فضائل مكة ومساجدها أكثر من أن تحصى، والأصل فيها الكتاب والسنة أما الكتاب فقول الله عز وجل فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره(1). وهذا أمر لرسول الله وهو أمر لأمته والأمر يقتضي التكليف والثواب على القيام به كما يقتضي النهي عن خلافه مع الجزاء عليه، وأما السنة فقول رسول الله فيما رواه أبو هريرة (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)(2). وقوله -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عبد الله بن الزبير (صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه)(3). وقوله -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه أبو هريرة (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول والمسجد الأقصى)(4).
وقد وردت في فضائل مكة ومساجدها أقوال كثيرة، منها قول الحسن البصري -رحمه الله- ما على وجه الأرض بلدة يستجاب فيها الدعاء في خمسة عشر موضعاً إلا مكة: أولها جوف الكعبة الدعاء فيها مستجاب والدعاء عند الحجر مستجاب. والدعاء خلف المقام مستجاب، والدعاء في الملتزم مستجاب، والدعاء عند بئر زمزم مستجاب، والدعاء على المروة مستجاب، والدعاء بمنى مستجاب، والدعاء بين الصفا والمروة مستجاب، والدعاء بين الركن والمقام مستجاب، والدعاء بعرفات مستجاب، والدعاء في المشعر الحرام مستجاب. ومن صلى فيها صلاة رفعت له مائة ألف صلاة ومن صام فيها يوماً كتب له صوم مائة ألف يوم(1).
وقد اختلف في المراد بالمسجد الحرام الذي وردت الأحاديث المشار إليها آنفاً بمضاعفة الأجر فيه، ففي مذهب الإمام أبي حنيفة قيل إن المراد الكعبة والحجر، وقيل الكعبة وما حولها من المسجد، والمشهور في المذهب أن تضعيف الأجر خاصة في الفرض يعم جميع مكة، بل جميع حرمها الذي يحرم صيده(2).
وفي مذهب الإمام مالك أشار الإمام القرطبي إلى أن قول الله -عز وجل- فلا يقربوا المسجد الحرام يطلق على جميع الحرم وهو مذهب عطاء بن أبي رباح(3). وقيل إن قوله عز وجل والمسجد الحرام يراد به الحرم كله؛ لأن المشركين صدوا رسول الله وأصحابه عنه عام الحديبية(1). وفي مذهب الإمام الشافعي أن تضعيف الصلاة يعم جميع مكة من المنازل والشعاب وغير ذلك، خلافاً للإمام النووي الذي يرى أنه يعم جميع الحرم(2).
قلت: وينبني على ما سبق أن ما ورد في فضل المسجد الحرام يشمل مساجد مكة المحصورة بين أعلام حرمها، ولكن المسجد الذي تتوسطه الكعبة له الخصوصية الأولى في الفضل؛ فمن يصلي فيه ينظر إلى عين الكعبة مباشرة ومن يسعى إليه يحظى بفضيلة السبق في قول الله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله(3). ومن يصلي فيه قاصداً له تكون له فضيلة الخطى في قول رسول الله (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات) قالوا بلى يا رسول الله، قال (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة من الصلاة فذلكم الرباط)(4). وقوله -عليه الصلاة والسلام- لبني سلمة فيما رواه جابر بن عبد الله قال: خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله فقال لهم: (إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد). قالوا: نعم يا رسول الله، قد أردنا ذلك، فقال: (يا بني سلمة، دياركم تكتب آثاركم. دياركم تكتب آثاركم)(5). وفي لفظ آخر: (ألا تحتسبون آثاركم)(6).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..