محمد الحسن الددو: أعجوبة عالم
شرعي
لثلاثة أيام متتاليات أجريت
حوارات لبرنامج (سوانح الذكريات) والشيخ محمد الحسن الددو ، والحقيقة أنها كانت مفعمة
بالعلم الشرعي وحضر الشعر كثيرا مع هذا الشيخ الأعجوبة الذي يحفظ المتون بشكل
مذهل..
هو من بادية موريتانيا،
وتتعجبون كثيرا في كيفية تلقي العلم هناك، فمن يعلّم ويقوم بتحفيظ القران الكريم
على القراءات المتعددة، هن النساء، لأن الرجال مشغولون في طلب الرزق، ولا يقتصر
الأمر على حفظ القران، بل الشعر وأمهات الكتب، ويزخر مجتمعهم هناك بعالمات شرعيات
ولغويات ونسابة شهيرات..
أترككم مع صور الشيخ، وكالعادة
لعل الله يمدّ ذاكرتي بشيء من التذكر كي أسرد لكم ما قاله الشيخ..عبدالعزيز قاسم
شكرا لأخينا أبي عبدالملك لتنسيقه الرائع..
قبل مجيئ الشيخ الددو والشباب في تجهيز الكاميرات بشقة الشيخ في جدة
هنا في انتظار الشيخ الددو
الذي يتجه للكرسي المخصص له، والشاب الوسيم المبتسم هو عبدالرحمن الأنصاري مدير
مكتب الشيخ بالسعودية، وقد يسّر ونسّق لنا الحوار جزاه الله خيرا..
الشباب الذين يقومون بالتصوير،
وهنا ضبط الكاميرات على اللون الأبيض، وكما قلت لكم كانت الحلقات ستاً على ثلاثة
أيام متتالية، في كل يوم حلقتين..
الشيخ الددو بوقاره المعتاد
وابتسامته الدائمة التي لم تغب، واستمزج مني استدراكاتي، خصوصا في الشعر، اذا يسرد
الشعر سردا بطريقة القدماء، يحدرها حدرا بدون ترنم أو تنغيم، فأقول له: ليت الله
رزقك القاء عبدالرحمن العشماوي اذاً لاكتملت يا شيخ محمد، فيضحك، ويقول: هل تعلم
يا أبا أسامة أنني لو ترنمت بالشعر لاعتبر هذا عند أهلنا في موريتانيا عيبا كبيرا
لا يليق..
أتذكر أن همهمت بنفسي أن مضارب البادية لدينا مع الربابة أفضل والله
عاد الرجل وهو في عمر الثامنة
أتمّ القران الكريم ، ومجموعة من أمهات الكتب خصوصا في النحو، والعجيب أنه كان يفسر
الرؤيا وهو في عمر العاشرة، فقلت: اسمح لي يا شيخ محمد، أنا تأسست على الرياضيات
التي تعتمد على العقل، ولا أقبل ما يحصل في دنيا المفسرين والاحلام، وتعلق هؤلاء
العوام بكل حلم يرونه رؤيا، ويرسمون حياتهم عليها، فشرح لي الامر بطريقة علمية، وقال: الأحلام والرؤى على
خمس أوجه:
-
وجهٌ من الله تعالى وهي رؤيا حق، وجاءت
الأحاديث بها، ودلالتها أنك تتذكرها حتى بعد مضي سنوات
-
وجه من الشيطان، وهي التي من ألاعيبه وينبغي
دفنها وعدم التحدث بها
-
وجه من الحالات النفسية التي يكون عليها
الانسان ، كأن ينام وهو جائع ، فيحلم بالأكل ، أو صاديا فيحلم بالماء النمير ،
وهذه أضغاث أحلام..
-
وجه أيضا يلحق بالأضغاث، أن يكون مريضا،
بحرقة المعدة مثلا، فيحلم بالنار، أو بالقولون فيحلم بالمرارة أو الليمون وهكذا..
-
وجه آخر ، نسيه الراوي -وهو أنا بسبب كهولته– ولكن أظن
أنه قال من نام بنفس الحالة النفسية، كأن يفكر في صفقة ما، أو بحبيب ما، أو ما كان
قد أخذ عليه شدة التفكير، فيأتيه في أحلامه بصور شتى..
للرجل جدّ وقد تعلم عليه ولازمه وأخذ أكثر علمه منه، وهذا
الجدّ اعجوبة من أعاجيب هذا الزمان، تصوروا أنه كان يحفظ من مرة واحدة، يصغى اليك ،
فيحفظ ما تقوله من شعر او كلام، وأعطانا قصصا عنه يرحمه الله، وأظن أنه كان بشهرة
واسعة في تلك الديار، وقلت له لماذا لم يشتهر مثلك، ولم نسمع عنه، فقال : إنه الإعلام..
مما ذكره أنه كان صغيرا ، وذهب
جده هذا الذي نتحدث عنه الى قرية مجاورة للتعزية في وفاة عالم كبير هناك، فجلس
يهمهم بمرثية في الطريق، وقاله مرة واحدة، وعندما وصلوا هناك، وبعد أن استقر بهم
المجلس، قال لهم الجد: لقد قلت في فقيدكم شعرا، فقالوا: أنشده لنا، فأجابهم: لا ،
لن أقوله، بل من يقوله حفيدي وأشار الى الشيخ محمد الددو وكان صغيرا، فيقول: فبوغت
من إحالة جدي لي ، فبدأت الإنشاد، وأنا لم أسمع القصيدة الا مرة واحدة، وأعدتها
لهم، فقلت له: انشدها لنا، فسردها لنا سردا من تلك الأزمنة يحفظها ما شاء الله،
ورغم أنه لا يحفظ أشعاره ، وانما يحفظ أشعار غيره..
من عجائب حفظه، قلت له: وكيع
يقول أحمضوا لنا، فأحمض لنا يا شيخ محمد من أشعار العرب، فيقول لي بنبرة تحد، من
أي الشعراء تريد، فأختار، وبسم الله ، خذ يا رجل الأبيات تتدفق عليه تدفق السيل
عاد جاب الأشعار لأبي تمام
والفرزدق ، وأنا من متعصبي المتنبي والذي أراه الأعظم على الاطلاق في الشعر على مدى
تاريخنا العربي، فانتهزت فرصة، وقلت:أحمض لنا من النسيب يا شيخ محمد، المتنبي يتهم
أنه لا يحسن ذلك، فقال: كيف، وبدأ يلقى تلك المقدمة الغزلية الرائعة:
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما
لقي..وأنا أقول: ليت عندك إلقاء عبدالمجيد المجذوب أوووووووه كانت ح تكون فلة من
جدّ وشعبنة حقيقية قبل رمضان
لا بدّ من الجوال في كل مرة،
وصدقوني أنا هنا لم أردّ ولم أرسل إنما كان مغلقا وهنا فتحته
تحدث
عن العلماء الذين التقاهم
في المملكة ، وأثنى كثيرا عليهم، ومن كان له فضل عليه، وعدد مجموعة من
العلماء، وكنت أقول:لماذا لم يشتهر علماء من عندكم على وزن الألباني وابن
باز، فرد عليّ برد جيد، والرجل أكمل الماجستير لدينا، غير
أنه عندما قدم للدكتوراة ، عاد الى بلاده وهناك حبس وقت الانقلاب العسكري
وبقي في
السجن بضع سنين
من الطرائف، كنت أقول له: عندما جئت للرياض هل تأقلمت مع أجواء نجد، قال : مباشرة، اذ لا فرق كبيرا بين باديتنا هناك وهنا، قلت: هل تعرف ، يعني...يعني تحلب الناقة ، وتذبح الجمل، وووو ضحك، وقال : استغفر الله، ليس هذا من صنيعنا، قلت: آه هو من عمل النساء ، فقال: لا، انما هو عمل الموالي، يقصد العبيد، قلت له: لو سمعت عنك حقوق الانسان لجرّمت هذا الفعل عليك ، فيضحك الشيخ
طبعا
له إلمام بالأنساب، وصكّ لي نسبه الى آدم عليه السلام، وأيضا في الأسانيد،
أعطاني حديث بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم 17 راوية، فهببت عليه،
وقلت، يا رجل!! الان بينا وبين نبينا صلى الله عليه وسلم 1400 تعال نحسبها
رياضيات، وفعلا، وجدت أن الرجل اذا عاش 80 عاما من اللي في السند تيجي
معانا .. فسكت
من العجائب أنه كان يرقي
بالقران الكريم في تلك السن الصغيرة، قلت له: اسمع يا شيخ محمد، والله لا أقبل ما
يحصل في دنيا الرقية والرقاة، معظمه دجل وكذب وأحيانا غفلة وقلة علم، فيجيبني بشيء
من الموافقة ويبدأ في شرح علمي للرقية وتأثيرها ، مع إلمام بالعلم الحديث
من اللحظات العجيبة، أنني
سألته عن سجنه، وقلت له : ما هي مشاعرك، أبلغنا عن الكيفية التي كنت فيها، هل ضجرت؟
، هل شعرت بالملل؟، هل هل هل ، وطبعا وأنا أحوقل وأقول : بسم الله برّه وبعيد عنا،
ولكن بودي سماع كيفية قضائك للوقت هناك وحالتك النفسية، قال: كنت في الانفرادي،
ووجدتها فرصة، لأسترجع محفوظاتي، وكنت أختم القران كل يوم أو ثلاث – نسي الرواي-
وكنت أكتب القصائد، وأهربها، وسرد لي قصيدة طويلة جدا، فلما سألته كيف هربها؟ قال:
على ورق عبوة المياه الصغيرة، قلت لا تكفي لهذه القصيدة ، أكنت تكتبها مشفرة؟
طبعا، هزني الرجل عندما بكى
أمامي فجأة، وتذكر مواقف له، وشهامة بعض الرجال معه، وكيف أن القبائل كانت تتسابق
لاطعام العلماء وقتذاك، وعملت جدولا لتقوم كل قبيلة بتقديم الطعام يوميا
أذكر أنه سألني : أتود تجريب السجن ، وأنت تسأل بهذه
اللهفة، قلت له: اذكر الله يارجل ، الله المستعان، لكأن الانشوطة تلتف حول رقبتي
هذه اليومين..فخليني عاقل
اللقاء
مع الرجل ممتع وظريف
جدا، وذاكرته ملأى بالأحداث ما شاء الله عليه، زار 152 بلدا في العالم، غير
ان الأعجب هو الحفظ يا شيخ، وقال : إن مصطفى السباعي يرحمه الله كان
يستشهد بهم تجاه المستشرقين الذين طعنوا في حفظ أبي هريرة رضي الله عنه،
وقال: لو ذهبوا لبلاد الشنقيط لاقتنعوا تماما وأسقطوا هذه الشبهة..
من مرة واحدة يحفظوا، قلت له: يعني الأصمعي وصوت صفير البلبل ، هيج قلبي الثمل ، حقيقة
والله مع الحديث جعت تماما،
لأن الوقت بين الواحدة ظهرا والثالثة، وأنجدنا الأخ عبدالرحمن بهذه الموالح التي
لم تسد لي جوعا وقد برمت من الريجيم
أبطال البرنامج الأخ عبدالرحمن فارس الذي هو موهبة ما شاء الله في
التصوير والاخراج، والزميل فهد الراشد..
أودع ضيوفي من العلماء الفضلاء
بهذه القبلة على الرأس تكريما واجلالا لهم، وأيضا امتنانا على ما أكرموني به من
فضول وقتهم للتسجيل
في وداع الشيخ جزاه الله خيرا،
ولعلكم تتابعون تلك السوانح مع ضيوفي ، وقتا ممتعا يا شباب، أما أنا فأترككم في
رمضان، فأمامي ثلاثة كتب أنجزها وأقدمها باذن الله في هذا الشهر مع دورة إعلامية
في وسطها أنتم مدعون لها..
=========
سوانح الذكريات مع فضيلة الشيخ محمد الددو :
الحلقة الأولى :
الحلقة الثانية :
الحلقة الثالثة :
الحلقة الرابعة :
الحلقة الخامسة :
الحلقة السادسة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..