الاثنين، 5 مارس 2012

«الإخوان» و«السلف» في الكويت ... حماة النظام وسياج الوحدة الوطنية





جريدة الرأي
العدد 11934 - 04/03/2012


| إعداد عماد المرزوقي |
لم يولدوا اخوانا ولا «سلفاً» ولكنهم أعجبوا بالفكرة وآمنوا بها وثبتوا عليها. أفكارهم لا تمر عبر التوريث ولكن عبر الجماعة. بداية من الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني خصوصا الخيرية منها ومرورا بالمساجد الى منابر الحوار والندوات وحلقات النقاش، انتشرت أفكار جماعة الاخوان المسلمين والسلفين في الكويت. لكن الملاحظ في هذه التيارات الدينية أن «الاخوان» في الكويت أبقوا على سرية تنظيمهم فيما يتحرك «السلف» شبه علانية خصوصا من خلال منابر المساجد. الى ذلك لم يستطع السلفيون خلق تنظيم موحد وشامل يلم جميع شتاتهم، فظهرت بذلك انشقاقات بينهم وكان العكس بالنسبة للاخوان. فالخارج من التنظيم لا يمكن أن ينشئ جماعة أخرى ويبقي حتى بعد فصله أو تركه الجماعة على ولاء للتنظيم. ومن المثير للانتباه أن تنظيم الاخوان المسلمين في الكويت الى الآن لايزال يفضل العمل السري وعدم الكشف عن نواته وهوية قياداته حتى الاعلان عن قانون ينظم الأحزاب.
قيادات في «الاخوان» و«السلف» على الرغم من صعوبة الوصول الى معلومات دقيقة حول تفاصيل هيكلية هذه التيارات الدينية وتنظيمها أفادوا أن «الاخوان» و«السلفيين» اليوم هم أكثر تفاهما من ذي قبل ويتفقون في الكثير من القضايا بعكس الماضي. نائب رئيس تحرير مجلة المجتمع التابعة لجمعية الاصلاح الاجتماعي الواجهة الأولى لعمل حركة الاخوان المسلمين في الكويت محمد سالم الراشد كشف صراحة أن «تنظيم الاخوان في الكويت يعول على قيادات شابة ومنفتحة وقريبة أكثر للمدرسة التوافقية مع السلف»، أما نائب رئيس مجلس الأمة عضو البرلمان عن كتلة التجمع السلفي خالد السلطان فقد صرح أن «جيل السلفيين اليوم معظمهم شباب ويميلون الى التعاون مع الاخوان مبتعدين عن التشدد كما كان في الماضي». الرجلان قالاها صراحة «طي صفحة الماضي والابتعاد عن الاختلاف والعمل بقلب رجل واحد».
ويذكر ان هذا التقارب بين التيارات الدينية في الكويت خصوصا بين «الاخوان» و«السلفيين» هو على عكس ما يحدث في مسيرة التيارات الدينية في دول أخرى على سبيل المثال في تونس ومصر. فـ«الاخوان» في تلك الدول منفتحون أكثر على الأطياف السياسية الأخرى ومتناغمين بدرجة متقدمة مع مظاهر الحداثة التي يرفضها السلفيون في تلك الدول بدعوى رفض التغريب والتطبيق الكامل للشريعة. والملاحظ أن ما لا يتفق عليه «الاخوان» و«السلف» في تلك الدول لا يمثل خلافا بين جماعة الاخوان المسلمين الكويتيين والسلفيين في الكويت. لكن في ما يختلفون اذاً؟ وهل تبقى نقاط الاختلاف جوهرية في الأفكار أم لا وجود لها؟ والى ذلك يبقى الاستفهام قائما هل تجمع السياسة بين التيارات الدينية في الكويت وتدفعها نحو التحالف أم هناك تحالفات قد حسمت من قبل ولم تكشف الا في الانتخابات الأخيرة؟ أين تعاون «السلفيون» و«الاخوان» في دعم مرشحيهما للوصول الى المجلس؟
يشدد محمد سالم الراشد نائب رئيس تحرير مجلة المجتمع على أن «الاخوان» في الكويت غير ملتزمين بالتنظيم العالمي للاخوان، هم يشكلون تجمعا كويتيا وطنيا مستقلاً في قراره. واكتفى الراشد بالتصريح أن جماعة الاخوان في الكويت «تشارك في المؤتمرات المشتركة حول قضايا اسلامية او غيرها مثل قضية فلسطين وغيرها»، لافتا الى أن هناك تعاوناً في هذه المجالات.
ويؤكد أن «الاخوان في داخل الكويت غالبيتهم من الشباب ومن الدماء الجديدة»، مشيرا الى أن «عموم التيارات الاسلامية و«الاخوان» في الكويت حركات متصالحة مع النظام السياسي وتشكل سياجا للوحدة وملتزمة باصلاحه».

مسيرة «الإخوان المسلمين» في الكويت
يقول الراشد ان «الحديث عن تاريخ حركة الاخوان في الكويت يقود الى التمييز بين أمرين: حركة فكرية وتنظيم. كحركة فكرية بدأت حركة الاخوان مع نهاية 1946 بالتقاء المرحومين عبد العزيز المطوع وعبدالله المطوع بالامام حسن البنا في أحد مواسم الحج. وكانت أفكار الاخوان انذاك حالها حال الأفكار الأخرى المنتشرة في الوطن العربي كالقومية والاشتراكية والشيوعية والماركسية. فخلال هذه المرحلة كانت هناك الكثير من الأفكار المروجة والعالم العربي لم يكن بعيدا عنها لأنه كان تحت الاستعمار. مع سقوط الخلافة العثمانية، أنشئ تيار اسلامي جديد وهو تيار الاخوان الذي أتى بأفكار جديدة. بدأت الناس في ذاك الوقت تعرف هذه الأفكار من خلال الحركات الوطنية التي كانت تساهم في ترويجها في المجتمعات خصوصا مصر والدول المحيطة بها. وقد أثر تيار حركة الاخوان في المجتمع الكويتي مثلما أثر في بقية المجتمعات الأخرى، وذلك نظراً لوسطيته وفهمه الشامل للاسلام».
ويذكر الراشد «انطلق العمل الاسلامي الفعلي في الفترة ما بين 1952 الى 1958، ما أدى الى انشاء جمعية الارشاد في الكويت التي كان لها دور في توجيه الشباب والمجتمع، وقامت باستضافة دعاة اسلاميين ودعاة من الاخوان كالشيخ البشير الابراهيم والفضيل الورتلاني والمجاهد التونسي محيي الدين القليبي والشيخ مصطفى السباعي، وفي 1958 حلت جمعية الارشاد حالها كحال بقية الجمعيات التي تم حلها جميعا وتعطيلها. وأنشأ «الاخوان» ومجموعة مباركة من رجالات أهل الكويت بعد ذلك «جمعية الاصلاح الاجتماعي» في عام 1963م لتساهم في تعزيز النشاط الفكري عبر الندوات والمحاضرات لعلماء ومشايخ الفقه الاسلامي بالاضافة الى الاصدارات، خصوصا مجلة المجتمع. وكانت هذه الأفكار تؤثر على الشباب الموجود بالاضافة الى أنه كان هناك تصارع في الأفكار. كانت هناك أفكار شيوعية وماركسية وليبرالية متداولة بين الشباب باعتبار أن الكويت لم تكن معزولة عن بقية العالم العربي.
لكن هل هذه الأنشطة ساهمت في تنشيط الحراك السياسي؟
يضيف الراشد: «بعد صراعات بين الاسلاميين وبعض التيارات الوطنية أهمها تلك التي كانت مع عبدالناصر خصوصا في ما يتعلق بتقليص نشاط وقوة حركة «الاخوان» والسيطرة على موجة التيارات الفكرية، تعزز في المقابل التيار القومي. أدى ذلك الى الشعور بالضيق لدى الاسلاميين آنذاك من تعزز القومية وتغلغل الأفكار الشيوعية فيها وبدأ هذا التيار القومي يعادي الدين. وهنا بدأ يظهر صدام ما بين التيار الديني كالاخوان والتيار القومي. وبعد أن كان الصدام بين عبدالناصر والاخوان انتقل الصدام بين التيار الديني الذي تمثله حركة الاخوان المسلمين والتيار القومي».
«في هذه المرحلة نشط التيار القومي في الكويت بقوة وكان له رموزه لكن حدث انشقاق في هذا التيار والتيار اليساري، جزء منه أصبح ماركسياً، وجزء آخر يتبع ماوتسي يونغ، كما تولد عن هذه التيارات حركات وطنية وناصرية»، يبين الراشد.
ويشير الراشد الى أن «الانشطار الفكري بين التيارات القومية واليسارية أنشأ حالة صدام مع طبيعة النظام السياسي في الكويت، وبدأ هذا المفهوم يتبلور بانشاء جبهة تحرير الخليج، وهي جبهة نزعت الى استخدام القوة في المجتمع الخليجي، وحدث صدام بينها وبين الأنظمة السياسية في دول الخليج. وفي 1958 نتيجة حراك قومي في الكويت اضطرت الحكومة الى أن تحل الجمعيات بما فيها جمعية الارشاد التي تعبر عن أراء الاخوان. وبعد وضع الدستور، تم انشاء جمعيات مختلفة بمقتضى قانون جمعيات النفع العام، فأنشأ الاخوان وثلة من وجهاء الكويت «جمعية الاصلاح الاجتماعي» في عام 1963م تماما مثل التيار الشيعي الذي أنشأ الجمعية الثقافية والتيار القومي واليساري الذي أنشأ نادي الاستقلال، وكل تيار أنشأ له جمعية كواجهة يعمل من خلالها لأنه ليس هناك قانون ينظم عمل الأحزاب. في هذه الفترة كان التيار القومي في أوجه والتيار الاسلامي في تراجع».
«مع بداية تمدن الدولة وازدهار النفط في الكويت، نزع غالبية الشباب بمن فيهم شباب الاخوان الى الاستفادة من هذه الطفرة المالية، وانشغلوا في أنشطة مختلفة وأصبح هناك عزوف عن التنظيمات الى العمل التجاري. في هذه الفترة ضعفت التيارات التنظيمية بما فيها الاخوان. وظل التيار القومي قويا الى سنة 1967 حيث فشل في استيعاب التحديات العربية مع الفشل في حرب 1967. ومنذ ذاك الوقت بدأت تنشأ تيارات أخرى. بدأ التيار الاخواني في الكويت يعيد احياء تشكيله القديم. وتم تفعيله نتيجة الحاجة الى فكر ورؤية جديدة. وبدأ التيار الاخواني منذ تلك المرحلة ينمو ويظهر في النشاط الاجتماعي والنقابي والخيري والسياسي. أصبح هناك جيل من الشباب يؤمن بأفكار الاخوان»، يروي الراشد.
ويضيف الراشد «شارك التيار الديني بما فيه الاخوان المسلمين باعتباره تيارا محافظا في النزوع الى الاستقرار بالنظام السياسي، وفي الواقع ان تنظيم الاخوان والتنظيمات الاسلامية الأخرى بما فيها السلفيون شكلوا حزاما آمنا دينيا وفكريا للنظام السياسي على الرغم من عدم دخولها الى العمل السياسي بشكل مباشر. وكان هذا التيار الاسلامي يحافظ على النظام السياسي من مظاهر التغريب مثلا وتغير الأفكار في المجتمع أو محاولة هيمنة الأفكار اليسارية لاحداث تغيير جذري. التوجه نحو العمل الديموقراطي والسياسي كان موجودا، وعدد من التيارات اليسارية نشطت في هذا الجانب. الى ذلك فان غالبية المجتمع الكويتي راض على النظام السياسي ولا توجد أي حركة دينية تريد تغيير النظام كلها تريد اصلاحه».

السياسة التي يريدها السلفيون!السلفية حركة ظهرت في أواخر القرن السابع الهجري على يد أحمد بن تيمية كرد فعل على الاصلاحات العقلية التي أدخلها الامام الأشعري على عقائد أهل الحديث، واعتبر ابن تيمية، والذي كان من فقهاء الحنابلة أن تلك الاصلاحات خروجا «عن السنة»، فعمل على احياء عقائد أهل الحديث مستنكرا التأويلات التي قدمها الأشاعرة للأحاديث التي أخذت منها تلك العقائد. وأطلق ابن تيمية على طريقته عنوان (منهاج السلف الصالح)، فعرفت دعوته بالسلفية لأنه كان يدعو الى العودة الى سيرة السلف الصالح والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله والتي - على رأيه - حاد عنها الأشاعرة والفرق الأخرى، ولم يقف عند هذا الحد.
السلفيون بتعزز وجودهم في السياسية ارتأوا التدرج في عملية التغيير نحو تطبيق الأحكام الشرعية واختاروا عدم تنفير الناس منهم واستقطاب أكثر عدد ممكن من الأتباع. فقد ذكر أحد شيوخ السلفيين المعاصرين الشيخ «أبو عبيدة» مشهور بن حسن آل سلمان في أحد رسائله تحت عنوان «السياسة التي يريدها السلفيون»: «أننا بحاجة الى السياسة بمعناها الشرعي في عملية الاصلاح، فتغيير المفاهيم الأساسية من مبادئ ومفاهيم، وتكثير عدد أتباع الحق، وتحييد أكبر عدد من غيرهم، لا يتم ذلك الا باتباع سياسة التدريج والتغيير، وفق سنة الله الشرعية والكونية... المراد بالتغيير ما أشرنا اليه من وجود أسسه ومؤسساته، فعليهم وبهم يتأسس، فمن السياسة التأسيس، وهذا عمل الدعاة وطلبة العلم والخطباء والوعاظ والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر».
هذا التطور في فهم العمل السياسي لدى السلفيين لا يرتقي حسب ابو عبيده الى أفكار تيارات اسلامية منفتحة أكثر، فهم يرون التدرج وليس المرواغة وهي الصفة التي طبعت لزمن مفهوم السياسية، «هذه هي السياسة التي من السياسة تركها، اذ جعلت أداة مساومة، وفخ اقتناص المتذبذبين من أبناء المسلمين ممن يريدون الاصلاح بالمشاركة باعطاء الصوت فحسب» يقول الشيخ أبو عبيده.
الاخوان والنظام السياسي.. العنف مرفوض والاصلاح مطلوب
قال الراشد ان «الحكومات أحيانا تلجأ الى الالتفاف حول الدستور من أجل اخذ حيز سلطة اكبر، وهذا ما كان يواجهه تيار الاخوان المسلمين مثلما تصدت لذلك بقية التيارات السياسية. لكن تجدر الاشارة الى أن تيار الاخوان المسلمين - كان تيارا وطنيا وعمله وطنيا- وصنعه مجتمعه ولا يتلقى أوامر من الخارج وهو يحافظ على السياق التاريخي للعقد الاجتماعي في الكويت، وفي الوقت نفسه لم تظهر اي مظاهر عنف لنشاط التيارات الاسلامية بما فيها الاخوان المسلمين».
«حركة الاخوان والحركة السلفية لا تؤمنان باستخدام العنف لتغيير النظام أو للاصلاح نفسه، ولكن تؤمن بالاصلاح السلمي وبالأدوات السلمية المتوافرة، وهذا على خلاف تيارات أخرى. وفي مراحل متقدمة كان الاخوان من التيارات التي دعت الى تماسك المجتمع في غياب الشرعية أيام الغزو. «فلما غابت الشرعية في النظام السياسي كان للاخوان دور في حماية هذا النظام الشرعي»، يقول الراشد.
وبين الراشد أن «ما يشاع عن سلبية دور الاخوان في المجتمع هو عبارة عن حرب سياسية وانتخابية، والحقيقة المتجذرة هي ان عموم التيارات الاسلامية والاخوان هي حركات متصالحة مع النظام السياسي وتؤمن بوحدة المجتمع وداعمة للسلطة وملتزمة بطريقة الاصلاح».
ويؤكد السلطان كلامه بالقول: «الاسلاميون متفقون حول سياسة الميل الى الاستقرار وتحقيق السلام الاجتماعي واساسها العدل، وعلى اساسها ينطلق قطار التنمية والحفاظ على الوحدة الوطنية».
ورأى الراشد أن الكويت «ليست بحاجة الى نموذج سياسي لدولة اسلامية لتطبيقه في الكويت، فالمجتمع الكويتي نفسه مؤمن بهذا الشيء، لذلك عندما حدث الربيع العربي لم يؤثر في الكويت لسببين: الأول يكمن في أن كل الحركات الاسلامية مؤمنة بشرعية النظام، وهو نظام متراض مع المجتمع، وعملية ايجاد ثورة لتغيير النظام ليس لها داع، لذلك فان النظام هو نفسه الذي تصالح مع الشعب من خلال أحكام الدستور والتمسك بالتغيير عبر الأدوات الدستورية».
ورأى الراشد أن «النظام السياسي يمكن أن يعدل مساراته بما يتناسب مع اصلاحات الثورات العربية وتطبيق الشريعة الاسلامية، والشعب يريد النظام أن يستمر لكن يريد في الوقت نفسه أن تستمر معه الاصلاحات».
واجهات عمل الاخوان المسلمين
ذكر الراشد «نحن لا نستطيع أن نعمل الا من خلال القانون. تواجد الاخوان فاعل من خلال ما يسمح به القانون وهم ممثلون في الاتحادات الطلابية والنقابية. لكن المشكلة تكمن في العمل السياسي. العمل السياسي لم يتطور كي يكون هناك قانون يتعلق بانشاء أحزاب سياسية، فالعمل السياسي يمر عن طريق واجهات، او جمعيات او تكتلات، من دون اطار قانوني او قانون ينظم عملها. في اطار هذا الفراغ القانوني أنشئت الحركة الدستورية الاسلامية عندما أراد الاخوان المسلمون وبعض مؤيديهم ومحبيهم من الشعب الكويتي التعبير عن أنفسهم سياسيا. وحيث انهم لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم سياسيا من خلال واجهات تعمل في العمل الاجتماعي أو النقابي، فقاموا بانشاء الحركة الدستورية الاسلامية (حدس)، وهي كتنظيم سياسي لها لوازمها ولوائحها التي تنظمها، ولها امانتها العامة ومكتبها السياسي. ولكن هذا غير مؤطر وفق قانون للأحزاب. في المقابل فان العرف القانوني يجيز عمل الأحزاب السياسية. والعمل من خلال هذه الواجهات ينطبق على بقية التيارات الأخرى، كالمنبر الديموقراطي والتجمع السلفي وهي تنظيمات موجودة داخل المجتمع تعبر عن نفسها لأنه لا يوجد قانون وليس لأن هؤلاء لا يريدون الكشف عن هوياتهم».
الاخوان والحراك الطلابي
وقال الراشد «القواعد الشبابية الاخوانية متوفرة وتنشط في الحراك الشبابي. فالحركة الطلابية اليوم في عمومها اسلامية وقياداتها اسلامية، وان جزءاً مهماً من الحركة الطلابية هي حركة مستقلة تؤمن بفكر الاخوان، وليس للحركة الاسلامية سيطرة عليها، بل هي تعمل ضمن أطرها النقابية الواضحة والمعلنة، وتمارس نشاطها في جامعة الكويت والجامعات الخاصة والمعاهد، وهذه الحركة الطلابية متمثلة في قوائم انتخابية تعمل في منظومة الحركة الطلابية وبفوز هذه القوائم لأكثر من 30 عاما في الكويت، فان ذلك يعطي ذلك مؤشرا بأن للفكر الاخواني تأثير على القطاعات الطلابية».
وأضاف الراشد أن الحراك الشبابي الأخير شاركت فيه الحركة الدستورية ممثلة في تجمع «نهج» وهو عبارة عن تكتل تيارات سياسية وبرلمانية جزء منها حركة اسلامية وهذا يعكس مدى تفاعل المجتمع مع الحركة الاسلامية.
وأشار الراشد الى أن «الحركة الاسلامية ذات تنظيم جيد وفكر معتدل ولديها قواعد منتشرة في مناطق البلاد المختلفة وهي قادرة على التأثير»، مشيرا الى فوز «حدس» فازت بأربعة من عناصرها في مجلس الأمة الجديد.
ميل إلى التوافق
قال الراشد ان «الخلاف بين الاخوان والسلفيين في الكويت هو خلاف سياسي أكثر منه فكري، هناك توافق في الكثير من القضايا داخل الكويت والاختلاف فقط على من يقود ماذا؟، وما هي المساحات التي يمكن أن تعمل فيها؟. فالاختلاف في وجهات النظر، والخلاف اجتهادي خصوصا في السياسة».
«في موضوع تعديل المادة الثانية من الدستور أو أسلمة القوانين أو الاخلاق في المجتمع أو حتى قضايا الاختلاط وترشيح المرأة ليس هناك اختلاف بين التيارين الاخواني والسلفي»، يوضح الراشد، مشيرا الى أنه «تبقى هناك قضايا تتعلق بالتحالفات السياسية والموقف من الحكومة يمكن أن الاختلاف فيها».
وأوضح أن «الاخوان يؤمنون بالتدرج في تطبيق الشريعة وأصبح السلف يؤمنون بذلك»، مبينا ان التيار السلفي فيه أكثر من مدرسة على عكس الاخوان، فالتيار السلفي الأعم والأشمل يرى التدرج في قضية الأحكام وأسلمة القوانين لكن تيار آخر يرى أن تفرض الأحكام الشرعية لطالما السلطة لديها القدرة على ذلك. يجب أن تتوفر جميع الارادات لتغيير وتطبيق الشريعة».
وأشار الى ان «مدرسة التوافق بين التيارات الاسلامية (الاخوان والسلف) تشهد تطورا كبير في الكويت، فتأثرت بالتحالفات التي تشهدها التيارات الاسلامية في تونس ومصر»، لافتا الى أن « الحركة الاخوانية تلتقي مع السلفيين حتى في موضوع منع الاختلاط بالجامعة ويرون ضرورة انشاء جامعات للذكور وأخرى للاناث».
اتفاق على القضايا الشرعية
أوضح نائب رئيس مجلس الأمة خالد السلطان: «الاسلاميون متفقون حول سياسة الميل الى الاستقرار وتحقيق السلام الاجتماعي واساسها العدل، وعلى اساسها ينطلق قطار التنمية والحفاظ على الوحدة الوطنية»، مبينا أن «الاسلاميين متفائلون بان قيادة مجلس الأمة ستعمل في مسار لا يكون في احضان الحكومة ولا يكون متشددا تجاهها».
وبين أن «وجود الغالبية الاسلامية في المجلس يتناغم مع ما افرزته احداث الربيع العربي. حين استقامت الانتخابات وأبعد المتسلطون عن مصير الأمة، اصبح هناك شفافية ونزاهة في الانتخابات، أتى على اثر ذلك الاسلاميون في المقدمة لأنهم الاقرب الى الناس ويحملون همومهم».
وأشار الى أن «المحافظين يشكلون غالبية مريحة داخل المجلس. الملتزمون اسلاميا اعدادهم تفوق العشرين وكان الأحرى في رأينا أن يكون قيادة المجلس للاسلاميين». ويعتقد السلطان «هذا الجيل من السلفيين والاخوان بنوايا صادقة سيكون اقرب لهم التعاون، وبالتالي هذا ظهر في الانتخابات وكانوا يتعاونون، وليس مستغربا ان بعض الاخوان خرجوا من اطار التعاون التقليدي لدعم السلفيين وكذلك السلفيين قاموا بالدور نفسه»، مؤكدا أن «الأطروحات الفكرية ليست بعيدة ومهما يكن نتمنى ان يكون هناك تنافس لكن يكون هناك تعاون داخل المجلس بين الاسلاميين ولا نتوقع صدعا ابدا بين الاسلاميين مستقبلا».
ورأى السلطان أنه «لن يكون لأي طرف نوايا لتفوت الفرصة لانجاح التعاون بين المجلس والحكومة»، مشيرا الى أن «السلف والاخوان متفقون على القضايا الشرعية، والسلفيون ايضا يرون مرحلية التطبيق، ومعنى مطالبتنا بذلك بتعديل المادة الثانية من الدستور لا يعني التطبيق الآني والجذري لأحكام الشريعة ولكن أي قانون سيتخذ يجب ان يكون موافقا للشريعة، والقوانين الحالية تستتبع تغييرها لاعادة تشريعها بتعديلات تكون موافقة للشريعة وجميع تلك الامور ستمر عبر مجلس الامة. وتكون وفق مبدأ الغالبية في المجلس».


«الإخوان» ليسوا كالسلفيين؟ حقيقة غير كويتية!
الاخوان ليسوا كالسلفيين. هل هذه هي حقيقة الأمر. تأكيد ذلك من عدمه يقود الى ابراز نقاط الاختلاف والفوارق بين التجمعين الاسلاميين اللذين برزا على سطح الأحداث الأخيرة ومنهما من وصل الى السلطة ومنهما من وجد في الشارع سلطته المفقودة. الى ذلك تجدر الاشارة الى تعزز التيارين الاسلاميين في الكويت أيضا وصعود نواب اخوان ونواب سلف في البرلمان الجديد في محاكاة لما تحصده الحركات الاسلامية من شعبية في الفترة الأخيرة مستفيدة من تعاطف الناس معها ومع مبادئ النزاهة والعدالة الاجتماعية التي ترفعها في شعاراتها. فهل يجدر تصحيح الخطأ بجمع الاخوان والسلفيين في الكويت مثلا في كتلة الاسلاميين والى اي مدى يتفق هذان التياران وعلى اي قضايا يختلفان؟
من مركز كارينغي للسلام الدولي ونشرة «الاصلاح» العربي برزت هذه الأفكار: «يعمل السلفيون عموما على اصلاح عقيدة المسلم الطريق للتجديد الديني. تختلف السلفية بشكل كبير عن الاخوان، فهم لا يعتبرون أي فرد خارجاً على العقيدة طالما آمن بأركان الاسلام الخمسة بصرف النظر عن نقص درجة التزامه. يتبنى الاخوان مقاربة أكثر شمولا للاصلاح تتضمن تطبيق الشريعة. أما بالنسبة للسلفيين فلا يمكن الحديث عن تطبيق الشريعة الا بعد أن يصل ايمان وسلوك المسلمين للمستوى الذي يرونه متوافقًا مع المعايير الاسلامية.
وفي مصر، في العقود القليلة الماضية، وبشكل أدق خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، بدأت موجة جديدة من السلفية ذات التوجه السياسي، الأكثر دوغماتية من التيارات الاسلامية الأخرى، تكسب قاعدة في المجتمع المصري مسببة قلقا بين العلمانيين والاسلاميين على حد سواء.
وقال الكاتب سليمان الريسوني في تقرير سابق حول علاقة الاخوان والسلف في الفترة المعاصرة: «ظهر على حين غرة شباب بلحى وملابس طويلة، يصطفون على يمين حزب النهضة الاسلامي، ويقرعون بقبضاتهم الصمت الذي علا شوارع تونس بعد فرار زين العابدين بن علي. في المغرب تسلل حزب العدالة والتنمية الاسلامي الى الحكم، وهو محرج ببقاء السلفيين في السجون، وهناك حديث عن قرب انفراج ملفهم، لكن حزب العدالة والتنمية يعرف قبل غيره بأن السلفيين لن يخرجوا من سجونهم لتمشيط لحاهم وقراءة كتب الألباني، بل لمراقبته ومناوشته في الشارع، ولما لا منافسته في أول استحقاقات يشهدها المغرب في ظل حكومتهم. ما الذي يريده السلفيون بركوبهم سفينة السياسة من باب الديموقراطية؟».


إمام كويتي من «السلف»: «الربيع العربي» أخرج شبابنا من القوقعة
قال أحد الأئمة في الكويت - من المحسوبين على حزب النور السلفي في مصر «ليس هناك اختلاف جوهري بين السلف والاخوان، فكلاهما تحت مظلة الاسلام التي تجمع بين تيارات وايديولوجيات مختلفة». وذكر ان «البعد التاريخي في مرجعية السلف أعمق من البعد التاريخي لتكوين جماعة الاخوان. فالسلفيون يتمسكون بالجذور الذي تمتد الى أيام السلف الصالح في عهد النبوة، اما فكر الإخوان فقد كان حديثا مع الشيخ حسن البنا الذي أتى بفكرة مشاركة الاسلاميين في الحكم في اطار الدولة كبديل عن طلب السلف في انشاء الخلافة الاسلامية وهو مطلب قر في نفوس بعض المسلمين منذ سقوط الخلافة العثمانية، ولصعوبة تحقيقه حاول الإخوان مع الاختلاف مع السلف في الخروج من القوقعة التي ظل فيها السلفيون خشية من بطش أولياء الأمور».
واضاف أن «الإخوان قبلوا الانفتاح على الآخر والأفكار الأخرى وتعاطوا معها، لكن السلفيين ارتأوا للمقاطعة مع الانفتاح مع الحداثة التي يرون في جزء منها أن نقلا حرفيا من الغرب بما يتنافى مع أصول العقيدة، لذلك فقد تمسكوا بثوابت أهل السنّة والسلف الصالح ويعتبرون أن لا مجال من عدم تطبيقها».
وبين أن «التحولات العربية التي أدت اليها أحداث الربيع العربي دعت شباب السلف الى الخروج من القوقعة بعد أن انقضى الخوف من (بطش أولياء الأمور)، واختاروا في المشاركة في الحياة السياسية على أساس مبدأ (واجب العصر أو ضرورة عصرية)، فانطلقوا بذلك من الانغلاق الى الانفتاح تدريجيا عن الأطياف السياسية والفكرية الأخرى، وفي هذا الصدد، يتقدم الإخوان بأشواط عن السلف في مسألة الانفتاح والعلاقة مع الآخر».
وأشار الشيخ (م) الى أن «السلفيين نجحوا في اكتساح العمل السياسي بنجاح وفي فترة تكوين صغيرة مقارنة مع الاخوان»، وقال ان «السلف في مصر او في تونس او حتى في الكويت كان خطابهم أصدق لهجة من الاخوان، فهم لا يحسنون المراوغة كالاخوان، فالصدق بالنسبة لهم منجاة، الا أن استدرك أن المرواغة السياسية التي يحسنها الإخوان هي في اطار المسموح به من الشرع ولايصطدم مع أصل من أصول الدين».
وقال انه «اذا كانت هناك علاقة تصادمية في المستقبل بين الإخوان والسلف فستكون بسبب حساب الأولويات وليس نتيجة الاختلاف على أصل في الشرع»، مضيفا ان «السلفيين يعتبرون أكثر تمسكا بتطبيق الشرع كله بحذافيره، لكن الإخوان ربما يرون التطبيق مرحليا وهم يعتبرون أكثر ليونة، كما يعتقد أن الحركات السلفية مختلفة بين علمية وجهادية ولينة»، مشيرا الى «نبذ السلف السياسيين مبدأ العنف والتطرف». الا أنه أكد أن «السلف قد يتشبثون بأصل الحفاظ على الذوق العام في الدول الاسلامية بمكافحة كل مظاهر التفصخ».

الخارجون من الجماعة 
«هناك بعض الشباب وبعض القيادات الاخوانية خرجت من الجماعة ونكن لها كل الاحترام والتقدير ونحتفظ بعلاقات جيدة معهم»، هذا ما أكده الراشد مرجعا ذلك «اما لخلافات فكرية معهم او لظروف خاصة بهم، وهذه المجاميع ظلت محتفظة بالولاء الفكري للجماعة لكن من غير الانتماء، لكنها لم تحاول انشاء جهات أخرى باسم الاخوان المسلمين، فلم يحصل هذا في تاريخ الاخوان بالكويت». فالاخوان حسب الراشد «لا يستطيعون العمل الا بالطريقة التي يعمل بها الاخوان»، ويقصد بذلك أن «الفكر لا يؤثر على التنظيم، فالخارجون لا يستطيعون انشاء تنظيمات أخرى. وكان خروج البعض بسبب انتخابات أو ظرف خاص او كون أحد الأعضاء غير مؤمن بطريقة عمل الإخوان في فترة معينة».

تمويل الأنشطة
يتم تمويل أنشطة الاخوان في الكويت من خلال أعضائها. وفي هذا الصدد أوضح الراشد أن مؤسسات مثل جمعية الاصلاح الاجتماعي هي جمعية نفع عام وهي مؤسسة مستقلة وتخضع لقوانين تنظم عملها وتراقب مصادر تمويلها، وتقوم مكاتب محاسبية متخصصة بتدقيق حساباتها، وتشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..