الجمعة، 27 يناير 2012

ثلثي مواطني دولة من أغنى دول العالم لا يملكون سكنا!

بعد غيبة قصيرة عن المجموعة وجدت مشاركة أثارت انتباهي وهي الأسئلة التي بعث بها الأخ دخيل الله الغامدي لأنها تمثل وجهة نظر الطرف المعارض بطريقة مؤدبة يُغبط عليها. وهذا ما حثني على هذه المشاركة في
موضوع أوفتها مشاركات أعضاء المجموعة حقه، سواء في هيئة مشاركة في برنامج البيان أو مقال... وسأقتبس منها دون الإشارة إلى مصادرها كلها، مع التأكيد بأني لن أضيف جديدا إلى تلك المشاركات إلا النذر اليسير، ولاسيما مشاركات الأخ جميل فارسي الشاملة.

يقول الأخ الغامدي: زكاة ألأراضي لو فرضت من سيحدد قيمتها سنويا ويدفع أتعاب اللجنة؟
أقول: اللجان الحكومية التي تشرف أو تتألف من وزارة العدل، والبلديات، وخبراء العقار قادرة على تحديدها، وتدفع تكاليفها الدولة الحريصة على حماية حقوق أغلبية المواطنين من جشع القلة القليلة من المواطنين.
يقول: عنده أرض كيلو في كيلو شراها بعشرين مليون ريال ولكن ما عنده كاش ليسدد الزكاة كيف سيوفر الكاش؟
أقول: لا يكون طماع، ويستطيع بيع جزء منها للحصول على "الكاش" ويسدد الزكاة، ويكسب أجر المحتاجين إلى الأراضي لبناء سكن، وينقذ نفسه من حطب جهنم.

يقول: بعض أصحاب ألأملاك متعود يعطي عائلته (مثل أخيه وأخته... عمته... خالته) زكاة ألأراضي فإذا أخذتها الدوله ينحرم منها أقرباؤه
أقول: الأصل على المقتدر أن يعطي من يعول من أقربائه من ماله، وليس من الصدقات. وأما أقرباؤه ممن لا يعول فالأكرم له ولهم أن يمنحهم من الخير الذي عنده، وليس من صدقاته. والمنحة في النهاية تُنقص من حجم الزكاة.

يقول: ألأرض تزكى إذا قبض ثمن منها مثل البيع أو التأجير أو الزراعه أو بناء شقق لكن أرض جرداء لا تدر مالا سنويا كيف يزكيها هل يأخذ من رملها ويزكيه؟
أقول: كفاك المشايخ مؤونة البحث عن الإجابة فالدكتور عبد العزيز قاسم يقول في مقاله أن بعض الشرعيين المتخصصين "ذهبوا فيها لجواز بل وجوب استيفاء الزكاة أو فرض الرسوم، وعلق الشيخ سلمان العودة والشيخ عبدالعزيز الطريفي ود. صالح السلطان والشيخ سعد الخثلان بالجواز، بل ذهب صديقنا الشيخ عيسى الغيث القاضي بوزارة العدل وأستاذ الفقه المقارن, بـ"وجوب جباية زكاة الأراضي ووجوب فرض الرسوم عليها", وقال بأن تلك الرسوم"تحقيق لمناط الشريعة ومقاصدها الشرعية والمصلحة العامة".

فالأرض المخزونة عند من يملك منزلا، ليست من الأطعمة للاستهلاك المستقبلي...، وتجب فيها الزكاة لأنها للتجارة، سواء نوي المالك بيعها بالأسعار الحاضرة أو التي يحلم بها في المستقبل فيحرم منها المحتاجين إليها. فالزكاة إذا كانت واجبة على مال اليتيم كما أكد الشيخ سعد الخثلان، إذا مضى عليه الحول وبلغ النصاب، فمن باب أولى تجب على مثل هذه الأرض المعطلة، وتسبب في أضرر على المصالح الخاصة والعامة، كما تتسبب في استنزاف الميزانية الخاصة للأفراد والعامة للدولة لوقوعها في وسط المناطق المأهولة،...

يقول: معروف عن زكاة ألأرض هو الخارج من ألأرض
أقول: نعم هذه زكاة الأرض التي يستثمرها مالكها في الزراعة فيفيد نفسه والمسلمين. أما الأرض التي يخزنها المالك لمصلحته الشخصية على حساب مصلحة إخوته المواطنين المسلمين فتعامل –على الأقل- معاملة عروض التجارة، وتزكى سنويا حسب سعرها المقدر حين تجب الزكاة. فتحميه هذه الزكاة من العقوبة في الدنيا وفي الآخرة ويستفيد المسلمون بشيء منها...

وأضيف بأن الإخوة الأفاضل أشاروا إلى كثير من الحلول، ولعلي أوجزها فيما يلي:

1-  إيقاف المنح الكبيرة بقرار من مجلس الوزراء، وكأني سمعت بأن هذا القرار صدر مؤخرا. ففي المنح بالكيلومترات شبهة الغلول...، إذا لم تكن مكافأة لإنجاز عمل مميز، يخدم الإسلام والوطن والمواطنين... فكثيرا ما يحدث أن يحيي بعض الأفراد قطعا صغيرة من الأراضي بزراعتها و... وقد يحتاج إلى النقود فيبيعها بسند، ويشتريها المشتري على أمل استخراج صك لها، ويحييها أكثر؛ وقد ينشئ عليها منزله... ثم تأتي منحة الكيلوات فتبتلعها. ويتحرك الممنوح بعد سنوات عديدة ليطالب أصحاب السندات بأسعار خيالية، استغلالا لوضع صاحب السند المخير بين نارين: تبخر ما صرفه على الأرض من عرق جبينه، وما يطلبه صاحب المنحة.... فأي مال حلال هذا لنحميه من الزكاة أو الرسوم؟

2-      سحب المنح التي لم يحييها أصحابها خلال مدة محددة، بناء على الفتوى التي نبه إليها الدكتور عبد العزيز قاسم. ولعل من أيسر أوجه الإحياء تخطيط المنحة وتوفيرها للمشترين الأفراد كمساكن فورا. وهنا يتساءل المواطن: أليست فتوى حرمة مال المسلم مقيدة بحرمة الأموال العامة للمسلمين، فلماذا نأخذ بجزء من الشريعة ونتجاهل الجزء المكمل له؟

3-  تثمين الأراضي البيضاء الواقعة في النطاق العمراني، التي في بقائها محبوسةً إضرارٌ بمعايش الناس ومصلحتهم العامة. ثم –بعد التثمين- تنتزع ملكية تلك الأراضي، ويعوض أصحابها، ثم يعاد بيعها لعموم الناس...، كما اقترح الدكتور الشويقي.

4-  فرض الزكاة السنوية عليها على أن تقوم الدولة بجمعها كما كان النبي صلى الله عليه سلم يحرص على جمع زكاة الإبل والبقر والتمر...، وقد لا تكون معروضة للتجارة. فقياسا عليه فإن الأراضي "المخزنة" التي تبلغ قيمتها النصاب ويمر عليها الحول أولى بأن يطبق في حقها الزكاة التي تقوم الدولة بتحصيلها. فبعض أجهزة الدولة ماهرة في جمع الرسوم على المؤسسات الإنتاجية حتى قبل أن تباشر أنشطتها، وبعضها ماهر في تقدير الزكاة المستحقة سنويا، وإن كانت المؤسسة تتعرض للخسارة... وتحليل خبيرنا الزامل يلقي ضوءا على حكمة الزكاة في مثل هذه الأراضي. ومن العلماء من أجاز تطبيق الرسوم، إضافة إلى الزكاة، لتحقيق المصالح العامة وقد أجازت وزارة الشئون البلدية والقروية ذلك وتفرضه حتى على صغار المستثمرين والمبتدئين منهم. فهل في رسومها انتهاك لحرمة أموال المسلمين؟ ولا يخفى على سموه الأمير منصور بن متعب الحاصل على شهادة الدكتوراه في الإدارة العامة من الولايات المتحدة مدى ضرورة الرسوم والضرائب لتحقيق المصلحة العامة، في عصرنا هذا...

5- أن تزيد وزارة الشئون البلدية والقروية نشاطها، في حل مشكلة السكن بتخطيط الممتلكات العامة لتوفير العدد المناسب لإنشاء مساكن يحتاجها المواطنون في كل حاضرة، وبصورة مستمرة. ويمكن توزيعها بالمجان أو بيعها بأسعار مناسبة لمن لا يملكون مساكن في أي بقعة ذات إيجار مرتفع أو أراضي لبناء سكن. وهذا يتطلب من وزارة العدل توفير قواعد بيانات كاملة ومحدّثة لمعرفة من يملك منزلا أو أرضا، فلا يستحق هذه المنح أو فرص الشراء. ومن الإجراءات الجيدة التي تطبقها الوزارة حاليا التأكد من أن العقار المراد بيعه غير مرهون أو مسجل باسم شخص آخر... فهذا النشاط سيكون مكملا لمشاريع الدولة السكنية، وللقروض التي توفرها الدولة لإنشاء المساكن.

6-   إنشاء حواضر جديدة في المواقع المناسبة لتوفر بعض الاحتياجات الضرورية للعيش فيها، مثل وفرة الماء أو وجود مواد خام تشجع على إنشاء مصنع (إسمنت مثلا، مزارع دواجن...). وتشجيع أصحاب المصانع والمؤسسات لإنشاء مؤسسات فيها، فتوفر بعض الفرص الوظيفية وشيئا من الحركة التجارية فتخفف من التكدس السكاني في بعض المواقع الجغرافية... كما أنه على الأجهزة الحكومية الخدماتية توفير مكاتب فرعية تقوم بخدمة المواطنين، وذلك بدلا من تركزها في موقع واحد مزدحم بالسكان، تنعكس سلبيتها على العاملين فيها وعلى المراجعين لها، ولاسيما مع إهمال واجب توفير المواقف الكافية نسبيا للمراجعين.

7- الإسراع في حلّ مشاكل المخططات المتعثرة، كما اقترح الدكتور عبد العزيز. "ففي كل أمانة من أمانات مدننا الكبيرة توجد عشرات المخططات الموقوفة لإجراءات بيروقراطية، وبعضها للأسف بسبب الفساد المالي والإداري. وبسبب هذا الفساد داخل الأمانات ضجر مجموعة رجال الأعمال الذين استثمروا في بناء العمائر السكنية وشقق التمليك، وتركوا الاستثمار فيها بسبب عراقيل عدة" غير منطقية. وجهود المستثمرين في توفير المخططات السكنية والمساكن تستحق التقدير، ولكن نحتاج من البنوك الإسلامية إعادة النظر في طريقة حساب الزيادة في نظام التقسيط حتى لا تكون ربوية أكثر من "الربوية."

وأسأل الله التوفيق للمخلصين في تشخيص المشكلة وأبعادها، وفي بذل الجهود للوصول إلى مقترحات مناسبة، وفي العمل بجد في تنفيذها.
سعيد صيني
‏04‏/03‏/1433‏
ع ق 1195

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..