الأحد، 11 ديسمبر 2011

الجزيرة وقطر: امبراطورية الظلام للأخوان المسلمين

    شهدت قطر تواجدا مكثفاً للإخوان المسلمين وذلك منذ النصف الأخير للقرن العشرين. وصلت موجة الأخوان الأولى من مصر في عام 1954 بعد أن قضى عبد الناصر على تنظيمهم وأما الموجة الثانية فقد قدمت من سوريا في سنة 1982 بعد أن قام حافظ الأسد بتفجير معقلهم في الحمّة وأما المجموعة الأخيرة فوصلت في أعقاب أحداث 11 سبتمبر قادمة من المملكة العربية السعودية.
في سنة 1995، قام أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة الثاني بتنحية والده عن الحكم في انقلاب أبيض وقد كانت من ضمن أولى خطوات الأمير الجديد، إنشاء قناة الجزيرة في سنة 1996 وهي المحطة الفضائية التي تحظى بأكبر نسبة مشاهدة في العالم العربي حيث يقدر عدد متابعي القناة بحوالي 60 مليون مشاهد.
لم يكن هناك يوماً أي شك حول التوجه السياسي لهذه الشبكة التلفزيونية فقد قامت الجزيرة بشن انتقادات لاذعة ومباشرة ضد إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية واستمرت ببثها التحريضي ضد الولايات المتحدة في فترة الصراع في أفغانستان والعراق. اتضح لاحقاً أن المحطة مرتبطة بعلاقة مع بن لادن حيث أنها كانت هي الوسيط الإعلامي المُختار الذي قام ببثّ الأشرطة المرئية والصوتية من تسجيلات بن لادن ورجاله.
خلال الحرب الأمريكية على العراق، اتهم الأمريكيون المحطة بأنها مناصرة لصدام وبعد الحرب بأنها تقوم بعرض الجماعات الإرهابية الفاعلة في الدولة لجمهور المشاهدين بصورة إيجابية كما لوحظَ دائماً أن أحد مراسليها في بغداد كان بصورة مريبة أسرع من يصل الى أماكن وقوع الهجمات الإرهابية وهو مزود بكاميرا تصوير. أثناء الحرب اللبنانية الثانية في سنة 2006، عملت الجزيرة وكأنها الناطقة بلسان حزب الله. خلال الحرب في غزة، شدّ الانتباه مراسلٌ بارزٌ للجزيرة والذي تواجد بشكل دائم في مستشفى الشفاء وقام ببثّ متواصل لسلسلة من المشاهد والصور المرعبة والتي تم اختيارها بإمعان.
كتب المفكر المصري مأمون الفندي في صحيفة الشرق الأوسط يقول بأن حوالي 50 بالمائة من طاقم الجزيرة ينتمون إلى جماعة الأخوان المسلمين حيث أنه يعتقد بأن قطر قد استوعبت الصيغة المثلى لمواصلة المناورة والردّ الانتقامي في تعاملها مع الزعماء والقادة العرب ومع هجمات الأصوليين المسلمين وذلك من خلال احتضانها لجماعة الإخوان المسلمين من جهة واستضافتها للقواعد العسكرية الأمريكية. لقد أصبحت الجزيرة سلاحاً في جعبة أمير طموح قد يكون منساقاً وراء الإخوان المسلمين والذي يهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط بكاملها.
في الوقت الذي تقترب جماعة الأخوان المسلمين من إيران التي تقوم بالهجومات المتكررة على الأنظمة العربية السُّنية والتحريض ضدها فإن الجزيرة تعتبر أداة هامة بالنسبة لطهران ومساعيها للعمل على ضرب الاستقرار الداخلي لتلك الأنظمة وتقويضها.
----------------------------------------------
هل من المحتمل أن تخضع كل من قطر وقناة الجزيرة الفضائية المتواجدة على أراضيها إلى المناورة السرية من قبل جماعة الأخوان المسلمين؟ هذا سؤال عادة ما يطرحه الإعلام العربي الذي يسعى إلى فهم الصورة رفيعة المستوى والتي تبناها حاكم تلك الدولة الصحراوية الصغيرة والمحتويات الإسلامية الأصولية والقومية للقناة التي يمتلكها.
قطر تعرض اللجوء السياسي للمسلمين الأصوليين الفارين
إن حقيقة الوجود الملحوظ لجماعة الأخوان المسلمين في قطر منذ النصف الأخير للقرن العشرين هو أمر لا جدال عليه. لقد قدموا على مرّ ثلاثة موجات متعاقبة بحثاً عن اللجوء السياسي هرباً من غضب حكام دولهم الرامي إلى القضاء على أنشطتهم الهدّامة. أتت الموجة الأولى سنة 1954، من مصر عندما دمّر عبد الناصر منظمة الأخوان المسلمين محولاً إياها إلى منظمة غير مشروعة بعد أن زجّ عشرات الآلاف من عناصرها إلى السجون وقام بإعدام بعض زعمائها. كان ذلك رداً منه على محاولة اغتياله الفاشلة. لم يستوطن اللاجئون في قطر وحدها إنما في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية (المملكة العربية السعودية وإمارات أخرى).
جاءت الموجة الثانية في سنوات الثمانينات ? من سوريا ففي سنة 1982، قام حافظ الأسد الذي اعتبر أن النشاطات التي يقوم بها الأخوان المسلمون تُعرض نظامه إلى الخطر بالقضاء عليهم بعد أن أوعز لجيشه بتفجير مدينة الحمّة التي تعتبر معقلهم وقد لقيَ ما بين خمسة عشر إلى عشرين ألف شخص حتفهم.
جاءت المجموعة الأخيرة الى قطر بعد 11 أيلول سنة 2001 ? قادمة من المملكة العربية السعودية حيث انضم الأخوان الذين استقروا هناك بعد هروبهم من مصر وسوريا، إلى التيار الديني الوهّابي من أجل العمل على تطوير الإسلام الأصولي وتصديره إلى الغرب. حين كشف النقاب عن ان غالبية الإرهابيين الذين شاركوا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر أتوا من المملكة العربية السعودية عندها أدركت العائلة المالكة أخيراً بأن التجاذب بين الأخوان المسلمين والتيار الوهابي وهو احد التيارات المتطرفة في الإسلام هو تجاذب خطير قد يهدد استقرار الدولة لذلك قام السعوديون بطرد الأخوان سراً من الدولة وعدد منهم توجهوا بدورهم إلى قطر التي استقبلتهم بحفاوة. لقد كان تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن والذي نشأ وترعرع في السعودية ثمرة هذا التجارب غير المقدس.
في سنة 1999، وجدت جماعة أخرى طريقها إلى قطر وهم زعماء حماس برئاسة خالد مشعل وذلك بعد أن طردوا من الأردن. على أي حال، فإن حماس وهي فرع من جماعة الأخوان المسلمين والموجودة في داخل المناطق الفلسطينية. بعد العديد من المداولات السرية، أدرك حاكم قطر أنه ليس من مصلحته أن يسمح لحماس باستخدام بلاده كمقر لها لأن ذلك سوف يسلط الضوء على تواجد الأخوان هناك. فقد اكتفى مشعل ورجاله بإقامة مكتب صغير في قطر وانتقلوا إلى سوريا ومن هناك قاموا بالتخطيط للهجمات ضد إسرائيل بدعم كامل من هذه الدولة ومن إيران.
تأثير جماعة الإخوان المسلمين على قطر
لقد عُرف الأخوان بتأثيرهم الكبير على المجتمع البدوي المحافظ في قطر الذي لم يتعدى أفراده في سنوات الخمسينات عشرات الآلاف نسمة. شرح الفيلسوف الكويتي المعروف عبد الله النفيسي في مقالة كتبها في سنة 2007 قائلا بأن حاكم قطر في ذلك الوقت، علي بن عبد الله آلثاني كان منبهراً جدا بتقيّهم وبأخلاقهم لدرجة أنه وثق بهم وسمح لهم بالقيام بعدد كبير من النشاطات الدينية والثقافية. لقد تراجع الأخوان عن تأسيس تنظيم خاص بهم من أجل الحفاظ على بروفيل منخفض ? وربما من أجل تفادي الذراع المترامية لعبد الناصر في مصر. لقد عملوا في الغالب بشكل انفرادي كواعظين ومستشارين دينيين حيث تمكنوا بهذا الشكل من التسلل إلى أروقة الحكم فقد ساهموا في تأسيس وزارة التربية والتعليم وكذلك معهد الدراسات الدينية وهما مؤسسات لم تكونا متوفرتين في قطر.

إن المعتقدات التي كان يعلمها الأخوان هي في الأصل تعاليم مؤسس الحركة حسن البنا وسيد قُطب، عالمها الكبير. لقد تأسست حركت الإخوان المسلمين الأصولية في سنة 1928، في مصر لكنهم اعتقدوا بأنهم يمتلكون رسالة تتمثل في جلب النور إلى العالم أجمع وإعادة مؤسسة الخلافة وهي الإمبراطورية الإسلامية التي تتبع أحكام الشريعة الإسلامية. ضمن أولى خطواتها استهدفت المنظمة الدول الإسلامية لكنها كانت تسعى الى الانتشار في جميع أنحاء العالم. في الواقع، أقامت الحركة فروع لها في معظم الدول العربية منذ سنوات الـ 1940.
تأسست في كل من شرقي الأردن وفي فلسطين التى كانت موجودة تحت الإنتداب البريطاني فروع للحركة وذلك في سنة 1946 من قبل سعيد رمضان وهو أحد زعماء الحركة آنذاك والذي تزوج من ابنة حسن البنا. تلقى أولاده هاني وطارق تعليمهما في سويسرا وهما يعتبران اليوم "السفراء" الرّواد للإخوان المسلمين في أوروبا. اغتيل حسن البنا في سنة 1949- أغلب الظن أن هذا الاغتيال كان بأمر من الملك فاروق، ملك مصر وذلك بعد ان قامت عناصر من التنظيم السري للإخوان باغتيال اثنين من رؤساء لحكومة وعدد من القُضاة من أجل إغراق الدولة في فوضى سياسية، الأمر الذي كان سيمكن الأخوان المسلمين من الاستيلاء على مقاليد الحكم. لقد أفتى سيد قطب بجواز استخدام القوة من أجل الإطاحة بأنظمة الحكم وتمكين سيطرة النظام الإسلامي. بالرغم من أنه تم إعدامه على يد عبد الناصر لكن نظرياته لا تزال تعتبر القاعدة الدينية لجميع المنظمات الاسلامية المتطرفة الموجودة اليوم بما فيها تنظيم القاعدة.
حاكم طموح يثير انقلاباً في القصر الملكي
ازداد تأثير الأخوان في قطر عندما قام الأمير الحالي، الشيخ حمد بن خليفة آلثاني بالإطاحة بوالده في انقلاب أبيض شهده القصر الملكي في سنة 1995 (لقد اتصل بالشيخ العجوز الذي كان يقضي عطلته في سويسرا وطلب منه أن يقوم بتمديد إجازته في سويسرا). مسلحاً بطموحه الأرعن، يسعى الحاكم الجديد إلى جلب الأمجاد إلى دولته.
من ضمن خطواته الأولى، قام حاكم الإمارات في سنة 1996، بتأسيس قناة الجزيرة الفضائية وفي نفس الوقت أغلق وزارة الإعلام وألغى الرقابة. كما أنه أسس مجلس الشورى وهو الصيغة الإسلامية للبرلمان الاستشاري ولكن بدون سلطة فعلية. إضافة إلى ذلك، منح النساء الحق في الاقتراع لبعض المؤسسات السياسية المحدودة التي أقامها. كان يسعى من خلال هذه الخطوات إلى أن يظهر للعالم أنه منفتح وديمواقراطي أيضاً. على أي حال، من الصعب على أي شخص في العالم العربي التصديق بأن الأمير الذي يتمتع بالسلطة المطلقة سيوافق حقاً على تبني التحرر الحقيقي. لا يزال حمد بن خليفة يحكم البلاد وحده كما أنه قام بتعيين ابن عم بعيد وهو الشيخ حمد بن بن ثامير آلثاني كرئيس مجلس الجزيرة من أجل مراقبة أنشطتها المختلفة.
أصبحت قطر مركزاً للنشاط السياسي حيث تُعقد عشرات المؤتمرات المهمة في العاصمة الدوحة. تشمل القائمة الجزئية منظمة التجارة العالمية، 2001، الألعاب الأولمبية الآسيوية، 2006، الدائرة المستديرة للسنة والشيعة، 2007 والمؤتمر العربي الأول لحقوق الانسان، 2008. في حزيران 2008 شهدت الدوحة المفاوضات بين حزب الله وبين ممثلي ائتلاف الأغلبية في البرلمان اللبناني والتي تمخضت عنها "اتفاقية الدوحة" والتي مهدت الطريق أمام حكومة الوحدة الوطنية مع حزب الله والذي حصل على حق الفيتو على جميع القرارات.
ما كان بالإمكان عمل ذلك لولا الضغط الشديد الذي مورسَ لصالح حزب الله من قبل كل من سوريا ولبنان. لقد ألقى تدخلهم الضوء على التقارب بين أمير قطر وبين المعسكر الاسلامي المتطرف في العالم العربي. لم تكن هذه مفاجأة على الاطلاق. لقد أذهل الأمير بل وأحرج أعضاء آخرين في مجلس التعاون الخليجي في 2007 حين قام بدعوة الرئيس الايراني أحمدي نجاد، لحضور قمتهم السنوية دون استشارتهم وسماع رأيهم وأيضاً بخلاف القوانين لأنه لا يسمح إلا للدول العربية بالمشاركة.
في كانون ثاني 2009، لقد قام بعقد اجتماع للزعماء العرب من أجل التباحث حول قضية الحرب في غزة. بالرغم من عدم نجاحه في الحصول على النصاب المطلوب مع ذلك فقد عقد الاجتماع والذي حضره كل من أحمدي نجاد وقادة حماس (الذين لم تتم دعوتهم من قبل لحضور مناسبات بين الدول العربية). لقد طالب الاجتماع كافة الدول العربية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وإلغاء مبادرة السلام العربية. رفضت كل من مصر والمملكة العربية السعودية هذه القرارات كما اعتبرتها جامعة الدول العربية قرارات باطلة!
على أي حال، قام الأمير بإغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي الذي افتتحه في قطر بعد اتفاقية أوسلو.

في آذار 2009، قبل انعقاد القمة العربية السنوية في الدوحة، تمكن حاكم قطر من التوسط بين الحكومة السودانية وبين احدى منظمات المتمردين في دارفور ومن التوصل إلى صيغة اتفاق. كان الهدف من تصريح النوايا الحسنة من جانب الرئيس السوداني عمر البشير في محاولة منه لتحقيق المصالحة والتوصل إلى تسوية في قضية دارفور هو إقناع الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية بإلغاء أمر المحكمة القاضي باعتقاله بتهمة قيامه بإبادة شعب. لقد باءت المحاولة بالفشل وبقي أمر المحكمة نافذاً غير أن هذا لم يمنع الأمير من القيام بدعوة الرئيس السوداني لاحقاً لحضور القمة ضارباً بذلك قرارات المجتمع الدولي عرض الحائط. كما كشف الرئيس السوداني في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة الجزيرة بأن الأمير عرض عليه عقد القمة العربية في الخرطوم كبادرة حُسن نية وتعاطف غير أنه رفض الاقتراح.
لم يحضر الرئيس مبارك مؤتمر القمة كما أن مبعوثه طالب الدول العربية بالتصدي للتدخل الايراني في شؤونهم الداخلية؛ وشنّ هجمة ضد الجزيرة التي اتهمها بتحريض الجماهير العربية ضد حكامها كما أنها تهدد استقرارهم. ساهم ذلك في كشف النقاب عن الانقسام الداخلي في العالم العربي ما بين المعسكر المتطرف الذي تتمسك به قطر وبين المعسكر الواقعي الذي تتزعمه كل من مصر والسعودية.

مظلة عسكرية أمريكية
على أي حال، تستضيف قطر في نفس الوقت عددا من المنشآت العسكرية الأمريكية والتي كانت من قبل في السعودية بعد أن شعرت الأخيرة بأنها مضطرة لطلب المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية في محاربة موجة الارهاب الداخلية من خلال إخراج جنودها في الفترة التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر. توجد اليوم ثلاث قواعد عسكرية أمريكية في قطر ومن ضمنها العُديد التي تقع على بعد بضع كيلومترات جنوبي الدوحة وهي واحدة من أكبر القواعد المسلحة الجوية الأمريكية الواقعة خارج الولايات المتحدة. كما انطلقت منها حرب العراق في سنة 2003. تم بث البيانات والمؤتمرات الصحافية للجيش الأمريكي خلال فترة الحرب من قاعدة أخرى هي السيلية.
واثق من دعم أمريكا وحمايتها له بسبب القواعد العسكرية ومستمتع بهالة الاعتدال وسعيه نحو السلام من خلال تواجد المكتب التجاري الإسرائيلي (حتى كانون ثاني 2009)، فقد لعب الأمير مفرط النشاط دوراً رئيسياً في الساحة العربية وتمكن من الاقتراب أكثر من المعسكر المتطرف بدون أن يثير أي جلبة أو اعتراض.
في الوقت الذي اعتبر فيه الكثير من المعلقين بأن قطر أصبحت قوة سياسية هامة لا بدّ من أخذها بعين الاعتبار على حساب التأثير المصري والسعودي الآخذ بالتضاؤل إلا أن هذا مجرد أوهام إذ أن قطر ليست سوى دولة صغيرة يسكنها البدو، دون أي تاريخ يُذكَر وبدون اقتصاد متطور وبدون جيش أيضاً. صحيح أنها تملك عائدات مُشرّفة من تصدير الغاز الطبيعي لكونها الدولة التي تمتلك ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم وهذا يمنحها السُبل لمزاولة نشاطاتها المكثفة. على أي حال فإن هذا وحده ليس كافياً لتمكينها من شغل دور الوسيطة في قضايا جدية تشغل بال العالم العربي مثل قضية العراق ولبنان، الفلسطينيين وايران.
الجزيرة ? عصر جديد للإعلام العربي
هنا يأتي دور الجزيرة فقد جلبت هذه القناة الفضائية ذات التأثير الواسع لقطر كل ما تحتاجه من أجل لعب دور هام إذ يمكن اليوم تغيير الواقع بمساعدة الإعلام. ان الاعتقاد الدارج هو أن إنشاء القناة الفضائية في الدوحة سنة 1996، كان بمثابة علامة على مولد عهد جديد في العالم العربي. قام الأمير بتجنيد طاقم يجيد اللغتين العربية والانجليزية معظمهم عاملون سابقين في قناة البي بي سي العربية التي لم تفلح إعلامياً. خلال وقت قصير، بدأت القناة ببث الأخبار والتعليقات بصورة دائمة 24 ساعة. في غضون بضع سنوات، حازت الجزيرة على دور إعلامي رائد في عالم الاتصالات العربية فهي اليوم إمبراطورية كبيرة تشمل قناة أخبار باللغة الانجليزية، قناة رياضية، قناة أفلام وثائقية، وقناة للأطفال. يمكن مشاهدة بث الجزيرة عبر الهواتف النقالة وكذلك عبر موقعها على شبكة الانترنت الذي يتم تحديثه باستمرار بآخر المستجدات والأخبار من جميع أنحاء العالم وأما آخر مساعي تلك القناة فهي محطة راديو تذاع في جميع أنحاء الوطن العربي.
لم يكن هناك أي شك إزاء التوجهات السياسية للقناة فطالما شنت الجزيرة حملاتها التحريضية ضد اسرائيل إبان الانتفاضة الثانية وانخرطت في إرسالها التحريضي ضد الولايات المتحدة أثناء الصراع في أفغانستان ولاحقاً في العراق أيضا. لقد استقبلت بحفاوة من قبل الجمهور العربي في الشرق الأوسط ومن قبل الجاليات العربية في أوروبا. بدت تقاريرها أمينة وصادقة ومُستقاة من قلب الواقع العربي في الدول العربية كما أنها احتضنت جدالات مثيرة حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي ومنها جدالات ومواضيع لم تُطرح من قبل على الشاشة الصغيرة كما اعتمدت القناة أسلوب المواجهة من خلال الحلقات التي استضافت رجال سياسة، ومن ضمنهم رؤساء دول، صحافيين، أكاديميين ورجال دين يمثلون التيار المحافظ والذين تمت مواجهتهم مع مفكرين شجعة يمثلون براعم الفكر التحرري والذين لم يخشوا من التحدث والتعبير عن آرائهم علناً. تتناول احدى أكثر البرامج استفزازاً على شبكة الجزيرة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والإسلام الأصولي. على الرغم من أنه يتم التعبير عن بعض الآراء التقدمية والمتحررة من خلال تلك البرامج غير أنها كثيرا ما تقابل بالمداخلات من جانب مدير الحلقة الذي عادة ما يدافع عن الآراء الاسلامية المتطرفة ولا يتردد في تحدي المتحدثين المشاركين.
لا داعي للإشارة بأن الزعماء العرب لا يحبون انتقادهم ويعتبرون هذه البرامج وهذا البث تهديداً ضد استقرار أنظمتهم. بعض الدول العربية مثل الجزائر والمملكة العربية السعودية لم تسمح للجزيرة بفتح مكاتب لها على أراضيها؛ وأما البعض الآخر ممن سمحوا بذلك في بداية الأمر قاموا بإغلاق تلك المكاتب لاحقاً ومن بين تلك الدول العراق، الكويت، البحرين والسلطة الفلسطينية، غير أن هذا لم يطل كثيرا لأنها أدركت أن إغلاق مكاتب الشبكة لم يؤثر في شيء ولم يساهم في تغيير محتويات ومضامين البث، ففي السعودية التي كانت بعلاقات سيئة مع قطر تم اتخاذ خطوات رادعة جدية من خلال عدم السماح للقناة ببث الدعايات والإعلانات وبما أنها أكبر سوق في المنطقة فإن هذا يحول دون حصول الجزيرة الى الاستقلال المادي الذي تصبو إليه كما أطلقت السعودية قناة فضائية خاصة بها أطلقت عليه اسم العربية. بالرغم من التطور السريع الذي شهدته قناة العربية الفضائية إلا أنها لم تتغلب على شعبية الجزيرة والتي لا تزال المتربعة على قلب المشاهد العربي وتحظى بجمهور يصل تعداده إلى 60 مليون مشاهد. حذت بعض الدول العربية الأخرى حذو السعودية وأطلقت قنوات فضائية خاصة بها وبالرغم من ان تلك الدول أفسحت المجال للرقابة وقللت من التدخل الحكومي في شؤون القنوات الفضائية الا أنها لم تتمكن من منافسة الجزيرة التي حافظت على مستوى رفيع من التقارير التي شملت جميع المشاكل التي تنهش نسيج المجتمع العربي ومن خلال بثها للبرامج الدينية، تسعى الجزيرة إلى تعزيز أسلوب الحياة بنهج إسلامي وإلى تنمية القومية العربية.
أكبر قناة فضائية في العالم العربي تعتمد نهجاً معادياً للغرب
من جانبها، أنشأت الولايات المتحدة قناة عربية وهي قناة "الحرة" التي بدأت إرسالها في شباط 2004 وكان الهدف من إقامتها مواجهة التوجهات المعادية للغرب والتي تعتمدها قناة الجزيرة ومواجهة دعم الجزيرة للقوى القومية الأصولية في العالم العربي ومن ضمنها المنظمات الارهابية الأصولية. في أثناء الحملة الأمريكية في أفغانستان، قامت القناة القطرية بتشجيع الطالبان وتحريضهم ضد الغرب وقد اتضح لاحقاً ان علاقة قوية تربط القناة ببن لادن الذي تمت مقابلته من قبل أحد مراسليها البارزين. عند احتلال أفغانستان، كانت الجزيرة وسيلة عرض الأشرطة الصوتية وأشرطة الفيديو لبن لادن ورجاله وما زالت تنثها حتى اليوم. خلال الحرب الأمريكية في العراق، اتهم الأمريكيون القناة بأنها مناصرة لصدام وبعد الحرب اتهمت القناة بأنها تعرض الجماعة الارهابية العاملة في الدولة بصورة ايجابية. كما ذكر أيضا بأن أحد مراسلي القناة المقيمين في بغداد كان أول من يصل أماكن وقوع الأحداث الإرهابية مزودا بكاميرا ومعدات تصوير. الأمر الذي دفع القوات الأمريكية إلى قصف مكاتب الجزيرة في بغداد وفي كابول. شبكات الكوابل في الولايات المتحدة وكندا غير متحمسة عادة لنقل بث الجزيرة وأما في أوروبا فقد اتهم مراسل الجزيرة المقيم في مدريد بعلاقته بالقاعدة.
إن موضوع الدين هو موضوع رئيسي بالنسبة للقناة والتي تواظب على بث برنامج ديني أسبوعي باسم "الشريعة والحياة" الذي يقدمه المفكر والعلاّمة الإسلامي المنتمي للإخوان المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي الذي جاء الى الدوحة قادما من مصر خلال الموجة الأولى في سنوات الخمسينات. يعتبر القرضاوي اليوم الصوت المؤثر والمعبر عن التيار السني في الاسلام. برنامجه موجه بشكل عام للعلماء وهم معلمو الشريعة في العالم العربي وفي الدول الإسلامية وكذلك في الجاليات الاسلامية المتواجدة في الغرب. لقد انشأ القرضاوي مؤسستين هامتين هما الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمجلس الأوروبي للفتوى والبحوث. يسعى المجلس الى مساعدة الأقليات المسلمة في الغرب في المحافظة على تمسكهم بديانتهم في بيئة غير مسلمة أو ما يسمى بدار الحرب.
غالباً ما تتسم تعاليم القرضاوي التي يطرحها من خلال المجلس بالاعتدال النسبي أو بالوسطية كما يسميها كما أنها تسعى إلى تمكين المؤمنين من العيش حياة طبيعية دون صراعات مع المجتمع الغربي المتحرر الذي يعيشون فيه. على سبيل المثال، لا يمنع القرضاوي المسلمين الأمريكيين من الالتحاق في صفوف الجيش الأمريكي ومحاربة أخوانهم المسلمين في العراق. ان الهدف الرئيسي لبرنامجه هو الحفاظ على الهوية الاسلامية إلى حين يصبح المسلمون أقوياء ويتمكنوا من الاستيلاء على دولهم بالسبل الديموقراطية أو بقوة الذراع.
يمكن لمس مدى كره القرضاوي للغرب من خلال بعض تعاليمه وأحكامه. فقد امتدح التفجيرات الانتحارية ضد الأمريكيين في العراق وضد الأهداف الإسرائيلية من الرجال والنساء والأطفال وذلك من خلال إحدى الخطب الدينية التي ألقاها القرضاوي في كانون ثاني 2009 والتي بثتها قناة الجزيرة وقام مركز ميمري بترجمتها فقد تلخصت أقوال الخطيب الملتهبة عن اليهود بما يلي: يا رب خُذ أعدائك، أعداء الإسلام، الخونة والمعتدون الغاشمون. يا ربّ خُذ هؤلاء الفاسدين، الدّهاة والمتعنتين... يا ربّ خُذ هذا الشعب الغاصب، خذ اليهود الصهاينة. يا ربّ لا تبق أحداً منهم. يا ربّ عُدّهم حتى آخر واحد منهم واقض عليهم حتى آخر واحد منهم".
قد تكون المنصة التي منحتها الجزيرة للشيخ القرضاوي السبب وراء مكانته المتفوقة والمتميزة في عالم الإسلام السني الذي يشكل حوالي 85% من جميع المسلمين.
صوت الأخوان المسلمين؟
ان التزايد السريع في شعبية القناة دفع العديد من المعلقين والسياسيين في العالم العربي إلى التساؤل من أو ما الذي يقف وراء ما يبدو أهدافها الرئيسية: دفع التحريض ضد الأنظمة العربية من خلال كشف فساد زعمائها وحاشياتهم وفي نفس الوقت تشجيع القومية العربية الرديكالية ضد إسرائيل والولايات المتحدة وامتداح القيم المحافظة وأحياناً المتطرفة في الاسلام. لم يكن من الصعب التوصل إلى أن الأخوان المسلمين هم من يقف وراء ذلك.
هذه الفرضية تدعمها بعض الحقائق إذ أن المدير العام لشبكة الجزيرة، وضاح خنفر، كان عضواً في المنظمة في الأردن حيث تم اعتقاله هناك وهو اليوم أكبر مستشاري الأمير. كما أن الشيخ القرضاوي هو من أفراد الحلقة المقربة من الأمير ومن المعروف أنه يعمل مع خنفر بشكل مقرب. كلاهما يدعمان حماس. تمكن الباحثون العرب من كشف النقاب عن المزيد من الأخوان المسلمين الذين يعملون في صفوف الجزيرة مع ذلك يعتقد أن هناك المزيد منهم. الاعتقاد الدارج هو أن الشيخ القرضاوي هو مجرد قطرة من غيث. في مقالة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية اليومية الصادرة في سنة 2003، كتب مأمون فندي، المفكّر المصري المتحرر الشهير والذي يعيش اليوم في الولايات المتحدة بأن أكثر من 50% من طاقم العاملين في الشبكة ينتمون إلى الأخوان المسلمين. كما أضاف بان تأثيرهم في قطر آخذ بالازدياد سواء في داخل الشبكة وسواء في الأوساط الحكومية وقد أفاد بأن منظمة الأخوان المسلمين كانت تعتزم عقد اجتماعها السنوي في العام 2003 في قطر غير أنهم اضطروا إلى استبعاد فكرتهم هذه بعد افتضاحها. عادة ما يعقد الخوان اجتماعاتهم ومؤتمراتهم في عواصم أوربية بعيدا عن أعين الدول العربية وتحظى بالتعتيم والسرية التامة.
يعتقد مأمون الفندي بأن قطر قد حققت الصيغة المثالية لمحاربة المشاعر الانتقامية للزعماء العرب وذلك من خلال احتضانها للقواعد العسكرية الأميركية من جهة ومن خلال احتضانها لمنظمة الأخوان المسلمين، المنظمة الأصولية المعروفة في العالم العربي والتي تحظى بقاعدة شعبية عريضة. الأمر الذي يمكنها أيضا من تفادي أي انتقادات أو هجمات سواء من جانب الزعماء العرب أو من جانب المنظمات الإسلامية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم القاعدة.
بعد فشل الدول العربية في كبح جماح الشبكة وترويض مراسليها وتقاريرها من خلال التهديد والترهيب وممارسة الضغوطات الدبلوماسية وإغلاق مكاتب الشبكة فقد تكاتفت الدول العربية من خلال جهود مشتركة لكسر شوكة الجزيرة، ففي شباط 2008، عقدت المملكة العربية السعودية ومصر اجتماعا استثنائياً لوزراء الاعلام في جميع الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية. كان الهدف من الاجتماع وضع سلسلة من القيود على جميع القنوات الفضائية في العالم العربي. شملت القواعد المقترحة والتي كان من المفترض أن يتم تطبيقها في كافة الدول العربية الحظر الشامل على التعرض لزعماء وحكام الدولة أو تجريحهم او التهكم والمسّ برموزها الدينية والقومية. خرق القواعد سيمكن سلطات الدولة أن تقوم بتجميد او إلغاء تصريح العمل الممنوح للشبكة المنتهكة. كما أن القوانين تمكن النظام من وقف ارسال أي محطة دون الحاجة إلى الحصول على أمر محكمة. على أي حال، رفضت قطر ولبنان تبني الاتفاق الذي لم يرَ النور. لذلك لا تزال الجزيرة خطراً يهدد الأنظمة العربية.
حرب إعلامية شاملة ضد إسرائيل
تقود الجزيرة حرباً إعلامية شاملة ضد إسرائيل والتي لا مكان فيها في المهنة الحافية والتقرير الصادق. إن الهدف من وراء ذلك هو دفع جميع العرب على دعم الفلسطينيين أكثر فأكثر وتحديداً دعم حماس والتي تعتبر على أي حال تياراً فلسطينياً منتمياً إلى الأخوان المسلمين. لم تؤلِ الشبكة المتلفزة جهداً من أجل إظهار الفلسطينيين على أنهم دائماً الضحايا الأساسيين إذ عادة ما يُستقبل زعماء حماس بحفاوة منقطعة النظير من قبل المعلقين وعرفاء الحلقات كما يتم منحهم زمناً أطول على الهواء مقابل الإجحاف في هذا السياق مع السلطة الفلسطينية وهي حقيقة استنكرها ياسر عرفات نفسه وسعى دون جدوى إلى تغييرها.
في حرب لبنان الثانية في سنة 2006، تصرفت الجزيرة على أنها الناطق الرسمي لحزب الله اللبناني في جميع الأوقات فقد قامت ببث جميع بيانات الحزب دون استثناء ودون فحصها إلى جانب صور مأخوذة عن القناة الفضائية لحزب الله، قناة المنار التي كانت تتعمد تشويه الحقائق وتفرط في تهويل حجم الأضرار الفعلي. لم تأخذ القناة بعين الاعتبار ولو للحظة ما تقوله إسرائيل حول الوضع الميداني.
خلال حرب غزة، قام مراسل بارز في الجزيرة والذي تواجد بشكل ثابت في مستشفى الشفاء ببث متواصل لصور مريعة ومخيفة مختارة بعناية والتي تم قبولها دون أي تحفظ وتم استخدامها لإظهار ما تم تعريفه على انه القتل المتواصل للمدنيين وخاصة الأطفال منهم.
كما لم يتوانى ممثلو الشبكة في تماديهم حين احتفلوا بعيد ميلاد الارهابي سمير القنطار لدى عودته إلى لبنان بعد أن أفرجت عنه إسرائيل في سنة 2008 وقامت بنقل وقائع هذه الاحتفال ببث حي ومباشر.

لا يزال التحريض مستمرا حتى اليوم ضد اسرائيل. في الوقت الذي يحظى فيه مُراسلو الشبكة العاملين في اسرائيل بكافة الحقوق المقدمة للشبكات الأجنبية، لا يتوانى المُعلقون من الدوحة عن طرح الأسئلة الملغومة التي يوجهونها لضيوفهم العرب مثل: لماذا لا تفعل الدول العربية شيئاً إزاء المذابح الاسرائيلية؟ أو "لماذا لا تطالبون الدول العربية والعالم الإسلامي بالتظاهر ومعاقبة إسرائيل؟"
الجزيرة: خطر يهدد الاستقرار الإقليمي
لقد أفلتت الجزيرة من جميع المحاولات الرامية إلى ترويضها كما أن تقاريرها وإرسالها لا تحترم أي حدود. في مصر وفي أعقاب الكشف عن مؤامرة حزب الله داخل الدولة، قام الإعلام المصري بضمّ قطر وشبكتها الاعلامية إلى محور الشر الإيراني مع كل من سوريا وحزب الله وحماس. في 18 نيسان، 2009 وصفت صحيفة الأهرام اليومية الثنائي قطر- الجزيرة على أنه: الشبكة الإعلامية القطرية التي تنتمي إلى دولة الجزيرة".
يستفيض الموقع السوداني "سودان أون لاين" في وصمه لقطر بعلاقاته بالإخوان المسلمين قائلا: "... ان تلون الإخوان المسلمون تحت مسميات كثيرة كما عندنا في السودان امر لا يخفي على احد ورغم ذلك تراهم يغيرون من جلدهم من وقت لاخر وخطورة هذا التنظيم تكمن في كونه له قدرة على الصدام والبحث عن كل الطرق للحصول على السلطة وما اخشاه ان تكتوى قطر بنار هذا التنظيم ان سنحت له الفرصة فهئلاء لا يعرفون الصداقة والوفاء فتاريخهم معلوم خاصة عندنا في السودان نعلم انهم اصبحوا فرق الا انهم ينهلون من مورد واحد حسن البنّا وسيد قطب"
إن الجزيرة وقطر يشكلان معاً ظاهرة في منتهى الخطورة. إذ يسعى أمير قطر الذي لا يعبأ أصلا بمفاهيم الديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي ومن خلال إنشائه للشبكة التلفزيونية الفضائية النافذة إلى ارتداء عباءة السيطرة والنفوذ وذلك بالاستعانة بالأخوان المسلمين وبتشجيعهم وهي إحدى الحركات الأكثر تطرفاً في العالم العربي والاسلامي. كما أنه من الواضح أنه يتقرب أكثر فأكثر من ايران من خلال الاحتفاظ بالرؤيا الخطيرة والثورية والفكر الانقلابي للأخوان المسلمين وفي الواقع ومن خلال تقارب المنظمة واصطفافها إلى جانب إيران في السنوات الأخيرة والمنعكس من خلال مهاجمتها للأنظمة العربية السنية والتحريض ضدها، فإن الجزيرة تعتبر أداة هامة في يد طهران ومساعيها الحثيثة للقضاء على الاستقرار الداخلي في تلك الدول.
على الرغم من التناقض الفاضح ما بين حمل قطر وشبكة الجزيرة لراية الاسلام السُني في حين أن إيران تعتبر معقل التيار الشيعي في الاسلام، فإن الأخوان المسلمين يدعمون وبإخلاص وتفاني شديد حزب الله الشيعي كما يمتدحون الدعم الإيراني لتنظيم حماس السني ألا وهو التيار المنبثق عن تنظيمهم.
لقد اعتبرت الجزيرة لدى ظهورها بشائر عهد جديد في العالم العربي فقد اعتقد المشاهدون بأن هذه القناة الفضائية الجديدة سوف تمهد الطريق من أجل حرية أكبر في التعبير عن الرأي وقبول الآخر. على أي حال، فقد اتضح خلال زمن قصير جدا بأن هذا ليس هو الهدف الذي تسعى إليه الجزيرة. لا تشجع القناة على الانفتاح إنما هي تسعى إلى تحقيق أجندة خاصة بها كما انها تحولت إلى أداة في أيدي أمير لا يعرف طموحه أي حدود والذي قد يكون منساقاً خلف الأخوان المسلمين والذي يهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. من الوارد جدا ان قطر أصبحت جزءا من إمبراطورية الأخوان المسلمين المظلمة" والتي تتحرك خلف الكواليس من أجل تحقيق هدفها المستحيل المتمثل في فرض الإسلام من خلال الإقناع، التآمر والتخريب، إشاعة عدم الاستقرار، إشاعة الأكاذيب وتشويه الواقع وفي النهاية من خلال استخدام القوة.

بقلم : تسفي مازئيل
 دبلوماسي اسرائيلي متقاعد والذي شغل منصب سفير إسرائيل في رومانيا، مصر والسويد.
وهو حالياً مدير موقع المركز باللغة العربية.


 
ملاحظة : المقال منشور في عام 2009 
المصدر: 
مركز أورشليم القدس للشؤون العام

من مجموعة عبدالعزيز  قاسم 1010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..