الاثنين، 19 ديسمبر 2011

هكذا يوظف الغرب اعلامه وهذه هي دراساته ومشاريعه

امنحوا إيران تلفزيوناً جيداً

مهدي خلجي
پي بي إس.أورغ, 12 كانون الأول/ديسمبر 2011





"خدمة «صوت أمريكا» في شكلها الحالي هي إهدار لأموال دافعي الضرائب الأمريكيين."

مهما كانت السياسة التي تتبناها الولايات المتحدة تجاه إيران، فإنها ستحتاج إلى نقلها إلى الشعب الإيراني. ولن يكون هذا سهلاً. فالإيرانيون خاضعون لدعاية كثيفة مناهضة للولايات المتحدة تقوم بها الحكومة الإسلامية. ولا يقتصر الأمر على عدم وجود علاقات دبلوماسية، حيث أن إيران تخلق كذلك العديد من المشاكل أمام التبادل الشعبي مثل برامج المنح الدراسية للطلاب. إن الأداة الرئيسية للدبلوماسية الشعبية الأمريكية تجاه إيران هي التمويل الحكومي السخي لـ "التلفزيون الفارسي في صوت أمريكا" ("شبكة الأخبار الفارسية") و"إذاعة أوروبا الحرة"/البرنامج الفارسي لـ "راديو ليبرتي" (راديو فردا"). ورغم أن الإذاعة أداة تكميلية مفيدة إلا أن التلفزيون هو أفضل وسيلة للوصول إلى الناس العاديين في إيران، لذا فإن "شبكة الأخبار الفارسية" هي الأكثر أهمية من الاثنين.

وقد قمنا أنا وعدد قليل من الخبراء الإيرانيين ذوي الخلفيات في الصحافة بمراقبة "شبكة الأخبار الفارسية" لمدة عام، ووجدنا أن هذه الـ "شبكة" تتجاهل باستمرار القواعد المهنية للإنتاج التلفزيوني. فبرامجها سيئة بشكل عام من حيث الشكل والمضمون. وتكمن المشكلة في أن "شبكة الأخبار الفارسية" تُدار كوكالة حكومية، وليس كمؤسسة إخبارية.

لدى أمريكا نماذج ناجحة لكيفية إدارة البث العام: مثل "مؤسسة البث العام"، و"الإذاعة العامة الوطنية"، والعديد من المحطات التلفزيونية العامة. ولا تُدار هذه كوكالات حكومية.

وليس من قبيل الصدفة أن عمليات البث الإخباري التلفزيوني الأجنبي الأكثر نجاحاً التي تبث إلى إيران هي تلك التي ينتجها كيان مستقل يحصل على دعم حكومي، وهي "هيئة الإذاعة البريطانية" المعروفة باسم "بي بي سي". وفي حين يتم تمويل الخدمات الأجنبية لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" من قبل الحكومة البريطانية، إلا أنها ليست وكالة حكومية. وغالبية من لديهم [بث عن طريق] الأقمار الصناعية في إيران يشاهدون بشكل قطعي التلفزيون الفارسي على شبكة "هيئة الإذاعة البريطانية". ووفق أحدث الاستطلاعات، تحظى "الخدمة الفارسية في البي بي سي" على عدد مشاهدين يصل إلى ضعف مشاهدي "شبكة الأخبار الفارسية" على أقل تقدير. وقد تم إطلاق الخدمة الفارسية لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" في عام 2008، بعد سنوات من بدء "شبكة الأخبار الفارسية" في عمليات البث إلى إيران. ولدى الخدمة الفارسية في الـ "بي بي سي" نفس الميزانية السنوية تقريباً المخصصة لـ "شبكة الأخبار الفارسية" (بما يتجاوز 20 مليون دولار). وتستخدم "هيئة الإذاعة البريطانية" الأموال لجمع الأخبار، حيث يتواجد العديد من مراسليها حول العالم بمعدلات انتشار تفوق تلك التي تمثل "شبكة الأخبار الفارسية". وعلى النقيض من ذلك، لدى "شبكة الأخبار الفارسية" طاقم عمل في مقارها يفوق بكثير عدد موظفي الخدمة الفارسية للـ "بي بي سي" - وهو تماماً ما تتوقعه من وكالة حكومية.

تستخدم "شبكة الأخبار الفارسية" صيغاً بالية ومملة. ونادراً ما تكون هناك لقطات خارجية من قبل مراسلين - على سبيل المثال، أمام الكونغرس الأمريكي أو البيت الأبيض - فضلاً عن قلة التقارير الإخبارية من مراسلي "شبكة الأخبار الفارسية" الأجانب. ومن ناحية العرض فقط، لا تستطيع "شبكة الإخبار الفارسية" جذب انتباه الشباب الإيراني. كما أن المحتوى غير متسق من الناحية التحريرية. وانتقاء الموضوعات الخاضعة للتغطية ضعيف جداً. وغالباً ما لدى "الخدمة الفارسية لهيئة الإذاعة البريطانية" تغطية خاصة للموضوعات الرئيسية من الولايات المتحدة، مثل تنصيب أوباما، وليس الأمر كذلك بالنسبة لـ "شبكة الأخبار الفارسية". ونادراً ما تجري "شبكة الأخبار الفارسية" مقابلات مع خبراء حول إيران يظهرون على شبكات التلفزيون الأمريكية. وهناك عدد قليل من إرشادات التحرير، إن وجدت.

يتعين على "شبكة الأخبار الفارسية" أن تتنافس مع عشرات المحطات التلفزيونية التابعة للنظام الإيراني. ورغم أن وسائل الاعلام الرسمية الإيرانية هي أيديولوجية بشكل كبير وتنشر الأكاذيب دون خجل، إلا أن أجهزتها الدعائية تُدار بطريقة احترافية. كما أنه من المثير مشاهدتها، على عكس "شبكة الأخبار الفارسية". ولمحطات التلفزيون التابعة للنظام تأثير على شريحة كبيرة من المجتمع الإيراني.

ولأجل الترفيه، فإن ملايين الإيرانيين الذين يستطيعون الوصول إلى القنوات الفضائية يشاهدون البث الخاص من الخارج، لا سيما من محطات "مانوتو" و"فارسي وان". لكن هذه شبكات ترفيهية إلى حد كبير أو بصورة كلية، مع محتوى قليل من الإخبار إن وجدت. وهم يبتعدون عن الترفيه الاجتماعي السياسي. ومما يُحسب لها أن "شبكة الأخبار الفارسية" قدمت عرضاً ساخراً رائعاً يدعى "پارازيت"، يجذب عدداً أكبر بكثير من المشاهدين عما تحصل عليه العروض الأخرى لـ "شبكة الأخبار الفارسية". وكما كنتَ تتوقع من وكالة حكومية، فإنه بدلاً من أن تبني على نجاح برنامج "پارازيت" من خلال تطوير برامج ترفيهية أخرى، لم توظف "شبكة الأخبار الفارسية" في "پارازيت" الموارد الضرورية لتوظيف كتّاب جيدين وتطوير فريق دعم قوي أو للتشجيع على استمرار الابتكارات. وبعبارة أخرى، فإنه بغض النظر عن الأموال الإضافية التي تم تخصيصها لـ "پارازيت"، فلم يتم استهداف هذا البرنامج لإضفاء عليه الطابع المهني. ونتيجة لذلك، تدنت نسب مشاهدة "پارازيت" بشكل ملحوظ.

وتُدار "شبكة الأخبار الفارسية" بما يشابه وكالة حكومية. ويتعين أن يكون مدير هذه الـ "شبكة" حاصلاً على تراخيص أمنية، لذا فإن اختيار المدير يتأثر بشدة بعوامل غير الخبرة في الصحافة. فقد تم توظيف منتجين تلفزيونيين على درجة سيئة من التأهيل برواتب عالية، ولا يمكن فصلهم حالياً من حيث أنهم يشاركون في الممارسة العملية. وفي حين أن متوسط عمر الموظفين في" صوت أمريكا" يبلغ 64 عاماً، فإن متوسط عمر الإيرانيين هو 32 عاماً.

ومن أجل حل هذه المشكلة، يبدو أن الخيار الوحيد هو تحويل "شبكة الأخبار الفارسية" من وكالة حكومية إلى وكالة إعلامية عامة تتبع النماذج الأكثر نجاحاً في البث العام الأمريكي مثل "الإذاعة العامة الوطنية". وسوف تتمكن "شبكة الأخبار الفارسية" العامة من الحصول على الأموال من الحكومة وكذلك من مصادر غير حكومية ومن الإعلانات. وبدون العوائق البيروقراطية الحكومية، ستكون محطة التلفزيون أو الإذاعة العامة المستقلة في وضع أكثر قوة بكثير لتوظيف الصحفيين والمنتجين والمحررين الأكثر تأهيلاً. إن "شبكة الأخبار الفارسية" في تركيبها الحالي غير قادرة على التواصل بفعالية مع الإيرانيين وهي مجرد إهدار لأموال دافعي الضرائب الأمريكيين.

في أيلول/سبتمبر 2010، عندما أراد الرئيس الأمريكي باراك أوباما التحدث إلى الإيرانيين، فإنه اختار "الخدمة الفارسية" بـ "هيئة الإذاعة البريطانية" بدلاً من محطته "التلفزيونية الفارسية في صوت أمريكا". ينبغي على صناع السياسات في الولايات المتحدة التفكير في الكيفية التي يمكنهم بموجبها جعل "صوت أمريكا" محطة بث ذات مصداقية وجديرة بالثقة بحيث أنه عندما يرغب المسؤولون الأمريكيون في التواصل مع الأمم الأخرى فإنهم لن يضطروا إلى اللجوء إلى وسائل الإعلام في بلد آخر.

مهدي خلجي هو زميل أقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وقد عمل سابقاً كمنتج ومُذيع في "هيئة الإذاعة البريطانية" و"إذاعة أوروبا الحرة".


http://arabic.washingtoninstitute.org/templateC06.php?CID=1595&portal=ar

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..