الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

الإخوان السعوديون...."ج6" "لفتة ونظرة في حال الشريف حسين والعثمانيين"

الإخوان السعوديون...."الجزء السادس"
   الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد:
"لفتة ونظرة في حال الشريف حسين والعثمانيين"
    امتدت حقبة الإخوان قرابة عشرين سنة (1330_1350)الموافق(1912م_1931م) وعلى قصر عمر
هذه الحركة إلا أنها أنجزت إنجازات هائلة, وآتت أُكُلاً مباركاً, لا زلنا ننعم بعيشه, ونستظل بفيئه, فلله الحمد أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
   ولعل من المستحسن الحديث عن بعض أحوال وأخبار وعِبَر مناكفيهم أو من احتكوا بهم سلماً أو حرباً في ذلك الزمان ولو بشيء من الاختصار, وسنتكلم عن الأشراف والأتراك, بحكم ثقلهم السياسي والعسكري والاستراتيجي "الارتيادي" .
   وممّا يُشكر لشريف مكة حسين بن علي بن محمد بن عبدالمعين بن عون, رفضه إنشاء وطنٍ قوميّ لليهود في فلسطين, لمّا عرضت ذلك عليه لندن, لكن ابنيه عبد الله وفيصل هما من دبّر ذلك مع البريطانيين كما ثبت ذلك في مكاتباتهما للإنجليز .(1)
   وأُسْرَةُ آل عون الهاشميّة, هي الّتي خَلَفَت أسرة آل زيد _ ذوي زيد _ على شرافة مكة وكلّهم بنو عمومة . وحسين ( ت: 1350 ) كان قد تولّى مكّة عام (1326) ثم نصّب نفسه ملكاً على الحجاز, بل على العرب كافّة, عام: (1334) حتى عام: ( 1343) حين زال ملكه (2).
   وكان له أربعة من الأبناء أكبرهم عليّ, وبه يُكنى:( ت:1354) وهو رئيس الوزراء في دولة والده, وقد خلفه في حكم الحجاز بضعة أشهر حتّى لحقه في العقبة لمّا طرده السعوديّون. ثمّ يلي عليّاً عبدُ الله: ( ت: 1370) الملقّب بـ"البيه" النّجل الثّاني لحسين, وكان وزير الخارجيّة في دولة والده, وهو ملك الأردن فيما بعد, وقد قُتِلَ في القدس برصاص شابّ فلسطيني, وهو جدّ ملوك الأردن حاليّاً, وكان ذا حظوة وتدبير واسع عند والده, وهو الذي كسره الإخوان في تربة, إبّان قيادته الجيوش الشرقيّة لأبيه. أمّا ثالث الأنجال فهو فيصل: ( ت: 1352) ولعلّه كان أجودهم في حسن السّياسة وَجَلَد الحرب, وكان أبوه يتمثل ببيت:
يا ليت فيصل ينقسم لي فيصلين   ***        فيصل بالشّام وفيصل باليمن
   وهو وزير الداخليّة في دولة والده, وقائد الجيوش الشّماليّة لأبيه وهي الجيوش الّتي دخلت العقبة وفلسطين ثمّ دمشق, بمؤازرة الجنرال "آللنبي" البريطاني, ثمّ أخرجه الفرنسيون بقيادة الجنرال "غورو" منها, ثمّ صار ملك العراق بعد ذلك .
   وهؤلاء الثّلاثة عليّ وعبد الله وفيصل أمّهم هاشمية, أمّا الرّابع فهو زيد وأمّه عادلة الترّكيّة, وكان زيد مساعداً لأخيه فيصل لمّا ولي العراق .
   فيُشكر لحسين رفضه الموافقة على منح فلسطين لليهود وإنشاء وطن قوميّ لهم فيها, ورفض كذلك معاهدة "فرساي" وهي ما تُسمى بمؤتمر الصّلح بعد نهاية الحرب العالميّة الأولى(3) الّتي كانت قد بدأت صيف: (1332) الموافق: (28_يوليو_1914م) وانتهت في شتاء: (1337) (11_نوفمبر_1918م) . وانتهت بذلك أعظم وأشرس حرب شهدتها البشريّة حتّى ذلك التّاريخ, وهي عين السّنة الّتي وقعت فيها معركة تربة, ثمّ بدأ الحلفاء في رسم خارطة العالم الجديد حسب مصالحهم, والّتي على إثرها نفذّت اتّفاقيّة "سايكس بيكو" الّتي قسمت تركة الخلافة الإسلامية العثمانيّة بين بريطانيا وفرنسا وروسيا عام: (1916م) والّتي نبذتها حكومة البلاشفة الجديدة فخرجت روسيا من الاتفاقيّة, وبعدها بسنة في: ( 1917م) صدر وعد "بلفور" المشؤوم, والّذي نص على أنّ بريطانيا تتعهّد بمنح وطن قوميّ لليهود في فلسطين, والّذي دفعه لذلك هو استمالتهم لليهود الّذين في النّمسا وألمانيا إبّان الحرب, كذلك لحفز يهود أمريكا للضّغط عليها بدخول الحرب, وكذلك تنفيذاً سياسة "بالمرستون" رئيس الوزراء الأسبق الذي دعا عام: (1849م) إلى زرع كيان استيطانيّ يحول بين مصر والمشرق العربي .
أيُرجَى بالجـرادِ صلاحُ أمرٍ   ***      وَقَد جُبِلَ الجرادُ على الفسادِ
   وهذا الوعد الّلئيم قد صفع به حليفه المخلص حسين, لكنّ الغرور والثّقة المطلقة بالبريطانيين, لم تجعله يدرك عمق الموقف وخطره وشؤمه إلاّ بعد فوات الفوت وذهاب الصّوت, فبعد فرساي رفض الحسين الذي كان طامعاً في حليفته بريطانيا أن توفي بوعودها وأيمانها وتتوِّجَهُ ملكاً للعرب, ولكن "لندن" ليست بالكريم الذي وعده كدين الغريم! بل هي اللؤم والخُلْفُ والكذب, لكن غَيَايَةَ الطمع أعمت عينيه, وغلّفت قلبه, فبنى قصره في الهواء, برأس ماله من كيس الأماني! والأماني رأس مال المفاليس, فعمل لهم ما طلبوه وزيادة, وأراد مُلْكاً ولكن الصّيف ضيّعت الّلبن! فلمّا احترقت ورقته, وأدّى دوره المشبوه كما يريدون قلبوا له ظهر المِجَنّ, وركنوه ونسوه . وظن أنّه سيمكر بهم أن لم يوفوه الوعود, ولكن كما قيل: صانع الأصنام لا يعبدها . وكانت نهايتهم معه أن نفوه في آخر عمره لقبرص وجزوه جزاء سنمار, ومجير أم عامر التي قالت لمجيرها: اختر إحدى الخصلتين؛ إمّا أن آكلك أو أقتلك! وتناسوه, وتركوه, وأهملوه, حتىّ توفي بها حسيراً, رحمه الله وعفا عنه .
أتبكي على ليلى وأنت قتــلتها ***       فقد ذهبت ليلى فما أنت صانع؟!
   لقد واتت الانجليز الفرصة لاقتسام بلاد المسلمين من تركة العثمانيين مع الفرنسيين والرّوس, وقد نشر الروس عام: ( 1917م) إتّفاقيّة "سايكس بيكو" الّتي أحرجت بريطانيا كثيراً, وعرَّتْهَا وكشفت حقيقتها أمام من تزعم أنّها حامية حقوقهم, ولكن إحسان ظن الحسين وأبنائه ببريطانيا وتصديقهم لوعودها؛ سهّلا لها مهمّة الخروج والتنصّل من تلك الأزمة الأدبيّة حينئذ .
   عِلماً بأنّ الثّورة العربيّة - والعلم عند الله تعالى - لم تكن أصلاً لولا دخول تركيا الّتي كان يقودها يهود الدّونمة أصحاب حزب الاتّحاد والترقي من كمال أتاتورك وأشباهه في الحرب العالميّة الأولى بجانب ألمانيا, فقد كانت تركيا قد عقدت اتّفاقيّة صداقة قبل الحرب بسنة مع بريطانيا تضمن الأخيرة عدم التدخل في شؤون العثمانيّين, ومشت الأمور على ما يرام, ثمّ خرجت تركيا مندحرة من حروب البلقان وطرابلس, فانكفأت على نفسها بترميم حالها ورأب صدوعها وإعادة تأهيل جيوشها, حتّى قامت الحرب العامّة في أغسطس عام: ( 1914 م) . فأعلنت تركيا الحياد أوّلاً, وكانت سياستها متذبذبة لأنّها كانت تريد أخذ مكافأتها من الحلفاء نظير حيادها, وللصراع المحتدم بين أجنحتها القيادية, فاشترطت عليهم إلغاء الامتيازات الأجنبيّة, ومنحها مساعدات ماليّة على شكل قروض, لكن الحلفاء ماطلوا . وهذا ما ساعد المعارضين لسياسة الحياد على التّغلب على الفئة المنادية به, ثمّ تغلّبوا أخيراً بقيادة أنور باشا فدخلت تركيا الحرب مع ألمانيا, حتّى كانت النهاية المعلومة بتقسيمها بعد الحرب .
    وقد كان فيصل بن الحسين قد بايعه المؤتمر السوري ملكاً لسوريا إبّان الثورة العربيّة (4) الّتي قمعتها الدولة العثمانيّة, ونكّلت بأعضائها, وقتلت منهم الكثير, وأمّا المؤتمر العراقيّ فقد بايع عبد الله "البيه" ملكاً للعراق. ثمّ إن فرنسا غزت سوريا بزعامة الجنرال كريه الصيت "غورو" بتواطئٍ مع الانجليز تنفيذاً لاتفاقيّة "سايكس بيكو" وقد قام السوريّون بمقاومته ببسالة في معركة "ميسلون" الشّهيرة, فهُزِمَ السوريون ولفظ قائد حرب الجيش السوري يوسف العظمة أنفاسه تحت وابل نيران عَبَدَةِ الصليب, ولما سأله الملك فيصل بن الحسين _وهو ذاهب لحربهم_: لماذا تذهب وليس معك إلا شبه عُزّل؟! فرد يوسف رحمه الله عليه ببيت أبي الطيب:
لا يسلم الشّرف الرّفيع من الأذى   ***   حتّى يُراقَ على جـوانبه الدم
    ثم أوصى الملك بابنته الوحيدة, ثم حارب الفرنسيين حتى استشهد مقبلاً غير مدبر ومعه رفاقه رحمهم الله تعالى.
   ولا ننس أن من أسباب هزيمتهم هو خيانة بعض أفراد المقاتلة _ وغير بعيد أن يكون للنصيرية يدٌ _ وذلك بأن أخبر الفرنسيين بمكان الألغام في الوادي الضيق, الذي ليس لهم بدّ من مروره في طريقهم لدمشق! بل والأدهى من ذلك أن قام بفصل أسلاك الديناميت التي وضعها المجاهدون السوريون كالألغام في طريق الفرنسيين, حتى إذا حانت ساعة الصفر والحسم, وأمر يوسف بضغط زر التفجير فإذا الأسلاك مقطّعة! فأسقط في يده, وفي يد المخلصين من جنده, لكنهم ثبتوا وجاهدوا وقاتلوا قتال الأبطال, واستبسلوا استبسال الأحرار, حتى استحر القتل فيهم, وجُنْدلوا بنيران الصليبيين, فسقطوا نحسبهم والله حسيبهم شهداء, قد دافَعوا وجاهدوا الكفرة عن أرض الأنبياء ومهاجر إبراهيم عليهم السلام أرض الشام.
والحق منصور وممتحن فلا     ***  تجزع فهذي سنة الرحمن
   وطُرِدَ الملك فيصل بن الحسين, ثمّ إنّ أخاه عبد الله "البيه" هدّد بدخول سوريا بجيوشه - وليته فعل - فهذا سيقلب الطّاولة على مقامري الّلعبة الدّوليّة وهم فرنسا وبريطانيا والسّوفييت, إذ أنّ معاهدتهم الغاشمة تُعطي سوريا للفرنسيين, وعبد الله كان معدوداً من رعايا الإنجليز, وهنا تدخّلت العجوز الماكرة "انجلترا" فاقترحت على عبد الله أن يكون فيصل ملكاً للعراق تحت حماية الإنجليز, وأن تُنشئ دولة شرق الأردن وهي "الأردن" الآن بعد نزع فلسطين منها! وأن يكون عبدالله ملكاً اسمياً متوَّجاً على دولة شرق الأردن, فوافق المسكين على هذه القسمة الضيزى ولكن:
ومن يكن الغراب له دليلاً  ***   يمر به على جيف الكلاب
   ومن كان هذا حاله فالحياة له موت والموت له راحة, فكيف يوافق على إعطاء أرضه ليهود؟! حتّى وإن كان كلامهم له ليس صريحاً, فكيف تمّ مرادهم على حساب أمانته؟
أطعت مطامعي فاستعبدتني    ***  ولو أني قنعت لكنت حراً
   كيف يقتطع أرضاً من المسلمين - على هنّاتهم - وهم الأتراك, ويعطيها عبدة الصليب وعزير؟! ومن ثمّ أراد الالتفاف على حلفائه لكن على استحياء, لمّا رأى رفض المسلمين لهذه الخيانة, فتولى الحروب العربيّة الهزيلة المعروفة ضد اليهود, وكان القائد لجيوش بني يعرب هو صاحبنا هذا عبد الله!! وهل يا ترى كانت الرّاية كلمة التوحيد؟ والجواب بكلّ مرارة: "لا" .
   لذا فقد كان بعضهم يصف النّهضة العربيّة بـ"النهقة العربية"! وحُقَّ له ذلك فقد كان الملك "جورج الخامس" يصف انتزاع فلسطين من العثمانيين بأنه: الحملة الصليبيّة الأخيرة! .
   والجنرال الانجليزي "آللنبي" يصف دخولهم القدس بأنّه: هديّة الكريسماس للعالم المسيحي! .
   والجنرال الفرنسي "غورو" وقف على قبر صلاح الدين, وقال بكلّ نذالة وجبن ووقاحة: ها نحن عدنا يا صلاح الدّين! .
  فَوَا أَسَفَاهُ!! .
  ويا لله! كم في ذا الزمان من باقعة! فلا نامت أعين الجبناء! وتبّاً للأدعياء! .
لَعَلَّ انْحِدَارَ الدّمعِ يَعْقُبُ رَاحَةً  ***     مِنَ الغَمّ أَوْ يَشْفِي نَجِيَّ البَلَابِلِ
   علماً بأنّ عبد الله كان مُلْكُهُ اسميّاً فقط, فقد جاء في البرقيّة من المكتب العربي في القاهرة إلى المعتمد البريطاني في جدّة: ( لمعلومات وزير الخارجية, أرجو أن تبرقوا تقييمكم الشخصي لصفات الأمير عبد الله الخلقية, وكفاءته وصلاحيّته لأن يكون أميراً اسميّاً لدولة عربيّة أميرها لا يحكم )! .
   وجاءه الجواب بعد يومين: ( ... وهو مؤهّلٌ لأن يكون أميراً اسميّاً لدولة أميرها لا يحكم ...الخ ) (5)
ومن يهن يسهل الهوان عليه   ***     ما لجــــرح بميت إيلام
   أمّا أفعال والده حسين بالأتراك الّذين كانوا بمكة بعد استسلامهم لثورته فحدِّث ولا حرج عن همجيّةٍ بغيضة, ووحشيّة غريبة, فقد سلم أُساراهم للإنجليز أُسارى! مع أن الإنجليز لم يطلبوا منه, ذلك بل كان يكفيهم ويرضيهم منه مادونه (6) لكن أبت أخلاقه إلّا ذلك الغدر, فإن قارنّاهُ بالإمام عبد العزيز نجده بعد أن طردهم من المنطقة الشرقيّة سلّمهم سلاحهم, وأرسل معهم من يحرسهم قائلاً: لن ننزع من رجل الدولة العثماني سلاحه .
   أمّا المدنيين من التّرك الّذين كانوا من سكّان مكة منذ أكثر من مئتي سنة, فقد كان حسين يفرّق بين الرجل وزوجته وأطفاله, كلّ منهم في طريق من القوافل الخارجة عن مكة, ولا يعرف الرجل أين زوجته, ولا الطّفل أين أمه وهم بين صراخ وعويل(7) وقد أباحهم وبيوتهم للأعراب والسرّاق والنُّهاب الّذين معه فصارت كارثة إنسانية في البلد الحرام! وكان من بقي منهم بعد نهب ممتلكاتهم وإجلاء الكثير من أقاربهم يتسوّلون في الأسواق , ويقولون: ارحمونا فنحن مسلمون ولا ذنب لنا . فكلّ من رآهم دمعت عينه, وانفطر فؤاده, وانصدعت كبده, ولمّا جاءته امرأة تسأله عن زوجها وكان جالساً في قصره مع رجاله, فقالت: يا سيّد البلد أين سيّدي؟ _أي زوجي_ قال: ادفعوها. فدفعوها مع الدّرج حتّى خضبت دماؤها عموم الدرج! قال محمد العلي العُبَيّد(8) بعد ذكره ما سبق من جرائم حسين مع بقايا التّرك: ( وإنّي لأظن أنّ أسبانيا حين تولّت على المسلمين في الأندلس في القرن الثامن الهجري, لم تفعل ما فعله الحسين بن علي مع من عنده من الأتراك! ولكن (إنّ ربك لبا لمرصاد ) (الفجر:14) فقد كالَ له رَبُّهُ بصاعه الأوفى, وفتح عليه أبواب الفتن والشرور, وابتلاه بخالد بن لؤي, الذي كان يكرهه الحسين ويحذره كحذر فرعون من موسى عليه السلام ) .
   وبما أنّا نكأنا جرح المسلمين في هدم الخلافة (9) الّتي كانت قد هُدِمَتْ من اسطمبول أوّلاً, ثمّ بَيْعِ فلسطين, وَهِبَةِ من لا يملك لمن لا يستحقّ من شُذَّاذِ الآفاق ثانياً, وحرب الإخوة ثالثاً, فنسأل: هل حقّاً كانت الدّولة العثمانيّة تُمَثِّلُ خلافة إسلاميّة؟ والجواب بكل أسى: " لا " لأن حزب "الاتحاد والترقي" والّذي أسّسَهُ يهود الدّونمة, كان هو الحاكم في تركيا عشرات السنين, وغيّبَ الشّريعة عن سياسة الدولة, بل في شؤون الدّين والدنيا, فأعلن عن "علمنة الدولة" وهذه ردّة صريحة, وكفر بواح, وغيّر لغة المسلمين الأتراك في كتابة حروفهم, فأحالها من العربيّة إلى الّلاتينية! فقطع الأجيال عن لغة القرآن العظيم, وجنى على أجيال الأمّة التركيّة, فلم يسطِعِ الواحدُ منهم أن يتلو آيات ربّه كحال الباكستان والأفغان والإيران, الذين يتلون القرآن بحروفه العربيّة, حتّى وإن لم يعرفوا معناه إلّا بترجمة, لكنّ هذا الأتاتورك الطّاغوت وحزبه, قد قطع أجيال التّرك عن لغة دينهم, يريد التشبه بأسياده, يظن أنهم أعلى من المسلمين مبادئً وقيماً, وأوفى وأرقى! وتلك عقدة المغلوب, وقد علمت أمة الترك خيانته وبيعه لدينه ووطنه .
ولو لبس الحمار ثياب خزّ   ***    لقال الناس: يا لك من حمار!
   بل وصل به الصّلف ومحادّة الله تعالى أن منع الأذان بالعربية, لكنّه لم يستطع تطبيق هذه الباقعة, وَمَنَعَ محاكم الشّريعة في الجنايات ونحوها .
قبحت مناظرهم فحين بلوتهم    ***  حسنت مناظرهم لخبث المخبر
    أمّا إن رجعنا للوراء ونظرنا لتاريخ تلك الدولة؛ فسوف نشاهد البدع والمحدثات, وحرب التّوحيد وأهله, خاصّة في عصورها المتأخّرة, وهذه الشّناعة فيها من قديم, ولم يقرّ قرارهم حتّى فعلوا الجريمة النّكراء جريمة إزالة الدّولة الحنيفيّة السعودية الأولى, وكسر ظهرها بهدم الدرعية, وقتل الموحدين فيها, وسفك دم علمائها السّلفيين, على يد الطّاغية الهالك - عليه من الله ما يستحقّ - إبراهيم باشا, فذاك الإمام المحدّث الفقيه, تاج عصره, وجمال زمانه, وواسطة عقد علمائه؛ سليمان بن الإمام عبد الله بن المجدد محمد بن عبد الوهاب, صاحب "تيسير العزيز الحميد" قد قُتِلَ بعدما صخبوا عنده بالمعازف والملاهي, وهو مقيّد, ثمّ رموه بالرصاص فمزّقوا جسماً قد ملأه العلم والبرّ والخير, وكان عمره ثلاثة وثلاثين عاماً, في تلك السنة ( 1233) وقد أكرموه بالشّهادة من حيث لا يعلمون, نحسبه والله حسيبنا وحسيبه, ولا نزكّي على الله أحداً, ثم شمت بوالده العلامة الشيخ عبدالله وهو يقول له: يا عجوز قتلنا ابنك! .كذلك إمامُه عبد الله بن الإمام المجاهد سعود بن الإمام المجاهد الشهيد عبد العزيز بن الإمام الناصر للدّعوة محمد بن سعود, فقد طِيف به في "استامبول" ثمّ قُتِلَ وصُلِبَ شهيداً, ومن ثمّ وجّهت الدّولة العثمانيّة حربها الظّالمة على كلّ ما هو سلفيّ, وأدارت آلتُها الإعلاميّة الظّالمة, وشيوخُ السوء, وعلماءُ الضلال, حَمَلَةَ بهتان على دعوة التّوحيد, وعمّموا هذه الدّعاية الظّالمة على ما استطاعوا من ولاياتهم من الهند إلى المغرب, وكان من آثارها أن نَفَرَ العامّةُ من الدّين الخالص للمرسلين, الذي جَدّدَتْ ما اندرس من معالمه هذه الدّعوة الإصلاحيّة المباركة, فظنّها الرّعاع ديناً محدثاً أو مذهباً خامساً! ووصموه بالوهّابية, وببغض الرسول صلى الله عليه وسلم . ولكن ( ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره ) (التوبة:32) .
    لقد انتشرت الدعوة المضادة للدعوة السلفية في مشارق دول الإسلام ومغاربها, وقد أثمرت تلك الجهود التشويهية, وآتت أكلها المرّ المسموم, ونوجز بيان ذلك بمثالين أحدهما من المغرب والآخر من المشرق:
    فمن المغرب؛ قال أحد الشناقطة: وصلت إلى مكة المكرمة من بلاد شنقيط, ولما دخلت المسجد الحرام أذن المؤذن فتابعته, فلما شهد المؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة تعجبت! وقلت: الحمد لله أن الوهابية يشهدون له بالرسالة! لكن يا ترى هل يحبونه؟.
   ثم جلست إلى حلقة درس لشيخ كفيف فسمعت منه ما أبهرني من تفجر ينابيع العلم من صدره ولسانه, وإشعاع المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وإجلاله من كلامه وعاطفته, فلما انقضى ذلك المجلس رأيت أحد الشناقطة فجلست إليه وتجاذبت الحديث معه, وأخبرته بتوجسي من الوهابية مبغضي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم! فتبسم وقال: أما جلست إلى الشيخ الكفيف قبل قليل؟ قلت: نعم, وأثنيت عليه خيراً كثيراً, فقال: هذا هو شيخ الوهابية, وهو الشيخ العلامة عبدالله بن حميد رحمه الله تعالى.
    أما من المشرق؛ فقد كان في الهند أحد علماء الحديث, وكان يُنهي درسه بالدعاء على الوهابية الخارجية ومذهبهم الضال...ويخصص إمامهم بزيادة تشنيع, وذلك بسبب الدعاية السيئة التي تلقفته كغيره, وفي أحد الأيام حضر درسه أحد طلبة العلم من نجد ليطلب الحديث على يديه ويتحمله منه بسنده العالي, وكان ألمعياً أحوذياً, ذا دعوة بالحكمة والحسنى, ملتمساً لشيخه العذر لجهله بحال الإمام المجدد رحمه الله تعالى. فأخذ كتاب التوحيد للإمام, ونزع مجلدته, ثم ناوله شيخه واستشاره في صلاحية هذا الكتاب للتعلم والتعليم, فأخذ شيخه الكتاب وقرأه بعناية وتجرد, فانبهر بما فيه من تحقيق واستدلال, وبما حواه من علاج ناجع لأمراض الأمة العقدية. فأعاد الكتاب مثنياً عليه وداعياً لمؤلفه المجهول, وكم كانت المفاجأة الصاعقة حينما أعطاه تلميذه المجلدة المنزوعة, وعلى طُرَّتِهَا اسم الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى, فتأثر بشدة من تلك المفاجأة وتحسبل على من شوهوا تلك الدعوة الصافية الطاهرة الماجدة النقية, وندم على ما سبق من عدائه لها ولمجددها, فآلى على نفسه أن يجلو حقيقتها للناس, وأن يدعو لمجددها في ختام دروسه, كفارة لما كان من التحذير منها في سالف زمانه, والله المستعان.
   قال الشيخ صالح آل الشيخ: إنّ مّما وجده الموحّدون في الحجرة النبويّة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام, خرقةً من أحد سلاطينهم وهو السلطان "سليم" وفيها: يا رسول الله: أنصر عبادك! . والله تعالى يقول: ( وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) (الجن: 18) ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) (المائدة: 72) ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) (النساء:48 , 116) وانظر ما كتبه الشيخ حمود التويجري رحمه الله في حالهم.
    أماّ إحياء البدع, ونصر الطرق الصّوفيّة المحدثة, وإعلاء شأن الخرافيّين والقبوريّين, فهذا ديدن تلك الدّولة, وانظر إلى الحجاز قبل وبعد فتح الموحّدين له, واسأل نفسك أيُّهما أشبه بخلافة النبوة؟! هذا إن كان هناك مجال للمقارنة:
ألم تر أن السّيف ينقص قــدره   ***  إذا قيل إنّ السّيف أمضى من العصا؟
    فقد كانت مكة المكرمة, ببقاعها المشرّفة, وبنيّتها المعظّمة, تشتكي إلى الله تعالى من الأوثان الّتي بها, كقبر خديجة رضي الله عنها, وغيرها كثير, وجِدّةُ ليست بمعزل,كالقبر المزعوم لأمّنا حواء رضي الله عنها, أمّا مدينة التّوحيد والنبوّة؛ فلا إله إلا الله, ما أحلم المولى سبحانه عن ما أحدثه المشركون في مدينة نبيه ومهاجره من وثنيّة! ولمّا سأل الإمام المجدد شيخه محمد حياة السندي رحمهما الله عن حال المستغيثين بغير الله عند الحجرة النبوية, أجابه شيخه بالقرآن العظيم: "إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون" (الأعراف: 139) أما سائر الولايات التابعة للعثمانيين فحدث ولا حرج عن غربة السنة, وظهور البدعة والخرافة!.
   قال الشّيخ العلّامة حمد بن عتيق: لا يحبّ هؤلاء أحد يؤمن بالله واليوم الآخر _ويعني بهم الأتراك في زمنه_ .
   ولا نريد أن نسترسل في إرهاق قلبك بالأسى على حال أمّة الإسلام في ذلك الزمان, ولكن اعلم أنّه كلّما كان التوحيد في قلبك أعظم, عرفت غلظ وخطر الشّرك والبدع . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى, في مجموع فتاويه: ( من عرف الباطل والشرك, كان أكثر تعظيماً ومحبة للحقّ والتّوحيد ) .
   أَمَّا تَعَصُّبُ هذه الدّولة للمذهب الحنفي فيكفيك مثالاً أنّ مذاهب الأثر الثلاثة (10) قد اندثرت في الشّام أو كادت, حيث مُنع المالكية والشافعية والحنابلة من القضاء, وكاد مذهب أحمد أن يندثر لولا لطف الله بتحمل النجديين له ومدارسته وتدريسه والتأليف فيه, وحمل لوائه الثالث بعد العراقيين ثم الشوام, رحمة الله على الجميع.
    ومع عدم حطِّنا من مذهب الإمام أبي حنيفة النّعمان, إلّا أنه ليس حقّ كلّه, لا هو ولا غيره من المذاهب المتبوعة الأخرى, والعبرة بمن وزن مذهبه بالكتاب والسّنّة .
    أما عن التنمية الاجتماعية والعمرانية والزراعية ونحوها في الولايات التابعة لها فلم تكن في المستوى المؤمل مع غناها وقدرتها, ويشكرون على القطار الذي ربط الآستانة بالشام والحرم النبوي, والذي كانت نهايته التفجير والتدمير من الأعراب بتوصية من الشريف والإنجليز, من أجل قطع الإمدادات عن الكتائب العثمانية في الشام والحجاز, وطبعاً فالمستفيد الوحيد لندن, وبأيدي من؟!.
   بَيْدَ أن الدّولة العثمانيّة ليست شرّاً محضاً, بل نرجو أن خيرها وفضلها أكثر, فللإنصاف نقول: إنّها قد مرّت بمراحل عديدة, فقد عُمِّرَت ستة قرون ونصف (698_1341) الموافق (1299م_1923م) عاشت (643) عاماً هجرياً أي: (625) عاماً ميلادياً.
   وحكمت مساحات وأقاليم شاسعة من آسيا الصغرى والحجاز والعراق والشام ومصر والسودان ومعظم المغرب العربي والصومال والبلقان والنمسا وإيطاليا ورومانيا وبلغاريا وأرمينيا وجورجيا واليونان.
وقد حكمها أربعون سلطاناً, أولهم عثمان الأول, وآخرهم عبدالمجيد الثاني. وبلغت مساحتها عام (1680م) 5,500,000 كلم مربع.
   وحكمت الحجاز أربعة قرون, من سنة: (1517م_إلى_1918م) وأكثرُ ما نابها من أمراض حضاريّة إنّما كان في عصورها المتوسّطة والأخيرة, ولا ينكر عاقل فضلها في دكِّ معاقل الصليبيّين, وإذلالِ عبدة الصّليب (11) ونشرِ الإسلام في أوروبا بل إدخال جملة شعوب في حياضِ الملّة, كالشّعب الألباني وكثير من المقدونيين واليوغسلاف ونحوهم, وكالحدِّ من تمدّد المارد الرافضيّ المجوسيّ الخبيث من الشّرق, وكسرِ شوكتهم الصّفويّة البغيضة, الّتي هي أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى, حيث سحقوهم في معركة جالديران الشهيرة التي قلمت أضافرهم قرناً كاملاً من الزمان, وكسرت ظهور حلفائهم النصيرية- المتسمية زورا بالعلوية بفعل الفرنسيين- . وكانت هذه المعركة التاريخية عام (920)الموافق(1514م) في عهد السلطان العثماني سليم الأول.
    ومن محاسن تلك الدّولة كذلك؛ نشرُ العلوم الشرعية, والمعارف التجريبيّة, والّلغة العربية بين رعاياها, وإقامةُ محاكم الشريعة والقضاء بحكم القرآن الكريم, إلى غير ذلك من المحاسن والآثار, التي تذكر وتشكر وتنشر.
   والذي جرّنا لهذا الحديث الطويل, هو ما كان يُسمى بالثّورة العربية الكبرى والّتي قد قادها الحسين شريف مكة وأبناؤه, ولم تُحسِن السّلطنة العثمانيّة التّعامل معها, فبدلاً من إعطاء العرب حقوقهم, وردّ اعتبارهم, نكّلَت بهم, وقتلت العديد منهم, ونصبت لهم المشانق, حتّى ازداد الكُرْهُ المتأصّل في نفوس العرب عليها, وصار للثورة مبرر في نفوس الكثيرين ضد طغيان الترك وتسلطهم .
    وقد كانت شرارة الحرب قد بدأها حسين, ونفخت كيرها لندن, وغَنَّت لها طويلاً, وأكلت بها ما أتخمها من الغنائم والأسلاب . وخرج العرب من الحفلة بلا حُمُّص - كما يقال - إلّا على دويلات وكانتونات هُلَاميّةٍ, تُدِيْرُهَا رُؤوس الخبث الإنجليزي العريق في المكر والدّهاء والتلوّن والميكافيليّة, هذه التّراجيديا الّتي خرج منها عبد العزيز آل سعود بكلّ مهارة وبراعة, كما أقر بذلك حلفاؤه وخصومه الإنجليز أنفسهم, فخرج بعزّة إسلاميّة عربيّة شمّاء . ففي الوقت الذي كان يَمُدُّ الضّابطُ الإنجليزيّ قدميه ويُدخِّن في وجه فيصل ملك العراق, كان ضبّاط الإنجليز الّذين يُرسلون لمفاوضة عبد العزيز يُسرعون بتهويةِ المكان بعد تدخينهم التبغ, خوفاً وفَرَقاً من دخول عبدالعزيز عليهم,كأنهم تلاميذ سيئين عند أستاذ عاتٍ جبّار! وحتى اتفاقيات الإنجليز السابقة معه فقد ضمن بها كامل حقوقه وحقوق شعبه, وقد أحسن التعامل معها, وأجاد استخدام أوراقها حتى النهاية, حتى إذا صعد حظ الأمريكان ربط مصالحه الدولية بهم تاركاً خلفه مصالح حليفه القديم الذي بدأ حظ إمبراطوريته بالأفول(12) فلم يكن يزايد على مصالح شعبه _ رحمه الله تعالى _ (13).
    والشّاهد من هذا كلّه هو طرح السؤال المُحرِج لذلك الجيل الماضي: هل حقّقت الثورة العربية أهدافها المعلنة؟ (14).
    والجواب معروف لدى الجميع, فقضيّةٌ تطبخ في دهاليز لندن, ويديرها أعداء الأمّة, بواسطة حسين وولده, حتّى وإن كانوا لا يُدركون مقصودَ أعداء الأمّة, فمعلوم أنّ مصير هذا المشروع هو الفشل الذريع والسقوط المريع, الّذي ترتّبت عليه وعلى غيره من الأحداث بعد الحرب العالميّة آثار مدمّرة, ونتائج كارثيّة مروّعة, منها ما نراه من تقطيع أواصر المسلمين, فصاروا شيعاَ وأحزاباً, ولكلّ حزب قِبْلَةً, ولكلّ شيعةٍ وِجهةً, والله المسؤول أن يُهيئ للأمّة باعثاً لمجدها, ورافعاً لعمودها, وناشراً لفسطاطها, ومُعيداً لسؤددها, ومُناكفاً محارباً مدافعاً بل غازياً فاتحاً لأعدائها . إنّه ولي ذلك والقادر عليه, وإليه المشتكى, وهو المستعان, وعليه التكلان, وهو مولانا فنعم المولى ونعم النصير .
                                                                          .........يتبع

إبراهيم الدميجي
24 / 1 /1433
aldumaiji@
.................................................
(1) "الوثائق البريطانيّة" المنشورة بتحقيق نجدة فتحي صفوة من عام: (1914م) إلى عام: (1920م) والمطبوعة في خمس مجلدات كبار .
(2) اشتركت ثلاث أسر رئيسية في التنافس على شرافة مكة وهي أسرة ذوي زيد _ وهم أطول الأسر زمناً في الإمارة_وأسرة آل بركات وأسرة العبادلة المعروفين بذوي عون_ والذي انتهت الشرافة في وقتهم _ والعبادلة نسبة إلى جدهم عبدالله بن حسن الذي تولى شرافة مكة عام: (1041).
    أما أول من تأمر على مكة من الأشراف فهو إسماعيل سفاك بن أخيضر عام: (251) .
( أشراف مكة وأمراؤها في العهد العثماني ) لإسماعيل حقي جارشلي بترجمة خليل علي مراد: وانظر: ص(209,129,23,10,6).
(3) عدد قتلاها نحو ثمانية ملايين ونصف! وضعفهم من الجرحى والمشردين واستمرّت زهاء أربع سنوات ونصف, وكانت بين أربعة عشر دولة . أمّا الدمار الحقيقي والكارثة الكبرى فكان للحرب العالمية الثانية, بين ثلاث وعشرين دولة! فقد كان قتلاها نحو: ثلاثة وسبعين مليوناً من البشر!! وهذا غير الجرحى والمشردين, وتدمير البنى التحتية لكثير من المدن, بل تدمير العديد من المدن بكل مافيها من مظاهر حياة! وقد امتدت رحاها ست سنوات كاملة من الحرب والقتل والدمار على أطماع ومظالم عانت البشرية منها الويلات , وكانت من: ( 1 سبتمبر1939_إلى_2سبتمبر1945 ) .
(4) كانت الثورة في عهد السلطان العثماني محمد رشاد الخامس .
(5) الوثائق البريطانية: (4|147) .
(6) أين التذمم والشيم؟!.
إذا كنت أكّالاً للحم بني أبي  ***   فلست بمهديه على كلّ آكلِ
(7) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه وسلم قال: "من فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامه" رواه أحمد وصححه والترمذي والحاكم, وفي سنده مقال, وله شاهد.
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لاتنزع الرحمة إلا من قلب شقي" رواه أبو داود والترمذي, وروى الشيخان في حديث تقبيله الحسن والحسين رضي الله عنهما:"من لا يرحم لا يرحم" ورواه أحمد وزاد: "من لا يغفر لا يُغفر له" ولأبي داود والترمذي وقال حسن صحيح:"الراحمون يرحمهم الرحمن, ارحموا من في الأرض يرحمْكم من في السماء" ولأحمد مرفوعاً:"ارحموا ترحموا واغفروا يغفر لكم".
    قال المستشرق الأسباني جان ليك في كتابه (العرب) :"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله:" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" (الأنبياء: 107) كان محمد رحمة حقيقية, وإني أصلي عليه بلهفة وشوق". "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" (الأحزاب: 21).
(8) مخطوطة النجم الّلامع: ( 187) بتصرف .
    ومخطوطته الموسومة بـ"النجم اللامع للنوادر جامع" هي أخبار وأشعار من القرنين الثالث عشر والرابع عشر, وهو كتاب حافل جيّد, بل ونادر المثال عزيز المرحلة, لأن ذينك القرنين لا تكاد تجد من توسع في ذكر أخبارهما وأحداثهما من المؤرخين, أسوة بحقب خلت في الجزيرة, على عكس الحواضر الإسلامية الأخرى كالشام ومصر والآستانة ونحوهن . فالكتاب كما ذكرت جيّد لولا حَيْفُهُ على الإخوان واتّهامهم بما لا يليق من مثله لهم, وإن كانت هذه صادرة عن بعض المشاهدات والوقائع التي لا تُنكر, ولكن ينبغي أن لا تعمّم عليهم, وإن كان قد يُعذر في بعضها فقد كادت تودي بحياته! كذلك بعض الأخطاء التاريخية, وإن كان لا يكاد يخلوا منها كتاب, وعهدة المؤرخين في الغالب على الرواة, فكما أنّهم العمدة في جذع كتاب التاريخ (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) فكذلك هم المطعن فيه غالباً (وما آفة الأخبار إلا رواتها) .
(9) قال العبيّد: وقد أدركت أُناساً منهم_ويعني المسؤول التركي بمكة_ في آخر ملكهم وهم في الحجاز في زمن السلطان عبد الحميد فكانوا يحافظون على صلواتهم, وكان رؤساؤهم وضباطهم يصلّون ويأمرونهم بالصلاة, حتى في صلاة التراويح في رمضان غير الفريضة, وكان قضاتهم يحكمون بالشريعة المحمدية على مذهب الإمام أبي حنيفة.....ويحرصون على مراقبة دخول أوقات العبادات كالصوم والحج...) ( النجم اللامع: 195) .
(10) مذاهب الأثر_ أي تقديم النص على القياس_ هي المالكية والشافعية والحنبلية, وهي المدرسة الحجازية أو المدينية . أما المدرسة الثانية فهي مدرسة العراق وبالأخص الكوفة, ويقال لهم أهل الرأي, وأهل القياس, وأشهر من يمثّلهم الأحناف؛ لتقديمهم القياس على ظاهر الأدلة عند التعارض, وهم قد يُعذرون في أول شأنهم وذلك لكثرة الكذب والوضع في الأحاديث في العراق في ذلك الوقت, ولكن مع ظهور الصحاح وقيام علم الجرح والتعديل؛ سقط ذلك العذر, فوجب الرجوع للحديث والأثر, علماً بأنّه لا يوجد تعارض حقيقي البتّة بين نص صحيح صريح, وعقل سليم صحيح, وانظر (درء التعارض لشيخ الإسلام) .
(11)  وكان لهم شرف الدفاع عن الحرمين ضد النصارى الغزاة لمّا دخل البرتغاليون ميناء جدة عام: (948) وقصفوا المدينة بالمدافع ثم انسحبوا وانقلبوا خائبين, ولم يحققوا مأربهم, ثم عادوا في نفس السنة بثمانين سفينة, ونزلوا البر في مرفأ "أبو الدواير" وبدؤا هجومهم, إلا أن وصول شريف مكة أبو نمي محمد بقواته, كذلك مع الصمود العظيم لأهالي جدة البواسل وواليهم العثماني قد أجبر الصليبيين على الانسحاب . (أشراف مكة: 136) .
(12) (السعوديون والحل الإسلامي) محمد جلال كشك.
(13) ويظهر فارق شخصية الملك عبدالعزيز عند مقارنته بأقرانه كآل الصباح وآل الرشيد والأشراف ونحوهم .
    ولنعقد بعض المقارنات بينه وبين عبدالله البيه وعبدالعزيز الرشيد ونزنهم بالمَثَل العربي: "الفرار في وقته ظفر" لأن أكثر الملوك والقواد يرون أن ذلك الفعل إنما هو من باب الهزيمة والفشل مطلقاً, لكن عبدالعزيز المحنك يرى غير ذلك.
    والحازم المحنّك هو من يقيس الأمور بأشباهها ويزنها بأضدادها, ويختار أنسب الحلول لنازلته, حتى وإن كان ظاهرها الفرار, فلم يُعب موسى عليه السلام حينما خرج من مصر خائفاً يترقب, حتى عاد بعد عشر سنين بعز الدنيا والآخرة, عليه وعلى نبيّنا أفضل الصلاة والسلام .
    ونبيّنا صلى الله عليه وسلّم خرج من مكة مستخفياً, حتى عاد بعد بضع سنين فاتحاً مظفّراً, قد أذل الله له نواصي عتاة قريش.
    وعبدالرحمن الداخل (صقر قريش) خرج خائفاً تطارده عساكر بني العباس؛ حتى هيأ الله له ملك الأندلس.
    المقارنة:
    في ليلة تربة حينما حُذّر عبدالله البيه من الإخوان, وأشار عليه كبار قوّاده ومنهم ابن عمّه شاكر بن زيد بالتحصن بالسّوق عن العراء, أخذته العزة قائلاً: أنهزم أنفسنا قبل هزيمة عدونا لنا؟ وكانت النتيجة سحق غالب جيشة وهلاك معظم جنده .
    وقبل ذلك بثلاثة عشر عاماً تقريباً أثناء المطاردات بين الزعيمين المتنافسين عاليي الهمة عبدالعزيز أل سعود وعبدالعزيز الرشيد, وفي إحدى الليالي بينما الملك عبدالعزيز قد بنى بأهله متزوجاً بنت أحد شيوخ الروقة العتبان وهو الضيط, فأناخت ذلوله "مصيحة" عنده قد أرسلها أخوه محمد من بريدة, ينذره بتقدّم جيش عبدالعزيز بن رشيد إليه وعزمُ تبييته, فجمع قوّاده, وكان غالب جيشه في تلك الليلة من البادية, وليس له من جند العارض إلا قليل_ وهم من كان يركن إليهم عند المعترك في ذاك الزمان قبل هبوب عواصف الإخوان_ فجمع قوّاده وطرح القضية للمداولة, فأشار عليه أحدهم بأن يسري من ليله ومعه الإبل تسوقها الخيل, والبقية يلحقونه بالبيوت (المظاهير) والغنم, وموعدهم "النير" فاستحسن عبدالعزيز هذا الرأي وعمل به وكتب الله لهم السلامة, ولمّا جاء عدوّه لم يجد إلا آثارهم .
    وعلى العكس كان خصمه عبدالعزيز الرشيد, فإنّه لمّا أتاه النذير يخبره بأن جيش ابن سعود قد وصله, وكان مخيّماً في روضة مهنّا (*) فقال له النذير وهو من الهوامل من مطير: وصلك عبدالعزيز بن سعود! وغرض المسكين الجائزة والعطيّة, فما كان من عبدالعزيز بن رشيد إلا أن أخرج المسدّس وأطلق منه ثلاث رصاصات على رأس الرجل! ثم كان ماذا؟ عاد لنومه فلم يوقظه إلا صهيل خيل ابن سعود, فانتبه دهشاً مرعوباً, فركب فرسه ليدبر جنده الذين أشعلوا النيران فانكشفوا لنيران بنادق جند ابن سعود, فدفع بن رشيد فرسه تجاه راية ابن سعود يظنهم قومه وهو يصيح غاضباً: يا الفريخ! والفريخ هو حامل رايته, فما راعه إلا وفارس من المقرن واسمه هذلول فضربه ابن رشيد بسيفه فقطعه جزلتين لشدة بأسه وغضبه, ثم لوى عنق فرسه ليعود لجنده, فرآه حامل راية ابن سعود واسمه عبدالرحمن بن مطرف, فصاح في الجيش: عبدالعزيز بن متعب ياطلّابته! فتناوشوه بالرصاص فأصابته رصاصة بين عينيه فخر صريعاً رحمه الله, وأدبرت فرسه فلمّا عرفها أصحابه علموا أن فارسها قتل, فانهزموا, وتخلص ابن سعود من أشرش وأشجع أعدائه على الإطلاق.
تذكرت من يبكي علي فلم أجد  ***  سوى السيف والرمح الرديني باكيا
وأشقر محبوك يجر لجامه    ***   إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيا
صريع على أيدي الرجال بقفرة     *** يسوون لحدي حيث حمّ قضائيا
وخطّا بأطراف الأسنة مضجعي ***     وردا على عيني فضل ردائيا
خذاني فجراني ببردي إليكما  ***   فقد كنت قبل اليوم صعباً قياديا
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني   ***  وأين مكان البعد إلا مكانيا
غداة غدٍ يالهف نفسي على غدٍ  ***  إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا
    وكان بين هروب ابن سعود لمّا طلبه ابن رشيد وهذه المعركة قرابة أربعة أشهر فقط .
    وكانت ليلة: ( 17/2/1324 ) حيث كان ابن رشيد قبلها قد أرسل لابن سعود وقال: أنا وأنت ظلمنا المسلمين بحملهم على القتال من أجلنا, ولكن ابرز لي على فرسك المعضادية, وأنا على حصاني الشهيب, ومن قتل صاحبه فله الملك. فقال ابن سعود راداً عليه: أنت ميّت وأنا حي . أي: أنت قد مللت الحياة بهذا الحال, لكنّي لست كذلك. وفي ذلك قال محمد العوني شاعر بريدة:
يا نهار جا على روضـة مهنّا   ***   والفشق فيها كما ضيق المخايل
ترك اللي يوم سرنا غاب عنّا   ***  ما حضر كون ذبحة شيخ حايل
(*) لكلّ باغ مصرع, فقبل معركة روضة مهنّا بشهرين وفي نفس المكان, كان ابن رشيد مارّاً فصادف حواشيش لأهل بريدة وعدتهم (25) فقرنهم بالحبال كي يقتلهم, فتقدم له رجل مسنّ وبين يديه ولده فقال: هذا الولد ولدي, وله ثمان أخوات لا عائل لهن بعد الله سوانا, فتفضّل عليّ بإبقائه حيّاً, واقتلني مكانه . فرد عليه بأن قال: بل أقتله وأنت تشاهده ثم أقتلك . ثم قتلهما وألحق بهما جميع الحواشيش! نعوذ بالله من قلب لا يرحم, وفي الحديث الصحيح: ( لا تنزع الرحمة إلا من قلب شقي ) عياذاً بالله تعالى . ويقال: إنه بعد تلك القتلة لهم كان يرى في منامه ذلك الشيخ متعلق به ويقول يا عبدالعزيز قتلتني وظلمتني وقتلت ولدي, والله لا أطلقك حتى نقف بين يدي الله . فكان يقوم من منامه فزعاً, ويقصّها على جلسائه, عفا الله عنه .
    لقد كان عبدالعزيز الرشيد مفرط الشجاعة عظيم الجسارة, ولكنه كان جبّاراً عسوفاً, ويرى أن التملّك بالقوة خير من التملك بالسياسة, وكان إلى العقوبه أسرع منه إلى العفو, وكان كثيراً ما يتمثّل ببيتين لعمّه عبيد العلي الرشيد وكان جباراً مثله:
محدٍ مصافيني له السير ممروع    ***  الّا بضـرب مصقّلات الهنادي
    والآخر المشهور:
اضرب على الكايد ولو كنت بلشان   ***   وعنـد الولي وصل الحبل وانقطاعه
    وكان ذا بأس شديد, فلا يهاب أحداً, ويغزو وإن كان قليلاً, قال ناهس بن فاجر الذويبي: غزوت مع عبدالعزيز الرشيد على إحدى القبائل فانتذروا بنا, ونوّخوا وعقّلوا, وكانوا في جبال وعرة المسالك, لا تغير فيها الخيل ولا الجيش من وعورتها, فأرخى رماتهم الرصاص علينا من الجبال مدة ساعتين, ولمّا نظرنا إذ القتلى:(140) من الجند والخيل والجيش, حتى أوقفوا غارتنا عليهم . ثم إن عبدالعزيز المتعب الرشيد حمل الراية بنفسه وهزّها وصاح: يا عَبِيْد يا سودان اعزلوا كلكم ولا يخرج واحد أبيض, فعزلوا فإذا هم:(640) مقاتلاً, فحمل الراية بنفسه وهزّها, ثم حثّهم وهم يطلبون حملها بدلاً عنه فلم يدفعها لأحد منهم, بل حمل البندقية على متنه معلقة بعلاقتها, وتجنّد الفرد, وأخذ الراية بشماله, وامتشق سيفه بيمينه! ثم قال: يا عيالي السودان اليوم يومكم, حتى فاح فائحهم, ثم أعطاهم التعليمات وقال: "تراه مركاض واحد لين نذبح البواردية وهم في الجبال" _كما قيل: إنما النصر صبر ساعة_ ثم ركض أمامهم وهو يقول:
يا بو خديد فيه رقوش    ***  إلى ذلينا من يهوش؟
    فكرّوا معه, وانتشروا عن يمينه وشماله, فلم يقم عدوهم أمامهم سوى نصف ساعة, فما منه إلا مقتول أو هارب. إذن فنحن أمام شجاعة تاريخية ( على أن هذا كلّه إنما هو من السلب والنهب والظلم والقتل الذي وضعه الإسلام, فالحمد لله على نعمة الأمن والإيمان).
    والشاهد أن حملاته لا تطاق, غير أنه قليل السياسة, ولا خير في عزم بلا حزم, ولا في شجاعة بدون رأي وسياسة .
بتصرف واختصار وزيادة من: ( النجم اللامع: 139, 214) .
   وبالمناسبة فقد كانت دولة الرشيد قوية مهابة حازمة, كأنما ضغط التاريخ فيها لكثرة أحداثها وتنوعها, جديرة بأن يطول أمدها لولا دبيب داء الأمم إليها في زهرة شبابها, فكان عمرها قرابة التسعين عاماً, ألا وهو الحسد والبغضاء بين آل الرشيد أنفسهم, وهو ما عصف بعرش دولتهم وأزهقها سريعاً, فكان الاغتيال بينهم قد صار سمة وظاهرة بين الخط الثاني والأول من الحكومة, وقد يكون القتلى ثلاثة دفعة واحدة, بل حتى الأطفال لم يسلموا! ويكفينا ذلك الطفل المسكين الذي قتله خاله وهو يلوذ عنه في الزوايا ويصيح بين يديه ويتوسل: "يا خالي, وش سويت أنا؟!" فضربه برصاصة المسدس, فأرداه قتيلاً . وكان قاتله, قد أقسم على المصحف لمّا أرسل أمّه للحج أن لا يؤذيه ولا يغدر به ولا بإخوته, وما أشنع الغدر! وما أقبح القسوة! . والأدهى من ذلك _إن صحّ_ قتل أربعة عشر طفلاً بعد سجنهم, وهم من جملة ثلاثين شخصاً قُتِلُوا في ظرف شهرين من أسرة واحدة! ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم ) (محمد: 22) وكان فيصل الحمود الرشيد فيما بعد حينما كان في الرياض في ضيافة الملك عبد العزيز يقول: إنّي لأنتظر غبّ ما صنعنا ما بقي منّا أحد.
    هذا وإن مما يحمد لآل الرشيد وقوفهم مع الدولة العثمانيّة حتى آخر رمق.
    وليُعلم أن سنن الله لا تحابي أحداً, فمادام آل سعود على شريعة الله فلهم الرفعة والسناء, والعز والتمكين, وإن حادوا _أعاذهم الله من ذلك, وثبّت دينهم وملكهم_ فالله تعالى يقول: "فلن تجد لسنت الله تبديلاً ولن تجد لسنت الله تحويلاً" (فاطر: 43). فآل بيت نبيه صلوات الله وسلامه عليه أزال ولايتهم لما بدّلوا, كبني العباس أو الأشراف, وما سواهم من باب أولى!." وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فؤلئك هم الفاسقون" (النور: 55) .
(14) كما سيسألنا أجيالنا عن هذه الثورات الحالية وهل حققت أهدافها النبيلة؟ وحاضر اليوم, تاريخ الغد!.

ع ق 1043

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..