الجمعة، 23 مارس 2012

الذكرى العاشرة لرحيل "خطاب"


الاربعاء 28 ربيع الثاني 1433 هـ 
دومًا كان يؤثر غضّ الطرف والبعد عن التناحر والدخول مع المخالفين في جدال حتى
لا يشغل المسلمين عن عدوهم المشترك، وكي لا تحدث فرقة ولا يقع تشرذم، لذلك كان يقول لمن يخوض في الخلافات: "عجبًا لبعض الناس، سلم منه الملاحدة والنصارى ولم يسلم منه إخوانه المسلمون", وضرب مثالا عمليًا على ذلك حينما حاول أحد قادة الطاجيك العسكريين الإساءة إليه، عندما كان يجاهد في طاجكستان, وبعد إلحاح من جنوده أن يرد عليه, حثهم على ألا يشغلهم هذا عن الجهاد وقتال الشيوعيين.
 
يكاد الغموض يحيط هذا الرجل, ونادرا ما تجد الإعلام يسلط الضوء عليه وعلى جهاده الذي بدأ في أفغانستان ثم طاجكستان وداغستان وانتهى به المطاف في الشيشان, ولا يسعنا في ذكرى وفاته العاشرة التي توافق 20 مارس 2002, إلا أن نعطي هذا القائد بعضا من حقه ونلقي الضوء على ظلال حياته حتى يخلد في ذاكرتنا مع الأبطال الذين قضوا نحبهم، ويكون قدوة لمن ينتظر.

ولد سامر بن عبد الله السويلم - الملقب بـ "خطاب" بسبب حبه لعمر بن الخطاب- في السعوديّة عام 1969م, ونشأ في عائلة اشتهرت بشجاعتها وشهامتها, كما تميز بين أقرانه بالنجابة ونال إعجاب معلميه وزملائه في الفصول الدراسيّة لكنه ترك الدراسة وضحى بها راجيًا ما عند ربه وذلك بعد أحداث أفغانستان الأولى.

توجه إلى أفغانستان وهو لم يتعدّ 19 عامًا لقتال القوات السوفيتيّة, وشارك في العديد من العمليات العسكرية مع المجاهدين الأفغان منذ عام 1988 وحتى عام 1993, وبعدما تحققت هزيمة الجيش السوفيتي وانسحابهم من أفغانستان, ذهب خطاب مع بعض رفاقه إلى طاجكستان لمحاربة ذات الجيش السوفيتي لمدة عامين قبل أن يعود إلى أفغانستان عام 1995.

في هذا الوقت, كانت بداية الحرب على الشيشان التي سيلقى فيها حتفه, حيث وصف شعوره على إحدى المحطات التلفزيونيَّة الأفغانية قائلا: "عندما رأيت المجموعات الشيشانية مرتدية عصابات مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله ويصيحون صيحة الله أكبر علمت أنه الجهاد في الشيشان وقرّرت الذهاب إلى هناك".

حينما سئل عن الخسائر البشريّة والماديّة التي يتكبّدها المسلمون في جهادهم مع الجيش السوفيتي أجاب: "إن الجهاد شعيرة عظيمة فرضها الله تعالى علينا وهي ذروة سنام الإسلام ولا يكون التمكين في شرع الله دون ابتلاء" كما كان له حسًا جهاديًا يسيطر عليه حتى أنه كان يؤمن بضرورة جهاد الغرب إعلاميا لذلك كان يحرص على تصوير عملياته الجهادية حيث كان يقول: "إن الله أمرنا بمجاهدة الكافرين وقتالهم بمثل ما يقاتلوننا به، وهاهم يقاتلوننا بالدعاية والإعلام لذلك فيجب علينا أيضًا مقاتلتهم بإعلامنا".

تلمح في سيرته أنه لم يكن يقاتل بأسلوب عشوائي أو يجاهد انطلاقًا من عاطفته فحسب بل كان يحمل ثوابته الجهاديّة أينما حل وارتحل, فقد كان يرى أن الجهاد هدفه الأول إقامة شرع الله عز وجل وليس مرتبطا بحياة القائد, كما أنه لا سبيل للتفاوض مع الأعداء ولن تنتهي الحرب ضدهم حتى بأن يزال الضرر الواقع على المسلمين، وأن ترجع إليهم حقوقهم، وأراضيهم، ويستردوا حريتهم.

ثمة عامل مشترك –حسب مجلة فورين بوليسي-  بين حملة النظام السوري ضد معارضيه وحملة فلاديمير بوتين ضد دولة الشيشان التي ترتبط في جهادها ضد الروس بجهاد القائد المجاهد خطاب وحلول الذكرى العاشرة لرحيله, حيث قالت المجلة: إن حملة بوتين الوحشية حققت له شعبية عالية بين الروس, بل إن وجوه الشبه توجد كذلك في استراتيجية تدمير المدن، واستهداف الإعلاميين للتغطية على الفظائع.

صحيحٌ أن هناك أوجه شبه لم تُشر إليها فورين بوليسي من حيث أن بوتين ومعاونيه كانوا يصفون المجاهدين ومنهم بطبيعة الحال رجلنا "خطاب" بالإرهابيين كما يصف الأسد معارضيه, لكن روسيا أجرمت مرتين حينما كررت ما فعلته بالشيشان بوقوفها بجانب الأسد ومساندته ودعمه بالأسلحة.

قد يكون خطاب رحل عن عالمنا إلا أن طريق الجهاد الذي سار فيه هذا الرجل لم ينته وما زال على دربه كثيرون يقفون بوجه كل طاغية وما شعب سوريا منا ببعيد.

لم تتلوث يده بدماء مسلمين يرحمه الله ولم يوجه فوهات الكلاشنكوف الى خاصرة وطنه بما فعل بن لادن وغيره.. نسأل الله له الرحمة والمغفرة..
عبدالعزيز قاسم

1396

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..