الأحد، 21 أغسطس 2011

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا

 

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

 المعتمد إبن عباد  

* * * * * * *
 

المعتمد بن عباد: مسيرة حياة بدأت في نمارق القصور وتواصلت في مجالس العشق وسوح القتال لتنتهي في حبسٍ ضيق وقبر موحش في صحراء ..
جسدها - رحمه الله- في آخر قصائده التي كتبها على رقٍ في سجنه
قبل أن يسلم الروح أسى على وداع زوجته وحبيبته (إعتماد) التي شغف بها حبا لدرجة أنه زهد في الجواري الحسان من حوله...يقول:

قَبرَ الغَريب سَقاكَ الرائِحُ الغادي=  حَقّاً ظَفَرتَ بِأَشلاء ابن عَبّادِ


بِالحِلمِ بالعِلمِ بِالنُعمى إِذِ اِتّصلَت = بِالخَصبِ إِن أَجدَبوا بالري لِلصادي

بالطاعِن الضارِب الرامي إِذا اِقتَتَلوا = بِالمَوتِ أَحمَرَ بالضرغمِ العادي

بالدَهر في نِقَم بِالبَحر في نِعَمٍ = بِالبَدرِ في ظُلمٍ بِالصَدرِ في النادي

نَعَم هُوَ الحَقُّ وَافاني بِهِ قَدَرٌ=مِنَ السَماءِ فَوافاني لِميعادِ

وَلَم أَكُن قَبلَ ذاكَ النَعشِ أَعلَمُهُ= أَنَّ الجِبال تَهادى فَوقَ أَعوادِ

كَفاكَ فارفُق بِما اِستودِعتَ مِن كَرَمٍ = رَوّاكَ كُلُّ قَطوب البَرق رَعّادِ

يَبكي أَخاهُ الَّذي غَيَّبتَ وابِلَهُ =تَحتَ الصَفيحِ بِدَمعٍ رائِح غادي

حَتّى يَجودَكَ دَمعُ الطَلّ مُنهَمِراً= مِن أَعيُن الزَهرِ لم تَبخَل بِإِسعادِ

وَلا تَزالُ صَلاةُ اللَهِ دائِمَةً= عَلى دَفينكَ لا تُحصى بِتعدادِ

هذه
الرائعة التي كتبت سطورها على قبره كان قد سبقها برائعة مأساوية أخرى

عندما دخلن عليه بناته في السجن يوم العيد ،
 واللواتي كنت يعتشن في منفاهن في المغرب على الغزل للناس (غزل الصوف ) ،
فأثّر به إستياءاً . ذلهن بعد عز ، وفاقتهن بعد ثراء وغنى وبذخ ، فكتب يصف حاله أمام وقع المشهد عليه:




فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا= وكان عيدك باللذات معمورا

وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ = فساءك العيد في أغمات مأسورا

ترى بناتك في الأطمار جائعةً= في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا

معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ= يغزلن للناس لا يملكن قطميرا

برزن نحوك للتسليم خاشعةً=عيونهنّ فعاد القلب موتورا

قد أُغمضت بعد أن كانت مفتّرةً= أبصارهنّ حسيراتٍ مكاسيرا

يطأن في الطين والأقدام حافيةً= تشكو فراق حذاءٍ كان موفورا

قد لوّثت بيد الأقذاء واتسخت= كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا

لا خدّ إلا ويشكو الجدب ظاهره= وقبل كان بماء الورد مغمورا

لكنه بسيول الحزن مُخترقٌ= وليس إلا مع الأنفاس ممطورا

أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه= ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا

وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَجٌ= فعاد فطرك للأكباد تفطيرا

قد كان دهرك إن تأمره ممتثلاً = لما أمرت وكان الفعلُ مبرورا

وكم حكمت على الأقوامِ في صلفٍ = فردّك الدهر منهياً ومأمورا

من بات بعدك في ملكٍ يسرّ به= أو بات يهنأ باللذات مسرورا

ولم تعظه عوادي الدهر إذ وقعت=  فإنما بات في الأحلام مغرورا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..