الاثنين، 2 يناير 2012

فضيحة المثقفين بين المحتسبين والمزايدين


ع ق 1093
عبدالوهاب آل غظيف

الأستاذان الفاضلان / صالح الشيحي ، وحزام العتيبي ، ومن داخل الوسط الثقافي أشعلا جذوة الإنكار على محيطه المتسخ، الذي أزكمت رائحته الأنوف، وظل مؤرقاً لكل غيور في هذا البلد، مؤرق بما تحمله الكلمة من معنى، وبما يحمله هو من رسالة، أصبح بها وسماً يشوه وجه مجتمعنا المسلم، ويستهدف نشر المفاسد الفكرية والأخلاقية في أغلب واقعه.

ولقد كان تفاعل الناس مع هذا الحدث مبهجاً، حيث تفاعلوا في بذل قصارى ما يقدرون عليه: الإنكار باللسان، والتعليق بالإدانة والاحتجاج.

ليس هذا ما أريد الوقوف معه في هذه الخاطرة، حيث دفعني لكتابتها موقف غير أخلاقي انتظم البعض في اتخاذه، ممثلاً في المزايدة على هؤلاء المسلمين -الذين احتسبوا في وجه الفساد الأخلاقي- المزايدة عليهم بملف المعتقلين وتشويه مواقفهم من هذا الملف .

حسناً .. ضج تويتر في الأيام القليلة الماضية بعدد من المواقف والتعليقات و (الهاش تاقات) التي استحوذت على الرأي العام فيه، وبعضها سخيف وتافه، وبعضها الآخر فيه إثم وتجني، فلماذا لا تشهر المزايدة إلا على المواقف الاحتسابية ؟ !

أعتقد أن هذا مؤشر على مرض قلوب هؤلاء المزايدين، وأنهم في الحقيقة يعترضون على ذات الاحتساب، وليسوا مهتمين بالمعتقلين على وجه الصدق.

أحد من تبنى اتجاه المزايدة على المحتسبين، كنت شخصياً أحسن به الظن ولا زلت، عرفه الناس بتفانيه في قضية غلاء الأراضي – وهو موقف يشكر له وأسأل الله أن يتقبله منه – أثبت حضوره محتسباً في هذه القضية بعشرات الكتابات ومقاطع الفيديو المنشورة في اليوتيوب .. ولما رأيته يزايد على المحتسبين ضد فساد المثقفين بملف المعتقلين تساءلت حقاً : ما هو الموقف الذي ينطلق منه في هذه المزايدة ؟ وما الذي عمله هو في هذا الملف ؟ لا سيما وهو حاضر بقوة في هاش تاقات سخيفة، وحاضر بقوة أيضاً في قضايا أقل أهمية من المعتقلين، وله صوت مسموع، فما الذي عمله في ملف المعتقلين يؤهله للمزايدة على الناس؟

بعض هؤلاء المشايخ الفضلاء كتبوا في المعتقلين مقالات، وصوروا في قضاياهم كلمات منشورة في اليوتيوب، فهم في الحقيقة أفضل حالاً منه وأكثر خدمة للقضية من موقفه، فأي شيء يسوغ له المزايدة؟ وأي وجه يبرر له هذا السلوك غير النزيه؟

إنه أمر محير أن يظن أحدهم أنه ببضعة تغريدات أصبح مؤهلاً ليزايد على الناس ويطعن في مواقفهم، في حين أنه لم يقدم شيئاً أصلاً، ولم يلتفت لنفسه فيرى قصورها قبل أن يطعن في الآخرين.

هذا من جهة أنهم لم يقوموا بعمل يميزهم عن الآخرين في هذا الملف، وإلا فإننا لو فرضنا أنهم قاموا بشيء يذكر فإن مثل هذه المزايدات تقف على الجانب الآخر، النقيض لمسألة الأخلاق تماماً .

إذا كنت غير مقتنع بالغيرة للفضيلة، وتراها قضية هامشية فبإمكانك أن تعبر بذلك، وتكتفي بهذا، أما أن تذهب للآخرين تحاول أن تعثر بهم في مهمتهم التي يرونها مطلوباً أخلاقياً ودينياً، فهذا رخص يتنزه عنه من يحترم نفسه .

ساكتون عن تكتلات السخف التويترية .. ولما جاء مقام ينتصر فيه لدين الله، ويفضح فيه شرذمة من أراذل الناس الذين أساءوا للدين وللمجتمع ، نطقوا بالتثبيط والمزايدات .. فأي جند بيد الشيطان هم ؟ !

إن التقصير موجود في ملف المعتقلين وفي غيره، ومن الجميع، وعلاج هذا التقصير لا يكون بإقامة التنافي بين مجالات الاحتساب، والتثبيط عن بعضها ببعضها الآخر، هذا صنيع المفسدين الذين لا يفقهون الإصلاح بمفهومه الشامل، ولا ينطلقون فيه من منطلق ما عظمته الشريعة، التي أقامت حرمة الأعراض كما أقامت حرمة الأنفس والأموال وقبلها حرمة الدين والشريعة، ومن لا يفقه هذه الكليات الربانية فإنما ركب موضة الإصلاح من باب ( سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ) ومثل هذا هو الأرضية الخصبة لبذر المزايدات وإقامة التنافي بين مجالات الإصلاح والحسبة .

والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..