السبت، 24 مارس 2012

نداء للقمة العربية: جرّموا تحريض الكراهية (العريفي والنمر والموسى مثالا)!


عندما كنت ادرس الاعلام باحدى اكثر الولايات وكليات الصحافة الامريكية ليبرالية (بجامعة اوريقن)، كان من المقدسات التي بلغ عليها الاجماع حد التقنين تجريم (التحريض على الكراهية). يحدث ذلك في بلد تفخر بأن التعديل الاول في دستورها هو حرية الكلمة.
والقانون يحمي الاقليات والطوائف الدينية والعرقية، من تعسف الاكثرية باسم الديمقراطية، ويفرض لها بحكم الدستور حقوق العيش والتعبير والعبادة والبحث عن النجاح والسعادة، في امن وحماية. ولذا فبعد ان شكوت تطاول زميل في الثانية الابتدائية على ابني عبدالعزيز ونعته بالملون، استدعتني ادارة المدرسة لتطلعني على نتائج التحقيق في "القضية". وتبين ان الطفل اصلا ملونا وابن لعائلة ميكسيكية .. وتعهد والداها ان يعلموه خطورة مثل هذه الروح العنصرية عليه وعلى المجتمع الانساني. 
قلت لهم ان الاسلام سبق الى ذلك قبل اربعة عشر قرنا، فقال سبحانه وتعالى (لاتسبو الذين كفروا فيسبو الله عدوا بغير علم) ونهى صلوات الله وسلامه عليه اصحابه من المهاجرين والانصار عن التحزب القبلي ووصف العنصرية بأنها منتنة. 
واليوم نقلـّب قنوات التلفزيون وصفحات الصحف والفيسبوك وتويتر وغيرها لنجد ان التحريض على الكراهية بلغ حد الفتنة. وبعض ائمتنا وخطبائنا ودعاتنا وكتابنا كنمر النمر ومحمد العريفي وعلي الموسى يستعدون الحكومات والجماهير على اقصاء وكره وحرب الآخر المختلف من اخوتنا اهل القبلة بمذاهبهم وطوائفهم واصولهم التي لاتتفق ومفهوم الاعراق الصافية (التي ينتمون لها) والفرقة الناجية (كما يتألون بها على الله) فيحصرونها بانفسهم وحسب.  اي ان جنة الله التي وسعت السموات والارض تضيق  ابوابها (بزعمهم) حتى لايدخلها غيرهم. 
وبعد ايام يجتمع حكام العرب في قمة بغداد، ثاني عواصم الخلافة الاسلامية في اعظم عصورها الحضارية، لتدارس احوال  الامة والبحث عن مخارج لازماتها واطفاء فتنها. ولا ارى اجدر من البحث في اس الكارثة، التحريض على الكراهية.  فكل حروب العالم المدمرة من الحملات الصليبية الى الحروب الدينية والاستعمارية، وحتى الحربين العالميتين، وعمليات الارهاب والحرب عليها، استغلت ونفخت في الشعور بالتفوق العنصري والديني بمنطق (شعب الله المختار)، و(الجنس الآري) الذي يحلل ماترفضه الفطرة الانسانية من استباحة الدماء والاعراض (ليس علينا في الاميين سبيلا).فعندما تقتنع ان مخالفك لايستحق الحقوق الانسانية بسبب خياره الديني او موروثه الثقافي والعرقي، يصبح القتل والسلب والقهر والظلم مقبولا او مطلوبا، تكافئ عليه في الدنيا والاخرة. 
وانظر الى مايحدث في بلدان كانت تحظى بحالة انسانية مثالية من التسامح والتعايش السلمي، كالبحرين والعراق ولبنان وسوريا واليمن والسودان ومصر، ثم عصفت الفتن الدينية والمذهبية والعرقية داخل المجتمع الواحد، والحي الواحد، وحتى الاسرة الواحدة، فتقاتل الاهل والاصدقاء، وتفرقت بهم السبل.
 
مطلوب من القمة العربية، من رئاسة القمة العربية، ان تطرح مشروع قانون يجرم التحريض على الكراهية في كافة وسائل الاعلام والتعبير، ويحدد العقوبات الصريحة الرادعة من اغلاق قنوات وصحافة الفتنة، الى السجن والتغريم للمحرضين، ويضع الآليات الوطنية والقومية التي تضمن تطبيق هذا القانون. 
حكامنا وقادة امتنا .. ان مستقبلنا وامننا واماننا في اعناقكم فاحمونا من تجار الكراهية ودعاة الفتنة (لعن الله من ايقظها!)

د. خالد محمد باطرفي
1402

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..