كتبه
أحمد النفيعي
أن حب الإنسان للعلم حب فطري، يولد الإنسان ويولد
معه الفضول وحب الاكتشاف وتعلم الأشياء الجديدة. أن المتعة الحقيقة بإجماع العقلاء
من الناس هي متعة العلم والتعلم. العلم خير للإنسان يقول تعالى: " ومن يؤتى الحكمة،
فقد أوتي خيراً عظيماً" وكذلك خير يستفيد منه الحيوان والنبات، ، ولكن استخداماته
وتطبيقاته قد تكون في الخير وقد تكون في الشر.
أن العلم في تعريفات المفكرين هو إدراك الشيء على
حقيقته. أن معرفة الحقيقة هي محط بحثنا نحن معشر البشر على اختلاف ألسننا وهوياتنا
وألواننا وأشكالنا.
أن أهمية العلم تكمن في أن معرفة المخلوق للخالق لا
تتم إلا عن طريقة، وهو يجيب بأشكال مختلفة على الأسئلة الفطرية للإنسان مثل من
خلقني؟، ولماذا خلقت؟، وإلى أين أنا ذاهب؟، لذلك كانت أول آية أنزلت على الرسول صلى
الله عليه وسلم هي " أقرا" ،و كذلك هذه الأهمية تكمن في أن حضارات المجتمعات تقوم
عليه، وهو القوة التي ترتكز عليها الدول العظمي. و به يستنير المرء إلى الحق، و
علاوة على ذلك يجعل حياة الإنسان سهلة ممتعه وغير شاقة.
وتتبين كذلك أهمية العلم من خلال مساهماته في
حياتنا. ساهم العلم في دحض الشرك والبدع و الخرافات والأكاذيب والأوهام التي كانت
سائدة في الماضي . ساهم العلم في رفع متوسط عمر الإنسان من خلال الوعي التام
بالمشكلات الصحية، وكفيت التعامل معها والوقاية منها. ساهم العلم في انفتاح
المجتمعات العالمية على بعضها البعض حتى جعل العالم وكأنه قرية صغيرة، وبالتالي
التواصل مع الثقافات الأخرى والاستفادة من تجاربها وخبراتها. ساهم العلم في معرفة
الإنسان لنفسه وبالتالي الاستفادة من قدراته وطاقاته الكثيرة والكبيرة.ساهم العلم
في معرفة الآخر وكيفية التعامل معه. ساهم العلم في جعل الدول التي تحتضنه في مصاف
الدول المتقدمة. ساهم العلم في جني الثروات والغنى للدول والأشخاص. ساهم العلم في
رسم السياسات المناسبة للدول. ساهم العلم في ثورة التكنولوجيا والاتصالات التي
نعيشها اليوم. في النهاية ساهم العلم في حل المشكلات الدينية والثقافية والفكرية
والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتقنية والنفسية والصحية التي تواجه الانسان.
من المعروف لدى المسلمين أن دين الإسلام دين يحث
على العلم والتعلم أكثر من دين آخر. فقد تعددت الآيات والأحاديث في تبيان أهمية
العلم والحث عليه قال تعالى: ( أفلا يتفكرون) وقال سبحانه: ( وقل ربي زدني علما)
وقال صلى الله عليه وسلم: ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقاً
إلى الجنة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (طلب العلم فريضة على كل مسلم). وقال: ( من
خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع).
وكذلك في بيان أفضلية العلماء على غيرهم قال تعالى:
(قل هل يستوي الذين يعلمون، والذين لا يعلمون) وقال سبحانه: ( يرفع الله الذين
ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات). قال صلى الله عليه وسلم: (فضل العالم على
العابد كفضلي على أدناكم) ، وقال: (إن الله وملائكته و أهل السماوات و الأرض حتى
النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلمي الناس الخير).
لذلك كان أمة الإسلام في أول أمرها، مناراً للعلم
والمعرفة بينما كانت الأمم الأخرى تعيش عصور الظلام والجهل المعرفي. و بعد أن فاقت
هذه الأمم من غفلتها وجدت كماً هائل من المعرفة في مختلف العلوم نتج من علماء
يحملون الهوية الإسلامية مثل الخلفاء الراشدون ،ابن عباس، ابن كثير،الشافعي، أحمد
بن حنبل، مالك، أبو حنيفة، ابن سينا، ابن رشد، الخازني، الحسن بن الهيثم،
الخوارزمي، الكندي، البيروني، ابن خلدون، أبو حامد الغزالي،البتاني، الطوسي، ابن
البيطار، جابر بن حيان. ساهم هؤلاء العلماء المسلمين وغيرهم الكثير ممن لم نذكرهم
في بناء الحضارة الإسلامية في الماضي، والنقلة النوعية للحضارة الأوربية والأمريكية
اليوم. حتى يذكر بعض المؤرخون اليوم أن الحضارة الإسلامية قدمت للعالم أجمع تطور
ورقي معرفي ما لم تقدمه أي حضارة أخرى.
أما اليوم فإن أغلب دول الأمة الإسلامية تأتي في
مقدمة الدول النامية، نعم النامية في فكرها وعلمها وتطورها التكنولوجي وتأثيرها في
العالم. بلغت نسبة الأمية في العالم العربي التي تشكل دوله أغلبية الدول الإسلامية
حوالي 30 % في الذكور و 50% في النساء. تعتبر مساهمات الدول الإسلامية البحثية أي
تقديم أوراق بحثية علمية ونشرها في مجلات علمية محكمة هي الأقل في العالم.
تفتقر بعض الدول الإسلامية إلى جامعات تعليمية.
تفتقر بعض الدول الإسلامية إلى مراكز بحثية متقدمة. تفتقر الدول الإسلامية إلى
أفراد يجعلون القراءة والتعلم والبحث من أول أولوياتهم، فنسبة الأشخاص الذين يقرؤون
ويحصلون على الشهادات العليا في دول العالم الإسلامي متدنية مقارنة بدول العالم
المتقدم.
وأغلب ما يستحوذ على اهتمامات الشخص المسلم عندما
يقرأ هي قراءة الصحف، وأخبار الفنانين، وكتب السحر والشعوذة، والجن، والطبخ،
والتجميل.
أصبحنا نتفاخر في تقديم المأكولات وإقامة الولائم،
بينما غيرنا يتفاخر في تقديم المخترعات التعليمية، وإقامة المؤتمرات العلمية.
أصبحنا من أكبر الدول المستهلكة لأدوات التجميل وأنواع العطور، بينما غيرنا من أكبر
المستهلكين للأدوات الصناعية التي تساهم في تقدم بلاده. أصبحت اهتمامات الشباب
المسلم الذي هو قوام الأمة إقامة العلاقات العاطفية، وركوب الموديل الجديد من
السيارات، و الحصول على أفضل هاتف متنقل، والتفنن في الملبس والمأكل، والغلو في
متابعة مباريات كرة القدم.
أصبحت الأوهام والأكاذيب والخرافات والعادات
والتقاليد السيئة تهمين على بعض الشعوب المسلمة، حتى أنه ظهرت قنوات لذلك. تفشت
المشاكل كالفقر والبطالة في هذه الشعوب مع توفر الموارد في بعضها وذلك لجهلهم.
أنا لا أنكر أن هناك طائفة
متعلمة، ولكن حيثما وجدت هذه الطائفة فإنك تجدها متخصصة في فرع واحد من العلوم. نحن
بأمس الحاجة طلاب علم جهابذة يدرسون العلوم الطبيعية والتكنولوجيا بجانب العلوم
الدينية وبذلك يقوم لمجتمعاتنا قائمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..