وصلني على البريد تعليق الأستاذ جميل
فارسي حول تصريحاتٍ لمسؤول بالشؤون البلدية والقروية، يذكر فيه أنه لا توجد نيةٌ لفرض
أية رسوم على الأراضي البيضاء، على اعتبار أن فرض الرسوم مما لا يتوافق مع الشريعة
الإسلامية.
الأستاذ جميل فارسي يتساءل –بغيرةٍ
وحُرقةٍ صادقةٍ معروفةٍ عنه-: لماذا لم تحضر قصة تحريم فرض الرسوم إلا في هذه
القضية خاصةً؟ وكيف صارت الرسوم تجبى من الناس طولاً وعرضاً، ثم لما جئنا للأراضي
البيضاء، والتي سيكون في فرض الرسوم عليها إضرارٌ
بمصالح الكبار، صارت الرسوم هنا حراماً و سحتاً؟
تساؤلٌ في محله. وبخاصةٍ حين يكون
الكلام عن جهةٍ مثل وزارة الشؤون البلدية التي تفرض الرسوم عليك حتى مقابل تعليق
لوحة دعائية على واجهة بقالتك التي تملكها بحر مالك. لكن مع ذلك، فليس بإمكاني إنكار
أن ما ذكره المسؤول حول تحريم فرض الرسوم على الأراضي البيضاء صحيحٌ من الوجهة
الشرعية.
فرض الرسوم والضرائب –في الأصل- مسلكٌ
ممنوعٌ شرعاً، سواءٌ فرضت هذه الرسوم على الهامور الكبير، أو على الفقير المستضعف.
وليس أضر على معايش الناس من احتراف المشرعين وتفننهم في تنويع وسائل امتصاص أموال
الناس تحت مسمى (الرسوم).
لكن إن كان هذا التحريم سيكون حاضراً
فقط في قصة الأراضي البيضاء، فلا بد من الاتجاه إذن إلى الحل الآخر، فهناك مخرجٌ
شرعيٌّ نظيفٌ بعيدٌ عن التحريم، إن رغب أصحاب القرار حقاً وصدقاً في التقيد بأهداب
الشريعة. وهو مخرجٌ ظلت الدولة تمارسه منذ عقودٍ، مستندةً على فتاوى من أعلى
مرجعية علمية في البلد.
الحل في: (التثمين) العادل لتلك الأراضي
البيضاء الواقعة في النطاق العمراني، التي في بقائها محبوسةً إضرارٌ بمعايش الناس
ومصلحتهم العامة. ثم –بعد التثمين- تنتزع ملكية تلك الأرضي، ويعوض أصحابها، ثم يعاد
بيعها لعموم الناس بالسعر نفسه.
وحين أقول: (بالسعر نفسه). فلئلا يقالَ:
إن هذا الحل مكلف وغير عملي. وإلا فإن تقديم الدعم هنا وتخفيض السعر، أقل ما يتعين
أن تفعله تلك الجهات التي تسببت أو شاركت عبر المنح الجائرة في تضييق الأرض بما
رحبت.
التثمين حلٌّ تعتمده الدولة حين تحتاج
لفتح طريق، أو إقامة مشروعٍ ذي نفع عامٍ. وأظن أن إطفاء لهيب أسعار الأراضي فيه من
المصلحة ما يفوق مصلحة فتح طريقٍ هنا، أو إقامة مرفقٍ هناك. مع أن الذي يغلب على
ظني أن قراراً مثل هذا –لو اتخذَ- فلن يطبق على نطاقٍ واسعٍ، إذ إن مجرد التلويح
به، سيكون السبيل الأسرع لدفع محتكري الأراضي إلى البيع.
لكن ،، عفواً ،، نسيت شيئاً.
هذا الحل لا يصلح إطلاقاً ...
فلو تبنت الشؤون البلدية هذا الرأي، فمن
المتوقع جداً أن يتحوَّل (التثمين) الحكومي إلى مشروعٍ استثماري آخر يفتح شهية ذوي
الكروش المنفوخة، ويسيل لعابهم، وعندها سوف تتحول أمتار التراب عند التثمين إلى
أمتارٍ من الذهب المصفى والألماس النقي.
إذن ،، لنصرف النظر عن هذا الحل.
ولتبقى الأرضي البيضاء كما هي.
ولتبق الأوضاع سوداء كما هي أيضاً.
وليشرب الأستاذ جميل فارسي من البحر إن
شاء.
لكن قبل أن يشرب رشفةً واحدةً عليه قبل
ذلك أن:
يدفع
الرسووووم ...
====================================================================================ع ق 1189عبدالعزيز قاسم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..