المعهد الإسلامي للبحوث
والتدريب
البنك الإسلامي للتنمية –
جــدة
دورة دور الوقف في مكافحة الفقر -نواكشوط-
16-21 مارس 2008
16-21 مارس 2008
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيـــــــد:
الحمد لله رب
العملين والصلاة والسلام على أشرف
المرسلين
وعلى
آله وصحبه أجمعين ، وبعد....
فإن
الوقف من المؤسسات التي اعتنى بها المسلمون عبر تاريخهم، امتثالا لتوجيهات
النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم- وفعل الصحابة وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم- وفعل الصحابة وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وكان
لمؤسسة الوقف دور مهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات الإسلامية عبر
التاريخ الإسلامي الزاهر. فقد تكفلت الأوقاف بتمويل العديد من الحاجات والخدمات
الأساسية والعامة للمجتمع مما خفف العبء على الدول وموازناتها[1].
وكان
الوقف ولا يزال مصدرا لتمويل دور العبادة والمساجد، وكذلك كل ما يتعلق بالنشاط
التعليمي والبحث العلمي، وبناء المدارس، والمكتبات، وتشييد المعاهد والكليات،
ورعاية المحاضر والكتاتيب، ورعاية المنتسبين إلى قطاع التعليم وتأمين الحاجات
الضرورية لمنسوبيه كالسكن، والملبس، والغذاء، والرعاية الصحية. وكذلك اهتمت
الأوقاف بالقطاع الصحي والرعاية الصحية من خلال إقامة المستشفيات وتجهيزها بكل ما
يلزمها لأداء عملها من حيث مستلزمات التطبيب، والعلاج. وقد شملت الأوقاف كذلك
رعاية الفقراء والمساكين وأبناء السبيل في المجتمع الإسلامي، وفي هذا الميدان؛ أي
الرعاية الاجتماعية، تعدت منافع الوقف لتشمل أغراضا شتى كرعاية المكفوفين
والمقعدين والمعتوهين، بل عرف الوقف في هذا المجال أنواعا خاصة مثل أوقاف افتكاك
الأسرى، وأوقاف إطعام وكساء الفقراء والمحتاجين، ومساعدة المنقطعين والغرباء. بل
إن الأوقاف تعدى تمويله الخدمات الاجتماعية إلى الإسهام في أمن المجتمع والدفاع عن
حياض الأمة كتمويل الأوقاف لبناء الأسوار، وعمل الخنادق وغير ذلك[2].
وقد
أدت كثير من العوامل وليس آخرها الاستعمار الذي اجتاح أغلب البلاد الإسلامية، إلى
تراجع الاهتمام بالوقف ومؤسسته حتى بعد الاستقلال، ومن مظاهر ذلك تعطيل القوانين
المنظمة لممتلكات الوقف مما أدى إلى مصادرتها بوضع اليد عليها، أو التصرف فيها،
وطال العهد حتى كادت أن تضيع بذلك معالم الأوقاف من الذاكرة الجماعية للأمة.
فتراجعت مؤسسة الوقف عن أداء دورها الرسالي، وأضحت بعد ذلك مجرد أصول وأعيان
أغلبها دور وبساتين معطلة المنافع أو مستغلة بأبخس الأثمان تفتقر إلى أبسط الموارد
المالية.
وفي
ظل الصحوة التي انتظمت أرجاء العالم الإسلامي كانت الأوقاف من أول المؤسسات
الإسلامية التي حظيت بالاهتمام لما لها من دور إيجابي في دعم جهود التقدم والرفاه
الاجتماعي.
وقد تمثل هذا الاهتمام
في توجه الكثير من الدول الإسلامية إلى إحياء هذا المرفق والعمل على دعمه وتطويره،
وانشغال العديد من الباحثين والمفكرين ومؤسسات البحث العلمي بإعداد الأبحاث
والدراسات التي تبرز ما كان لهذا المرفق من أثر بالغ على المجتمع الإسلامي في
الماضي وما ينتظر أن يكون له من إسهام في مسيرة المجتمع الإسلامي المستقبلة.
وفي
إطار السعي لاستعادة الوقف لمكانته وأداء دوره الفاعل في الدول والمجتمعات
الإسلامية المعاصرة، يأتي انعقاد هذا الملتقى العلمي الهام في هذه الربوع من بلاد
الإسلام بلاد شنقيط. وكما عودنا الموريتانيون بكرمهم العلمي فهاهو هذا الملتقى
يعقد بفعاليتين معا هما الملتقى العلمي حول النصوص القانونية المنظمة لشؤون الوقف
والزكاة ودور تدريبية حول دور الأوقاف والزكاة في مكافحة الفقر.
ويأتي
هذا البحث المتواضع وهو جهد المقل ليسهم في تجلية بعض المسائل المتعلقة بالوقف
وأحكامها الفقهية.
[1] انظر: في هذا الموضوع مقال
د.أحمد، مجذوب أحمد، إيرادات الأوقاف الإسلامية ودورها في إشباع الحاجات
العامة.
[2] انظر : أبو ركبة، الوقف الإسلامي وأثره في الحياة
الاجتماعية في المغرب، ص244. ؛ التجكاني، الإحسان الإلزامي في
الإسلام وتطبيقاته في المغرب ، ص 556-558 . ؛ عبدالملك السيد ، الدور
الاجتماعي للوقف ، ص 282-283.
--------------
القسم الأول
مدخل عام لفقه الوقف
المبحث الأول
تعريف الوقف ومشروعيته وحكمته
تمهيــــــــد
نتناول في
هذا المبحث مفهوم الوقف ومشروعيته، والذي يمثل المدخل الرئيس لفهم المعنى العام
للوقف ومستنده الشرعي من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وإجماع أهل العلم
وذلك قبل التفصيل والتفريع في مسائل الوقف وأحكامه.
مفهوم الوقف
ومشروعيته
أولا: تعريف
الوقف
الوقف لغة: الحبس يقال : وقفت الدار وقفًا بمعنى حبستها، وجمعه :
أوقاف ، مثل ثوب وأثواب.والوقف ، والحبس ، بمعنى واحد[1]
وكذلك "التسبيل" ، يقال: ( سبّلت الثمرة بالتشديد جعلتها في سبل الخير
وأنواع البر )[2].
تعريف الوقف
اصطلاحًا : اختلف أهل العلم في بيان معنى الوقف وذلك لاختلافهم في طبيعة
العقد ذاته من حيث اللزوم وعدمه، وانتقال ملكية المال الموقوف، وهل الوقف عقد
تعتبر فيه إرادة المتعاقدين أم أنه إسقاط ؟ فجاء كل تعريف ليعبر عن الوجهة التي
اختارها صاحب التعريف محددا فيه هذه العناصر حسب الوجهة التي يراها مذهبه. وحيث إن
عرض تلك التعريفات كلها يطول فإننا سنقتصر على التعريف المختار مع الإحالة إلى
المصادر لطلب التفصيل.
والتعريف
الذي نختاره هو تعريف الحنابلـة، حيث قالـوا بأن الوقف هو: (تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة )[3].
وقد جعل أبو زهرة - رحمه الله - هذا
التعريف أجمع التعاريف فقال: ( أجمع تعريف لمعاني الوقف .. أنه : حبس العين وتسبيل
ثمرتها، أو حبس عين للتصدق بمنفعتها)[4].
وقوام هذا
التعريف
هو : حبس العين ، التي لا يتصرف فيها بالبيع ، أو الرهن ، أو الهبة ، ولا تنتقل
بالميراث. أما المنفعة أو الغلّة فإنها تصرف لجهات الوقف على مقتضى شروط الواقفين[5].
ومبررات
اختيار هذا التعريف عما سواه يمكن تلخيصها فيما يلي[6]:
1. أنه
اقتباس من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لعمر ابن الخطاب كما سيأتي.
2. أنه
لم توجه إليه اعتراضات قوية مثل بقية التعريفات الأخرى.
3. أنه
ركز على حقيقة الوقف دون الدخول في التفصيلات.
ثانيا: مشروعية
الوقف
الوقف قربة
من القرب ، مندوب فعله دلت على مشروعيته نصوص عامة من القرآن الكريم ، وفصلته
أحاديث من السنة النبوية المطهرة ، وعمل به الصحابة ، وأجمعوا على مشروعيته كما
نقل ذلك أهل العلم وذهبوا إليه جميعا إلا ما نقل عن شريح القاضي وهو رواية عن أبي
حنيفة.
أما النصوص
العامة من القرآن الكريم ، فمنها :
1. قول
الحق تبارك وتعالى : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، وما تنفقوا من شيء
فإن الله به عليم }. آل عمران 92 . وقد
جاء في صحيحي الإمامين البخاري ومسلم ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه أنه قال :
كان أبوطلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نحْل ، وكان أحبَّ أمواله إليه
بَيِرُحاء[7]
، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يدخلها ويشرب من
ماء فيها طيب ، قال أنس : فلما أُنزلت هذه الآية : {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما
تحبون..} قام أبوطلحة إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ،
إن الله تبارك وتعالى يقول : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ... } ، وإن
أحب أموالي إليّ بيرحاء ، وإنها صدقة لله، أرجو برّها وذخرها عند الله فضعها يا رسول
الله حيث أراك الله. قال : فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( بَخْ[8]
ذلك مال رابح ، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت ، وإني أرى أن تجعلها في
الأقربين). فقال أبوطلحة افعل يا رسول الله . فقسمها أبوطلحة في أقاربه وبني عمه.
قال البخاري: تابعه روح ، وقال يحيى بن يحيى وإسماعيل عن مالك (رايح)[9].
2. الآيات
الكثيرة التي تحث على الإنفاق وخاصة التطوعي منه ، وقد تكررت في القرآن الكريم
آيات كثيرة في هذا المقام[10].
أما السنة :
فمنها :
1. حديث
وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقد قال الحافظ ابن حجر في هذا الحديث : ( وحـديث
عمـر هـذا أصل في مشـروعية الوقف)[11]
. والحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما فيما رواه الإمام البخاري وغيره : أن عَمْرًا
أصاب أرضًا من أرض خيبر ، فقال يا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، أصبت مالاً
بخيبر لم أصب قطُّ مالاً خيرًا منه ، فما تأمرني؟ فقال : ( إن شئت حبست أصلها
وتصدقت بها ، غير أنه لا يباع أصلها ، ولا يبتاع ، ولا يوهب ، ولا يورث ) قال ابن
عمر : فتصدق بها عمر على ألاّ تباع ، ولا توهب ، ولا تورث، في الفقراء ، وذي
القربى ، والرقاب ، والضعيف ، وابن السبيل ، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها
بالمعروف ، ويطعم غير متمول[12].
2. جاء
في نصب الراية للزيلعي : أن هناك لرجل من
بني غفار عينا يقال لها : رومة ، وكان يبيع منها القربة بمد ، فقال له صلى الله
عليه وسلم : (أتبعنيها بعين في الجنة ) ؟ فقال : يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم
، ليس لي ولا لعيالي غيرها. فبلغ ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فاشتراها منه
بخمسة وثلاثين ألف درهم ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : أتجعل لي ما
جعلت له ؟ قال : نعم ، قال : قد جعلتها للمسلمين[13].
3. ما
ورد عن النبي ، صلى الله عليه وسلم في الصدقة الجارية ، حيث قال : ( إذا مات ابن
آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علمٍ ينتفع به ، أو ولدٍ صالح يدعو
له )[14].
والصدقة الجارية هي التي تتجدد منافعها عبر الزمن كسكنى الدار ، وركوب الدابة ،
وماء البئر.
أما الإجماع:
فقد صرّح
غير واحد من أهل العلم بأن إجماع الصحابة منعقد على صحة الوقف، فقد ذكر صاحب
المغني ، أن جابرًا رضي الله عنه قال : ( لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم ذو مقدرة إلا وقف ، وهذا إجماع منهم ، فإن الذي قدر منهم على الوقف وقف ،
واشتهر ذلك ولم ينكره أحد ، فكان إجماعًا )[15].
وقال الحافظ
ابن حجر نقلا عن الإمام الترمذي قوله: ( لا نعلم بين الصحابة والمتقدمين من أهل
العلم خلافا في جواز وقف الأراضين، وجاء عن شريح أنه أنكر الحبس)[16].
وقال صاحب
الإسعاف بعد ذكره لأوقاف الصحابة : ( وهذا إجماع منهم على جواز الوقف ولزومه ،
ولأن الحاجة ماسة إلى جوازه)[17].
هذا في الإجماع المنقول على صحة الوقف ،
أما اللزوم وعدمه فقد وقع فيه الخلاف ، فأبو حنيفة يقول : صحيح غير لازم ، وأبو يوسف
ومحمد وعامة الفقهاء يقولون بأنه صحيح لازم[18].
ثالثا: حكمة مشروعية الوقف
الوقف نوع من البر يقصد
به التقرب إلى الله عز وجل والإحسان إلى المحتاجين والتعاون على البر والتقوى،
وإذا كان الناس مسلطين على أموالهم فلا جناح في إنفاق تلك الأموال فيما يحقق
أغراضا دينية أو اجتماعية أو اقتصادية من أغراض النفع العام. ويمكن أن نعرض أغراض
الوقف فيما يلي للتذكير لا للبيان والاستقصاء.
أغراض
الوقف: تتنوع
أغراض الوقف بحسب تعدد أوجه البر، ويمكن ذكر أهمها، والتي تتمثل في:
1. نشر
الدعوة الإسلامية : ومن أهم مظاهر هذا الغرض وقف المساجد التي
كانت عبر التاريخ منارات لنشر الدعوة وتعليم الناس وتربيتهم وتهذيبهم، وما ألحق
بها من أوقاف للإنفاق عليها وعلى القائمين على شؤونها كالدكاكين والضيعات والمساكن
وغير ذلك. ولازال لهذا الغرض أهميته فإضافة إلى المساجد فهناك العديد من المراكز
الدعوية التي تقوم على الأوقاف.
2. الرعاية
الاجتماعية : من خلال صلة الرحم بالإنفاق على القرابة من
الأبناء وبنيهم من خلال الوقف الأهلي أو الذري. وكذلك رعاية الأيتام وأبناء السبيل
وذوي العاهات من خلال الأوقاف الخيرية التي يخصصها الواقفون لمثل هذه الأغراض. ويذكر
أحد الدارسين لدور الأوقاف في الرعاية الاجتماعية بالمغرب ، أن الأوقاف فيها قامت
بدور مهم في التآزر والتكافل الاجتماعيين ، فقد حبس الواقفون كثيرا من ممتلكاتهم على
المعتوهين والمقعدين والمكفوفين ، وأن أوقاف أبي العباس السبتي في مراكش تعتبر
أكبر شاهد على ذلك[19].
وقد عرفت الأوقاف المغربية أنواعا آخر من الأوقاف يندرج في الغرض الاجتماعي هي
أوقاف افتكاك الأسرى، وأوقاف الإطعام وأوقاف الكساء (الملابس) والأغطية لمن يحتاجونها،
وأوقاف مساعدة المصابين والمنقطعين والغرباء. وقد انتشرت هذه الأوقاف في مناطق
متعددة في المغرب مثل فاس ، وتطوان ، ومراكش وغيرها[20].
3. الرعاية
الصحية : يعد هذا الغرض من أوسع المجالات التي وقف المحبسون
أملاكهم عليها، وشملت أنواعا كثيرة مثل بناء البيمارستانات "المستشفيات
والمصحات" ، والبحث العلمي المرتبط بالمجالات الطبية ، كالكيمياء والصيدلة[21].
4. التعليم: التعليم
أشهر من أن نخصص له بعض الأسطر لبيانه، فيكفي المدارس الوقفية المنتشرة في سائر
أنحاء العالم الإسلامي وعلى رأسها تلك المساجد والجوامع التي أضحت منارات للعلم
وفي مقدمتها الحرمان الشريفان، والأزهر الشريف في مصر، والقرويين في المغرب
والزيتونة في مصر، والأمويين في دمشق. ناهيك عن المكتبات والمعاهد التي لا يمكن
عدها أو حصرها في هذه العجالة.
5. أغراض
الأمن والدفاع : ربما كان مستند هذا الغرض ما فعله خالد بن
الوليد حينما وقف أدراعه وأعتاده في سبيل الله. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرًا على الصدقة ، فقيل منع ابن جميل وخالد بن
الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم
: (ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله ، وأما خالد فإنكم تظلمون
خالدًا ، قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس فهو عليّ ومثله معه)[22].
وقد سار على هذا النهج الصحابة الكرام والتابعون ومن تبعهم بإحسان من العلماء
والحكام وذوي اليسار في الأمة فوقفوا الأموال على سد الثغور والحفاظ على حرمة ديار
المسلمين[23].
6. الوقف
على البنية الأساسية: كالوقف على إنشاء الطرق، والجسور[24]،
وآبار الشرب وقد سبقت الإشارة إلى بئر رومة في المدينة المنورة التي وقفها عثمان
رضي الله عنه.
المبحث الثاني
أركان الوقف وشروطه
الوقف مثل سائر
الالتزامات والعقود لا بد له من توافر أركان معينة لقيامه وهي:[25]
1- الشخص الواقف ( المحبِس ).
2- المال الموقوف ( المحبَس ).
3- الشخص أو الجهة الموقوف عليها (
المحبَس له ).
4- الصيغة المعتبرة فهي هنا الإيجاب من
الواقف.
1. أن
يكون أهلاً للتبرع ، يتمتع بالأهلية الكاملة ، عاقلا ، بالغا، حرا، غير محجور عنه
لسفه أو غفلة.
2. ألا
يكون مريضًا مرض الموت إذ يأخذ الوقف حكم الوصية في هذه الحالة.
شروط المحل :
وهو المال
الموقوف الذي يرد عليه الوقف. فيشترط فيه ما يلي[27]
:
1. أن
يكون الموقوف مالاً متقومًا : إذ لا يتأتى وقف ما ليس من الأموال ، كالأتربة في
مواقعها ، وما ليس بمتقوم كالخمر والخنزير.
2. أن
يكون الوقف مملوكًا : فلا يصح وقف غير المملوك ، مثل : الأراضي الموات وشجر
البوادي ، وحيوان الصيد قبل صيده.
3. أن
يكون معلومًا حين الوقف : فلا يصح وقف الشيء المجهول، كقوله وقفت جزاءًا من مالي ،
أو داري.
4. أن
يكون مالاً ثابتًا : فيخرج به ما لا يبقى على حاله التي يتحقق بها الانتفاع ،
كالثمار، والخضر وات ، والثلج.
1. أن
تكون الجهة الموقوف عليها قربة من القربات فلا يجوز الوقف على المعاصي والمنكرات
وأهلها ، ولا على الحربيين ، والكنائس والشعائر الدينية غير الإسلامية. وقد حدد
الحنفية اعتبار القربة بأمرين اثنين هما:[29]
أ-
أن يكون الموقوف عليه قربة في نظر
الشريعة.
ب-
أن يكون قربة في اعتقاد الواقف.
2. أن
يكون الموقوف عليه موجودًا إذا كان الوقف لمعين وذلك عند إنشاء العقد. أما انقطاع
الجهة الموقوف عليها فهو محل خلاف بين الفقهاء بين من يرى أن الأصل عدم صحة الوقف
المنقطع انتهاء فقط أو ابتداء وانتهاء، وبين من يرى صحة الوقف المنقطع مطلقا[30]
3. تأبيد
الوقف : أن تكون الجهة الموقوف عليها دائمة الوجود عند من يشترط التأبيد.
1. أن
تكون صيغة الوقف منجزة : أي لا تقترن بتعليق أو إضافة إلى مستقبل ، إذ لا بد أن
تدل على إنشاء الوقف وقت صدوره، كقوله : وقفت أرضي على الفقراء والمساكين. والصيغ
المقترنة بالتعليقات تبطل عقود التمليكات كالهبة والصدقة والعارية. كقوله : إذا
اشتريت هذه الأرض فهي وقف للفقراء، والصيغة المضافة إلى زمن قادم ، كقوله : وقفت
أرضي ابتداءً من السنة القادمة يصححها بعض الحنفية في صور معينة.
2. أن
يكون العقد فيها جازمًا إذ لا ينعقد الوقف بوعد ، كقوله سأقف أرضي أو داري على
الفقراء.
3. ألا
تقترن الصيغة بشرط يناقض مقتضى الوقف ، كقوله وقفت أرضي بشرط أن لي بيعها متى
أشاء.
4. أن
تفيد الصيغة تأبيد الوقف لمن لا يقول بصحة تأقيته.
انعقاد
الوقف بالفعل دون القول:
من المناسب في هذا المقام أن نذكّر
بأقوال أهل العلم في هذه المسألة نظرا لوقوعها في الحياة العملية وخاصة فيما يتعلق
بوقف أماكن العبادة بالمعاطاة دون الصيغة . ويمكن أن نصنف أقوال أهل العلم من حيث
الإجمال إلى رأيين:
أولهما: لجمهور الفقهاء من
الحنفية والمالكية والحنابلة الذين يقولون بالجواز.
وثانيهما: للشافعية
الذين يقولون بعدم صحة هذا الوقف.
وتفصيل
مذاهبهم كما يلي:
1. الحنفية: يجوزون وقف
المسجد بالفعل لأن العرف يقتضي الإذن بالصلاة فيه، فيكون ذلك في حكم التعبير. أما
الفقراء فإنه لم يجر العرف فيه عادة بالتخلية والاستغلال[32].
2. المالكية: الذي يبدو
من عبارات المالكية أنهم يجيزون الوقف بالفعل وأنه يقوم مقام القول مسجدا كان أو
غيره. ويشترطون في المسجد أن يخلي بينه وبين الناس وأن لا يخص قوما دون آخرين[33].
يقول الدردير: (وناب عنها؛ أي عن الصيغة التخلية بين الناس بكالمسجد من رباط مدرسة
ومكتب وإن لم يتلفظ بها)[34]،
وعلق الصاوي بقوله: [(وإن لم يتلفظ بها) أي كما لو بنى مسجدا وخلى بينه وبين الناس
ولم يخص قوما دون قوم لا فرضا دون نفل][35].
3. الحنابلة: يرى
الحنابلة أنه يصح الوقف بالقول والفعل الدال عليه مثل أن يبني مسجدا ويأذن للناس
للصلاة فيه، أو مقبرة ويأذن لهم بالدفن فيها على ظاهر الرواية. وعن الإمام أحمد
رواية أخرى بأنه لا يصح ولا ينعقد إلا بالقول الدال على الوقف[36].
4. أما
الشافعية: فلا يصح الوقف عندهم إلا بصيغة دالة على الوقف، لأنه تمليك
للعين والمنفعة فأشبه سائر التمليكات، كما أن العتق مع قوته لا يصح إلا باللفظ.
إلا أن يبني مسجدا في موات وينويه مسجدا فإن يصح الوقف لأن الموات لم يدخل في ملك
من أحياه، وإنما نحتاج للفظ لإخراج ما كان ملكه عنه[37].
ملكية الوقف:
1.
بالنسبة لمنفعة الوقف (غلة
الوقف): اتفق الفقهاء جميعًا على أن ملكيتها للموقوف عليهم.
2. أما
العين الموقوفة (الأصل الموقوف): فهي محل خلاف بين الفقهاء ،
ويمكن تصنيف أقوالهم في ذلك إلى ثلاثة آراء[38]
:
الرأي الأول
:
زوال ملكية الواقف للعين الموقوفة وانتقال ملكيتها للموقوف عليه. وهو قول الشافعية
في المشهور من مذهبهم ، ومذهب الحنابلة إذا كان الوقف لآدمي معين كزيد وعمرو أو
جمع محصور كأولاد فلان ، أو علان. وهو قول عند الإمامية.
الرأي
الثاني :
زوال ملكية الواقف للعين الموقوفة دون انتقال ملكيتها للموقوف عليه ، بل هي في حكم
ملك الله تعالى. وهو رأي الصاحبين في المذهب الحنفي ( وهو المفتى به ) ، والأظهر
في مذهب الشافعية ، وهو قول الحنابلة إذا كان الوقف على مسجد ونحوه كمدرسة ، ورباط
، وقنطرة ، وفقراء، وغزاة ، وما أشبه ذلك.
الرأي
الثالث :
عدم زوال ملكية الواقف للعين الموقوفة ، بل تظل ملكيتها له . وهو مذهب المالكية في
غير المسجد[39]
، يقول القرافي: (...أما أصل ملكه فهل يسقط أو هو باق على ملك الواقف ؟ وهو ظاهر
المذهب لأن مالكاً –رحمه الله- أوجب الزكاة في الحائط الموقوف على غير المعين نحو
الفقراء..)[40]
وهو رأي أبي حنيفة ، وقول للحنابلة ، والإمامية. ولكل رأي من هذه الآراء أدلته ليس
هذا البحث محل بسطها.
وقف المنقول:
المنقول من
الأموال هو: ما سوى العقار. وقد اختلف فيه النظر الفقهي إلى رأيين:
أولهما : لجمهور الفقهاء (
المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ) الذين قالوا بجواز وقف المنقول[41].
مع توسع عند المالكية في عدم اشتراط بقاء المنقول بقاءً متصلاً كما يقول الشافعية
والحنابلة.
ثانيهما : للحنفية
وهو عدم صحة وقف المنقول من حيث الأصل. واستثنوا بعض المسائل منها:
1. إذا
كان للأصل وليس وقفا مستقلا، وقد أخضعوها لقواعد فقهية حكاها ابن نجيم رحمه الله تعالى. ففي القاعدة: "التابع
تابع"، أدخل فيها قواعد فرعية شتى منها:
·
قاعدة
(يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها).
·
قاعدة
(يغتفر في الشيء ضمنًا ما لا يغتفر قصدًا).
وفي
التطبيق على القواعد السابقة يدرج الحنفية مسألة وقف المنقول التابع للعقار، جاء
في شرح القواعد: (مما يتفرع على هذه القاعدة... ومنه: ما لو وقف العقار ببقره
وأَكَرَته يصح، ويغتفر دخول البقر والأكارين تبعًا، لأنهما من حوائج المتبوع
ولوازمه، وعليه الفتوى).[43]
2. إذا وقف المنقول مستقلاَّ وكان مما يجري فيه التعامل
وتعارفه الناس وهو معتاد بينهم، كوقف السلاح والكُراع في سبيل الله، وكذلك وقف
الكتب والمصاحف، وأدوات غسل الموتى.[44]
وقف النقود
وما في حكمها
يمكن للناظر
في نصوص الفقهاء أن يحصر آراءهم في اتجاهين رئيسين:
الأول: يرى
عدم جواز وقف النقود: وهو رأي غالب فقهاء الحنفية، ومذهب الشافعية،
والصحيح من مذهب الحنابلة، والزيدية.
نصوص أهل
العلم : جاء في فتح القدير:
(وأما وقف ما لا ينتفع به إلا بالإتلاف كالذهب والفضة والمأكول والمشروب فغير جائز
في قول عامة الفقهاء، والمراد بالذهب والفضة الدراهم والدنانير وما ليس بحلي)[45].
وجاء في الفتاوى
الهندية: (ولو وقف دراهم أو مكيلا أو ثيابا لم يجز)[46].
وورد في حاشية
عميرة على شرح المنهاج : (لا يَصِحُّ وَقْفُ آلَةِ
لَهْوٍ ولا دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَرَّاةٍ ، وَكَوْنُهُ مَقْصُودًا فلا يَصِحُّ
وَقْفُ دَرَاهِمَ مُعَرَّاةٍ لِلزِّينَةِ سَوَاءٌ نَقْشُهَا أَوْ مَا يَحْصُلُ
مِنْهَا بِنَحْوِ تِجَارَةٍ ؛ لأَنَّ الزِّينَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَغَيْرَهَا
لا دَوَامَ لَهُ وَفَارَقَ صِحَّةَ إعَارَتِهَا لِلزِّينَةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ
الدَّوَامِ فِيهَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا صِحَّةَ وَقْفِهَا لِتُصَاغَ حُلِيًّا )[47].
كما جاء في كشاف
القناع قوله: [( ولا ) يَصِحُّ ( وَقْفُ مَا لا يُنْتَفَعُ بِهِ
مَعَ بَقَائِهِ دَائِمًا كَالْأَثْمَانِ) كَحَلَقَةِ فِضَّةٍ تُجْعَلُ فِي بَابِ
مَسْجِدٍ، وَكَوَقْفِ الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ لِيُنْتَفَعَ
بِاقْتِرَاضِهَا؛ لأَنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسُ الأَصْلُ، وَتَسْبِيلُ الثَّمَرَة،
وَمَا لا يُنْتَفَعُ بِهِ إلا بِالإِتلافِ لا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِك، فَيُزَكِّي
النَّقْدَ رَبُّهُ بِبَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ (إلا ) إذَا وَقَفَ الأَثْمَانَ (
تَبَعًا كَفَرَسٍ بِسَرْجٍ وَلِجَامٍ مُفَضَّضَيْنِ فَيُبَاعُ ذَلِكَ ) أَيْ : مَا
فِي السَّرْجِ، وَاللِّجَامِ الْمُفَضَّضَيْنِ مِنْ الْفِضَّة؛ِلأنَّ الْفِضَّةَ
فِيهِ لا يُنْتَفَعُ بِهَا (وَيُنْفِقُ ) مَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنِهِ (عَلَيْهِ )
أَيْ : عَلَى الْفَرَسِ الْحَبِيسِ; لأنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ][48].
وجاء في الإنصاف قوله: (ولا مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَائِهِ دَائِمًا , كَالأَثْمَانِ
) . إذَا وَقَفَ الْأَثْمَانَ . فَلَا يَخْلُو : إمَّا أَنْ يَقِفَهَا
لِلتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ , أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . فَإِنْ وَقَفَهَا لِلتَّحَلِّي
وَالْوَزْنِ , فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ : أَنَّهُ لا يَصِحُّ . وَنَقَلَهُ
الْجَمَاعَةُ عَنْ الإمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله . وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ
فِي الْمُغْنِي , وَالشَّرْحِ . قَالَ الْحَارِثِيُّ : وَعَدَمُ الصِّحَّةِ
أَصَحُّ. وَقِيلَ : يَصِحُّ . قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ . قَالَ فِي
التَّلْخِيصِ : إنْ وَقَفَهَا لِلزِّينَةِ بِهَا . فَقِيَاسُ قَوْلِنَا فِي
الْإِجَارَةِ : إنَّهُ يَصِحُّ . فَعَلَى هَذَا : إنْ وَقَفَهَا وَأَطْلَقَ :
بَطَلَ الْوَقْفُ . عَلَى الصَّحِيحِ .
وَقِيلَ : يَصِحُّ , وَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا . وَإِنْ وَقَفَهَا لِغَيْرِ
ذَلِكَ: لَمْ يَصِحَّ . عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ . وَقَالَ فِي
الْفَائِقِ وَعَنْهُ : يَصِحُّ وَقْفُ الدَّرَاهِمِ . فَيُنْتَفَعُ بِهَا فِي
الْقَرْضِ وَنَحْوِهِ . اخْتَارَهُ شَيْخُنَا . يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ
الدِّينِ رحمه الله . وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ : وَلَوْ وَقَفَ الدَّرَاهِمَ
عَلَى الْمُحْتَاجِينَ : لَمْ يَكُنْ جَوَازُ هَذَا بَعِيدًا)[49].
أما الزيدية
فقد جاء في البحر الزخار ما نصه: (وَفِي وَقْفِ الدَّرَاهِمِ وَجْهَانِ ، يَصِحُّ
كَتَأْجِيرِهَا لِلزِّينَةِ وَالتَّجَمُّلِ والأصَحُّ الْمَنْعُ ، إذْ لَوْ
غُصِبَتْ لَمْ تَلْزَمْ لَهَا أُجْرَةٌ)[50].
الثاني: يرى
جواز وقف النقود: وهو مذهب المالكية، ورواية عن الإمام أحمد
اختارها شيخ الإسلام ابن تيميية، ورواية الأنصاري من أصحاب زفر من الحنفية وقول
عند الزيدية.
من نصوص
الفقهاء:
جاء في شرح فتح القدير: (عن الأنصاري – وكان من أصحاب زفر – فيمن وقف
الدراهم أو الطعام أو ما يكال أو يوزن أيجوز ذلك ؟ قال: يدفع الدراهم مضاربة ثم
يتصدق بها في الوجه الذي وقف عليه)[51]،
وجاء في تأصيل المسألة عند صاحب المجمع ما يلي: (حَكَى فِي الْمُجْتَبَى الْخِلافَ
عَلَى خلافِ هَذَا الْمَنْقُولِ فَقِيلَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا
جَرَى التَّعَارُفُ بِهِ أَولا وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنْ جَرَى فِيهِ تَعَامُلٌ
وَلَمَّا جَرَى التَّعَامُلُ فِي وَقْفِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي زَمَان
زُفَرَ بَعْدَ تَجْوِيزِ صِحَّةِ وَقْفِهِمَا فِي رِوَايَةٍ دَخَلَتْ تَحْتَ
قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْمُفْتَى بِهِ فِي وَقْفِ كُلِّ مَنْقُولٍ فِيهِ تَعَامُلٌ
كَمَا لا يَخْفَى فَلا يَحْتَاجُ عَلَى هَذَا إلَى تَخْصِيصِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ
وَقْفِهِمَا لِمَذْهَبِ زُفَرَ مِنْ رِوَايَةِ الأَنْصَارِيِّ , وَقَدْ أَفْتَى
صَاحِبُ الْبَحْرِ بِجَوَازِ وَقْفِهِمَا وَلَمْ يَحْكِ خِلافًا كَمَا فِي
الْمِنَحِ وَعَنْ زُفَرَ رَجُلٌ وَقَفَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الطَّعَامَ أَوْ مَا
يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَالَ يَجُوزُ قِيلَ لَهُ وَكَيْفَ يَكُونُ , قَالَ يَدْفَعُ
الدَّرَاهِمَ مُضَارَبَةً ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهَا فِي الْوَجْهِ الَّذِي
وَقَفَ عَلَيْهِ وَمَا يُوزَنُ وَيُكَالُ يُبَاعُ فَيُدْفَعُ ثَمَنُهُ بِضَاعَةً
أَوْ مُضَارَبَةً كَالدَّرَاهِمِ قَالُوا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ)[52].
أما المالكية فقد جاء في شرح ميارة بعد ذكره لجواز تحبيس الأصول كالدور والجات
والحوانيت والأرض ونحو ذلك في مذهب مالك قال: (وأما وقف العين بقصد السلف فنقله في
التوضيح من كتاب الزكاة ومن المدونة وإنه يجوز وقف الدنانير والدراهم لتسلف)[53].
وقف الودائع
النقدية:
وهي تأخذ حكم النقود، فإذا كانت حسابا جاريا فيصرف منه حسب شروط الواقف. إما
للاقتراض منه ورد مثله بإذن من الواقف أو الناظر، أو للصرف على الجهات التي يحددها
الواقف. أما إذا كانت ودائع استثمار فيكون في الغالب أصل الوديعة هو الموقوف وريعه
من ربح سنوي هو الذي يتم توزيعه على المستفيدين حسب شروط الواقف. ونظرا لسهولة
التعامل في القطاع المصرفي ومرونته فقد شاع هذا
من الوقف في الفترة الأخيرة وبخاصة في مجال العلاقات الفردية والأسرية، حيث
يكون الواقف في الغالب أو من ينوب عنه المشرف على مثل هذه الحسابات ومتابعة أداء
الحقوق إلى أصحابها، ولا يحتاج هذا النوع من الوقف إلى كلفة في الإدارة والمراقبة،
وغالبا ما تتخذ مثل هذه الصور شكل الوقف المؤقت بحيث تكون صيغة الوقف مؤقتة مرهونة
باحتياج الواقف إلى استعمال أمواله.
توقيت الوقف
بمدة محددة :
هذه
المسألة وقع الخلاف فيها بين الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وبين
المالكية حسب التفصيل التالي:
1. الحنفية
:
وقع عندهم اشتراط التأبيد للوقف بالإجماع، إلا أن محمدًا اشترط النص عليه من قبل
الواقف، فقال : لا يتعين التأبيد إلا بالتنصيص[54].
2. الشافعية
:
لا يجوز عندهم تأقيت الوقف إلى مدة ؛ لأن الوقف إخراج مال على وجه القربة[55]
فلا يتأتى معه التوقيت.
3. الحنابلة
: جاء
في الفروع : ( لا يصح ـ الوقف ـ معلقًا بشرط ، وفيه وجه وكذا مؤقتًا ... وقيل يلغو
توقيته )[56].
4. أما
المالكية : فقالوا أن الوقف يقع مؤقتا، لكن إذا كانت الصيغة
بلفظ التأبيد فيكون مؤبدًا على الوجه الذي جعل فيه ملكًا لمالكه، وينتقل إلى ورثته
كسائر أملاكه[57].
المبحث الثالث
أنواع الوقف وإبداله واستبداله
أولا: أنـواع الـوقف: يُستنبط مما ذكره الفقهاء من صور الوقف أنه يمكن أن يقسم إلى ثلاثة أقسام هي:
1. الوقف
الخيري أو "الوقف العام": وهو الذي يقصد الواقف منه صرف
ريع الوقف إلى جهات البر التي لا تنقطع ، سواء كانت أشخاصًا معينين كالفقراء
والمساكين ، أم جهات بر عامة كالمساجد والمدارس والمستشفيات إلى غير ذلك.
2. الوقف
الأهلي أو "الخاص": وهو ما يطلق عليه الوقف الذري ، ويسمى
في المغرب الأحباس المعقبة[58]
وهو تخصيص ريع للواقف أولاً ثم لأولاده ثم إلى جهة برّ لا تنقطع.
3. الوقف
المشترك : وهو ما خصصت منافعه إلى الذرية وجهة بر معًا. جاء في
المغني : (وإن وقف داره على جهتين مختلفتين، مثل: أن يقفها على أولاده، وعلى
المساكين : نصفين ، أو أثلاثًا ، أو كيفما شاء ، جاز ، وسواء جعل مآل الموقوف على
أولاده وعلى المساكين أو على جهة أخرى سواهم)[59]
. وقال البهوتي: (وإن قال وقفته ؛ أي العبد ، أو الدار، أو الكتاب ونحوه على
أولادي وعلى المساكين فهو بين الجهتين نصفان ، يصرف لأولاده النصف والمساكين
النصف؛ لاقتضاء التسوية) [60]،
وجاء في المادة (667) من مجلة الأحكام العدلية الحنبلية: (يصح وقف داره على جهتين
مختلفتين كأولاده والمساكين)[61]،
وهو ما يفهمه القارئ ضمنًا من كلام الفقهاء عن الوقف في أبواب البر ، والوقف على
الذرية ، والعقب ، دون التصريح بالشراكة[62].
وقد نصت بعض القوانين المدنية المعاصرة المنظمة
للأوقاف في بعض الدول الإسلامية، على الوقف المشترك مثل القانون المدني السوداني
في مادته (907)، والقانون المدنـي الأردنـي في مادتـه (223)[63].
وقبل
أن ننتقل للكلام عن الاستبدال يحسن بنا أن نقف وقفة ولو موجزة عند موضوع يكتسي
أهمية بالغة في عالمنا المعاصر وبخاصة خلال الفترة الحالية التي بدأ الحديث يتزايد
عن نظام الترست (Trust)
في قطاع الأعمال الخير والجمعيات ذات النفع العام، والمطبق في الدول الغربية
وأمريكا ومقارنته بالوقف، وبخاصة موضوع الوقف على النفس.
حكم الوقف على النفس والإرصاد وعلاقتهما بالترست:
اختلف
الفقهاء في مسألة الوقف على النفس ثم العقب، ومذاهبهم فيها كما يلي :
1. مذهب
الحنفية : الجواز على رواية أبي يوسف ، وأما محمد فعنه روايتان:
إحداهما توافق قول أبي يوسف ، والأخرى تخالفه. فلذلك نقلت بعض كتب الحنفية الإجماع
على الجواز أخذًا بالرواية الأولى لمحمد[64].
2. مذهب
المالكية : لا يصح الوقف على النفس أو الذرية منفردا، ولو
كان الوقف على نفسه بشريك ؛ بمعنى وقفه على نفسه وعلى ذريته أو الفقراء[65].
وقال أبو إسحاق: (إن حبس على نفسه وغيره صح ودخل معهم، وإن أفرد نفسه بالوقف بطل)[66]
3. مذهب
الشافعية : لهم في المسألة وجهان ، حكاهما صاحب الوجيز
فقال: (ولا يجوز الوقف على نفسه إذ لا يتجدد به ... وفيه وجه آخر أنه يجوز)[67].
4. مذهب
الحنابلة : لهم روايتان ، إحداهما : لا يصح ، وهي رواية
أبي طالب ، ونقل جماعة أن الوقف على النفس يصح ، اختاره ابن أبي موسى . قال ابن
عقيل : وهي الرواية الأصح. وذكر في المغني : أنه قول ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ،
وأبو يوسف ، وابن سريج. أما الرواية الأولى "رواية أبي طالب" فهي مذهب
الشافعي[68].
وقد أجمل صاحب الإسعاف الخلاف السابق في قوله : (يجوز على قول أبي يوسف رحمه الله
وهو قول أحمد ، وابن أبي ليلى وابن شبرمة والزهري وابن سريج من أصحاب الشافعي ،
وبه أخذ مشايخ بلخ وذكر الصدر الشهيد أن الفتوى على قوله ترغيبًا للناس في الوقف ،
ولا يجوز على قياس قول محمد وبه قال هلال وهو قول الشافعي ومالك « ا.هـ[69].
وعلق أبو
زهرة ـ رحمه الله ـ على أقوال أهل العلم السابقة ، بتعليق يحسن إيراده في هذا
المقام ، قال : (هذا الرأي الفقهي ، ولكن بعد إلغاء الوقف الأهلي أحجم الناس عن
الوقف وصار من المصلحة الترغيب عن
الوقف، ونرى
أن الترغيب في الوقف الخيري يكون بإباحة الوقف على النفس ، وفي وزارة الأوقاف
مشروع بإجازة الوقف على النفس لفتح باب الوقف الخيري وهكذا صار ما كان شرًا بعد
تحول الحال خيرًا)[70].
أما الإرصاد
والترست (Trust):
فالإرصاد: في اللغة
الإعداد، يقال أرصد له الأمر أعده.
أما في الاصطلاح: فهو تخصيص الإمام غلة بعض
أراض بيت المال لبعض مصارفه[71].
مثل أن يجعل الحاكم غلة بعض الأصول العامة والمباني الحكومية أو المزارع التابعة
لبيت المال على مصالح عامة كالمساجد، أو على من راتبه على الدولة كالأئمة أو
المؤذنين[72].
ويرى بعض الحنفية: بأن الإرصاد تخصيص ريع
الوقف لسداد ديونه لضرورة إعماره[73]
هل الإرصاد
وقف
؟ : هناك اتجاهان في الفقه[74]:
الاتجاه
الأول:
يعتبر أن الإرصاد غير الوقف، وذلك لعدم توافر أهم شروط الوقف وهو أن يكون الموقوف مملوكًا
فلا يصح وقف غير المملوك، والمرصِد لا يملك ما أرصده. يقول ابن عابدين: (والإرصاد
من السلطان ليس بإيقاف البتة، لعدم ملك السلطان، بل هو تعيين شيء من بيت المال على
بعض مستحقيه)[75].
الاتجاه
الثاني:
اعتبار الإرصاد وقفا، لعدم اختلال أي من شروط الوقف، فالإمام الذي يقف شيئا من بيت
المال فهو وكيل عن المسلمين في التصرف، فهو مثل وكيل الوقف. قال الصاوي: (فإن قلت
وقف السلاطين على الخيرات صحيح مع عدم ملكهم لما حبسوه... لأن السلطان وكيل عن
المسلمين فهو كوكيل الواقف)[76].
وقال الشربيني: (واستثنى من اعتبار الملك وقف الإمام شيئا من أرض بيت المال فإنه
يصح... سواء كان على معين أم على جهة عامة)[77]
وقد فصل القول في وقف السلاطين الشيخ محمد
المبارك الأحسائي كما يلي[78]:
§ إذا
كانت أوقافهم راجعة إلى مصالحهم الخاصة كوقفهم على أقاربهم وأصدقائهم فالوقف لا
يصح ولا ينفذ ويحرم على المحبس تناول غلتها.
§ وإذا
كانت على وجوه البر والمصالح العامة كالمساجد والمساكين فإن نسبوا ذلك إلى أنفسهم
على أن المال مالهم لم يصح الوقف كمن وقف مال غيره على أنه له، وإن اعتبروا أن
المال لمسلمين وأيديهم في ذلك أيدي نيابة
فإنه يصح وتعتبر شروطهم في ذلك إذا كانت وفق الأحكام الشرعية.
أما الترست
في المصطلح الغربي (Trust): فهو يعني التزام من مالك أصل بنقل ذلك الأصل تحت
إدارة شخص معين يسمى الأمين أو الوصي "Trustee"، والعائد الناشئ من استغلال الأصل وتنميته واستثماره يكون
لصالح المستفيدين "Beneficiaries"
فإن لم يوجد مستفيدون بأعيانهم كانت الغلة والمنفعة لأغراض يحددها القانون[79].
وينقسم الترست في التطبيقات الاقتصادية
الغربية المعاصرة إلى ثلاث مجموعات:
1. الترست
الاستثماري.
2. الترست
الخيري.
3. الترست
الاستثماري الخيري.
فهو بهذا المعنى قريب من الإرصاد لأن الإرصاد في
بعض التطبيقات الفقهية قد يكون من غير الحاكم وفيه مرونة في التصرف وتغيير الجهة
على ما تقتضيه المصلحة بخلاف الوقف الذي يلتزم الوصي فيه مراعاة شروط الواقف دون
تبديل أو تغيير إلا إذا كانت مخالفة لقواعد الشرع، أو كانت هناك ضرورة أو مصلحة
راجحة عند بعض الفقهاء. ثم إن الإرصاد بهذا المعنى يشبه الوقف على النفس الذي قال
به المالكية، وكذلك رأيهم في جواز وقف المنفعة[80].
وأرى بأنه ليس هذا موطن التشابه الوحيد بين
الترست والتبرعات أو الصدقات الجارية في الفقه الإسلامي، فهناك أحكام العمرى
والرقبى[81] فكثير من مسائلهما تجد صداها التطبيقي في الصور
المعاصرة للترست[82].
ثانيا: الإبدال والاستبدال
يقصد بالإبدال : بيع عين من
أعيان الوقف ببدل من النقود أو الأعيان.
أما الاستبدال : شراء عين للوقف بالبدل
الذي بيعت به عين من أعيانه لتكون وقفًا محلها.
والبعض يفسر الإبدال بالمقايضة ، والاستبدال
ببيع العين بالنقود ، وشراء عين أخرى بتلك النقود. ويسمي الفقهاء الإبدال
بالمناقلة ، فقد عرفها الدردير في باب الشفعة بقوله : (المناقلة : بيع العقار
بمثله)[83].
حكم الإبدال والاستبدال[84]
: اختلفت
نظرة الفقهاء حول موضوع استبدال الوقف ، فمنهم من اتجه إلى التضييق ومنهم من جعل
في الأمر سعة.
1. مذهب
المالكية : قالوا لا يخلو محل الوقف من أحد أمرين: إما وقف
منقول ( وهو ما سوى العقار ) ، أو وقف عقار. فأما المنقول : فقد أجاز
المالكية استبداله بالبيع ، جاء في الشرح الصغير : (وبيع ما لا ينتفع به فيما حبس
عليه ... كثوب وحيوان وعبد يهرم وكتب علم تبلى ، ولا ينتفع في تلك المدرسة ، وجعل
( الثمن ) في مثله كاملاً إن أمكن أو شقه ؛ أي في جزء من ذلك الشيء إن لم يمكن
شراء كامل ... فإن لم يمكن تصدق بالثمن)[85].
وقال في شأن بيع الحيوان : (من أوقف شيئًا من الأنعام لينتفع بألبانها وأصوافها
وأوبارها ، فنسلها كأصلها في التحبيس ، فما فضل من ذكور نسلها عن النزو ، وما كبر
من إناثها فإنه يباع ويعوض عنه إناث صغار لتمام النفع بها)[86].
وأما العقار : فلا يجوز ولا يصح بيع عقار وإن خَرِب وصار لا ينتفع به سواء
كان دارًا أو حوانيت أو غيرها ولو بغيره من جنسه كاستبداله بمثله غير خرب[87].
وقد علق الصاوي في حاشيته "بلغة السالك" على كلام الدردير بقوله : [قوله
: ( وإن خرب ) : أشار بذلك لقول مالك في المدونة ، ولا يباع العقار المحبَس ولو
خرب ، وبقاء أحباس السلف دائرة دليل على منع ذلك. وردّ (بلو) على رواية أبي الفرج
عن مالك: إن رأي الإمام بيع ذلك لمصلحة جاز ويجعل ثمنه في مثله وهو مذهب أبي حنيفة
][88].
2. مذهب
الشافعية : اختلف فقهاء الشافعية في بيع الأصل الموقوف إذا
آل إلى عدم الانتفاع منه ، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه. أما إذا كانت العين
الموقوفة مسجدًا فإنه لا يجوز بيعه ولو انهدمت أو خربت المحلة حوله وتفرق الناس
عنها فتعطل المسجد[89].
3.
مذهب الحنابلة : يقسمون
الوقف بهذا الاعتبار إلى قسمين :
وقف قائم لم تتعطل
منافعه : فهذا لا يجوز بيعه ، ولا المناقلة به مطلقًا ، نص عليه في رواية على بن
سعيد ، قال : لا يستبدل به ولا يبيعه.
وقف تعطلت منافعه : يجوز
إبداله واستبداله. قال أبو طالب : الوقف لا يغير عن حاله ، ولا يباع ، إلا أن لا ينتفع
منه بشيء وعليه الأصحاب. وجوز الشيخ تقي الدين ذلك لمصلحة. وقال : هو قياس الهدي[90]
، وفصّل صاحب المناقلة في النوع الأول، فرأى أنه إذا كان الوقف لم تتعطل منافعه
والمصلحة للوقف أو أهله مرجوحة في إيقاع عقد الاستبدال ، فهذا العقد باطل غير
مسوَّغ ، لعدم رجحان الحظ لجهة الوقف في ذلك. وكذلك لو كانت المصلحة في استبداله
لا راجحة ولا مرجوحة. أما إذا كانت المصلحة راجحة للوقف وأهله في إيقاع عقد
المناقلة والاستبدال فهذه سائغة في مذهب الإمام أحمد[91].
مذهب الحنفية : يعود حق
الاستبدال والإبدال عند الحنفية إلى جهات أربع[92]:
q أن
يكون الإبدال والاستبدال من حق الواقف وذلك إذا شرطه لنفسه.
q أن
يكون له ولغيره ، وذلك في حالة اشتراط الواقف أن يشرك غيره معه في هذا الحق. فقد
نص ابن عابدين على جواز الإبدال والاستبدال في الصورتين السابقتين على الصحيح وقيل
اتفاقًا.
q أن
يكون حق الإبدال والاستبدال للقاضي إذا لم يشترطه الواقف ، فالقاضي له الولاية
العامة. فيجوز للقاضي في هذه الحالة إبدال واستبدال الوقف في حالة الضرورة بحيث
صار لا ينتفع به بالكلية بأن لا يحصل منه شيء ولا يفي بمؤنته ، وليس للوقف مالاً
لإصلاحه ، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك إذا دعت المصلحة بحيث يمكن استبدال
العقار بما هو أنفع منه. روي عن محمد قال : إذا ضعفت الأرض الموقوفة عن الاستغلال
، والقيم يعني الناظر يجد بثمنها أرضًا أخرى هي أنفع للفقراء ، وأكثر ريعًا ، كان له
أن يبيع هذه الأرض ، ويشتري بثمنها أرضًا أخرى[93].
وقال ابن عابدين عن هذه الصورة لا يجوز فيها الاستبدال على الأصح المختار.
q يكون
من حق الناظر في حالة غصب العين الموقوفة ورد الغاصب قيمتها ، فيشتري الناظر عينًا
بدلاً منها.
المبحث الرابع
ذمة الوقف والولاية عليه
أولا: ذمة
الوقف وشخصيته الاعتبارية
تفسر الذمة
في اللغة بالعهد وبالأمان وبالضمان ، ومن ذلك الذمي ؛ أي المعاهد.
أما في الاصطلاح الفقهي فهي: (صفة
يصير الشخص بها أهلاً للإيجاب له وعليه)[94].
ويعبر عنها أهل القانون : بالشخصية
الاعتبارية أو المعنوية ، والذمة بهذا المعنى مناط الحقوق والواجبات.
وتستند الشخصية الاعتبارية في الوقف إلى
ما سبق الإشارة إليه في كلام أهل العلم حول ملكية الوقف ، وتحديدًا إلى القول
القائل بخروج ملكية الوقف عن الواقف وعدم دخولها في ملكية الموقوف عليه. ومعنى هذا
أن للوقف وجودًا مستقلاً عن ذمة الواقف والموقوف عليه ، ولهذا أجاز جمهور الفقهاء
على سبيل المثال الاستدانة على الوقف. ورفض ذلك الحنفية وإن رجعوا إلى القول به
بطريق المصلحة. فقد جاء في الدر المختار : لا تجوز الاستدانة على الوقف إلا إذا
احتيج إليها لمصلحة الوقف ، كتعمير ، وشراء بذور ، فيجوز بشرطين : إذن القاضي ،
وأن لا تتيسر إجارة العين والصرف من أجرتها[95].
وكذلك أجاز الفقهاء أخذًا في الاعتبار
"الشخصية المعنوية للوقف" للناظر أن يستأجر له، ويشتري له بالأجل ، وكل
هذه الالتزامات يكون محلها "ذمة الوقف" وليس ذمة الناظر[96].
ومع تصريح الحنفية بأن الوقف لا ذمة له ،
كما ذكر ابن عابدين تعليقًا على كلام الحصكفي السابق الذكر، حيث قال: (أما الوقف
فلا ذمة له ، والفقراء وإن كانت لهم ذمة لكن لكثرتهم لا تتصور مطالبتهم ، فلا يثبت
إلا على القيم)[97].
أقول ومع هذا فإننا نجد كثيرًا من فقهاء العصر ، يؤكدون على أن ظاهر نصوص الحنفية
الكثيرة تؤكد على أن للوقف ذمة مستقلة عندهم ، مثل الشيخ علي الخفيف في كتابه
"الحق والذمة" والشيخ مصطفى الزرقا في كتابه "نظرية الالتزام"
وغيرهما من المعاصرين.
ثانيا: الولاية على الوقف
يقصد بولاية
الوقف : الإدارة التي ترعى مصالح الوقف ، بحفظ أصوله ، واستغلاله ، وتثمير
ممتلكاته ، وصرف الريع في مصارفه حسب شرط الواقف. ويسمى من له هذه الولاية بمتولي
الوقف ، أو الناظر ، أو القيم عليه.
أما من تتثبت لهم ولاية الوقف فهم[98]
:
1. الواقف : وذلك في
حالة حياته ، وتوافر الشروط الشرعية فيه للتولي ، حتى ولو لم يشترطها عند عامة
الفقهاء ، ورواية أبي يوسف من الحنفية ، أما محمد فإنه لا يثبت له الولاية إلا
بالشرط وهو مذهب الشافعية. ويمكن للواقف أن يدير الوقف بنفسه أو يعين وكيلاً عنه
في التصرف.
2.
وصي الواقف: أو من
اختاره بالشرط بعد مماته.
3. القاضي نيابة عن
الحاكم : وهو في حالة وفاته بدون تعيين أحد لتولي النظر في الوقف ، وكان على جهة
عامة أو على غير محصورين ، أما إن كان على آدميين معينين محصورين ، عددًا، أو كان
واحدًا فعند بعض الفقهاء يؤول النظر للموقوف عليه ؛ لأنه هو المختص بنفع الوقف ،
أو كما قال صاحب المغني : (لأنه ملكه ونفعه له فكان نظره إليه كملكه المطلق)[99].
وقد لخص ما سبق الحصكفي بقوله: (جعل الواقف الولاية لنفسه جائز بالإجماع ... ثم
لوصية إن كان، وإلا فللحاكم)[100].
وقد تحدث الفقهاء رحمهم الله تعالى عن شروط متولي الوقف أو الناظر ، وهي تلك
الشروط العامة في الوصي من كونه بالغًا ، عاقلاً ، راشدًا ، أمينًا ، يتحرى في
تصرفاته كلها تحقيق مصلحة الوقف ، والموقوف عليهم ، وتنفيذ الشروط الصحيحة للواقف[101].
أما عزل الناظر عن
نظارته للوقف فإنه يتم ويقع إذا عين من قبل الواقف، أو القاضي، وأرادا ذلك لسبب من
الأسباب[102].
المبحث الخامس
اشتراطـات الواقفـين
أولا: ماهية اشتراطات الواقفين
يقصد بهذه
الشروط تلك الشروط التي يشترطها الواقف عند إنشائه للوقف، ويدونها في وثيقة أو حجة
الوقف. وهي في الغالب جارية مجرى الشروط في العقود التي فصل الكلام فيها أهل العلم
في نظرية العقد والشروط وقد أخذت حظا وافرا من البحث والدراسة في الكتب الفقهية
القديمة والمعاصرة[103]:
وقد نظر الإمام
الشاطبي رحمه الله تعالى إلى هذه الشروط باعتبارها تصرفات المكلف وأفعاله وهي إما
عبادات أو معاملات ، فذكر أن ما كان من العبادات لا يكتفى فيه بعدم منافاة الشرط
لأصل أو مقتضى العقد ، دون أن تظهر الملاءمة ، لأن الأصل ألا يقدم عليها المكلف
إلا بإذن ، لأن العبادة مبنية على التوقف. أما ما كان من العادات فيكتفى فيه بعدم
المنافاة ، إذ الأصل فيها الإذن حتى يدل الدليل على خلافه[104].
لهذا فمن نظر إلى الوقف على أنه قربة وعبادة منع الإطلاق في اشتراطات الواقفين،
ومن هؤلاء الحنابلة الذين عُدّوا من الموسعين في قبول الشروط في العقود. ومن نظر
إليه على أنه من المعاملات كالحنفية والمالكية طبق عليه شروط المعاملات[105].
والأصل في شروط الواقفين المعتبرة شرعًا
أن تكون ملزمة للنظار ولمتولي الوقف ، وليس لهم مخالفتها. وقد قعّد لذلك الفقهاء قاعدتهم
المشهورة في شروط الوقف حيث ينصون على أن : " شرط الواقف كنص الشارع
"[106]،
أي في وجوب العمل به ، وفي المفهوم والدلالة. ولكن لا ينبغي العمل وتنفيذ من
الشروط إلا ما كان فيه طاعة لله ويحقق مصلحة للمكلف وأما ما كان بضد ذلك فلا
اعتبار له[107].
وهذه الشروط ليست في درجة واحدة ولا هي من نوع واحد لذلك نجد ابن القيم يقسمها إلى
أربعة أقسام هي: شروط محرمة في الشرع، وشروط مكروهة، وشروط تتضمن ترك ما هو واجب،
وشروط تتضمن ما هو واجب. فالأقسام الثلاثة الأول لا حرمة لها ولا اعتبار، والقسم
الرابع هو الشرط المتبع الواجب الاعتبار[108].
والفقهاء يردون في بعض الأحيان هذه الشروط ويبطلون بها الوقف ، وفي أحيان أخرى يصححون
الوقف ويسقطون الشرط هو ما سنتبينه فيما يلي:
ثانيا: أقسام اشتراطات الواقفين
إن جملة ما ذكره
الفقهاء في هذه الاشتراطات وخاصة الحنفية منهم يمكن تلخيصها فيما يلي[109].
1. اشتراطات
باطلة ومبطلة للوقف: وهي ما نافى لزوم الوقف وتأبيده عند من يقول
به ، كأن يشترط الواقف حق التصرف في الوقف بالبيع ، أو الهبة ، أو غير ذلك ، أو أن
يعود الوقف إلى ورثته بعد موته ، أو تؤول ملكيته إليهم عند الحاجة والعوز.
2. اشتراطات
باطلة وغير مبطلة للوقف: وهي اشتراطات ساقطة لا يعتد بها ، ويكون الوقف
معها صحيحًا ، وغالبًا ما تكون منافية للمبادئ الشرعية للوقف ، أو لا تحقق مصلحة
المستحقين ، كاشتراط الواقف لعائد يدفعه الموقوف عليه نظير ما يناله من غلة الوقف
، أو اشتراط عدم عزل الناظر ولو كان خائنًا ، أو اشتراط ألاّ يستبدل بعين الوقف
غيرها ولو صارت خربة ، فعند بعض الفقهاء يكون الوقف صحيحًا ، والشرط باطلاً
ولاغيًا.
3. اشتراطات
معتبرة ومقبولة يجب العمل بها : وهي تلك الشروط التي
لا تنافي مقتضى العقد ، كاشتراط أن تكون غلة الوقف لجهة معينة ، أو اشتراط الواقف
أداء دين ورثته من غلة الوقف، أو اشتراط أن يكون لمتولي الوقف الحق في زيادة أو
نقصان مرتبات المستحقين إلى غير ذلك من الاشتراطات المشابهة.
ثالثا: الشروط العشرة:
وهي جملة من
الشروط المعروفة في كتب الفقه، وقيدها موثقو الأوقاف بهذا العنوان، وقد فصل الكلام
عنها الفقهاء وبخاصة متأخري الحنفية، وهي[110]:
1) الزيادة
والنقصان : أن يشترط الواقف الزيادة أو النقصان في أحد أنصبة الموقوف
عليهم.
2) الإدخال والإخراج : اشتراط
الواقف حق جِعل من ليس مستحِقًا في الوقف من أهل الاستحقاق ، أو اشتراط العكس.
3) الإعطاء
والحرمان : اشتراط الواقف بأن يُؤْثِر بعض المستحقين بالعطاء دائمًا
، أو مدة من الزمن ، أو حرمانهم كذلك.
4) الإبدال
والاستبدال : وهو اشتراط حق إبدال واستبدال عين الوقف بعين
أخرى في مكانها، أو بثمن.
5) التغيير
والتبديل : وهو اشتراط حق التغيير في مصارف الوقف بحيث تصير مبالغ
محددة بدل أن تكون حصصًا مثلاً ، أو على بعض الموقوف عليهم بدل أن تكون عامة.
القسم الثاني
مستجدات في فقه الوق
المبحث الأول
مفهوم إدارة الأوقاف وتكييفها الشرعي
ما ذا نعني بإدارة
الأوقاف
؟ إن إدارة الأوقاف لا تخرج في معناها عما هو متعارف عليه في إدارة أي مرفق
من المرافق الأخرى وبخاصة القطاع الخيري.
ونعني
بها: الأجهزة الإدارية المشرفة التي تتولى تصريف شؤون الوقف والمحافظة عليه
وتعزيز قدرته على خدمة أهدافه، سواء أكان كالناظر أو وصيه أم مجلسا كمجلس الإدارة
أو الجمعية العمومية.
والتكييف
الفقهى
لإدارة شئون الوقف تدخل في مسألة الولاية على الوقف التي تحدث عنها الفقهاء
وأفردوا لها عناوين مستقلة. وقد سبق الحديث عنها تفصيلا.
ويقصد بالولاية على الوقف "النظارة": السلطة التي
ترعى مصالحه، بحفظ أصوله، واستغلاله، وتثمير ممتلكاته، وصرف الريع في مصارفه حسب
شرط الواقف. ويسمى من له هذه الولاية بمتولي الوقف، أو ناظره، والقيم عليه. وتثبت
ولاية الوقف ؟ كما سبق بيانه لـ:[111]
الواقف، وصي الواقف والقاضي نيابة عن الحاكم:
استنتاجات:
· إذا
كانت الولاية الأصلية للواقف بالإجماع، فإنه نظرا لتعدد الواقفين في الإدارة
المعاصرة (حالة الصناديق الوقفية) فإنه نظرا لتعذر انفراد أحد الواقفين بالإدارة
أو قيامهم جميعا بها بطريقة مباشرة فإنه يمكن مشاركتهم في الإدارة بطريقة غير
مباشرة من خلال الجمعية العمومية للصندوق وتمثيلهم في مجلس الإدارة ببعض الأعضاء
يتم انتخابهم بواسطة الواقفين الآخرين.
· قول
الفقهاء بأن ولاية الوقف للقاضي أو الحاكم في حالة تعذر قيام الواقفين بالنظارة
فإن ذلك يمثل مدخلا لإشراف ورقابة جهة حكومية مختصة على إدارة الوقف.
· قول
بعض الفقهاء أن للموقوف عليهم الحق في الولاية على الوقف، فإنه يمكن الأخذ بذلك
وتمثيلهم في إدارة الوقف من خلال الجمعية العمومية للصندوق.
· تجميع
عدة أوقاف تحت إدارة واحدة: قضية تدوالها الفقهاء وعبروا عنها بتعدد الواقفين
(الوقف الجماعى) سواء لغرض واحد أو لأكثر من غرض. يقول السرخسى: «ولو تصدق كل واحد
منهما بنصف صدقة موقوفة على المساكين وجعلا الوالي لذلك رجلا واحدا فسلماها إليه
جاز» ويؤكد ذلك بقوله «فلقد صار الكل صدقة واحدة مع كثرة المتصدقين»([112]).
· فائدة
الوقف الجماعي هي تفتيت موارد الأوقاف بغية تيسير تعبئتها ، لأن من أهم الإشكالات
في إدارة الوقف في العصر الحاضر شح السيولة، والعزوف عن إنشاء ، ولعل من أسباب ذلك
ارتباط مفهوم الوقف بالثراء . وهذا الرأي يساعد في حث الناس على إنشاء صناديق
وقفية لغرض خيري، من خلال إصدار صكوك وقفية بقيم مختلفة وتوجيه الدعوة لكافة الناس
بالإسهام فيها.وهذا ما يعبر في الفكر المالي المعاصر وتطبيقاته بديموقراطية
التمويل من خلال الأوراق المالية.
تصرفات الناظر : إن من أولى واجباته السعي إلى تعظيم منافع المستفيدين بقصد تعظيم ربح المشروعات الوقفية ليس ، والعمل على تعظيم ربح المنشآت الوقفية وزيادة كفاءتها وهذا ما تمليه رعاية قصد الواقف من تعظيم منافع المستفيدين ، وقد أفاض الفقهاء في الحديث عن صيانة الوقف وعمارته ورعاية مصلحته وهو ما سيتبين من خلال النقاط التالية.
· إن تصرف متولي الوقف مقيد بالمصلحة جاء في الأشباه: (تصرف القاضي في مالَه فعله في أموال اليتامى والتركات والأوقاف مقيد بالمصلحة، فإن لم يكن مبنيا عليها لم يصح)[113]. ولمتولي أن يقوم بكل ما تمليه مصلحة المستفيدين جاء في الإسعاف : (وليس له أن يبني في الأرض الموقوفة بيوتا لتستغل بالإجارة؛ لأن استغلال الأرض بالزراعة، فإن كانت متصلة ببيوت المصر ، ويرغب الناس في استئجار بيوتها ، والغلة من البيوت فوق غلة الزراعة، جاز له البناء حينئذ لكون الاستغلال بهذا أنفع للفقراء)[114].
· اتفق جمهور الفقهاء على أن الواقف له تأجير الأعيان الموقوفـة بأجرة المثل[115]: وقد ذهب الحنفية إلى أن الإيجار بأقل من أجر المثل الذي قد يصل إلى حد الغبن الفاحش يؤدي إلى فساد العقد ، بل صرح في البحر بأنه ينبغي أن يكون ذلك خيانة من المتولي لو كان عالما بذلك[116]. أما الحنابلة فقد رأوا صحة العقد إذا أجر الناظر بأقل من أجر المثل ، ولكن قالوا : بضمان الناظر للنقص في الأجرة، كما يقع للوكيل إذا باع بأنقص من ثمن المثل[117]. وقد علق ابن رجب في قواعده على قاعدة تعدي الوكيل بقوله : (ولهذا ألحقه القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول ببيع الوكيل فصححاه وضمناه النقص ، ومثله إجارة الناظر للوقف بدون أجرة المثل)[118]. والمالكية ينهجون نهج الحنابلة إلا أنهم يفرقون بين كون الناظر مليّا فيضمن تمام أجرة المثل ، وبين كونه معسرا فيرجع على المستأجر لأنه مباشر[119].
· عمارة الوقف ومرمته: وقد اتفق الفقهاء على أن أول واجب يقوم به المتولي هو عمارة الوقف ، سواء شرط ذلك الواقف أم لا[120]. قال الإمام النووي : (وظيفة المتولي العمارة ، والإجارة ، وتحصيل الغلة ، وقسمتها على المستحقين ، وحفظ الأصول والغلات)[121]. وجاء في الإسعاف (أول ما يفعله القيم في غلة الوقف البداءة بعمارته ، وأجرة القوام وإن لم يشترطها)[122].وفصل صاحب الإنصاف وظائف الناظر ، ومما ذكره أن (وظيفة الناظر : حفظ الوقف ، والعمارة ، والإيجار ، والزراعة ، والمخاصمة فيه ، وتحصيل ريعه) إلى أن قال: (والاجتهاد في تنميته ، وصرفه في جهاته ، من : عمارة ، وإصلاح ، وإعطاء مستحق)[123]. وقد قرر ابن عابدين قاعدة جليلة في الموضوع حيث قال : "عمارة الأعيان الموقوفة مقدمة على الصرف إلى المستحقين"[124]. ونص ابن نجيم على أنه لو شرط الواقف استواء العمارة بالمستحقين لم يعتبر شرطه ، وإنما تقدم عليهم[125].
· من الأمور الاحترازية المحاسبية التي يقوم بها الناظر احتجاز مبلغ من الريع كل سنة لمجابهة الطوارئ، وقد قرر بعض الفقهاء أن للناظر حجز مبلغ من ريع الوقف سنويا لاستعماله حين الحاجة في عمارة الأوقاف وصيانتها حتى وإن لم تدع الحاجة الآنية إلى ذلك . جاء في الأشباه : (إذا جعل تعمير الوقف في سنة وقطع معلوم من المستحقين كلــهم أو بعضهم ، فما قطع لا يبقى دينا على الوقف ، إذ لا يحق لهم في الغلة زمن التعمير ، بل زمن الاحتياج إليه ، عمره أولا . وفي الذخيرة ما يفيد أن الناظر إذا صرف لهم مع الحاجة إلى التعمير فإنه يضمن)[126]. وأطال ابن نجيم الحنفي النفس في بيان متى يحق للناظر اقتطاع جزء من الريع للصيانة ، ولأهمية النص فإنني أورده بتمامه ، قال : (الواقف إذا شرط تقديم العمـــارة ، ثم الفاضل عنها للمستحقين ، كما هو الواقع في أوقاف القاهرة ، فإنه يجب على الناظر إمساك قدر ما يحتاج إليه للعمارة في المستقبل ، وإن كان الآن لا يحتاج الموقوف إلى العمارة على القول المختار للفقيه. وعلى هذا فيفرق بين اشتراط تقديم العمارة في كل سنة والسكوت عنه ، فإنه مع السكوت تقدم العمارة عند الحاجة إليها ، ولا يدخر لها عند عدم الحاجة إليها ، ومع الاشتراط تقدم عند الحاجة ويدخر لها عند عدمها ثم يفرق الباقي ، لأن الواقف إنما جعل الفاضل عنها للفقراء . نعم إذا اشترط الواقف تقديمها عند الحاجة إليها يدخر لها عند الاستغناء ، وعلى هذا فينظر الناظر في كل سنة قدرا للعمارة ، ولا يقال إنه لا حاجة إليه لأنا نقول قد علله في النوازل بجواز أن يحدث للمسجد حدث والدار بحال لا تغل)[127]
المبحث الثاني
استثمار
أموال الوقف وموارده
المراد باستثمار أموال الوقف: يقصد باستثمار أموال
الوقف تنمية الأموال الوقفية سواء أكانت أصولاً أم ريعاً بوسائل استثمارية مباحة شرعاً.
وهو نص قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بخصوص استثمار الأموال الوقفية[128]
تتعدد صور استثمار أموال الوقف
بحسب تعدد أصل المال الموقوف، ويمكن استعراض أهم تلك الصور فيما يأتي:
المسألة الأولى: استثمار الأصل
الموقوف: ويكون
ذلك بحسب غرض الواقف على النحو التالي:
أولا: الأصل الموقوف المحدد
الغرض من قبل الواقف بالانتفاع المباشر بالعين الموقوفة
مثل: الدار للسكنى، والمسجد
للصلاة، والمقبرة للدفن. فهذا الوقف لا يمكن القول باستثماره ؛ لأنه يلغي شرط الواقف وهو الانتفاع
المباشر من الأصل الموقوف، وإنما يمكن استغلاله بتمكين المستفيدين (بأعيانهم أو
بأوصافهم) من الانتفاع من العين الموقوفة مباشرة، كالانتفاع بسكنى الدار، أو
الصلاة في المسجد، أو الدفن في المقبرة حسب شروط الواقف. وقد جاء في توصيات منتدى
الوقف الأول (يجب استثمار الأصول الوقفية سواء كانت عقارا أو منقولة ما لم تكن موقوفة
للانتفاع المباشر بأعيانها)[129].
وهو ما أكد عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي[130].
أما العمارة وصيانة العين الموقوفة في هذه الحالة، فإن شرط الواقف مالا للصيانة
عمل بشرطه، حيث تكون العمارة والصيانة من المال الذي شرطه. جاء في أسنى المطالب:
(فصل: نفقة الموقوف، ومؤن تجهيزه، وعمارته من حيث شرطت، أي شرطها الواقف من ماله)[131]
وإن لم يشترطها فالأقرب أن تكون على المستفيدين إن كانوا معينين، لأنهم ينتفعون
بالأصل الموقوف ويستغلون منافعه فوجب إصلاحهم لما يتعطل منه[132]،
إعمالا لقاعدة (الخراج بالضمان). وإذا امتنع من له حق السكنى عن الصيانة فإن
القاضي يؤجرها ويعمرها ببدل الإيجار، جاء في درر الحكام : ( وَلَوْ أَبَى؛ أَيْ
الْمُعَيَّنُ عَنْ عِمَارَةِ الْوَقْفِ أَوْ عَجَزَ عَنْهَا عَمَّرَهُ الْحَاكِمُ
بِأَنْ آجَرَهُ وَعَمَّرَهُ بِأُجْرَتِهِ فَرَدَّهُ إلَيْهِ؛ أَيْ الْمَوْقُوفِ
عَلَيْهِ)[133]
كما أن الإمام السرخسي ذهب إلى أن: من وقف داره للسكنى فالعمارة على من له السكنى
لأن المنفعة له فكانت المؤنة عليه، فَإِنْ امْتَنَعَ, مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَمْ
يَقْدِرْ عَلَيْهَا بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا , آجَرَهَا الْقَاضِي وَعَمَرَهَا
بِالْأُجْرَةِ[134].
فَإِنْ
تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ بيع
الْوَقْفُ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى تَكُونُ وَقْفًا للضَّرُورَةِ إنْ
لَمْ تُمْكِنْ إجَارَتُهُ[135]. وإن كان على غير معين كالمساكين فالأوجه أن تكون الصيانة على بيت
المال[136].
وإذا تعطل الموقوف بذهاب منفعته فيمكن للناظر استبداله بأصل آخر يحقق غرض الواقف
وشرطه، وذلك وفق الآراء الفقهية في الاستبدال . كما أنه يمكن أن تُعمّر من وفور
أوقاف أخرى تتحد معها في الغرض. وقد نقل الشيخ عبد الله بن بيه في بحثه رعي
المصلحة نقولا كثيرة عن متأخري المالكية وغيرهم بجواز استعمال وفر الوقف في غيره
من أوجه البر وبصرف الأموال المرصودة لوجه من أوجه البر في غيره من الوجوه إذا
لاحت مصلحة في ذلك[137].
ثانيا: العين الموقوفة للاستغلال وصرف ريعها حسب شرط
الواقف
اتفق الفقهاء على أن أول واجب يقوم به
المتولي هو عمارة الوقف، سواء شرط ذلك الواقف أم لا[138]. قال الإمام النووي: (وظيفة المتولي العمارة، والإجارة، وتحصيل الغلة،
وقسمتها على المستحقين، وحفظ الأصول والغلات)[139]. فمتولي الوقف وكيل في التصرف بغض النظـــر عن كونه وكيلا للواقف كما قال أبو يوسف
أو عن الفقــراء كما ذهب إليه محمد[140] رحمهما الله ، ويضمن بالتعدي
والتقصير ، وتصرفه مقيد بالمصلحة. جاء في الأشباه : (تصرف القاضي في ما له فعله في
أموال اليتامى والتركات والأوقاف مقيد بالمصلحة ، فإن لم يكن مبنيا عليها لم يصح)[141]. ولهذا نرى أن كثيرا من الفقهاء يخولون للناظر عمل ما تمليه مصلحة
المستفيدين حتى وإن أدى ذلك إلى تغيير في ملامح الوقف بغية زيادة النفع لهم. جاء في الإسعاف: (وليس له أن يبني في الأرض الموقوفة
بيوتا لتستغل بالإجارة؛ لأن استغلال الأرض بالزراعة، فإن كانت متصلة ببيوت المصر،
ويرغب الناس في استئجار بيوتها، والغلة من البيوت فوق غلة الزراعة، جاز له البناء
حينئذ لكون لاستغلال بهذا أنفع للفقراء)[142].
ولا يتأتى للناظر تحقيق قصد الواقف بحبس الأصل عن التصرف وتحصيل الريع
وصرفه للمستحقين إلا باستغلال الأصل وتنميته وتثميره، وهو ما يحقق الفوائد
الاجتماعية والاقتصادية من الوقف. وقد يستأنس لجواز الاستثمار في مثل هذه الحالات بما
يأتي:
1.
قول الفقهاء باستثمار أموال الزكاة، وقد جاء بذلك
قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة حيث أشار إلى جواز توظيف أموال
الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة
للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها، على أن يكون بعد تلبية الحاجة
الماسة الفورية للمستحقين وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر[143].
فإذا جاز
استثمار أموال الزكاة وهي أخص من الأوقاف لأن مصارفها محددة بينما الوقف يكون في
الغالب على جهات بر عامة[144]
فإنه يجوز في الوقف من باب أولى.
2.
قول الفقهاء بجواز وقف النقود للمضاربة والسلف وهو مذهب
المالكية، ورواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، ورواية الأنصاري
من أصحاب زفر من الحنفية وقول عند الزيدية[145]. وتكون نفقة الوقف ومؤنته في هذه
الحالة من ريع الوقف وغلته على القول المشهور عند العلماء[146].
ثالثا: اشترط الواقف استثمار
الأصل بجزء من الريع: فوفقًا لما أورده الفقهاء في اشتراطات الواقفين فإن
مثل هذا الشرط معتبر شرعا، ولا ينافي مقتضى الوقف. ويمكن الاستئناس لجواز ذلك بما
يأتي:
أ- أن هذا الاشتراط يشبه اشتراط الواقف الاستبدال وقد أخذ بذلك الفقهاء
وبخاصة إذا كانت مصلحة الاستبدال راجحة.
ب- أن الفقهاء قالوا بجواز استثناء الغلة من الوقف لينتفع بها الواقف أو من
شاء[147]،
فإذا جاز للواقف أن يستثني من الوقف ما لا يعود بالمصلحة على الغرض الموقوف من
أجله المال فكيف لا يصح له استثناء جزء من الريع وصرفه في تنمية الأصل الموقوف[148]
مما يعود بالنفع على الوقف والمستفيدين منه. وقد جاء في قرارات وتوصيات منتدى
قضايا الوقف الفقهية الأول ما نصه: (يعمل بشرط الواقف في تنمية أصل الوقف بجزء من
ريعه ولا يعد ذلك منافيا لمقتضى الوقف ويعمل بشرطه كذلك في عدم تنميته بجزء من
ريعه)[149].
وهو ما أكده قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي في هذا الخصوص (يعمل بشرط
الواقف إذا اشترط تنمية أصل الوقف بجزء من ريعه، ولا يعدّ ذلك منافياً لمقتضى
الوقف، ويعمل بشرطه كذلك إذا اشترط صرف جميع الريع في مصارفه، فلا يؤخذ منه شيء
لتنمية الأصل)[150]
.
المسألة الثانية: استثمار ريع الوقف
الريع: بفتح الراء النماء والزيادة[151]،
ويقال الغلة[152].
وفي الاصطلاح: يقصد به ما تخرجه الأرض من زرع وما تحمله الأشجار من ثمر وما
يكون من كراء الحيوان والعقار[153].
ويقصد به في الوقف الإيراد الناتج من استثمار الأصول الوقفية سواء كانت عقارا أو
نقودا أو أوراق مالية أو غير ذلك من الأموال الأخرى. ويتضمن الكلام عن استثمار
الريع الحالات الآتية:
1- أن يطلق
الواقف، فلا يشترط الاستثمار وعدمه: فالوقف في هذه الحالة مجرد من أي قيد يتعلق
بالاستثمار حيث لا شرط للاستثمار الأصل الموقوف أو عدمه.
2- الأوقاف
القديمة التي ضاعت حُجَجها الوقفية ومعها شروط الواقف. فالحالتان (1) و (2)
متماثلتان، الأولى: خلت حجة الوقف من أي قيد وشرط يخص استثمار الأصل الموقوف،
وأطلق الواقف في هذه الحالة ولم يشترط الاستثمار كما أنه لم يشترط أيضا عدم
الاستثمار سواء بجزء من الريع أم بأي مصدر تمويلي آخر. والثانية: لكون حجة الوقف
اندثرت فلم تعد شروط الواقف معروفة فأشبهت الحالة الأولى. والذي يظهر – والله
أعلم- هو إعمال مبدأ المصلحة في الاستثمار من عدمه في الحالتين، وتغليب جانب
الاستثمار حين تكون المصلحة راجحة للوقف، وقد يعد ذلك أمرا مقبولا في هاتين
الحالتين إن لم يكن مطلوبا. وقد نبه فضيلة الشيخ ابن بية إلى أنه يمكن الاستدلال
لهذا الرأي بما يأتي[154]:
أ- اعتبار المصلحة الغالبة في
استثمار أموال الوقف التي تمليها الاعتبارات الاقتصادية وليس الحاجة والضرورة.
ب-
القياس على
جواز المضاربة في مال اليتيم بل استثمار أموال الوقف أولى.
ج- القياس على التصرف في مال
الغير بالمصلحة الراجحة كما في حديث ثلاثة الغار ومنهم الرجل الذي استأجر أجيرا بفرق
ذُرة ولم يأخذ الأجير أجره، فعمد إلى ذلك الفرق فزرعه حتى جمع منه بقراً برعاتها
فجاء الرجل فقال: أعطني حقي، فقال له: انطلق إلى ذلك البقر ورعاتها فإنها لك[155]
وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقـوله: باب إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم وكان في
ذلك صلاح لهم. وقد علق فضيلة الشيخ على ما أورده آنفا بقوله: فهذا يدل على أن
التصرف بالإصلاح وبما هو أصلح أمر مقبول شرعاً . ثم إن مال الغير يشمل مالاً
مملوكاً لشخص لم يخرج عن ملكه ويشمل مالاً موهوباً لشخص آخر، وأمر غلّة الوقف أخف
من أمر أصل الوقف.[156]
1. وقد
أشارت قرارات وتوصيات منتدى قضايا الوقف الفقهية إلى أنه ينبغي موافقة المستحقين
على استثمار الريع في هذه الحالة إذا كان الوقف ذريا لأن حقهم تعلق به فلابد من
إذنهم[157].
أما قرار المجمع فقد فرّق بين حالة الإطلاق وحالة الاشتراط وجاء نصه كما يلي: (الأصل عدم
جواز استثمار جزء من الريع إذا أَطلق الواقف ولم يشترط استثماره إلا بموافقة
المستحقين في الوقف الذُّري. أما في الوقف الخيري فيجوز استثمار جزء من ريعه في
تنمية الأصل للمصلحة الراجحة بالضوابط المنصوص عليها )[158]
وسترد لاحقا.
د-
مراعاة قاعدة قصد
الواقف لا للفظه التي ذكرها الشيخ عبد الله بن بية نقلا من المعيار[159]،
وقد ورد في مواهب الجليل للحطاب المالكي بعض التطبيقات لهذه القاعدة[160]. وقد جاء في بعض نوازل فقهاء المالكية:
أنه
يجوز أن يفعل في الحبس ما فيه مصلحة له مما يغلب على الظن حتى كاد أن يقطع به أن
لو كان المحبس حياً وعرض عليه ذلك لرضيه واستحسنه[161].
وقال القفال الشافعي:)لا بد من النظر إلى مقاصد الواقفين، وكل أحد يجزم بأن غرضه توفير
الريع على جهة الوقف، وقد يحدث على تغاور الأزمان مصالح لم تظهر في الزمن الماضي،
وتظهر الغبطة في شيء يقطع بأن الواقف لو اطلع عليه لم يعدل عنه فينبغي للناظر أو
الحاكم فعله)[162]،
وهذا مما يقوي القول بجواز استثمار الأصل الموقوف في مثل هذه الحالات تحقيقا
لمصلحة الوقف التي أكد عليها الفقهاء فيما سبق.
هـ-
الاستئناس بما فعله سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما آل إليه من أموال
الغنائم، حيث إنه رفض قسمتها على الجيش كأرض السواد في العراق، وأراضي مصر والشام،
بغية استثمارها من أجل تأمين موارد مالية ثابتة لبيت المال[163].
وقد سبق قرار مجمع
الفقه الإسلامي في جواز استثمار الريع بالضوابط الشرعية التي نص عليها القرار
والتي سترد تفصيلا.
المسألة الثالثة: استثمار الفائض من غلة
الوقف
يقصد بالفائض: الباقي من ريع الوقف بعد
توزيعه على المستحقين وحسم النفقات والمخصصات[164].
والأصل في ريع الوقف توزيعه على المستحقين حسب شروط الواقفين، لكن يحدث أن يكون
هناك وفر في الريع من غلة الوقف بسبب زيادتها الكبيرة، أو انخفاض في عدد
المستفيدين، أو انقطاع بعض جهات البر الموقوف عليها، أو انخفاض كبير في النفقات
الإدارية والصيانة وغيرها، فينتج عن ذلك فائض لا يتم توزيعه. فهل يمكن استثماره
بشراء أصول من جنس الوقف تكون وقفا هي الأخرى يصرف ريعها على نفس أغراض الوقف
الأصلي ؟ أو صرفها في جهات بر عامة أخرى وهو استثمار للفائض أيضا. وللفقهاء في ذلك
اتجاهات، يمكن أن نذكر منها:
1- يجوز
استثمار الفائض إذا كان الأصل الموقوف على المسجد دون غيره وهو رأي عند الشافعية،
حيث نصوا على أنه إذا فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ مَالٌ فيجوز فلِلنَّاظِرِ
أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ إذَا كَانَ لِمَسْجِدٍ ; لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ بِخِلافِ
غَيْرِه[165]
.
2- يستثمر
الفائض مطلقا سواء كان الوقف على مسجد أو غيره، ولا يُصْرَفُ في هذه الحالة لجهات
بر عامة كالفقراءِ , كما أنه لا يُصْرَفُ فَائِضُ وَقْفٍ لِوَقْفٍ آخَرَ اتَّحَدَ,
وَاقِفُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ[166]،
وَإِنَّمَا يَشْتَرِي الْمُتَوَلِّي بالفائض مُسْتَغَلاً يصرف ريعه على الموقوف
عليهم، ولا يكون وقفا لجواز بيعه[167].
3- يستثمر
الفائض حتى ولو كان الوقف على المسجد فيشتري المتولي بالفائض عقارا وإذا رأى
الحاكم وقفه على جهة فيكون وقفا وهو رأي منقول عن الإمام الغزالي، وقد انتقد بأنه
لا يصح لعدم تمام ملك الواقف، وحتى وإن قيل بتصور الوقف من غير المالك فإنه لا يصح
إذ لا ضرورة إليه وبقاؤه على المسجد أولى[168].
وهذه المسألة كانت مثار خلاف بين فقهاء المالكية كما يحكيه أبو عبد الله القوري
حينما سئل فأجاب: إن المسألة فيها خلاف في القديم والحديث والذي به الفتيا إباحة
ذلك وجوازه وتسويغه وحليته لآخذه وهذا مروي عن ابن القاسم رواه عنه ابن حبيب عن
أصبغ وبه قال عبد الملك بن الماجشون وأصبغ. وتعليلهم لذلك هو أن ما قصد به وجه
الله يجوز أن ينتفع ببعضه إذا كانت لذلك الحبس غلة واسعة ووفر كثير يؤمن من احتياج
الحبس إليه حالاً ومآلاً. وبالجواز أفتى ابن رشد بإصلاح مسجد من وفر مسجد غيره ،
ولهذا ذهب الأندلسيون خلاف مذهب القرويين وبه قال ابن القاسم والأصح الجواز وهو
الأظهر في النظر والقياس وذلك أنا إن منعنا الحبس حرمنا المحبس من الانتفاع الذي
حبس من أجله وعرضنا تلك الفضلات للضياع لأن إنفاق الأوفار في سبيل كمسألتنا أنفع
للمحبس وأنمى لأجره وأكثر لثوابه[169]
. وقد
جاء قرار منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول بجواز استثمار الفائض من الريع بعد
توزيع الريع على المستحقين وحسم النفقات والمخصصات[170].
وهو ما أكد عليه مجمع الفقه الإسلامي في قراره سالف الذكر حيث ونصه: (يجوز
استثمار الفائض من الريع في تنمية الأصل أو في تنمية الريع، وذلك بعد توزيع الريع
على المستحقين وحسم النفقات والمخصصات)[171].
المسألة
الرابعة: استثمار المخصصات والأموال المتجمعة من الريع
2. تمثل
المخصصات في الوقف: تلك الأموال المحتجزة من الريع مقابل
استهلاك الأصول "مخصص الإهلاك" ، أو الصيانة وإعادة الإعمار، أو ديون
الوقف على الغير ويشك في تحصيلها "الديون المعدومة"[172].
وهي عبارة عن نسب معينة تقتطع من الريع حسب ما تقتضيه القواعد والأعراف المحاسبية.
أما الأموال المتجمعة فهي ما تجمع من الريع وتأخر صرفه لسبب من الأسباب. ويتضح بأن
المخصصات أموال محجوزة للوقف لإصلاحه وصيانته من أجل استمراره تحقيقا لمقصد الوقف
القائم على تأبيد الأصل وتسبيل المنفعة، ويلحق بها الأموال المتجمعة التي لم تصرف،
وكذلك ما في حكم هذه الأموال كقيمة ضمان متلفات الوقف وغصبه. وهي بهذا تابعة للأصل
وتأخذ حكمه أي حكم استثمار الأصل الموقوف[173].
وهو ما أكد عليه منتدى قضايا الوقف حيث نص على جواز استثمار هذه المخصصات والريع
المتجمع وإعطائه حكم الأصل[174].
كما أباح مجمع الفقه الإسلامي الدولي استثمار المخصصات والأموال المتجمعة حيث نص
على أنه : (يجوز
استثمار الأموال المتجمعة من الريع التي تأخر صرفها) و (يجوز استثمار المخصصات
المتجمعة من الريع للصيانة وإعادة الإعمار ولغيرها من الأغراض المشروعة الأخرى)[175]
المسألة الخامسة: ضوابط استثمار أموال
الوقف وعوائده
يتضح لنا في ختام هذا الفصل
بأن أغلب الصور التي أوردناها سلفا كان الاتجاه القائل بجواز الاستثمار ظاهرا
وبارزا، وهذا لا يعني على الإطلاق القول بجواز الاستثمار من غير قيد أو ضابط، ولكن
حيث ما ورد القول بجواز الاستثمار فإنه لا بد أن يكون ذلك بضوابط دقيقة يحسن أن
نلخصها في الآتي[176]:
1. أن
يكون الاستثمار في وجه من الوجوه المباحة شرعا، فلا يجوز للناظر أو لهيئة الوقف
إيداع أموال الوقف بقصد الحصول على الفوائد الربوية، أو الاستثمار في السندات
الربوية، أو شراء أسهم لشركات أصل نشاطها حرام، أما الشركات التي أصل نشاطها مباح
وإنما تتعرض للتعامل عرضا وعطاء فهذا يمكن أن تنظر فيه اللجنة الشرعية لهيئة الوقف
أو أي جهة أخرى وتقضي فيه بحسب المصلحة.
2. مراعاة
شروط الواقفين فيما يقيدون به الناظر في مجال تثمير ممتلكات الأوقاف، ولو شرط
الواقف وجها استثماريا معينا فيجب العمل به فشرط الواقف كنص الشارع.
3. عدم
المجازفة والمخاطرة في المشروعات ذات المخاطر العالية التي لا يمكن توقعها ووضع
الحماية لها.
4. التنويع
في المحفظة الاستثمارية للتقليل من المخاطر العالية.
5. الاعتماد
على دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات الوقفية، وتوثيق عقودها، والحصول على
الضمانات الكافية.
6. اختيار
صيغ الاستثمار الملائمة لطبيعة الأوقاف بما يحقق مصالح الوقف ويجنبه مخاطر ضياع
حقوق المستفيدين.
7. السعي
لتحقيق العائد الاجتماعي في الاستثمارات الوقفية دون التضحية بالربح وتعظيمه لصالح
الموقوف عليهم.
الخاتــمــــــة
هذا
غيض من فيض مما دبجه يراع فقهائنا وعلمائنا مما انتخبته وجمعته من الأحكام الفقهية
للوقف في مدونات الفقهاء وكتبهم بغرض الاستفادة منها في هذ الملتقى العلمي المبارك،
وما رمنا الاستقصاء والتتبع لكل الأحكام وإنما اكتفينا بما هو مهم ويحقق المقصد من
بيان بعض الأحكام والمسائل وبخاصة ما له علاقة بالتطبيقات المعاصرة.
ومع
أي جهد يب1ل في هذا الشأن لكن سيبقى المجال واسعا للاجتهاد الفقهي المعاصر في
أحكام الوقف ونوازله، وآفاقه الرحبة وفق المتغيرات والمستجدات.
وهناك
جملة من المسائل والقضايا المستجدة ظهرت بسبب تغير الأساليب الإدارية والاستثمارية
والطفرة الهائلة في التطور المالي والنقدي، وظهور أنواع كثيرة من الأموال التي لم
تكن معروفة من قبل، وأضحت تشغل حيزا مهما في الأصول المتداولة ومظهرا للثروة ، فاتجهت
إرادة الواقفين لها بدلا من العقارات والأصول العينية الأخرى مما أفرز نوازل عدة
في مسائل وموضوعات متنوعة ولعل من أهمها: مسائل الاستبدال، والتغيير في الأصول
الوقفية بين الأصول العينية والمالية بحسب ما تقتضيه مصلحة المستفيدين وإدارة
المخاطر في تثمير الممتلكات الوقفية وأثره على استثمار وتنمية الموارد
الوقفية، ووقف النقود والأصول المالية
الأخرى كالأسهم والسندات. وكذلك إدارة الوقف وتطوير نظمها وأساليبها بما يحقق
مقاصد الوقف وسبل الإفادة في ذلك من المؤسسات الأهلية والعمل الطوعي ومؤسسات
الخدمة الاجتماعية لما لديها من خبرة واسعة وبرامج عمل متنوعة. إلى غير ذلك من
المسائل والموضوعات المهمة.
وجملة
هذه القضايا يحسن أن تخصص لها حلقات نقاش وحوار لتبادل الرأي تمهيدا لإعداد أوراق عمل
لعرضها على الهيئات والمجامع الفقهية المتخصصة للنظر فيها.
والله
أسأل التوفيق والسداد هو ولي ذلك والقادر عليه.
------------------------------------
ثبت بأهم المصادر والمراجع[177]
الأزهري،
أبو منصور محمد بن أحمد
1- الزاهر
في غريب ألفاظ الشافعي الذي أودعه المزني في مختصره
الطبعة :
الأولى
تحقيق :
محمد جبر الألفي.
الكويت :
مطبوعات وزارة الأوقاف 1399هـ/1979م.
البخاري،
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل
2- صحيح
البخاري
الطبعة الأولى
اسطنبول : 1401هـ/1981
البعلي،
أبو عبد الله شمس الدين محمدين أبي الفتح
3- المطلع
على أبواب المقنع
الطبعة :
الأولى
دمشق :
المكتب الإسلامي، 1385هـ/1965م.
البلاطنسي،
تقي الدين أبي بكر محمد بن محمد
4- تحرير
المقال فيما يحل ويحرم من بيت المال
الطبعة :
الأولى
تحقيق :
فتح الله محمد غازي الصباغ
القاهرة :
دار الوفاء، 1409هـ/1989م.
البلخي،
نظام الدين
5- الفتاوى الهندية
بيروت: دار الفكر.
البورنو،
محمد صدقي بن أحمد
6- الوجيز في إضاح قواعد الفقه الكلية
الطبعة :
الأولى
بيروت :
مؤسسة الرسالة، 1404هـ/1983.
التجكاني،
محمد الحبيب
7- الإحسان الإلزامي في الإسلام وتطبيقاته
في المغرب
الطبعة :
(بدون)
المغرب :
مطبوعات وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية 1410 هـ
/ 1990م.
ابن
تيمية، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم
8- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم
المغرب :
مكتبة المعارف
ابن
تيمية، مجد الدين أبي البركات
9- المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن
حنبل
القاهرة: مطبعة السنة المحمدية،
1369هـ/1950 .
الجرجاني،
علي بن محمد بن علي
10- التعريفات
تحقيق :
إبراهيم الأبياري
الطبعة :
الثانية
بيروت :
دار الكتاب العربي، 1413هـ/1992.
ابن جزي،
أبو القاسم محمد بن أحمد الغرناطي
11- القوانين الفقهية
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
مكتبة أسامة بن زيد.
ابن
الجلاب، أبو القاسم عبد الله بن الحسن
12- التفريع
تحقيق :
حسين بن سالم الدهماني
الطبعة :
الأولى
بيروت :
دار الغرب الإسلامي، 1408هـ/1987م.
ابن حجر
العسقلاني، أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي
13- فتح الباري بشرح صحيح البخاري
صححه :
محمد فؤاد عبد الباقي
بيروت :
دار الفكر العربي، مصور عن الطبعة السلفية
الحصكفي،
علاء الدين محمد
14- الدر المختار شرح تنوير الأبصار مطبوع
مع حاشية رد المختار لابن عابدين.
الطبعة :
الثانية
القاهرة :
دار الفكر، 1399هـ/1979م.
الحطاب،
أبو عبد الله محمد بن محمد الطرابلسي
15- مواهب الجليل بشرح مختصر خليل
الطبعة :
(بدون)
ليبيا :
مكتبة النجاح
ابن حزم،
أبو محمد علي بن أحمد
16- المحلى
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
منشورات المكتب التجاري
الخياط،
عبد العزيز عزت
17- الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون
الوضعي
الطبعة :
الثانية
بيروت :
مؤسسة الرسالة، 1403هـ/1983م.
أبو داود،
سليمان بن الأشعث السجستاني
18- سنن أبي داود
الطبعة :
الأولى
حمص :
دار الحديث ، 1393هـ/1973م.
الدردير،
أبو البركات أحمد بن محمد
19- الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب
الإمام مالك
الطبعة :
(بدون)
القاهرة :
مطبعة عيسى البابي الحلبي
20- الشرح الكبير، ( بهامش حاشية
الدسوقي)
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
دار الفكر
الرازي،
محمد بن أبي بكر بن عبد القادر
21- مختار الصحاح
الطبعة :
الأولى
بيروت :
دار الكتب العلمية، 1410هـ/1990م
ابن رشد
(الحفيد)، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد القرطبي
22- بداية المجتهد ونهاية المقتصد
تصحيح :
عبد الحليم محمد عبد الحليم، وعبد الرحمن حسن محمود
القاهرة :
دار الكتب الحديثة
الرصاع،
أبو عبد الله محمد الأنصاري
23- الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق
الإمام ابن عرفة الوافية،
المشهور:
بشرح الرصاع على حدود ابن عرفة
الطبعة :
الأولى
تصحيح:
محمد الصالح النيفر
تونس :
المكتبة العلمية التونسية
رضا، أحمد
24- معجم متن اللغة
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
دار مكتبة الحياة، 1379هـ/1960م
أبو ركبة،
السعيد
25- " الوقف الإسلامي وأثره في الحياة
الاجتماعية في المغرب".
ضمن وقائع: ندوة مؤسسة الأوقاف في العالم
العربي الإٍسلامي
بغداد، 1403هـ/1983م
بغداد :
مطبوعات معهد البحوث والدراسات العربية
الرملي، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن
حمزة.
26-
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الإمام الشافعي
القاهرة: مطبعة الحلبي، 1386هـ/1967م
الزرقا،
احمد بن محمد
27- شرح القواعد الفقهية
الطبعة :
الأولى
تصحيح :
عبد الستار أبو غدة
بيروت :
دار الغرب الإسلامي، 1403هـ/1983م
الزرقا،
مصطفى أحمد
28- أحكام الأوقاف
الطبعة :
الثانية
سوريا :
مطبعة الجامعة السورية، 1366هـ/1947م.
الزرقاني، الشيخ عبد الباقي
29- شرح الزرقاني على خليل .
بيروت: دار الفكر، 1981م
الزركشي،
شمس الدين محمد بن عبد الله
30- شرح الزركشي على مختصر الخرقي في
الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
الطبعة :
الأولى
تحقيق :
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين
الرياض :
شركة العبيكان
أبو زهرة،
محمد
31- ابن حنبل
الطبعة :
(بدون)
القاهرة :
دار الفكر العربي
32- محاضرات في الوقف
الطبعة :
(بدون)
القاهرة :
دار الفكر العربي
الزيلعي،
جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف
33- نصب الراية لأحاديث الهداية
الطبعة :
الثانية
كراتشي :
المجلس العلمي
السمرقندي،
علاء الدين محمد بن أحمد بن أبي أحمد
34- تحفة الفقهاء
تحقيق :
محمد المنتصر الكتاني، ووهبة الزحيلي
دمشق :
دار الفكر
السنوسي،
الشيخ محمد
35- الروض الزاهر في إسناد الحبس للإسلام
الباهر
الطبعة :
(بدون)
تونس :
المطبعة الرستمية
السيد،
عبد الملك أحمد
36- " الدور الاجتماعي للوقف"
ضمن وقائع: ندوة إدارة وتثمير ممتلكات
الأوقاف،جدة 1404هـ/1984م
تحرير :
حسن عبد الله الأمين
جدة :
المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب،(البنك الإسلامي للتنمية).
الشاطبي،
أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الخمي الغرناطي
37- الموافقات في أصول الشريعة
تعليق :
الشيخ عبد الله دراز
القاهرة :
المكتبة التجارية الكبرى
الشربيني،
محمد الخطيب
38- مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
دار الفكر
الشيرازي،
أبو إسحاق إبراهيم بن علي
39- المهذب في فقه الإمام الشافعي
الطبعة :
الثانية
القاهرة :
مطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1379هـ/1959م.
الصاوي،
أحمد بن محمد
40- حاشية الصاوي، الموسومة: ببلغة السالك
إلى أقرب المسالك
هامش الشرح الصغير للدردير
الطبعة :
(بدون)
القاهرة :
مطبعة عيسى البابي الحلبي
الطرابلسي،
برهان الدين إبراهيم بن موسى
41- الإسعاف في أحكام الأوقاف
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
دار الرائد العربي، 1401هـ/1981م
ابن
عابدين، محمد أمين
42- حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح
تنوير الأبصار
الطبعة :
الثانية
القاهرة :
مطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1386هـ/1996م.
ابن عبد البر، أبو عمر النمري القرطبي
43- كتاب الكافي في فقه أهل المدينة المالكي
تحقيق: محمد أحمد ولد ماريك
الرياض.
ابن عبد
الهادي، يوسف بن حسن
44- الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي
تحقيق :
رضوان مختار بن غربية
مكة المكرمة: رسالة دكتوراه مقدمة إلى قسم
الدراسات العليا الشرعية،
كلية الشريعة، جامعة أم القرى،
1408هـ/1988م.
عبد الوهاب، القاضي البغدادي
45- معونة على مذهب عالم المدينة
تحقيق : عبد الحق حميش
الطبعة الأولى
مكة المكرمة: المكتبة
التجارية
عميرة، أحمد البرلسي
46- شية عميرة على شرح المنهاج
مطبوع ضمن كتاب: حاشيتان لقليوبي وعميرة
مصر: دار إحياء
التراث الإسلامي.
العياشي، فداد - و مهدي، محمود أحمد
47- الاتجاهات المعاصرة في تطوير الاستثمار الوقفي
بحث مقدم إلى الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت
في إطار إعداد دراسة شامل حول "رؤية استراتيجية للنهوض بالدور التنموي
للوقف".
العياشي، فداد
48- قراءة في رسالة
الاستبدال لابن نجيم الحنفي
مجلة دراسات اقتصادية إسلامية
جدة: المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب
الفاسي محمد بن أحمد
49- شرح ميارة
بيروت: دار المعرفة
الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري
50- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير
للرافعى
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
المكتبة العلمية
ابن قاضي
الجبل، أحمد بن الحسن بن عبد الله
51- "المناقلة والاستبدال
بالأوقاف"
ضمن: مجموع في المناقلة والاستبدال
بالأوقاف
الطبعة :
الأولى
تحقيق :
محمد سليمان الأشقر
الكويت :
مطبوعات وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، 1409 هـ/ 1989م.
ابن
قدامة، أبو محمد عبد الله بن أحمد
52- المغني
الطبعة :
الثانية
تحقيق :
عبد الله عبد المحسن التركي، وعبد الفتاح محمد الحلو
القاهرة :
دار حجر، 1412هـ/ 1992م.
وأحيانا نشير إلى: مطبعة مكتبة القاهرة،
1388هـ.1968
بتحقيق: طه محمد الزيني.
53- المقنع
في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل
الرياض: مكتبة الرياض الحديثة، 1400هـ/1980م.
القرافي، شهاب الدين
أبو العباس
54- الفـروق
بيروت: دار المعرفة
القونوي،
قاسم بن عبد الله
55- أنيس الفقهاء في تعريفات الأفاظ
المتداولة بين الفقهاء
الطبعة :
الأولى
تحقيق :
أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي
جدة :
دار الوفاء، 1406هـ/1986م.
ابن القيم الجوزية، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي
بكر
56- إعلام الموقعين عن رب العالمين
بيروت: دار الجيل
الكاساني،
علاء الدين أبي بكر بن مسعود
57- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع
الطبعة :
الثانية
بيروت :
دار الكتاب العربي، 1394هـ/1974م.
الكمال بن
الهمام، كمال الدين محمد بن عبد الواحد
57- شرح فتح القدير
الطبعة :
الثانية
بيروت :
دار الفكر
المبارك ، محمد بن إبراهيم
58- التعليق الحاوي لبعض
البحوث على شرح الصاوي،مطبوع بها مش ا لشرح الصغير للدردير.
القاهرة:مطبعة الحلبي
المجددي
البركتي، المفتي السيد عميم الإحسان
59- التعريفات الفقهية: معجم يشرح
الألفاظ المصطلح عليها بين الفقهاء والأصوليين
وغيرهم من علماء الدين.
ضمن :
كتاب مجموعة قواعد الفقه
كراتشي :
مكتبة مير محمد
ابن المرتضى، أحمد بن يحي
60- البحر الزخار
بيروت:
دار الكتاب الإسلامي.
المرداوي،
علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان
61- الانصاف
في معرف الرجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل
الطبعة :
الثانية
القاهرة :
دار إحياء التراث العربي، 1400هـ/1980م.
مسلم، أبو
الحسين بن الحجاج
62- صحيح مسلم
ضبطه وصححه: محمد فؤاد عبد الباقي
بيروت :
دار الفكر، 1403هـ/1983م.
ابن
منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم
63- لسان العرب
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
دار صادر وبيروت، 1375هـ/1956م.
منلا خسرو محمد بن فرموزا
64- درر الحكام شرح غرر الأحكام
بيروت: دار إحياء الكتب العربية
ابن نجيم،
زين العابدين بن إبراهيم بن محمد المصري
65- الأشباه والنظائر
الطبعة :
(بدون)
بيوت :
دار الكتب العلمية، 1400هـ/1980م.
66- البحر الرائق شرح كنز الدقائق
الطبعة :
الثانية
بيروت :
دار المعرفة
النصري،
علي أحمد
67- "دراسة حول أنظمة وقوانين الوقف في
السودان"
وقائع ندوة: دور الأوقاف الإسلامية
في المجتمع الإسلامي المعاصر
الخرطوم: 1415هـ/1994م.
تحرير :
محمود أحمد مهدي
جدة :
المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب
البنك الإسلامي للتنمية. (قيد الطباعة)
النووي،
أبو زكريا محي الدين بن شرف
68- تحرير ألفاظ التنبيه أو لغة الفقه
الطبعة :
الأولى
تحقيق :
عبد الغني الدقر
دمشق :
دار القلم، 1408هـ/1988م.
69- روضة الطالبين
الطبعة :
(بدون)
دمشق :
المكتب الإسلامي
70- المجموع شرح المهذب
الطبعة :
(بدون)
بيروت :
دار الفكر
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – دولة الكويت
71- الموسوعة
الفقهية
الطبعة الثانية
الكويت: منشورات وزارة الأوقاف، 1407هـ/1987
[3] ابن قدامة ، المغني
، ج8 ، ص 184 ؛ الزركشي ، شرح الزركشي على الخرقي ، ج4 ، ص 268 ؛
ابن عبدا لهادي ، الدر النقي ، ج9 ، ص 464. وعلق على هذا التعريف في
المطلع بقوله : هذا التعريف لم يجمع شروط الوقف. وقد عرفه بعضهم بقوله : تحبيس
مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به ، مع بقاء عينه ، بقطع تصرف المالك ، وغيره في
رقبته ، يصرف ريعه إلى جهة برِّ تقربًا إلى الله تعالى. انظر: البلعي ، المطلع
، ص 285 ؛ ابن عبد الهادي ، الدر النقي ، ج2 ، ص 464. وانظر تعريف
الوقف ومناقشة التعاريف في بقية المذاهب الأخرى في المصادر التالية:
· الحنفية:
السرخسي، المبسوط، ج12، ص27 ؛ ابن عابدين، الحاشية، ج3،
ص 493 ؛ القونوي ، أنيس الفقهاء ، ص 197 ؛ المجددي البركتي ، التعريفات
الفقهية ، ص 536.
· المالكية: الرصاع
، شرح الرصاع ، ج2 ، ص 411 ؛ الحطاب، مواهب الجليل،
ج6، ص18 ؛ الخرشي، شرح الخرشي على خليل، ج7، ص78 ؛ البناني، حاشية
البناني على الزرقاني، ج7، ص74 .
· الشافعية: النووي
، تحرير ألفاظ التنبيه ، ص 237 ؛ تقي الدين البلاطنسي ، تحرير
المقال ، ص 173، الخطيب الشربيني، مغني المحتاج، 2، ص376 ؛ الإقناع
في حل ألفاظ أبي شجاع، ج2، ص26 ؛ المناوي، تيسير الوقوف على غوامض
أحكام الوقوف، ج1، ص16 ؛ الرملي، نهاية المحتاج، ج4، ص259 .
[8] بَخ، كلمة
إعجاب ورضا بالشيء ومدح به ، تخفف وتثقل، وإذا كررت فالاختيار أن ينون الأول ويسكن
الثاني، وفيها أربع لغات: الجزم، والخفض، والتنوين، والتخفيف. انظر: الخطابي، غريب
الحديث، ج1، ص61 . وتستعمل أحيانًا للإنكار وقد تكون معربة عن كلمة (بَهْ)
الفارسية. انظر : أحمد رضا ، معجم متن اللغة ، ج1 ، ص 247.
[10] يمكن لمن أراد
أن يرجع إلى بعض منها أن ينظر على سبيل المثال : سورة البقرة الآيات:
3،215،219،254،261،262،265،267،274 ؛ وسورة آل عمران ، الآيتان : 117،134 ؛ وسورة
النساء ، الآيات : 34،38 ؛ وسورة الأنفال ، الآية : 3 ؛ وسورة التوبة، الآية : 53
؛ وسورة الحج ، الآية 35 ؛ والقصص 54 ؛ والسجدة 16 ؛ والشورى 42 ؛ والفرقان 67 ؛
والحديد 10.
[13] نصب الراية لأحاديث الهداية ،
ج3 ، ص 477. وهذه العين ( عين رومة ) هي التي أشار إليها الإمام البخاري رضي الله
عنه ، فيما رواه عن أبي عبدالرحمن ، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث حوصر أشرف
وقال : أنشدكم ولا أنشد إلا أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ألستم تعلمون أن
رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( من حفر رومة فله الجنة ) فحفرتها. انظر:
صحيح البخاري ، ج3 ، ص 198 ، كتاب الوصايا ، باب إذا وقف أرضًا أو
بئرًا.
[14] رواه مسلم وأبو داود وغيرهما ، انظر : صحيح
مسلم ، ج2 ، ص 1255 ، كتاب الوصية. ؛ سنن أبي داود ، ج3 ، ص 300.
[22] رواه البخاري
ومسلم واللفظ لمسلم. انظر : البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص534، كتاب الزكاة ، باب
قوله تعالى : (وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله). مسلم ، صحيح مسلم
، ج1 ، كتاب الزكاة ، ص 676.
[26] انظر: برهان الدين الطرابلسي، الإسعاف،
ص14 ؛ أبو زهرة، محاضرات في الوقف، ص 127 ؛ الزرقاء ، أحكام
الوقف ، ص 43.
[29] انظر:ابن نجيم، البحر الرائق،
ج5، ص204 .
[30]
انظر الموضوع تفصيلا : الحنفية: السرخسي، المبسوط،
ج13، ص41 . ؛ ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص213 . المالكية:
الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج 4، ص85. الشافعية:
الشيرازي، المهذب، ج1، ص441-442 . ؛ الخطيب الشربين، مغني
المحتاج، ج2، ص384 . الحنابلة: ابن قدامة، الشرح
الكبير مع المغني، ج6، ص215-217 .
[38] انظر:
السمرقندي، تحفة الفقهاء، ج3، ص375 ؛ الكمال ابن الهمام، فتح
القدير، ج6، ص 206 ؛ الدردير، الشرح الصغير، ج5، ص423 ؛
النووي، تحرير ألفاظ التنبيه، ص 237 ؛ الشربيني، مغني المحتاج،
ج2، ص389 ؛ ابن قدامة، المغني، ج8، ص186 ؛ الزركشي، شرح
الزركشي على الخرقي، ج4 ، ص270 ؛ أبوزهرة، محاضرات في الوقف،
ص 99.
[41] انظر في ذلك:
ابن الجلاب، التفريع، ص 309-311 ؛ ابن جزي، القوانين الفقهية
، ص243 ؛ السمرقندي، تحفة الفقهاء ، ج3، ص378 ؛ ابن عابدين، الحاشية،
ج4، ص375.
[42] انظر: ابن
نجيم، الأشباه والنظائر، ص 120، 121؛ الزرقا، شرح القواعد،
229؛ البورنو، الوجيز في إيضاح القواعد، ص 206.
[43] الزرقا، شرح
القواعد، ص 229؛ وانظر: البورنو، الوجيز، ص207.
[44] انظر:
السمرقندي، تحفة الفقهاء، ج3، ص378؛ برهان الدين الطرابلسي، الإسعاف،
ص14 . مع الإشارة إلى أن بعض الأمثلة
المذكورة جرى الخلاف في صحة وقفها من عدمه مستقلة بين فقهاء الحنفية.
[45]
الكمال بن الهمام، فتح القدير، ج6، ص218 .
[46]
البلخي، نظام الدين، الفتاوى الهندية، ج2، ص362 .
[47]
عميرة، حاشية عميرة على شرح المنهاج، ج3، ص99 .
[48]
البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص244 . ومثله في: شرح المنتهى،
ج2، ص400 .
[49]
الماوردي، الإنصاف، ج7، ص11 .
[50]
ابن المرتضي، أحمد بن يحي، البحر الزخار، ج5، ص152 .
[51] الكمال بن الهمام، شرح
فتح القدير ، ج6، ص218 . واظر: منلا حسرو، درر الحكام شرح غرر الأحكام
ج2، ص137 . ، البلخي، نظام الدين، الفتاوى الهندية، ج2، ص362 .
[66]
ابن شاس، عقد الجواهر الثمينة، ج3، ص35 .
[71] انظر: حاشية الجمل
على منهاج الطالبين، ج3، ص577 ؛ الرحيباني، مطالب أولي النهى،
ج4، ص278 ؛ وزارة الأوقاف الكويتية، الموسوعة الفقهية، ج3، ص107 ؛
حماد، نزيه، معجم المصطلحات، ص50 .
[74] القرافي، الفروق، ج3، 6 ؛ الرملي، نهاية
المحتاج، خ5، ص357 ؛ بلغة السالك، ج5، ص374 ؛ المبارك، محمد
إبراهيم، التعليق الحاوي، ج6، ص488-530 . وانظر: الكبيسي، أحكام
الوقف، ج1، ص363 ؛ وزارة الأوقاف الكويتية، الموسوعة، ج3، ص107.
وعرفها المالكية والشافعية: تمليك مالك شيئاً لشخص عمر هذا الشخص.
وقد عرفها الدردير المالكي بما يفيد أنها تمليك منفعة كما هو رأي المالكية فقال:
(تمليك منفعةِ شيءٍ مملوك حياة المعطى بغير عوض). حكمها: جائزة، وقد وردت
فيها نصوص كثيرة منها عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، من أعمر عمرى فهي للذي أُعْمِرَها حيًّا وميتاً ولعقبه). انظر: الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص116؛
الموصلي، الاختيار، م2، ج3، ص 53؛ البعلي، المطلع، ص
291؛ البهوتي، كشاف القناع، ج، ص 307 ؛ ابن جزي، القوانين الفقهية، ص
245، النووي، روضة الطالبين، ج5، ص 370. ؛ الدردير، الشرح
الصغير ، ج5، ص 461. أما الحديث فقد أخرجه: مسلم،
في صحيحه ، ج3، ص 1246، 1247، كتاب الهبات، باب العمري، حديث 26.
وهو بهذا اللفظ عند الترمذي، في سننه
، ج3، ص 633، كتاب الأحكام، باب ما جاء في العمرى، حديث 1350 . 31.
أما الرقبى فقد عرفها الفقهاء بأنها: قول
الرجل لآخر إن متُّ قبلك فداري لك، وإن متَّ قبلي فدارك لي. وحكمها: اختلف فيها على قولين: أحدهما: للشافعية
والحنابلة وأبي يوسف من الحنفية، وهو الجواز.وتكون لمن أُرقِبها، ولا ترجع إلى
المُرقِب، ويعتبر الشرط فيها فاسداً. وثانيهما: لأبي حنيفة ومحمد، وهو رأي
المالكية. وهو عدم الجواز. انظر: ابن جزي، القوانين
الفقهية، ص 245 ؛ الرملي، نهاية
المحتاج، ج5، ص 410، ابن قدامة، المغني، ج8، ص ابن عابدين، الحاشية،
ج4، ص 520، الزرقاني، شرح الزرقاني على خليل، ج7، ص 104 .
[84] انظر بتوسع: قراءة
في رسالة الاستبدال، للباحث، مجلة دراسات اقتصادية إسلامية، المعهد
الإسلامي للبحوث والتدريب، جدة، ص
فائدة
: تناول العديد من متأخري الحنابلة هذا الموضوع بشيء من
التفصيل، وأعملوا في اجتهادهم في –إلى جانب النصوص- قواعد التشريع العامة ومن
أهمها المصلحة وهو ما أضاف في رأيي بعدا مهما لأداء الوقف رسالته الاجتماعية
والاقتصادية وبخاصة في واقعنا المعاصر. فقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة في مسالة
: جواز المناقلة والاستبدال للمصلحة ، أقام فيها الأدلة والبراهين على صحة رواية
جواز الاستبدال عن الإمام أحمد ، وأنه قول في المذهب ، وهو الموافق للأصول ،
والمنقول عن السلف. وهذه الرسالة مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى ، ج31 ،
ص 112-267 ، ثم أفرد ابن قاضي الجبل المسألة بمؤلف سماه "المناقلة
والاستبدال" نقل فيه كلام شيخ الإسلام وأضاف نقولاً نقلية وعقلية
كثيرة ، مع عنايته ببيان أن المسألة ليست من مفردات المذهب الحنبلي بل قال بها
كثير من الفقهاء في المذاهب الأخرى. وقد اعترضه القاضي يوسف المرداوي برسالة سماها
"الواضح الجلي في نقض حكم ابن قاضي الجبل الحنبلي" . وصنف
الشيخ عز الدين حمزة ابن الشيخ السلامية مصنفًا سماه "دفع المثاقلة في منع
المناقلة" ، وغالبه من مصنف ابن قاضي الجبل، ونقل فيه نصوصًا كثيرة عن
شيخ الإسلام، ثم أُلفت رسالة في المذهب تبين ما جرى حول المناقلة بالأوقاف من
الحكم بها أو إلغائها وفتاوى كثيرة متعلقة بالمسألة ، ولعلها لابن زريق الحنبلي.
والرسائل الثلاث الأخيرة ما عدا رسالة الشيخ عز الدين ، طبعتها وزارة الأوقاف
الكويتية في كتاب واحد سمته "مجموع في المناقلة والاستبدال
بالأوقاف" ، ط1، 1409هـ.
[98] انظر:الحصكفي،
الدر المختار، ج4 ، ص379 ؛ الحطاب، مواهب الجليل، ج6
، ص37 ؛ الشيرازي،المهذب، ج1، ص445-446 ؛ الخطيب الشربيني، مغني
المحتاج، ج2، ص 393 ؛ ابن قدامة ، المغني ، ج8 ، ص 236-237
؛ الطرابلسي ، الإسعاف ، ص 53.
[101] انظر: الحطاب،
مواهب الجليل، ج6 ، ص37 ؛ ابن عابدين، الحاشية، ج4 ،
ص 380-381 ؛ الشربيني ، مغني المحتاج ، ج2 ، ص 393-394 ؛ ابن قدامة
، المغني ، ج8 ، ص 237-238.
[103] يمكن الرجوع
بتوسع للموضوع في المصادر التالية : النووي، المجموع، ج9 ، ص262-279
؛ ابن حزم، المحلى، ج8 ، ص412-420 ؛ ابن رشد، بداية المجتهد،
ج2 ، ص202-209 ؛ ابن قدامة، المغني ، ج4 ، ص72-80 ؛ ابن تيمية، مجموع
الفتاوي، ج29 ص126-180 ؛ أبوزهرة، ابن حنبل، ص384-396 ؛
الزرقا، المدخل الفقهي العام، ج1 ، ص 461.
[106] ابن نجيم، الأشباه
والنظائر، ص 195 ؛ ابن عابدين، الحاشيـة ، ج4 ، ص 400 – 432
( مطلب في قولهم شرط الواقف كنص الشارع ).
[109] انظر في
الموضوع: الدردير، الشرح الصغير ، ج5 ، ص403 ؛ الصاوي، بلغة
السالك ، ج5، ص 403 وما بعدها ؛ الطرابلسي، الإسعاف، ص
32-39 ؛ ابن نجيم، البحر الرائق ، ج5 ، ص 258 ؛ ابن عابدين، الحاشية،
ج4 ، ص 343 ؛ ابن قدامة، المغني ، ج8 ، ص 191-193 ؛ الأنصاري ، أسنى
المطالب، ج2 ، ص 468 ؛ أبو زهرة ، محاضرات في الوقف ، ص
151.
[111] انظر: الحصكفي، الدر
المختار، ج4، ص 379؛ الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص 37؛ الشيرازي، المهذب، ج 1، ص
445، 446؛ الخطيب الشربيني، مغني المحتاج، ج2، ص393؛ ابن قدامة، المغني، ح8، ص
236، 237؛ الطرابلسي، الاسعاف، ص53.
[112]
المبسوط للسرخسى: 12/38-39
[115] انظر : ابن عابدين، حاشية ابن عابدين مع الدر
المختار شرح تنوير الأبصار، ج4 ، ص402 ، والطرابلسي، الإسعاف، وابن نجيم، الأشباه
والنظائر، ص194 ، والخرشي، شرح الخرشي على خليل ج7، ص99 ، والمرداوي، الأنصاف ، ج7
، ص73 ، والشربيني، مغني المحتاج، ج2 ، ص395.
[120] انظر: النووي، روضة الطالبين، ج5 ، ص 348 ؛ الشربيني،
مغني المحتاج ، ج2 ، ص394 ، الطرابلسي، الإسعاف ، ص60 ، ابن عابدين، حــاشية ابن عابدين ، ج4 ، ص366 ؛ الماوردي، الإنصاف ،
ج7 ، ص67 ؛ الكشناوي، أسهل المدارك، ج3 ، ص108.
[128] قرار رقم 140 (6/15) بشأن
الاستثمار في الوقف وفي غلاته وريعه، الدورة الخامسة
عشرة، المحرم 1425هـ، آذار (مارس ) 2004م. بند أولا-1 .
[131] الأنصاري، أسنى المطالب، ج2، ص437
. الهيثمي، تحفة المحتاج، ج6، ص 289 ؛ عميرة، والبرلسي،حاشيتان،
ج 3، ص 110 .
[135] انظر:
البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص 266 ؛ الرحيباني، مطالب أولي
النهى شرح غاية المنتهى، ج 4، ص 242-243 .
[138] انظر: النووي، روضة الطالبين، ج5 ، ص
348 ؛ الشربيني، مغني المحتاج ، ج2 ، ص394 ، الطرابلسي، الإسعاف
، ص60 ، ابن عابدين، حــاشية ابن
عابدين ، ج4 ، ص366 ؛ الماوردي، الإنصاف ، ج7 ، ص67 ؛ الكشناوي، أسهل
المدارك، ج3 ، ص108.
[139] النووي، روضة الطالبين، ج5 ، ص 348.
[142] للطرابلسي ، الإسعاف على أحكام الأوقاف
، ص62.
[144] انظر:
العمار، استثمار أموال الوقف، ص 21 . [144] انظر: الفاسي، شرح ميارة، ج2،
ص137 ؛ البهوتي، كشاف القناع،
ج4، ص244 . ومثله في: شرح المنتهى، ج2، ص400 ؛ الماوردي، الإنصاف،
ج7، ص11 ؛ ابن المرتضي، البحر الزخار، ج5، ص152 ؛ داما أفندي، مجمع الأنهر شرح ملتقى
الأبحر، ج1، ص739 .
[145] انظر: الفاسي، شرح ميارة، ج2،
ص137 ؛ البهوتي، كشاف القناع،
ج4، ص244 . ومثله في: شرح المنتهى، ج2، ص400 ؛ الماوردي، الإنصاف،
ج7، ص11 ؛ ابن المرتضي، البحر الزخار، ج5، ص152 ؛ داما أفندي، مجمع الأنهر شرح ملتقى
الأبحر، ج1، ص739 . [145] انظر:
الشيخ عبد الله بن بية، رعي المصلحة، ص 17 .
[146] انظر:
الشربيني، مغني المحتاج، ج 3، ص 556 ؛ البهوتي، كشاف القناع،
ج4، ص 266 ؛ ابن الهمام، فتح القدير، ج6، ص 222 ؛
[147] انظر:
القرافي، أنوار البروق في أنواع الفروق، ج2، ص 164 ؛ ابن تيمية، الفتاوى
الكبرى، ج5، ص 426 ؛ ابن القيم، إعلام الموقعين، ج4، 20 ؛
المرتضى، البحر الزخار، ج5، 153-154 .
[155] انظر
الحديث بتمامه في البخاري، صحيح البخاري، في عدة كتب، البيوع2063،
المزارعة 2165 ، الآداب 5517 ؛ مسلم، صحيح مسلم، كتاب الذكر، 4926 .
[159] الشيخ بن بية، رعي
المصلحة، ص19 . وانظر: الونشريسي، المعيار، ج 7، ص340 .
[161] نص للإمام عبد الله العبدوسي ذكره
الشيخ عبد الله بن بية في: رعي المصلحة، ص 20، نقلا عن: ميارة، شرح
التكميل ونظمه، مخطوط ص 58-59 ، كما أشار فضيلته إلى أنه يمكن مراجعة: شرح
الفقيه ابن أحمد زيدان للتكميل، ص37 .
[163] فعل
سيدنا عمر في ارض العراق مشهور يمكن مراجعته
وما وقع فيه من خلاف في : الماوردي، الأحكام السلطانية، ص
644-645 ؛ الطحاوي، شرح معاني الآثار، ج3، ص 247 . وانظر: العمار، استثمار
أموال الوقف، ص 22 في استدلاله بهذه القصة.
[165] أسنى المطالب شرح روض الطالب،
ج 2، ص471 .
[167] ابن الهمام، فتح القدير،
ج6، ص 240 ؛الطرابلسي، الإسعاف،
ص 60، الصنعاني، التاج المذهب،
ج3، ص326 ؛ المناوي، تيسير الوقوف، ج2، ص 316-317 .
[168] المناوي، تيسير الوقوف، ج2، ص 316-317 .
[169] ابن بية، رعي المصلحة،
ص 17 ؛ وانظر: الونشريسي، المعيار، ج7 ، ص187؛ الرهوني، حاشية الرهوني، ج 7 ، ص
150-151 .
[177] - الفهرس مرتب حسب حروف الهجاء مع عدم اعتبار
(ال) التعريف، وابن ، وأبو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..