نواف المحمدي
| |
للعرب كعادتهم قصب السبق في المزايدات و "المهايط"على
الفخر و المجد ، فتاريخهم حافل بالشواهد و حاضرهم زاخر بالدلائل ، أليسوا من سجل
أطول معركة في التاريخ بين بعضهم البعض في معركة داحس و الغبراء، معركة
العقود الثلاثة و الحرب العظيمة المشتقة تسمية من اسم الحصانين .. لا لشيء إلا للارتباط الغريب بينها و بين العرب!.
و أما حرب البسوس فقد نشبت بسبب ناقة و دارت
رحاها على مدى أربعة عقود حتى أفنت أقواما من طول سجالها .
قد تتفهم
هذه العلاقة في زمانها و إطارها التاريخي المحتوي على ثقافة تعتبر الجمال و الخيول
مصدرا للفخر و العز و رمزاً للقوة و المنعة،
ليس عند العرب وحدهم بل عند كثير من شعوب الأرض و أنحائها، و هو الأمر الذي بدأ في
التلاشي مع ظهور الثورة الصناعية و العلمية و المعرفية، ثورة قسمت العالم إلي
قسمين وفقاً لموقف كل فريق منها.
إن الدول المتقدمة اليوم هي التي أدركت أن مناط
القوة قد تغير و أن عناصرها تبدلت فبادروا
إليها بلا تواني و أعملوا العقول إبداعا و شمروا عن السواعد إنتاجاً فحصل
لهم مرادهم و صعد نجمهم بعد أفول وقادو العالم بأسره سياسة و مالاً و صناعة و قوة
و مجداً و فخراً و حق لهم ذلك.
و أما الآخرون فقد حاربوا التغيير و أستعسر فهمهم إلا على طحن الطحين و نشر
النشارة، فآثروا القعود و فضلوا الراحة فأصبحوا مستهلكاً لإنتاج الآخرين و مسرحاً لاستعراض
قوتهم في سكرة غطت سحابتها العقول فلهت و استراحت مستهذية بمجد الأجداد و رفعت
أصواتها صاخبة بالتفاخر بالحمير والتيوس و الأحصنة و الإبل و انشغلوا بالعناية و الاهتمام
بها و الرفع من شأنها و قيمتها و ليس في ذلك بأس لو كانت نشاطاً محدوداً لا ثقافة
محمومة يُحث عليها و يُدفع إليها.
لقد أدرك العقلاء من أجدادنا أن فخر الإنسان هو
ما يبنيه بيده لا ما يورث إليه و أن مجده بإبداعه و تميزه لا بحسبه و نسبه و هو الأمر
الذي يدعونا لأن نقف مع أنفسنا بصدق و نفهم واقعنا بتجلي و نحدد اتجاهنا بوضوح لا
يكدره غبش، فلا أدري علام يفخر القوم وعن
أي مجد يتعاووا؟ أضاقت أبصارهم فاقتصرت على مرابض مواشيهم؟
ألا يبصرون العالم باتساعه و الدول بإنتاجها و
صناعتها و قوتها فلا يحتج محتج بأن لهم الدنيا و لنا الآخرة فقد أتى الإسلام رحمة
و حسنى في الدنيا و الآخرة و قد كنا مصدرين العلم و المعرفة و الصناعة قبل أن يستقض
الآخرون و نخلد للنوم و الغفلة المتعمدة.
قد تضمر
في دواخلك الآن بأني متحامل أو مبالغ و لكن تعال للتأمل معي و لا تسلم لما أقول بل
فكر إن كنت حراً عاقلاً و محايداً فإن المستعبد لا يجرؤ أن يفكر و المجنون لا يستطيع والمتعصب لا يريد .
تأمل و
عد إلى أكثر من مئة سنة عندما عملت لدينا سكة قطار الحجاز، أين هي اليوم ؟ أين
مصيرها
لماذا توقفت عندما آلت إلينا ؟هل استطعنا أن
نرجعها حتى اليوم ؟هل من أسسها هم عرب؟
ألم تتحول أخشابها و حديدها إلى أجزاء من حظائر و
سياجات المواشي؟ أترك الإجابة لك.
شاهد معي كم من القنوات الفضائية العلمية لدينا و
كم يقابلها من القنوات الشعبية التي كل اهتمامها في الحيوانات و "المهايط"
الفارغ ؟ و لا أغرب من ذلك و لا أعجب إلا تشاهد عليها ما يسمى بمسيرات الإبل ففي
الوقت الذي ترى فيه تلك الحيوانات تستعرض أمامك تسمع إذنك المدح و الفخر بالقبائل و تمجيدها و توصيفها و
تتساءل في نفسك عن الرابط بين الصورة التي أمامك و المقصود من المدح الذي تسمعه!!
و أرجو ألا يبادر أحد و يقول ... من هو الحيوان
يا ترى !!
كما أرجوا أن يكرر ذات السؤال شخصا آخر و هو
يقارن أسعار الإبل عندما كان الرجل بمائة ناقة بينما اليوم الناقة بمائة رجل!
إن الدهشة لتعقد لسان المشاهد لتلك القنوات التي
تدعي الاهتمام بالموروث الشعبي و لا تسمع إذنك و لا ترى عينك سوى التفاخر بالأنساب
و العصبية القبيلة و حمية الجاهلية ، و ما هو إلا
موروث خاسر ليس له أي مكان على الساحة الدولية اليوم إلا في إعرابه كمفعول
به .
بل تأمل و أنظر إلى مثل واحد فقط و قس عليه،
شماغك انجليزي و ثوبك كوري و فانلتك صينيه و سروالك هندي ، فلو كُشف عنا الغطاء و
تُركنا لأنفسنا و إنتاجنا و صناعتنا لرأيت بعضنا "يهايطون" و يتفاخرون بالمجد و العز مستخدمين أوراق
النباتات التي تأكلها مواشيهم بستر سوءاتهم .
شاهد العالم اليوم و تأمل الدول و هي تتفاخر
بالصناعات و الاختراعات والقطارات السريعة
و الطائرات و البوارج و السيارات و المركبات الفضائية بينما ما زلنا نتفاخر بسفينة
الصحراء و أخواتها و كأنها صنع أيدينا و إبداع عقولنا..
فكم يا ترى كنا نستطيع أن نستفيد من أموال أهدرت
على هذه الثقافة ألم نكن نستطيع أن نشتري بها شركة مثل تويوتا أو ميستوبيشي أو
هوندا أو هونداي أو غيرها ألم نكن نستطيع
أن نؤسس مراكز بحث متقدمه و مصانع إنتاج متنوعة و ننقل التقنية الحديثة إلى بلدنا
و نتفاخر بما تصنعه أيدينا من فخر و مجد.
و الله الموفق،،،
ع 1228 |
الأحد، 5 فبراير 2012
العلاقة بين العرب و الحيوانات
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..