قال : فاذكر حاجتك.
قال : يا أمير المؤمنين إني فكّرت في أمرك فلم أر من هو في مثل قدرك أقلّ استمتاعاً بالنساء . وقد ملّكت على نفسك امرأه واحدة واقتصرت عليها , فإن مرضت مرضت , وإن غابت غبت, وإن غضبتْ حُرمت ! وإنما التلذذ باستطراف الجواري ومعرفة اختلاف أحوالهن , والإستمتاع بهن , فلو رأيت الطويلة البيضاء , والسمراء اللفاء والصفراء العجزاء و والغنجة الكحلاء, والمولّدات من المدنيات والملاح من القندهاريات وذوات الألسن العذبة
وجعل خالد بعذوبة لفظه واقتداره على الوصف يزيد في قوله فلما فرغ من كلامه قال السفاح : والله يا خالد ما سللك سمعي قطّ كلام أحسن من هذا. لقد حرّك فيّ ساكناً !
وبقي السفاح مفكراً عامة النهار. ( قطع قلبه خالد ) ثم دخلت عليه زوجته أم سلمة , فلما رأته دائم الفكر , كثير السهو , قليل النشاط. قالت : إني أُنكرك يا أمير المؤمنين , فهل حدث ما تكرهه؟
ولم تزل به حتى حدّثها بخبر خالد بن صفوان. (راح فيها خالد)
قالت : فما قلت لابن الفاعلة ؟
قال : سبحان الله , رجل نصحني تسبّينه ؟!
فخرجت من عنده متميزة غضباً , وأرسلت إلى خالد بجماعة من غلمانها العجم ومعهم العصيّ, ( ياساتر ) وأمرتهم ألاَّ يتركو فية عضواً صحيحاً . ( ماقلتلكم لراح فيها خالد)
أمَّا خالد فقد انصرف من عند السفاح وهو على غاية السرور بما رأى الخليفة عليه من الإعجاب بحديثه . ( مسكين يحسب أنه تكلم مع تكانه) وقعد على باب داره يتوقع جائزته . فلم يشعر إلاَّ بالغلمان , وتحقق مجيئهم بالجائزه. ( هين قابلني يا خويلد ) فلما وقفو على رأسه سألوه عن ابن صفوان ( تكفا قل مهوب أنا) لا قال ها أنذا. فأهوى بعضهم بهرواته إليه . فوثب خالد ودخل داره وأغلق بابه واستتر وعرف هفوته وزلَّته في فعله وكلامه وعلم من أين أُتيَ.
ثم إنه مكث أياماً مستتراً. ( من ذاق العجر أستتر ) فلم يشعر إلاَّ بجماعة من خدم السفاح قد هجموا عليه , فقالوا : أجب أمير المؤمنين ! ( والله النشبه )
فأيقن بالهلكة , وركب معهم وهو بلا دم . (مايلاام ) فلما دخل عليه وسلم فرد عليه , سكنت نفسه بعض السكون . وأومأ إليه بالجلوس فجلس.
ونظر خالد فإذا خلف ظهر السفاح باب عليه ستور قد أُرخيتْ وأحس بحركة خلفه .
ثم قال الخليفة : ياخالد ألم أرك منذ أيام ؟
فاعتلَّ عليه , فقال له :
ويحك ! إنك وصفت لي آخر يوم كنت عندي فيه من أمر النساء والجواري مالم يخرق سمعي قطّ مثله, فأعده علىّ . ( ألايا عايده وأنت تخر)
قال : نعم . أعلمتك يا أمير المؤمنين أن العرب اشتقّت اسم الضرّتين من الضرّ , وأن أحدهم لم يكن عنده من النساء أكثر من واحدة إلَّ كان في جهدٍ وكدّ !
قال السفاح : ويحك , لم يكن هذا في كلامك ! ( هين عاد)
قال : بلى . وأخبرتك أن الثلاث من النساء كأثافي ( الأثافي جمع أثفة أحد الحجارة الثلاثة التي ترتكز عليها القدر) تغلي عليهن !
قال السفاح : برئت من قرابتي من رسول الله (ص) إن كنت سمعتُ هذا منك في حديث.
قال : بلى . وأخبرتك أن الأربع من النساء شرٌّ مجموع لمن كنَّ عنده , يهرمنهُ وينغصن عليه عيشه , ويشيبنه قبل حينه .
قال السفاح : والله ماسمعت هذا قط منك ولا من غيرك . قال : بلى يا أمير المؤمنين لقد قلت . قال : ويلك , تكذبني ؟! قال : يا أمير المؤمنين فتريد قتلي ؟
فسمع ضحك شديد وراء الستر . ( ضحك الفاعل) فقال خالد : وأعلمتك أن عندك ريحانة قريش , وأنه لا يجب أن تطمح نفسك إلى غيرها من النساء.
فسُمع من وراء الستر صوت يقول :
صدقت والله ياعماه , ولكن أمير المؤمنين غيّر وبدل , ونطق عن لسانك بغير ما ذكرته.
وخرج خالد إلى منزله , فلم يصل اليه حتى وجهت إليه أم سلمه ثلاث تخوت فيها أنواع الثياب , وخمسة آلاف درهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..