فصول المقال :
- تكوين
الأحزاب ممنوع شرعًا
- الفرق
بين الانتماء إلى المذاهب الفقهية الإسلامية والانتماء إلى الأحزاب الفكرية
- الخلاف
المخرج من مسمى أهل السنة والجماعة
- أبرز
ما تخالف فيه الأحزاب الفكرية الإسلامية منهج أهل السنة والجماعة
- علة نشوء جماعة الإخوان المسلمين
- هل للإخوان المسلمين علاقة بالخوارج ؟
- الفرق بين الإخوان المسلمين والسرورية
- الفرق بين السرورية
والسلفية
- السرورية ترى أن العلماء
السلفيين المعاصرين لنشأتها ؛ كابن باز ، والألباني ، وابن عثيمين ؛ لا يفقهون في
الواقع ؛ فيخطئون في الحكم عليه ، وفي العمل أو الحركة المطلوبة نحوه ، ولم
يتدبروا قاعدة تلازم الظاهر والباطن
- مشكلة السرورية
- لا يلزم من الإصرار على
الكبيرة، والمجاهرة بها، والاجتماع عليها؛ استحلالها؛ فليس ذلك مناطًا للتكفير
تكوين
الأحزاب في السعودية ممنوع؛ فإذا وجدت فلا بد أن تكون سرية، كما أن الشعرة الدقيقة التي تخرج دعاة فضلاء وطلبة علم عن السلفية
لا ترى إلا بمجهر ، ولا تقدر إلا بميزان أدق من ميزان الذهب ، فيصعب تعيين أصحابها
باليقين ، ولا يجوز تصنيف الناس بالظن غير
الغالب؛ فيؤذوا في مناصبهم وأقواتهم؛ فيؤذوا - بدورهم
المتكلمين فيهم - في مناصبهم وأقواتهم .
والمقصود
تمييز صواب الأفكار والأعمال من خطئها ؛ فإذا تم ذلك ؛ تميز أصحابها نسبيًا ؛ لأن الحكم
على شخص معين أكثر تعقيدًا وتركيبًا من الحكم على عمل معين .
تكوين الأحزاب ممنوع شرعًا :
أهل
السنة والجماعة مجتمعون على كتاب الله وسنة رسوله r
بفهم السلف الصالح ، ومن يخالف في وجوب اتباع هذه الأصول فهو ضال ، والاختلاف ليس
أمراً مطلوباً، وإن كان واقعاً … قال الله تعالى : {وَلا
تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ
الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
(آل عمران:105) .
وقال
تعالى : {إِنَّ
الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ
إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
}(الأنعام:159) ، وقال تعالى :{وَأَنَّ
هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ} (الأنعام:153)
.
وقال
تعالى: {شَرَعَ
لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ
وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ
اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ }(الشورى:13) ، وقال تعالى : {وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ
فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ }(آل
عمران:103) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (والله تعالى قد سمانا في القرآن
: المسلمين ، المؤمنين، عباد الله ؛ فلا نعدل عن الأسماء التي سمانا الله بها إلى أسماء
أحدثها قوم - وسموها هم وآباؤهم - ما أنزل الله بها من سلطان . بل الأسماء التي قد
يسوغ التسمي بها ؛ مثل : انتساب الناس إلى إمام ؛ كالحنفي ، والمالكي ، والشافعي ،
والحنبلي ، أو إلى شيخ ؛ كالقادري ، والعدوي، ونحوهم ، أو مثل : الانتساب إلى القبائل
؛ كالقيسي ، واليماني ، وإلى الأمصار ؛ كالشامي، والعراقي ، والمصري = فلا يجوز لأحد
أن يمتحن الناس بها ، ولا يوالي بهذه الأسماء ، ولا يعادي عليها . بل أكرم الخلق عند
الله أتقاهم من أي طائفة كان).
الفرق
بين الانتماء إلى المذاهب الفقهية الإسلامية والانتماء إلى الأحزاب الفكرية :
الأصل في
الانتماء إلى المدارس الفقهية أو القبائل أو الأمصار أنه انتماء طبيعي غير مقصود
...أما تكوين الأحزاب الفكرية والانتماء إليها فهو انتماء مقصود، واجتماع يدعى
إليه ...
الخلاف
المخرج من مسمى أهل السنة والجماعة :
ولا شك أن الحق
واحد، ولا يخرج عما عليه أهل السنة والجماعة، والخروج عن أهل السنة والجماعة يكون
بمخالفتهم؛ في مصادر التلقي، ومنهج الاستدلال، أو فيما لم يختلفوا فيه...
وأبرز ما تخالف فيه الأحزاب الفكرية الإسلامية؛
مثل: جماعة الإخوان المسلمين ، وجماعة التبليغ= منهج أهل السنة والجماعة :
1-
التحزب على ما اتُّفِق عليه .
2-
وعدم إنكار بعضهم على بعض في المختلف فيه، وإن كان من أصول
الدين العظيمة.
3-
وعدم عنايتهم بالدعوة إلى التوحيد وإنكار
الشرك وإنكار البدع .
4-
وعدم عنايتهم بالسنة وبما كان عليه سلف الأمة في
أحكامهم الشرعية .
5-
وتقديم ما اتفقوا
عليه (رأيهم وفكرتهم) على ذلك كله .
ومن كان سلفيًا من
حيث الانتماء العقدي والفقهي ، وانتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين أو إلى جماعة
التبليغ أو إلى غيرهما من الجماعات ؛ فينبغي أن تهجر نسبته إلى السلف الصالح؛
إنكارًا عليه مخالفته لهم ؛ حتى يترك ما خالفهم فيه ، ويكون سلفيًا خالصًا محضًا.
علة
نشوء جماعة الإخوان المسلمين :
علة نشوء جماعة
الإخوان المسلمين هي إرادة ولاية الأمر ؛ لأن ولاة الأمر لا يحكمون بما أنزل الله
عز وجل ، مع أن أهل البدع منهم لا يحكمون بما أنزل الله عز وجل حقيقة ، ولكنهم
يفرقون بينهم بأن ولاة الأمر متعمدون كفار ، أما أهل البدع فإنهم مخطئون ، وليسوا
كفارًا .
والواقع أن بعضهم
بدعهم مكفرة ، وبعضهم بدعته غليظة ، وتأويله غير سائغ ، ولكن على فرض أنه لا يوجد
فيهم من هم كذلك ، وأن ولاة الأمر كفار ؛ لا يجوز ترك إنكار المنكر مطلقًا
للاجتماع على مواجهة منكر أكبر ، ولا أثر لعدم تعمد المخالفة في ترك الرد على ما
يخالف النصوص والأدلة الظاهرة .
هل للإخوان
المسلمين علاقة بالخوارج ؟
إذا أدخل الإخواني
في العلة السابقة الدولة السعودية خرج من مسمى أهل السنة والجماعة، وصار خارجيًا
عند كل من يرى أن الدولة السعودية دولة إسلامية ؛ ولاة أمرها مسلمون ، يحكمون بما
أنزل الله عز وجل ، ويعتقدون وجوبه ، وحرمة الحكم بغيره .
الفرق
بين الإخوان المسلمين والسرورية :
وقد فارقهم في الموقف
من أهل البدع محمد سرور ، ولكنه لم يفارقهم في موقفهم من حكام البلدان العربية ،
الذي لا يستثني أحدًا ، كما يظهر من مقالاته في مجلته
"السنة" ، ومنها قوله في العدد السادس والعشرين (1413هـ) : وللعبودية
طبقات هرمية اليوم :
فالطبقة
الأولى : يتربع على عرشها رئيس الولايات المتحدة ( جورج بوش ) ، وقد يكون غداً
كلينتون .
والطبقة
الثانية : هي طبقة الحكام في البلدان العربية ، وهؤلاء يعتقدون أن نفعهم وضررهم
بيد بوش ، ولهذا فهم يحجون إليه ، ويقدمون إليه النذور والقرابين .
والطبقة
الثالثة : حاشية الحكام العرب ، من الوزراء ووكلاء الوزراء وقادة الجيش
والمستشارين ، فهؤلاء ينافقون لأسيادهم ، ويزينون لهم كل باطل دون حياء ولا خجل
ولا مروءة .
والطبقة
الرابعة والخامسة والسادسة : كبار الموظفين عند الوزراء ، هؤلاء يعلمون أن الشرط
الأول من أجل أن يترفعوا ، النفاق والذل وتنفيذ كل أمر يصدر إليهم ...
لقد
كان الرق في القديم بسيطاً ؛ لأن للرقيق سيداً مباشراً ، أما اليوم فالرق معقد،
ولا ينقضي عجبي من الذين يتحدثون عن التوحيد، وهم عبيد عبيد عبيد عبيد العبيد ،
وسيدهم الأخير نصراني .
كما
قال في العدد الثالث والعشرين (1412هـ) تحت عنوان المساعدات الرسمية : وصنف آخر
يأخذون ولا يخجلون ، ويربطون مواقفهم بمواقف ساداتهم ؛ فإذا استعان السادة
بالأمريكان انبرى العبيد إلى حشد الأدلة التي تجيز هذا العمل ؛ وإذا اختلف السادة
مع إيران الرافضة تذكر العبيد خبث الرافضة وانحراف منهجهم ، وعداءهم لأهل السنة ،
وإذا انتهى الخلاف سكت العبيد ، وتوقفوا عن توزيع الكتب التي أعطيت لهم إلى الناس
... يكذبون ، يتجسسون ، يكتبون التقارير ، ويفعلون كل شيء يطلب السادة منهم ...
إلى
أن قال : يا إخواننا لا تغرنكم هذه المظاهر ؛ فهذه المشيخة صنعها الظالمون ، ومهمة
الشيخ لا تختلف عن مهمة كبار رجال الأمن . اهـ
الفرق بين السرورية والسلفية :
ولا يخفى من هم
الذين أجازوا الاستعانة بالأمريكان ، والذين يتحدثون عن التوحيد ، وانحراف منهج
الرافضة ، وبهذا فارق "السرورية" أهل السنة والجماعة ، ولا يصح أن
يوصفوا بالسلفية الحركية ؛ لأن السلفية لا تقسم ، ولأن عدم الاستثناء في حركتهم
مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة ، كما قرره ابن باز والألباني وابن عثيمين وكبار
علماء أهل السنة والجماعة في السعودية وغيرها ...
ولا أعلم لمحمد
سرور خطأ محضًا كبيرًا غير هذا (موقفه من ولاة الأمر في السعودية) ، وسائر ما ينسب
إلى السرورية من أخطاء ؛ كالثناء على سيد قطب ، والإغضاء عن أخطائه، والنفرة ممن
يخالفهم في ذلك ، واتهامه بالإرجاء ، والجاسوسية أو الجامية ، حتى قول محمد سرور :
( نظرت في كتب العقيدة، فرأيت أنها كتبت
في غير عصرنا، وكانت حلولاً لقضايا ومشكلات العصر
الذي كتبت فيه - رغم أهميتها ورغم تشابه المشكلات أحياناً - ولعصرنا مشكلاته
التي تحتاج إلى حلول جديدة ؛ ومن ثم
فأسلوب كتب العقيدة فيه كثير من الجفاف؛ لأنه نصوص
وأحكام ، ولهذا أعرض معظم الشباب عنها ، وزهدوا بها ) = سببه رأيهم في
الحكام ، أو في حكم من يحكم بغير ما أنزل الله ؛ مع أنهم فارقوا جماعة الإخوان
المسلمين بإنكارهم على أهل البدع ، كما سبق ، ومع أنهم لا يوافقون الخوارج في
تكفير مرتكب الكبيرة ، ولكنهم إذا أتى ما يناسب رأيهم في ظلم الحكام ؛ نسوا ما
كانوا يدعون إليه من قبل ، أو كما يقال في نجد ( ضاعت علومهم ) .
ولهذا
يرى بعض المصنفين أن السرورية تميزت عن السلفية بالفقه في الواقع والحركة ، فسموها
السلفية الحركية أو التجديدية ، وجعلوا السلفية الأولى مقابل ذلك نظرية أو
تقليدية؛ لأن السرورية ترى أن العلماء السلفيين المعاصرين لنشأتها ؛ كابن باز ،
والألباني ، وابن عثيمين ؛ لا يفقهون في الواقع ؛ فيخطئون في الحكم عليه ، وفي
العمل أو الحركة المطلوبة نحوه ، ولم يتدبروا قاعدة تلازم الظاهر والباطن ؛
فقالوا : "إن من كان لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا
يقيم من شريعة الله إلا جزءًا قد يقل أو يكثر ، لا يقيمه لأنه من أمر الله
وامتثالاً له وإيمانًا بدينه ، بل لأنه موافق للهوى والمصلحة الذاتية ، ومقر ممن
يملك حق الإقرار والتشريع سواء كان شخص الزعيم أو الحزب أو المجلس التشريعي، فإنه
لا يكفر إلا إذا علمنا أنه في قلبه يفضل شرائع البشر على شريعة أحكم الحاكمين ،
وما لم نطلع على ذلك ؛ فكل أعماله هي على سبيل المعصية ، حتى وهو يصدر القوانين
تلو القوانين ويترصد للمطالبين بتطبيق الشريعة ، ويلاحقهم بصنوف الأذى ، ويظهر
الموالاة الصريحة للكفار ، ويلغي ما شرعه الله من الفروق الجلية بين المؤمنين
والكفار من الرعية ، ويرخص بإقامة أحزاب لا دينية - كل ذلك معاص لا تخرجه من
الإسلام ما لم نطلع على ما في قلبه فنعلم أنه يفضل شرعًا وحكمًا غير شرع الله
وحكمه ، على شرع الله وحكمه ، أو يصرح بلسانه أنه يقصد الكفر ويعتقده ، وأنه مستحل
للحكم بغير ما أنزل الله!!" ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي (2/696)
.
هكذا
يوصف ويقرر موقف أولئك العلماء ممن يحكم بغير ما أنزل الله من القوانين الوضعية ،
ولم ينص أحد منهم على هذا ، ولا هو لازم مذهبهم
، ولاسيما هذا الوصف " لا يقيمه لأنه من أمر الله وامتثالاً له وإيمانًا
بدينه ، بل لأنه موافق للهوى والمصلحة الذاتية، ومقر ممن يملك حق الإقرار والتشريع
سواء كان شخص الزعيم أو الحزب أو المجلس التشريعي"؛ فهذا ليس لازمًا لكل من
لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يقيم من شريعة الله إلا
جزءًا ... وكذلك هذا الوصف "ويظهر الموالاة الصريحة للكفار ، ويلغي ما شرعه
الله من الفروق الجلية بين المؤمنين والكفار من الرعية ، ويرخص بإقامة أحزاب لا
دينية" ، وهو يحتاج أيضًا إلى تمثيل وتفصيل ...
ومن
اللوازم التي لا تلزم موقف أولئك العلماء: أن لا يكفر من كان بهذا الوصف ما لم
نطلع على ما في قلبه؛ فنعلم أنه يفضل شرعًا وحكمًا غير شرع الله وحكمه ، على شرع
الله وحكمه، أو يصرح بلسانه أنه يقصد الكفر ويعتقده ، وأنه مستحل للحكم بغير ما
أنزل الله؛ فغاية ما قاله أولئك العلماء أن من لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم، ولا يقيم من شريعة الله إلا جزءًا ؛ لا يكفر إلا إذا استحل
ذلك ؛ فهذه هي الحبة التي عملت منها تلك القبة ... ولذلك وصف الشيخ الألباني ذلك
الكلام بأنه "خطاب شعري"؛ ففيه إلزام الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ما
لا يلزمه ، وإلزام قول العلماء في ذلك ما لا يلزمه ، في سياق التنبيه على أن سبب
الإرجاء عدم معرفة التلازم بين الظاهر والباطن حق المعرفة !!
ومع
ذلك يمكن أن يقال : ألا يلزم من كان بذلك الوصف - أيضًا - أن يظهر في قوله ما يدل
دلالة صريحة على أنه يفضل القوانين الوضعية على الشريعة الإسلامية ، أو على أنه لا
يعتقد وجوب الحكم بالشريعة الإسلامية أو صلاحيتها لهذا الزمان أو نحو ذلك ...؟
فإن
قيل : يلزم ؛ فلا خلاف ...
وإن قيل : لا يلزم ؛ فكيف
يكون بذلك الوصف ، ولا يظهر في قوله ما يناسبه قط؟!
مشكلة
السرورية :
ويظهر أن المشكلة
عندهم ليست في حكم فعل الكبيرة ، ولكن في حكم المجاهرة بالكبائر ، والإصرار عليها ، ويدل
على ذلك قول محمد سرور في كتابه منهج الأنبياء في
الدعوة إلى الله (1/158) : ( فليس من المستغرب أن تكون مشكلة إتيان الذكران من
العالمين أهم قضية في دعوة لوط عليه
السلام، لأن قومه لو استجابوا له في دعوته إلى الإيمان بالله وعدم الإشراك به ؛
لما كان لاستجابتهم أي معنى ؛ إذا لم يقلعوا عن عاداتهم الخبيثة التي اجتمعوا
عليها، ولم يتستروا في فعلها، بل أصبحت جزءاً من نظام حياتهم إلى درجة أنهم
كانوا يستغربون من لوط دعوتهم إلى نبذ هذه الأعمال المشينة ) ، وقال في رده على من ناقشه في هذا الكلام : ( قلت متى
تكون هذه الكبيرة مخرجة من الملة :
- أن يجتمع القوم عليها.
- عندما تصبح جزءاً
من نظام حياتهم - أي جزءاً من قوانينهم ودستورهم.
- لا مقام لمخالف هذه القوانين
في أرضهم كما فعلوا بلوط عليه السلام وأهله.
وأنا ما جئت ببدع من القول فيما
ذكرته، ولينظر من شاء إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله: "فأيما طائفة
امتنعت من بعض الصلوات المفروضات، أو
الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، والأموال،
والخمر، والزنا، والميسر، أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد
الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب،
وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته - التي لا
عذر لأحد في جحودها وتركها - التي يكفر الجاحد لوجوبها. فإن الطائفة الممتنعة
تقاتل عليها وإن كانت مقرة لها، وهذا
مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء") .
وما قاله ليس كقول شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ فقوله : ( إذا لم يقلعوا عن عاداتهم الخبيثة التي اجتمعوا عليها،
ولم يتستروا في فعلها، بل أصبحت جزءاً
من نظام حياتهم ...) ليس كقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( امتنعت عن التزام تحريم الدماء،
والأموال، والخمر، والزنا، والميسر
...) ؛ فهذا من معاني الاستحلال ، كما قال في الصارم المشهور : (والاستحلال اعتقاد
أنها حلال له ؛ وذلك يكون تارة باعتقاد أن الله أحلها ، وتارة باعتقاد أن الله لم
يحرمها ، وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها ، وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية
أو لخلل في الإيمان بالرسالة ؛ ويكون جحداً محضاً غير مبني على مقدمة ، وتارة
يعلم أن الله حرمها ، ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه الله ، ثم يمتنع عن التزام
هذا التحريم ، ويعاند المحرم ؛ فهذا أشد كفراً ممن قبله ...) والمراد
بالامتناع عن التزام التحريم : الامتناع عن اعتقاد أو اعتناق التحريم أو الإقرار
به ، وليس مجرد الامتناع عن ترك الفعل ...
أما محمد سرور فلم يقل : إذا امتنعوا عن التزام تحريم اللواط ، بل
قال : إذا لم يقلعوا (وهذا معناه: إذا أصروا) ، ولم يستتروا في فعلها (وهذا معناه
: وجاهروا بفعلها) ، بل أصبحت جزءًا من نظام حياتهم (وقد فسر هذا بقوله : أي جزءاً
من قوانينهم ودستورهم ؛ ليسوغ التكفير بذلك ، والواقع أنها قد تكون عادة عملية
منتشرة بينهم فقط) ، ولا يلزم من الإصرار على الكبيرة، والمجاهرة بها ،
والاجتماع عليها؛ استحلالها ؛ فليس ذلك مناطًا للتكفير...
ويفهم من تقريره هذا: التكفير بإقامة البنوك الربوية ، وبظهور
الفواحش في كثير من وسائل الإعلام ، والإذن بذلك .
ويدل على ماهية
المشكلة عند كثير من شباب الدعوة – أيضًا - قول الشيخ
سفر الحوالي - عفا الله عنه - في شريط تسجيل الصوت لأحد دروسه في شرح الطحاوية ،
برقم (272)، الوجه الثاني ؛ تعليقًا على إعلان لأحد الفنادق في دبي : ( بكل صراحة
يقول : إن فيه مشروباتٍ - التي يسمونها بالمشروبات الرُّوحية - إنه يقدم الخمور بالإضافة
لما فيه من الشاليهات ... أيضاً الفديوات ... فهذه دعوةٌ صريحة إلى الخمور ... مرفق
بذلك الصور التي تثبت أنهم - والعياذ بالله - [عندهم] رقصٌ مختلط ، وتعرٍ ،
مع شربٍ للخمر ؛ نعوذ بالله من هذا الكفر؛ لأنه استحلَّ ما حرّم الله تبارك وتعالى
، وهو بلا ريبٍ كفرٌ صريح ) .
ويدل على ذلك أيضًا
قول الشيخ سلمان العودة – عفا الله عنه - في كتاب "جلسة
على الرصيف" (ط1- الرياض : دار الوطن للنشر، 1411هـ): إن مما يدمي القلب أن
بعض الناس تتعدى به المجاهرة إلى أن يسجل معصيته على شريط ، وينشره بين الناس ،
كما فعل بعض المغنين ، الذين يسجل أحدهم أغنية تروي تفاصيل قصته مع فتاة : كيف أنه
غرر بفتاة ، وجرها إلى المنـزل ، وارتكب معها الفاحشة ، ويذم من لا
يفعل مثل فعله ، ويعد الزنا من الفتوة والرجولة والكمال ، ويستخف بمعصيته ، ويمضي
بعض الفساق والسفهاء يستمعون إلى هذا الشريط.
إن مثل هذا المغني
المستخف بحرمات الله يعد مرتدًا عن الإسلام بفعله هذا ؛ لأن الله تعالى يقول : ( ولا تقربوا الزِّنى
إِنَّه كان فاحشة وساء سبيلاً ) [الإسراء:32]. ثم
يأتي هذا الماجن ، ويفتخر بأنه استدرج فتاة إلى أن فعل بها تلك الفاحشة .
فبالله أسألك يا
أخي : هل يمكن أن يفتخر الذي يعرف أن الزنا حرام ، وأنه فاحشة تسخط الله تعالى ،
هل يمكن أن يفتخر بتلك الفاحشة عند الآلاف من الناس ، من خلال شريط غنائي ينشره ؟!
لاشك أنه لا يفعل هذا مؤمن أبدًا .اهـ
وقد قيد كلامه في
هذا الكتاب بما لم يقيده به في المحاضرة المسجلة في شريط تسجيل الصوت ، التي هي
أصل هذا الكتاب ، فنصه فيها : وبعضهم تتعدى به المجاهرة إلى أن يسجل المعصية على
شريط ، كما فعل بعض المغنين ، ولا كرامة لهم ؛ لأنهم مرتدون بفعلهم هذا ، فعندما يسجل
أغنية : كيف أنه غرر بفتاة ، وجرها إلى المنـزل ، وارتكب معها الفاحشة ، ويذكر تفاصيل
كثيرة ، ويجعل هذا في شريط يسمع عند بعض السفهاء ، وبعض الفساق ، فإن هذه ردة عن الإسلام
، وهذا مخلد والعياذ بالله في نار جهنم إلا أن يتوب ، لماذا ؟ لأنه لا يؤمن بقول الله
عز وجل: ( ولا تقربوا الزِّنى
إنَّه كان فاحشة وساء سبيلاً ) [الإسراء:32]
.
بمثل هذا الغلو
والتعمق والتنطع يحكم من يحكم بتكفير الدولة السعودية ، والصواب أن من أتى بالإيمان
والتوحيد لم يخلد في النار ، ولو فعل ما فعل ؛ وإن زنى ، وسرق ، وأكل الربا، وأدمن
على الخمر، وقطع الطريق والرحم ، وقتل مائة نفس ، ما لم يستحل ذلك ، كما قال الله
تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وقال : (قل
يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا
إنه هو الغفور الرحيم) ؛ ولا يلزم من الإصرار على الكبائر ، والمجاهرة بها
، والاجتماع عليها، والدعوة إليها ؛ اعتقاد أنها حلال ، أو أن الله تعالى لم
يحرمها ، كما لا يلزم من ذلك عدم اعتقاد أن الله حرمها ، أو عدم التزام تحريمها ،
وهذه هي معاني الاستحلال الذي يُكفَّر به...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (10/339) : ( ثبت في الصحيح (
أنه كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم رجل يدعى حمارًا , وكان يشرب الخمر ,
وكان كلما أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم جلده الحد , فلما كثر ذلك منه أتي
به مرة ، فأمر بجلده ، فلعنه رجل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تلعنه ؛ فإنه
يحب الله ورسوله ) ، فنهى عن لعنه مع إصراره على الشرب ؛ لكونه يحب الله
ورسوله , مع أنه صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة : ( لعن الخمر , وعاصرها ,
ومعتصرها , وشاربها , وساقيها , وحاملها, والمحمولة إليه , وبائعها , ومبتاعها
وآكل ثمنها ) ، ولكن لعن المطلق لا يستلزم لعن المعين الذي قام به ما يمنع لحوق
اللعنة له ...) .
وقال الشيخ سفر
الحوالي في شرح الطحاوية (المسجل في شريط تسجيل الصوت برقم 200) : ( إن هذا غير
مصر ) ( وأن هذه الحالة حالة شاذة خاصة ) - مخالفًا بذلك وصف شيخ الإسلام ابن
تيمية له بالاصرار على الشرب - ثم استدرك الشيخ سفر على كل جملة من الجمل الواردة
في قول الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث : ( وفيه أن لا تنافي بين ارتكاب النهي وثبوت
محبة الله ورسوله في قلب المرتكب ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن المذكور يحب الله
ورسوله مع وجود ما صدر منه ، وأن من تكررت منه المعصية لا تنزع منه محبة الله ورسوله
، ويؤخذ منه تأكيد ما تقدم : أن نفي الإيمان عن شارب الخمر لا يراد به زواله بالكلية
بل نفي كماله ) ، وعلل خطأ الحافظ ابن حجر في الجملة الأخيرة بأنه ظن - كما في
أوائل شرحه في كتاب الإيمان - أن ( السلف قالوا : هو اعتقاد بالقلب ، ونطق باللسان
، وعمل بالأركان ، وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط في كماله ، ومن هنا نشأ لهم القول بالزياده
والنقص ، كما سيأتي ، والمرجئة قالوا : هو اعتقاد ونطق فقط ، والكرامية قالوا : هو
نطق فقط ، والمعتزلة قالوا : هو العمل والنطق والاعتقاد ، والفارق بينهم وبين السلف
أنهم جعلوا الأعمال شرطًا في صحته ، والسلف جعلوها شرطًا في كماله ) .
وليس في كلام
الحافظ ابن حجر في شرح حديث الصحابي الذي كان يشرب الخمر - المذكور = خطأ ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( 12 / 477 ) : ( وإذا عرف مسمى الإيمان فعند ذكر استحقاق
الجنة ، والنجاة من النار ، وذم من ترك بعضه ونحو ذلك ؛ يراد به الإيمان الواجب؛ كقوله
... : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا
يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) ؛ فنفى عنه الإيمان الواجب الذي يستحق به الجنة ،
ولا يستلزم ذلك نفي أصل الإيمان وسائر أجزائه وشعبه ، وهذا معنى قولهم: نفي كمال
الإيمان ، لا حقيقته ؛ أي : الكمال الواجب ؛ ليس هو الكمال المستحب المذكور في
قول الفقهاء : الغسل كامل ومجزئ ) .
ومما يدل على أن
الإصرار على الكبائر ، والمجاهرة بها ، والاجتماع عليها ، والدعوة إليها، والأمر
بها ؛ ليس بكفر = أن القوادين ونحوهم من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين
آمنوا؛ لم يكفروا بذلك . قال شيخ الإسلام ابن تيمية (15/344) : ( من أعان على الفاحشة
وإشاعتها ؛ مثل : القواد الذي يقود النساء والصبيان إلى الفاحشة ؛ لأجل ما يحصل
له من رياسة أو سحت يأكله ، وكذلك أهل الصناعات التي تنفق بذلك ؛ مثل: المغنين
، وشربة الخمر ، وضمان الجهات السلطانية وغيرها ؛ فإنهم يحبون أن تشيع الفاحشة؛ ليتمكنوا
من دفع من ينكرها من المؤمنين ، بخلاف ما إذا كانت قليلة خفيفة خفية ، ولا خلاف
بين المسلمين أن ما يدعو إلى معصية الله، وينهى عن طاعته؛ منهي عنه محرم).اهـ
والمقصود من ذكر
كلام الشيخين (سفر وسلمان) بيان شبهة السرورية، وليس نسبتهما إليها ...
والله أعلم ، وهو
الموفق للصواب .
فؤاد ابو الغيث
فؤاد ابو الغيث
تعليق:
نشكر شيخنا الجليل وباحثنا الكبير أخي الخلوق فؤاد أبو الغيث لاستجابته
وكتابة هذا التفصيل المميز، ولكن سؤالي هنا يا شيخ، كيف يُلمز رجل مثل
الشيخ عبدالله المطلق بالاخوانية ، وهو من هو ، اختاره ولي أمرنا عضوا
لهيئة كبار العلماء بالسعودية، وردا على من يقول بأن هيئة كبار العلماء
ربما فيها تنوع مذهبي ووو مراعاة لبقية المواطنين وطوائفهم؛ اختاره الملك
عبدالله مستشارا خاصا له في الديوان الملكي، ومن وصفه بالاخوانية هو الشيخ
صالح الفوزان ووزعنا رابط اليوتيوب قبل يومين، فضلا عن باقي اخوتنا
السلفيين الذين يلمزون الرجل.. بل أكثر من ذلك، سمعت والله من أحد السلفية
من يصم والدنا مفتي عام المملكة بأنه اخواني..
ثمة
إلتباس في المصطلح واسقاطه على الشخصيات العامة..د.خالد الفاضل أقسم بالله
واستعد للمباهلة أمام الكعبة بأنه ليس اخوانيا ولم يتلق في حياته دعوة
لبيعة أو تنظيم أو أو أو بما يرمي به بعض السلفيين هداهم الله..فليتك أنت
وباقي الأحبة تفككون هذه الأحجية جزاكم الله خيرا..
وصدقني
بأننا في حوارنا هذا وتسليطنا الضوء على هذه القضية نفعل خيرا لمجتمعنا
ووطننا.. بعدم الانحدار أكثر في وهدة التصنيفات والاستعداءات الأمنية
والوظيفية على فضلاء وكرام.. عبدالعزيز قاسم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..