الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

تساؤلات حول أوقاف الحرمين الشريفين





فكرة الوقف قديمة في العالم كله ، وقد راجت الأوقاف في العصور الإسلامية الأكثر حضارة ، وكانت معظم الأوقاف لصالح الخدمات الرئيسية خاصة التعليم والعلاج ، حتى في الغرب كانت الأوقاف في الغالب حكراً على التعليم والصحة والكنيسة ، ولكن على مدار التاريخ ومنذ بدأ الوقف في صدر التاريخ الإسلامي في عهد النبوة كانت الأوقاف لصالح الحرمين الشريفين تحظى بالكعب المعلى والقدر الأكبر من أوقاف المسلمين ، وبالرغم من الضياع الكبير الذي حل بأوقاف الحرمين الشريفين على مدار التاريخ إلا إنها لا تزال تحتفظ بثروة كبيرة من الأوقاف ، جزء منها دخل في التوسعات المتعددة التى تمت للحرمين الشريفين وخاصة في ظل الدولة السعودية رعاها الله .

في تصريح سابق لمعالي وزير الشؤون الإسلامية ذكر أن أصول الأوقاف التي تديرها الوزارة تزيد عن ١٠ مليارات ريال ، وفي نفس التصريح أفاد معاليه بإن معظم هذه الأوقاف للحرمين الشريفين .

وبالرغم من جهود وكالة الوزارة لشؤون الأوقاف في هذا الشأن ، ووضعها نظماً متقدمة للتسجيل وحفظ الأوقاف ، إلا إنها لا تزال تعاني من الكثير من النواقص ، حيث ينطبق عليها قول الشاعر :
لست أرى في عيوب الناس عيباً ، ، كعجز الناقصين عن التمام .

درة أوقاف الحرمين الشريفين الذي لا يختلف عليها إثنان هو وقف الملك عبدالعزيز الذي أمر به الملك فهد رحمه الله ، وافتتحه الملك عبدالله حفظه الله ، وقد وفقا اليه أيما توفيق ، من حيث المساحة والموقع ، فإذا كان هذا الوقف هو الأصل الأكبر في محفظة أوقاف الوزارة بل وقد يكون الوقف الأضخم من حيث الإستثمار في العالم أجمع؛ فمن المتوقع أن يكون هو الوقف النموذجي بكل المقاييس ، ولكن هل هذا هو حقيقة الأمر ؟ 

فيما أعرف نقلاً عن وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون الأوقاف سابقاً الشيخ الفاضل د. عبدالرحمن المطرودي رحمه الله ؛ أنه لم يعلم عن الإتفاق الذي تم بخصوص الوقف مع المستثمر إلا بعد إعلانه رسمياً !! ولا زالت بنود الإتفاق الخاصة بالوقف مع المستثمر مجهولة وغير معلومة لأحد حتى لوكيل الوزارة لشؤون الأوقاف آنذاك !!

الأمر المؤكد أنه لا يوجد أي معلومات منشورة عن الوقف ، بل على العكس فإن المشهور عن مستثمر الوقف العديد من المخالفات الصريحة ، ومن ذلك ما أعلمه ويعلمه الكثير من الناس وهو ما نشر في حينه والكتالوجات الأصلية المطبوعة للوقف تؤكده ؛ بإن الإتفاق مع المستثمر كان في الأصل لمبنى مكون من خمسة أبراج ، وإذ بالمبنى يتمدد ويصبح سبعة أبراج ، بزيادة برجين ضخمين على الجوانب الخلفية من المبنى أغلقت الأفق تماماً أمام الحرم من جهة وأمام الفنادق والمساكن الخلفية من جهة إخرى والبرج الواحد من هذه الأبراج يؤجر بمئات الملايين سنوياً ، يضاف إلى ذلك ما أتذكره ويتذكره الكثيرين وقت إعلان الوقف بإنه يحتوي على مواقف للحافلات ومحطة للقطار ، وإذ بالمواقف التي كانت مخصصة للعامة تتحول الى فندق استثماري تؤجر فيه الغرفة في رمضان بما يزيد عن ثلاثة آلاف ريال لليلة الواحدة !! وتجاوزت المخالفات المناطق العامة لتصل إلى المصلى الذي خطط ليتسع لخمسة عشر ألف مصلي وأذ به يتقلص ليكفي بالكاد لثلاثة آلاف (إن صدق العدد) .

أتوقع لو فتح الباب لرجال الأعمال السعوديين وغيرهم لدفع هباتهم وتبرعاتهم للحرمين الشريفين فإنهم سيتدافعون لهذا العمل النبيل ، مما يريح كاهل الدولة ويجعل للحرمين استقلاليتها المالية على مر العصور بحيث لا تتأثر بالدورات الإقتصادية الطبيعية ، والتي فيها الكساد والرواج ، والغنى والفقر ، والحاجة والوفرة ؟

أتمنى من وزارة الشؤون الإسلامية والذي لا زالت الأوقاف بعصمتها أن تجيب على تساؤلات الجمهور ، والتي تبدأ ولا تنتهي ، ومن هذه الأسئلة مثلاً :
  • كم مبلغ الإيجار السنوي لوقف الملك عبدالعزيز والمسمى “أبراج البيت” ؟
  • كم متوسط إيجار المتر السنوي في الوقف ؟
  • كم مدة الإيجار ؟
  • هل دفع المستثمر إيجاراً إضافياً مقابل الأبراج الخلفية للوقف ؟ وكم هذا الإيجار إذا كانت الإجابة بنعم؟
  • هل دفع المستثمر مبلغاً إضافياً مقابل استغلاله للمواقف العامة المخصصة لزوار الوقف ؟ وكم المبلغ ؟
  • ما هي إيرادات الوقف السنوية الحالية للمستثمر؟
  • من هم نظار الوقف ؟ وما هي أتعاب النظار مقابل النظارة ؟
  • هل هناك نظام مكتوب ومعتمد للوقف ؟ وأين يمكن الإطلاع عليه ؟
  • ماهي مصارف الوقف ؟ وأين صرفت الأعوام السابقة ؟
  • هل هناك محاسب قانوني للوقف ؟

وأتمنى من الوزارة ، أن تتحلى بالشفافية الكافية للإجابة على هذه التساؤلات ، ونشر المعلومات التفصيلية الخاصة بالوقف ، ويكفينا منها نشر النظام الأساسي للوقف ، وعقد الإستثمار مع المستثمر ، والميزانية السنوية للوقف شاملة ما يحصل عليه النظّار ، علماً بأن هذه المعلومات تمثل الحد الأدنى من المعلومات التي تفرض هيئة سوق المال نشرها للعامة في ما يخص الشركات المساهمة ، ولا يخفى على خبير بأن الشفافيه عمود النزاهة.

كما أقترح أن تأسس هيئة أو مؤسسة خاصة بأوقاف الحرمين الشريفين تتمتع بالإستقلالية الكاملة ، ولها نظامها الخاص الذي يضمن حفظ ونمو أصولها وفعالية أدائها ودقة المحاسبة فيها ، ويسمح لها بقبول التبرعات والهبات والأوقاف لصالح الحرمين الشريفين .

مقالي الممنوع من النشر اليوم الثلاثاء
فهد بن عبدالله القاسم


ع ق 654

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..