بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزنا أبا أسامة أسعد الله أوقاتكم بكل خير
قرأت مقالة الغذامي في عددكم 748 بشأن الفساد وهي رائعة بروعة
كاتبها وروحه العاقلة في تسامحها
وحرصه على وقف نزيف المجتمع بسبب الفساد
وحرصه على وقف نزيف المجتمع بسبب الفساد
.
وهذا ما كنا ننتظره من المفكر الغذامي وأمثاله وأمثالكم من العقلاء
أن يسخروا ما آتاهم الله من موهبة لتركيب خلطات تضمد جراحنا النازفة منذ سنين طوال
.
ولأنه لامس قضية الفساد التي أرقتني . وقد كان لي فيها مقترح سابق
بعنوان (الهيئة
الشعبية العليا لمكافحة الفساد) لذا فإني أشد على يدك وعلى يد الدكتور الغذامي
ولنكن يدا واحدة في التصدي للفساد.
وفي المرفقات مقترحي بخصوص الهيئة الشعبية العليا لمكافحة الفساد
. .
دمتم في خير،،،وخلصنا الله من الفساد الذي نكاد جميعنا أن نشترك
فيه بفعلنا أو اقرارنا.
أخوكم:أبوبكر بن محمد
الهيئة
الشعبية العليا لمكافحة الفساد
الفساد مصطلح معناه واسع لا
يقصد به الفساد الإداري أو التجاري فقط لكنه
يشمل كل ذلك الجانب الأسود من الحياة إذ كل ما هو موجود في هذه الحياة ينقسم إلى
قسمين لا ثالث لهما :إما صلاح أو فساد .
ومؤسسات الدولة وأنظمتها كلها سبق أن وضعت تنظيمات وجزاءات
وعقوبات للحد من الفساد وعقاب المفسدين وكلها تبقى حبر على ورق لأنها غير مفعلة
بسبب المسئولين أنفسهم ومعظمهم مشارك في الفساد بطريقة أو أخرى.
وأولئك المسئولين
الذين نطلق عليهم وصف المشاركين في الفساد قد لا يكونون يقصدون الفساد وقد لا
يعلمون به أصلاً لكن فئة من المفسدين النافذين يجعلون أمثال هؤلاء ستاراً يتحركون
خلفه ويستثمرون في ذلك البيروقراطية والروتين الإداري الذي يعطل سير الأعمال
ويعقدها أكثر مما يسهلها؛ وكثير من هؤلاء لو علموا حقيقة بعمليات الفساد الإداري التي
تمرر من تحت تواقيعهم لما بقوا يوماً واحداً في أماكنهم ، وبعض هؤلاء إنما يرغبهم
في مناصبهم ما يجدونه من وجاهة اجتماعية وكثرة الظهور الإعلامي وبعض الفتات الذي
يحصلون عليه ،وهذا أكبر همهم ولو أدى ذلك إلى خراب مالطة!!.
ومن هنا فإن الركون إلى المشاركين المنتفعين من
الفساد -بعلم أو بغير علم- من أجل مكافحته لن يقدم أي حل للقضاء عليه بل سيساهم في
زيادة المشكلة وتجذرها حتى تصبح غولاً يبتلع المجتمع أو سرطانا يستشري في جميع
أجزاءه.
ولم يبق هنالك أي بارقة أمل في القضاء عليه إلا
من خلال تفعيل دور الجزء المهمش والمتضرر والذي يشكل الأغلبية العظمى في المجتمع
والذين أضر بهم الفساد ومن مصلحتهم إعطاءهم دورا فاعلا في الحد من الفساد أولا
تمهيدا للقضاء عليه ثانيا.ويمكن أن يتم ذلك من خلال إنشاء هيئة شعبية عليا لمكافحة
الفساد.
وتعتمد هذه الهيئة على هيئات فرعية في كل مدينة
تقوم بتسجيل حالات الفساد ومتابعة تطبيق الأنظمة واللوائح الحكومية المعطلة وترفع
بأسماء الأجهزة والأشخاص الذين يمثلون بؤرا للفساد في أي جهاز حكومي أو مدني خدمي
يسبب ضررا لأفراد المجتمع.
إننا حين
نقوم بتفعيل دور المجتمع من خلال الاحتساب
في مكافحة الفساد عبر إنشاء جمعيات شعبية أهلية لمقاومة الفساد تجتمع تحت مظلة
واحدة هي الهيئة الشعبية العليا لمكافحة الفساد التي ترتبط مباشرة بالملك حتى تكون
قراراتها مؤثرة بالقدر الكافي .
على أن تكون هذه الجمعيات الشعبية والهيئة
العليا التي ترأس جميع هذه الجمعيات
الفرعية مكونة من مواطنين معروفين بالنزاهة وغير مطعون في أمانتهم بأي شكل من
الأشكال لأن فاقد الشيء لا يعطيه.كما أنها يجب أن تكون ذات مشاركة تطوعية دون
مقابل ولا أجر يتقاضاه العاملين فيها ، وإنما يحتسبون عملهم لوجه الله و يبتغون به
صلاح المجتمع على نحو ما جاء في قول الله
عز وجل: (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ
عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ
الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ) هود : 116.
وقوله تعالى:( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ
كَالْفُجَّارِ )صـ : 28.
وعلى هذه الهيئة أن تدعم مشاركة فئات الشعب كله
للإبلاغ عن حالات الفساد وما يشبه الفساد وتفتح قنوات اتصال الكتروني عبر مواقع
وهواتف مجانية ورسائل جوال وبريد الكتروني
بدون اشتراط لذكر اسم صاحب الشكوى أو المُبلّغ لأن كثيراً من المواطنين إذا طلب منه ذلك منعه من المشاركة في التبليغ خوفاً
على نفسه من بطش بعض المسئولين الفاسدين، على أن الهيئة يجب أن تتحقق من كل ما يصل
إليها حتى لا تتأثر بالشكاوى الكيدية وفي كثير من الأحيان تكون المؤشرات دالة على
صدق أو كذب الادعاء المقدم لها.
كما ينبغي أن نتذكر أن تمسك هذه الهيئة الشعبية
المنشأة حديثاً بأساليب القنوات الرسمية الموجودة أصلاً في كل الأجهزة الحكومية ستكون
غير ذات جدوى إلا في زيادة العبء على ميزانية الدولة.
كما ينبغي للهيئة الشعبية العليا لمكافحة
الفساد أن تفسح المجال لاستقبال البلاغات عن جميع أنواع وأشكال الغش التجاري والاحتكار
والتلاعب بالأسعار والتقصير في الأداء الحكومي وتعطيل مصالح المواطن والتكسب من
المنصب بأي شكل والفساد الإداري بجميع أشكاله والرشوة والتزوير ولا يستثنى من ذلك
إلا ما يتعلق بأمور الفساد الأخلاقي الذي يجب أن يبقى تحت مظلة هيئة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر؛أو ما يتعلق بأمن الدولة فيبقى تحت الأجهزة الأمنية
المختصة ؛ وفيما عدا ذلك فتستقبله الهيئة الشعبية العليا لمكافحة الفساد وتفرز كل
قسم وحده وتعد تقريراً به بعد التحقق من صحة البلاغات وتقترح القرار المناسب لكل
حالة والعقوبات إن وجدت والغرامات مستندة في ذلك على أنظمة الحكم وأنظمة الوزارات
واللوائح المنظمة لأعمالها ،وترفع تقاريرها إلى الرئيس الأعلى لها وهو الملك أو من
ينيبه عنه ليصدر أمره بما يراه ودون تأخير لتعالج مشكلات الفساد في مهدها قبل أن
تتمكن جذورها في الأرض.
ومما يجدر ذكره هنا أنه يوجد لدينا الكثير من
الأنظمة المميزة والرائعة ولكن تعطيل تطبيقها في كثير من الأحيان يحد من فعاليتها
وفائدتها.
-التقنية والتشهير في خدمتكم للحد من الفساد:
لعلنا نتذكر ضجة ويكيلكس وما أحدثته من تغيير
كبير على مستوى العالم مع أنها إنما تعتمد على موقع ذا تقنية بسيطة وغير مكلفة
مادياً -لكنها مكلفة اجتماعياً وسياسياً –بسبب أثر التشهير على الأشخاص والدول من خلال تفعيل
التقنية الحديثة والتي جاءت بكل بساطة لتقلب كثيراً من موازين اللعبة السياسية في
الساحة الدولية وفي السياسات الداخلية لكثير من الدول، ونحن لا نحبذ التشهير ورمي
التهم جزافاً ونأمل من كل صاحب حق أن يؤيد حقه بالوثائق التي تجعل من يراها يعلم
أن الحق هو الذي يتكلم وليس هو؛ فهلا استفدنا من هذه التجربة بطريقة منظمة من قبل ذوي
النزاهة والرأي في المجتمع بتكاتفهم مع الدولة لنكون كالجسد الواحد وحتى نقطع
الطريق على تلك الدعوات الشاذة التي لا تريد بنا خيراً وتسعى لنشر الشائعات ورمي
التهم المزورة على المواطنين والمسئولين ذوي النزاهة ، وتسعى للتفريق بين الشعب
وبين الدولة .
وبكل حال فإننا في حال إقرار هذه الهيئة الشعبية العليا
لمكافحة الفساد نفعل مبادئ إسلامية
وإنسانية مهمة تضمن سلامة المجتمع وحمايته وتصون إمكاناته ومقدراته من عبث
المفسدين الذين يتخذون أموال الناس دولا وعباد الله خولا،ولا يرعون حقا لذي حق ،
ولا يتورعون عن فساد ، همهم زيادة أرصدتهم ولو هلك من هلك بسببهم ، لا يحرمون رباً
ولا غشاً و لا رشوة ، الحلال عندهم ما حلّ في أرصدتهم ولو كان على جثث الفقراء .
وإني لأدعو كل قادر-مهما كانت قدرته- على
المساهمة في تفعيل هذا الاقتراح والسعي في إعلان الحرب على غول الفساد الذي يزداد
كل يوم شدة وضراوة وانتفاخاً ، ولو أن كل واحد منا قاوم الفساد ولو من خلال المقاومة
السلبية بترك دعمه لقطعنا شوطاً كبيراً في الحدّ من زحفه.ويجب أن نحرص على عدم
تخوين أحد بدون أدلة قاطعة ،كما يجب ألا نكون سورا قصيرا يستطيع كل مفسد ولو كان
قزما أن يقفز فوقه.
وليكن رائدنا جميعاً شعار نبي الله شعيب عليه
السلام حينما أعلنها في وجه قومه:
(
إنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)هود 88.
أعلم أن أمر القضاء على الفساد في أوله صعب
وخاصة فيما يتعلق بجانب التشهير بالمفسدين لكن الأمر الآن يقضي حسم الجزء المريض
من الجسم قبل انتشار الداء في أعضاء الجسم الأخرى وحينها سيكون مصيره الموت البطيء
مع الألم الشديد.
اللهم أصلح أحوالنا ومآلنا وأصلح أئمتنا وولاة
أمورنا وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الإصلاح ويذل فيه أهل الفساد.
كتبه / أبو بكر بن محمد
12/4/1432هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..