السبت، 27 أغسطس 2011

حكم القرقيعان



تحتفل بعض الطوائف المنتسبة إلى الإسلام بليلة الخامس عشر من شهر رمضان من كل عام، و يسمى هذا الاحتفال بـ ( القرقيعان )، و هذا الاحتفال يقام بمناسبة ذكرى مولد الحسن بن علي رضي الله عنه.

و قديماً تأثر كثير من سكان دول الخليج و المنطقة الشرقية من أهل السنة و الجماعة بهذا الاحتفال، فاصبحوا يقيمونه في ليلة الخامس عشر من رمضان في كل عام، ثم ورّثوا هذه العادة لمن بعدهم،  إلى ان صدرت فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رقم  ( 15532 ) برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز _رحمه الله _ بعد م جواز إقامة ( القرقيعان ) لكونه بدعة محدثة في الإسلام. جاء في نص الفتوى: (الاحتفال في ليلة الخامس عشر من رمضان أو في غيرها بمناسبة مهرجان القرقيعان بدعة لا أصل لها في الإسلام ( وكل بدعة ضلالة ) فيجب تركها والتحذير منها ولا تجوز إقامتها في أي مكان لا في المدارس ولا في المؤسسات أو غيرها ، والمشروع في ليالي رمضان بعد العناية بالفرائض الاجتهاد بالقيام وتلاوة القرآن والدعاء).

إلا أنه ما زال هناك الكثير من أهل السنة و الجماعة في كثير من محافظات و قرى المنطقة الشرقية يقيمون هذا ( القرقيعان )، و يرون أن الفتوى المذكورة لا تخصهم، و ذلك تحت حجج أهمها:

·       أن عملهم هذا عادة متوارثة و ليس عمل عبادي، فلا يُعد عملهم بدعة في الدين.
·   أنهم لا يقيمونه في ليلة الخامس عشر بالتحديد في كل عام، فهم تارة يقيمونه ليلة الرابع عشر، و تارة ليلة السابع عشر و هكذا، لكي لا يُعتبر _ بحسب زعمهم _ عيداً.
·       أنهم يغتنمونه فرصة لوصل الأرحام، و هو من الأعمال الفاضلة في شهر رمضان.
·   أن احتفالهم به لا يتجاوز كونه لقاء يجتمع به الأقارب و الجيران، لتبادل الأحاديث و تبادل الحلوى، و تناول الطعام، كما أنها تقام في مكان عام كالحدائق و الشوارع، و أحياناً في أماكن خاصة، كأفنية المنازل، و ليست في المدارس و المؤسسات الرسمية.


و بالنظر لواقع هذا ( القرقيعان ) فإنه كالتالي:

·   يتم توزيع الإعلانات و نشرها في الشوارع و المنتديات و عبر رسائل الجوال، وذلك لتحديد موقع و موعد ( القرقيعان ).
·       تجهيز لجان إدارية للـ ( القرقيعان )، فلجنة تنظيمية، و أخرى إعلامية .. و هكذا.
·   يتم الإعداد المبكر للـ ( القرقيعان )، بتجهيز الكيك و الحلويات و الأطعمة، و تعليق الزينة و الصور و العبارات الترحيبية في موقع ( القرقيعان ).
·   تحضر بعض الأسر و معها مجموعة من الحلوى و البسكويت و شيء من الطعام، و يسمى هذا الطعام و الحلوى بـ ( قرقيعان آل فلان )، بإسم الأسرة التي أحضرته، و بعض الأسر تقوم بتغليف الحلوى بصور اطفالها و أسمائهم، حيث أصبحت محلات بيع الحلوى مستعدة لمثل هذا ( القرقيعان).
·       يلبس الأطفال و بعض الكبار ملابس تراثية، كملابس الغوص مثلاً.
·       تُحضر إلى الموقع بعض الأدوات التراثية، كالنجر أو السراج.
·   في بعض الجهات يرتدي الحضور من الرجال أوشحة مكتوب عليها ( قرقيعان .... )، و يتبع بإسم القرية أو البلدة التي يقام فيها ( القرقيعان ).
·   يسافر بعض الحضور مئات الكيلومترات لحضور ( القرقيعان ) في بلده الأصلي بين أقاربه و جماعته.
·       تُنفق الأموال في تجهيز الملابس و الأطعمة والذبائح للـ ( القرقيعان )
·   يُقضى وقت ( القرقيعان ) في تبادل الأحاديث _ الدنيوية في الغالب _ و الأكل، و باللعب بالنسبة للأطفال.
·   في بعض الجهات يُضاف إلى ما ذكر أعلاه بعض ألوان الفنون الشعبية كـ ( الليوة )، و يدخل في بعضها الطبل و الرقص.
·       يقام ( قرقيعان ) الرجال منفصلاً في الغالب عن ( قرقيعان ) النساء.
·   بعد إنتهاء ( القرقيعان ) تقوم اللجنة الإعلامية بإصدار تقرير مصور عن ( القرقيعان )، و يعنون له _ على سبيل المثال_ كالآتي: تقرير قرقيعان 1432هـ.

و في هذا الرابط مثال عليه:


فضيلة الشيخ:
ما حكم المشاركة في إقامة مثل هذا ( القرقيعان ) ؟ 
و ما حكم حضوره ؟
 و هل الحجج المذكورة كافية لردّ فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رقم ( 15532 )؟

بارك الله فيكم
 ------------- 
:عضو هيئة كبار العلماء قيس المبارك
القرقيعان منعه جمع من الفقهاء وأجازه آخرون بحكم أنه عادة
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الدكتور عبد العزيز قاسم

جوابا على سؤالك حول عادة القرقيعان المنتشرة في الخليج وفي العراق وفي غيرها من البلاد الإسلامية .

لابد من التنبيه ابتداءً إلى أني سئلت وبإلحاح عن هذه العادة من قِبَل كثير من الصحف، هذا العام والأعوام السابقة، فامتنعت عن الحديث، حذاراً من أن يصير الجواب مادة إعلامية تزيد الشقاق، فالمسلمون لا ينقصهم شيء من بذور الخلاف، بل يغيب عن بعضهم أنّ المسائل الاجتهادية، الخلاف فيها سائغ، وكلما كان المسلم إلى منهج السلف أقرب، كان عن التسرُّع في الإنكار فيها أبعد، وقد اختلف الصحابة الكرام في كثير من مسائل الفقه، بل اختلفوا في أخصِّ شؤون دينهم، وهو الصلاة، ولم يكن اختلافهم سببا لاختلاف قلوبهم، يُصلِّي بعضهم خلف بعض بلا حرج، فقبول الخلاف فيها خلقٌ إسلامي نبيل .

واحتفال القرقيعان مَنَعَه جمعٌ من الفقهاء المعاصرين، ورأوا أنه بدعةٌ محرمة لا أصل لها في الإسلام، ورأوا أنها قد تكون أتت إلينا من غير المسلمين، وربما كانت موغلةً في القدم، فلعلها تقليد جاهلي قديم، وربما كانت بمناسبة مولد أحد الصالحين، وأنها لو كان فيها خير لفعلها الصحابة الكرام، فلذا رأوا ضرورة ترك المسلمين لهذا الاحتفال والبعد عنه .

وأجاز هذا الاحتفال آخرون، باعتبار أنه ليس شعيرة يُتعبَّد بإقامتها، بل شأنه شأن كثير من العادات التي يقيمها الناس لأنفسهم، لأيِّ معنى من المعاني العُرفية، وقد يحددون بعضها بيوم معيَّن، كانتظام بعضهم بدرسٍ أسبوعي، أو بقراءة كتاب بعينه يوميا أو أسبوعياً أو شهريا أو سنويا، ككل يوم سبت مثلاً، وكما تفعله كثير من المدارس في شتى المناسبات، كمناسبة بدء العام الدراسي أو نهايته، وغير ذلك من العادات والمناسبات الاجتماعية التي لا تتناهى، بل تجِدُّ مع الزمن وتتنامى مع الأيام، ووضَّحوا ذلك بأنه لا يقال لمن فعلها أنه فعل سنة، ولا لمن تركها أنه ترك سنة، ورأو أن منشأ العادات وسبَبُها ليس دليلا شرعيا على إباحتها ولا على تحريمها، فالتحريم حكم شرعي لا عاديّ .

فالخلاصة أن المسألة من مسائل العلم التي تناقش مناقشة علمية، فلتتسع فيها صدورنا ولا تضيق، وكلٌّ منا عليه أن يأخذ بما يراه الأقرب للصواب، ويقدِّر لغيره اجتهاده، حفظك الله ورعاك، أنت ومجموعتك الكريمة، واعذرني للاختصار .

قيس المبارك

تعليق: أجدها فرصة لشكر معالي الشيخ قيس المبارك على تواصله، وعلى تواضعه جزاه الله خيرا، ويعلم الله أني محب لأبي إياد من أزمنة بعيدة، ومن يجلس لمعاليه ليرى الخلق متجسدا حقا في رجل، وعموم آل المبارك بمثل هذه النفسية الخلاقة والمتواضعة.. كل عام وأنت بخير يا أبا إياد.. عبدالعزيز قاسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..