الجمعة، 27 يناير 2012

الوساطة فيما شجر بين الفاضلين.. "عايض القرني"و "سلوى العضيدان"

    أستفتح بالذي هو خيرٌ فأقول بسم الله الرحمن الرحيم, واسأله سبحانه أن يُلهمني الصواب , ويُبعد عني الزلل في القول والعمل, وأستدفع به من شر كل ذي شر.. فأقول  في هذه المسألة التي أثارتها قضية كتاب " لا  تيأس " لفضيلة الشيخ الدكتور عايض القرني, واتهام الفاضلة الأستاذة سلوى العضيدان  صراحة لفضيلته باقتباسه مادّة كتابه من كتابها.. فأقول : إنّ هذه القضية لم تحضر هذا الحضور المكثّف إلا بعد البتّ فيها بالحكم الذي أصدرته اللجنةُ المشكلة لها من قبل وزارة الثقافة والإعلام...

والذي نراه الآن رأي العين هو أنّ الإدانة التي أدانت به تلك اللجنة فضيلة الدكتور عايض القرني  بسرقته مادة كتاب الفاضلة سلوى العضيدان, لم تكن هي الإدانة  أو العقوبة الوحيدة التي وقعت ولا تزال تقع على فضيلة الدكتور عايض القرني و على سمعته, فإدانة اللجنة  له فتحت الأبواب ـ كما نرى ـ للمتربصين والمتربصات, والمغرضين والمغرضات ليقولوا في فضيلته ما يمليه عليهم الحسد والهوى من غير رادع أو زاجر....وأنا شخصيا لا أعرف أفراد تلك اللجنة, وكل ما أعرفه عنها أنها مشكلة من وزارة الثقافة والإعلام, وأنا أسال هنا سؤالا أنتظر جوابه  وهو : لماذا أُخذ حُكم تلك اللجنة على فضيلة الشيخ الدكتور عايض القرني على أنه حُكم موقّع نيابة عن رب العالمين, وقد رأينا ما ترتب عليه من استحلاله وإباحته لعرض الشيخ وسمعته, ونحن نعرف جميعا أنه لم يكن  في كثير من الأحكام حكم غير قابل للتمييز والمراجعة؟..

إن اللجنة لم تضع أمامنا ما زُعم أن فضيلة الشيخ عايض القرني قد سرقه من كتاب الفاضلة الأستاذة سلوى العضيدان, وما زُعم أن تلك الفاضلة استنسخته واقتبسته من كتب فيضلة الشيخ عايض....

أنا لا أبريء فضيلة الشيخ عايض ولا أنزهه عن أية خطيئة يُمكن لغير المعصوم من البشر أن يقع فيها , ولكني أعرف أخطاءً يقع فيها الكثيرون, وبخاصة الذين يُكثرون من التأليف, وإنّ من تلك الأخطاء أن ما تعدّه بعض الأعراف سرقة في مجال التأليف والكتابة, هو غير ذلك تماما في اصطلاح أعراف أخرى, فعامة الموسوعات التي نراها مكتوب عليها أنها من تأليف فلان من الناس أو عِلاّنٍ منهم, لا يمثل فيها ذلك الفلان أو العلاّنُ إلا ما يمثله اليوم رئيس تحرير مجلة من المجلات بالنسبة لما يُنشر في مجلته, فدوره لا يزيد في الغالب الأعمّ إلا على دور المشرف المجيز والمقر لما يُنشر وما لا يُنشر, وأنا لا أبرئ فضيلة الشيخ عايض من انتهاجه ذلك النهج في تآليفه , كما أني لا أقرّه عليه.. ومع ذلك فإني أقول: إن كان ذلك عُرفا وعملا معمولا به , فلماذا لا تأخذه اللجنة في حسبانها , إذ من الممكن جدا أن يُدخل أحدٌ جملة أو جملاً من كُتب الآخرين على الكتاب المنسوب لمن وضع ثقته في ذلك المقتبس غير الأمين, وهو أمر أقرّ بعدم مؤازرتي له أو الدفاع عنه... وتلك اللجنة ( وهي المشكلة من وزارة الثقافة والإعلام ) من أعرف الناس ـ كما يُفترض ـ بذلك , وتعرف أنّ عامة الخطب الرنانة التي يصدح بها الكثير من الكبار والزعماء, حالها حال المقالات التي تُصدّر بها بعض الكُتب أوتنشر في الصحف والمجلات, إنما تُعدُّ إعدادا في إدارات العلاقات العامة, ويُؤتى للكبير أو الزعيم بها ليلقيها, أو ليُلقي عليها النظرة الأخيرة قبل إرسالها قبل تشنيفه الآذان بها, أو ضعها كتابا بين دفتين, كما يُؤتى له بطبق من الطعام الشهي الذي يحبه, من غير أن يكون هو من طبخه, فكما أنه لا يُقال عنه إنه هو الطابخ أو غير الطابخ لذلك الطعام, فلا يُقال عنه إنه سارق لذلك الجهد المنسوب له ولم يسطّر فيه حرفا..........

والسؤال : لماذا لم تراع اللجنة هذا الجانب أو تنبه إليه ولو بالإشارة؟ وهي لجنة إذا كانت كما قيل من وزارة الثقافة والإعلام, فهي من أدرى الناس وأكثرهم إحاطة بالحقيقة التي لن يكابر في صدقها حتى الشيطان الرجيم, وهي أن مثل فضيلة الدكتور عايض القرني ليس في حاجة إلى سرقة كلمة أو عبارة أو سطر أو جملة من كتاب فلان أو فلانة ليُقيم به أود ما يكتب,إذ معلوم أن فضيلته بإمكانه أن يرتجل في محاضرة عامة , أو في مجلس واحد مادة كتابه ارتجالا على البديهة , من غير تحضير أو أية استعانة بغير الله ثم بمخزون علمه ومكنون حفظه الذي هو ليس موضع شك أو تهمة أو ريبة.

بقيتْ كلمات ثلاث , أولاها أوجهها لفضيلة الشيخ الدكتور عايض القرني, وثانيها للجنة التي حكمت على فضيلته بما حكمتْ به عليه, وأما الأخيرة فللأستاذة الفاضلة/ سلوى العضيدان.

فأما التي لفضيلة الشيخ عايض فهي : امض فيما أنت بسبيله ولا تبتئس ولا تحزن , فعامة الهجاء الموجّه اليوم إليك, إنما هو هجاء موجهٌ إلى المُثل والمبادئ التي تُنافح عنها, وما موقعك منه إلاّ كموقع ( إيّاكِ أعني وأسمعي يا جارة ) فالهجاء إنما هو لك ظاهريا , وأما المقصود به الطعن وازدراء ما تنادي به أنت ومن كان على ما أنت عليه..... ولئن كنتَ جهدتَ ــ حفظك الله ورعاك ــ فيما مضى بأن تأسو كَلَمَ المجروحين, وتُكفكف الدموع التي تذرفها المآقي ألماً, وحُزنا, بما أودعته في { لا تحزن } فإني أعيد إليك اليوم التذكير بنصيحتك الذهبية تلك وإنّ أعظم ما سأسعى الآن به للتخفيف عنك, هو سؤالك عن أذىً نالك ولم ينل رُسل الله وأنبياءه وأصفياءه أضعافه....؟.وسؤالك عن تهمة أو تُهم وُجّهتْ لكتاب أو كُتبٍ من كُتبك بأنها مستنسخة من كُتب آخرين, لم يُوجَه أضعافها لكتاب الله الكريم الذي لم يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.’ ومع ذلك قالوا عن مبلّغه :  ( إنما يُعلّمه بشر )..؟!

وحتى لو ضربنا  الصفح عن ذكر ما تعرضت له كتب الله ورسله من الأذى والتشكيك, أفما كانت الكفاية بما تعرَّضَتْ له الذات الإلهية من النكران والجحود تارة, ونسبة الشريكة والولد لها تارة أخرى؟!

أما ما أقوله  لتلك اللجنة التي أفردتْ فضيلة الشيخ عايض القرني باللوم والإدانة, وهي تعلم علم يقين, أن مثل فضيلته ليس في حاجة إلى سرقة ألف أو همزة من مؤلفات غيره ليُصلح به معوجّ إملائه , أو كلمة أو جملة, لكونه عاجزا عن إنشاء مثلها في بلاغتها: كونوا على ثقة ويقينٍ من الله عزّ وجلّ لن يسامحكم في ضربكم الصفح عن ذكر وإعلان مبررات حكمكم الذي أفردتم فيه فضيلة الشيخ عايض بالإدانة, فما سَبَّبه له حكمكم من الحزن والأذى سينالكم منه عدل الله وإنصافه للمظلوم عاجلا أو آجلا, فليبحث كل منكم عن المخرج قبل فوات الأوان, وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله, إنّ الله بصير بالعباد.

أما الفاضلة الأستاذة سلوى العضيدان, فإني والله لم يسبق لي أن قرأتُ لها ما يعرفني بها, وذلك تقصير مني وليس غضا من مكانتها, فالإضاءة المشرقة التي عرفتها من خلالها, هي تلك التي حملها ذلك الخطاب الجميل الذي وجهه لها فضيلة الشيخ عايض القرني, بعد الحكم الذي أصدرته اللجنة مدينا لفضيلته, منتصرا لسعادتها عليه, وهو قمة في النّبل والبعد عن الانتصار للنفس ومراعاة لحظوظها.. وإني لعلى يقين  أو ما يشبهه أنّ الفاضلة الكريمة الأستاذة سلوى العضيدان حفظها الله ورعاها, لا تجهل المكانة العلمية والاعتبارية التي يمثلها فضيلة الدكتور عايض القرني, وأنّ مثله ليس في حاجة إلى أن يسرق من كتابها أو كُتب غيرها, وهو من هو في التأهيل العلمي الذي ليس موضع شك أو ريبة,

وبناء على ذلك , فإنّي أسدي  للأخت الكريمة والأستاذة الفاضلة نصيحة أخٍ مشفقٍ لا يبتغي من نصيحته سوى   وجه الله والدار الآخرة: أن لا تفرح بذلك الحكم الذي أدانت به اللجنة فضيلة الشيخ عايض القرني ولا بذلك المبلغ الضخم الذي تضمنه الحكم, فالحكم القضائي مثلما أنه لا يُحرم حلالا, فإنه لا يُحل حلالا, وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه عن أم سلمة رضي الله عنها, قالت : جاء رجلان من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم يختصمان في مواريث بينهما قد درست ليس لهما بينة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم تختصمون إلي ، وإنما أنا بشر ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم ، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه ، فإنما أقطع له به قطعة من النار ، يأتي بها إسطاما في عنقه يوم القيامة ، قالت : فبكى الرجلان وقال كل منهما : حقي لأخي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إذ فعلتما فاذهبا واقتسما وتوخيا الحق ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه .)

فنصيحتي للأخت الكريمة, أن لا تُسيء إلى نفسها وإلى بيتها بقبولها ذلك المال الذي تعلم أنه جاء إليها من ذلك الوجه المشبوه, فهي إن قبلته وهي تعلم ملابساته فسيكون الشرارة التي لا تبقي ولا تذر, أسأل الله ان يعصمنا جميعا من الزلل في القول والعمل, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين,,

عبد الرحمن بن محمد الأنصاري


تعليق: لا فض فوك ولا نبا بك قلم يا أبا ياسر على هذا الموقف الشهم منك، واضح أن ثمة التباس في قضية الشيخ عايض القرني ، وأنا أكيدٌ بأنّ بعضا من في مكتبه ورّطه في هذا الاقتباس، وهو دفع الثمن ، وتعجب من هذه الهجمة الشرسة من كل حدب وصوب عليه، ولكن مثل أبي عبدالله جبل أشمّ ولن يزيده بإذن الله الا ثباتا وتوفيقا ومزيد حبّ من الناس له، وستذكرون هذا القول مني..

ما زلت أكرّر للمرة الألف ليقين لديّ بأن الشيخ بحر من العلوم والأدب، يا إخوان والله تعجبون من سرعة بديهته وكثرة محفوظاته، يرتجلها ارتجالا ماشاء الله عليه، ما يؤلم هو موقف بعض الإسلاميين وشماتتهم في الشيخ، وهذا أمر لا يليق والله، الشيخ عايض منا وفينا.. وإن كانت له بعض الاجتهادات ولكنه في الجملة داعية له تأريخه..أقول هذا لأن ما أراه من شماتة البعض فيه ، هو نوع من قلة المروءة والله..فالشماتة من اللبراليين وغيرهم متوقع، ولكن لا يليق بالبعض الاسلامي أن يشمت هكذا..

عموما ليوطن الشيخ عايض نفسه على مزيد من القذائف والشكاوى التي لن تتوقف، فالباب فتح، ولكن لا بد أن يظهر ويتحدث ويوضح موقفه، ولكن بعد صدور الحكم الآخر ..

أنا واثقٌ بأن الشيخ عايض رافع الرأس، وممتلئ ثقة بالنفس ، وأنه ماض في طريقه، وإذا صدر الحكم لصالحه الأسبوع المقبل في القضية التي رفعها على الأخت سلوى فأتصور أنّ الأمور ستعود لنصابها، وأنه أوتي من  اشكالية في فهم الاقتباس لدى كليهما..وقتئذ أنتظر من هؤلاء الشامتين موقفا ما.. في مثل هذه المواقف تتبدى الإخوة الحقيقية والقيم التي نمتثلها..

عبدالعزيز قاسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..