يتقرب الأخوان المصريون من دول الخليج لأنهم يدركون أن نجاحهم في حكم مصر إنما يعتمد على شريان الحياة الاقتصادي الذي يمكن للخليج أن يمده إليهم.
لا بأس من بعض النفاق والتظاهر بتناسي الحبيب الأولي: إيران.ميدل ايست أونلاين
بقلم: عبد العزيز الخميس
لا تتوقف اثار الربيع العربي على الاحتجاجات والخروج على الانظمة ومحاولة اسقاطها في بعض الدول، بل للربيع آثار اخرى يبرز منها عودة شخصيات اخوانية الى الضوء، وابراز وجودها ومحاولتها لعب ادوار سياسية قد لا تكون بالضرورة معارضة للانظمة. فقد تبدي الولاء وتحاول تقديم نفسها كمن يسعى للتقريب بين الانظمة وتنظيم الاخوان الدولي.
للمثال، يتحرك الاخوان المسلمين في السعودية في الوقت الراهن بكل دهاء وتحشيد، معتمدين على نجاح الافرع الاخرى من التنظيم الدولي في مصر وتونس. هذا النجاح حمل بشارات الأمل في قدرتهم على التأثير على الانظمة الخليجية، بل ان المصادر تشير الى عمل حركي يتم الان على الساحة ويمكن لأي مراقب مطلع رصده بسهولة.
يتوزع العمل الاعلامي الاخواني الخليجي على مسارين. اولهما بث الدعاية القوية ضد الانظمة معتمدا على وسائل الاعلام الحديثة من مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية. وثانيهما استعمال القنوات الفضائية مثل الجزيرة والحوار وكل من يعمل ضمن آلة الاخوان الدولية.
الحالة السعودية
يعرف الاخوان ان ازاحة النظام السعودي والاتيان بالاخوان للحكم أمر شبه مستحيل نتيجة لعلاقة النظام القوية بالسلفيين الذين يفوقون الاخوان شعبية وتجذر داخل الارض السعودية.
لكن ما يفعله الاخوان الان هو الضغط على النظام السعودي لتحييده او كسبه الى صفهم. وعلى الرغم من العداء الواضح من النظام لهم والتحذير من خطرهم عبر تصريحات كتصريح وزير الداخلية (وولي العهد الحالي) الامير نايف بن عبدالعزيز في 2006 من خطرهم، الا ان الاخوان لم يتوقفوا عن العمل في داخل السعودية وتحت أعين ورقابة النظام. قد لا يكون للإخوان الحظوة التي تمتعوا بها في الستينات عندما هربوا من القبضة الأمنية لعبدالناصر، لكنهم موجودون بالتأكيد.
تمتع الاخوان ممن لا يضعون في برامجهم التعرض للنظام السعودي بحماية وغض نظر من قبل النظام خاصة ان معظمهم وافدين على المملكة. لكن السعوديين المنتمين لجماعة الاخوان استمروا في العمل الدعوي وربطوا انفسهم بحركة الاخوان في مصر. وبدا للنظام ان لا خطر منهم لتعثر دعوتهم في داخل المملكة لأن معظم منْ يجرب الانتماء للاخوان لا يلبث وان يتخلى عنهم ويعود لحضن السلفية ما عدا السروريين، وهم اخوان لكن بغطاء رأس سلفي.
في الوقت الراهن وبعد الربيع العربي يقوم الاخوان باتصالات واسعة مع احد الاجنحة السعودية القوية محاولين التوسط بين القيادة السعودية والاخوان في مصر وتونس.
يقود هذه الوساطة وزير تربية وتعليم سابق والذي استضاف قبل فتره الاخواني المقرب لايران محمد سليم العوا في منزله. ووعد العوا بأن يضع امام القيادة السعودية رغبة الاخوان باعادة العلاقة مع السعوديين على اسس جديدة يكون فيها حسن الظن والتعاون لمصلحة التوجه الاسلامي ومضاد للتوجه العلماني.
وبدا واضحا ان فشل الدعوات للمظاهرات في السعودية جعل من رموز اخوانية محسوبة على السروريين يلجأون للبحث عن فرصة اعادة التموضع بعد ان كشفت عن ولائها الاخواني ورغبتها في التغيير داخل المملكة وقد تفائلت في ان تتغير الامور وتثور احتجاجات داخلية تمكنها من القفز على النظام لكنها الان تقدم نفسها كشخصيات حريصة على السلم الاهلي ولا تريد الا الاصلاح وليس تدمير للنظام.
التطبيع الجديد
وكان العوا، وهو مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية في مصر، قد زار السعودية والتقى بالعديد من الفعاليات السعودية ضمن مشاركته في لجنة التحكيم العليا لجائزة الملك فيصل العالمية كما التقى بالعديد من ابناء الجالية المصرية في الرياض وجدة.
وتشير مصادر مقربة من العوا ان الخارجية السعودية لم تبدِ اية اعتراضات على فتح باب الحوار مع الاخوان الا ان الممانعة المتمثلة في ديوان ولي العهد السعودي كانت واضحة على الرغم من انها تنتظر تقديم الوسطاء رؤية واضحة لمستقبل العلاقة مع الاخوان وهل يمكن للعوا ان يفعل شيئا في هذا الصدد وما هي قوة تأثيره على التنظيم الدولي.
وتثير زيارة العوا وتعاونه مع جناح الفيصل - كما يسمى - امتعاض الكثير من السعوديين ممن لم ينسوا مواقف العوا والاخوان وتفضيلهم ايران على السعودية بل وتحالفهم معها ووقوفهم ضد المصالح السعودية مرارا.
وكان ابرز تصريح للعوا حول السعودية قد حمل نبرة عدائية قال فيه أنه لا يجوز لوزير الخارجية المصري أن يقول أن السعودية هي الشقيقة الكبرى لمصر، مضيفا: "لا شقيقة كبرى للعرب سوى مصر، واللى مش عاجبه يروح حته تانية، وفي دول عندها بترول وفلوس وتجار، ولكن الدول الحقيقية تقاس بقدر مساهمتها في صناعة الحضارة وخدمة الإنسانية والتراث البشري"، داعياً إلى ضرورة عزل وزير الخارجية فوراً، لأنه لا يعبر عن مصر ولا يصلح لهذا المنصب الرفيع، حسب قوله.
انهال بعض السعوديين بالتقريع على العوا متسائلين كيف يتحدث العوا عن الحضارة وهو محسوب على الخط الاسلامي حيث لا بد وان يعترف بأن لا حضارة تعلو على الحضارة التي قدمها محمد في مكة والمدينة وانها افضل وارقى واسمى من حضارة الفراعنة!.
وخلال زيارة العوا الى السعودية فوجئ السعوديين بالعوا يمتدح النهضة والتطور في البلاد التي قلل من حضارتها قبلا ويطالب رئيس المجلس العسكري محمد طنطاوي بسرعة القيام بزيارة على مستوى كبير للسعودية والتباحث مع القيادة السعودية وتلمس ما وصلت اليه السعودية من بناء للدولة حتى تقتدي بها مصر.
هذا التحول المدهش لم يأت من فراغ بل هو متوقع حسب العقلية الاخوانية المتحولة والبرجماتية. فما ان زار العوا السعودية ورأى ان هناك أملا في ان يقوم باختراق على مستوى عال بفضل اصدقاءه الاخوانيين السعوديين المقربين من اشخاص في مركز صنع القرار السعودي، حتى نسي كل ما قاله بل وتجاهل علاقته القوية مع ايران وتقربه السابق لها فقال وبصوت عال لجريدة الحياة: "إذا جرى التقارب المصري الإيراني، سيحدث تباعد مصري سعودي، وإذا جرى تقارب مصري سعودي، سيحدث تباعد مصري إيراني، ومشروعنا قائم على بناء علاقات كاملة في المنطقة كلها، وهذا لن تستطيع أن تفعله إلا مصر ولن تستطيع أن تبادر إليه أي دولة أخرى".
وهنا يتضح ان العوا يعلم جيدا ان السعودية اذا تقاربت مع مصر فأن هذا سيضر ايران وعلى الرغم من ذلك ينادي بتقوية العلاقات بين السعودية ومصر في تجاهل لايران التي لطالما قربت العوا ولطالما قام بمدحها. ويزيد العوا على ذلك بتصريحه لجريدة الرياض السعودية حيث يعلن انه في حال فوزه سيعمل على انشاء محور إسلامي سياسي مصري سعودي.
يقول العوا: "العلاقة مع المملكة العربية السعودية تحديداً علاقة شعبية، كل مصري يحب السعودية، ومن ثم يجب أن تعبر عن هذا الحب الشعبي بزيارة رسمية قوية على مستوى عال جداً، على مستوى من يقوم برئاسة الدولة".
واضح من التحول الذي يمر به المرشح الاخواني محمد سليم العوا انه لا يقصد بمدحه للعلاقة مع السعودية ونهضتها التقرب لها، بل ان يزيد من رصيده داخل مصر، وان يبعد عنه تهمة انه مرشح ايران في انتخابات الرئاسة المصرية. وقد تكون تصريحات العوا استغلالا منه للوقت قبل الانتخابات وللعمل على تحسين علاقته مع السعودية بعد ان قام بزيارتها وبالتالي تحييد او استمالة الاصوات السلفية المصرية التي اثبتت قوتها في الشارع المصري، وقد تكون تصريحاته نصيحة من اصدقائه الاخوانيين السعوديين.
ومما يثير الشفقة ان السعوديين المعادين للاخوان يحملون على العوا التناقض في الخطاب السياسي قبل الثورة وبعدها وخاصة حول ان الرئيس المصري السابق الذي لطالما اتهمه الاخوان المسلمون بأنه يفرط في مصالح مصر والاسلام بعلاقاته وابقائه لمعاهدة كامب ديفيد لا يختلف عن العوا في اي شيء تجاه اسرائيل، فالعوا يقول حول احتمال لقائه برئيس الوزراء الاسرائيلي في المستقبل: "أن أتى إلى مصر في مسألة سياسية أجلس معه مثل رئيس وزراء أي دولة أخرى، لا حساسية في ذلك، هو رئيس وزراء دولة بيننا وبينها معاهدة".
ويبرز السؤال السعودي بقوة: لماذا كل تلك الهجمات والتشكيك في وطنية مبارك ما دام ان المعاهدات مع من يسمونهم بالصهاينة مستمرة بل ومرحب بلقائهم.
ومما يثير الاستغراب في زيارة العوا للسعودية انه طفق خلال لقائه بالجالية المصرية في مديح المجلس العسكري وطالب الناس بتقدير جهود المجلس، ثم تحدث عن وجوب التقارب الشديد بين المجلس العسكري والسعودية. هذا التحول هو ناتج من قراءة لمستقبله الانتخابي ولا يعد قناعة. فالعوا عرف عنه وقوفه ضد السعوديين وسياساتهم ومدحه وزياراته المتكررة لطهران.
ويفسر بعض المراقبين ذلك ان الاخوان المسلمين يريدون كسب السعودية الى جانبهم حتى يستطيعون ادارة الدول التي وصلوا لمقاعد مجلس ادارتها. فمن دون دعم خليجي مالي كبير لن تخرج اقتصاديات تلك الدول من عنق الزجاجة وسيكون ذلك وبال على الاخوان وهزيمة لن ينهضوا منها مرة اخرى.
عبدالعزيز الخميس
لا بأس من بعض النفاق والتظاهر بتناسي الحبيب الأولي: إيران.ميدل ايست أونلاين
بقلم: عبد العزيز الخميس
لا تتوقف اثار الربيع العربي على الاحتجاجات والخروج على الانظمة ومحاولة اسقاطها في بعض الدول، بل للربيع آثار اخرى يبرز منها عودة شخصيات اخوانية الى الضوء، وابراز وجودها ومحاولتها لعب ادوار سياسية قد لا تكون بالضرورة معارضة للانظمة. فقد تبدي الولاء وتحاول تقديم نفسها كمن يسعى للتقريب بين الانظمة وتنظيم الاخوان الدولي.
للمثال، يتحرك الاخوان المسلمين في السعودية في الوقت الراهن بكل دهاء وتحشيد، معتمدين على نجاح الافرع الاخرى من التنظيم الدولي في مصر وتونس. هذا النجاح حمل بشارات الأمل في قدرتهم على التأثير على الانظمة الخليجية، بل ان المصادر تشير الى عمل حركي يتم الان على الساحة ويمكن لأي مراقب مطلع رصده بسهولة.
يتوزع العمل الاعلامي الاخواني الخليجي على مسارين. اولهما بث الدعاية القوية ضد الانظمة معتمدا على وسائل الاعلام الحديثة من مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية. وثانيهما استعمال القنوات الفضائية مثل الجزيرة والحوار وكل من يعمل ضمن آلة الاخوان الدولية.
الحالة السعودية
يعرف الاخوان ان ازاحة النظام السعودي والاتيان بالاخوان للحكم أمر شبه مستحيل نتيجة لعلاقة النظام القوية بالسلفيين الذين يفوقون الاخوان شعبية وتجذر داخل الارض السعودية.
لكن ما يفعله الاخوان الان هو الضغط على النظام السعودي لتحييده او كسبه الى صفهم. وعلى الرغم من العداء الواضح من النظام لهم والتحذير من خطرهم عبر تصريحات كتصريح وزير الداخلية (وولي العهد الحالي) الامير نايف بن عبدالعزيز في 2006 من خطرهم، الا ان الاخوان لم يتوقفوا عن العمل في داخل السعودية وتحت أعين ورقابة النظام. قد لا يكون للإخوان الحظوة التي تمتعوا بها في الستينات عندما هربوا من القبضة الأمنية لعبدالناصر، لكنهم موجودون بالتأكيد.
تمتع الاخوان ممن لا يضعون في برامجهم التعرض للنظام السعودي بحماية وغض نظر من قبل النظام خاصة ان معظمهم وافدين على المملكة. لكن السعوديين المنتمين لجماعة الاخوان استمروا في العمل الدعوي وربطوا انفسهم بحركة الاخوان في مصر. وبدا للنظام ان لا خطر منهم لتعثر دعوتهم في داخل المملكة لأن معظم منْ يجرب الانتماء للاخوان لا يلبث وان يتخلى عنهم ويعود لحضن السلفية ما عدا السروريين، وهم اخوان لكن بغطاء رأس سلفي.
في الوقت الراهن وبعد الربيع العربي يقوم الاخوان باتصالات واسعة مع احد الاجنحة السعودية القوية محاولين التوسط بين القيادة السعودية والاخوان في مصر وتونس.
يقود هذه الوساطة وزير تربية وتعليم سابق والذي استضاف قبل فتره الاخواني المقرب لايران محمد سليم العوا في منزله. ووعد العوا بأن يضع امام القيادة السعودية رغبة الاخوان باعادة العلاقة مع السعوديين على اسس جديدة يكون فيها حسن الظن والتعاون لمصلحة التوجه الاسلامي ومضاد للتوجه العلماني.
وبدا واضحا ان فشل الدعوات للمظاهرات في السعودية جعل من رموز اخوانية محسوبة على السروريين يلجأون للبحث عن فرصة اعادة التموضع بعد ان كشفت عن ولائها الاخواني ورغبتها في التغيير داخل المملكة وقد تفائلت في ان تتغير الامور وتثور احتجاجات داخلية تمكنها من القفز على النظام لكنها الان تقدم نفسها كشخصيات حريصة على السلم الاهلي ولا تريد الا الاصلاح وليس تدمير للنظام.
التطبيع الجديد
وكان العوا، وهو مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية في مصر، قد زار السعودية والتقى بالعديد من الفعاليات السعودية ضمن مشاركته في لجنة التحكيم العليا لجائزة الملك فيصل العالمية كما التقى بالعديد من ابناء الجالية المصرية في الرياض وجدة.
وتشير مصادر مقربة من العوا ان الخارجية السعودية لم تبدِ اية اعتراضات على فتح باب الحوار مع الاخوان الا ان الممانعة المتمثلة في ديوان ولي العهد السعودي كانت واضحة على الرغم من انها تنتظر تقديم الوسطاء رؤية واضحة لمستقبل العلاقة مع الاخوان وهل يمكن للعوا ان يفعل شيئا في هذا الصدد وما هي قوة تأثيره على التنظيم الدولي.
وتثير زيارة العوا وتعاونه مع جناح الفيصل - كما يسمى - امتعاض الكثير من السعوديين ممن لم ينسوا مواقف العوا والاخوان وتفضيلهم ايران على السعودية بل وتحالفهم معها ووقوفهم ضد المصالح السعودية مرارا.
وكان ابرز تصريح للعوا حول السعودية قد حمل نبرة عدائية قال فيه أنه لا يجوز لوزير الخارجية المصري أن يقول أن السعودية هي الشقيقة الكبرى لمصر، مضيفا: "لا شقيقة كبرى للعرب سوى مصر، واللى مش عاجبه يروح حته تانية، وفي دول عندها بترول وفلوس وتجار، ولكن الدول الحقيقية تقاس بقدر مساهمتها في صناعة الحضارة وخدمة الإنسانية والتراث البشري"، داعياً إلى ضرورة عزل وزير الخارجية فوراً، لأنه لا يعبر عن مصر ولا يصلح لهذا المنصب الرفيع، حسب قوله.
انهال بعض السعوديين بالتقريع على العوا متسائلين كيف يتحدث العوا عن الحضارة وهو محسوب على الخط الاسلامي حيث لا بد وان يعترف بأن لا حضارة تعلو على الحضارة التي قدمها محمد في مكة والمدينة وانها افضل وارقى واسمى من حضارة الفراعنة!.
وخلال زيارة العوا الى السعودية فوجئ السعوديين بالعوا يمتدح النهضة والتطور في البلاد التي قلل من حضارتها قبلا ويطالب رئيس المجلس العسكري محمد طنطاوي بسرعة القيام بزيارة على مستوى كبير للسعودية والتباحث مع القيادة السعودية وتلمس ما وصلت اليه السعودية من بناء للدولة حتى تقتدي بها مصر.
هذا التحول المدهش لم يأت من فراغ بل هو متوقع حسب العقلية الاخوانية المتحولة والبرجماتية. فما ان زار العوا السعودية ورأى ان هناك أملا في ان يقوم باختراق على مستوى عال بفضل اصدقاءه الاخوانيين السعوديين المقربين من اشخاص في مركز صنع القرار السعودي، حتى نسي كل ما قاله بل وتجاهل علاقته القوية مع ايران وتقربه السابق لها فقال وبصوت عال لجريدة الحياة: "إذا جرى التقارب المصري الإيراني، سيحدث تباعد مصري سعودي، وإذا جرى تقارب مصري سعودي، سيحدث تباعد مصري إيراني، ومشروعنا قائم على بناء علاقات كاملة في المنطقة كلها، وهذا لن تستطيع أن تفعله إلا مصر ولن تستطيع أن تبادر إليه أي دولة أخرى".
وهنا يتضح ان العوا يعلم جيدا ان السعودية اذا تقاربت مع مصر فأن هذا سيضر ايران وعلى الرغم من ذلك ينادي بتقوية العلاقات بين السعودية ومصر في تجاهل لايران التي لطالما قربت العوا ولطالما قام بمدحها. ويزيد العوا على ذلك بتصريحه لجريدة الرياض السعودية حيث يعلن انه في حال فوزه سيعمل على انشاء محور إسلامي سياسي مصري سعودي.
يقول العوا: "العلاقة مع المملكة العربية السعودية تحديداً علاقة شعبية، كل مصري يحب السعودية، ومن ثم يجب أن تعبر عن هذا الحب الشعبي بزيارة رسمية قوية على مستوى عال جداً، على مستوى من يقوم برئاسة الدولة".
واضح من التحول الذي يمر به المرشح الاخواني محمد سليم العوا انه لا يقصد بمدحه للعلاقة مع السعودية ونهضتها التقرب لها، بل ان يزيد من رصيده داخل مصر، وان يبعد عنه تهمة انه مرشح ايران في انتخابات الرئاسة المصرية. وقد تكون تصريحات العوا استغلالا منه للوقت قبل الانتخابات وللعمل على تحسين علاقته مع السعودية بعد ان قام بزيارتها وبالتالي تحييد او استمالة الاصوات السلفية المصرية التي اثبتت قوتها في الشارع المصري، وقد تكون تصريحاته نصيحة من اصدقائه الاخوانيين السعوديين.
ومما يثير الشفقة ان السعوديين المعادين للاخوان يحملون على العوا التناقض في الخطاب السياسي قبل الثورة وبعدها وخاصة حول ان الرئيس المصري السابق الذي لطالما اتهمه الاخوان المسلمون بأنه يفرط في مصالح مصر والاسلام بعلاقاته وابقائه لمعاهدة كامب ديفيد لا يختلف عن العوا في اي شيء تجاه اسرائيل، فالعوا يقول حول احتمال لقائه برئيس الوزراء الاسرائيلي في المستقبل: "أن أتى إلى مصر في مسألة سياسية أجلس معه مثل رئيس وزراء أي دولة أخرى، لا حساسية في ذلك، هو رئيس وزراء دولة بيننا وبينها معاهدة".
ويبرز السؤال السعودي بقوة: لماذا كل تلك الهجمات والتشكيك في وطنية مبارك ما دام ان المعاهدات مع من يسمونهم بالصهاينة مستمرة بل ومرحب بلقائهم.
ومما يثير الاستغراب في زيارة العوا للسعودية انه طفق خلال لقائه بالجالية المصرية في مديح المجلس العسكري وطالب الناس بتقدير جهود المجلس، ثم تحدث عن وجوب التقارب الشديد بين المجلس العسكري والسعودية. هذا التحول هو ناتج من قراءة لمستقبله الانتخابي ولا يعد قناعة. فالعوا عرف عنه وقوفه ضد السعوديين وسياساتهم ومدحه وزياراته المتكررة لطهران.
ويفسر بعض المراقبين ذلك ان الاخوان المسلمين يريدون كسب السعودية الى جانبهم حتى يستطيعون ادارة الدول التي وصلوا لمقاعد مجلس ادارتها. فمن دون دعم خليجي مالي كبير لن تخرج اقتصاديات تلك الدول من عنق الزجاجة وسيكون ذلك وبال على الاخوان وهزيمة لن ينهضوا منها مرة اخرى.
عبدالعزيز الخميس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..