الأحد، 11 سبتمبر 2011

إلى كل جلاد طغي

إلى كل جلاد طغي
 
يا كل جلاد طغي.. / يا كـل طاغية فـسد / صغرت بك الأشياء../ صار العرش قـضبانـا.. وكهلا قـابعـا / والناس من هول الفضائح.. يعجبون.


 
ميدل ايست أونلاين

قصيدة جديدة للشاعر: فاروق جويدة

اهداء إلى ثوار الربيع العربي
عار علينا أن نقول بأنهم متـآمرون
عار علينا أن نقول بأن ضوء الصبح
قد أعمى العيون
عار علينا أن نقول
بأن وجه الأرض أنقى
خلف قـضبان السجون
عار علينا أن نقول بأن تـاريخ الشعوب
عويل جلاد.. وشعب عاجز
وعصابة سرقت.. وناس ينـهبون
عار علينا أن نقول بأن غاية حلـمنا
قـهر يعربد في القلوب..
وذل عيش في البطون
عار علينا أن نقول..
بأن أطهر ما لدينا خائنون
عار علينا أن نقول بأن ثورتـهم
جنون في جنـون
***
في عتمة الليل الطويل تـقـدموا
وتطـهروا من رجس أيام عجاف..
ضل فيها العابدون
لم يعرفوا رقص الحبال على حمى الأوطان..
لم يتـلونـوا
كانوا ورب الناس آخر ما تبقى..
للكرامة من حصون
لم يركعوا لمواكب الطغيان..
لـم يستسـلموا
كانوا رجالا عندما انتفضت حشود الفجر..
قاموا يهدرون
في صرخة الأمل الوليد على ضفاف النيل..
هبوا كالأسود يزمجرون
لم يركعوا يوما لغـير الله..
والجلاد بين حشوده
وكتائب الدجل الرخيص على الشعوب يزايدون
والكل في سوق الغـنـائم والنفاق يبايعون
***
عار علينا أن نقول بأنهم متـآمرون
هم أطهر الأشياء فينا..
هم سنابل عمرنا
نبتت على أطلال عمر..
ضاع في ليل المآسي والشجون
من صـلـبـنا جاءوا
وكانوا صرخة الجوع المكـابـر..
في عذابات البطون
شربوا عكـار النيل ذاقـوا بؤسه
وترنحوا زمنـا على شطآنه الثــكـلى..
ورغم اليأس عاشوا يحـلـمون
هم صفـعة الجلاد في زمن المهانة..
هم دعاء الأم من قلب حنون
نبتـوا وراء معاقل الشيطان..
ذاقـوا الموت أطفالا..
وهاموا في شـقـوق الأرض
تاهوا في سراديب الظنون
عاشوا مع الموتي.. وسكان المقابر..
شاهدوا الآباء..
في الصـلـوات لـيلا يشنقون
هم صرخة الأرحام
في زمن التــلوث والتـخنـث والمجون
عار علينا أن نقول بأنهم
شربوا الخيانة من زمان باعهم
سوق الخيانة لم يكن سرا..
وهذي الأرض تعرف
من يبيع.. ومن يخون
قصص الخيانة تملأ الصفحات عارا
واسألوا التاريخ عن وطن يباع
وأمة سقطت
وحكام بسيف القـهر فينا يرتعون
كم عشت أصرخ بين أشباح الظلام..
متـى يفيــق النائمون
أرض يضاجعها الفساد.. وساد فيها المفسدون
وجه النهار يصير ليلا حين تـخـتـنـق العيون
وجه الضمير يصير أشلاء مبعثرة
ويخبو لا يراه المبصرون
حتى الدماء تهون.. في سوق النـخـاسة
أجمل الأشياء في الدنيا يهون
عار على وطن البطولة
أن يبيع شبابه
أن يترك الأوغاد
في عرض الشـعوب يتاجرون
***
في عتمة الليل الطويل
أطل فجر واثق
هدم القلاع.. وحطـم الأصنـام..
واقتحم الحصون
ثــوارنـا يتقدمون
من كل فـج يخرجون
في كل شبر ينــبـتـون
من طين هذي الأرض.. من أكـفـانها
من وحشة الفقراء.. من سخط الحياري
من أنين الجوع قاموا يصرخون
شعب بطول الكون يخرج للشوارع
كل موتـانـا أفـاقـوا
والعظام السود صارت ظل أشجار
ولاحت في بقاياها الأزاهر والغـصون
شيخ عجوز مات مصلوبا على الجدران..
جاء الآن يحكي ما طوت منا السنـون
شهداؤنا عادوا إلي الميدان..
في أكـفـانهـم يتـسابقون
شهداؤنا رحلـوا.. وغابوا ثم غابوا من قـرون
في ساحة الميدان عند الفجر..
عادوا كالحجـيج يكـبرون
وسط الشوارع.. في المقاهي..
في المساجد.. في الملاجىء  يهتفون
تتوحد الأرواح في الأحياء والموتـي
يطــل الصبح.. آلاف الضحايا يسـقـطـون
تتزاحم الأنفاس.. تلتئم القلوب
يفيض ضوء الشمس
ترتجف الأجـنـة في البطون
حتى الأجنة ودعت أرحامها
كـبرت على وجه الصباح وكبرت
صوت الأجـنـة يملأ الساحات
في صخب الزحام يلـوحون
أنا لا أصدق.. إنهم يتكلمون..
ويحي.. وويح الناس يا الله.. لا يتلعثمون
في ساحة الميدان ألمحهم حشودا يقرأون
حرية الإنسان حق لن يهون
حرية الإنسان حق لن يهون
***
شهداؤنا في ساحة الميدان قاموا يهدرون
لم يرفعوا سيفـا.. ولم يتراجعوا
في ساحة الميدان فاضت كالصلاة دماؤهم
تجري على الأرض الحزينة..
تكبر الأشجار.. يزهو الكون
والشهداء في ركب الرحيل يسارعون
كانوا بلون الزهر يختبئون في سعف النخيل
وخلف مئذنة الحسين تجمعوا
نطقـوا الشهادة في هدوء
ثم طافـوا بالحسين يودعون
عار علينا بعد هذا
أن نقول بأنهم متآمرون..
عار علينا أن نقول..
بأن أنقى ما لدينا خائنون
هم ما تبقى من شحوب الصبح
في هذي الربوع..
وما تبقـي من دعاء الأمهات..
وما تبقـي في دمانا من حصون
هم آخر اللحظات
في زمن تـنـكـر للرجولة..
حين ساد الجهل وانتهك الشعوب مخـنـثــون!
قد اسقطوا عصرا من الطغيان
كبله الضلال.. وعم فيه الفقر
فاستلقت سنابل أرضنا
لحثالة السفهاء منـها يثأرون
فإلى متى سيظل تجار الرقيق
على الموائد يلعبون
وإلى متى سيظل انصاف الرجال
على الكراسي يحكمون
***
في طين هذي الأرض شيء
يعرف النبت النــقي..
ويعرف القلب التــقي
ويتبع الشرفاء أنـي يذهبون
دارت بنا الأيام..
جرذان السفينة في سواد الليل..
سرا يخـتـفون
سرقوا ضياء الفـجر من عين الصغار..
وروعوا الشرفاء في ليل السجون
باعوا المآذن والكـنـائس..
ضاجعوا الشيطان في سفـه
وراحوا يسكـرون
ابحث عن الكـهان في سوق الخيانـة
سوف تلقاهم جموعا يلهثـون
ابحث عن الأرض التي هانت..
عن العمر الذي ولــي..
عن الأحلام في أيدي السكـاري..
سوف تلقاهم على جثـث الشعوب يزايـدون
يتـسابقـون من الضلال.. إلي الضلال..
من الحرام.. إلى الحرام..
ومن هموم النـاس عاشـوا يسخرون
كـهانـنا يترنـحون.. وكلما سكروا أفـاقـوا
ثم راحوا يكـذبون
صوت يراوغ لـعنـة التاريخ..
في صخب الجموع يصيح.. من أنتم؟
وكأن هذا القزم يجهل من نكون..
وكل ما في الكون يعرف من نكون
نحن البقـايا من مفـاتن أمة
حين اشـتـراها في المزاد الغاصبون
باعت ثياب الـعرس.. خانت عرضها
واستســلمت لعصابة الأوباش فيها يعبثون
نحن العذاب المر.. نحن الجائعون
وغدا نراكم في صناديق القمامة تـحرقـون
هذي نهاية عصبة الطـغــيان.. شعب ثائر
وفلول طاغية علي درب الضلال محاصرون
هذي نهاية كل جلاد طغـي..
ثأر الشعوب يظل في عنـق الرجال
وإن تـراخى الخـانعون
***
عار علينا أن نقول بأنهم يتـآمرون
عار علينا أن نقول بأنهم..
جاءوا سفـاحا..
عنـدي يقين أن فرسان الربيع الخضر
أنقى ما رأت هذي الربوع
وأن هذي الأرض لم تـنـجـب..
وليدا ضل.. أو ابنا يخون
هل نـطفيء الفجر الذي ملأ الربوع..
وندفن الأفراح في ضوء العيون؟!
هل نقطع الأشجار من أيامنا
نـلقي ثمار العمر
في سوق المهانة والنخاسة والظنون؟!
هل نسجن التاريخ..
في سوق العمالة والدمامة والمجون؟!
عار علينا أن نقول بأنهم متآمرون
في ساحة التاريخ ينتظر الطغاة..
قضاة عدل يحكمون
يتساءل التاريخ: هل عدلوا؟..
يسود الصمت.. والتاريخ يسأل:
أي عدل يطــلـبون؟
صفحاتـهم كانت بلون الدم
طعم الموت.. أشلاء الضحايا
فوق أعناق المشانق يصلبون
وعلى المشارف صورة الشـهداء..
يحصدهم رصاص الموت..
أسرابا.. وهم يتـساقـطـون
أسأل حشود الموت عن دم الضحايا..
عن خراب الأرض.. عن قـهـر الصبايا..
واغتصاب الحلـم منا..
علــهم يتذكــرون
في كل شبـر من ربوع الأرض..
طاغية.. وشعب جائع..
وأرامل تشكو.. وجوعى يلـعنـون
فبأي حق للعدالة تطلـبون
***
يا كـل جلاد طغي
اسمع أنين الناس في الطـرقـات..
والأطفال في المدن الحزينة يصرخون
يتـرنـح الأطفال في علـب القمامة..
بين أسراب الذباب يفـتـشـون
من جـيفـة الموتـي ومن عفـن الموائد يأكلون
ولديك شعب..
أنت لم تـحسب له أبدا حسابا
حين وزعت الغنائم..
واستـبـحت الأرض.. فـتـحت السجون
حين استرحت.. وحولك الجرذان..
في قلب السفينة ينـخرون
وظننت أن الملــك حاشية..
وأبنـاء.. وشعب نائم
وذئابك السوداء
من دم الضحايا يسكـرون
انظر إلى الكون الـفسـيح لكي تـري
كيف الحياة تضيق..
كيف الظلم يمتـهن القلوب..
فأين يا جلاد فر الهاربون؟
أين الذئاب السود تـعوي في بلاطك؟!
أين أعوان الوريث؟!..
وأين حاشية الضلال؟!..
وأين أبواق النفاق؟!
وأين قـرصان الديون؟!
باعوك بخسا في المزاد..
وجئت تسأل أين راح البائعون؟!
في وحشة القـفـص الكئيب تنام وحدك..
تسأل الأبناء عن أسمائهم
ما عدت تعرف أين أنت..
وكيف كـنت.. ومن تكون
مازلت تـسبح في ضلالك..
تسأل الثوار.. من أنـتـم؟
وكل الناس حولك يضحكون
ضيعت تاريخا طويلا حين أطلقت الكلاب
علي الرعية ينهشون
وجلست تعبث في الرمال.. وحولك الأوغـاد
من جسد الوليمة يأكلون
العرش ليس وليمة
يلهو بها الأبناء.. والأعوان.. والمتنـطـعون
العرش تاج العدل بين الناس..
حين يغيب وجه العدل.. يسطـو المفـسدون
هذي دروس في الحياة..
وليت كـهان العروبة بعد هذا يفهمون
هذا مصير عصابة الطغيان..
شعب جائع
وفلول أشباح على درب النهاية ينـهبون
هذي حكاية أمة كانت ضمير الكون..
ضيعها الضلال..
وباعها العملاء والمتـسلـــقـون
يا كل جلاد طغي..
يا كـل طاغية فـسد
صغرت بك الأشياء..
صار العرش قـضبانـا.. وكهلا قـابعـا
والناس من هول الفضائح.. يعجبون
يوما أعزك خالق الإنسان..
كنت خليفة لله فوق الأرض..
خربت البلاد.. أقمت للناس السجون
والآن تسأل أين أعواني.. وأين الملك؟!
ما شيدت يوما من معاقـل.. من حصون؟!
سقط القناع أمام معبدك المزيف..
باعك الأوغاد بخسا..
كل فئـران السفينة يهربون
فـلكـل طاغية مدى..
ولكل جلاد حساب
يا ليت قومي يعقلون
الآن تجلس.. لا حشود.. ولا جنود..
أمام عرشك يسجدون!!
قد بعت نفسك للفساد
فلا تلم أحدا
فإن الله يهدي من يشاء..
ولن يضل المهتـدون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..