الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

محمد بن سليمان الروداني عالم من علماء مكة أنكر البدع التي فيها

أبسط يا عم جميل، أنت اللي جبتها لنفسك، والان بعد ستة أشهر جدب ، انهمر المطر عليك.. التحافك الصمت دليل قبول.. عبدالعزيز قاسم
أضع بين يدي أعضاء المجموعة ترجمة لعالم عاش في مكة ، وعايش ما كان فيها من البدع ، ومنها بناء

القباب على القبور التي هي صورة من صور الطواغيت مما تجاوزت الحد .

ويتبين من خلال ترجمة هذا العالم كيف حارب تلك البدع ، وما لقاه من حرب ضد دعوة الآباء والأجداد التي وجد المعادون له من أراد طمسها – زعموا - .

وبالمناسبة هذا العالم مات قبل مولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1094) .

وسأضع تراجم لعلماء حاربوا بناء القباب على القبور ، والشرك الذي كان يحصل عندها ، وأذكر أنني أوردت عن أحد الداخلين مع الملك عبد العزيز وما شاهده من شركيات .

عبد الله زقيل

سيرة الشيخ محمد بن سليمان المغربي


ومن أعلام خليص

نادرة الزمان أبو عبد الله شمس الدين محمد [1] بن سليمان بن الفاسي [2] بن طاهر السوسي، الروداني [3]، المغربي، المالكي، المكي. أديب، محدّث، له اليدُ الطولى في الرياضيّات، والهيئة؛ عالمٌ بالنحو، والمعاني، والبيان.
ولد في تارُودَنت [4] وهي قرية بسوس الأقصى من المغرب عام 1037 هـ وتوفي في دمشق عام 1094 هـ 1627 - 1683 م) ودفن بسفح جبل قاسيون بالتربة المعروفة بالإيجية بوصية منه , جال في المغرب الأقصى والأوسط دخل مصر والشام والأسِتَانة ( إسطنبول ) واستوطن الحجاز.
مختصر لمسلسل حياته:

نشأ ببلده تارودنت بين أبويه حتى إذا شب شاقت نفسه لطلب العلم ففر من أبويه إلى بلاد درعه وطلب العلم فيها ثم خرج منها وجال في أقطار المغرب ثم إلى مراكش وتادلا ثم إلى فاس ليتعلم علوم الحكمة مثل الهيئة والحساب والمنطق, ولكن أحد العلماء في فاس زجره وأمره بالرجوع لوالديه والأخذ بخاطرهما فرجع لهما وطابت قلوبهما وأذنا له في السفر, فخرج مرة أخرى إلى مراكش وأقام بها مدة ثم تنقل حتى دخل الجزائر وانتفع بعلمائها, ثم توجه للمدينة النبوية واستقر فيها ومنها إلى مكة, ودخل بلاد أفريقيا, وركب البحر إلى إسطنبول وحدثت له مع بعض علمائها وقائع منها مناظرة مع مفتى البلاد حول حرمة القهوة والدخان أفحمه فيها, فاضطر للتسلل والخروج إلى مصر ثم الصعيد ثم سافر إلى الحجاز وحج واستقر في المدينة النبوية, وأقام بها سنين عزباً في خلوة بقايتباي كثير الانزواء ويعلل ذلك لفساد الوقت وشيوع المنكرات كلبس الحرير وشرب الدخان!, وقد التقى به العياشي صاحب الرحلة في المدينة عام 1073 هـ, ويذكر العياشي أنه لام الشيخ بن سليمان على عدم مخالطته الناس فقال له : ( كيف أجلس إلى قوم أعلم حالهم وحال مكاسبهم من أكل المكوس وتعاطيهم للعقود المحرمة شرعاً, مع العلم بذلك فإن نهيتهم وزجرتهم وقعت معهم في أشد مما وقعوا فيه, وان سكت عنهم وباسطتهم وألنت لهم القول كنت معيناً لهم وممالئاً لهم على ما هم فيه, وتركت الواجب علي من هجرانهم بلا عذر إلى غير ذلك مما هو معلوم ) .
وبلغ به الورع حتى أنه كان لا يأكل من ثمار المدينة لأن أصحاب الحوائط يظلمون عمالها!, ومع ذلك فإن الشيخ محمد بن سليمان أُخرج من المدينة بعد أن أوذي فيها فتوجه نحو مكة المكرمة.
وفي مكة كان الشيخ بن سليمان على عداء مع الشريف سعد بن زيد الذي عين أميراً عليها عام 1077 هـ ويبدو أن هذا العداء كان بسبب أن الشيخ بن سليمان لم يكن راضياً على البدع والمنكرات من الغناء في الزوايا الصوفية وبناء القباب وما إلى ذلك [5], وقيل أن الشيخ بن سليمان تشفع عند الشريف سعد في رجل أزبكي فلم يشفعه فيه وكان ذلك عام 1080 هـ واتفق في هذا العام أن أخ الصدر الأعظم أحمد باشا كوبريللي[6] حج هذه السنة, وكان مهتما بعلم الفلك فاجتمع بالشيخ محمد بن سليمان المغربي وأخذ عنه, فطلب منه أن يسافر معه إلى اسطنبول ففعل, وقابل هناك الصدر الأعظم أحمد كوبريللي وطلب منه أن يزيل أشياء بمكة المكرمة, فأمر بإبطالها.

استطاع الشيخ محمد أن يقنع الخلافة بعدم أهلية الشريف سعد بن زيد فبعثت إلى مصر بإرسال ثلاثة آلاف جندي إلى مكة , وإلى حلب بإرسال ألفي جندي يقودها صاحب حلب حسين باشا وأمرت حسين باشا أن يأتمر بأوامر الشيخ محمد بن سليمان المغربي.

وانتهى الجيشان إلى مكة في موسم عام 1083 هـ

وحدثت لقاءات ومراسلات بين الشريف سعد وحسين باشا وتوترت العلاقات فلما أحس الشريف سعد بأنه لا قبل له بقوة الجيش غادر منى خفية ورحل إلى دار الخلافة في تركيا. وفي منزل الشيخ محمد بن سليمان المغربي اجتمع حسين باشا مع كبار الموظفين وأعيان الأشراف ثم استدعوا الشريف بركات بن محمد من آل بركات وأعلنوا ولايته بموجب مرسوم الخلافة وتلي كذلك مرسوم خاص بالشيخ محمد , وبهذا غلب نفوذ الشيخ المغربي في مكة وقام بتغيير النظم السائدة ذلك الوقت وقمع البدع ولم يكن الشريف بركات ليوقفه وتعايش مع هذا الوضع الجديد الذي لم تعرفه الأمراء من قبل, رغم أن الشريف بركات كان حازماً لا يستهان به ولكن الدعم القوي للشيخ المغربي من قبل الخلافة جعلته يتقبل نفوذ الشيخ المغربي وهذا قد يكون من سياسته.

ومن أعماله في مكة:
  • أخرج المغربي أصحاب الخلاوي من خلاويهم وأربطتهم التي كانت موقوفة على آبائهم وتوارثوا وقفيتها, وأعطاها لطلبة العلم المجاورين ممن ليس لهم بيوت يأوون إليها, آخذاً في الاعتبار شروط واقفها.
  • أخذ مدرسة الشرابية من الشيخ أحمد الحكيم وأعطاها لبعض المجاورين ليسكنوها, وأخرج إبراهيم بيري زادة من وقف الدوربي الكائن بأعلى المدعى من جهة سوق الليل.
  • وأنشأ تكية في المسعى وكانت تعرف إلى عهد قريب بتكية السيدة فاطمة وصرف عليها أموالاً كثيرة وصارت للفقراء " دشيشة " ينفق على صنعها من كراء أوقاف جقمق وقايتباي.
  • بنى المغربي رباطاً للفقراء يعرف في عهده برباط ابن سليمان عند باب إبراهيم يسكنه أهل اليمن.
  • أدخل بعض التعديلات على النظم القائمة يومها في مدرسة قايتباي فأضاف إليها جملة صالحة من مدرسي المذاهب واستبدل مدرس المذهب الحنبلي بآخر يدرس الحديث.
  • بنى مقبرة في المعلاة سميت مقبرة ابن سليمان ويعتقد السباعي أنها المقبرة الموجودة الآن وتسمى السليمانية.
  • منع الشيخ أصحاب الزوايا من ضرب الدفوف.
  • منع خروج النساء ليلة عيد المولد.
  • كما يشير السباعي في كتابه تاريخ مكة أن حارة السليمانية في مكة تنسب للشيخ بن سليمان المغربي.

وقام الشيخ بأعمال كثيرة يطول سردها, ومعظم هذه الأعمال كانت تخدم العوام وطلبة العلم وفي نفس الوقت أثارت على الشيخ الأمراء والوجهاء, ولكن الشيخ كان جريئاً شجاعاً في قراراته مما يدل على قوة نفوذه.

وبعد ثلاثة أعوام وبوفاة الصدر الأعظم وفي عام 1087 هـ أمر الوزير الجديد وهو مصطفى بن محمد كوبريللي برفع يد الشيخ المغربي ونهيه عن التدخل في أمور البلاد, ولكن وجود الشيخ في مكة كان له تأثير وهذا من هيبته فجاء الأمر بإبعاده فخرج إلى الطائف في جمادى الأولى وصاف بها ثم إلى وادي مر في أواخر شعبان ثم دخل المدينة في رمضان ومكث فيها حوالي أربع سنين, ثم رجع إلى مكة في عام 1091 هـ ومكث فيها حتى عام 1093 هـ حيث تبلغ من الشريف سعيد بن بركات أمر إبعاده فأبى إلا أن يتم حجه وكادت أن تكون فتنة بينهما حتى تدخل الشريف ثقبة بن قتادة وانتهى الأمر إلى نقله إلى بعض أملاكه في خليص[7] ثم وافت مناسك الحج فأدى مناسكه ثم غادر برفقة محمل الشام وكان ذلك آخر عهده بمكة.

وتوفي رحمه الله عام 1094 هـ كما تقدم في دمشق, وله اليوم في خليص ذرية تعد في قبائل حرب.

هل كان الشيخ محمد بن سليمان صوفياً ؟

من يقرأ سيرة الشيخ في رحلاته لطلب العلم خاصة عند صاحب كتاب مشيخة أبي المواهب قد يعتقد أنه صوفي, ولكن أعماله في مكة تدل على أنه كان ضد كثير من مظاهر التصوف كالبناء على القبور, ودق الطبول, وخروج النساء في المولد, يقول الشيخ الدكتور حاتم العوني الشريف ( فهذا محمد بن محمد بن سليمان الرّوداني المغربي، والذي توفي قبل مولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حيث توفي سنة (1094هـ)، وهو أحد علماء الحجاز الذين كانوا غير راضين عن كثير من بدع الاحتفالات الدينية التي كانت تقام في الحجاز حينها، وكان شديد النفرة من بناء القباب على القبور، ويصف ذلك بأنه من بدع الكفار المنكرة. بقي معتزلاً في بيته، لا يستطيع أن يطالب بما يعتقده ويدين الله تعالى به. حتى عرفه وزير الدولة العثمانية الأكبر، وأحبه وعظّمه، فولاّه النظر في الشؤون الدينية للحجاز، فمنع تلك الاحتفالات، وهدم القباب. ولكن ما إن توفي ذلك الوزير، حتى عُزل الروداني من منصبه، وأوذي أشدّ الإيذاء، وطرد من مكّة والحجاز بأسوأ معاملة.
ثم أعيدت تلك الاحتفالات، وبنيت القباب من جديد)


--
قال الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله في وصف حال الأحزاب والتيارات العلمانية في عالمنا العربي : " من طبيعة الظالمين أن ينادوا بالحرية ليئدوها ! ويتحدثوا باسم الشعب ليستعبدوه ! ويدافعوا عن الفقير لئلا يصبح غنيا ! ويقاوموا الطغيان ليفرضوا طغيانا أشدّ وأقسى ! " .


ع ق 846

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..