الجمعة، 9 ديسمبر 2011

ثورة العلم و العقل

ثورة العلم و العقل ضدَ .. هيئةُ كِبَارُ العُلَماء !!
الجمعة 09, ديسمبر 2011
            
ثورة العلم و العقل ضدَ .. هيئةُ كِبَارُ العُلَماء !!

الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, وصلى الله على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد


( أفلا تعقلون )


يقول الدكتور / انسباتو, الإيطالي في كتاب " الإسلام وسياسة الحلفاء ": [ إن الكرم العلمي, والصدقة الفكرية, صفتان من صفات الإسلام, شأنهما أن تجعلا الأمة العاملة بهذا الدين, أهلاً لأن تبلغ من الحضارة ذروتها العُليا ] ...


( صور مُظلمة )


عندما تتلقف العقول السليمة الأفكار الصحيحة لبناء الإنسان و ما يحتاجهُ في هذه الدنيا للتطور و العُمران, في حدود ما شرعةُ لنا دين رب العالمين, نسعد بهذا ونحن أولُ الفرحين .


لكن أن تتحول المسألة إلى أن نتلقف القبائح والتفاهات فقط ونقتصر عليها, هُنا تكمُن المُشكِلة, ويجب إن يقف الأمرُ عِندَ حدِه.


لم نسمع في يومٍ من الأيام أن أحد دُعاة ( التنوير ) في الوطن العربي أو في مملكتنا العربية السعودية يقول: دعونا نأخُذ من الغرب طريقة صُنع الأسلِحة للدفاعِ بها عن أنفُسِنا عند مواجهة العدو, ولم نسمع يوماً أن هُناك من قالَ: نُريدُ تطبيقَ تلكَ التقنية الجديدة عندنا ولابدَ أن نتعلمَها لنستفيدَ منها ويستفيد الأجيال من بعدِنا .. أبداً لم يحدث هذا ولن يحدُث !!


المُشكلة تكمُن في أن تفهمَ ( التنوير ) فِهماً خاطئاً .. بحيث تعتقد أن التنوير هو: النور الساطع من شاشات العرض السينمائية, أو  نور مسارح المسابقات الغنائية و التمثيلية, أو نور سيارةٍ خلفَ مِقوُدِها امرأة, أو نور فلاشات التصوير العابثة, أو النور الساحر في معارض دور الموضة !!


التنوير: وقد كثُرَ إستخدامه هذه الأيام في كتابات الليبراليين ( المُلتحين و غير المُلتحين ) ولا شكَ أنهُ مُصطلح جميل وبراق, يجذبكُ ما إن تراه قد خُط بقلمٍ على إحدى الصُحُف أو إن نطقت به الالسُن, و يُخيلُ لك أنه باب: المعرفة و الفائدة و النهضة و التقدم, وهو كذلك إن أستُعمِلَ في مقاصدٍ حسنه, وإلا لن يكونَ تنويراً حقيقياً بل سيُصبِحُ قعراً مُظلِماً قد تهلك ما دُمتَ على شفيره.


( النشأة والنتيجة )


نشأ هذا المُصطلح في ظروف تاريخية عاشتها دول أوروبا, كانت ثقافة الشعوب في أوروبا خلالها قاصرة على ما تمليه عليهم سدنة الكنيسة ورجالها, لقد كانت الكنيسة وآراء رجالها تمثل الجهل و التخلف و الخرافة, فقد طلبوا من المسيحيين الإيمان و الإذعان لآرائهم, في تفسير الظواهر الكونية مدعين أن الدين " الكنيسة " يختص بتفسير تلك الظاهرة, وإن الخروج عليها كفر وإلحاد, ويكون جزاؤه الطرد من رحمة الكنيسة !!


التنوير: هو نتَاج المعركة التي حسمها التاريخ و الواقع لصالح العلم و العقل و النور ضد الكنيسة وآرائها المُنحرِفة, ولقد صورت المعركة كلها على أنها صراع بين الدين بمعناه العام, وكل معاني التنوير التي هي العقلانية و التقدم.


يقول الدكتور / محمد السيد الجليند في كتابه " فلسفة التنوير بين المشروع الإسلامي و المشروع التغريبي ": [ إن مُصطلح التنوير, كغيره من المصطلحات – العلمانية – وفد إلينا من الغرب ضمن مجموع المُصطلحات التي غزت ثقافتنا المُعاصرة خلال حركة الاتصال الحديثة بين مصر و العالم الغربي – خاصة فرنسا – خلال القرنين الماضيين ] قلت: القوم .. لم يستطيعون حتى أن يستحدثوا أسماً لثورتهم المشبوهة لأن هوى الافتتان بالغرب لم تذهب سكرته, وتُريدون منهم أن يقدموا لكم التطور و النهضة !!


( شُبُهات )


هل يحق لي أن نُعبر بمُصطلح التنوير: نعم, يحق لي ذلك إذا كُنت أعي ما هو هذا ( التنوير ) المَنشود, وكذا أتحقق من شخصية التنويري, (ولا يغُرَنَكَ أصحاب الِلحَى ) فمنهم المنتفع و آخر صاحبُ هوىً مفتون نسأل الله السلامة, وأخيراً: هل هو موافق للشريعة الإسلامية ؟


وكما هو معلوم أن مثل هذه المُصطلحات " البراقة " قد تُستخدم لتمرير الأفكار بنوعيها, الصحيحة و السقيمة.


يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله " في الفتاوى: [ أكثر اختلاف العقلاء من وجهة اشتراك الأسماء, وكثير من نزاع الناس في هذا الباب هو من جهة الألفاظ المُجملة, التي يفهم منها هذا معنى يثبته, ويفهم الآخر معنى ينفيه ].


( نقطة البُداءة مصر )


التنوير بدأ في مصر مع بَداءة أول يوم في الاحتلال الانجليزي, وإرسال البعَثَات إلى فرنسا, وقام بقيادة هذا المشروع:


( رفاعة الطهطاوي – محمد عبده – جمال الدين الأفَغَاني – قاسم أمين – سعد زغلول ) وهؤلاء من شرِ خلقِ الله, قاموا بعد أن عبثوا بالجامع الأزهر, من تغييرٍ للمناهجِ  و إدخال المقررات و التخصُصات الغير شرعية " أقصد علوم الشريعة " مثل القانون و الطب و الهندسة و الفلسفة, بقصد إخراج الطبيب المُسلم و المُهندس المُسلم وكأنَ الجامعات الآخر تُخرج الطبيب الكافر و المُهندس الكافر !! و المقصد الحقيقي هو: إضعاف المؤسسة الدينية القوية آنذاك, ولم يكتفوا بذلك ؟؟


إنما قاموا بتأنيث الجامع الأزهر, بحيث صارَ " جامِعتاً أزهرية " أنثوُهُ بعد أن كانَ مُذكراً,وهذا تماماً كما فعِل أهل أوروبا مع الكنيسة " أقصد من حيث أنطلق التنوير " لكن هؤلاء لا يقدِرون على هدم الأزهر, فيكفيهم أن يُضعِفُوه, صدق أو لا تصدق ؟ حتى إنهم باعوا رفات الموتى للإنجليز  " قاتل الله الاستطراد " !!


القصد, أنهم بعد عبثهم هذا, قاموا بإصدار الفتاوى بجواز الغناء و التمثيل وشُرب الخمر و فتح دور الموضة و إقامة المسارح التمثيلية, وقاموا بإنشاء دور للموسيقى وتعليمها و قاموا ببناء المتاحف وإحياء الروح الفرعونية بدلاً من الأخوة ( الإسلامية ) كل هذا باسم ( التنوير )

زعموا !!


وظلت " مصر " المسكينة منذُ ذلك الحين, وحتى يومِنا هذا وهي كما يقولون " مكانك سر " لا تقدم ولا تطور ولا نهضة عُمرانية ولا رُقي في الجانب البشري, لم نشاهد الصواريخ ( النووية ) ولا مراكز تطوير الطب للبشرية, لم نشاهد إلا السراب .


يقول يوسف النبهاني واصفاً تلك الأسماء التي ذكرتُها أنفاً في قصيدة طويلة تبلغ 553 بيت, وأذكر منها أبيتاً:


أولئك أنصار الضلال وحِزبُه   وإن قدرَ الرحمنُ منهم لنا نَصرا

فإياك أن تغتر منهم بفاجر       وإن أنت شاهدت من فعله الخيرا

فذلك شيء جاء ضد طباعهم   وقد فعلوا أضعاف أضعافهِ شرا

وكـم أيد الإسلامَ ربي بفاجـر     فنُهدِي له لا الفاجر الحمد والشكرا

أشدُ من الكـفـار فـيـنا نِكايـةً       وأعظمُ منهم في ديـانتـنـا ضَرا

من الكفـر ذو الإسلام يأخذ حِذرهُ   ومن هؤلاء القوم لا يأخذ الحِذرا


( حقيقة التنوير )


يقول أحدُ المُنحَرِفين العلمانيين وهو: الدكتور / عبدالرزاق عيد في كتابه " أزمة التنوير ": [ إن الخطاب التراثي المحدَث انكب يصفي الحساب مع كل قيم التنوير التي أنتجها الزمن النهضوي, من خلال تجريمه, وتأثيمه, وتخوينه, بوصفه زمناً استعمارياً, زمن التشوه الذاتي والغزو الثقافي, ونزعم أنه لم ينتج وعياً مطابقاً بزمنه, بل طرح إشكالات غريبة عن واقع المُجتمع العربي, حيث الهجانة, والإصلاحية, والقصور, وبلغ الأمر حد تخوين الإمام محمد عبده واتهامه بوطنيته ... ].

ويقول الآخر وهو الدكتور / عاطف العِراقي في كتابه " العقل و التنوير ": [ قد لا أكون مبالغاً إذن إذا قلت بأننا الأن في أمس الحاجة إلى السعي نحو التنوير الثقافي, التنوير الذي يقوم على تقديس العقل, والإيمان بأن الثقافة الخالدة, إنما هي الثقافة الإنسانية التي تتخطى حدود الزمان و المكان, وبحيث تتحرر من العادات و التقاليد الرجعية " يقصد القرآن و السُنة " وتنطلق ساعية إلى تحقيق سعادة الإنسان, بما تتضمن من آداب وعلوم وفنون سامية رفيعة, وعن طريق التنوير نستطيع إرساء نظام ثقافي عربي جديد.

إن أوروبا لم تتقدم إلا عن طريق السعي بكل قوتها وابتداء من عصر النهضة نحو تحقيق مبدأ التنوير " يقصد الثورة على الكنيسة " وبحيث وجدنا ثقافة أوروبية جديدة, تختلف غي أساسها ومنهجها عن ثقافة العصور الوسطى ].


( العقل والعلم في القرآن )


إن الإسلام دين ( علم وعقل ) قبل كل شيء: فهو قبل أن يُكلف أتباعه تحصيل أي غرض من أغراض الدنيا يُكلفهم بأن يكونوا عقلاء صحيحي الفَهم ثاقبي الفكر جيدي البصيرة, يتدبرون الأمور قبل الشروع فيها, ويُقَلبون وجوه الرأي في مواردها ومصادرها, و مباديها ومصايرها, فلا تقع إلا على مقتضي الحق و العدل والمصلحة والواجب, كما يُكلفهم أن يكونوا علماءَ عارفينَ بأسباب المصالح, وطرق المنافع, وواقفين على الحقائق الكونية, ملمين بتفاصيل التجارب العلمية التي اهتدى إليها البشر في سابق أدوارهم, ومُختلف أطوارهم مما يتعلق بتصحيح العقائد و العبادات والمعاملات, وترقية شأن الصناعات والتجارات, وتحسين سائر مقومات الحياة.


القرآن لما دعا الناس إلى الإسلام, وكلفهم قبول تعليمه و هدايته كان يُقيم ( العقل ) حكمًا بينه وبينهم, ويعجب من انصرافهم عنه, وإهمالهم له, وترك الاستضاءة بنوره, فكان يقول وهو يُحاجُهُم:{ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }.


ويقول ربنا: { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } ويقول: {  إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } ويقول: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ }.


و ( الأبصار و الألباب ): هي العقول, وقد تكرر { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } في القرآن بضع عشرة مره في صدد التوبيخ والتعجيب, وكفى بهذا مزية ومنقبة للعقل مذ جعل للدين أصلاً, ولمصالح الدُنيا عِماداً ... كذلك القرآن لم يغفل عن ( العلم ) فلقد رفعَ شأنه ونوهَ بمنزِلَتِه بما لم يسبقه إليه سابق من الكتب السماوية, فقد قال تعالى في كتابة:


{ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } بل إذا تدبرنا أول آيات القرآن نزولاًَ وجدناها تحض على العلم, وترفع من مكانة العلم, وهي قوله تعالى: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } , {  ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } فقد نوه سبحانهُ في الآيتين بشأن القلم و الكتابة, والعلم و التعلم هذا شان من شؤون الحياة ومصالح الدُنيا وهو أول ما فاجأ به القرآن البشر المُخاطبين, وأوقعه في آذهانهم.


( التقليد الأعمى )


ويأتي بعد هذا " شرذمة " مُفسدة مُشككة  تُريد أن تنقل المعركة بكل ملابساتها وظروفها إلى عالمنا الإسلامي, وخاصة دار التوحيد و مهبط الوحي وقبلة المُسلمين ( المملكة العربية السعودية ) لأنها هي في ظني دار التوحيد الباقية التي تُحَكم الشريعة الإسلامية, دون أن يفطن مُدعي ( التنوير ) إلى أن الإسلام ليس هو الكنيسة ولا عالمنا العربي هو أوروبا, ولا الحضارة الإسلامية هي الحضارة الأوروبية في عصورها المُظلمة, فليس الدين عندنا رافضاً للعلم, ولا مُحارباً للعقل, وهب أيها التنويري الجديد أنك أسقطتَ كمثال ( هيئة كبار العُلماء ) أتعتقد أنك أسقطتَ " العقيدة الإسلامية وتعاليمها " من قلوبنا !! لتعلم أيها التنويري: أن هُناك الملايين من العُلماء في عالمنا الإسلامي, كل مُسلم موحد " عالمُ " بالله ...


والسبب في هذا العبث: أن هؤلاء " أدعياء التنوير " بعيدونَ أشد البُعد عن القرآن و السُنة, ويأنفون مما ورد فيهما من تعاليم و أخبار, بحجة: الجُمود و تراثية النص, وكذا التشكيك فيهما حتى أصبح كل شيء في الشريعة الإسلامية مُعرض للشك, كقول بعض الفلاسفة:


[ إن كل شيء يقبل الشك حتى قولي هذا " إن كل شيء يقبل الشك " ] !! .. فلا عجبَ أن يكفروا بالله " تقليداً " للغرب, ولا أجِدُ أجمل مما قالهُ عبدالحق الأشبيلي في وضفِهِم:


لا يخدعنكَ عن دين الهُدى نَفَرُ   لم يُرزقوا في التماس الحق تأييدا


عميُ القُلوب غروا عن كل فائدة     لأنهم كـفروا بالله تـقلـيدا


لكن ولله الحمد و المنة هم " قليل " وهذه سُنة الله أن يجعل أهل الفساد قِله  و أهل الخير و الإصلاح هم الأكثرية, يقول ربنا في محكم التنزيل: { وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ }.


( الحدود و الحِمى )


يعتقد أدعياء ( التنوير ) أننا نُعارضهم إذا قالوا أوتكلموا في: العلم والفن والشهوة والغريزة والعاطعة والمرأة وحرية الفكر واستقلال الرأي ونبذ التقليد وكسر القيود إلى آخره وإلى آخرها .. فهذا كلهُ حسنُ مقبول سائغ في الورق إن كان مثلاً في ( مقالة) وحين ينحصر في حدوده, ولكنكم حين تُخرجُون هذا كله للحياة على أنه من قوتها الموجَبة ترده الحياة عليكم با لقوة السالبة, ونحن كذلك نرفضه ونرمي به في وجوهِكم ولا كرامة لكم عندنا, أيهُا التنويري العظيم: قف عندَ حدك ولا تتعدى الحِمى ...


( الإسلام و الغرب )


نحن والغرب قضية لم تنتهي ولن تنتهي إلا عند قيام الساعة, كُلما أردنا أن النُهُوض بأُمَتِنا الإسلامية, جاءَ هذا الغرب الصليبي الحاقد بعِدِهِ وعتاده, لينقضَ علينا, لِيُفِسِدَ أرضنا الطاهرة, و ليهدم ما أنجزناهُ من تطورٍ في العُمران أوتقدُم في العلوم الدنيوية !!لماذا .. لماذا أيُها الغربُ تعتدي على من ( درسكَ ) العلوم, وعلمك ما لم تعلم ؟ لماذا .. !


يقول القاضي / أوثر لايسي, وهو أيضاً عالم ومؤرخ أمريكي في خطاب ألقاه في مدينة "ديترويت " بأمريكا:[  أيُها العرب, إن اسبانيا العربية هي مدرسة أوروبا التي علمتها الأدب و الفلسفة والعلُوم, ومنكم تعلمنا القول بكروية الأرض, وشعِرُكم وآدابكم كانت منهلاً استقى عنه الأدباء الفرنسيين و الطليان والإنكليز, ومنه جاء دور البعث والتجديد إلى أوروبا ] ...


يقول العلامة / درابر الأمريكي: [ تأخذنا الدهشة أحياناً عند ما ننظر في كتب العرب, فنجد آراء كنا نعتقد أنها لم تولد إلا في زماننا, كالرأي الجديد في ترقي الكائنات العضوية, وتدرجها في كمال أنواعها, فإن هذا الرأي كان مما يُعَلمه العرب في مدارسهم, وكانوا يذهبون بهِ إلى أبعد مما ذهبنا, فكان عندهم عاما يشمل الكائنات العضوية و المعادن, والأصل الذي بنيت عليه الكيمياء عندهم هو ترقي المعادن في أشكالها ] وما ذكره درابر, لا علاقة له بنظرية التطور المُعاصرة "الداروينية " المُلحدة.


ويقول الفيلسوف الألماني / نيتشه " أحد عظماء أوروبا في القرن الماضي ": [ لقد حرمتنا المسيحية ميراث العبقرية القديمة, ثم حرمتنا بعد ذلك من الإسلام, فقد ديست بالأقدام تلك المدينة العظيمة, مدينة ( الأندلس ) المغربية, ولماذا ؟ لأنها نشأت من أصول رفيعة ومن غرائر شريفة, نعم .. من غرائر رجال, تلك المدينة لم تُنكر الحياة بل أجابتها بالإيجاب, وفتحت لها صدرها, وقد قاتل " الصليبيون " تلك المدينة, قاتلوها وكان أولى بهم إن " يسجدوا " لها على التراب ويعبدوها, وما مدنيتنا في هذا القرن التاسع عشر إلا فقيرة وانية بجانب " مدنية الإسلام " في ذلك الوقت ] ..


يقول هنري شامبون, وهو " فِرنسي ": [ لولا انتصار جيش ( شارل مارتل ) الهمجي, على تقدم العرب في فرنسا لما وقعت فرنسا في ظلمات القرون الوسطى, ونحن مدينون للشعوب العربية بكل محامد حضارتنا: في العلم والفنون والصناعة,ومع أننا نزعم اليوم أن لنا حق السيطرة على تلك الشعوب العريقة في الفضائل,وحسبها أنها كانت مثال الكمال البشري مدة ثمانية قرون بينما كُنا يومئذ مثال للهمجية,وإنه لكذب وافتراء ما ندعيه من أن الزمان قد اختلف,وأنهم صاروا يمثلون اليوم ما كنا نمثله نحن فيما مضى ].


( رؤية جديدة )


قد يقول أحد دُعاة ( التنوير ): أن الغرب تغير الأن فأصبح منفتح على الشرق, وأن بينهم معاملات و عهود ومواثيق, وهاهم أبناء العرب وأبناء المملكة العربية السعودية, يحرجون في بَعَثات ليتعلموا في جامعاتهم, ويتلقون العلوم, كغيرهم من الجنسيات الأخرى ؟

نقول: الغرب لا يتغير, من أحرق الكُتُب و المكتبات في ( الأندلس و الشام و العراق ) كيف يأتي الأن ويُعلم أبناء المُسلمين, تلك العلوم التي أحرقها, والتي هي أساس حضارتنا !!

ما يُسمى بالإبتعاث الأن, لم يأتي هكذا عبثاً ... إذاً كيف ؟


1-    من أهم وسائل التغريب و إضعاف الأمم هو الإبتعاث, وجمِعُنا يعرف قصة إمبراطور اليابان, عندما أعدمَ عدد من الطلبة والسبب: أنهم لم يأتوا بشيء من هذا الإبتعاث إلا بالأفكار الهدامة, ونبذ عادات و تقاليد الإمبراطورية !!


     2- إفلاس بعض جامعات الغرب, أو بمعنى أصح, توقف الدعم السخي من تلك الدول الغربية في دعم جامعاتها, بسبب الإقتصاد الرأسمالي, ولا مناص للخروج من هذا المأزِق, إلا بفتح باب قبول الطلاب الأجانب, بحجة نشر العلم في دول العالم الثالث و الدُول المُتخلفة.


هذه هي الحقيقة التي لا نُريد أن نعرفها .. ما السبب لا أدري, لكن الذي أعلمه أن الغرب لن يتوانى في يوم من الأيام كما كان يفعل في السابق " لان الجهال يعتقدون أن العِداءَ بيننا قد نشأ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 "  في إفساد أبناء و بنات المُسلمين, وكذا نشرُ العقائدِ والمُعتقدات الفاسدة, وكذا يقومون بتلفيق التُهم الباطلة بأبناء المُسلمين إن شاهدوا فيه ( النبوغ و الفلاح ) إما إنه:


إرهابياً أو يُشكُ فيه بأنهُ يدعم المُنظمات المُتشددة المُتطرفة " زعموا " ختاماً لا أقول أنه لا يوجد فائدة من الإبتعاث الخارجي وإنما ليست بالمرجوة.


( الإعلامُ المُختَطَف )


 الإعلام ( التنويري ) في تقاريره و تغطياته الإعلامية, يسلط الضوء دائما على نموذجة " التنويري " المُنحرف وفي أقل أحواله التافه, ويغفل أو يتغافل بِعمد عن تسليط الضوء على الجانب " التنويري " النافع, أذكر لكم مثالاً وبالأسماء أيضاً: عبده خال: كاتب روايات " المُجون و العُهر " يُصورُ للعالم أن الفتاة المُسلمة " السعُودية " عاهرة وتبحث عن الفجور ومع هذا كله يدعي أنه نصير للمرأة !! والعجيب أن المرأة تُدافع عنه وتقول له: أنتَ أنت ..


 روايته " ترمي بشرر " فازت بجائزة ( البوكر العالمية ) تسابق الإعلام ( التنويري ) الهابط ليكتب التقارير و يُحرر المقالات ويعمل اللقاءات الصوتية و المرئية " كل هذا " من أجل رواية ماجنة تافهة لم تزد في الإثراء العلمي شيئاً إن لم تكن قد محقت نوره, وظل الإعلام التنوير " لأسابيع " يُردد علينا هذا النجاح و التفوق الذي أنجزته " الرواية " وكاتبها, حتى ضاقت علينا الأرض بما رحبت, وبعدها ذهب كل شيء الرواية والمؤلف والتغطية الإعلامية, وبقينا نحن كما كُنا !!


الدكتور / عادل بن عمر المقرن: مُكتشف لقاح جديد يُساعد على إيقاف انتشار  أنواع من السرطان, تم عمل تغطية إعلامية هائلة لهذا الحدث, وعُملَ له الكثير والكثير من اللقاءات الصحفية و اللقاءات التلفزيونية و اللقاءات الإذاعية, لمدة طويلة فضلاً عن إعادة هذه اللقاءات من وقت لأخر, لكن هذا أين أترونه حدث, هل هو في الإعلام ( التنويري المحلي ) ؟


لا .. لقد أخطأتم أيها الأحباب حدث هذا في الإعلام الغربي: قناة ( سي بي اس ) وقناة ( القناة الرابعة الأمريكية الرسمية أس بي سي ) وغيرها من القنوات, فضلاً عن الصحف التي لا تُعد ولا تُحصى !!


هل وجدتم لصاحبكم الدكتور ( خبر ) يُذكر في الإعلام ( التنويري ) المحلي ؟ أنا متأسِفُ جداً على هذا السؤال, وأرجوا أن لا أكون قد أحرجتكم ..


( ما نغفل عنه )


يقول الشيخ/ محمد بن صالح المُنجد, في رسالته " الفهم الجديد للنصوص ": مدعو ( التنوير ) لدينا,لن تجدهم – جميعاً – يواجهون الإسلام " بصراحة " كما فعل قدواتهم في الغرب, لعلمهم بخطورة هذا وحساسيته,لذا لجأ معظمُهم إلى محاولة هدمه من الداخل, بفكرتهم الماكرة:


( تاريخية النص ) التي تُعطل نصوص " الكتاب و السُنة " وتُفرغها من محتواها الحقيقي و الوصول لهدفهم بهذا الالتفاف.


( الخاتمة )


تذكر أخي المُسلم: أن هُناك من يقوم بالكتابة قاصداً النُصح للأمة الإسلامية, وأن هُناك من يكتُب لحفنةُ من دولارات ... كُن على حذر


بسام بن عبدالله الهويمل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..