أنها قد حصلت من قبل على ثلاث ميداليات لإخلاصها وتفانيها في العمل… -إلى أن قال الدكتور-:
"إن هذه الوقائع غيض من فيض.. وابتزاز العاملة جنسياً وخضوعها للقسر والإكراه والإجبار أمر شائع في جميع أنواع العمل ابتداء من الجامعات وانتهاء بالموتيلات والمطاعم، ولا يكاد يوجد اليوم أي عمل من الأعمال لا تتعرض فيه المرأة العاملة إلى الابتزاز جنسياً.." ( )
قلت: وبعد هذا البيان، فإن الذي يدعو إلى اشتراك المرأة المسلمة في العسكرية متتبعاً المتشابه فإنما هو من متبعي الهوى وأهل الزيغ الذين قال الله فيهم –كما سبق-(فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة)، قال الشاطبي –رحمه الله- عن هؤلاء بأنهم: "يتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة، فهم يطلبون به أهواءهم لحصول الفتنة، فليس نظرهم إذاً في الدليل نظر المستبصر حتى يكون هواه تحت حكمه، بل نظر من حكم بالهوى ثم أتى بالدليل كالشاهد له"( )

الوقفة الخامسة: ذكر الدكتور (ص21) قضية حجاب المرأة المسلمة، وأن هناك من العلماء من يرى جواز كشف وجهها ويديها أمام الأجانب، وآخرين منهم لا يرون ذلك، مدعيًا أن النصوص ترجح مذهب الأولين!
والذي ينبغي أن يعلمه الدكتور ومن يرى رأيه –قبل الدخول في حكم الحجاب- أنه لم يكثر الخوض في هذه المسألة سوى في العصر الحاضر، وذلك بعد أن وقعت كثير من بلاد المسلمين في أيدي المستعمرين الذين كانت مصلحتهم في إفساد المسلمين تقتضي إثارة هذه المسألة وتوجيه متابعيهم من أبناء المسلمين إلى بحثها والتأليف فيها؛ لأنهم يعلمون أنها مقدمة لما بعدها( ). وإلا فإن الأمة الإسلامية كانت مجمعة (عمليًا) على تغطية وجه المرأة عن الأجانب. يقول الحافظ ابن حجر: "لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب"( ) ونقل ابن رسلان "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"( ) .
ومما يؤكد هذا أنك لا تجد مسألة كشف الوجه من عدمه قد أخذت حيزًا كبيرًا في مصنفات الأئمة، ولم تستغرق جهدهم ووقتهم، بل لا تكاد تجد –فيما أعلم- مصنفًا خاصًا بهذه المسألة، ولو على شكل رسالة صغيرة، مما يدل دلالة واضحة أن هذه القضية من الوضوح بمكان، وأن عمل المسلمين كما هو قائم، يتوارثه الخلف عن السلف. وهذا التواتر العملي يدلنا أيضاً على طبيعة تلقي العلماء لهذه المسألة وأنهم يرشدون أمتهم لما فيه العفة والطهر والاستقامة على أرشد الأمور، وأفضل السبل.
أما أدلة وجوب تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب فقد بينها كثير من العلماء المعاصرين في مصنفات خاصة بعد أن كثر الحديث في هذه القضية.
فمن هذه المصنفات :
1-    "عودة الحجاب" بأجزائه الثلاثة، للشيخ (المصري) محمد بن إسماعيل.
2-    رسالة "الحجاب" للشيخ أبي بكر (الجزائري).
3-    "الجليس الأنيس في التحذير عما في تحرير المرأة من التلبيس" للشيخ (المصري) محمد أحمد البولاقي.
4-    "إبراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب" للشيخ (الهندي) صفي الرحمن المباركفوري.
5-    "رسالة الحجاب في الكتاب والسنة" للشيخ عبد القادر (السندي).
6-    "معركة الحجاب والنقاب…" رد على محمد الغزالي، للشيخ (المصري) أحمد محمود الديب.
7-    "مهلاً يا صاحبة القوارير" للكاتبة (المصرية) يسرية محمد أنور.
وغير ذلك من المصنفات المتعلقة بهذه المسألة، وقد اقتصرت منها على بعض ما ألفه العلماء أو الكتاب الذين هم من غير بلاد الحرمين الشريفين( )؛ لكي يعلم الدكتور ومن يتابعه أن القول بوجوب تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب ليس خاصًا بعلماء هذه البلاد فقط كما قد يظنه البعض تلبيسًا أو مغالطة.
فليحذر المسلم ولتحذر المسلمة اللذان أقيمت عليهما الحجة بوجوب تغطية المرأة لوجهها أن تشملهما هذه الآية –إن هما خالفا أو عارضا هذا الحكم- : (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)
وليعلم الدكتور بعد هذا أنه حتى من زل من العلماء المعاصرين وقال بجواز كشف الوجه؛ كالشيخ الألباني –رحمه الله- فإنه يرى أن تغطية المرأة لوجهها هو الأفضل.
يقول الشيخ الألباني: "نلفت نظر النساء المؤمنات إلى أن كشف الوجه وإن كان جائزًا فستره أفضل"( )
ويقول: "فمن حجبهما –أي الوجه والكفين- أيضاً منهن؛ فذلك ما نستحبه وندعو إليه"( )
فتأمل قوله: "وندعو إليه" !
فهل يليق بمسلم بعد هذا أن يدعو نساء المؤمنين اللواتي سترن وجوههن إلى كشفها؟! وإن كان يرى جواز ذلك؛ لأنه بهذا ينقلهن من الفاضل إلى المفضول.
فكيف: وتغطية الوجه واجب لا مستحب –كما سبق- ؟!
لهذا كان الأولى بالدكتور –إن كان يرى جواز كشف الوجه- أن يعمل به في خاصة أهله ولا يدعو إليه، وأن يسخر جهوده لدعوة المتبرجات إلى ستر ما أبدينه من أجسادهن وشعورهن باتفاق الطرفين!
أسأل الله أن يجعلني والدكتور من الهداة المهتدين، غير الضالين ولا المضلين، وأن نكون مفاتيح خير مغاليق شر.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

كتبه/ سليمان الخراشي
alkarashi1@hotmail.com



مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..