الأحد، 13 نوفمبر 2011

الذكاء العاطفي في القيادة


 الكاتب: برونا مرتينزي
ترجمة: د. أنور مكين


ما الذي يتبادر إلى ذهنك عندما تفكر في "الإداري المثالي" ؟
قد ترتسم صورة شخص لم يسمح لمزاجه وحالته العصبية أن تخرجا عن نطاق السيطرة، بغض النظر عن المشاكل التي قد تواجه. أو ربما قد تفكر في شخص لديه ثقة كاملة في الموظفين التابعين له، يتحدث بلطف، ويصغي لهم دائماً ، من السهل التحدث معه , ودائماً ما يتخذ قرارات متأنية وواعية.
هذه هي صفات شخص لديه درجة عالية من الذكاء العاطفي
في هذه المقالة ، سنلقي نظرة على الذكاء العاطفي وأهميته الكبيرة للإداريين -- وكيف تستطيع كمدير في أن تحسن هذه الصفة الهامة لنجاحك.

ما هو الذكاء العاطفي؟
الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) هو القدرة على فهم وإدارة العواطف الخاصة بك و بالناس من حولك. إن الأشخاص الذين يتمتعون  بدرجة عالية من الذكاء العاطفي يدركون جيداً طبيعة مشاعرهم، وكيف يمكن أن تؤثر عواطفهم على الأشخاص الآخرين. كما أن الذكاء العاطفي شرط ضروري لنجاح القادة.
هل ترى أن الإداري الناجح – هو الذي يصرخ في فريقه عندما يكون تحت الضغط، أو الذي يستطيع التحكم في مشاعره ، ويُقيم الوضع بهدوء؟
وفقاً لدانيال جولمان، عالم النفس الأمريكي الذي ساعد في جعل مفهوم الذكاء العاطفي أكثر شعبية ، فإن هناك خمسة عناصر رئيسية للذكاء العاطفي :
1. الوعي الذاتي.
2. التنظيم الذاتي.
3. الدافع.
4. التعاطف.
5. المهارات الاجتماعية.
ويعتمد معدل تصاعد الذكاءالعاطفي على قدر ما يستطيعه االقائد من إدارة أي من هذه المجالات. لذا، دعونا ننظر في كل عنصر بمزيد من التفصيل
1.     الوعي الذاتي
فلتعلم أنك إذا كنت على وعي بذاتك، فستكون على معرفة تامة بطبيعة شعورك وتفاعلات عواطفك, وبتأثير هذه المشاعر على الناس من حولك. وعليه فإن كونك في موقع قيادي وعلى وعي ذاتي جيد , فهذا يعني تشكيل صورة واضحة عن نقاط القوة والضعف لديك . وهو ما يُترجم إلى تركيبة التواضع المحمودة في شخصيتك.
والسؤال هنا , ماذا يمكنك القيام به لتحسين مستوى الوعي الذاتي؟
إقرأ في مصادر التعلم بمهارات تطوير وتحسين الإدراك الذاتي .كما أن تخصيص بضع دقائق كل يوم لتدوين أفكارك، يساعد كثيراً في إحداث نقلة نوعية إلى درجة أعلى من الوعي الذاتي.
الهدوء والحلم هما أنجع الحلول عندما توجه موقفاً يؤجج نزعة الغضب و المشاعر القوية الأخرى.  دقق بهدوء في سبب حدوث هذا الموقف. وتذكر دائماً أنك أنت من يختار ردة الفعل وطريقة الإستجابة مهما كانت حالة الموقف.
2.     التنظيم الذاتي
إن القادة الذين ينظمون أنفسهم على نحو فعال فإنهم نادراً ما يعتدون لفظيا على الآخرين، أو يتخذون قرارات عاطفية ، أو يبدون تنازلاً عن قيمهم. إن التنظيم الذاتي هو كل ما نستطيع أن نذكره عن التحكم و السيطرة. وهذا العنصر من الذكاء العاطفي، وفقا لجولمان، يغطي أيضا المرونة والالتزام إلى المُساءلة الشخصية.
لذا، كيف يمكنك تحسين قدرتك على التنظيم الذاتي؟
• معرفة القيم الخاصة بك -- هل لديك فكرة واضحة عن الوضع الذي لا يمكن أن تقدم فيه تنازلات على الاطلاق ؟ هل تعرف ما هي القيم الأكثر أهمية بالنسبة لك؟ إمنح نفسك بعض الوقت في فحص "مدونة قواعد السلوك" الخاصة بك. إذا كنت تعرف ما هي القيم والمبادئ الأكثر أهمية بالنسبة لك، فأنت على الارجح لن تقدم على التفكير مرتين عند مواجهة قرار معنوي أو أخلاقي. وبالتالي سوف تتخذ القرار الصحيح بلا شك أو تردد.
حاسب نفسك -- إذا كنت تميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين عندما تسير الامور بشكل خاطئ. توقف وقدم التزاماً على الاعتراف بأخطائك ومواجهة العواقب أياً كانت. إن النتيجة العاجلة لهذه المحاسبة هي الهناء بنوم هادئ و سرعة كسب إحترام وتقدير الآخرين.
مارس الهدوء والحلم – كن على إدراك جيد بطريقة تصرفك إذا تعرضت لموقف صعب مستقبلاً. هل تخفف الضغط عن طريق الصراخ في شخص آخر؟ مارس تمارين التنفس العميق لتهدئة نفسك. أكتب كل الأشياء السلبية التي تريد أن تقولها ، ثم مزقها وأرمها بعيدا. إن الكتابة والتعبير عن هذه المشاعر على الورق (وليس إظهارها إلى أي شخص!) هو أفضل من أن يطلقها المدير بصوت عال إلى أفرد فريقه. والأبعد من ذلك , أنها تساعدك على تحدي ردود أفعالك لتكون أكثر عدالة .
3.     الدافع
إن القادة الذين يتمتعون بدوافع ذاتية يعملون باستمرار لتحقيق أهدافهم. كما أن لديهم مستويات عالية للغاية من الجودة في أعمالهم.

كيف يمكنك تحسين الدافع الخاص بك؟
• إعادة النظر في سبب أدائك لعملك -- من السهل نسيان ما الذي تحبه بحق في حياتك المهنية. لذا، خذ قليلاً من الوقت لتذكر ماذا تريده من  هذا العمل والمنصب. إذا كنت تعيساً في دورك و تجاهد بصعوبة لتذكر لماذا كنت ترغب في ذلك، جرب تقنية (لماذا الخمسة Five Whys- الأسباب  الخمسة) للعثور على جذور المشكلة. إن البدء من الجذر غالبا ما يساعد على النظر الى الوضع بطريقة جديدة. وتأكد من أن أهدفك حديثة و حيوية.
اعرف أين تقف--حدد مدى توافر الدافع للقيادة, وذلك عبر إجراء "تقييم الدافع القيادي-Leadership Motivation Assessment )  والذي يساعد على الرؤية الواضحة لمستوى الدافع القيادي في عملك الحالي.
• كن متفائلاً وحاول العثور على شيء جيد – إن المدير المتفاعل يمتلك في العادة روحًا متفائلة، مهما كانت الصعوبات والعوائق التي قد تعترضه. قد نحتاج للممارسة والمجاهدة للحصول على هذه العقلية والروح الرائعة، ولكنها تستحق منا بلا شك هذا الجهد. والنهج الأفضل لذلك أن تحاول إيجاد شيء جيد على الأقل في كل مرة كنت تواجه تحديا، قد يكون  هذا الشيء صغيراً أو كبيرا.. وهذا البحث يستخلص الدروس المستفادة والهامة. ولكن  كن على ثقة ويقين بأن هناك دائماً شيء إيجابي – عليك فقط أن تبحث عنه.
4. التعاطف
يُعد التعاطف أمراً بالغ الأهمية لإدارة فريق ناجح أو منظمة. إن الإداريين المتعاطفين لديهم القدرة على وضع أنفسهم في وضع شخص آخر. وبالتالي يتفهمون مطالب أفرادهم وإحتياجاتهم التطويرية , ويواجهون البعض الآخر الذين يتصرفون بشكل غير عادل، و يبدون نصائح بناءة، ويستمعون إلى أولئك الذين في حاجة إليهم.
إذا كنت تريد أن تكسب احترام وولاء فريقك. أظهر لهم أنك ترعاهم وتهتم بهم وذلك بتعاطفك معهم.
كيف يمكنك تحسين التعاطف ؟
ضع نفسك في موقف شخص آخر – إن من السهل على الشخص العادي أن يدعم وجهة نظره ويدافع عن رأيه. ولكن القائد يجب أن ينصت بإهتمام وتعاطف لكل الأراء لأنه في النهاية هو من يحتاجها لنجاحه ونجاح فريقه !  إمنح وقتاً أكبر للإستماع لوجهات نظر الآخرين.
إبداء الإهتمام بلغة الجسد -- ربما عندما تستمع الى شخص ما ، فإنك تشبك ذراعيك، أوتحرك قدميك ذهاباً وإيابا. إن لغة الجسد هذه تحدث الآخرين  عن شعورك الحقيقي وتصورك للموقف ، وربما تعطي رسالة غير ايجابية!. إن تعلم كيفية قراءة لغة الجسد قد يكون رصيداً حقيقياً لدورك القيادي, لأنك ستكون أكثر قدرة على تحديد طبيعة شعور شخص ما تجاه مواقفك. وهذا بالتالي يمنحك الفرصة للرد بشكل مناسب.
• الاستجابة للمشاعر –تطلب من مساعدك العمل إلى وقت متأخر مرة أخرى. وعلى الرغم من موافقته على ذلك ، فإنه يمكنك سماع نغمة الإحباط في صوته.  لذا، عليك بالاستجابة من خلال معالجة مشاعره. أخبره بأنك تقدر استعداده للعمل ساعات اضافية ، وأنك تشعر وتتفهم قلقه. ناقش معه ما إذا كان ممكنا معرفة طريقة مناسبة للعمل الإضافي في المستقبل على ألا تتسبب في ضغوط على إهتماماته الأخرى, ومنها مكافأته مادياً أو تعويضه بفترة راحة عوضاً عن الوقت الذي قضاه.
4.     المهارات الاجتماعية
إن المدراء الذين يؤدون هذا العنصر بشكل جيد هم متواصلون عظماء. وذلك لقابليتهم العالية لفتح أسماعهم للأنباء السيئة تماماً مثل سماعهم للأخبار الجيدة، وبالتالي فإنهم خبراء في الحصول على دعم فريقهم المتحمس لهم لإنجاز مشروع قائم أو مستقبلي.
إن هؤلاء القادة الذين يمتلكون مهارات اجتماعية جيدة هم أيضا جيدين في إدارة التغيير وحل النزاعات بالطرق الدبلوماسية, ونادراً ما يرضون بترك الامور كما هي، لكنهم في نفس الوقت غير مستعدين لدفع أي شخص قسراً للقيام بعمل ما. انهم يصنعون أنموذجاً بسلوكهم الخاص وتجسيد دور القدوة.

لذا، كيف يمكنك تحسين القيادة عن طريق بناء المهارات الاجتماعية؟
• تعلم حل النزاعات – يجب على الإداريين معرفة كيفية حل النزاعات بين أفراد فريقهم، والعملاء ، أو غيرهم من أصحاب المصلحة. إن تعلم مهارات حل النزاع أمر حيوي لمن أراد تحقيق النجاح القيادي.
• تحسين مهارات إتصالك -- كيف تستطيع التواصل بشكل جيد؟ إن القراءة في مجال السلوك الإتصالي سيمنحك  معلومات مفيدة حول ما يمكنك القيام به لتحسين هذه الصفات.
• تعلم كيفية الثناء على الآخرين – يمكنك كقائد ان تلهم ولاء فريقك ببساطة عن طريق إعطاء الثناء عند إستحقاقه. إن تعلم كيفية الثناء على نحو فعال هو فن دقيق، ولكنه يستحق الجهد لتعلمه وإكتسابه.
النقاط الرئيسية
الشكر للكثير من التحديات والفرص التي تنشأ عند العمل مع الآخرين ، يجب على القادة إمتلاك فهم صلب لكيفية تفاعل عواطفهم وأفعالهم ومعرفة أبعاد تأثيرها على الناس من حولهم. إن المدير الناجح هم من يتواصل ويعمل مع الآخرين بفعالية. أمنح نفسك  بعض الوقت للعمل على الوعي الذاتي، والدافع، والتنظيم الذاتي, والتعاطف، والمهارات الاجتماعية.
هذه العناصر هامة وحيوية للنجاح في المستقبل بتوفيق الله سبحانه وتعالى...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..