ريم آل عاطف
نعم ! الآن وحسب أتنفس الصعداء , وأحتفل
وأزهو بمشاعر الرضا .
الآن فقط أتحدث عن واقعي كما هو لا تجميل
ولا رتوش ! أتحدث عن حقوقي , واجباتي , أحلامي , طموحاتي , معاناتي ... وكلي أمل أننا
أخيرا نضع أقدامنا على الطريق الصحيح .
أخيرا نضع ملف المرأة السعودية وقضاياها
تحت الأضواء الساطعة , في مكان لا تفوح منه روائح التغريب والتدخلات الخارجية والأجندات
المفروضة .
الآن وحسب نعلنها صرخة مدوية في وجه الظلم
والعنف وانتهاك الكرامة , في وجه التضليل والإفساد وقلب الحقائق , في وجه التبعية والسلبية
و الأعراف الجائرة .
نعلنها عودةً صادقة لكتاب الله نستخلص منه
مايخصنا من أحكام وما مُنحناه من حقوق , ثم نجاهد بثقة وعزيمة وحكمة في تطبيقه واقعا
في حياتنا ومجتمعنا .
الآن نطرح مشكلاتنا ونعترف بمعضلاتنا ,
ونضعها حقائق للنقاش والبحث والحوار , دون أن نخشى أن تُستغل هذه الحقائق لتوجيه طعنة
خائنة لظهورنا للوصول إلى أهداف خاصة أو تحقيق مصالح ذاتية لأي جهة . نعترف بمواطن
الضعف والقصور لنعالجها دون أن نتخوف من توظيف ذلك الاعتراف في تشويه صورة مجتمعنا
السعودي والإساءة إلى الرجل السعودي والنيل من هويتنا وثقافتنا .
هذه خواطري ومشاعري وأفكاري التي كنت قد
دونتها في أعقاب اختتام ملتقى المرأة السعودية " مالها وما عليها " والمقام
بالرياض بتاريخ 15 ـ 16 /1 / 1433 هـ . والذي نظّمه مركز باحثات لدراسات المرأة ـ جزاه
الله عنّا أجزل الثواب ـ ورعته الأميرة صيته بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود . بحضور
لافت من النخب الثقافية والأكاديمية والحقوقية وتواجد كثيف خاصةً من الجانب النسائي
.
لقد كان الملتقى بحق نقلة بارزة في مجال
حقوق الإنسان , وخطوة واثقة وصحيحة في طريق الإصلاح وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول المرأة
السعودية وحقوقها , ودفعا بها بعيدا عن أيدي السوء .. إلى ساحة النور الإلهي والعدل
واسترداد الحقوق الضائعة .
لا ألوم أعداء الدين والمرأة ! ولا ألوم
الجهلة المتسرعين ! أن هاجموا هذا الملتقى فقد أدركوا أكثر من غيرهم أن الملف الذي
كان يتداوله ذوو الرؤى المُريبة , تسلّمه أخيرا الصالحون المصلحون وأن القضية باتت
الآن في أيدي أمينة ـ بفضل الله ـ وأن الجهود الفردية المبعثرة جُمعت اليوم وبدأت انطلاقتها
القوية أكثر تنظيما وعملا مؤسسيا , ومساعي تعتمد الدقة والدراسة والإتقان والجديّة
والتجرّد .
لقد تناول الملتقى عبر أوراقه ومحاوره التأصيل
لحقوق المرأة وضوابطه في الشريعة الإسلامية , وحقوقها في النظام السعودي والقضائي وديوان
المظالم (الإيجابيات والملاحظات وآليات الإصلاح) , ثم حقوقها الاجتماعية والاقتصادية
في القطاعات (الحكومية ـ الخاصة ـ الخيرية ـ المجتمعية والأسرية ) .
وصاحب الفعاليات العديد من ورش العمل التي
تهدف إلى تنمية مفهوم الحقوق والواجبات , وتم تخصيص ركنا يقدم الاستشارات الحقوقية
والقضائية والاجتماعية , و بعض المعارض على هامش الملتقى .
يومان حافلان قادتهما المرأة السعودية باقتدار ,
أحسنت فيهما اختيار الشريك الرجل الذي ساهم معها في إنجاح هذه التظاهرة البديعة .
ولعلّ من أهم التوصيات التي خرج بها هذا
الملتقى وسيتم رفعها ـ بإذن الله ـ لخادم الحرمين ونائبه وجهات صنع القرار : إعداد
وثيقة تتضمن حقوق المرأة السعودية الشرعية والنظامية تتوافق مع أحكام الكتاب ونظام
البلاد لتكون مرجعاً ثابتا ومعتمدا , سنُّ قوانين وتفعيل إجراءات تنفيذية تضمن حصول
المرأة على حقوقها وتطمر الفجوة بين الأنظمة وتطبيقها , العمل على وضع آلية لتنفيذ
الأحكام الشرعية الخاصة بالمطلقات وتحفظ حقوقهن و أبناءهن , إلزام الجهات الحكومية
والأهلية بالمساهمة الفاعلة في التثقيف ورفع الوعي في قضايا المرأة مع تضمين المناهج
الدراسية جوانب من حقوقها ، ودعم إقامة الجمعيات والمؤسسات التي تتبنى قضاياها وتسعى
لإزالة كل ما يعيق تحصيلها لحقوقها من استبداد ذكوري أو تقاليد مجتمعية , توفير بيئات
عملٍ آمنة نفسيا واجتماعيا وصحيا مع إتاحة الفرص لعمل المرأة عن بعد واعتماد لوائحه
واعتبار ربة المنزل امرأة عاملة وصرف مخصص مالي شهري مناسب لها .
لقد كان الطرح موضوعيا متزنا مثمرا جاء
على الكثير من أوضاع المرأة السعودية بكل ظروفها وأحوالها وما يؤرقها أو يحيط بها من
صعوبات ( المعنّفة ـ العانس ـ العاطلة ـ العاملة ـ المتقاعدة ـ المبتعثة ـ المطلقة
ـ المعلقة ) وصب في سبيل السعي الحثيث لإيجاد الوسائل العملية لإنصاف المرأة وحمايتها
. مع التأكيد على متابعة نتائج هذا الملتقى وتوصياته ومراقبة تفعيلها في أرض الواقع
.
أختم بتلك الطُرفة التي ذاعت عن بعض مهاجمي
الملتقى ولكنها للأسف فضحت أكاذيبهم حول حقوق المرأة واحترامهم لها وإيمانهم بحريتها
وكرامتها , إذ زعموا أن الملتقى خلا من أي حضور نسائي وهاجموه لذلك ! عجبي كيف لا تؤمنون
بإنسانية المرأة إلا أن خالطتكم , كيف تتجاهلون تواجدها لمجرد أن نأت بجسدها عنكم وقررت
أن تكون حاضرةً بفكرها وعقلها .
ع ق 1024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..