الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

الشقاق الزوجي ، سورة النساء : 34و35

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وأرنا الحق
حقاً وارزقنا أتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة المؤمنون مع الدرس الرابع من شرح آيات الأحكام وقد ذكرت لكم من قبل أن في القرآن الكريم آيات تشريعية، وأننا إذا فهمنا هذه الآيات التشريعية دخلنا إلى الفقه من أوسع أبوابه، فالفقه الإسلامي مصدره الأول القرآن الكريم، ونحن مع آيات تمس كل بيت على الإطلاق، آيات تتعلق بالشقاق الزوجي، ما من بيت من البيوت إلا وهناك مشكلة بين الزوجين تقل أو تكثر، تصغر أو تكبر، الآية الكريمة من سورة النساء، وهي الآية الرابعة والثلاثون والخامسة والثلاثون وهي قوله تعالى:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً (35)﴾
( سورة النساء: 34 ـ 35 )
هذا تشريع ربنا في حل مشكلة الشقاق بين الزوجين.
أولاً مع المفردات:
﴿ قوامون﴾
: جمع قوام، وقوام صيغة مبالغة من القيام على الأمر القيام بالأمر حفظه ورعايته والإشراف عليه، فالرجل قوام على امرأته أي كما يقوم الوالي على رعيته بالأمر، والنهي، والحفظ، والرعاية والتربية، والتأديب ؛ أي أن الرجل له مرتبة القيادة في البيت، ليس قائماً على أمر البيت، قواماً، صيغة مبالغة يعني أعلى درجة من درجات الرعاية والمراقبة، والحفظ، والتوجيه، والتعليم، والتدريب يعني كأن الرجل قائم على أهل بيته، قائم بخدمتهم، وقائم بإصلاحهم وقائم بتربيتهم، وقائم بالإشراف عليهم، وقائم بإصلاح اعوجاجهم وقائم بإرشادهم
﴿ الرجال قوامون على النساء ﴾
هذا تشريع الله عز وجل.
﴿ قانتات﴾
: من القنوت، دوام الطاعة، المراد أنهن مطيعات لله عز وجل مطيعات لأزواجهن، وطاعة الزوج من طاعة الله، ما لم يأمر بمعصية، فإذا صلت المرأة خمساها، وصامت شهرها، وحفظت نفسها، وأطاعت زوجها، دخلت جنة ربها، ربع دينها طاعتها لزوجها
﴿ فالصالحات قانتات ﴾
أصل القنوت دوام الطاعة.
﴿ واللاتي تخافون نشوزهن﴾
: النشوز هو العصيان، تؤدي الطاعة، النشز هو المكان المرتفع، كأن النشوز في المرأة على أنها استكبرت على أن تطيع زوجها، خرجت عن أمره، عصت أمره أرادت أن تتحداه هذه امرأة ناشز، أي مستكبرة، تخالف توجيهات رب الأسرة، قال النشوز بين الزوجين كراهة كل واحد منهما لصاحبه واشتقاقه من النشز وهو ما ارتفع من الأرض.
﴿فعظوهن﴾
: أي ذكروهن بما أوجب الله عليهن من الطاعة وحسن المعاشرة الموعظة ذكرها بواجبها، ذكرها بما عليها ذكرها بخصائصها، ذكرها بكمالها كامرأة مسلمة.
﴿واهجروهن في المضاجع﴾
: أي على الفرش، والهجر في المضاجع هو أن يوليها ظهره ولا يقترب منها، أو أن يعزل فراشه عن فراشها، كلاهما يؤدي المعنى نفسه، أن يدير ظهره إليها، ولا يقترب منها، أو أن يعزل فراشها عن فراشه.
﴿ وإن خفتم شقاق بينهما ﴾
: الشقاق ؛ الخلاف، والعداوة مأخوذ من الشق، بمعنى الجانب، لأن كلاً من الزوجين يكون في طرف، هو في طرف وهي في طرف.
﴿ فابعثوا حكما من أهله﴾
: الحكم ؛ هو القاضي الذي يستمع إلى الفريقين ويحكم بينهما.
أيها الأخوة الكرام:
الآيات
﴿ الرجال قوامون على النساء ﴾
يعني أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل للرجل درجة الرئاسة، والقيادة والتدبير، والإشراف، والحفظ، لسبب
﴿الرجال قوامون على النساء بما﴾
هذه باء السببية، يعني بسبب ما منحهم الله عز وجل من عقل وتدبير، وما خصهم به من كسب، وإنفاق، يعني الرجال مفضلون في القيادة على النساء لسببين، سبب وهمي، وهو أن الله سبحانه وتعالى أودع في الرجل قوة إدراكية، تزيد عن المرأة، وأودع فيه نظرة موضوعية ونظراً بعيداً، بينما المرأة أعطاها شيئاً آخر، أعطاها قوة انفعال، وحساً مرهفاً، وانفعالاً شديداً
﴿بما فضل الله بعضهم على بعض﴾
هذه صفة وهمية
﴿وبما أنفقوا من أموالهم﴾
كسبوا المال وأنفقوه هذه صفة كسبية، هناك سببان وراء أن الله سبحانه وتعالى جعل الرجل هو القيم في الأسرة.
أما النساء على قسمين،
﴿ نساء صالحات، ونساء ناشزات﴾
الصالحات اللاتي يطعن الله عز وجل ورسوله وأزواجهن فيما لا معصية فيه، بل إنهن صالحات وقانتات، أي يدامن على الطاعة، طاعة مستمرة، وليست في ظروف طارئة، الآية الكريمة
﴿ فالصالحات قانتات حافظات للغيب ﴾
يعني إذا غاب عنها زوجها، تحفظ له ماله فلا تضيعه، فتحفظ نفسها فلا تفرط بشرفها، وعرضها لغير زوجها.
الحقيقة أنا فيما أعلم وفيما يبدو أن معظمة الأخوة المؤمنين المتزوجين يذهبون إلى أعمالهم وهم مطمئنون إلى أن زوجاتهم لا يمكن أن يفرطن بأنفسهن، أو أن يطمعن في غير أزواجهن، وهذه نعمة كبرى لا يعرفها إلا من فقدها، وأنت في عملك، وأنت مسافر، مطمئن إلى أن الزوجة التي في البيت لا يمكن أن تتساهل مع إنسان لا بكلمة ولا بنظرة، ولا بإظهار عضو إطلاقاً
﴿حافظات للغيب﴾
تحفظ نفسها وتحفظ مال زوجها هذه المرأة الصالحة
﴿فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ﴾
أي بتوجيه الله عز وجل.
الصنف الثاني: وهن النساء الناشزات المتمردات المترفعات على أزواجهن، اللواتي يتكبرن ويتعالين عن طاعة الأزواج، فعليكم أيها الرجال أن تسلكوا معهن طريقاً يتميز بالمراحل التالية.
أول شيء النصح والإرشاد، الوعظ، بين لها، وضح لها ذكرها، اسمعها شريطاً تقرأ كتاباً، وضح لها حكم الله، حكم رسوله، حق الزوج، واجب الزوجة، بين لها كل شيء هذه مرحلة مرحلة التبيين، مرحلة التوضيح، مرحلة الوعظ والإرشاد، مرحلة أن تجعلها على علم بما أمرها الله به، أن تجعلها مطلعة على ما جاء في السنة عن حقوق الزوج، وواجبات الزوجة، فإن لم يجد الوعظ والإرشاد والتذكير، فعليكم بالمرحلة الثانية، وهي أن
﴿ تهجرهن في المضاجع﴾
إما كما قلت قبل قليل بأن تعطيها ظهرك، أو أن تجعل نومك في مكان بعيد عنها، هذا هو الهجران في المضاجع، لا تكلموهن، ولا تقربوهن، هذه المرحلة الثانية بعد الوعظ والإرشاد فإن لم ترتدعن بالموعظة والإرشاد، ولا بالهجر، وترك الكلام، فلكم أن تضربوهن ضرباً غير مبرح.
هناك وقفة عند هذه الكلمة، أنا أضع بين أيديكم بعض الأمثلة لو أن شاب يتيم في محلك التجاري، أخطأ خطأ يحتاج إلى تأديب، إن أدبته، وأبقيته، ورعيته، أفضل، أم أن تدع تأديبه، وتطرده من المحل فيتفلت، أي شيء في صالحه ؟ أن تأدبه، وأن يبقى في المحل تحت إشرافك، وتحت رعايتك، وتحت إكرامك، وأما أن تدع تأديبه من قبيل الورع الكاذب، ثم تطرده من المحل، وتجعله يتفلت من كل طريق، ومن كل منهج، لمصلحته أن تأدبه، وأن تبقيه، يعني امرأة ناشزة انحرفت، وسلكت طريقاً غير صحيح، وعصت أمر زوجها منعها أن تدخل بيت الجيران لأنه يعلم فسادهن، فدخلت عنوةً، واقتبست منهن أشياء لا ترضي الله ماذا ينبغي أن يفعل الزوج، أن يطلقها، أم أن يجعل لها ما يسميه علماء التربية خبرة مؤلمة الآن أحياناً الطفل الصغير يقترب من المدفئة، تأتي بعض الأمهات وتمسك بيده، وتضعها على المدفئة لمرة واحدة، هذا من أجل أن يكتسب خبرة مؤلمة تبعده عن المدفئة، يا ترى لو أذقنا بعض مساحة ضئيلة من إصبعه حرارة المدفئة، فخاف منها وابتعد عنها هذا أفضل، أم أن نجعله يقتحم المدفئة فيحرق يده أو رأسه، الأمثلة دقيقة، أنا حينما أعطي هذا الغلام الصغير خبرة مؤلمة يجعله أن يبتعد عن هذه المدفئة ابتعاداً كلياً، هذا أفضل ألف مرة من أن أمتنع عن تأديبه، وعن إعطائه هذه الخبرة المؤلمة، ثم يقتحم المدفئة، ويحرق رأسه، أو بعض أطرافه يتيم عندك في محلك التجاري إن ضربته حتى أورثته خبرة مؤلمة، منعته أن يسرق، وأبقيته عندك في المحل، ورعيته، ووجهته، وأكرمته أفضل أم أن تمتنع عن ضربه، ثم تطرده من المحل التجاري.
نصعد درجة ثالثة: زوجة في البيت منحرفة، تخالف منهج الله تستنكف عن طاعة زوجها، تتحدى زوجها، الأولى أن يؤدبها، وأن يبقيها على عصمته يرعاها، ويحفظها، أم أن يطلقها، ويرتاح منها لذلك موضوع الضرب في حالات نادرة جداً، إذا كان أهون الشرين الشر الأكبر أن تطلقها، وأن تجعلها تفسد، فلذلك فإن لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران، فلكم أن تضربوهن ضرب غير مبرح ضرباً رفيقاً يؤلم ولا يؤذي، فإن أطعنكم فلا تلتمسوا طريقاً لإيذائهن
﴿فلا تبغوا عليهن سبيلا ﴾
فإن الله هو
﴿ إن الله كان عليا كبيرا ﴾
الكلمة إذا الإنسان قرأها، واستوعبها ترتعد مفاصله، أيام الإنسان يستضعف امرأته، بقلك ما لها أحد، يظلمها يضربها، يذلها، يحملها على عمل شاق، لا تستطيعه، مثل هذا الرجل ربنا كبير، سوف ينتقم منه.
مرةً عليه الصلاة والسلام، مر بصحابي يضرب غلاماً له، قال عليه الصلاة والسلام: أعلم أبا ذر أن الله أقدر عليك منك عليه فالرجل الذي يظلم زوجته ويهينها ويحملها مالا تطيق يجب أن يعلم أن الله هو العلي الكبير، وهو قادر على أن ينتقم منه، وعلى أن يجعله يقع في ورطة ليس لهل حل.
الآن الزوج واعي راشد عاقل، زوجته ناشز، لو أن هناك حالة جديدة، هو يكرهها وهي تكرهه، هو يتجاوز حدوده معها، وهي تتجاوز حدودها معه، هذه حالة شقاق.
الأولى زوجة: صالحة، طائعة، قانتة، حافظة للغيب بما حفظ الله.
الحالة الثانية: زوجة ناشز مستعلية، مستكبرة، منحرفة، في وعظ، في هجران في ضرب.
الحالة الثالثة: زوج يكره زوجته، والزوجة تكره زوجها وهناك بغض متبادل وخصومة متبادلة، ما الحل، قال إذا كان النفور لا من الزوجة فحسب بل من الزوجين، فأمر الله تعالى بإرسال حكمين عدلين واحد من أقربائها، وواحد من أقرباء الزوج يجتمعان، وينظران في أمريهما، ويفعلوا ما فيه المصلحة، إن رأيا التوفيق وفقا، وإن رأيا التفريق فرقا، فإذا كانت النوايا حسنة، والقلوب ناصحة، بورك لهما في وساطتهما، وأوقع الله في طيب نفسهما، حسن سعيهما الوفاق والألفة بين الزوجين، وقد شرع الله عز وجل هاذين الحكمين كي يعيدا المياه إلى مجاريها، والألفة بين الزوجين، والمحبة التي أرادها الله عز وجل بين الزوجين.
تروي كتب أسباب النزول أن هذه الآية نزلت في سيدنا سعد بن الربيع، مع امرأته حبيبه بنت زيد، وكان سعد من النقباء، وهما من الأنصار، ذلك أنها نشذت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أفرجته كريمتي فلطمها، فقال عليه الصلاة والسلام، لتقتص من زوجها، فانصرفت مع أبيها فقال عليه الصلاة والسلام: ارجعوا هذا جبريل أتاني، وأنزل الله عز وجل
﴿الرجال قوامون على النساء ﴾
فقال عليه الصلاة والسلام أردنا أمراً وأراد الله أمراً والذي أراده الله هو الخير.
أخوانا الكرام:
في عندنا خمسة أحكام من هذه الآية، أحكام تشريعيه دقيقة.
الحكم الأول: الله جل جلاله علل، الإله يأمر ولا يعلل، بل إن إنساناً قوياً عادياً جداً يعطي أمر بلا تعليل، وبلا شرح، نفذ، ثم اعترض، لكن الله في عليائه خالق السماوات والأرض يعطي أمراً مع التعليل، التعليل هو تقريب الأمر إلى المأمور، والتعليل رحمة بالآمر للمأمور
﴿الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ﴾
الأول وهبي، طبيعة الرجل تأهله للقيادة لاحظ لو أن أماً استجابت لعاطفتها في تربية أولادها الأولاد ينشئون متواكلين، ضعيفين الشخصية، أما الأب الحازم الذي يربي أولاده بعقله لا بعاطفته، ينجح في تربية أولاده، الأول وهبي، والآخر كسبي وأورد القرآن الكريم العبارة بصيغة المبالغة، قال:
﴿ قوامون على النساء ﴾
إشارة إلى أن للرجل كامل القيادة، والإشراف والولاية والتوجيه.
الاستنباط الثاني: قال صاحب الكشاف (الزمخشري ) ذكروا في فضل الرجال أموراً منها العقل، والحزم، والعزم، والقوة، والرجال منهم الأنبياء، وفيهم الإمامة العظمة والإمامة الصغرة، هم مكلفون بالجهاد وبالأذان، وبالخطبة، وبالشهادة في الحدود، وفي القصاص، وفي الزيادة في الميراث، والولاية في النكاح، وإليهم الانتساب، وغير ذلك هذه خصائص الرجال
﴿ بما فضل الله بعضهم على بعض ﴾
أما كلمة
﴿ بما فضل الله بعضهم على بعض﴾
دقيقة جداً جداً، ما قال الله عز وجل بما فضل الرجال عن النساء، ما قال بما فضلهم عليهن، لا، قال
﴿ بما فضل الله بعضهم على بعض﴾
ماذا نفهم من هذه العبارة المعجزة نفهم منها أن الرجل أفهم من المرأة تارةً، وهي أفضل منه تارةً أخرى الطفل إذا مرض من أقرب إليه أمه أم أبوه ؟ أمه، من نحن عليه أكثر أمه ؟ من ترعاه أكثر، أمه، الأمر إذا احتاج إلى عاطفة، من هي المؤهلة، هي الأم، إذاً هي مفضلة عليه بعاطفتها، وهو مفضل عليها بعقله هو مفضل عليها باهتمامه بالقضايا الكبرى، هي مفضلة عليه باهتمامها بشؤون المنزل، قد تطرب إن وجدت منزلها نظيفاً، إن رأت أولادها يرتدون أجمل الثياب، إن قدمت إلى أسرتها طعاماً طيباً هي تزه بهذا، هذا من شأن المرأة، لا من شأن الرجل، قالت له تجلي الجليلات وتغسل الغسيلات، قال لها أتحداك، بدي أغسل بعدين أجلي، أنا رجل
﴿ بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم﴾

شيء آخر: الآن إنسان يملك مال كثير، عنده مركبة تعطلت يقف أمام المختص بأدب جم، هو الآن أقل منه، هذا الذي يصلح المركبة الآن أفضل من هذا الذي يقف أمامه في هذا الموضوع بالذات هذه آية ترد كثيراً.
﴿أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون﴾
( سورة الزخرف: 32 )
مرة الرجل يفوق، ومرة المرأة تفوق، تفضيل مطبق ما في في حالات التي تحل المشكلة المرأة، بما لها من قلب كبير، من عاطفة جياشة، من إحساس مرهف، من تودد لزوجها، تضحي من أجل أولادها، إذاً هي الآن أفضل منه، وأحيان الموقف يحتاج إلى قرار حازم الرجل الآن أفضل منها، إذاً لو أن الله قال بما فضلهم عليهن ليس هذا هو المعنى، المعنى كل موقف، في هذا الموقف الرجل أفضل في هذا الموقف المرأة أفضل، وهكذا، فهذا الكلام يحتمل الم
عنيين﴿بما فضل الله بعضهم على بعض ﴾
ولكن قال علماء النفس: هذا التفضيل تفضيل جنس على جنس، لا فرد على فرد، بمعنى ؛ قد تجد امرأة أعقل من مائة رجل، وأكثر ثبات من مائة رجل، وأكثر حكمة من مائة رجل، وقد تجد رجلاً أكثر عاطفة من مائة امرأة إذا قلنا
﴿الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض﴾
أي أن جنس الرجال متفوق على جنس النساء، أما الأفراد فلا، يعني ما كل امرأة أقل من الرجل، وما كل رجل أعلى من المرأة، إذا قلنا أعلى في اختصاص في العزم، والحزم، وقوة الإرادة، والإدراك البعيد، أما في العاطفة والإحساس، والوفاء، والحب، المرأة تتفوق عليه، إذاً هي مرة تتفوق عليه، وهو مرةً يتفوق عليها، الإشارة اللطيفة في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر إلا الإصلاح
﴿ وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها
هي الأصل إن رأيا أن الإصلاح أولا وفقا بينهما، وإن رأيا أن التفريق أولا فرقا بينهما، لكن القرآن لم يذكر إلا الإ
﴿إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ﴾
ماذا نستنبط من هذه الإشارة اللطيفة ؟ العلماء قالوا: الله جل جلاله يوجه الحاكمين، إلى أن ينبغي أن لا يدخرا وسعاً في الإصلاح، فإن في التفريق خراباً للبيوت، وفي التوفيق ألفةً، ومودة، ورحمة، غرض الإسلام الجمع بين القلوب على المحبة والوئام، يعني هذا الحكم ينبغي ألا يفكر بالتفريق أبداً، في النهاية قد يفرق، لكن ينبغي ألا يفرق، ألا يفكر بالتفريق، ينبغي أن يفكر بالإصلاح.
واحد شكا زوجته إلى أخيها أول ما قال له أختك تفعل معي كذا وكذا قال له طلقها أريح لك، الحكم الوسيط ينبغي أن يفكر في الإصلاح لذلك ربنا عز وجل ما ذكر غير الإصلاح
﴿إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ﴾
يعني كأن التوفيق الإلهي مرتبط بإرادة الإصلاح لا إرادة التفريق، هذا الكلام موجه إلى بعض أخوتنا المحامين، أيام ترفع له قضية تفريق، قد تبدو مصلحته بالتفريق المادية، عليه أن يؤثر صالح الزوجين.
انتهى الوجه الأول من الشريط.
الآية الكريمة:
﴿ فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾
لماذا من أهله ؟ الأهل قريبون جداً من الزوجين، يعرفون خبايا الأمور، دقائق المشكلة قرب الأهل من المشكلة أهلهما إلى أن يكونوا هما الحكمان.
نعود إلى الأحكام الشرعية المستنبطة من هذه الآية الكريمة.
أولاً: خطوات إصلاح الشقاق الزوجي، النصح، والإرشاد بالحكمة والموعظة الحسنة لقوله تعالى:
﴿فعظوهن ﴾
ثانياً: الهجران بعزل فراشه عن فراشها، وترك معاشرتها لقوله تعالى:
﴿واهجروهن في المضاجع ﴾
ثالثاً: الضرب غير المبرح قال بسواك، ونحوه، تأديباً لقوله تعالى:
﴿ واضربوهن ﴾
رابعاً: إذا لم تُجْد كل هذه الوسائل ينبغي التحكيم لقوله تعالى:
﴿فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ﴾
وأما الضرب فقد وضحه عليه الصلاة والسلام بقوله فإن فعلن فضربوهن ضرباً غير مبرح، قال ابن عباس وعطاء: الضرب غير المبرح بالسواك، وقال قتادة: ضرباً غير شائن وأن لا يوالي الضرب في مكان واحد، وأن يتقي الوجه فإنه مجمع المحاسن، وأن لا يضربها بصوت، ولا بعصا، وأن يراعي التخفيف بهذا التأنيب على أبلغ الوجوه هذا الضرب لمن ؟ إياكم أن تفهموا أن للزوجة، أصبح لمن ؟ لزوجة الناشذة، المنحرفة، التي تستعصي على زوجها تعصيه تحدياً تعصيه فيما يفسدها، يعصيه فيما يطغيها، تعصيه فيما تصل فيه إلى الطلاق إن ترك عندها خبرة مؤلمة، وأبقاها عنده أفضل ألف مرة من أن يطلقها، وأن يكسرها بالتعبير النبوي، وكسرهن طلاقهن، يعني الضرب هو أهون الشرين، خبرة مؤلمة للمرأة المنحرفة الناشز النبي عليه الصلاة والسلام سئل:
((عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ قَالَ: أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوِ اكْتَسَبْتَ وَلا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إِلا فِي الْبَيْتِ ))
[ أخرجه أبو داود ].
ومع أنه مباح في حالات نادرة جداً، ومع امرأة منحرفة جداً وبسواك، والقصد أن تدع عندها خبرةً مؤلمة، قال العلماء: تركه أفضل.
الحكم الثاني: هل هذه العقوبات مشروعة على الترتيب ؟ أم على التخيير ؟ يعني واحد نشأ خلاف مع زوجته، له أن يضربها مباشرة ؟ هناك أقوال كثيرة، أما أرجحها على الترتيب، لا تستطيع أن تهجر قبل أن تعظ، تعظ أولاً، وتهجر ثانياً، وتضرب ثالثاً، وتبعث حكماً من أهلك، وحكماً من أهلها، رابعاً على الترتيب.
وقال بعض العلماء: الوعظ عند خوف النشوز، والهجر عند ظهور النشوز والضرب عند استمرار النشوز، عند الخوف وعظ عند الظهور هجر، عند الاستمرار ضرب في عندنا حكم جديد وعظتها فاتعظت، لا يباح لك أبداً أن تستعمل الدرب الأعلى
﴿فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ﴾
إن استخدمت أحد العلاجات وصلحت به يجب أن توقف العلاج
﴿فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا﴾
معناها في معصية، امرأة تعصي زوجها، تتحداه، وفي الأعم الأبلغ، تعصي ربها، لأن الطاعة في معروف، إذا أمرها أن تستر وجهها، أو أن تخفض من صوتها، أو أن لا تدخل إلى هذا البيت الفاسد، في الأعم الأبلغ الأمر بالمعروف، قال أحد التابعين: يعظها فإن هي قبلت قضي الأمر، وإلا هجرها، فإن هي قبلت قضي الأمر، وإلا ضربها، فإن هي قبلت قضي الأمر، وإلا بعث حكم من أهله وحكماً من أهلها.
سيدنا علي يقول: يعظها بلسانه فإن انتهت فلا سبيل له عليها وإن أبت، هجر مضجعها، فإن أبت ضربها، فإن لم تتعظ بالضرب بعث الحكمين.
في عندنا سؤال: هل يجوز للحكمين أن يكون من غير الأقارب يعني مثلاً، بعض العلماء قال: يجب أن يكونوا من الأقارب، لأن القريب أعلم ببواطن الأمور، وأقرب إلى لصلح القريب، وبعضهم قال يستحب أن يكونا من الأقارب، لو أن القاضي عين حكمين غريبين الحكمان يصحان أن يحكما بين الزوجين، أحياناً يكون الزوجان غريبان ليس لهما أقارب، رفعا أمرهما إلى القاضي المسلم، في بلد مسلم فلابد للقاضي من أن يكلف حكمين ليسا قريبين، إذاً بعضهم قال يجب أن يكونا قريبين، وبعضهم قال يستحب يكونا قريبين، لأن القريب أقرب وأعلم، وأحرص على الوفاق
﴿ فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ﴾
صار في شقاق، شقاق مزمن مستمر، العلماء قالوا: الكلام موجه إلى الأسرتين معاً، لأن كل أسرة حريصة على نجاح زواج ابنتها أو نجاح زواج ابنهم، فكأن الأسرتان يتعاونان على نجاح هذا المشروع فإذا صار في خلل، فالخطاب موجه إلى الأسرتين
﴿ فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾
في عنا حكم خامس، الحكمان هل يجوز لهما أن يفرقون بين الزوجين من دون أذنهما، الجواب، لا، لأنه
﴿إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ﴾
هما مفوضان في الصلح، وأما في التفريق، فلابد من أن يستأذنا الزوجين، أيام يكون الزوج غاضب غضب شديد، والزوجة أشد غضب منه، لكن في النهاية لا يستغنيا عن بعضهما، الآن فورة، كل إنسان يتكلم كلام قاسي جداً، فالحكم في الأعم الأرجح لا يجوز أن يتخذ قراراً بالتفريق، دون أن يوافق عليه الزوجان، هو مفوض بالصلح فقط
﴿إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ﴾
هو مفوض من قبل الله بالصلح فإذا أصلح بينهما قراره نافذ، أما إذا أراد التفريق لابد من موافقة الزوجين، لعل الزوجان يتراجعان.
أبو حنيفة رَضِي اللَّه عَنْه يقول: ليس للحكمين أن يفرقا إلا برضى الزوجين.
أيها الأخوة: هذه الآية منهج للزوجين، أولاً البيت مؤسسة تحتاج إلى قائد، من هو المؤهل ؟ الذي تفوق في فن القيادة، عقل راجح، إدراك بعيد، والذي ينفق، يكسب المال وينفقه هذا هو القائد طيب الزوجة صالحة أو غير صالحة، إن كانت صالحة فهي طائعة قانتة حافظة لمال زوجها في غيبته، وحافظة لنفسها في غيبته، أما الشاذة المنحرفة، هذه توجه أولاً وتهجر ثانياً، وتضرب ضرباً غير مبرح بترك خبرة مؤلمة تحول بينها وبين أن تكسر، وبين أن تطلق وهو من أهون الشرين، والعلماء أجمعوا على أن تركه أفضل.
والشيء الأخير إذا كان هناك شقاق مزمن، مستحكم، لابد من التحكيم
﴿ حكما من أهله وحكما من أهلها ﴾
مفوضان بالصلح، وينبغي ألا يفكرا إلا بالصلح أما حينما يتخذان قراراً بالتفرق لابد من موافقة الزوجين، هذا منهج المسلمين في معالجة الشقاق الزوجي.
أضيف فكرةً مهمةً جداً متعلقة بآية أخرى.
﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا﴾
(سورة الطلاق: 1)
الهجران في البيت، المرأة إذا خرجت من بيت زوجها، أصغر مشكلة بينها وبين زوجها قد تنقلب إلى أكبر مشكلة وقد تنتهي بالطلاق أما إذا بقيت في بيت الزوجية أكبر مشكلة تتضاءل، وتنتهي بالصلح لذلك﴿ لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن﴾ هذا منهج الأسرة المسلمة في معالجة الشقاق الزوجي.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمن ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.
والحمد لله رب العالمين


--------
الفقه الإسلامي - أحكام فقهية عامة - آيات الأحكام - ( 04 - 25 ) : الشقاق الزوجي ، سورة النساء : 34و35
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1997-05-26

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..