الأحد، 1 يناير 2012

مضيق هرمز وإيران: تحدي للسياسة الأمريكية



سايمون هندرسون
معهد واشنطن -- تنبيه سياسي




--, 29 كانون الأول/ديسمبر 2011
"ربما تكون تهديدات طهران بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي مجرد غطرسة، لكنها تمثل أيضاً تحدياً سياسياً أكبر للولايات المتحدة."

خطاب إيران الذي يعتبر تهديداً لناقلات النفط التي تمر عبر مضيق هرمز الاستراتيجي قابلته تصريحات قوية من البحرية الأمريكية التي قالت إنها لن تتسامح مع أي عرقلة للشحن البحري. لكن المشاحنات اللفظية هي بمثابة تذكير بمدى سوء استعداد دول الخليج العربي المصدرة للنفط لأي شيء يتجاوز فرض حصار محدود، فضلاً عن الآثار المحتملة لسياسة إدارة أوباما بالتدخل في المدفوعات التي اكتسبتها إيران من صادراتها النفطية.

في عام 2006، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي: "إذا قام الأمريكيون بخطوة خاطئة تجاه إيران، فإن شحنات الطاقة سوف تواجه خطراً حتمياً". وفي ذلك الوقت، رُؤيت كلماته على أنها محاولة لردع قيام هجوم "عسكري" أمريكي على إيران فيما يتعلق ببرنامجها المشتبه به لصنع الأسلحة النووية. وخلال الأشهر الأخيرة، وصف المسؤولون الإيرانيون التدابير الاقتصادية مثل العقوبات المفروضة على "البنك المركزي الإيراني" ومقاطعة النفط الإيراني على أنها أعمال حرب اقتصادية. ويجري الآن اختبار الافتراض القائل بأن أي تحرك إيراني عنيف لن يأتي إلا رداً على هجوم للجيش الأمريكي وليس إجراءات اقتصادية.

هناك أكثر من عشر ناقلات نفط ضخمة تخرج من الخليج الفارسي يومياً عبر مضيق هرمز، الذي تحده إيران في الشمال وعمان في الجنوب. كما يدخل عبره عدد مماثل من ناقلات النفط الفارغة. وتحمل الناقلات الخارجة ما يقل قليلاً عن 20 بالمائة من الطلب اليومي العالمي على النفط، وتزداد أهمية ذلك عندما نعرف أن هذه الشحنات تمثل نحو 40 بالمائة من تجارة النفط العالمية. وأي إعاقة للشحن سيكون لها تأثير مباشر على أسعار النفط العالمية. (وهناك عدد قليل لكنه متزايد من الناقلات ينقل الغاز الطبيعي المسال، حيث يزداد الطلب على هذا الغاز لا سيما في آسيا. وتعد دولة قطر الخليجية أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم).

وكانت المرة الأخيرة التي ظهرت فيها توترات بشأن صادرات نفط الخليج الفارسي أثناء حرب إيران والعراق في الفترة من 1980 إلى 1988، عندما استهدف كلا الجانبين صادرات الطرف الآخر. وقد استجابت المملكة العربية السعودية، التي كانت حليفاً للعراق في ذلك الوقت، ببناء خط أنابيب صادرات لبغداد عبر أراضي المملكة إلى البحر الأحمر – وهو خط أنابيب لم يعد مستخدماً. وفي حالة إغلاق مضيق هرمز أمام حركة الشحن، ستكون المسارات البديلة غير كافية. فستكون المملكة العربية السعودية قادرة على تصدير بعض إنتاجها من خلال خطها العابر لشبه الجزيرة العربية، كما يمكن للإمارات العربية المتحدة استخدام خط تم استكماله حديثاً يصل إلى خليج عمان لتصدير معظم إنتاجها. لكن جميع الصادرات من الكويت والحقول الجنوبية في العراق وقطر ويفترض إيران نفسها لن تتمكن من الوصول إلى أسواقها.

والحقيقة العسكرية هي أن المضيق لن يبقى مغلقاً لفترة طويلة، فقد أصرت البحرية الأمريكية على أنه سيتم إغلاق المضيق لأيام على أكبر تقدير. إن البحرية الأمريكية، ممثلة في الأسطول الخامس المتمركز في البحرين، والمدعوم بالقوات الجوية الأمريكية، التي تمتلك أسطولاً جوياً ضخماً في قاعدة العديد الجوية في قطر، تتفوق على القوات العسكرية الإيرانية. لكن من المحتمل أن تستمر أي مواجهة لعدة أيام مربكة، كما أن استخدام إيران للحرب غير المتماثلة سيكون له نتائج غير متوقعة؛ كما يمكن لإيران مضايقة الشحنات التي تمر عبر المضيق لفترة طويلة. وفضلاً عن ذلك فإن التصادم قد يفاقم التوترات داخل البحرين، حيث يواجه الشيعة الموالون لشيعة إيران قوات الأمن بصفة يومية في الدولة الخاضعة لحكم السنة. وفي الثامن والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الحالي فقط أعلنت السفارة الأمريكية في العاصمة البحرينية، المنامة، أن أفراد السفارة الذين تتطلب حركتهم اليومية المرور عبر طريق تأثر بصفة خاصة بأعمال الشغب سوف ينتقلون إلى أحياء مختلفة.

كما صرح متحدث باسم البيت الأبيض من هاواي حيث يقضي الرئيس الأمريكي أوباما عطلته بأن الإدارة الأمريكية لن تعلق على التهديد الإيراني بإغلاق المضيق. لكن سواء عبّرت واشنطن عن هذه السياسة علانية أم لا، ينبغي على الولايات المتحدة أن تنظر إلى التطور السريع للمسارات البديلة لصادرات النفط من الخليج الفارسي باعتباره سياسة تكميلية لـ "احتياطها النفطي الاستراتيجي"، الذي يهدف إلى توفير حائط حماية أثناء الفترة المحدودة التي قد تعيق فيها إيران بشكل كبير عمليات الشحن عبر مضيق هرمز. وبصرف النظر عن القيام بدور رادع للسلوك الإيراني المتهور، فإن ذلك المنهج يعد مفيداً للتعامل مع الأزمات الإقليمية الأخرى.

ومع التوقعات بأن تبقى أسعار النفط فوق مستوى 100 دولار للبرميل الواحد خلال عام 2012، يتعين على واشنطن أن تسعى إلى تشجيع زيادة إنتاج النفط في أجزاء أخرى من العالم -- على المدى القصير على الأقل. وسوف يستهدف هذا المسعى إلى خفض الأسعار وسيتم العمل تجاهه حتى وإن كان يتعارض مع الخطاب السياسي المرتبط بالأهداف طويلة الأجل لاستقلال قطاع الطاقة والتحول إلى أنواع وقود أكثر صداقة للبيئة. يشار إلى أن الولايات المتحدة تستورد كميات محدودة جداً من حاجاتها النفطية من الشرق الأوسط، لكنها تظل معرضة لأسعار النفط العالمية. فهذه الأسعار تظل بدورها حساسة للتهديدات السياسية رغم الاستراتيجيات المقابلة الراهنة، بما في ذلك الإفراج عن الاحتياطيات الاستراتيجية وطرق زيادة قدرات خطوط الأنابيب باستخدام مضافات كيمياوية. إن الحالة الاقتصادية الهشة حالياً للعديد من الديمقراطيات العالمية تعني أن السياسيين سوف يعاملون القضايا ذات الصلة بالطاقة بحذر بالغ. لكن المفارقة هي أن تصريحات إيران قد تجعل دولاً مثل الصين، التي تعتمد بشكل متزايد على واردات النفط، لا سيما من الخليج الفارسي، شريكاً دبلوماسياً أكثر تجانساً في مواجهة طهران بشأن برنامجها النووي.

سايمون هندرسون، زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسات الطاقة في معهد واشنطن، هو مؤلف دراسة المعهد لعام 2008 بعنوان الطاقة معرضة للخطر: إيران والنفط والغرب.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..