الخميس، 26 يناير 2012

هل إسلاميو الخليج لا يريدون شيوخهم حكاما؟

حمد الماجد -"الشرق الأوسط"-






احترافية ضاحي خلفان تميم، قائد شرطة دبي، في تنظيم مرور دبي بإتقان لم تنسحب على أقواله المثيرة التي تحولت مؤخرا إلى أشبه بالكلاشنيكوف، فرشق أميركا والإخوان المسلمين بكلمات كالرصاص، فاتهم أميركا بأنها تقف خلف ثورات الربيع العربي، والإخوان بأنهم أخطر على المنطقة من إيران، جاء هذا في كلمة له في مؤتمر الأمن الوطني والإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي المنعقد مؤخرا في العاصمة البحرينية المنامة.
الفريق ضاحي شخصية وطنية تحظى باحترام كبير في منطقة الخليج لنزاهته واحترافيته وتواضعه، ولسنا هنا بصدد الدفاع عن الذين اتهمهم الفريق ضاحي كما أننا لا نصادر حقه في التعبير عن وجهة نظره عن الدول والحركات التي يرى أنها تمثل خطرا أو إزعاجا لبلاده ولدول الخليج، وإنما ننبه إلى أن رجل الدولة المحترف هو الذي يضيق دائرة الخصومات والعداوات ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فكيف بخلق الخصومة مع شريحة من مواطني بلاده ومواطني الدول الأخرى، لها اسهامات معروفة مشهودة في تنمية بلادها؟ إن اتهامه للإخوان بأنهم أخطر من إيران يكاد يكون تهمة لبعض مواطني الإمارات في بلاده بالخيانة العظمى، وهذه ثقيلة جدا من رجل من الوزن الثقيل.
الإخوان المسلمون وصلوا لسدة الحكم وقبة البرلمان في كل من تونس ومصر والمغرب عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع، ولم يكونوا صانعين للثورات ولم تنطلق منهم شرارتها ولا هم لبسوا ثوبها زورا، بل كادت شعبيتهم في مصر تصاب في مقتل عندما وافقوا على اللقاء الشهير مع عمر سليمان المثير للجدل قبيل سقوط النظام، وهو ما يعني حينها محاولة إخوانية لمساعدة النظام في البقاء لو قدم إصلاحات كافية، والإخوان هم الذين التزموا سلمية المعارضة منذ عهد عبد الناصر حتى حسني مبارك، على الرغم من القمع والقتل والسجن لمدد طويلة، والتشريد والحرمان من حقهم في تأسيس حزب، والتضييق الشديد عليهم في الانتخابات، ومع ذلك كله لم تنسب لهم حادثة عنف واحدة، بل أصبحوا بسبب منهجهم السلمي وصبرهم على ضيم حكامهم خصوما لجماعات العنف مثل التكفير والهجرة قديما و«القاعدة» حديثا.
الإسلاميون المعتدلون في كل من مصر والمغرب وتونس أصبحوا هم الحكام والمسيطرين على برلمانات دولهم وعبر الطريق الديمقراطي، وفي ليبيا هم عمود الثورة الفقري، سواء أحب الفريق خلفان أم كره، يعني أنهم قدر سياسي ليس له ولا للدول العربية خيار غير التعايش معهم، وإذا كانت أبجديات السياسة تفرض على الدول التعايش مع الحكومات الانقلابية حتى ولو كانت قمعية دموية كما كان القذافي وصدام وحافظ الأسد، فالتعايش مع من جاءت بهم صناديق الانتخابات من باب أولى.
ولقد نسب إلى الفريق ضاحي في ذات المؤتمر أنه قال: «أقولها بكل صراحة إنّ الإخوان لا يتمنون رؤية شيوخنا حكامًا في الخليج». ويحدوني أمل أنه لم يقلها؛ فمثالية شخصيته تتعارض مع حدية هذه الأقوال، ولو صحت نسبتها إليه فهو حكم جائر بل مجافٍ لواقع سواد الإسلاميين في كل دول الخليج العربي، فالإخوان في الكويت هم الذين قادوا حركة الالتفاف حول شيوخهم في أحلك فترة مر بها تاريخ آل الصباح حين طردهم من الكويت، ولا أدري أي ولاء أقوى من ولاء لحاكم طرده من بلاده جار خطير شرس مثل صدام؟ وفي السعودية عندما حرضت جهات مشبوهة الشباب السعوديين على التظاهر في اليوم المسمى حنين، كان لرموز الاسلاميين مواقف مشهودة في الوقوف مع كيان الدولة وحكامها؛ فحذروا الشباب من الاستجابة لهذه الدعوات المسمومة، حتى لا تنجر البلاد لأتون الفتنة ومزالق العنف، وكانت النتيجة حاسمة فلم يستجب أحد، وقل ذات الشيء عن إسلاميي البحرين فهم وعلى الرغم من مطالبهم الإصلاحية التي لم يستجب للكثير منها فإنهم وقفوا مع الملك والحكومة وقفة قوية ضد زعزعة الأمن وضد الإخطبوط الإيراني الذي حرك الفتنة في البحرين، فكيف يكون هؤلاء خطرا كخطر إيران؟ ما لكم كيف تحكمون؟


---------------------------------------------------------------------------------------
أضحيت مع ضاحي محتاراً!
  •  |

 | 2012-01-23
ستجد في يوتيوب فيلماً.. قيل إنه مسرب لمؤتمر الأمن الخليجي في البحرين.. ويظهر فيه ضاحي خلفان يلبس البشت متخلياً عن لبس الشرطة المعهود، أي إنه ليس وزير دفاع الإمارات الشقيقة أو رئيس الأركان فيها ولا أحد مفكري الخليج المختصين في الأمن الخارجي، ليحدثنا عن المنطقة والذي عقد في البحرين.. نعم يا سادة لم يكن المؤتمر عن الشرطة الخليجية الموحدة أو متعلقاً بأمن دبي الداخلي التي قُتل فيها المبحوح رحمه الله، ومات فيها معارض إيراني في ظروف غامضة، وقيل إن المعارض الإيراني انتحر وإنه مختل عقلياً، وأنا هنا أربأ بدبي أن تكون مقراً للمختلين عقلياً! في حين أن هناك من يقول إنه مات ووجدت في جثته عدة رصاصات وهذا لا يتسق مع قصة الانتحار.
افتتح خلفان كلمته بذكر الله فتذكرت خطب الجمعة على المنابر.. ثم أقر بأنه ليس دبلوماسياً، ولكنه رجل أمن ولم يحدد ما هو نطاقه الأمني الذي يعنيه، وبالطبع السيد خلفان لا يقصد أنه رجل حروب يزن الأمور كما يفعل الاستراتيجيون، وأخذ يحدثنا عن سياسة أميركا في المنطقة وأنه ليس لها أصدقاء في المنطقة، وهو في ذلك محق، فسياسة أميركا تقوم على أساس التعامل مع أنظمة لا أفراد بعيداً عن «حب الخشوم» وتبحث عن مصالحها، نعم فقط مصالحها، كما لا تتعامل حكومات العالم الآن مع بوش الصغير بعد أن ترك الرئاسة والذي لم يسافر إلى سويسرا لأن هناك أمراً قضائياً لتقديمه للعدالة، ولأن العلاقات الدولية ليست صداقات شخصية كما هو معروف.
كان خلفان يحدثنا بنبرة العليم بما لم يحط به أحد خبراً، وأن أميركا تصدر الديمقراطية على الطريقة الخمينية إلى العالم العربي لقلب الأنظمة، فبدأت في تونس ثم صدرت إلى مصر ثم ليبيا ثم اليمن والآن سوريا، ويسأل من سيكون القادم؟
وهنا أستغرب مثل هذا الطرح من خلفان، لأن طرحه يتسق تماماً مع ما تردده وسائل إعلام نظام إيران حول ثورة سوريا والتي لدول الخليج العربي منها موقف معروف يدعمها، وكلنا نذكر ما أعلنه صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر عن حق شعب سوريا في تقرير مصيره من قلب طهران، فكيف أفرق بين طرح خامنئي وطرح خلفان هنا بالله عليكم؟!
ثمة أمر آخر، هل يقصد خلفان أن الإمارات وقطر كانتا جزءاً من تصدير المخطط الأميركي إلى ليبيا ضد قائد الشعوب المقبور معمر القذافي، بعد أن تصدى مجلس التعاون لاستصدار قرار يفرض الحظر الجوي لحماية شعب ليبيا وأقرته الجامعة العربية لاحقاً؟ سأترك الجواب هنا للعقلاء سواء اتفقوا معي أو اختلفوا.
ثم ينطلق السيد خلفان إلى مسألة أن أميركا لا تبحث عن دعم حقوق الإنسان وإلا لدعمت حقوق الفلسطينيين في نيل حقهم في إقامة دولتهم، وهذا بالضبط ما يكرره حزب الله في لبنان ونظام سوريا ونظام ملالي إيران في الملف السوري، وأنه يجب ألا يعيش الإنسان بكرامة قبل تحرير فلسطين، وأن على الشعوب العربية الانتظار.
نعود لما قاله محدثنا فتجد أن الكاميرا تنتقل فجأة إلى شاشة العرض وكأنها كاميرا في أحد الهواتف الذكية -ولا أدري ما سر تسميتها بالذكية وهل هذا اعتراف بأن الهواتف في السابق كانت غبية؟- التي تعرف ما سيُقال قبل أن ينبس محدثنا ببنت شفة لعرض النقطة الرابعة فيقول: هناك دولة خليجية تغرد خارج السرب.. بحثت عنها فلم أجدها على شاشة العرض، لأن البوربوينت –الأميركي- المهدد للمنطقة يظهر أشكالاً لطيور تطير فرادى أصلاً.. أقصد أن من أعد العرض فشل في وضعها تحلق على شكل ٧ يدل على وحدتها ثم يخالفها أحد الطيور.. فهل تعتقدون أنه -خلفان- سيعاقب من أعد هذا العرض المتناقض مع فكرته التي أراد إيصالها للمتلقين الذين صفقوا موافقين؟ أتمنى ألا يفعل!
ثم يتحدث خلفان عن مواقف المنظومة الخليجية من إيران وأن دول الخليج العربي ليس لها موقف واحد وحازم تجاه إيران بل وحتى مع العدو الصهيوني، وأن العلة في المجلس وعدم وجود سياسة واحدة، وأن هذه الدولة التي تغرد خارج السرب تهدد دول الخليج من الداخل، وبالطبع هو لا يقصد التغريد في تويتر الذي أسقط الصور النمطية التي رسمها الإعلام القديم لبعض الرموز -السوبرمان-، ولكنه في الآن ذاته لم يحدثنا عن المكان الذي يوجد فيه أكبر استثمار إيراني في الخليج قد يستغله النظام الإيراني لخرق العقوبات الدولية المفروضة عليه، وأرجو ألا تكون دبي، سيما وأن جزرنا الخليجية العربية الثلات ما زالت محتلة من نظام إيران، ولم يخبر خلفان الحضور عن خروجه على قناة الجزيرة -الإخوانجية- مصرحاً بأنه مستعد للاتصال بتل أبيب وإخبارهم في حال وجود قنبلة تهددهم على خلفية مقتل المبحوح رحمه الله، فسبحان الله!
لدي هنا أسئلة على عجالة.. لماذا لم يُضمّن السيد خلفان احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث إحدى المهددات لأمن الخليج العربي كنقطة إلى جانب الـ 38 التي ذكرها؟! أم إنه ما زال باقياً على رأيه حول إيران في 2010، وهي جارة مسلمة واستقرارها مهم للمنطقة؟!
لحظة.. بقي لدي سؤال أخير: يقول السيد خلفان إن شعوب الخليج لا تقبل أن يبقى رئيس الوزراء أو من هو أعلى منه مدى الحياة في منصبه، فهل يستثني نفسه من هذا الأمر؟ لأنه يقول في تويتر إنه لن يتقاعد إلا مع سمو حاكم دبي.
كما أنه يقول في محاضرته في البحرين إن من يقتل نفساً واحدة كمن يقتل أكثر من ذلك، مقارناً بين ثورة مصر وأحداث لندن، فهل يساوي السيد خلفان بين قتلى أحداث البحرين ومن قتل في ثورة سوريا أيضاً؟!
أخيراً وليس آخراً، بصفتي مواطنا خليجيا أولاً وعضواً في المكتب التنفيذي لوحدة الخليج العربي والجزيرة العربية -أمثل نفسي ولا أتحدث باسم المكتب التنفيذي- أتمنى ألا يسهم ما قاله السيد خلفان في التشويش من حيث يدري أو لا يدري على التوجه للاتحاد الخليجي، لأننا نعول على الوحدة وخطاب قادة الخليج العربي في هذا الاتجاه بعيداً عن المهاترات الجانبية واصطناع بطولات وهمية، كما أستغرب أن السيد خلفان يمارس الوصاية على شعب اليمن ويقول إن ثورتهم كانت على خطأ، متناسياً أن رجال علي عبدالله صالح حاصروا سفارة الإمارات، وهي إحدى سفارات مجلس التعاون التي لا نقبل أن ُتمس عندما كان أمين مجلس التعاون فيها، وأنهم -اليمنيون- بحسب خلفان يجب أن يثوروا على القات أولاً، متجاهلاً ذكر من يدير تجارة القات هناك ويصنع الدولارات من دماء الفقراء.
والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..