- خارطة للطرق التجارية الدولية في عصر الدولة السبئية ، وفيها موضع عنيزة -
حقا !
هي أسئلة تحب النفس الغوص فيها !
وتعشق الإجابة عليها !
كيف حققت عنيزة تلك الشهرة العالية ..
والصيت الذائع ..
والمكانة المرموقة ..
والموقع المتميز ..
حتى أصبحت غرة في جبين الجزيرة العربية .
وقلعة علم حصينة في أنحاء نجد .
ونجمة متلألئة في سماء القصيم .
إن الغوص في أعماق التاريخ يكشف لنا أن شهرة مدينة عنيزة ليست وليدة اليوم ، بل
هي ضاربة في جذور التاريخ ، وأعماق الحضارة ، منذ أقدم العصور .
وقد ساهمت عدة عوامل :
طبيعية ، وبشرية ، ، وسياسية ، واجتماعية ، وثقافية ..
في صنع تلك الشهرة ، وبلوغ تلك المكانة
فمن تلك العوامل الهامة :
أولا – الموضع الجغرافي الطبيعي :
لعب الموضع الجغرافي المتميز دورا كبيرا في نشأة الاستيطان البشري في مدينة
عنيزة ..
حيث أنها تقع
على الضفة الجنوبية لوادي الرمة ، في ظل حماية طبيعية من نطاق الكثبان
الرملية في جهتيها الغربية ، والجنوبية الغربية ..
ونطاقات صخرية في جهتها الشرقية ، ومورد مائي كبير في الجهة الجنوبية الغربية
منها ؛ وهي ماء عنيزة ، أو ( روضة عنيزة ) .
ويقع هذا الموضع فلكيا على دائرة العرض ( 26,6 درجة شمالا ) ، مع تقاطع خط الطول ( 44.00 درجة شرقا ) .
هذا الموقع
المتميز ؛ جعل له الأثر الكبير في وجود استيطان بشري كثيف في موضع مدينة
عنيزة منذ الألف الأولى قبل الهجرة ( القرن الثالث قبل ميلاد المسيح عليه السلام ) .
فقد دلت بعض
الاكتشافات الأثرية : من الأواني ، والسيوف الذهبية ، والنقوش ، والزخارف ،
والأسواق التجارية المطمورة ، والتوابيت الطينية الفخارية ؛ على وجود
تعمير قديم ، وكثيف في المكان الذي تشغله مدينة عنيزة في العصر الحاضر .
والمرجح عندي –
والله أعلم – أن ذلك الاستيطان البشري القديم في عنيزة يعود إلى فترة حكم
الدولة السبئية للمنطقة ( 800 – 115 ق . م ) .
حيث أن السبئيين ورثوا الحكم من دولة معين ( 1300 – 630 ق . م ) ، واتخذوا
من مدينة ( صرواح ) ثم مدينة ( مأرب ) عاصمة لهم ..
واستطاعت دولتهم
أن تنمو وتزدهر لعظم ثراء شعبها ، نتيجة لاحترافهم الزراعة وسيطرتهم على
الطريق التجارية البرية العالمية التي تربط الجنوب بالشمال ( طريق البخور )
والغرب بالشرق ؛ لنقل التجارة بين الهند ، والحبشة ، ومصر ، والشام
والعراق ، وبلاد فارس ..
حتى أنهم أصبحوا في القرون الأولى قبل الميلاد أعظم وسطاء التجارة بين الحبشة والهند ، وبين الشام ومصر ..
وقد اشتهر السبئيون بفن المعمار ؛ فبنوا القصور الفخمة ، وأحاطوها بالأسوار وكان الشكل العام لتلك القصور الشكل البيضاوي ..
كما أنهم أقاموا المدن ذات التخطيط الدائري ، كما اشتهروا بعمل النقوش والنحت ..
وكان من أبرز
أعمالهم المعمارية ؛ إنشاء سد مأرب ، الذي اشترك في بناءه عدد من الملوك ،
وكان يبلغ طوله 800 ذراع ، وعرضه 150 ذراع ، وارتفاعه 12 ذراع
وله منافذ لري الجنتين الواقعتين عن يمينه وشماله ..
وكان له مقياس لمعرفة منسوب ارتفاع الماء في الوادي ( وادي أذنه ) المحصور بين جبلي بلق الأيمن والأيسر حيث أقيم السد .
لذا فقد اشتهرت دولة سبأ بالزراعة ، إلى جانب الصناعة ؛ خاصة صناعة السيوف والأواني
.. ورغم اشتهار الحضارات اليمنية القديمة بازدهارها في صناعة السيوف
والخناجر وصناعة الذهب والفضة والحديد، والصناعات الحرفية والمنسوجات
وصناعة الأواني الفخارية وتحول اليمن إلى مصدر رئيسي إلى دول المنطقة
والعالم الخارجي ..
الا أن البعد التاريخي لطريق البخور وارتباطه مع الحضارات قد زاد من شهرة تلك الصناعات ..
فعن طريقه انتقلت تلك الصناعات والمنتجات الى دول العالم المجاورة ..
وعن طريقه أصبحت التجارة الحرفه الرئيسة للدولة السبئية ..
حيث كان السبئيون يتاجرون مع الهند والمواني الشرقية لجزيرة العرب من جهة ومع بلاد الشام والعراق من جهة أخرى .
وكانت أهم السلع
التجارية البخور والصمغ والعطور ، وكانت تنقل برا على الطريق التجارية
المارة باليمن والحجاز وبتراء الشام وموانىء البحر المتوسط لاسيما غزة
ومنها إلى مصر عبر سيناء .
وقد امتد نفوذ دولة سبأ من اليمن جنوبا ، إلى نجد ، والحجاز الشمالية شمالا .
والجزء الجنوبي الغربي من الهلال الخصيب ..
وبهذا النفوذ
الواسع ؛ أصبحت دولة سبأ تسيطر على طريق التجارة العالمية ( طريق البخور )
الذي يربط جنوبي شبه الجزيرة العربية بسورية ومصر .
وقد كانت حكومة
سبأ تبعث حكاما يقيمون في الواحات الشمالية التي تقع على هذه الطرق
التجارية ، إلى جانب حاميات عسكرية لتضمن بقاء هذه المحطات التجارية في
دائرة النفوذ والسيطرة السبئية ..
فكانت تقيم في
كل واحة من الواحات الهامة جالية من عرب الجنوب ، وكان يقيم مع هذه الجالية
مقيم من أهل الجنوب ، كانت مهمته الإشراف على ملوك الإقليم ورؤسائه
ومراقبتهم لكي لا يفعلوا شيئا من شأنه أن يضر بمصالح ملك سبأ ، والدولة
السبئية .
وقد كانت واحة ديدن ( العلا ) المركز الرئيس الذي تمارس فيه سبأ نفوذها علي الإقليم الشمالي لبلاد العرب .
وكان من أشهر ملوكهم :
· سمه علي ( مؤسس دولة سبأ ) .
· يدع أيل ذريح .
· يثع أمر .
· كرب أيل .
· ذمرعلي ذريح بن كرب أيل .
· سمه علي ينف بن ذمر بن علي :
وهو باني سد رحب عام ( 650 ق . م ) ، وسد رحب هو الأساس الذي قام عليه
سد مأرب .
· يثع أمر بين بن سمه علي ينف :
زاد في سد رحب طولا وعرضا وارتفاعا ، وأقام سدا أعظم منه يعرف بسد حبابض
وقد ( نجح يثع أمر بين ) في مد الرقعة الزراعية في مأرب ، وزيادة ثروات البلاد ..
وكان لهذين السدين في مأرب ؛ أعظم الأثر في تحويل مأرب ( البلدة الطيبة في القرآن الكريم ) إلى جنتين ؛ عن يمين وشمال .
وقد تهدم سد مأرب بسبب سيل العرم الذي أرسله الله سبحانه وتعالى على سد مأرب كما ورد في سورة سبأ :
قال تعالى : (
لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا
له بلدة طيبة ورب غفور . فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم
جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ) . سبأ / 16
وذلك عام ( 451 م ) في عهد الملك الحميري ( شرحبيل يعفر بن ملكيكرب بن تبع الأكبر ) ..
إذن ..
فلا عجب أن تكون عنيزة في دائرة النفوذ والسيطرة السبئية ..
فشعب سبأ ، قوم يعشقون التجارة والزراعة ..
وعنيزة فيها مقومات التجارة ..
نظرا لوقوعها على الطريق التجارية العالمية ..
وفيها مقومات الزراعة ..
نظرا لوقوعها على الضفة الجنوبية لوادي الرمة من جهة ..
وفيها مقومات الاستقرار البشري ؛ نظرا لوجود ( ماء روضة عنيزة ) في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة من جهة أخرى .
ولا عجب أن تكون عنيزة مركز استقرار بشري في القرون الأولى قبل الميلاد ..
ولا عجب أن تكون
عنيزة واحدة من ( مدن القوافل ) التي ظهرت على أطراف الصحراء لتكون حلقة
وصل بين بلاد العرب الجنوبية ، و بين بلاد فارس والهند
والعراق ..
فقد كانت مركزا مهما في قلب الصحراء ، وواحة خصبة في وسط بلاد العرب
وكانت تقع في موضع متميز على الطريق التجارية المتجهة من الحجاز إلى العراق ، وبلاد فارس ، والخليج العربي ..
لذلك فقد اعتنى
بها السبئيون ، وجعلوها إحدى المراكز الاستيطانية الهامة في الواحات
الشمالية من بلاد العرب على الطريق التجارية الواصلة بين الحجاز من جهة ،
والعراق ، وبلاد فارس ، والهند ، وساحل الخليج من جهة أخرى ..
وما البقايا
الأثرية المكتشفة في عنيزة ، من الأواني ، والنقوش ، والزخارف ، والأسواق
التجارية المطمورة ، والتوابيت الطينية الفخارية ، والسيوف الذهبية التي
تعود إلى تلك الحقبة الزمنية إلا دلالة على المركز المرموق الذي كانت
تتبوؤه مدينة عنيزة في دولة سبأ بكونها مركزا ، وواحة هامة في الصحراء ،
تقع على الطريق الفرعية المنطلقة من الطريق التجارية البرية ( طريق البخور )
، والمتجهة إلى العراق ، وساحل الخليج العربي .
فموقع عنيزة
المتميز على الطريق التجارية التي تربط بين جنوبي الجزيرة العربية والحجاز
من جهة ، وبين العراق ، والساحل الشمالي للخليج العربي من جهة أخرى .
ووقوعها على ضفة وادي الرمة ( وهو مقوم زراعي هام ) ..
ووجود ماء عنيزة ( وهو مصدر مائي هام لسقيا السكان ) ..
كل ذلك ؛ قد جعل منها موطن استيطان كثيف منذ القدم
ومعلوم أن نشأة القرى ، والمدن ، والحضارات قد قامت بجانب مصادر المياه .
وفي عنيزة مصدران مهمان من مصادر المياه ..
وادي الرمة ؛ هو أحد الشرايين المائية الطبيعية المهمة ، التي تجري وسط صحراء جزيرة العرب .
إضافة إلى وجود ماء عنيزة ( روضة عنيزة ) .
وقد سجل العصر الأخير من ملوك سبأ قيام نزاع خطير حول العرش السبئي ..
كان له أعظم الأثر فيما أصاب البلاد من تخريب وتدمير ..
وفي غمرة هذا النزاع ؛ حاول الريدانيون والحميريون الإفادة منه ..
وتمكنوا في النهاية من انتزاع العرش السبئي ، وأسسوا في سنة ( 115 ق . م )
أسرة جديدة عرف ملوكها بلقب ( ملوك سبأ وذي ريدان ) ..
وهم الذين أقاموا دولة ( حمير ) على أنقاض دولة ( سبأ ) .
وزالت الدولة السبئية ..
وخلفتها في حكم المنطقة الدولة الحميرية ( 115 ق . م – 525 م ) ..
لكن سمعة عنيزة ، وشهرتها في المنطقة لم تزول ..
ففي عهد الدولة الحميرية وأواخر عصرها ؛ شهدت منطقة عنيزة تعميرا
استيطانيا من قبل قبيلتي ( طسم ، وجديس ) ، وذلك في حدود النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي ..
وذلك في موقع القريتين ( الجوي و العيارية ) شمالي عنيزة .
ومازالت القريتان زاخرتين بالآثار الفخارية المدهونة ، والزجاجية الملونة ، وأنقاض أساسات وجدران لبيوت مطمورة بالتراب ..
وكثيرا ما عثر المزارعون على شيء من تلك الآثار أثناء أعمال الزراعة .
و( طسم و جديس ) قبيلتان عربيتان ،
يرتفع نسبهما إلى ( لاوذ بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام ) ، كانت
منازلهم في اليمامة والبحرين ، والقصيم ..
وقد سكنت جديس العرض ( حنيفة ) عند نهايته في منخفض منطقة الخرج .
واستقرت طسم في عاليته ، وأواسطه ( عند التقاء مجموعة من الروافد ) .
وكانت اليمامة من أخصب بلاد العرب ، وأعمرها ، وأكثرها خيرا ، وعمرانا .
وفيها صنوف الشجر والأعناب ، وهي حدائق ملتفة وقصور مصطفة .
وكانت اليمامة وقتها تسمى ( جو ) ..
وكانت السيادة عليهم في طسم ، حتى انتهى الملك إلى رجل ظالمفاسق ، يدعى عملوق ، أو عمليق .
و كان عملوق الطسمي ؛ ملكا غشوما لا ينهاه شيء عن هواه مع إصراره وإقدامه على جديس وتعديه عليهم وقهره إياهم ، وانتهاك حرمتهم ..
فائتمرت به جديس فقتلوه ، ( بقيادة الأسود بن غفار ) ..
وذلك بتحريض امرأة من جديس ؛ اسمها الشموس ، وهي ( عفيرة ابنة غفار بن جديس ) ، وقد أبادت جديس بني طسم ، وانتهبوا ديارهم .
وأفنوا قومه من طسم ، ولم ينج منهم إلا رجل اسمه ( رياح بن مرة ) ..
وقد سارع رياح بن مرة إلى ملك حمير التبع ( حسان ذو معاهر بن أسعد تبع بن ملكيكرب بن تبع الأكبر ) ، مستنجدا به ..
فأقبل الملك حسان تبع بجيشه ( في حدود العام 510 م ) ، لغزو اليمامة .
فسار معه ( رياح بن مرة ) .
وكان لرباح بن مرة هذا أخت في جديس – تسمى زرقاء- تبصر على مسيرة يوم وليلة .. فلما كان قريباً من القوم أخبر حسان بخبرها وقال للجيش :
أيها الملك :
إن لي أختا متزوجة في جديس ، اسمها الزرقاء ، وإنها زرقاء ترى الشخص من مسيرة يوم وليلة ، أخاف أن ترانا ، فتنذر القوم .
فمر أصحابكأن يقطعوا الشجر ، وليضع كل راكب منهم بين يديه غصناً ؛ ليشتبه الأمر عليها ) .
وساروا بالليل .
فقال الملك : وفي الليل أيضا !
قال رياح : نعم !
إن بصرها في الليل أنفذ !
فأمر الملك أصحابه أن يفعلوا ذلك .
فلما دنوا من اليمامة ؛ نظرت زرقاءاليمامة من فوق حصن مرتفع من حصونهم فقالت :
أرى رجلاً في شجرة معه كتف يتعرقها أونعل يخصفها .
ثم صاحت بأعلى صوتها :
يا آل جديس سارت إليكم الشجراء ، وجاءتكم أوائل خيل حمير !
وأنشأت تقول :
خذوا حذركم يا قوم ينفعكم
فليس ما قد أرى من أمر يحتقر
إني أرى شجرا من خلفها بشر
لأمر اجتمع الأقوام والشجر !
فقالوا : كذبت ، أو كذبت عيناك !
واستهانوا بقولها ..
وكان هناك كاهن اسمه سطيح قد تنبأ بذلكولكن قومها كذبوها ولم يأخذوا للأمر أهبته
فلما أصبحوا ؛ صبحهم القوم ، فوطئهم حسان بجيشه ؛ واستباحهم قتلا ، وإبادة ، حتى أفناهم ، وهدمقصورهم وحصونهم ، فأخذ الملك الزرقاء ، فقال لها :
ماذا رأيت ؟
قالت : الشجر خلفها بشر !
فأمر بقلع عينيها ، وصلبها على باب جو .
فماتت بعد أيام .
فأطلق على ( جو ) من ذلك الوقت اسم ( اليمامة ) .
وظلت اليمامة بعدها أطلالا دارسة ؛ بعد أن خربها الحميريون ، إلى أن نزلها بنو حنيفة واستوطنوها حتى ظهور الإسلام .
وقد
عرف اسم حجر أول ما عرف مقروناً باسم ( طسم ) ، لذلك فهي أول قاعدة لإقليم
اليمامة ( كان إقليم اليمامة يرادف منطقة نجد في الوقت الحاضر، حيث كان
يمتد حتى حدود البحرين شرقا والعراق في الشمال الشرقي، ويضم القصيم شمالا
والافلاج جنوبا على الربع الخالي، كما تشرف حدوده الغربية على أقاليم
الحجاز.
وقد ذكر ابن رسته :
(
أن شرق بلاد اليمامة متصل بحدود البحرين ، وغربها يفضي إلى مكة ، وشمالها
بواد متصل بالعذيب والضرية والنباج وسائر حدود البصرة ، وجنوبها ببلاد
اليمن .
ومصر
اليمامة الحجر – عاصمتها - وبها منزل السلطان واليها تجلب الأشياء ) .
وبقيت مدينة حجر في العصر الإسلامي محطة في طريق القوافل ، خاصة في طريق
حجاج البحرين ( المنطقة الشرقية اليوم ) .
وقد امتد نفوذ طسم زمن ازدهارها حتى شمل كل بلاد العروض أي إقليمي اليمامة والبحرين فيما بعد ، وبلاد القصيم .
وقد امتازت حجر
عن بقية واحات نجد بتوسط موقعها بين المراكز الموزعة في الوادي وبين مضارب
البدو أيضاً، وسهولة الوصول إليها ومنها أيضا، خاصة بالنسبة لمواقع
الاستقرار الجنوبية في إقليم جديس .
وقد بنى
الطسميون عاصمتهم في حوض زراعي ، ترتفع الأرض تدريجيا من وسطه باتجاه
التلال الصخرية الواقعة إلى الشمال والغرب حتى يندمج سطحها مع سطح الهضبة
عامة.
وكانت
تمتد على ضفاف وادي ( الوتر الغربية ) أي ( البطحاء ) ، في أماكن محصورة
بين جبل أبو مخروق ( في الملز ) ، حتى تقرب من منفوحة .
أي في موضع مدينة الرياض الحالية تماما ً.
وقد توسعت مدينة حجر في فترة من تاريخها الطسمي وضمت قرية ( الشط )
الواقعة إلى الغرب منها.
وكان في هذه القرية حصن ( معتق ) الذي كان يطل على الواديين في وقت واحد .
أي على وادي حنيفة والبطحاء ..
وكان الطسميون قد شيدوا حصونا كثيرة في مدينة حجر منها :
( بتيل حجر ) وقصر الترملية ، وقصر الشموس في اليمامة ( وهو من بناء جديس ) .
ومن المواضع المنسوبة إلى طسم ، حصن المشقر ( يقع بين نجران والبحرين )
هذا إلى جانب حصون ، وقصور عديدة .
ويذكر الأستاذ عبدالرحمن الشريف في كتابة :
( مدينة الرياض درامة في جغرافية المدن ) ، ما يلي :
( أنه تفرقت القبائل العدنانية اثر موجة من الجفاف الشديد ، وبلغت أحداها - وهي قبيلة
عنزة - اليمامة ؛ فوجدت بلادا واسعة ونخيلا وقصورا وفيها بقية من طسم تعرف ببني هزان وسكنت في احد جوانب الوادي .
ثم ظعنت قبائل
حنيفة من عالية نجد وإطراف الحجاز واستولت على حجر حينما رأت قصورها
ونخيلها وبساتينها خالية وانتشرت في الوادي وقد جاوروا في بادئ الأمر
العنزيين وبني هزان ، ثم تغلبوا عليهم واختلطوا بهم وكان ذلك في نحو قرنين
قبل الإسلام ) .
هذا ؛ وقد خبا
نجم عنيزة بصفتها محطة هامة على الطريق التجارية في قلب الجزيرة العربية
بعدما بدأ الضعف يدب في كيان دولة سبأ وذي ريدان ، في العصر الحميري الأول
..
حيث تطلع
البطالسة ومن بعدهم الرومان إلى احتكار الطريق التجارية عبر البحر الأحمر ،
ومن ثم البحر الأبيض المتوسط ، وقد أرادوا بذلك التخلص من اعتمادهم على
تجار العرب في اليمن وحضرموت ..
وقد استطاع
الرومان أن يعقدوا حلفا مع ملك الحميريين الذي كان يملك مناطق واسعة من
سواحل بلاد العرب الجنوبية على البحر الأحمر وعلى ساحل المحيط الهندي حتى
حضرموت .
وبذلك فقدت
عنيزة موقعها كمحطة هامة على طريق التجارة الدولية البرية ، بعدما انتقلت
طرق التجارة من البر إلى البحر ، وذلك عبر البحر الأحمر ، والمحيط الهندي
..
يتبع الجزء الثالث .
- خارطة للطرق التجارية العالمية التي سيطرت عليها اليمن ، وفيها موضع عنيزة -
ثانيا – المصدر المائي :
بزوال الطسميين ؛ زال الاستيطان البشري الذي كان موجودا في الجوي والعيارية ..
إلا أن موضع عنيزة بقي مشهورا ، وهاما خلال فترة العصر الجاهلي ، وصدر الإسلام ..
وذلك
بوجود روضة الماء المعروفة ، الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية من عنيزة
والتي تكونت من انحدار مياه السيول من مرتفعات عنيزة الشرقية ( صفراء عنيزة
) واتي تجلبها الشعاب والأودية ؛ كشعيب الجهيمية ، وشعيب البويطن ..
ومما يؤيد ذلك تردد اسم عنيزة كثيرا في الشعر الجاهلي ، والإسلامي ..
وقد جاء ذكرها على لسان العديد من الشعراء ، أمثال :
امرؤ القيس الكندي ، بشر بن أبي خازم الأسدي ، عمرو بن شاس الأسدي ،
كعب بن زهير المزني ، جبهاء الأشجعي ، مالك بن الريب المازني ، النابغة الجعدي ، جرير الخطفي ..
ولا عجب أن يأتي ذكر عنيزة على لسان الكثير من شعراء العرب الذين يعبرون الجزيرة العربية من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها ..
ومن أقصى غربها إلى أقصى شرقها .
فقد كانت عنيزة وقتذاك ( روضة ماء مشهورة ) في قلب صحراء الجزيرة العربية .
ينهل الركبان من بارد ماءها ، ويستظلون بفيء ظلال أشجارها .
وتأتيها الطيور ، والغزلان ، وبقر المها .. لتشرب من بارد ماءها ..
ومما ورد في ذلك ، الشاعر الجاهلي امرؤ القيس :
تراءت لنا بين النقا وعنيزة ............... وبين الشجا مما أحال على الوادي
وكانت عنيزة في تلك الفترة ( بعد زوال نفوذ طسم وجديس ) خاضعت لدولة
كندة ، ثم دولة المناذرة ، إلى أن جاء الإسلام .
وفي العصور الإسلامية الأولى ؛ استعادت عنيزة موقعها الجغرافي الهام كمحطة على طريق الحج ؛ لوجود مصادر الماء فيها في القريتين ، وفي روضة ماء عنيزة ..
ففي عهد الخلافة الراشدة ، ظهرت أهمية عنيزة بوصفها ممرا لقوافل الحجاج المتجهة من شرقي الجزيرة العربية ، ومن شمالها الشرقي إلى الحجاز .
ونظرا لموقع
عنيزة الهام على طريق الحجاج ؛ فقد حفر والي البصرة ( عبدالله بن عامر بن
كريز العبشمي القرشي ) آبارا في القريتين ( الجوي و العيارية ) في عنيزة .
وذلك بعد توليه إمارة البصرة من قبل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي
رضي الله عنه ، في عام ( 29 هـ ) . وكانت عنيزة في ذلك العصر مرتبطة إداريا بولاية البصرة .
وفي العصر الأموي أمر والي العراق الحجاج بن يوسف الثقفي بحفر بئر في عنيزة بين موضع عنيزة ، وموضع الشجا ( قارة الكيس ) .
وذلك مكان غدير الماء الذي ذكره امرؤ القيس في شعره .
وكانت عنيزة في ذلك العصر ، مرتبطة إداريا بولاية المدينة النبوية .
وفي العصر العباسي ( 146 هـ ) ، حفر والي البصرة جعفر بن سليمان بن علي بن عبدالله بن عباس ) بئرا أخرى في القريتين ( الجوي و العيارية ) ..
كذلك حفر أخوه (
محمد بن سليمان ) بئرا ثالثة في عنيزة في موضع روضة الماء التي تؤول إليها
السيول ، وهي ما سميت فيما بعد باسم ( أم القبور ) .
كما قامت زبيدة ( زوج هارون الرشيد يرحمه الله ) بحفر بئر على ضفة وادي الرمة إلى الشمال من عنيزة .
وكانت عنيزة في ذلك العصر تتبع إداريا ولاية اليمامة .
ثالثا – عنيزة .. موضع حضري هام في قلب الصحراء :
وقد ظلت عنيزة -
طوال تلك العصور – موردا مائيا هاما ، في طريق الحجاج العراقيين ، والتجار
، وعابري الصحراء في قلب الجزيرة العربية .
وفي نهاية القرن
الخامس الهجري ( 494 هـ ) ؛ عاد الاستيطان البشري إلى مدينة عنيزة ،
فأصبحت عنيزة قرية معروفة ، ومركزا حضريا في قلب الصحراء ..
ولم تعد كمصدر ماء مشهور في طريق الحج العراقي ..
حيث قدم في عام 494 هـ ( غانم بن سعيد بن حسان بن محمد بن أحمد الخالدي ) ، وأبناؤه، إلى روضة ( عنيزة ) ، واستقروا بالقرب من بئر
( أم القطا ) في العيارية ، أو( العسكر) - قديماً - التي تقع في الجهة الشمالية الغربية من ماء عنيزةالمعروفة ببئر ( أم القبور ) .
أو ( روضة عنيزة ) على بعد مسافة تقدر بنحو ( أربعةأكيال و600 متر . وكان يفصل بين ديرة ( الجناح ) و( روضة عنيزة ) مكان يسمى) القاع ) ، وهو محرف عن اسمه الأصلي ( لقاع ) ، وبساتين نخل .
وقد أسس آل جناح قصرهمالمعروف باسم ( الجَنَاح ) ، وغرسوا نخيلهم وبساتينهم .
واستمروا وحيدين فيمكان نزولهم ( الجناح ) ، لا يجاورهم عند ( مورد ماء عنيزة ) أحد ، يحكمون المنطقةمن عام 494 هـ حتى حلول عام 630 هـ.
وفي عام 630 هـ ( تقريبا ) ارتحل زهري بن جراح السبيعي الثوري العامري وجماعته ، مع فئات من قبائل ( عكل ، وضبة ) من وادي رغبة ، ( من قرى المحمل فيمنطقة العارض ) ، قادما إلى ( روضة عنيزة ) ، في القصيم ، فنزل جنوب غربي الجَنَاح، بالقرب من بئر ( أم القبور ) .
وأنجب زهري بن جراح السبيعي أبناءه الأربعةسرور ، علي ، غنام ، عويمر
فعمَّر( آل جَرَّاح ) روضة عنيزة ، فابتنوا بيوتهم، واستقروا فيها ، وأسسوا
ديرها ( أحيائها )، وقد كانوا أول أمرهم يغزونهافي الصيف ، ويضعنون عنها في الشتاءفكان أول ما أنشأ فيها ديرة ( المليحة ) عام 630هـ .
ثم الخريزة ، ثم الجادة ، على التوالي.
وكانآخر ديرة تم إنشاؤها ؛ ديرة ( العقيلية ) .
وقد أنشأها ( عقيل بنإبراهيم بن موسى بن محمد بن بكر بن عتيق بن جبر بن نبهان بن سرور بن زهري بن جراحالثوري السبيعي العامري .
وكان ذلك في حدود عام (900 هـ ) .
وهنا ظهرللوجود عند مورد ماء عنيزة – على أنقاض السبئيين ، وطسم
وجديس - مكان استقرار بشري ، دائم ، يسمى ( قرية عنيزة. (
وقد زارها الجزري ( شمس الدين محمد بن محمد بن الجزري الدمشقي
الشافعي ) عام ( 822 هـ ) أثناء رحلته للحج ، واستراح فيها ، وذكر أنها قرية .
وكانت حارات ( عنيزة ) تبع لإمارة ( الجناح ) ، ليس فيها أمير ،ولا يحيط بها سور واحد .
و( روضة عنيزة ) و ( فلاتها ) ، مراعٍ ( لآل جَنَاح ) .
وكان النزاع مستمرا بين تلك الدير ( الحارات ) ، واستمرت هذه الحال عدة قرون .
ورغم ذلك النزاع المستمر بين حارات عنيزة ، إلا أن ( عنيزة ) أو ( قرية عنيزة )
كانت على درجة عالية من الشهرة والمكانة المرموقة في نجد ، والحجاز .
وهذا ما دفع أمير مكة ( أحمد بن زيد ) على غزو عنيزة في عام
( 1097 هـ ) .
حيث هجم على العقيلية ، ونكل بأهلها ، ونهبها ، وهدم سورها ..
وكما يقال في المثل : ( رب ضارة نافعة ) ..
فبعد هذا الدمار والتنكيل ؛ اجتمع أهل العقيلية ، والخريزة ، والمليحة ، وكونوا إمارة خاصة بهم .
فيما بقي الجناح منفصلا عنهم .
وهنا ظهر إلى الوجود مكان استقرار بشري مدني ، يحمل اسم ( عنيزة ) .
ونصب ( فوزان بن حميدان بن حسن بن معمر ) أميرا على عنيزة .
لم يدم انفصال ديرة الجناح عن بقية حارات عنيزة طويلا ..
ففي عام 1201 هـ استولى أمير عنيزة ( عبدالله بن رشيد بن محمد )
على ديرة الجناح ، وهدم بيوتها ، وأدخلها في مدينة عنيزة .
وذلك
مجاملة لابن سعود ، بسبب مكاتبة أهل الجناح لثويني بن عبدالله زعيم قبائل
المنتفق على حدود العراق ( كما يذكر ابن عيسى في تاريخه ) ..
وبذلك توحدت دير ( حارات ) عنيزة تحت إمارة واحدة ، وحكم أمير واحد .
وكان وجود عنيزة ، وصيتها مشهورا في ذلك الوقت ، في أقاليم :
الحجاز ، العراق ، ونجد ..
وذلك بداية من غزو أمير مكة لحارة العقيلية عام ( 1097 هـ ) ..
مرورا بدخولها تحت طاعة الدرعية في أواخر القرن الثاني عشر الهجري .
ونهاية بهدم الجناح عام ( 1201 هـ ) بسبب مكاتبة ( آل جناح ) لثويني بن
عبدالله ( زعيم قبائل المنتفق ) على حدود العراق .
يتبع الجزء الرابع ..
رابعا – عنيزة .. موضع حضري هام في اللعبة السياسية :
وربما كان عام ( 1156هـ ) ، هو بداية العصر الذي انطلقت فيه شهرة هذا المركز الحضري الجديد ..
اذ تجاوزت فيه عنيزة كونها مركزا حضريا في قلب نجد الى المشاركة في
الأحداث السياسية التي تدور في المنطقة ، بل الى صناعتها أحيانا ..
حيث تولى في ذلك العام ( رشيد بن محمد السبيعي ) مقاليدالسلطة في
( امارة عنيزة ) وذلك بعد إخراجه( آل جناح ) منها .
واستمر فيحكمه مدة ( 18 سنة ) ، حتى نهاية عام ( 1174 هـ ) ،
ونستطيع أن نطلق علىتلك الفترة بأنها ( العصر الذهبي ) لإمارة عنيزة .
حيث قويت إمارة ( عنيزة ) فيعهده ، وأصبح لها ( مشاركات فاعلة ) في صناعة الأحداث بعد أن كانت المتلقيلها !
ففي عام 1156 هـ ( وهي السنة التي تولى فيها رشيد بن محمد حكمإمارة
عنيزة ) تدخل في الصراع الأسري في بريدة ، وانضم مع آل شماس ( أمراءبلدة الشماس في بريدة ) وحلفائهم عربان قبيلة ( الظفير ) ، وقاموا ( سوية ) بمحاولةلنجدةآل حسن
أبو عليان - أمراء بريدة السابقين – ضد أمير بريدة حينذاك (راشد بن حمود الدريبي ) .
وقد تمكنوا من حصار ( بريدة ) ، ونهب جنوبي البلد ..
لكنهم لم يفلحوا في نجدة ( آل حسن أبوعليان ) .
وقد يسجل هذا الحدث على أنهأول احتكاك رئيس بين إمارة ( عنيزة )
وامارة ( بريدة ) ، بعد احتكاك عام (1110هـ ) المعروف باسم ( وقعة بريدة ) ..
كما أنه في عام ( 1182 هـ ) غزا أمير الدرعية ( سعود بن عبد العزيزبن محمد آل سعود ) ومعه أمير بلدة بريدة ( راشد الدريبي ) ، في جنود كثيرة منالبادية ، والحاضرة ، وتوجهوا إلى القصيم ، وقصدوا ( بلد عنيزة ) ، ونزلوا بالقربمنباب شارخ ( الباب المعروف في عنيزة )
وحصل بينهم وبين ( أهل عنيزة ) قتالشديد ..
قتل فيه من أهل عنيزة ( ثمانية رجال ) منهم ؛ عبد الله بن حمد بن زامل .
ويبدو أن الغرض من ذلك الهجوم على ( عنيزة ) هو محاولة حكومة الدرعية بسطنفوذها على ( عنيزة ) ، كما بسطته على ( بريدة ) من قبل، لكن تلك المحاولة لميكتب له النجاح ..
وفي عام ( 1183 هـ ) هاجم أمير الدرعية ( عبد العزيز بن محمد آل سعود )
بلدة الهلالية في القصيم ، واستولى عليها ..
وكان من نتيجة تلك الوقعة أن دخلتمنطقة القصيم ( وعنيزة ) في طاعة ( الدرعية ) ..
وانقاد أهل القصيم كافة ( أوربما أغلبهم ) للأمير ( عبد العزيز ) ، وبايعوه على السمع ، والطاعة .
وففي عام ( 1188هـ ) سار ( عريعر بن دجين آل حُميد الخالدي )
- رئيس الأحساء والقطيف - بالجنود من ( الحاضرة والبادية ) ، وقصد بلد
( بريدة ) ومعهأميرها السابق ( راشد بن حمود الدريبي ) ، فحاصر البلد بجنوده ، ثم أخذها عنوة ،ودخل البلدة ، ونهبها ، ونصب عليها أميرا جديدا .
ثم قصد بلد ( عنيزة ) وأجلا ( آل زامل ) منها ..
وجعل فيها ( عبدالله بن رشيد السبيعي ) أميرا .
ثم ارتحلعن عنيزة ، ومات في الطريق .
ومن خلال تلك الحملات ؛ يظهر جليا الأهمية السياسية التي تمثلها عنيزة للقوى الإقليمية الكبرى التي تتنازع فيما بينها على كسبالولاءات ، وإيجاد مواطئ قدم لها في منطقة القصيم عامة ومدينة عنيزة خاصة ..
واستمرت عنيزة في مكانتها المرموقة ، وشهرتها العالية في تلك الأقاليم الثلاثة ( نجد ، الحجاز ، العراق ) حتى عام ( 1229 هـ ) ..
حيث حظيت عنيزة بمكانة مرموقة أعلى مما كانت فيه ..
وذاع صيت عنيزة في نطاق اقليمي أوسع .
دخلت عنيزة في مرحلة جديدة من الشهرة ، وذاع صيتها على نطاق اقليمي
أوسع بداية من العام ( 1229 هـ ) ..
خامسا – عنيزة .. مركز تجاري هام في قلب جزيرة العرب :
كانت عنيزة تمثل قوة اقتصادية هامة في قلب الجزيرة العربية ..
وقد زادت أهمية عنيزة التجارية أثناء النفوذ المصري .
حيث يذكر خورشيد باشا في رسالة له الى القاهرة :
( أن عنيزة ؛ مركز تجاري كبير يختلف اليه التجار من بغداد والشام ؛ ابتغاء الأخذ والعطاء ويقصدها الأعراب ببضائعهم من كل نوع ) .
ويصف لويمر سوق عنيزة قائلا :
( بأن المؤن
وفيرة فيه من سائر الأنواع وفيه كثير من البضائع الصغيرة والملابس
والمستحضرات الطبية ومنها ما هو بريطاني الصنع وأدوية الابل والسكر
والتوابل والصابون وكلها تستورد عن طريق المدينة المنورة والبن اليمني يأتي
عن طريق القوافل القادمة من مكة المكرمة وتسمى السوق الرئيسة المسقف (
المسوكف ) ..
ويذكر لوريمر :
أنه يعمل في عنيزة وحدها في التجارة الخارجية خمسة عشر تاجرا من أصحاب رؤوس
الأموال ، ولهم ممثلون في كل من البصرة وجدة ) .
أما من ناحية
الثروة الحيوانية فقد قدر لوريمر عدد الابل الموجودة في عنيزة وحدها في -
أوائل القرن الرابع عشر الهجري - بنحو ( ألف رأس ) من الابل .
كما قدر عدد رؤوس الأغنام بنحو ( 1500 رأس ) .
كما أن سوق عنيزة كانت تعج بكثير من الصناعات والمهن ، أهمها :
التجارة ، الزراعة ، الصناعة ، الرعي ، الحدادة ، النجارة ، الصياغة ، التصدير
والاستيراد ، تجارة المواشي ، الحياكة ، الخصافة ، الدباغة ، الخياطة ، البناء ، الجزارة ، والخرازة ..
سادسا – عنيزة .. قاعدة عسكرية هامة في قلب جزيرة العرب :
بسبب ازدهار
عنيزة الاقتصادي ، والزراعي ، والتجاري ، وبسبب أهمية موقعها كمدخل هام
لوسط جزيرة العرب وشرقيها من عند اقليم الحجاز ؛ فقد أصبحت عنيزة مركزا
عسكريا ، وسياسيا في المنطقة للحكم المصري ، واستمر ذلك حتى نهاية النفوذ
المصري في نجد .
حيث أن ابراهيم باشا اتخذ من مدينة عنيزة قاعدة للقوات المصرية
وذلك بعد أن فك حصار عن الرس في 12 ذي الحجة من عام 1232 هـ ..
واتجه إلى عنيزة ؛ فأبى أهلها إلا الدفاع عن مدينتهم ..
فسلط إبراهيم باشا عليهم نيران مدفعيته الفرنسية ليلا ، نهار ..
حتى انتهى الأمر بأهل عنيزة إلى الاستسلام لقوات إبراهيم باشا .
لكن حامية عنيزة ( التي تركها عبدالله بن سعود في قصر الصفا ) ، امتنعت عن السقوط ..
وفي اليوم السادس من الحصار ؛ اضطرت حامية عنيزة إلى طلب الصلح ..
وذلك بعد احتراق ما لديها من مؤن وذخيرة ..
مما مهد له الطريق لاحتلال بريدة بعد ذلك ..
حيث اتجه إبراهيم باشا إلى بريدة ؛ فطلب أميرها ( حجيلان بن حمد ) الأمان دون مقاومة تذكر .
وفي مطلع العام 1233 هـ ، واصل إبراهيم باشا زحفه على القرى والمدن النجدية ..
بغية الوصول إلى الدرعية ؛ هدفه الأول ..
وقد كانت عنيزة في تلك الفترة وما بعدها مركزا هاما للعساكر المصرية .
حيث أن العسكر المصريين كانو قد اتخذوا من قصر الصفا ( الواقع خارج أسوار عنيزة حينذاك ) قاعدة عسكرية لهم ..
وقد كان منهم نحو من ستمئة جندي تركهم القائد ( حسين أبو ظاهر ) ، متمركزين في قصر الصفا في عنيزة ..
واستمرت عنيزة على تلك الحالة ؛ حتى دخلت في حظيرة الدولة السعودية الثانية
عام 1238 هـ في عهد ( تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود ) ، وجلاء القوات المصرية عن الجزيرة العربية عام 1240 هـ .
يتبع الجزء الخامس ..سابعا – عنيزة .. قاعدة تجمعات عسكرية خلفية للجيوش المصرية .. ومقرا للمبايعة على السمع والطاعة :
بعد أن خضعت
عنيزة لسيطرة اسماعيل بك ( قائد الحملة المصرية ) وخالد بن سعود اثر
المصالحة التي تمت بين ( اسماعيل بك ) وبين أمير عنيزة ( يحيى السليم ) في
عام 1252 هـ .
أرسل اسماعيل بك قوة تتكون من ( 400 فارس ) ، تحت قيادة ( ابراهيم المعارك ) ، ومعهم أمير عنيزة ( يحيلى السليم ) وبعض رجاله ..
فتمكنت تلك القوة من الاستيلاء على حائل بعد هروب أميرها ( عبدالله بن رشيد ) منها ونصبت ( عيسى بن علي ) أميرا على حائل ..
بعدها .. مكث
اسماعيل بك فترة في عنيزة يعيد ترتيب قواته من ناحية ويستقبل وفود المناطق
التي جاءت الى اسماعيل بك وخالد بن سعود في عنيزة للمبايعة على السمع
والطاعة وكان على رأس هؤلاء وفد الرياض الذي وصل الى عنيزة وبايع خالد بن
سعود بالحكم ..
كما أن اسماعيل بك أخذ يعد العدة للسير الى المناطق التي لم تقدم ولاءها بعد وخاصة المناطق الواقعة جنوب الرياض ..
وكان أول ما بدأ سيره الى الرياض ..
فدخلها في شهر صفر عام ( 1253 هـ ) .
هذا كما لبث (
خورشيد باشا ) في عنيزة – بعد ذلك – مدة خمسة أشهر ، والوفود تتابع عليه في
عنيزة من الحاضرة والبادية ؛ لتقديم ولاءها ، وتعلن السمع والطاعة له ..
وكان من ضمن
هؤلاء وفد جبل شمر بزعامة أميره ( عبدالله بن علي بن رشيد ) الذي جاء الى
خورشيد باشا – بعد استرداده الامارة من عيسى بن علي – مقدما له الطاعة
ومبديا كامل استعداده لمساعدته في حملته تلك .
كما أن خورشيد باشا سعى لتهيئة مدينة عنيزة لكي تصبح قاعدة خلفية للجيوش المصرية في نجد .
واستغل خورشيد باشا بقاءه هذه الفترة الطويلة في عنيزة في اعادة بناء بعض حصونها المخربة لتستقر فيها حاميته ..
واستمر ذلك حتى
أواخر شهر رجب عام 1254 هـ ؛ حيث زحف خورشيد باشا جنوبا الى الرياض عن طريق
الوشم ، حيث انضم اليه خالد بن سعود وأهل العارض وسائر المناطق المحيطة
بالرياض الا الدلم ؛ حيث يوجد فيها فيصل بن تركي ..
وقد كان لعنيزة شيء من القوة والاستقلال الذاتي في تلك الفترة ..
حيث أن حكم ( يحيى السليم ) ؛ اتسم بقوة النفوذ والحرص على تطور البلد ، والدفاع عنه ..
ولهذا فقد خرج
أهل عنيزة عام 1252 هـ ، بقيادة أميرهم ( يحيى السليم ) الى منطقة السر –
جنوب القصيم – لقتال قبيلة الروسان من عتيبة ..
وهذا يدل على ما
تمتعت به عنيزة من قوة ؛ حيث استطاعت أن تطارد أعداءها خارج حدود منطقة
القصيم الى منطقة السر الواقعة الى الجنوب من القصيم .
كما تدل هذه الحادثة على أن عنيزة كانت تتمتع بشيء من الاستقلال في بعض الأمور حيث قامت بدحر اعدائها دون أن تنتظر توجيهات من أحد ..
كما
أن مركز عنيزة قد زاد خلال تلك الفترة حيث أن الادارة المصرية قد وضعغت
لها في نجد مراكز مهمة تستفيد منها في ايصال مئونة الجيش وذخائره المطلوبة
بأقصى سرعة ، ومن هذه المراكز الهامة ( عنيزة ) في نجد ، و ( الحناكية ) في
الحجاز .
وقد استمرت عنيزة على تلك الحالة ؛ حتى بداية انسحاب الجيوش المصرية من الجزيرة العربية في أوائل شهر جمادى الأولى من عام 1256 هـ .
ثامنا – عنيزة .. مركز الانطلاقة لتحرير الرياض :
أثناء الصراع
على الحكم بين فيصل بن تركي ، وعبدالله بن ثنيان ؛ منذ بدايات عام 1259 هـ ؛
انضمت بريدة في ذلك الصراع الى معسكر عبدالله بن ثنيان ، بينما انضمت
عنيزة ، وجبل شمر الى فيصل بن تركي ..
استدعى أمير
عنيزة عبدالله السليم ، فيصل بن تركي الى مدينة عنيزة ؛ وهو معسكر مع ابن
رشيد في الكهفة ( على الحدود بين حائل والقصيم ) ؛ فقدم فيصل الى عنيزة ،
ودخلها ليلا ، بعد تمكنه من الهرب من الكمين الذي أعده له عبدالله بن ثنيان ..
مكث فيصل بن تركي في عنيزة عدة أيام ، وجلس فيها يتلقى طاعة أمراء القصيم ورؤساء القبائل فيها ..
ثم ما لبث فيصل بن تركي أن سار من عنيزة يصحبه أميرها عبدالله السليم ..
فتوجه نحو الوشم ؛ ثم الى الرياض لحرب عبدالله بن ثنيان .
حيث دخلها في شهر جمادى الأولى من عام 1259 هـ ، وقبض على عبدالله
بن ثنيان ، ثم أمر بحبسه ، بعد أن صادر أمواله وسلاحه ..
ثم لم يلبث عبدالله بن ثنيان أن توفي في السجن في جمادى الآخرة من عام 1259 هـ .
تاسعا – عنيزة .. العاصمة الادارية لمنطقة القصيم :
بعد هزيمة أهل القصيم في ( معركة اليتيمة ) أمام جيش فيصل بن تركي عام
( 1265 ) هـ ولى فيصل بن تركي أخاه ( جلوي بن تركي ) أميرا على القصيم ..
وجعل مقره ، ومركزه ، ومنزله ، مدينة عنيزة ..
ومنحه كامل السلطة على جميع حاضرة وبادية المنطقة ..
وجعل عنيزة قاعدة لامارة منطقة القصيم ، وعاصمة لكامل الاقليم .
وقد استمر جلوي بن تركي واليا على عنيزة وسائر القصيم منذ عام 1265 هـ
حتى قيام حرب عنيزة الأول عام 1270 هـ .
يتبع الجزء السادس ..
عاشرا – عنيزة .. في مواجهة كبيرة مع السلطة المركزية :
دخلت عنيزة في مواجهة مع السلطة المركزية في الرياض في ثلاث مواجهات ..
كانت أولى تلك المواجهات ( حرب عنيزة الأول ) ، وكان ذلك في شهر محرم من
عام 1271 هـ .
حرب عنيزة الأولى ( 1271 هـ ) :
وكان سبب تلك الحرب ؛ هو اقدام أهل عنيزة على اخراج ( جلوي بن تركي ) أمير
القصيم من مركز امارته في عنيزة ، نابذين طاعته وذلك في صباح يوم الجمعة
من شهر شعبان عام 1270 هـ
فرأى الامام فيصل أن هذا عصيان ظاهر من أهل عنيزة يجب تأديبهم عليه ..
فكانت الحرب .
غادر ( عبدالله الفيصل ) على رأس الجيوش من أهل الرياض ، والجنوب ، متوجها
الى شقراء ؛ فانضم اليه غزو سدير والوشم وذلك يوم عيد الأضحى ، العاشر من شهر
ذي الحجة 1270 هـ . فسارت الجموع الى عنيزة ؛ فوصلوها يوم 25 ذي الحجة ..
موقعة الوادي :
بعد وصول جيش
الرياض الى عنيزة ؛ أغاروا على وادي عنيزة ، وأمر عبدالله الفيصل جنوده
بقطع نخيل الوادي ، وذلك بعد عجزه عن اقتحام المدينة ؛ لمنعة أسوارها من
ناحية ؛ ولوجود مزارعها داخل أسوارها ( باستثناء مزارع الوادي ) من ناحية أخرى .
فأثار قطع نخيل الوادي أهل عنيزة ؛ فخرجوا للقاء عبدالله الفيصل ..
فنشبت معركة عنيفة بين الطرفين ؛ أدت الى قتل عدة رجال ، منهم ، سعد بن سويلم
( أمير ثادق ) .
وبعد فشل ( عبدالله الفيصل ) في احراز ما يتمناه من نصر على أهل عنيزة ؛ انسحب
من عنيزة الى ( العوشزية ) ثم الى ( روضة الربيعية ) انتظارا لوصول امدادات أخرى
فما لبث أن جاءت غزو جبل شمر ( حائل ) ، بقيادة أميره ( طلال بن رشيد ) ..
كما وصلت اليه بقية غزو نجد ( قوات الطوارىء من المناطق الوسطى ) ..
وبذلك تجمعت لدى ( عبدالله الفيصل ) قوة ضخمة من جميع الأقاليم دون استثناء ..
بعد اكتمال قوات عبدالله الفيصل ؛ ارتحل بجنوده ، ونزل الغزيلية ( جنوبي عنيزة )
مصمما على بدأ الهجوم ..
ومع شعور أهل
عنيزة بقلة قوتهم أمام تلك الجحافل ؛ طلبوا الصلح من القائد ( عبدالله
الفيصل ) ، فقبل ذلك مبدئيا بناء على وصية والده الامام فيصل بن تركي .
وكتب أهل عنيزة الى فيصل بن تركي ؛ فأجابهم وأعطاهم الأمان ..
ثم تم الصلح بين الامام فيصل بن تركي وأهل عنيزة ..
وذلك بعد بوساطة من أمير مكة ( محمد بن عون ) .
وهكذا انتهت حرب عنيزة الأولى ، بين أهل عنيزة والحكومة المركزية في الرياض
بعد أن دامت مدة ثمانية أو تسعة أشهر .
حرب عنيزة الثانية ( 1278 هـ ) :
كان سبب تلك الحرب توتر العلاقات بين عنيزة والحكومة المركزية في الرياض
وذلك بعد اقدام ( محمد الفيصل ) على قتل أمير بريدة ( عبدالعزيز آل أبو عليان )
وقتل أولاده الثلاثة ( حجيلان ، تركي ، وعلي ) ، وقتل ثلاثة رجال آخرين ..
وكان قتلهم هذا تم في نفود الشقيقة ( جنوب غربي عنيزة ) .
لذا عد أهل عنيزة ، قتل أمير بريدة ( عبدالعزيز آل أبو عليان ) في نفود الشقيقة
هدرا لدم ضيفهم ، واعتداءا على كرامتهم ..
حيث أن أمير بريدة ( عبدالعزيز آل أبو عليان ) خرج من بريدة هو وأولاده ومعهم عشرون رجلا من عشيرتهم ، وخدمهم ..
واتجهوا الى عنيزة ، ثم ما لبثوا أن خرجوا من عنيزة متوجهين الى مكة ..
ويصحبهم جماعة من أهل عنيزة ..
ولما بلغ
عبدالله الفيصل خبرهم ؛ أرسل وراءهم سرية بقيادة أخيه ( محمد بن فيصل )
فلحقهم في نفود الشقيقة ، وقتل منهم سبعة رجال ، وسمحوا للبقية منهم
بالانصراف
ومن بينهم أهل عنيزة ..
فلما وصل الخبر أهل عنيزة ؛ سارعوا ، وقاموا من فورهم هذا ؛ ولحقوا بسرية
( محمد الفيصل ) ، وقاتلوهم في النفود ، وهم يصيحون : لقد قتلتم ضيف عنيزة !
فساءت العلاقة بين الطرفين ..
وبذلك بدأت الحرب .
معركة رواق ( شعبان 1278 هـ ) :
بعد الغزو المتبادل الذي وقع بين أهل عنيزة من جهة ، والسرية التي أرسلها الامام
فيصل بن تركي الى بريدة بقيادة ( صالح بن شلهوب ) ، والجيش الذي يقوده أمير بريدة
( عبدالرحمن بن ابراهيم ) من جهة أخرى ؛ وانتقال أهل عنيزة من حالة الدفاع
الى حالة الهجوم ؛ أعلن الامام فيصل بن تركي حالة الحرب في جميع أقاليم دولته ..
فأرسل سرية على وجه السرعة الى بريدة ، أعقبها بقوة من أهل الوشم وسدير بقيادة
( عبدالله بن عبدالعزيز بن دغيثر ) وسارت نحو بريدة ..
وبذلك تجمعت لدى أمير بريدة ( عبدالرحمن بن ابراهيم ) قوة كبيرة ؛ فخرج بهم
لغزو عنيزة في نفود رواق ( رملة بين بريدة وعنيزة ) ..
فخرج اليه أهل عنيزة ولم ينتظروا قدومه ؛ واشتبكوا معه ؛ فهزموه في تلك الموقعة .
حتى اضطر الى الانسحاب نحو بريدة ، بعد أن قتل من جنوده عشرون رجلا ،
منهم ( عبدالله بن عبدالعزيز بن دغيثر ) ، وغنم أهل عنيزة منهم مغانم متنوعة .
ولما علم الامام فيصل بن تركي بهزيمة ( رواق ) ؛ ألقى مسئوليتها على أمير بريدة
عبدالرحمن بن ابراهيم ) ؛ فعزله عن امارة بريدة ، واستدعاه الى الرياض وصادر
أمواله ..
ثم أرسل الامام فيصل بن تركي مددا كبيرا بقيادة ابنه ( محمد بن فيصل ) ، يتكون
من غزو أهل الرياض والجنوب والوشم وسدير ؛ ليقود القتال ضد عنيزة ..
وما كادت تصل هذه الحملة الى بريدة ؛ حتى وصل بعدها غزو ( جبل شمر ) بقيادة
( عبيد بن علي بن رشيد ) ، ومعه ابن أخيه ( محمد بن عبدالله بن رشيد ) - الذي
سيحكم نجد بعد فترة – وسار الجميع لغزو عنيزة ..
فنشبت بين الفريقين موقعة الوادي – وادي عنيزة – هزم فيها أهل عنيزة ، وقتل منهم
عشرون رجلا .
فانسحب أهل عنيزة الى مدينتهم وتحصنوا بها .
ثم نزل ( محمد بن فيصل ) بجنوده في وادي عنيزة ، وأمر جنوده بقطع نخيل الوادي واحراقها .
معركة ( كون المطر ) 1279 هـ :
أثر قيام جنود ( محمد الفيصل ) بقطع نخيل الوادي ؛ حفيظة أهل عنيزة ..
فانطلقوا خارجين من سور عنيزة لقتاله ، بقوة هائلة وعدد وعدة .
وكان خروجهم هذا في اليوم الخامس عشر من شهر جمادى الآخرة من عام 1279 هـ .
فالتقوا بجيش ( محمد الفيصل ) ؛ واقتتلوا قتالا شديدا ..
فصارت الهزيمة أولا على ( محمد الفيصل ) وجنوده ، وتتابعت هزيمتهم حتى انتهت بهم الى خيامهم ..
حتى أن أهل عنيزة وصلوا الى معسكر ( محمد الفيصل ) ؛ وأخذوا يقلعون أطناب خيام المعسكر ، بعدما أبعدوا جنود محمد الفيصل عنها .
وكان أمير عنيزة
( زامل السليم ) قد جعل مئتي رجل من حملة البنادق - ليلة المعركة – في
مدخل وادي عنيزة ، فلما طلع الفجر أطلقوا النار على سقاة جيش محمد الفيصل ـ
ثم تابعوا اطلاقها على الجيش كله ..
واستطاعوا التقدم الى مخيم محمد الفيصل ، فحصلت في جيشه مذبحة كبيرة .
الا أن زامل السليم أوقف تلك المذبحة ؛ رحمة باخوانه في الدين .
وفي اللحظة التي كان أهل عنيزة ينهبون فيها خيام محمد الفيصل ؛ أمطرت السماء مطرا غزيرا..
فأبطل الماء عمل ( بنادق ) أهل عنيزة ..
حيث أن غالب سلاح أهل عنيزة ( بنادق الفتيل ) ؛ وقد بلل ماء المطر فتيل البنادق ،
ومنعها من الاشتعال ..
فانهزم أهل عنيزة قاصدين بلدهم ..
وتبعتهم خيل جند ( محمد الفيصل ) ، فانقضوا عليهم بسيوفهم ، وكان عددهم يزيد على
الألف مقاتل ، فأخذوا يقتلون ، ولا يأسرون ..
فهلك أثناء الهرب مئتان من رجال عنيزة ..
وكان من ضمن جنود جيش أهل ( عنيزة ) ؛ مقاتلين يحملون بأيديهم ( الرماح ) ..
فاحتمى المقاتلون المنهزمون من ( أهل عنيزة ) الذين يحملون بأيديهم ( بنادق الفتيل )
احتموا خلف اخوانهم من مقاتلي أهل عنيزة ، الذين يحملون بأيديهم الرماح ..
وحمى ( أصحاب الرماح ) ، المقاتلين الذين دخلوا في حوزتهم ممن يحملون
( بنادق الفتيل ) من أهل عنيزة .
يتبع الجزء السابع ..وأقام محمد الفيصل هناك ، وأمر من معه من الجنود بقطع نخيل الوادي ؛
فقطعوا أكثرها ، واحتصر أهل عنيزة في بلدهم .
وأغلب القصائد المتبادلة ، والمساجلات الشعرية بين شاعر الرياض ، وشاعر
عنيزة ( علي الخياط ) قيلت في هذا الوقت .
ومن ضمن ما قيل من تلك القصائد ؛ قصيدة (علي الخياط ) المشهورة
( تاطا حديد ) .
حيث أن أغلب المساجلات الشعرية بينهم تكون أثناء الليل ، والمحاربون في
مراكزهم على الأسوار وما حولها .
ومما زاد في حراجة موقف أهل عنيزة – بعد هزيمة كون المطر – أن امدادات
الجيوش أخذت تتواصل على ( محمد بن فيصل ) ومن معه ..
حيث وصل ( طلال بن عبدالله بن رشيد ) في باقي غزو جبل شمر .
كما وصل أخوه ( عبدالله الفيصل ) في غزو أهل الأحساء ( وبرفقتهم قوات
من عمان ) ومعهم أميرهم ( محمد بن أحمد السديري ) ؛ وكانت تصحبهم المدافع
والقبوس ؛ لضرب سور عنيزة .. وحالما وصلت تلك القوات الى عنيزة ..
بدأت المدافع والقبوس في ضرب سور عنيزة واستمر القصف لعدة أيام ..
وقد بقي جيش الامام فيصل خلف سور عنيزة محاصرا المدينة مدة طويلة ، استمرت قرابة عام ونصف العام ..
وقد كلف ذلك الحصار الجيش الكثير من النفقات ..
ولما طال حصار القوات لعنيزة ، دون احراز أي نتيجة حاسمة ؛ سعى أمير
جبل شمر ( طلال بن رشيد ) لعقد صلح بين الفريقين ..
ولرغبة الفريقين بالصلح ؛ فقد أرسل أهل عنيزة ( زامل السليم ) ممثلا عنهم
الى ( عبدالله بن فيصل ) في معسكره في وادي عنيزة ..
وتم الصلح بين الفريقين ؛ أوائل عام ( 1280 هـ ) ..
- على أن ترحل القوات المحاصرة لعنيزة ، مقابل دفع شيء يسيرا من الطعام
والسلاح من أهل عنيزة الى مخيم ( عبدالله بن فيصل ) ؛ علامة على الطاعة
والولاء من عنيزة للحكومة المركزية في الرياض .
وهكذا انتهت حرب عنيزة الثانية بعد حصار طويل دام مدة ثمانية عشرا شهرا
وقد تخلل ذلك عدد من الوقائع الحربية بين الفريقين .
وقد كانت تلك الحرب من أشد حروب المدن ضراوة في ذلك الزمان ..
ولا يدانيها سوى حرب الدرعية .
حادي عشر – عنيزة .. قوة ضاربة في منطقة القصيم :
حصلت عنيزة في وقت مبكر من نشوب الحرب الأهلية بين أبناء ( فيصل بن
تركي ) على استقلالها التام ..
وبرز مركزها بصفتها قوة ضاربة في منطقة القصيم ، بل في نجد كلها ..
بعد معركة ( حرب عنيزة الثانية ) ضد الحكومة المركزية ..
ومما ساعد على ذلك تولي ( زامل بن عبدالله السليم ) امارة عنيزة عام
( 1285 هـ )
بعد وفاة أميرها ( عبدالله بن يحيى السليم ) ..
وكان زامل السليم مشهورا بقوة شخصيته ، وقوة نفوذه ، وتطلعه الى
الاستقلال في بلده وتقويتها ، وصد الغارات عليها ؛ بحزم ، وقوة ، منذ حروب القصيم السابقة ..
ومن ذلك هزيمته لمسلط بن ربيعان حينما اعتدى مع جماعته على حمى
عنيزة وضيق على سابلة البلد ، وكان ذلك عام ( 1289 هـ ) .
وكان منزل ( مسلط بن ربيعان ) وجماعته ، في الروغاني ، بجوار عنيزة ، في الجهة الشمالية منها .
كما أنه في عام ( 1295 هـ ) هزم ( حزام بن حشر ) وجماعته ، حينما
نزلوا
الشقيقة والغميس - وهما حمى لأهل عنيزة يرعون فيها ابلهم وأغنامهم – فقد
قاتلهم زامل السليم وأهل عنيزة ، وأصابوا منهم مقتلة عظيمة ، وقتلوا رئيسهم
حزام بن حشر ، وأحد عشر قتيلا منهم .
وكان ذلك بعدما أرسل اليهم أمير عنيزة ( زامل السليم ) أن يذهبوا عن حمى عنيزة ، فالفلاة واسعة ، لكنهم أبوا ..
فخرج عليهم زامل السليم بقوة مؤلفة من ( 400 مقاتل ) و ( 20 حصانا )
و ( 200 جمل ) ، فقاتلوهم ، وانتصروا عليهم ، وأبعدوا بقيتهم عن حمى أهل عنيزة .
وقد
استمرت عنيزة في قوتها تلك حتى شهر جمادى الآخرة من عام ( 1308 هـ ) ..
حينما تمكن أمير جبل شمر ( محمد بن عبدالله بن رشيد ) من هزيمة
أهل القصيم في ( معركة المليدا ) ، وقتل أمير عنيزة ( زامل السليم ) ..
وكان انتصار أمير جبل شمر ( محمد بن عبدالله بن رشيد ) على أهل القصيم
في معركة المليدا ؛ مقدمة لاستيلاء ابن رشيد على القصيم ، بل على نجد كلها .
وبذا فقدت عنيزه استقلالها الذاتي الذي نالته بعد ( حرب عنيزة الثانية ) ..
ودخلت في سلطة أمير جبل شمر ( محمد بن عبدالله الرشيد ) .
ثاني عشر – عنيزة .. أكبر تجمع سكاني في نجد :
كانت عنيزة ( في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ، وأوائل القرن الرابع
عشر ) من أهم المدن في الجزيرة العربية ، وأكثرها سكانا ، بل كانت تعتبر
موطن استقرار سكاني بالنسبة لما حولها من بلدان ..
ولا غرو في ذلك ؛ فقد كانت عنيزة قبل فترة ليست بالطويلة مركزا تجاريا ،
وقاعدة عسكرية هامة ..
ولذلك وصفها القائد المصري ( خورشيد باشا ) عام 1254 هـ ، بقوله :
( ان بلدة عنيزة مركز تجاري كبير في المنطقة ، يختلف اليه التجار من بغداد
والشام ، ويقصده الأعراب ببضائعهم ، وفي تدميره خسارة على هؤلاء من ناحية ، وضررا على طريق امداد الحملة بالمؤن والذخيرة ) .
وقد قدر ( لوريمر ) عام 1326 هـ في كتابه ( دليل الخليج ) :
بأن سكان عنيزة يتراوحون ما بين ( 10 – 15 ألف ) نسمة .
بينما يقدر سكان الرياض حينذاك ، بنحو ( 8000 ) نسمة .
وسكان بريدة بنحو ( 7500 ) نسمة .
وبذلك تعتبر عنيزة أكبر تجمع سكاني في نجد ، والمدينة الرئيسة فيها .
يتبع الجزء الثامن ..
ثالث عشر – عنيزة .. وشهرتها في عيون الرحالة الأوروبيين :
ولأن عنيزة كانت تمثل أكبر تجمع سكاني في نجد ؛ فلقد زارها ، وكتب عنها
الكثير من الرحالة الأوروبيين ، وتكلموا عنها ، وذكروها في كتبهم ورسائلهم وتقاريرهم ..
حتى أصبحت لديهم أشهر من نار ..
كما أن عنيزة قد لقيت اهتماما منقطع النظير من الرحالة الغربيين الذين زاروها ابتداء من بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى بدايةالقرن العشرين·
أولهم كان الرحالة الايطالي ( كارلو غوارماني ) ..
1 - الرحالة الإيطالي ( كارلو غوارماني ) :
زار الرحالة الإيطالي ( كارلو غوارماني) نجد عام 1280 هـ ( 1864 م ) .
ومر في طريقه بمدينة عنيزة ..
وقال عنها :
( إنها أكبر مدن نجد ويتاجرأهلها بالخيول التي يشترونها من البدو بعد فطامها ليربوها عندهم ويعلفوها حتى تكبرثم يجلبوها إلى الكويت، ومنها تصدر إلى بلاد فارس والهند )
2 - تشارلز داوتي :
زار داوتي عنيزة صيف عام 1295 هـ ( 1878 م ) ، وأمضى فيها شهري ( مايو ويونيو ) وسجل خلال مدة إقامته فيهاأدق التفاصيل عنها وعن أهلها ومعيشتهم وحياتهم اليومية ·
وكان تشارلز داوتيهو الرحالة الأشهر ، الذي خلد عنيزة ، وكتب عنها أربعة فصول تقع في حوالي مئتي صفحة مليئة بالتفاصيل والمعلومات عنالحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تسجل لأول مرة وتكاد تكون هي الوثيقةالوحيدة التي لدينا عن عنيزة من تلك الفترة وبكل هذه التفاصيل ·
والأهم من ذلك أنداوتي سجل اسم عنيزة في التاريخ كحاضرة للتسامح الديني والاجتماعي في نجد، وتبعه فيذلك كل من جاؤوا بعده ·
وقد قدر داوتي سكان عنيزة حين زارها بحوالي ( 15.000 نسمة ) ..
ومما وصفه من مشاهداته :
( وفي يوم الجمعةتزدحم الأسواق بالناس، خصوصا البدو والفلاحين الذين يفدون إلى المدينة من مزارعهمالنائية للصلاة في المسجد الجامع ) ·
وقال داوتي عن أهل عنيزة :
( أنهم أناس متحضرونمتأنقون في ملبسهم ومأكلهم وتعاملهم، وحتى طريقتهم في المشي والحركة ويحيون بعضهمبعضا بلطف وبشاشة، والبعض منهم يلبسون الطرابيش، خصوصا منهم التجار الذين يكثرون منالأسفار إلى الخارج وبعضهم يلبس ما يسمى الشطفة أو العقال المقصب بالزري· والأثرياءمنهم يلبسون المشالح المعمولة في العراق· وذوي المراكز الاجتماعية المرموقة يحملونالخيزران
في أيديهم ، والأمراء يحملون السيوف ) .
ومن مظاهر التحضر التي لاحظهاداوتي على أهالي عنيزة أنهم يتناولون طعامهم على مهل ويتحدثون ويتناقشون أثناءالأكل، على خلاف البدو وأهل نجد عموما الذين يزدردون الأكل بصمت ويلتهمونه بسرعةوينهضون· وبعض أطباق الأطعمة التي يقدمونها قريبة من الأطباق الموجودة في الأمصاروالعواصم المتحضرة، فهم يقدمون أطباقا من الفواكه والخضار النيئة والمطبوخة ويدخنونالنارجيلة ويشربون أنواع مختلفة من الشربيت والعصيرات المعمولة من الليمون ومن تمرالهند والتي يقول إنهم على خلاف الأوربيين الذين يرتشفون عصيرهم ببطء فإن أهاليعنيزة يكرعون العصير في نفس واحد والخادم واقف على رأسك ليأخذ منك الكأس الفارغ· وعلى الرغم من تأصل شرب القهوة عند أهالي عنيزة إلا أن فيلبي سيذكر لاحقا أنهم لميعرفوا الشاي إلا منذ 35 سنة قبل وصوله لها· والبعض منهم لكثرة أسفارهم يعرفون لغاتأجنبية مثل الإنجليزية والهندوستانية· وفي مجالسهم يتباحثون في الشؤون الدوليةوالخلافات بين تركيا وروسيا وبين فرنسا وبروسيا ويعرفون بسمارك والإسكندر قيصربروسيا·
وتكلم داوتي عنالعمال الذين يحفرون الآبار ويعملون في مقاطع الحصا، وقال :
إنهم يتقاضون أجورا مجزيةلكن العمل لمدة سنتين في هذه المهنة الشاقة والخطيرة كفيل بأن يودي بحياة الإنسانلأنهم يتنفسون الغبار المتطاير من الصخور مما يؤدي إلى تفتت الرئتين· معظم الأمراضالتي يعاني منها أهل القصيم أمراض العيون والطحال والحمى والجدري، وأنواع عديدة منالأمراض الغامضة يسمونها ريح· ومرض الجدري كثيرا ما يؤدي إلى ذهاب البصر في أحدالعينين أو كلاهما· ويقول داوتي إن طريقتهم الخاطئة في التطعيم أدت إلى وفاة ما لايقل عن 500 شخص·
يقول داوتي :
إن حلفاء عنيزة من البدو هممطير وعتيبة ، بينما يتحالف القحطانيون مع بريدة ·
وصدف أن فريقا من قحطان نهب حميرالأهالي عنيزة على أطراف المدينة، لذلك حينما هبط أحد القحطانيين للتبضع من عنيزةقام بعض الأهالي بإلقاء القبض عليه واقتياده للأمير· ويقول داوتي لو كان ذلك فيحائل أو بريدة لقام رجال الأمير وجنوده بهذه المهمة، أما في عنيزة فإن الأهاليأنفسهم هم الذين يقومون بحفظ الأمن فيها ، ولكن بطريقة حضارية ، تخلو من العتف ، والغلظة .
وحتى بداية النصف الثاني من القرن العشرين ظلت عنيزة محتفظة بتخطيطهاالعمراني وبيئتها الاجتماعية وعاداتها وتقاليدها تماما كما وصفها داوتي ·
3 - جون فيلبي :
زار عنيزة عام 1336 هـ ( 23 أغسطس 1918 م ) ، وقد اتفقت زيارته عنيزة مع ح
حلول عيد الأضحى ..
ورأى كيف تجلب الأغنام إلى سوق المدينة والتيتتراوح أسعارها من 7 إلى 10 دولارات ·
ويقول فيلبي :
إنه رأى دلالا يجلب بندقيتينأحدهما ماوزر ألمانية صناعة 1916 قيمتها 40 دولارا والأخرى أم نصف خشاب إنجليزيةجديدة قيمتها 46 دولار· ومن أنواع البنادق الأخرى التي رآها فيلبي مع الدلالينالشرفا
الانجليزية ، والصمعا ، وأم أحد عشر ، وأم تاج .
يبدأ فيلبي حديثه عن عنيزة قائلا :
سبق لي أن سمعت الكثير عنالفرق بين عنيزة وغيرها من مدن نجد، عن كرم أهلها وحفاوتهم بالغريب وخلوهم من أيتعصب ديني أو مذهبي· لكن يجب على أن أعترف بأن التجربة الواقعية أدهشتني وأذهلتني ..
بدا ليأنني فجأة خرجت من عالم بدائي لألج عالما متحضرا يمتلك ثقافة عالية حيث يلقىالغريب داخل أسوار المدينة فوق ما يتصوره من الترحيب وحسن الضيافة بدلا من أن يكونمحل شك أو ريبة وكأنه ضيف على سكان المدينة جميعهم· ويبالغ أعيانها في إغداق كرمهمعليه دون رحمة أو هوادة· وضيافتهم ليست فقط سخية ولكنها أيضا في منتهى الذوقوالترتيب والأناقة· إنها حقا جوهرة المدن العربية.
والجدير ذكره بأن فيلبي – وليس الريحاني ، كما يعتقد البعض – هو من أطلق لقب ( باريس نجد ) على مدينة عنيزة .
وقبل فيلبي أطلق داوتي اسم ( أم نجد ) على عنيزة .
4 - أمين الريحاني :
بعد مدة وجيزةمن مغادرة فيلبي عنيزة ؛ زارها أمين الريحاني ·
ولم يرد ذكر لفيلبي في كتابات الريحانيلكنه يذكر داوتي كثيرا ، وهذا يحملني على الظن بأن كتاب داوتي الرائع "في صحراءالعرب" هو الذي ألهب خيال من أتى بعده من الرحالة ودفعم إلى اقتفاء أثره ·
يدخل الريحاني عنيزة من جهتها الشرقية على طريق الزغيبية مرورا بالعوشزية، والعوشزية قرية صغيرة معزولة لكنها أشبه بأن تكون هي بوابة عنيزة الشرقية ..
ويقول الريحاني :
العَوْسَجية قرية صغيرة حقيرة فقيرة لأنتربتها بسبب هذا القاع جلها سبخة لا يصلح زرع أو غرس فيها ولكن أهلها ملح الأرض·
ويقول الريحاني عن عنيزة :
بأنها بعنيزة مليكة القصيم ، عنيزة حصن الحرية ومحط رحال أبناء الأمصار·
عنيزة قطب الذوق والأدب ، باريسنجد · وهي أجمل من باريس إذا أشرفت عليها من الصفرا لأن ليس في باريس نخيل وليسلباريس مِنطقَة من ذهب النفود · بل هي أجمل من باريس حين إشرافك عليها لأنها صغيرةوديعة خلابة بألوانها ، كأنها صورة صورها كلود مانه Claude Manet لقصة من قصص ألفليلة وليلة، وكأنها لؤلؤة في صحن من الذهب مطوق باللازورد · بل قل إنها السكينةمجسدة وقد بنت لها معبداً بين النخيل، زانته بإفريز من ذهب الرمال ، وكللته بأكليلمن الأثل· فهي في مجوف من الأرض يحيط بها غاب من هذه الأشجار ليرد عنها رمال النفودالتي تهددها من الجهات الثلاث، من الشمال والغرب والجنوب ·
قلت مرة لأهلها :
أنتموالنفود قوم ، فاعجبوا بالكلمة وتناقلوها ·
إنها الحقيقة ولا مبالغة· فالنفود تحاربهمبالرمال تدفعها الرياح من كل جانب فتسفِّيها على المدينة ..
وهم يحاربونها بالأثل يزرعونه غياضا فوق الكثب خارج السور .
قد تصغر عنيزة دون أهلها، وهم زهاءثلاثين ألفاً، لأن النفود تقيدها فلا تستطيع التبسط والامتداد· فهي لذلك مزدحمةبالسكان وأكثر أسواقها كالسراديب لأنهم يبنون فوقها الجسور التي يسمونها "قْبَب" وفوق الجسور البيوت· ولكن هناك سوقاً للتجارة كبيرة منيرة تدهشك بما فيها منالأشكال والألوان· فتذكرك بأميركا وبلاد الإنكليز، وتنقلك إلى الهند واليابان،وتسمعك اللغات الإنكليزية والفرنسية والهندوستانية، ولهجات من العربية متعددة .
وفي عنيزة أُسر قديمة عريقة بالنسب والفضل وقد ساح آبناؤها فيالبلدان القصية والأمصار شرقاً وغرباً فزادتهم السياحة لطفاً واتضاعاً، فدفعواالضيافة إلى مقام تنفتح عنده أبواب البيوت والقلوب معاً· أجل، إن الغريب لينسى فيهذه المدينة كونه غريباً، فسواء أكان مسلماً أم كافراً، موحداً أم مشركاً، فهو يشعرها هنا أنه بين أناس الفوا مثله والفوا فوق ذلك إكرام الضيف أياً كان· فيستأنس أيمااستئناس ويلبي دعواتهم
مسرورا شاكرا .
هذه مقتطفات يسيرة مما ذكره الرحالة الأجانب عن مدينة عنيزة وأهلها ..
وقد مر على عنيزة رحالة كُثُر منهم من مر بها مرور الكرام مثل :
الرحالة الفرنسي تشارلز هيوبر .
والرحالة الألماني جوليوس يوتنغ .
والإنجليزي شكسبير .
ومن الذين ذكروا عنيزة في مؤلفاتهم :
1 – بلجريف ( 1280 هـ ) .
2 – لوريمر ( 1298 هـ ) .
3 – جوارماني .
4 – سادلير ( 1233 هـ ) .
يتبع الجزء التاسع ..
رابع عشر – عنيزة .. امارة مستقلة في منطقة القصيم :
بعد سقوط دولة (
آل الرشيد ) ؛ عادت عنيزة في ظل الدولة السعودية الثالثة - كما كانت في
الدولتين الأولى والثانية – تمثل ( منطقة ادارية محلية ) مستقلة عن منطقة
القصيم – وكانت مرتبطة مباشرة في الرياض ، ولها بيرق خاص ، اشترك في حروب
الملك عبدالعزيز في نجد وخارجها ..
يقول فؤاد حمزة :
( مع أن عنيزة
تحسب من القصيم جغرافيا الا أنها من حيث الادارة مستقلة ، ولها بيرقها
وعليها جهاد خاص فهي من هذا القبيل يمكن حسابها خارجة عن ادارة القصيم ) .
وقد بلغت مساحة ( منطقة عنيزة ) ما يقدر بنحو ( 3500 كيل مربع ) .
وكانت تحدها من الشرق قصور فضل ، وامارة الشماسية .
ومن الجنوب ( الربضية ) ، على حدود المذنب .
ومن الغرب ( الحجناوي ) ، على حدود الرس .
ومن الشمال ، النفود الذي يشرف على جنوبي بريدة ..
ويسمى ( غميس العرادى ) .
هذا ويبلغ طول حدود عنيزة الشمالية ( 52 كيل متر ) .
وطول حدودها الشرقية ( 65 كيل متر ) .
وطول حدودها الغربية ( 52 كيل متر ) .
وطول حدودها الجنوبية ( 42,5 كيل متر ) .
وكانت امارة عنيزة تضم المراكز العمرانية التالية :
1 – العنبرية .
2 – العداين .
3 – وادي أبو علي .
4 – الروغاني .
5 – العوشزية .
6 – البويطن .
7 – وادي الجناح .
8 – المباركية .
9 – الوهلان .
10 – الحفيرة .
11 – الضلعة .
12 – الشبيبية .
13 – أم تلعة .
14 – العبيلة .
15 – البدائع الوسطى .
16 – البدائع العليا .
17 – الدحلة .
18 – العبدلية .
19 – القبعية .
20 – الأبرق .
21 – المشيحة .
22 – الأحمدية .
وقد استمرت عنيزة على هذا الوضع ( منطقة ادارية مستقلة ) ؛ حتى عين
الملك ( فيصل ) على منطقة القصيم الأمير ( فهد بن محمد بن عبدالرحمن ) ..
وكان ذلك في ربيع الآخر من عام ( 1389 هـ ) .
فأصبحت عنيزة احدى الامارات التابعة لمنطقة القصيم الادارية .
يتبع الجزء العاشر ..
خامس عشر – عنيزة ..
قلعة العلم ، ومنارة الأدب ، وحصن الثقافة :
بلغت عنيزة في المستوى التعليمي ، والمستوى الثقافي مرحلة متطورة ..
ويرجع سبب
التطور الذي تمتعت به عنيزة والتقدم في مجال التعليم ( قبل أن تدخل الدولة
نظام التعليم الحديث في عام 1355 هـ ) ؛ الى عاملين اثنين ، هما :
أ – تعليم الكتاتيب :
وكانت المهمة الأساسية للكتاتيب ؛ تعليم القرءان الكريم ، وأحكام الدين الاسلامي .
ب – اتصال سكان عنيزة بالعالم الخارجي :
وقد تم ذلك عن طريق ( عقيلات عنيزة ) الذين أقاموا مدنا أخرى في الخارج
وتعلموا هناك ، وكانوا يعودون الى عنيزة من وقت لآخر ، ويتركون أثرا قويا
في سكانها .
وقد أصبحت عنيزة رائدة في كثير من الأمور الثقافية ، أهمها :
1 – تعدد العلماء ، والمؤرخين ، والشعراء البارزين في مختلف فترات تاريخها :
وكثير من هؤلاء كان لهم تأثير على مجتمعهم في عنيزة وخارجها ..
كما أن لبعضهم العديد من المؤلفات المختلفة ..
يقول الشيخ ( محمد بن ناصر العبودي ) في كتابه ( معجم بلاد القصيم ) :
( عنيزة ؛ هي مدينة الأدب والتاريخ في القصيم ، وهي الأم التي أنجبت العديد من الشعراء والمؤرخين ، ولا زالت كذلك ) .
كما يقول :
( ومدينة عنيزة ذات خط عظيم من الأدب والشعر بالنسبة الى غيرها من بلدان
القصيم ، فقد
قدمت من المؤرخين والأدباء عددا أكبر مما قدمته أية مدينة أخرى في القصيم ،
وطبيعي أن ذلك يجعل تاريخها المكتوب أكثر وضوحا من تاريخ غيرها ..
وهذا هو الواقع فان لدينا من التاريخ المذكور عن أحداث مدينة عنيزة بأقلام
أبنائها أكثر مما لدينا عن غيرها ) .
2 – ارتفاع عدد
المتعلمين لدى سكان عنيزة ، وبالتالي قلة نسبية الأمية بينهم فهي لاتتعدى (
20 % ) من اجمالي عدد السكان من سن التاسعة فأكثر .
3 – اكتفاء عنيزة في بعض المراحل الدراسية من المعلمين والمعلمات من أبناء وبنات عنيزة أنفسهم .
4 – واصل بعض أبناء عنيزة دراساتهم العليا منذ عهد مبكر ؛ فحصلوا على
أرقى الشهادات في هذا المجال .
5 – واصل عدد من بنات عنيزة تعليمهن العالي ؛ فحصل كثير منهن على
شهادة ( الماجستير ) ، وحصل بعضهن على شهادة ( الدكتوراه ) .
6 – درس بعض أبناء عنيزة في مجالات وتخصصات علمية مختلفة من طب
وهندسة وغيرهما ، في وقت مبكر .
8 – نتيجة
لبروز عنيزة في ميدان التعليم والثقافة في وقت مبكر بالنسبة لغيرها من مدن
نجد ؛ فقد ظهر من أبناءها من شارك في الخدمة في دواوين الحكومة ومصالحها في
أول انشائها سواء أكان في مجال المالية أو الخدمة الاجتماعية ، أو التعليم
.
9 – شغل بعض أبناء عنيزة الذين تعلموا مبكرين مناصب وزارية عالية في الدولة .
10 – خرجت عنيزة الآلاف من أبنائها من حملة شهادة البكالوريوس ، وحملة شهادة الماجستير ، في جميع التخصصات المعروفة أدبية أو علمية .
11 – حمل أكثر من ( 200 ) خريج ، من أبناء عنيزة ( شهادة الدكتوراه )
في عدد من التخصصات المختلفة بما فيها ( الزمالة في الطب ) .
فمن التخصصات والمجالات التي برز فيها أهل عنيزة ما يلي :
أولا – العلوم الشرعية :
1 – الشيخ / منصور بن محمد أبا الخيل ( توفي عام 1196 هـ ) :
تولى القضاء في بلدة ( الخبرا ) ، في عهد الدولة السعودية الأولى .
2 – الشيخ / محمد بن عبدالله بن حميد ( ت 1295 هـ ) :
مفتي الحنابلة في مكة ، وصاحب كتاب ( السحب الوابلة على ضريح الحنابلة ) .
3 – الشيخ / علي بن محمد بن عبدالله بن حميد ( ت 1306 هـ ) :
مفتي الحنابلة في مكة ، بعد وفاة والده .
4 – الشيخ / عبدالله بن علي بن محمد بن عبدالله بن حميد
( ت 1346 هـ ) :
مفتي الحنابلة في مكة ، بعد وفاة والده .
5 – الشيخ / عبدالله بن محمد القاضي ( ت 1343 هـ ) :
تولى القضاء في دولة عمان .
6– الشيخ / صالح بن عثمان القاضي ( ت 1351 هـ ) :
قاضي عنيزة ، وامام جامع الزبير ، ومؤسس مدرسة النجاة الأهلية المشهورة .
7 – الشيخ / سليمان بن عبدالعزيز السحيمي ( ت 1357 هـ ) :
تولى القضاء في ( الوجه ) و ( القنفذة ) .
8 – الشيخ / عبدالرحمن بن عقيل بن عبدالله بن عقيل ( ت 1372 هـ ) :
تولى القضاء في ( جيزان ) .
9 – الشيخ / صالح بن عبدالله الزغيبي ( ت 1372 هـ ) :
تولى منصب الامامة ، والخطابة في المسجد النبوي .
10 – الشيخ / عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل ( ت 1375 هـ ) :
( عضو المجلس الأعلى للقضاء في المملكة ) .
11 – الشيخ / عبدالرحمن بن ناصر السعدي ( ت 1376 هـ ) :
وكان عالم نجد في عصره ، وأخرج ما يزيد على ( 30 مؤلفا ) في أنواع العلوم الشرعية .
12 – الشيخ / محمد بن علي بن تركي ( ت 1380 هـ ) :
تولى القضاء في ( المدينة ) ، ثم أصبح نائب رئيس القضاة في ( مكة ) .
13 – الشيخ / محمد بن عبدالعزيز بن مانع ( 1385 هـ ) :
تولى القضاء في دولة ( قطر ) ، ثم أصبح المدير العام للمعارف في المملكة
( قبل تحويلها الى وزارة ) ، ثم تولى منصب المشرف على التعليم والشؤون
الدينية في دولة ( قطر ) .
14 – الشيخ / محمد بن عبدالعزيز المطوع ( ت 1387 هـ ) :
تولى القضاء في ( دبي ، وعمان ) ، ثم تعين قاضيا في بلدة ( المجمعة ) ،
ثم قاضيا في ( عنيزة ) ، ثم قاضيا في ( الخرج ) .
15 – الشيخ / سليمان بن عبدالرحمن العمري ( ت 1390 هـ ) :
تولى القضاء في ( المدينة ) و ( الأحساء ) .
16 – الشيخ / ابراهيم بن محمد العمود ( ت 1394 هـ ) :
تولى القضاء في منطقة ( عسير ) ، ثم نقل الى مدينة ( الدمام ) ،
ثم الى ( الرياض ) .
17 – الشيخ / سليمان بن عبدالكريم السناني ( ت 1409 هـ ) :
تعين قاضيا في ( وادي فاطمة ) – قرب مكة – ثم نقل الى بلدة ( الدليمية ) في القصيم .
18 – الشيخ / محمد بن صالح العثيمين ( ت 1421 هـ ) :
مفتي عنيزة ، وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة .
19 – الشيخ / عبدالله بن عبدالرحمن البسام ( ت 1423 هـ ) :
( رئيس محكمة التمييز بمدينة مكة ، والمنطقة الغربية ) ، وعضو هيئة كبار العلماء .
20 – الشيخ / محمد بن عبدالله الصغير :
رئيس محكمة الرس .
ثانيا – مناصب الدولة العليا :
تقلد عدة رجال من عنيزة ( مناصب عليا ) في المملكة ، وهم :
1 – معالي الشيخ الوزير / عبدالله بن سليمان الحمدان :
وهو أول من تقلد الوزارة لدى الملك عبدالعزيز .
وكان وزيرا للمالية منذ عام ( 1347 هـ ) .
2 – محمد المرشد الزغيبي :
تقلد وزارة المواصلات .
3 – عبدالرحمن أبا الخيل :
تقلد وزارة العمل ، والشؤون الاجتماعية .
كما كان سفيرا للمملكة لدى دولة مصر.
4 – ابراهيم السويل ( ت 1397 هـ ) :
تقلد منصب وزارة الزراعة ، ووزارة الخارجية .
كما كان سفيرا للمملكة في واشنطن .
5 - د / عبدالعزيز الخويطر :
تقلد وزارة المعارف ، وكان وزيرا للتعليم العالي بالانابة .
6 – د / سليمان بن عبدالعزيز السليم :
تقلد وزارة التجارة .
7 – المهندس / عبدالعزيز الزامل :
تقلد وزارة الصناعة والكهرباء .
8 – د / ناصر بن محمد السلوم :
تقلد منصب وزير المواصلات .
9 – د / عبدالرحمن بن عبدالله الزامل :
وكيل وزارة التجارة .
10 – د / عبدالرحمن بن صالح الشبيلي :
وكيل وزارة التعليم العالي .
11 - د / يوسف بن أحمد العثيمين :
وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المساعد .
12 – الشيخ / محمد بن عبدالعزيز بن مانع :
مدير المعارف السابق .
13 - د / عبدالرحمن بن سبيت السبيت :
وكيل الحرس الوطني للشؤون الثقافية .
14 – د / عبدالعزيز بن عبدالله الدخيل :
وكيل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران .
15 – د / عبدالله بن ثنيان الثنيان :
وكيل جامعة الملك عبدالعزيز .
16 – د / عبدالله بن يوسف الشبل :
وكيل جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية .
17 – صالح العباد :
تقلد منصب رئاسة الديوان الملكي .
18 – محمد بن حمد الشبيلي ( ت 1409 هـ ) :
كان سفيرا للمملكة في ماليزيا .
19 – د / عبدالله بن قدهي القدهي :
نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية .
20 – د / منصور بن ابراهيم التركي :
مدير جامعة الملك سعود .
21 – د / عمر بن عبدالله بن عبدالعزيز بن إبراهيم الدرع المسعودي :
( نائب مدير شؤون التنفيذ الجنائي والتعاون الدولي ) في دولة الكويت .
22 – د / ابتسام بنت عبدالرحمن البسام :
عميدة أكاديمية الملك فهد في لندن .
23 – د / موضي بنت فهد النعيم :
عميدة الكلية المتوسطة للبنات في الرياض .
كما اشتهر رجال من عنيزة في بدايات ظهور الدولة السعودية الثالثة ، منهم :
1 – سليمان بن يحيى بن محمد الدرع المسعودي ( راعي البيرق ) :
عرف باسم (
سليمان اليحيوي ) ، وكان مشهورا عند أهل عنيزة باسم ( راعي البيرق ) حيث
كان يحمل ( العلم السعودي ) لجيش الملك ( عبدالعزيز آل سعود ) ..
وذلك في كافة المعاركالتي انتصر فيها الملك( عبدالعزيز ) على ( ابن رشيد ) .
وهي معارك : ( البكيرية ، والشنانة في عام 1322 هـ) .
و ( روضة مهنا عام 1324هـ ) .
وكان ابنه ( محمد بن سليمان ) أحد خويا القصر الملكي في ( المعابدة )
في مكة .
يتبع الجزء الحادي عشر
ثالثا – علم التاريخ والجغرافيا :
نبغ عدد من علماء عنيزة في علم التاريخ ، وألفوا فيه كتبا ، تعتبر مصادر
مهمة في تاريخ الجزيرة العربية عامة ، وفي تاريخ نجد خاصة ..
وأغلب كتبهم ظلت على هيئة ( مخطوطات ) ..
ولم تنشر في كتب مطبوعة بعد ، ومنهم :
1 – الشيخ / محمد بن عبدالله بن حميد ( ت 1295 هـ ) :
وهو صاحب كتاب ( السحب الوابلة ) ، وله كتاب في التراجم والتاريخ .
2 – الشيخ / ابراهيم بن صالح بن عيسى ( ت 1343 هـ ) :
يعتبر من ضمن كتاب التاريخ في عنيزة ، حيث استوطنها ، وعاش ،
وتوفي فيها ..
له عدة مؤلفات في التاريخ والأنساب ، وقد طبع منهما اثنان :
كتاب ( تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد ) ، وكتاب ( عقد الدرر ) .
اضافة الى مجموعة أوراق في علم الأنساب والتاريخ ، ما تزال مخطوطة .
3 – عبدالله بن محمد البسام ( 1346 هـ ) :
له كتاب في التاريخ ، أسماه ( تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق ) ، وهو لا يزال مخطوطا .
4 – ابراهيم بن محمد القاضي ( ت 1346 هـ ) :
له مخطوط في تاريخ نجد ( لم يسمه ) ..
ويعرف بتاريخ ابراهيم بن محمد القاضي .
5 – عبدالله بن عبدالرحمن السلمان ( ت 1350 هـ ) :
له مخطوطة في تاريخ نجد ( لم يسمها ) .
6 – صالح بن عثمان القاضي ( ت 1351 هـ ) :
له تاريخ مخطوط في بعض حوادث نجد والحجاز ، وتراجم بعض العلماء .
7 – مقبل بن عبدالعزيز الذكير ( 1363 هـ ) :
له كتاب في التاريخ ، عن نجد وبعض مناطق الجزيرة العربية وبلدانها ..
يعرف باسم ( تاريخ نجد ) ، ولا يزال هذا المؤلف مخطوطا .
8 – الشيخ / محمد بن عبدالعزيز بن مانع ( ت 1385 هـ ) :
له أوراق تاريخية نشرها حمد الجاسر في ( مجلة العرب ) ..
كما أن له رسالة في أمراء عنيزة ، وقضاتها .
9 – محمد بن علي آل عبيد ( ت 1399 هـ ) :
ألف كتابا في التاريخ ، عام ( 1377 هـ ) ، أسماه :
( النجم اللامع للنوادر جامع ) .
ولا يزال هذا المؤلف مخطوطا .
10 – الأستاذ / محمد بن عبدالله السلمان :
ألف عدد من الكتب في التاريخ ، منها :
* كتاب ، الأحوال السياسية في القصيم في عهد الدولة السعودية الثانية .
وقد صدر هذا الكتاب في عام ( 1408 هـ ) .
* كتاب ، عنيزة بين الأمس واليوم ، عام ( 1410 هـ ) .
11 – ثريا بنت محمد بن سليمان التركي :
ألفت عام ( 1411 هـ ) بالتعاون مع ( دونالد كول ) ، كتاب أطلق عليه
اسم ( عنيزة .. التنمية والتغيير في مدينة نجدية عربية ) .
12 – عبدالرحمن بن عبدالله الواصل .
رابعا – الشعر العربي الفصيح ، والنظم العامي :
اشتهرت عنيزة بعدد من الشعراء الفصحاء ، والناظمين النبطيين ..
وقد برز منهم :
أولا - شعراء الفصيح :
1 – الشيخ / عبدالرحمن بن ناصر السعدي .
2 - صالح بن عبدالله البسام .
3 – صالح بن ناصر بن صالح .
4 – عبدالله بن ابراهيم الجلهم .
5 – ابراهيم بن محمد الدامغ .
6 – محمد بن سليمان الشبل .
7 – أحمد بن صالح الصالح .
8 – صالح بن أحمد العثيمين .
9 – عبدالله بن صالح العثيمين .
10 – عبدالله بن عبدالرحمن العرفج .
11 – محمد بن فهد العيسى .
12 – مقبل بن عبدالعزيز العيسى .
13 – عبدالله بن حمد القرعاوي .
14 – عبدالعزيز بن محمد المسلم .
15 – عبدالله بن محمد المعتاز .
16 – محمد بن خلف الميموني .
17 – عبدالله بن حمد السناني ( ت 1409 هـ ) .
18 – عبدالرحمن السماعيل .
19 – عبدالله بن صالح الفالح .
20 – محمد بن عبدالله العثيمين ( ت 1363 هـ ) .
ومن النظم العامي :
1 – الأمير / زامل بن عبدالله السليم ( ت 1308 هـ ) .
2 – علي بن عبدالرحمن الخياط ( 1306 هـ ) :
( صاحب قصيدة تاطا حديد المشهورة ) .
3 – محمد بن عبدالله القاضي ( 1285 هـ ) .
4 – أبو عباد الخشفي .
5 – محمد بن صالح القاضي .
6 – عبدالعزيز بن محمد القاضي .
7 – عبدالله الجاسر .
8 – سليمان الجطيلي .
9 – ابراهيم بن محمد القاضي .
10 – عبدالله الصويان .
11 – محمد المذن .
12 – علي الصفراني .
13 – عبدالعزيز البادي .
14 – عبدالرحمن الربيعي ( ت 1402 هـ ) .
15 – ابراهيم المرزوقي .
16 – ابراهي الكنعاني .
17 – عبدالله بن دويرج .
18 – سليمان بن شريم .
19 – عبدالله بن حسن .
20 – علي القري .
21 – سعد السليم .
22 – عبدالعزيز بن ابراهيم السليم .
23 – حمد المغيولي .
24 – محمد بن ابراهيم السلمان .
25 – عبدالمحسن بن ناصر الصالح .
26 – علي أبو ماجد .
27 – حصة الجناحي .
28 – رقية الحميدان .
29 – فطيمة البقمي .
30 – موضي الشوشان .
31 – نورة الفنيخي .
32 – نورة الهطلاني .
وغير هؤلاء كثير ، لا يتسع المجال لذكرهم .
يتبع الجزء الثاني عشر
خامسا – علوم الفضاء :
شارك اثنان من أبناء عنيزة ضمن الفريق العلمي السعودي الذي شارك في تنظيم رحلة
الفضاء ( ديسكفري 51 ج ) ، التي أقلت أول رائد فضاء عربي ، وهو الأمير
( سلطان بن سلمان آل سعود ) ، وكان ذلك في عام ( 1405 هـ ) ، هما :
1 - د / محمد بن ابراهيم السويل :
وكان نائبا لرئيس الفريق العلمي .
2 – المقدم طيار / عبدالمحسن البسام :
وكان رفيقا للأمير / ( سلطان بن سلمان آل سعود ) ، في التدريب على الرحلة
بصفة احتياطي .
سادسا – الطب :
برز عدد من أبناء عنيزة في مجال الطب ، منهم :
1 – د / ابراهيم بن عبدالكريم المفلح :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الرياض .
2 – د / ابراهيم بن محمد الخويطر :
أرامكو السعودية / الظهران .
3 – د / ابراهيم بن حمد الطريف :
الحرس الوطني / مستشفى الملك فهد في الرياض .
4 – د / أحمد بن عبدالعزيز النعيم :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الرياض .
5 – د / سليمان بن عبدالرحمن الذكير :
الحرس الوطني / مستشفى الملك فهد في الرياض .
6 – د / سليمان بن عبدالعزيز السحيمي :
جامعة الملك فيصل / مستشفى الخبر التعليمي .
7 – د / صالح بن عبدالله الخويطر :
جامعة الملك سعود / كلية الطب .
8 – د / صالح بن قدهي القدهي :
مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض .
9 – د / عبدالرحمن بن صالح الفريح :
جامعة الملك سعود / كلية الطب .
10 – د / عبدالرحمن بن عبدالعزيز النعيم :
جامعة الملك سعود / كلية الطب .
11 – د / عبدالرحمن بن عبدالعزيز الحمدان :
جامعة الملك فيصل في المنطقة الشرقية .
12 – د / عبدالعزيز بن علي الزامل :
عيادة خاصة / طب أطفال .
13 – د / عثمان بن ابراهيم الفريح :
مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض .
14 – د / علي بن عبدالله القرعاوي :
طب باطنة / ألمانيا الغربية ( سابقا ) .
15 – د / علي بن إبراهيم العماري :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري .
16 – د / علي بن إبراهيم القرعاوي :
مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض .
17 – د / فاروق بن عامر الحمدان :
المستشفى العسكري في الرياض .
18 – د / فهد بن عبدالله الزامل :
مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي في الرياض .
19 – د / محمد بن إبراهيم العماري :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الرياض .
20 – د / محمد بن علي القرعاوي :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الرياض .
21 – د / محمد بن إبراهيم السبيل :
جامعة الملك سعود في الرياض .
22 – د / محمد بن عبدالعزيز الضراب :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الظهران .
23 – د / محمد بن عبدالعزيز النعيم :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الرياض .
24 – د / محمد بن عبدالعزيز النعيم :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الرياض .
25 – د / محمد بن حمد السليمان :
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الرياض .
26 – د / مساعد بن محمد السلمان :
جامعة الملك سعود / كلية الطب .
27 – د / منصور بن صالح أبا الخيل :
مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض .
28 – د / يوسف بن عبدالله العيسى :
جامعة الملك سعود .
29 – د / يوسف بن عبدالله الذكير :
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران .
30 – د / لولوة بنت عبدالله النعيم :
جامعة الملك سعود / كلية الطب .
31 – د / مضاوي بنت فهد النعيم .
وزارة الدفاع والطيران / المستشفى العسكري في الرياض .
قالوا عن مدينة عنيزة :
* الملك عبدالعزيز آل سعود :
حينما دخل الملك عبدالعزيز آل سعود مدينة عنيزة عام ( 1322 هـ ) ، مر بسوق
عنيزة التجارية والصناعية ، فقال :
( انه يأمل أن تصبح عاصمته الرياض في يوم من الأيام مثل عنيزة ) .
* أمين الريحاني :
عنيزة باريس نجد !
( لأهل نجدٍ لهجاتٌ ؛ ولأهل عنيزة لغة ) !
* الشيخ حمد الجاسر:
( عنيزة قصبة الجزيرة العربية جغرافياً وسياسياً وتجارياًفهي منطقة وصل بين الخليج العربي والبحر الأحمر تلتقي عندها عدة طرق ) .
* ســادلـــر , ( عام 1235هـ ) :
( عنيزة هيمدينة رئيسية في القصيم بل هي في الحقيقة في أنحاء نجد يطلق عليها سكانها أم نجد ) .
* لوريمـــر ( دليل الخليج ) :
( إن تاريخ عنيزة هو تاريخالقصيم حيث أنها ذات المكانة الأولى في القصيم ) .
( يتميز سكان عنيزة بمظهرهم النظيف ويشتهرون بالعمل والجدوالذكاء ) .
( سوق المدينة يوافق الجمعة وتسمى السوق الرئيسية المسوكف وهويحتوي على مائة وعشرين محلاً تجارياً,ويعمل بالتجارة الخارجية على نطاق واسع خمسةعشر تاجراً من أصحاب رؤوس الأموال ولهم ممثلون في كل من البصرة وجدة وأشار إلىعلاقات تجارية مع الهند ومكة والكويت والشام ومصر ) .
( عنيزة أعادت لي جوالحواضر الضخمة بكثرة رجال الأعمال ومستوى المعيشة ) .
وقال :
( توجد في عنيزة كثير من الحرف اليدوية والصناعات ، مثل صناعة الذهب ، والفضة
وصناعة الدروع والسمكرة والمصنوعات الخشبية وسروج الإبل والشواديف
( البكرات ) ونحت الحجارة كما يوجد البناؤون وصناع سروج الخيل والرسامون بالخيوط على الملابس والخياطون والخياطات ) .
· جون فيلبي ( 1336 هـ ) :
( عنيزة واحدة من المدن العظيمة في شبه الجزيرة العربية ) .
* شكسبير 1333هـ :
وكان ( شكسبير ) يسمي عنيزة : المدينةالعظيمة .
( عنيزة مركز تجاري كبير يأتي إليه التجار من بغدادوالشام ) .
* خورشيد باشا :
( تكتسب عنيزة أهميةموقعها من موقع منطقة القصيم ككل فالقصيم جزء مهم من نجد بل هو بمثابة القلب منها ) .
* صلاح الدين مختار (تاريخ المملكة ) :
( أهالي عنيزة مشهورون بالاستعداد التجاري بفطرتهم ) .
* حافظ وهبــة :
( أكثر مدن القصيم سكاناً، وأقواها تجارة وأرقها مدينة ) .
وقال :
( وقد اشتهر أهل عنيزة بلين الجانب وبشاشة الوجه وحسن لقائهم للأجانب ،
وهم مشهورون بالشجاعة والاستعداد التجاري بفطرتهم ) .
* محمد العبودي ( معجم بلادالقصيم ) :
( تتيهدلالاً على ما حولها من مدن الصحراء وذلك لأنها الصلة بين خطوط المواصلات مع مصروالعراق والهندوإن ما يبدو من أهالي تلك البلدة الجميلة من روح ودودة , وصداقةوكياسة وأدب ظهر بجلاء ) .
وقال عمر رضا كحالة :
( وقد اشتهر أهل عنيزة بلين الجانب وبشاشة الوجه وحسن لقائهم للأجانب ،
وهم مشهورون بالشجاعة والاستعداد التجاري ، وببعض الصناعات المعدنية ) .
* وقال ( توتشل ) عن عنيزة بعد وصفه موقعها :
( .. وتتيه دلالا على ما حولها من مدن الصحراء ، فكأنها عروس يهلل لها إيناسا
وبشرا ؛ ذلك لأنها الصلة ما بين خطوط المواصلات مع مصر والعراق والهند ) .
يتبع الجزء الثالث عشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..